منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   الأربعين النووية., (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=50139)

نظرة الحب 01-18-2012 10:42 PM

الأربعين النووية.,
 
بسم الله الرحمن الرحيم


اليوم سوف أبدا بطرح الاحاديث النوويه وهي عباره عن أربعين حديثاا .,

وكل يوم في الاسبوع سيطرح حديث واحد بشرحه ولكن بدون ردود من جميع الاعضاء واي رد سوف يحذف

ومروركم وقراءته هو مطلبنا كي نستفيد جميعاااا .,.,


و يوم الاربعاء هو اليوم الذي سوف يطرح فيه الحديث .,.

نظرة الحب 01-18-2012 10:43 PM

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة
للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين




http://www.4muhammed.com/40-nawawi/pics/3.gif




شرحا وتلاوة وتصميما وإعرابا وفوائد مختلفة




اهتم علمائنا وسلفنا الصالح رحمهم الله بهذه الأربعين أيما اهتمام

ومن هذا المنطلق اجتهد إخوانكم في موقع


لأجلك محمد صلى الله عليه وسلم


بجمع خدمات مختلفة لكل حديث شريف من الأربعين النووية


فإن أصبنا فمن الله وحده وإن أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان

نظرة الحب 01-18-2012 10:43 PM

المحتوى والمصادر





أورد فضيلة الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم - حفظه الله - في كتابه ( الدليل إلى المتون العلمية):

متن الأربعين النووية ( الأربعون في مباني الإسلام وقواعد الأحكام ) للإمام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف بن مري بن حسين النووي المتوفي سنة (676هـ) - رحمه الله تعالى -.

وهو متن مشهور، اشتمل على اثنين وأربعين حديثاً محذوفة الإسناد في فنون مختلفة من العلم كل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين وينبغي لكل راغب في الآخرة أن يعرف هذه الأحاديث؛ لما اشتملت عليه من المهمات، واحتوت عليه من التنبيه على جميع الطاعات.

وقد قال المؤلف في مقدمته ـ بعدما تكلم عن الأحاديث التي رأى جمعها ـ: ثم أتبعها بباب في ضبط خفي ألفاظها، لكن هذا الباب لا وجود له في كثير من طبعات الأربعين النووية التي وقفت عليها وكذا شروحها، وقد ذكره صاحب كتاب الوافي في شرح الأربعين النووية، كما ذكره الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان في مقدمة شرحه للأربعين ص(42).

فرغ المؤلف من تأليفها ليلة الخميس التاسع والعشرين من جمادي الأولى سنة (668هـ).
ولم يشتهر كتاب في الأربعين مثل اشتهار أربعين النووي، قال في كشف الظنون: </SPAN>) وقد اعتنى العلماء بشرحه وحفظه فكثرت شروحه ، ثم ذكر جملة منها ، كما تكلم عن شروح الأربعين عامة.

أصل المتن:

أصله مجلس أملاه الحافظ أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح المتوفي سنة (643هـ) - رحمه الله تعالى - سماه ( الأحاديث الكلية ) جمع فيه الأحاديث التي يقال: إن مدار الدين عليها، وما كان في معناها من الكلمات الجامعة الوجيزة بلغت (26) حديثاً.

ثم إن الإمام النووي أخذ هذه الأحاديث وزاد عليها تمام (42) حديثاً وسمى كتابه بـ( الأربعين ) ، واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها وكثر حفظها ونفع الله بها.


نظرة الحب 01-18-2012 10:43 PM

طبعاته:

طبع هذا المتن عدة مرات منها:ـ

1 ـ طبعة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة سنة (1395هـ) ومعها الأحاديث التي زادها الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى -.

2 ـ طبعة دار الكتب العلمية في بيروت سنة(1401هـ) شرح غريبها ومشكل ألفاظها وحققها الشيخ رضوان محمد رضوان.

3 ـ طبعة مؤسسة الرسالة في بيروت سنة (1402هـ) ضبط ألفاظها وشرح معانيها الشيخ محيي الدين مستو.

4 ـ طبعة دار الرائد العربي في بيروت سنة (1404هـ) باعتناء الشيخ عبد العزيز السيروان.

5 ـ طبعة مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت سنة (1416هـ).

6 ـ في مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر دون تاريخ، وعليها تقرير للشيخ هاشم بن محمد الشرقاوي.

7 ـ طبعة دار البخاري للنشر والتوزيع في القصيم دون تاريخ.


نظرة الحب 01-18-2012 10:44 PM

شروح الأربعين النووية:

1 ـ ( الأربعون النووية وشرحها ) تأليف صاحب المتن الإمام النووي - رحمه الله تعالى - طبع عدة مرات منها:-

أ ـ ضمن مجموعة الحديث النجدية بالمطبعة السلفية ومكتبتها بالقاهرة سنة (1379هـ) وعليه تعليقات لطيفة للشيخ محب الدين الخطيب - رحمه الله تعالى -.

ب ـ وطبع مرةً أخرى الطبعة الثانية سنة (1973م) بمطابع قطر الوطنية وألحق بالشرح المذكور بعض الأفكار والاستنباطات ومقدمة لكل حديث أحد المخلصين ولم يذكر اسمه.

جـ ـ الطبعة التي بتحقيق الشيخ محيي الدين الجراح سنة (1393هـ) دون ذكر اسم المطبعة.

د ـ طبعة دار المطبوعات الحديثة في جدة سنة (1405هـ).

هـ ـ كما نشرته دار المجتمع في جدة سنة (1413هـ).

و ـ كما نشرته مكتبة النهضة الحديثة في مكة المكرمة، باعتناء صاحبها الشيخ عبد الشكور بن عبد الفتاح فداء.

ز ـ طبع آمون للطباعة والتجليد بالقاهرة، نشر الدار المصرية اللبنانية، بتحقيق الشيخ أحمد عبد الله باجور، دون تاريخ.

2 ـ شرح ابن دقيق العيد للعلامة تقي الدين أبي الفتح محمد بن علي بن وهب المصري القشيري الشهير بابن دقيق العيد، وهو لقب كان يغلب على جد له إذ لبس طيلساناً أبيض في يوم عيد فقيل إنه كدقيق العيد المتوفي سنة (702هـ) - رحمه الله تعالى -.


نظرة الحب 01-18-2012 10:44 PM

طبعاته:

وقد طبع هذا الشرح عدة مرات منها:ـ

أ ـ في المطبعة المنيرية في مصر دون تاريخ.

ب ـ طبعة مكتبة القاهرة في مصر دون تاريخ بتصحيح الشيخ طه محمد الزيني.

جـ ـ طبعه مؤسسة دار العلوم في بيروت سنة (1400هـ).

د ـ في مطابع المدينة المنورة نشر مكتبة التراث الإسلامي في مصر.

هـ ـ طبعة دار الأرقم بالرياض سنة (1416هـ).

3 ـ شرح العلامة الشيخ نجم الدين سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي الحنبلي المتوفي سنة (716هـ) - رحمه الله تعالى -، واسمه ( التعيين في شرح الأربعين ) نشرته مؤسسة الريان في بيروت والمكتبة المكية في مكة المكرمة سنة (1419هـ) بتحقيق الشيخ أحمد حاج محمد عثمان في مجلد.

4 ـ شرح العلامة الشيخ سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني المتوفي سنة(791هـ) - رحمه الله تعالى -، وقد طبع في المطبعة العامرة في مصر سنة (1326هـ) وفي مطبعة الرسمية بتونس سنة (1882م) كما طبع على هامش شرح البركوي والأفكرماني المطبوع في تركيا سنة (1323هـ).

5 ـ شرح الحافظ ابن رجب المسمى ( جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ) تأليف الإمام الحافظ الفقيه زيد الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن رجب المتوفي سنة (795هـ) - رحمه الله تعالى -، شرح في كتابه المذكور الأربعين النووية، وعددها (42) حديثاً كما تقدم، وزاد عليها ثمانية أحاديث سردها في مقدمة شرحه المذكور ولهذا سماه (جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم)، وهو أجل شروح الأربعين النووية وأكثرها فائدة.

طبعات جامع العلوم والحكم:

طبع عدة مرات منها:ـ

أ ـ في الهند في آمر تسر دون تاريخ ، بتصحيح الشيخين عبد الغني الغزنوي وعبد الواحد الغزنوي.

ب ـ في مطبعة مصطفى البابي الحلبي في مصر سنة (1346هـ).

جـ ـ في المطبعة المذكورة الطبعة الثالثة سنة (1382هـ).

د ـ في مطابع الأهرام في مصر بتحقيق الشيخ محمد الأحمدي أبو النور دون تاريخ، صدره بمقدمة مهمة عن الشرح المذكور، صدر من هذه الطبعة جزءان اشتمل كل جزء على شرح عشرة أحاديث ولم يصدر بعدهما شيء حتى الآن.

هـ ـ طبعة المؤسسة السعيدية في الرياض في ثلاث مجلدات.

و ـ طبعة مؤسسة الرسالة في بيروت الطبعة الثانية سنة (1412هـ) بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط والشيخ إبراهيم باجس مقابلة على ثلاث نسخ خطية جزءان في مجلد واحد.

ز ـ طبعة دار الفرقان في الأردن باعتناء الشيخ محمد بن عبد الرزاق الرعود.

ح ـ طبعة دار الصحابة للتراث في طنطا سنة (1415هـ) بتحقيق ودراسة الشيخ طارق أحمد محمد عبد المنعم في مجلدين، اعتمد المحقق على طبعة الشيخ شعيب الأرناؤوط ، وزاد عليها المقابلة على نسخة رابعة ،وتوسع في تخريج الأحاديث.

مختصرات هذا الشرح ( جامع العلوم والحكم )

قام الشيخ سليم بن عيد الهلالي باختصار الشرح المذكور وسماه ( إيقاظ الهمم المنتقى من جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ) طبعته دار ابن الجوزي في الدمام الطبعة الأولى سنة (1412هـ) له مقدمة مفيدة تكلم فيها عن بعض طبعاته الشرح المذكور وغير ذلك.


نظرة الحب 01-18-2012 10:45 PM

وعاد بنا الكلام إلى شروح الأربعين:

6 ـ شرح الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي المكي المتوفي سنة (974هـ) - رحمه الله تعالى - واسمه( الفتح المبين بشرح الأربعين ) طبع في المطبعة الميمنية في مصر سنة (1317هـ) وعليه حاشية للشيخ حسن بن علي المدابغي المتوفي سنة (1170هـ) - رحمه الله تعالى -، ثم طبع بعد ذلك عدة مرات، كما قامت بتصويره دار الكتب العلمية في بيروت سنة (1398هـ).

7 ـ شرح الشيخ أحمد بن حجازي الفشني المتوفي سنة (978هـ) - رحمه الله تعالى - واسمه </span>) المجالس السنية في الكلام على الأربعين النووية</span>) فرغ منه سنة (978هـ) طبع في مطبعة دار إحياء الكتب العربية في مصر دون تاريخ، كما طبع على هامش شرح الشبرخيتي الآتي.

8 ـ شرح الشيخ أبي الفضل محمد ولي الدين بن علي سالم الشبشيري المتوفي سنة (989هـ) - رحمه الله تعالى -، واسمه:</span>) الجواهر البهية في شرح الأربعين النووية </span>) طبع على هامش </span>) مصباح الظلام وبهجة الأنام في شرح نيل المرام من أحاديث خير الأنام </span>) للشيخ محمد بن عبد الله الجرداني المطبوع في المطبعة العامرة الشرفية بمصر سنة (1318هـ).

كما طبع في مطابع دار الطباعة والنشر الإسلامية ـ القاهرة ـ نشر نزار مصطفى الباز الطبعة الأولى دون تاريخ ، في مجلد.

9 ـ شرح الشيخ إبراهيم بن مرعي بن عطية الشبرخيتي المتوفي سنة (1106هـ) - رحمه الله تعالى - واسمه ( الفتوحات الوهبية بشرح الأربعين حديثاً النووية ) طبع في المطبعة الأزهرية سنة (1280هـ) كما طبع في المطبعة المحمدية في مصر سنة (1316هـ) ، ثم طبع بعد ذلك عدة مرات، كما قامت دار الفكر ببيروت بتصويره دون تاريخ.

10 ـ شرح الشيخ ملا علي بن سلطان بن محمد القاري الهروي المكي الحنفي المتوفي سنة (1114هـ) - رحمه الله تعالى - واسمه ( المبين المعين لفهم الأربعين ) طبع في المطبعة الجمالية في مصر سنة (1328هـ).

11 ـ شرح العلامة الشيخ محمد حياة السندي المتوفي سنة (1163هـ) - رحمه الله تعالى - وهو أحد مشايخ الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى -، طبعته دار رمادي للنشر بالدمام الطبعة الأولى سنة (1415هـ) بتحقيق الشيخ حكمت بن أحمد الحريري، كما نشرته ثانية دار المعالي ـ الأردن ـ سنة (1419هـ).

12 ـ حاشية الشيخ عبد الله بن محمد النبرواي الشافعي المتوفي سنة (1275هـ) - رحمه الله تعالى - اسمها ( عروس الأفراح ) طبعت في مطبعة بولاق بمصر سنة (1291هـ) كما طبعت في المطبعة الكستلية سنة (1329هـ).

13 ـ شرح الشيخ محمد بن عبد الله الجرداني الدمياطي الشافعي المتوفي سنة (1331هـ) - رحمه الله تعالى -، طبع باسم: ( الجواهر اللؤلؤية في شرح الأربعين النووية ) باعتناء الشيخ يوسف بن علي بديوي، نشر اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق، الطبعة الأولى سنة (1417هـ) في مجلد طبعته مكتبة القاهرة في مصر.

14 ـ شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري المالكي المتوفي سنة (1348هـ) - رحمه الله تعالى -، نشرته مكتبة القاهرة بالقاهرة.

15 ـ الشروح الأربعة على الأربعين النووية، تأليف أربعة من علماء فاس وهم المشايخ:-

1 ـ أحمد بن محمد التاودي ابن سودة. 2 ـ عبد القادر بن أحمد بن شقرون. 3 - محمد بن أحمد بنيس. 4 ـ الطيب بن عبد المجيد ابن كيران، طبعت في مطبعة حاضرة فاس بتنميق العربي الأزرق في المغرب سنة (1309هـ).

16 ـ ( النزهة البهية في شرح أحاديث الأربعين النووية ) للشيخ قاسم القيسي، نشرته جمعية الآداب الإسلامية في بغداد سنة (1372هـ).

17 ـ شرح الشيخ عبد الله بن صالح المحسن المدرس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية، كما شرح الأحاديث الثمانية التي زادها الحافظ ابن رجب واسمه: ( الشرح الموجز المفيد ) وهو شرح على طريقة المتأخرين من ذكر الحديث ثم مفرداته ثم الفوائد المستنبطة منه ثم الشرح الإجمالي، طبع في مطبعة السعادة في مصر الطبعة الثانية سنة (1390هـ).

18 ـ ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية ) للشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري المتوفي سنة (1317هـ)، - رحمه الله تعالى -، نشر المكتبة السلفية بمصر سنة (1380هـ)، ومعها شرح الأحاديث التي زادها ابن رجب.

19 ـ ( شرح الألفاظ الغريبة في الأربعين النووية ) تأليف الشيخ محيي الدين مستو، طبع في مؤسسة الرسالة سنة (1397هـ).

20 ـ ( الوافي في شرح الأربعين النووية ) للدكتور مصطفى البغا والشيخ محيي الدين مستو، طبع عدة مرات منها الطبعة السابعة سنة (1413هـ) نشر دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق.

21 ـ ( المختار في شرح الأربعين النووية ) للشيخ عبد الخالق مسعود نشرته مكتبة المنار في الأردن سنة (1403هـ).

22 ـ ( المختار من شرح الأربعين النووية ) للشيخ محمد أديب الحمود نشرته مكتبة المنار في الأردن سنة (1403هـ).

23 ـ ( البيان في شرح الأربعين النووية ) للشيخ خالد البيطار ، نشرته مكتبة المنار في الأردن سنة (1407هـ).

24 ـ ( قواعد وفوائد من الأربعين النووية ) بقلم الشيخ ناظم بن محمد سلطان طبعته الدار السلفية في تونس الطبعة الأولى سنة (1408هـ)، كما طبعته ثانية دار الهجرة للنشر والتوزيع سنة (1410هـ).

25 ـ ( شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية ) للشيخ محمود بن عبد القادر الأرناؤوط، وهو شرح مختصر نشرته دار ابن كثير للطباعة والنشر والتوزيع في بيروت الطبعة الثانية سنة (1411هـ).

26 ـ ( شرح الأربعين النووية في ثوب جديد ) للشيخ عبد الوهاب بن رشيد بن صالح أبو صفية، الطبعة الثانية، نشر دار البشير سنة (1413هـ).

27 ـ ( شرح الأربعين النووية ) تأليف الدكتور محمد بكار زكريا ، نشر دار البشائر الإسلامية في بيروت الطبعة الثانية (1414هـ).

28 ـ ( إيضاح المعاني الخفية في الأربعين النووية ) للشيخ محمد تاتاي، قامت بنشره دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع في المنصورة بمصر، الطبعة الأولى سنة (1414هـ) في مجلد والثانية سنة (1418هـ).

29 ـ ( من مشكاة النبوة شرح الأربعين النووية ) للشيخ محمد صالح فرفور المتوفي سنة (1407هـ) نشرته جمعية الفتح الإسلامي في دمشق.

30 ـ ( شرح الأربعين حديثاً النووية وملحقاته: الإشارات إلى ضبط الألفاظ المشكلات ) تحقيق ودراسة الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان، نشر دار قتيبة في بيروت الطبعة الأولى سنة (1411هـ).

نظرة الحب 01-18-2012 10:45 PM

الشروح المخطوطة:

1 ـ شرح تاج الدين عمر بن علي اللخمي الفاكهاني المتوفي سنة (734هـ) - رحمه الله تعالى - المسمى ( المنهج المبين ) يوجد منه نسخة في مكتبة الحرم المكي برقم (1243) ورقمه الخاص (417)، كما أن الشارح المذكور اختصر شرحه وسماه (مختصر المنهج المبين) منه نسخة في مكتبة الحرم المكي رقمها العام (1200) والخاص (75).

2 ـ ( المعين على تفهم الأربعين ) للإمام أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بابن الملقن المتوفي سنة (804هـ) رحمه الله تعالى ، منه نسخة في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة في (218)صفحة.

3 ـ ( البرود الطلسية في شرح الأربعين النووية ) للشيخ عبد الوهاب بن مصطفى بن محمد الكفردا علي الحلبي الشهير بابن طلس المتوفي سنة (1355هـ) - رحمه الله تعالى -، منه نسخة في الخزانة الطلسية.

4 ـ ( المبادئ التربوية المستنبطة من الأربعين النووية ) للشيخ عوض ابن رده الساعدي، رسالة ماجستير مقدمة إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة (1408هـ).

5 ـ ( الأفكار النورانية في شرح الأربعين النووية ) للشيخ محمد بن العز الحجازي من علماء القرن العاشر، كان حياً سنة (912هـ) وفيها فرغ من الكتاب المذكور رحمه الله تعالى ، مجلد كبير منه نسخة في دار الكتب العمومية.

شروح الأربعين المسجلة:

1 ـ شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في (15) شريطاً.

2 ـ شرح الشيخ محمد بن صالح المنجد في (43) شريطاً.

3 ـ شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في (10) أشرطة.

4 ـ شرح الشيخ عبد الله السعد في أشرطة وهي شرح لخمسة أحاديث فقط.

نظرة الحب 01-18-2012 10:46 PM


الحديث الأول: الأعمال بالنيات



استمع إلى الحديث الأول الأعمال بالنيات بصوت حمد الدريهم


http://www.4muhammed.com/40-nawawi/images/1.gif


عن أميرِ المؤمنينَ أبي حفصٍ عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: {إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ}.
رواه إماما المحدِّثينَ:أبو عبدِ اللهِ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ المغيرةِ ابنِ بَرْدِزْبَه البُخاريُّ.وأبو الحُسَيْنِ مسلِمُ بنُ الحجَّاجِ بنِ مُسلمٍ القُشيْريُّ النَّيْسَابوريُّ في صحيحيهما اللَّذين هما أصحُّ الكتُبِ الْمُصَنَّفةِ



شروح حديث إنما الأعمال بالنيات



شرح الحديث الأول الأعمال بالنيات للحافظ ابن رجب الحنبلي


شرح الحديث الأول الأعمال بالنيات للشيخ محمد بن عثيمين


شرح الحديث الأول الأعمال بالنيات للشيخ عبدالكريم الخضير


فوائد الحديث الأول الأعمال بالنيات للشيخ عبدالرحمن البراك


شرح الحديث الأول الأعمال بالنيات للشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري


إعراب الحديث الأول الأعمال بالنيات


تعليقات تربوية من الحديث الأول الأعمال بالنيات


تحليل الحديث الأول الأعمال بالنيات للشيخ عبد العزيز الداخل

المشعـل 01-25-2012 07:50 AM


الحد يث الثاني


عن عمر رضي الله عنه أيضا ، قال : بينما نحن جلوس عـند رسـول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب
شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثـر السفر ولا يعـرفه منا احـد. حتى جـلـس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فـأسند ركبـتيه إلى ركبتـيه ووضع كفيه على فخذيه،
وقـال: " يا محمد أخبرني عن الإسلام ".فقـال رسـول الله صـلى الله عـليه وسـلـم ,الإسـلام أن تـشـهـد أن لا إلـه إلا الله وأن محـمـد رسـول الله
وتـقـيـم الصلاة وتـؤتي الـزكاة وتـصوم رمضان وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت اليه سبيلا).


قال : صدقت
(فعجبنا له ، يسأله ويصدقه ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‌؟)
قال : فأخبرني عن الإيمان .
قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره .
قال : صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان .
قال : ان تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة .
قال : "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل "
قال : فأخبرني عن أماراتها .
قال : " أن تلد الأم ربتها ، وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان"
ثم انطلق ، فلبثت مليا ،ثم قال :" يا عمر أتدري من السائل ؟"
قلت : "الله ورسوله أعلم ".
قال : فإنه جبريل ، اتاكم يعلمكم دينكم "رواه مسلم [ رقم : 8 ].

البرق النجدي 03-03-2012 12:48 AM


الحديث الثالث ...

متن الحديث
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) رواه البخاري ومسلم .

الشرح

الإسلام في حقيقته هو اتباع الرسل عليهم السلام فيما بعثهم الله به من الشرائع في كل زمان، فهم الطريق لمعرفة مراد الله من عباده ، فكان الإسلام لقوم موسى أن يتبعوا ما جاء به من التوراة ، وكان الإسلام لقوم عيسى اتباع ما أنزل عليه من الإنجيل ، وكان الإسلام لقوم إبراهيم اتباع ما جاء به من البينات والهدى ، حتى جاء خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، فأكمل الله به الدين ، ولم يرتض لأحد من البشر أن يتعبده بغير دين الإسلام الذي بَعث به رسوله ، يقول الله عزوجل : { ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } ( آل عمران : 85 ) ، فجميع الخلق بعد محمد صلى الله عليه وسلم ملزمون باتباع هذا الدين ، الذي ارتضاه الله لعباده أجمعين .

ومن طبيعة هذا الدين - الذي ألزمنا الله باتباعه - أن يكون دينا عالميا ، صالحاً لكل زمان ومكان ، شمولياً في منهجه ، متيناً في قواعده ، راسخاً في مبادئه ؛ ومن هنا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي بين أيدينا بالبناء القوي ، والصرح العظيم ، ثم بين في الحديث الأركان التي يقوم عليها صرح الإسلام .

وأول هذه الأركان وأعظمها : كلمة التوحيد بطرفيها: " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله " ، فهي المفتاح الذي يدخل به العبد إلى رياض الدين ، ويكون به مستحقاً لجنات النعيم ، أما الطرف الأول منها " لا إله إلا الله " فمعناه أن تشهد بلسانك مقرا بجنانك بأنه لا يستحق أحد العبادة إلا الله تبارك وتعالى ، فلا نعبد إلا الله ، ولا نرجو غيره ، ولا نتوكل إلا عليه ، فإذا آمن العبد بهذه الكلمة ملتزمًا بما تقتضيه من العمل الصالح، ثبته الله وقت الموت، وسدد لسانه حتى تكون آخر ما يودع به الدنيا، و ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة ) .

أما شهادة أن محمداً رسول الله ، فتعني أن تؤمن بأنه مبعوث رحمة للعالمين ، بشيراً ونذيراً إلى الخلق كافة ، كما يقول الله سبحانه : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون } ( الأعراف : 58 ) ، ومن مقتضى هذه الشهادة أن تؤمن بأن شريعته ناسخة لما سبقها من الأديان ؛ ولذلك أقسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به ، إلا كان من أصحاب النار ) رواه مسلم ، ومن مقتضاها أن تؤمن وتعتقد أن كل من لم يصدّق بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يتّبع دينه ، فإنه خاسر في الدنيا والآخرة ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، سواء أكان متبعا لديانة منسوخة أو محرفة أخرى ، أم كان غير متدين بدين ، فلا نجاة في الآخرة إلا بدين الإسلام ، واتباع خير الأنام عليه الصلاة والسلام .

ومن الملاحظ هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الشهادتين ركنا واحد ؛ وفي ذلك إشارة منه إلى أن العبادة لا تتم إلا بأمرين ، هما : الإخلاص لله : وهو ما تضمنته شهادة أن لا إله إلا الله ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى الشهادة بأنه رسول الله .

الركن الثاني : إقامة الصلاة المفروضة على العبد ، فالصلاة صلة بين العبد وربه ، ومناجاة لخالقه سبحانه ، وهي الزاد الروحي الذي يطفيء لظى النفوس المتعطشة إلى نور الله ، فتنير القلب ، وتشرح الصدر .

وللصلاة مكانة عظيمة في ديننا ؛ إذ هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة ، وقد فرضها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في أعلى مكان وصل إليه بشر ، وفي أشرف الليالي ، ففي ليلة الإسراء في السماء السابعة ، جاء الأمر الإلهي بوجوبها ، فكانت واجبة على المسلم في كل حالاته ، في السلم والحرب ، والصحة والمرض ، ولا تسقط عنه أبداً إلا بزوال العقل .

وكذلك فإنها العلامة الفارقة بين المسلم والكافر ، يدل على ذلك ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم .

وثالث هذه الأركان : إيتاء الزكاة ، وهي عبادة مالية فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده ، طهرة لنفوسهم من البخل ، ولصحائفهم من الخطايا ، كيف لا ؟ وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } ( التوبة : 103 ) ، كما أن فيها إحسانا إلى الخلق ، وتأليفا بين قلوبهم ، وسدا لحاجتهم ، وإعفافا للناس عن ذل السؤال .

وفي المقابل : إذا منع الناس زكاة أموالهم كان ذلك سببا لمحق البركة من الأرض ، مصداقاً لحديث بريدة رضي الله عنه : ( ما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر ) رواه الحاكم و البيهقي ، وقد توعد الله سبحانه وتعالى مانعي الزكاة بالعذاب الشديد في الآخرة ، فقال تعالى : { ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } ( آل عمران : 180 ) ، وقد جاء في صحيح مسلم في شرح قوله تعالى : { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } ( التوبة : 34 ) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم القيامة ، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ) ، فكان عقابه من الله بماله الذي بخل به على العباد .

الركن الرابع : صيام رمضان ، وهو موسم عظيم ، يصقل فيه المسلم إيمانه ، ويجدد فيه عهده مع الله ، وهو زاد إيماني قوي يشحذ همته ليواصل السير في درب الطاعة بعد رمضان ، ولصيام رمضان فضائل عدّة ، فقد تكفل الله سبحانه وتعالى لمن صامه إيمانا واحتسابا بغفران ما مضى من ذنوبه ، ، وحسبُك من فضله أن أجر صائمه غير محسوب بعدد .

أما خامس هذه الأركان : فهو الحج إلى بيت الله الحرام ، ، وقد فرض في السنة التاسعة للهجرة ، يقول الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ( آل عمران : 97 ) ، وقد فرضه الله تعالى تزكية للنفوس ، وتربية لها على معاني العبودية والطاعة، فضلاً على أنه فرصة عظيمة لتكفير الذنوب ، فقد جاء في الحديث : ( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق ، رجع كيوم ولدته أمه ) رواه البخاري ومسلم .

وعلى هذه الأركان الخمسة ، قام صرح الإسلام العظيم ، نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لكل ما فيه رضاه ، وأن يصلح أحوالنا ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .


jojo 03-07-2012 08:51 PM

الحديث الرابع
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قال: حدّثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً ثم يكون علقةً مثل ذلك ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكَتْب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره إن أحد كم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله : وهو الصادق المصدوق ، أي شهد الله له بأنه الصادق ، والمصدوق بمعنى المصدق فيه.
قوله صلى الله عليه وسلم (( يجمع خلقه في بطن أمه)) يحتمل أن يراد أن يجمع بين ماء الرجل والمرأة فيخلق منهما الولد كما قال الله تعالى : { خلق من ماء دافق * يَخْرُج من بين الصلب والترائب} [الطارق:6،7].
ويحتمل أن المراد أنه يجمع من البدن كله ، وذلك أنه قيل : إن النطفة في الطور الأول تسري في جسد المرأة أربعين يوماً ، وهي أيام التوحمة ، ثم بعد ذلك يجمع ويدر عليها من تربة المولود فتصير علقة ثم يستمر في الطور الثاني فيأخذ في الكبر حتى تصير مضغة ، وسميت مضغة لأنها بقدر اللقمة التي تمضغ ، ثم في الطور الثالث يصور الله تلك المضغ ويشق فيها السمع والبصر والشم والفم ، ويصور في داخل جوفها الحوايا والأمعاء ، قال الله تعالى : { هوالذي يصوَّرُكُم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيزُ الحكيمُ} [آل عمران :6]، ثم إذا تم الطور الثالث وهو أربعون صار للمولود أربعة أشهر نفخت فيه الروح ، قال الله تعالى: {يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب} يعني أباكم آدم { ثممن نطفة} يعني ذريته ، والنطفة المني وأصلها الماء القليل وجمعها نطاف { ثم من علقة} وهو الدم الغليظ المتجمد ، وتلك النطفة تصير دماً غليظاً {ثم من مضغةٍ} وهي لحمة { مُخَلَّقَةٍ وغير مُخَلَّقَةٍ} [الحج:5]. قال ابن عباس مخلقة :أي تامة ، وغير مخلقة أي غيرتامة بل ناقصة الخلق، وقال مجاهد : مصورة وغير مصورة ، يعنيالسقط . وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : (( إن النطفة إذااستقرت في الرحم أخذها الملك بكفه فقال : أي رب مخلقة ، أو غير مخلقة ؟ فإن قال : غير مخلقة ، قذفها في الرحم دماً ولم تكن نسمة ،وإن قال : مخلقة ، قال الملك : أي رب ذكرُ أم أنثى ؟ أشقي أم سعيدُ ؟ ، ما الرزق وما الأجل وبأي أرض تموت ؟ فيقال له اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك . فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها فلا تزال معه حتى يأتي إلى آخر صفته)).
ولهذا قيل : السعادة قبل الولادة .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( فيسبق عليه الكتاب)) أي الذي سبق في العلم ، أو الذي سبق في اللوح المحفوظ ، أو الذي سبق في بطن الأم . وقد تقدم أن المقادير أربعة .
قوله صلى الله عليه وسلم : (( حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع )) هو تمثيل وتقريب ، والمراد قطعة من الزمان من آخر عمره وليس المراد حقيقة الذراع وتحديده من الزمان ، فإن الكافر إذا قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم مات دخل الجنة ، والمسلم إذا تكلم في آخر عمره بكلمة الكفر دخل النار .
وفي الحديث دليل على عدم القطع بدخول الجنة أو النار ، وإن عمل سائر أنواع البر ، أو عمل سائر أنواع الفسق ، وعلى أن الشخص لا يتكل على عمله ولا يعجب به لأنه لا يدري ما الخاتمة . وينبغي لكل أحد أن يسأل الله سبحانه وتعالى حسن الخاتمة ويسعيذ بالله تعالى من سوء الخاتمة وشر العاقبة . فإن قيل : قال الله تعالى :{ إن الذين آمنواوعملوا الصالحات إنا لا نُضَيِّع أجر مَن أحسن عملاً}. [الكهف:30] ظاهر الآية أن العمل الصالح من المخلص يقبل ، وإذا حصل القبول بوعد الكريم أمن مع ذلك من سوء الخاتمة .
فالجواب من وجهين : احدهما أن يكون ذلك معلقاً على شرط القبول وحسن الخاتمة ،و يحتمل أن من آمن وأخلص العمل لا يختم له دائماً إلا بخير ، وأن خاتمة السوء إنما تكون في حق من أساء العمل أو خلطه بالعمل الصالح المشوب بنوع من الرياء والسمعة ويدل عليه الحديث الآخر (( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس )) أي : فيما يظهر لهم صلاح مع فساد سريرته وخبثها ،و الله أعلم .
وفي الحديث دليل على استحباب الحلق لتأكيد الأمر في النفوس وقد أقسم الله تعالى : { فورب السماء والأرض إنه لحق} .[الذاريات:23]، وقال الله تعالى :{قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم}. [التغابن:7].
والله تعالى أعلم .

جنــــون 03-15-2012 03:45 AM


النهي عن الإبتداع في الدين


الحديث الخامس

عن أم المؤمنين أم عبدالله عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم(( من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد))

هذا الحديث خرجاه في الصحيحين من رواية القاسم بن محمد عن عمته عائشة رضي الله عنها وألفاظه مختلفة ومعناها متقارب وفي بعض ألفاظه من أحدث في ديننا ما ليس فيه فهو رد وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام كما أن حديث الأعمال بالنيات ميزان للأعمال في باطنها وهو ميزان للأعمال في ظاهرها فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله فيه ثواب فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس من الدين في شيء وسيأتي حديث العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وسنؤخر الكلام على المحدثات إلى ذكر حديث العرباض المشار إليه ونتكلم هاهنا على الأعمال التي ليس عليها أمر الشارع وردها فهذا الحديث بمنطوقه يدل على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره فهو غير مردود والمراد بأمره ههنا دينه وشرعه كالمراد بقوله في الرواية الأخرى من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد فالمعنى إذا أن من كان عمله خارجا عن الشرع ليس متقيدا بالشرع فهو مردود، وقوله ليس عليه أمرنا إشارة إلى أن أعمال العاملين كلهم ينبغي أن تكون تحت أحكام الشريعة فتكون أحكام الشريعة حاكمة عليها بأمرها ونهيها فمن كان عمله جاريا تحت أحكام الشريعة موافقا لها فهو مقبول ومن كان خارجا عن ذلك فهو مردود فأما العبادات فما كان منها خارجا عن حكم الله ورسوله بالكلية فهو مردود على عامله وعامله يدخل تحت قوله تعالى ‏{‏أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ‏}‏ فمن تقرب إلى الله بعمل لم يجعله الله ورسوله قربة إلى الله فعمله باطل مردود عليه وهو شبيه بحال الذين كانت صلاتهم عند البيت مكاء وتصدية وهذا كمن تقرب إلى الله تعالى بسماع الملاهي أو بالرقص أو بكشف الرأس في غير الإحرام وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع الله ورسوله التقرب بها بالكلية وليس ما كان قربة في عبادة يكون قربة في غيرها مطلقًا

فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا قائمًا في الشمس فسأل عنه فقيل إنه نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل وأن يصوم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقعد ويستظل وأن يتم صومه فلم يجعل قيامه وبروزه في الشمس قربة يوفي بنذرهما

وقد روي أن ذلك كان في يوم جمعة عند سماع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فنذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ما دام النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إعظامًا لسماع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قربة يوفي بنذره مع أن القيام عبادة في مواضع أخر كالصلاة والأذان والدعاء بعرفة والبروز للشمس قربة للمحرم فدل على أنه ليس كل ما كان قربة في موطن يكون قربة في كل المواطن وإنما يتبع في ذلك كله ما وردت به الشريعة في مواضعها، وكذلك من تقرب بعبادة نهي عنها بخصوصها كمن صام يوم العيد أو صلى وقت النهي وأما من عمل عملًا أصله مشروع وقربة ثم أدخل فيه ما ليس بمشروع أو أخل فيه بمشروع فهذا أيضًا مخالف للشريعة بقدر إخلاله بما أخل به أو إدخاله ما أدخل فيه وهل يكون عمله من أصله مردودًا عليه أو لا فهذا لا يطلق القول فيه برد ولا قبول بل ينظر فيه فإن كان ما أخل به من أجزاء العمل أو شروطه موجبًا لبطلانه في الشريعة كمن أخل بالطهارة مع القدرة عليها أو كمن أخل بالركوع أو بالسجود مع الطمأنينة فيهما فهذا عمل مردود عليه وعليه إعادته إن كان فرضًا وإن كان ما أخل به لا يوجب بطلان العمل كمن أخل بالجماعة للصلاة المكتوبة عند من يوجبها ولا يجعلها شرطًا فهذا لا يقال إن عمله مردود من أصله بل هو ناقص وإن كان قد زاد في العمل المشروع ما ليس بمشروع فزيادته مردودة عليه بمعنى أنها لا تكون قربة ولا يثاب عليها ولكن تارة يبطل بها العمل من أصله فيكون مردودًا كمن زاد ركعة عمدا في صلاته مثلًا وتارة لا يبطله ولا يرده من أصله كمن توضأ أربعا أربعا أو صام الليل مع النهار وواصل في صيامه وقد يبدل ما يؤمر به في العبادة بما هو منهي عنه كمن ستر عورته في الصلاة بثوب محرم أو تؤضأ للصلاة بماء مغصوب أو صلى في بقعة غصب فهذا قد اختلف العلماء فيه هل عمله مردود من أصله أو أنه غير مردود وتبرأ به الذمة من عهدة الواجب وأكثر الفقهاء على أنه ليس بمردود من أصله

وقد حكى عبد الرحمن بن مهدي عن قوم من أصحاب الكلام يقال لهم الشمرية أصحاب أبي شمر أنهم يقولون إنه من صلى في ثوب كان في ثمنه درهم حرام أن عليه إعادة صلاته وقال ما سمعت قولًا أخبث من قولهم نسأل الله العافية وعبد الرحمن بن مهدي من أكابر فقهاء أهل الحديث المطلعين على مقالات السلف وقد استنكر هذا القول وجعله بدعة فدل على أنه لم يعلم عن أحد من السلف القول بإعادة الصلاة في مثل هذا ويشبه هذا الحج بمال حرام وقد ورد في حديث أنه مردود على صاحبه ولكنه حديث لا يثبت وقد أختلف العلماء هل يسقط به الفرض أم لا وقريب من ذلك الذبح بآلة محرمة أو ذبح من لا يجوز له الذبح كالسارق فأكثر العلماء قالوا إنه تباح الذبيحة بذلك ومنهم من قال هي محرمة وكذا الخلاف في ذبح المحرم الصيد لكن القول بالتحريم فيه أشهر وأظهر لأنه منهي عنه بعينه فلهذا فرق من فرق من العلماء بين أن يكون النهي لمعنى يختص بالعبادة فيبطلها وبين أن لا يكون مختصا بها فلا يبطلها فالصلاة بالنجاسة أو بغير طهارة أو بغير ستارة أو إلى غير القبلة يبطلها لا ختصاص النهي بالصلاة بخلاف الصلاة في الغصب ويشهد لهذا أن الصيام لا يبطله إلا ارتكاب ما نهي عنه فيه بخصوصه وهو جنس الأكل والشرب والجماع بخلاف ما نهي عنه الصائم لا بخصوص الصيام كالكذب والغيبة عند الجمهور، وكذلك الحج ما يبطله إلا ما نهي عنه في الإحرام وهو الجماع ولا يبطله ما لا يختص بالإحرام من المحرمات كالقتل والسرقة وشرب الخمر، وكذلك الاعتكاف إنما يبطل بما نهي عنه فيه بخصوصه وهو الجماع وإنما يبطل بالسكر عندنا وعند الأكثرين لنهي السكران عن قربان المسجد ودخوله على أحد التأويلين في قوله تعالى ‏{‏لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى‏}‏ أن المراد مواضع الصلاة فصار كالحائض ولا يبطل الاعتكاف بغيره من ارتكابه الكبائر عندنا وعند كثير من العلماء

وقد خالف في ذلك طائفة من السلف منهم عطاء والزهري والثوري ومالك وحكي عن غيرهم أيضًا المعاملات وأما المعاملات كالعقود والفسوخ ونحوهما فما كان منها مغير الأوضاع الشرعية كجعل حد الزنا عقوبة مالية وما أشبه ذلك فإنه مردود من أصله لا ينتقل به الملك لأن هذا غير معهود في أحكام الإسلام ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي سأله إن ابني كان عسيفًا على فلان فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم فقال النبي صلى الله عليه وسلم المائة الشاة والخادم رد عليك وعلى ابنك مائة جلدة وتغريب عام

وما كان منها عقدًا منهيًا عنه في الشرع إما لكون المعقود عليه ليس محلًا للعقد أو لفوات شرط فيه أو لظلم يحصل به للمعقود معه وعليه أو لكون العقد يشغل عن ذكر الله عز وجل الواجب عند تضايق وقته أو غير ذلك فهذا العقد هل هو مردود بالكلية لا ينتقل به الملك أم لا هذا الموضع قد اضطرب الناس فيه اضطرابًا كثيرًا وذلك أنه ورد في بعض الصور أنه مردود لا يقيد الملك وفي بعضها أنه يقيده فحصل الاضطراب فيه بسبب ذلك والأقرب إن شاء الله تعالى أنه إن كان النهي عنه لحق الله تعالى لا يقيد الملك بالكلية ومعنى أنه يكون الحق لله أنه لا يسقط برضا المتعاقدين عليه وإن كان النهي عنه لحق آدمي معين بحيث يسقط برضاه به فإنه يقف على رضاه به فإن رضي لزم العقد واستمر الملك وإن لم يرض به فله الفسخ فإن كان الذي يلحقه الضرر لا يعتبر رضاه بالكلية كالزوجة والعبد في الطلاق والعتاق فلا عبرة برضاه ولا بسخطه وإن كان النهي رفقا بالمنهي خاصة لما يلحقه من المشقة فخالف وارتكب المشقة لم يبطل بذلك عمله فأما الأول فله صور كثيرة منها نكاح من يحرم نكاحه إما لعينه كالمحرمات على التأبيد بسبب أو نسب أو للجمع أو لفوات شرط لا يسقط بالتراضي بإسقاطه كنكاح المعتدة والمحرمة والنكاح بغير ولي ونحو ذلك قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وامرأة تزوجها وهي حبلي فرد النكاح لوقوعه في العدة ومنها عقود الربا فلا يفيد الملك ويؤمر بردها وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من باع صاع تمر بصاعين أن يرده ومنها بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام والكلب وسائر ما نهي عن بيعه مما لا يجوز بيعه وأما الثاني فله صور عديدة منها إنكاح الولي مالًا يجوز له إنكاحها إلا بإذنها لا بغير إذنها

وقد ردّ النبي صلى الله عليه وسلم نكاح امرأة ثيب زوجها أبوها وهي كارهة

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه خير امرأة زوجت بغير إذنها وفي إبطال هذا النكاح أو وقوفه على الإجازة روايتان عن أحمد

وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أن من تصرف لغيره في ماله بغير إذنه لم يكن تصرفه باطلًا من أصله بل يقف على إجازته فإن أجازه جاز وإن رده بطل واستدلوا بحديث عروة بن الجعد في شرائه للنبي صلى الله عليه وسلم شاتين وإنما كان أمره بأن يشتري شاة واحدة ثم باع إحداهما وقبل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وخص ذلك الإمام أحمد في المشهور عنه بمن كان يتصرف لغيره في ماله بإذن إذا خالف الإذن ومنها تصرف المريض في ماله كله هل يقع باطلًا من أصله أم يوقف تصرفه في الثلث على إجازة الورثة فيه اختلاف مشهور للفقهاء والخلاف في مذهب أحمد وغيره وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته لا مال له غيرهم فدعا بهم فجزأهم أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولًا شديدًا ولعل الورثة لم يجيزوا إعتاق الجميع والله أعلم

ومنها بيع المدلس ونحوه كالمصراة وبيع النجش وتلقى الركبان ونحو ذلك وفي صحته كله اختلاف مشهور في مذهب الإمام أحمد

وذهب طائفة من أهل الحديث إلى بطلانه ورده والصحيح أنه يصح ويقف على إجازة من حصل له ظلم بذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل مشتري المصراة بالخيار وأنه جعل للركبان الخيار إذا هبطوا السوق وهذا كله يدل على أنه غير مردود من أصله

وقد ورد على بعض من قال بالبطلان حديث المصراة فلم يذكر عنه جوابا وأما بيع الحاضر للبادي فمن صححه جعله من هذا القبيل ومن أبطله جعل الحق فيه لأهل البلد كلهم وهم غير منحصرين فلا يتصور إسقاط حقوقهم فصار كحق الله عز وجل ومنها لو باع رقيقًا يحرم التفريق بينهم وفرق بينهم كالأم وولدها فهل يقع باطلًا مردودًا أم يقف على رضاهم بذلك

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برد هذا البيع ونص أحمد على أنه لا يجوز التفريق بينهم ولو رضوا بذلك وذهب طائفة إلى جواز التفريق بينهم برضاهم منهم النخعي وعبيد الله بن الحسن البصري فعلى هذا يتوجه أن يصح ويقف على الرضا ومنها لو خص بعض أولاده بالعطية دون بعض فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بشير بن سعد لما خص ولده النعمان بالعطية أن يرده إليه ولم يدل ذلك على أنه لم ينتقل الملك بذلك إلى الولد فإن هذه العطية تصح وتقع مراعاة فإن ساوى بين الأولاد في العطية أو استرد ما أعطي الولد جاز وإن مات ولم يفعل شيئًا من ذلك فقال مجاهد هو ميراث وحكي عن أحمد نحوه وأن العطية تبطل والجمهور على أنها لا تبطل وهل للورثة الرجوع فيها أم لا فيه قولان مشهوران وهما روايتان عن أحمد ومنها الطلاق المنهي عنه كالطلاق في زمن الحيض فإنه قد قيل إنه قد نهي عنه لحق الزوج حيث كان يخشى عليه أن يعقبه فيه الندم ومن نهي عن شيء رفقا به فلم ينته عنه بل فعله وتجشم مشقته فإنه لا يحكم ببطلان ما أتى به كمن صام في المرض أو السفر أو واصل في الصيام أو أخرج ماله وجلس يتكفف الناس أو صلى قائمًا مع تضرره بالقيام للمرض أو اغتسل وهو يخشى على نفسه الضرر والتلف ولم يتيمم أو صام الدهر ولم يفطر أو قام الليل ولم ينم، وكذلك إذا جمع الطلاق الثلاث على القول بتحريمه وقيل إنما نهي عن طلاق الحائض لحق المرأة لما فيه من الإضرار بها بتطويل العدة ولو رضيت بذلك بأن سألته الطلاق بعوض في الحيض فهل يزول بذلك تحريمه فيه قولان مشهوران للعلماء والمشهور من مذهبنا ومذهب الشافعي أنه يزول التحريم بذلك فإن قيل إن التحريم فيه لحق الزوج خاصة فإذا قدم عليه فقد أسقط حقه فقط وإن علل بأنه لحق المرأة لم يمنع نفوذه ووقوعه أيضًا فإن رضا المرأة بالطلاق غير معتبر لوقوعه عند جميع المسلمين لم يخالف فيه سوى شرذمة يسيرة من الروافض ونحوهم كما أن رضا الرقيق بالعتق غير معتبر ولو تضرر به ولكن إذا تضررت المرأة بذلك، وكان قد بقي شيء من طلاقها أمر الزوج بارتجاعها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بارتجاع زوجته تلافيا منه لضررها وتلافيا منه لما وقع منه من الطلاق المحرم حتى لا تصير بينونتها منه ناشئة عن طلاق محرم وليتمكن من طلاقها على وجه مباح فتحصل إبانتها على هذا الوجه وقد روي عن أبي الزبير عن ابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ردها عليه ولم يرها شيئًا وهذا مما تفرد به أبو الزبير عن أصحاب ابن عمر كلهم مثل ابنه سالم ومولاه نافع وأنس وابن سيرين وطاوس ويونس بن جبير وعبد الله بن دينار وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وغيرهم وقد أنكر أئمة العلماء هذه اللفظة على أبي الزبير من المحدثين والفقهاء وقالوا إنه تفرد بما خالف الثقات فلا يقبل تفرده فإن في رواية الجماعة عن ابن عمر ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حسب عليه الطلقة من وجوه كثيرة، وكان ابن عمر يقول لمن سأله عن طلاق المرأة في الحيض إن كنت طلقت واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بذلك يعني بارتجاع المرأة وإن كنت طلقتها ثلاثًا فقد عصيت ربك وبانت منك امرأتك وفي رواية أبي الزبير زيادة أخرى لم يتابع عليها وهو قوله ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ‏}‏ الطلاق

ولم يذكر ذلك أحد من الرواة عن ابن عمر وإنما روى عبدالله بن دينار عن ابن عمر أنه كان يتلو هذه الآية عند روايته للحديث وهذا هو الصحيح

وقد كان طوائف من الناس يعتقدون أن طلاق ابن عمر كان ثلاثًا وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ردها عليه لأنه لم يوقع الطلاق في الحيض وقد روي ذلك عن أبي الزبير أيضًا من رواية معاوية بن عمار الدهني عنه فلعل أبا الزبير اعتقد هذا حقا فروى تلك اللفظة بالمعنى الذي فهمه وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن أبي الزبير فقال عن جابر أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها فإنها امرأته وأخطأ في ذكر جابر في هذا الإسناد وتفرد بقوله فإنها امرأته ولا يدل على عدم وقوع الطلاق إلا على تقدير أن يكون ثلاثًا فقد اختلف في هذا الحديث على أبي الزبير وأصحاب ابن عمر الثقات الحفاظ العارفون به الملازمون له لم يختلف عليهم فيه فروى أيوب عن ابن سيرين قال مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهمهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها فجعلت لا أتهمهم ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير، وكان ذا ثبت فحدثني أنه سأل ابن عمر فحدثه أنه طلقها واحدة خرجه مسلم وفي رواية قال له ابن سيرين فجعلت لا أعرف للحديث وجها ولا أفهمه وهذا يدل على أنه كان قد شاع بين الثقات من غير أهل الفقه والعلم أن طلاق ابن عمر كان ثلاثًا ولعل أبا الزبير من هذا القبيل ولذلك كان نافع يسئل كثيرًا عن طلاق ابن عمر هل كان ثلاثًا أو واحدة ولما قدم نافع مكة أرسلوا إليه من مجلس عطاء يسئلونه عن ذلك لهذه الشبهة واستنكار ابن سيرين لرواية الثلاث يدل على أنه لم يعرف قائلا معتبرا يقول إن الطلاق المحرم غير واقع وأن هذا القول لا وجه له قال الإمام أحمد في رواية أبي الحارث وسئل عمن قال لا يقع الطلاق المحرم لأنه يخالف ما أمر به فقال هذا قول سوء رديء ثم ذكر قصة ابن عمر وأنه احتسب بطلاقه في الحيض وقال أبو عبيدة الوقوع هو الذي عليه العلماء مجمعون في جميع الأمصار حجازهم وتهامهم ويمنهم وشأمهم وعراقهم ومصرهم وحكى ابن المنذر ذلك عن كل من يحفظ قوله من أهل العلم إلا ناسا من أهل البدع لا يعتد بهم وأما ما حكاه ابن حزم عن ابن عمر أنه لا يقع الطلاق في الحيض مستندا إلى ما رواه من طريق محمد بن عبد السلام الخشني الأندلسي حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال لا تعتد بها وبإسناده عن خلاس نحوه فإن هذا الأثر قد سقط عن آخر لفظه وهي قال لا يعتد بتلك الحيضة كذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه عن عبد الوهاب الثقفي وكذا رواه يحيى بن معين عن عبد الوهاب أيضًا قال هو غريب لا يحدث به إلا عبد الوهاب ومراد ابن عمر أن الحيضة التي تطلق فيها المرأة لا تعتد بها المرأة قرأ وهذا هو مراد خلاس وغيره وقد روي ذلك أيضًا عن جماعة من السلف منهم زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب فوهم جماعة من المفسرين وغيرهم كما وهم ابن حزم فحكوا عن بعض من سمينا أن الطلاق في الحيض لا يقع وهذا سبب وهمهم والله أعلم

وهذا الحديث إنما رواه القاسم بن محمد لما سئل عن رجل له مساكن فأوصى بثلث ثلاث مساكن هل يجمع له في مسكن واحد فقال يجمع ذلك له في مسكن واحد حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد خرجه مسلم ومراده أن تغيير وصية الموصي إلى ما هو أحب إلى الله وأنفع جائز وقد حكى هذا عن عطاء وابن جريج وربما يستدل بعض من ذهب إلى هذا بقوله تعالى ‏{‏فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ‏}‏ البقرة

ولعله أخذ هذا من جمع العتق فإنه أعتق ستة مماليك عند موته فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأعتق اثنين وأرق أربعة خرجه مسلم

وذهب فقهاء الحديث إلى هذا الحديث لأن تكميل عتق العبد مهما أمكن فهو أولى من تشقيصه ولهذا شرعت السراية والسعاية إذا أعتق أحد الشريكين نصيبه من عبد وقال صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق بعض عبده هذا هو عتيق كله ليس لله شريك وأكثر العلماء على خلاف قول القاسم وإن وصية الموصي لا تجمع ويتبع لفظه إلا في العتق خاصة لأن المعنى الذي جمع له فيه العتق موجود في بقية الأموال فيعمل فيها المقتضى وصية الموصي وذهب طائفة من الفقهاء في العتق على أنه يعتق من كل عبد ثلثه ويستسعون في الباقي واتباع قضاء النبي صلى الله عليه وسلم أحق وأولي والقاسم نظر إلى أن في مشاركة الموصي له للورثة في المساكن كلها ضررا عليهم فيدفع عنهم هذا الضرر ويجمع الوصية في مسكن واحد فإن الله شرط في الوصية عدم المضارة لقوله غير مضار وصية من الله النساء فمن ضار في وصيته كان عمله مردودًا عليه لمخالفته ما شرط الله تعالى في الوصية وقد ذهب طائفة من الفقهاء إلى أنه لو أوصى بثلث مساكنه ثم ثلثي المساكن كلها ثم تلف ثلث المساكن وبقي منها ثلث أنه يعطي كلها للموصى له وهذا قول طائفة من أصحاب أبي حنيفة وحكي عن أبي يوسف ومحمد ووافقهم القاضي أبو يعلى من أصحابنا في خلافه وبنوا ذلك على أن المساكن المشتركة تقسم بين المشتركين فيها قسمة إجبار كما هو قول مالك وظاهر كلام ابن أبي موسى من أصحابنا والمشهور عند أصحابنا أن المساكن المتعددة لا تقسم قسمة إجبار وهو قول أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله وقد تأول بعض المالكية فتيا القاسم المذكورة في هذا الحديث على أن أحد الفريقين من الورثة والموصى لهم طلب قسمة المساكن فكانت متقاربة بحيث يضم بعضها إلى بعض في القسمة فإنه يجاب إلى قسمتها على قولهم وهذا التأويل بعيد مخالف للظاهر والله أعلم





عَنْ أمِّ المُؤمِنينَ أمِّ عبْدِ اللهِ عائشةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قالَتْ:( قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ }رواه البخاريُّ ومسلمٌ.
وفي روايةٍ لمسلمٍ:
{مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنا فَهُوَ رَدٌّ}).



the angel 03-21-2012 03:05 PM

الحديث الســـادس

حديث : الحلال بيّن والحرام بيّن

متن الحديث
عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وأن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم

الشرح

جاء الكلام في هذا الحديث العظيم عن قضيّتين أساسيّتين ، هما : " تصحيح العمل ، وسلامة القلب " ، وهاتان القضيّتان من الأهمية بمكان ؛ فإصلاح الظاهر والباطن يكون له أكبر الأثر في استقامة حياة الناس وفق منهج الله القويم .

وهنا قسّم النبي صلى الله عليه وسلم الأمور إلى ثلاثة أقسام ، فقال : ( إن الحلال بيّن ، والحـرام بيّن ) فالحلال الخالص ظاهر لا اشتباه فيه ، مثل أكل الطيبات من الزروع والثمار وغير ذلك ، وكذلك فالحرام المحض واضحةٌ معالمه ، لا التباس فيه ، كتحريم الزنا والخمر والسرقة إلى غير ذلك من الأمثلة .

أما القسم الثالث ، فهو الأمور المشتبهة ، وهذا القسم قد اكتسب الشبه من الحلال والحرام ، فتنازعه الطرفان ، ولذلك خفي أمره على كثير من الناس ، والتبس عليهم حكمه.

على أن وجود هذه المشتبـهات لا ينـافي ما تقرر في النصوص من وضوح الدين ، كقول الله عزوجل : { ونزّلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } ( النحل : 69 ) ، وقوله : { يبيّن الله لكم أن تضلّوا والله بكل شيء عليم } ( النساء : 176 ) ، وكذلك ما ورد في السنّة النبويّة نحو قوله صلى الله عليه وسلم : ( تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ) رواه أحمد و ابن ماجة ، فهذه النصوص وغيرها لا تنافي ما جاء في الحديث الذي بين أيدينا ، وبيان ذلك : أن أحكام الشريعة واضحة بينة ، وبعض الأحكام يكون وضوحها وظهورها أكثر من غيرها ، أما المشتبهات فتكون واضحة عند حملة الشريعة خاصة ، وخافية على غيرهم ، ومن خلال ذلك يتبيّن لك سر التوجيه الإلهي لعباده في قوله : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( الأنبياء : 7 ) ؛ لأن خفاء الحكم لا يمكن أن يعم جميع الناس ، فالأمة لا تجتمع على ضلالة .

وفي مثل هذه المشتبهات وجّه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى سلوك مسلك الورع ، وتجنب الشبهات ؛ فقال : ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) ، فبيّن أن متقي الشبهات قد برأ دينه من النقـص ؛ لأن من اجتنب الأمور المشتبهات سيجتنب الحرام من باب أولى ، كما في رواية أخرى للبخاري وفيها : ( فمن ترك ما شبّه عليه من الإثم ، كان لما استبان أترك ) ، وإضافةً إلى ذلك فإن متقي الشبهات يسلم من الطعن في عرضه ، بحيث لا يتهم بالوقوع في الحرام عند من اتضح لهم الحق في تلك المسألة ، أما من لم يفعل ذلك ، فإن نفسه تعتاد الوقوع فيها ، ولا يلبث الشيطان أن يستدرجه حتى يسهّل له الوقوع في الحرام .

وبهذا المعنى جاءت الرواية الأخرى لهذا الحديث : ( ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم ، أوشك أن يواقع ما استبان ) ، وهكذا فإن الشيطان يتدرّج مع بني آدم ، وينقلهم من رتبة إلى أخرى ، فيزخرف لهم الانغماس في المباح ، ولا يزال بهم حتى يقعوا في المكروه ، ومنه إلى الصغائر فالكبائر ، ولا يرضى بذلك فحسب ، بل يحاول معهم أن يتركوا دين الله ، ويخرجوا من ملة الإسلام والعياذ بالله ، وقد نبّه الله عباده وحذّرهم من اتباع خطواته في الإغواء فقال عزوجل في محكم كتابه : { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ( النور : 21 ) ، فعلى المؤمن أن يكون يقظا من انزلاق قدمه في سبل الغواية ، متنبها إلى كيد الشيطان ومكره .

وفيما سبق ذكره من الحديث تأصيل لقاعدة شرعية مهمة ، وهي : وجوب سد الذرائع إلى المحرمات ، وإغلاق كل باب يوصل إليها ، فيحرم الاختلاط ومصافحة النساء والخلوة بالأجنبية ؛ لأنه طريق موصل إلى الزنا ، ومثل ذلك أيضاً : حرمة قبول الموظف لهدايا العملاء سدا لذريعة الرشوة .

ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا لإيضاح ما سبق ذكره ، وتقريباً لصورته في الأذهان، فقال : ( كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ) ، أي : كالراعي الذي يرعى دوابّه حول الأرض المحمية التي هي خضراء كثيرة العشب ، فإذا رأت البهائم الخضرة في هذا المكان المحمي انطلقت إليها ، فيتعب الراعي نفسه بمراقبة قطعانه بدلاً من أن يذهب إلى مكان آخر ، وقد يغفل عن بهائمه فترتع هناك ، بينما الإنسان العاقل الذي يبحث عن السلامة يبتعد عن ذلك الحمى ، كذلك المؤمن يبتعد عن ( حمى ) الشبهات التي أُمرنا باجتنابها ، ولذلك قال : ( ألا وأن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ) ، فالله سبحانه وتعالى هو الملك حقاً ، وقد حمى الشريعة بسياج محكم متين ، فحرّم على الناس كل ما يضرّهم في دينهم ودنياهم .

ولما كان القلب أمير البدن ، وبصلاحه تصلح بقية الجوارح ؛ أتبع النبي صلى الله عليه وسلم مثله بذكر القلب فقال : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ) .

وسمّي القلب بهذا الاسم لسرعة تقلبه ، كما جاء في الحديث : ( لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا استجمعت غليانا ) رواه أحمد و الحاكم ؛ لذلك كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما في الترمذي : ( يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك ) ، وعلاوة على ما تقدّم : فإن مدار صلاح الإنسان وفساده على قلبه ، ولا سبيل للفوز بالجنة ، ونعيم الدنيا والآخرة ، إلا بتعهّد القلب والاعتناء بصلاحه :{ يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم } ( الشعراء : 88-89 ) ، ومن أعجب العجاب أن الناس لا يهتمون بقلوبهم اهتمامهم بجوارحهم ، فتراهم يهرعون إلى الأطباء كلما شعروا ببوادر المرض ، ولكنهم لايبالون بتزكية قلوبهم حتى تصاب بالران ، ويطبع الله عليها ، فتغدو أشد قسوة من الحجارة والعياذ بالله .

والمؤمن التقي يتعهد قلبه ، ويسد جميع أبواب المعاصي عنه ، ويكثر من المراقبة ؛ لأنه يعلم أن مفسدات القلب كثيرة ، وكلما شعر بقسوة في قلبه سارع إلى علاجه بذكر الله تعالى ؛ حتى يستقيم على ما ينبغي أن يكون عليه من الهدى والخير ، نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا ، ويصرّفها على طاعته ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، والحمد لله رب العالمين .



جُمَانه 04-04-2012 10:17 PM

,



عن أبي تميم بن أوس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم )
رواه البخاري و مسلم .

الشرح
حديثنا الذي نتناوله في هذ المقال حديث عظيم ، ويكفيك دلالة على أهميته أنه يجمع أمر الدين كله في عبارة واحدة ، وهي قوله صلى الله عليه وسلم :
( الدين النصيحة ) ، فجعل الدين هو النصيحة ، كما جعل الحج هو عرفة ، إشارةً إلى عظم مكانها ، وعلو شأنها في ديننا الحنيف .


والنصيحة ليست فقط من الدين ، بل هي وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام ، فإنهم قد بعثوا لينذروا قومهم من عذاب الله ، وليدعوهم إلى عبادة الله وحده وطاعته ، فهذا نوح عليه السلام يخاطب قومه ، ويبين لهم أهداف دعوته فيقول : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم } ( الأعراف : 62 ) ، وعندما أخذت الرجفة قوم صالح عليه السلام ، قال : { يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } ( الأعراف : 79 ) .


ويترسّم النبي صلى الله عليه وسلم خطى من سبقه من إخوانه الأنبياء ، ويسير على منوالهم ، فيضرب لنا أروع الأمثلة في النصيحة ، وتنوع أساليبها ، ومراعاتها لأحوال الناس واختلافها ، وحسبنا أن نذكر في هذا الصدد موقفه الحكيم عندما بال الأعرابي في المسجد ، فلم ينهره ، بل انتظره حتى فرغ من حاجته ، يروي أبو هريرة رضي الله عنه تلك الحادثة فيقول : " بال أعرابيٌ في المسجد ، فثار إليه الناس ليقعوا به ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعوه ، وأهريقوا على بوله ذنوبا من ماء ، أو سجلا من ماء ؛ فإنما بعثتم ميسرين ، ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري .


وفي الحديث الذي بين أيدينا ، حدد النبي صلى الله عليه وسلم مواطن النصيحة ، وأول هذه المواطن : النصيحة لله ، وهناك معان كثيرة تندرج تحتها ، ومن أعظمها : الإخلاص لله تبارك وتعالى في الأعمال كلها ، ، ومن معانيها كذلك : أن يديم العبد ذكر سيده ومولاه في أحواله وشؤونه ، فلا يزال لسانه رطبا من ذكر الله ، ومن النصيحة لله : أن يذبّ عن حياض الدين ، ويدفع شبهات المبطلين ، داعيا إلى الله بكل جوارحه ، ناذرا نفسه لخدمة دين الله ، إلى غير ذلك من المعاني .


وأصل النصيحة : من الإخلاص ، كما يقال : " نصح العسل " أي : خلصه من شوائبه ، وإذا كان كذلك فإن إخلاص كل شيء بحسبه ، فالإخلاص لكتاب الله أن تحسن تلاوته ، كما قال عزوجل : { ورتل القرآن ترتيلا } ( المزمل : 4 ) ، وأن تتدبر ما فيه من المعاني العظيمة ، وتعمل بما فيه ، ثم تعلمه للناس .


ومن معاني النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تصديقه فيما أخبر به من الوحي ، والتسليم له في ذلك ، حتى وإن قصُر فهمنا عن إدراك بعض الحقائق التي جاءت في سنّته المطهّرة ؛ انطلاقا من إيماننا العميق بأن كل ما جاء به إنما هو وحي من عند الله ، ومن معاني النصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم : طاعته فيما أمر به ، واتباعه في هديه وسنته ، وهذا هو البرهان الساطع على محبته صلى الله عليه وسلم .


ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : ( وللأئمة المسلمين ) ، والمراد بهم العلماء والأمراء على السواء ، فالعلماء هم أئمة الدين ، والأمراء هم أئمةٌ الدنيا ، فأما النصح للعلماء : فيكون بتلقّي العلم عنهم ، والالتفاف حولهم ، ونشر مناقبهم بين الناس ، حتى تتعلّق قلوب الناس بهم ، ومن النصح لهم : عدم تتبع أخطائهم وزلاتهم ، فإن هذا من أعظم البغي والعدوان عليهم ، وفيه من تفريق الصف وتشتيت الناس ما لا يخفى على ذي بصيرة .


وأما النصيحة لأئمة المسلمين فتكون بإعانتهم على القيام بما حمّلوا من أعباء الولاية ، وشد أزرهم على الحق ، وطاعتهم في المعروف .


والموطن الرابع من مواطن النصيحة : عامة الناس ، وغاية ذلك أن تحب لهم ما تحب لنفسك ، فترشدهم إلى ما يكون لصالحهم في معاشهم ومعادهم ، وتهديهم إلى الحق إذا حادوا عنه ، وتذكّرهم به إذا نسوه ، متمسكا بالحلم معهم والرفق بهم ، وبذلك تتحقق وحدة المسلمين ، فيصبحوا كالجسد الواحد : ( إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) .


فهذه هي مواطن النصيحة التي أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا عملنا بها حصل لنا الهدى والرشاد ، والتوفيق والسداد .

بسمة ملاك 04-11-2012 10:14 PM

الحديث الثامن
حديث حرمة دم المسلم وماله

عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى ) رواه البخاري و مسلم .

الشرح
بعث الله سبحانه وتعالى الرسل الكرام ، وأنزل معهم الكتب العِظام ، لينشروا الدين في أرجاء المعمورة ، فيكون ظاهرا عاليا على سائر الأديان والملل ، كما بيّن سبحانه ذلك في قوله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله } ( البقرة : 193 ) .

وكانت هذه المهمة محور دعوة كل أنبياء الله ، فقاموا جميعا لتحقيق هذه الغاية ، باذلين في ذلك الغالي والنفيس ، والمال والنفس ، داعين إلى الله بالليل والنهار ، والسرّ والعلانية ، فانقسم الناس عند ذلك إلى فريقين : فريق قذف الله في قلبه أنوار الحق ، فانشرح صدره للإسلام ، فوحّد ربّه ، واتّبع شريعته ، وفريق طمس الله بصيرته ، وجعل على قلبه غشاوة ، فأظلم قلبُه ، وأبى أن يقبل دعوة الحق ، ولقد أوضح الله تعالى حقيقة الفريقين في قوله تعالى : { ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم } ( محمد : 3 ) .

إن انقسام الناس إلى مصدّق ومكذّب ، ومؤمن وكافر ، أمر حتمي تجاه كل ما هو جديد ، وتجاه كل دين أو معتقد ، وإذا كان انقسامهم أمرا لازما ؛ فإنه يجب على ذلك الدين أو ذلك المعتقد أن يتعامل مع كلا الفريقين ، وجميع الطائفتين ، وهذا عين ما جاءت به شرائع الله عزوجل ، ومنها الإسلام .

لقد أمرنا الله تعالى في دين الإسلام أن ندعو المعرضين والمكذبين بالحسنى ، وأن نجتهد في ذلك ، بل أن نجادلهم بالتي هي أحسن ، فإن أبوا ، كان لزاما عليهم ألا يمنعوا هذا الخير من أن يصل إلى غيرهم ، ووجب عليهم أن يفسحوا لذلك النور لكي يراه سواهم ، فإن أصروا على مدافعة هذا الخير ، وحجب ذلك النور ، كانوا عقبة وحاجزاً ينبغي إزالته ، ودفع شوكته ، وهذا مما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ) ، فهو صلى الله عليه وسلم مأمور بنشر دين الإسلام ، واستئصال شوكة كل معاند أو معارض ، وتلك هي حقيقة الدين وغايته .

لكن ما سبق لا يدل على أن دين الإسلام دينٌ متعطشٌ للدماء ، وإزهاق أرواح الأبرياء ، بل هو دين رحمةٍ ورأفةٍ ، حيث لم يكره أحدا على الدخول فيه ، بشرط ألا يكون عقبةً أو حاجزاً كما تقدم ، وقد قال تعالى : { لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي } ( البقرة : 256 ) .

ثم بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي معنا ، الأمور التي تحصل بها عصمة الدم والنفس ، وهي : النطق بالشهادتين ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، فمن فعل ذلك ، فقد عصم نفسه وماله ، وهذا ما يمكننا أن نطلق عليه العصمة المطلقة ، أو العصمة بالإسلام ، وحقيقتها : أن يدخل المرء في دين الإسلام ، ويمتثل لأوامره ، وينقاد لأحكامه ، فمن فعل ذلك كان مسلما ، له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم .

أما العصمة المقيّدة أو العصمة لغير المسلمين ، فحقيقتها : أن كل كافر غير محارب ، أي : المُستأمن والذميّ والمعاهَد ، فإنه معصوم الدمّ ، بشروط معينة وضّحها العلماء في كتبهم .

وإذا أردنا أن نوضّح حقيقة العصمة بالإسلام فنقول : إن من تلفّظ بالشهادتين ، فإننا نقبل منه ظاهر قوله ، ونكل سريرته إلى الله تعالى ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يأمرنا أن ننقب عن قلوب الناس ، أونبحث في مكنونات صدروهم ، أسوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن هذا لا يعني ترك الانقياد للدين أو العمل بأحكامه ، فإن من شروط لا إله إلا الله الانقياد لها ، والعمل بمقتضياتها .

أما إقامة الصلاة ، فهي من أعظم مظاهر الانقياد والعبودية، بل إن تاركها ليست له عصمة ، يشهد لذلك قوله تعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } ( التوبة : 11 ) ، فدل على أنهم إن لم يصلوا فلا أخوة لهم ، ولما أراد خالد بن الوليد رضي الله عنه أن يضرب عنق ذي الخويصرة - الذي اعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم للمال- نهاه عن ذلك قائلا : ( لا ؛ لعله أن يكون يصلي ) رواه البخاري و مسلم ، وهذا يقتضي أنه لو كان تاركا للصلاة لما منع خالدا من قتله .

وإيتاء الزكاة المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : ( ويؤتوا الزكاة ) ، هي من مظاهر الانقياد المالية لله تعالى ، ولا يعني ذكرها في الحديث أن مجرد الامتناع عن أدائها كفر مخرج من الملة ، بل في ذلك تفصيل آخر ليس هذا مجال بسطه.

وإذا تحققت هذه الأمور الثلاثة في شخص أو فئة ، حصلت لهم العصمة التامة ، فتصان دماؤهم وأموالهم وأنفسهم ، إلا بسبب حق من حقوق الإسلام ، وذلك بأن يرتكب الإنسان ما يبيح دمه ، كالقتل بغير حق ، والزنى مع الإحصان ، والردة بعد الإسلام.

وبذلك يتبين لنا أن الإسلام دين يدعوا الناس جميعا إلى الالتزام بأحكام الله تعالى ، فإذا أدوا ما عليهم من واجبات ، فقد كفل لهم حقوقهم ، وصان أعراضهم وأموالهم .

شروح لحديث حرمة المسلم دمة وماله




وهنا ايضا شروح حديث حرمة دم المسلم وماله

عرض فلاشي الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله مع صوت ياسر الفيلكاوي


شرح الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله للحافظ ابن رجب الحنبلي


شرح الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله للشيخ محمد بن عثيمين


شرح الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله للشيخ عبدالكريم الخضير


فوائد الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله للشيخ عبدالرحمن البراك


شرح الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله للشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري


إعراب الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله


تعليقات تربوية من الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله


تحليل الحديث الثامن حرمة دم المسلم وماله للشيخ عبد العزيز الداخل


The concept of Jihad

كل الغلا 04-26-2012 01:27 AM

الحديث التاااسع...



النهي عن كثرة السؤال والتشدد




عن أبي هريرة عبد الرحمنبن صخر رضي الله تعالى عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "مانهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم؛ فإنَّما أهلك مَن كانقبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم" رواه البخاريومسلم.





معاني الكلمات :




ما نهيتكم :النهي طلب الكف على وجه الاستعلاء .



اجتنبوه :ابتعدوا عنه ،فكونوا في جانب وهو في جانب .



وما أمرتكم :الأمر طلب الفعل على وجه الاستعلاء .



فأتوا منه :وجوبا في الواجب ، وندبا في المندوب .



ما استطعتم :ما قدرتم عليه وأطقتم.



أهلك :صار سبب الهلاك .



كثرة مسائلهم :جمع مسألة وهي: مايُسأل عنه ،أي كثرة أسئلتهم التي كانوا يسألونهاوليس وجه شرعي .



واختلافهم :بالرفع ،لأنه أبلغ في ذم الاختلاف ، إذ لا يتقيد حينئذ بكثرة خلافه لو جر ، ومعنى الاختلاف على الأنبياء مخالفتهم . وهي تستلزم اختلاف الأمة فيما بينها




.



الشرح




الرواي : عبد الرحمن بن صخر. وكنّي بأبي هريرة لأنه كان معه هرّة قد ألفها وألفته، فلمصاحبتها إيّاه كُنّي بها.



قوله: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ النهي: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، يعني أن يطلب منك من هو فوقك - ولو باعتقاده - أن تكفّ ، فهذا نهي ، وليس شرط النهي لمن هو فوقك .



ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلى منّا حقيقة.



مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُفَاجْتَنِبُوْهُ الجملة شرطية، فـ: (ما)اسم شرط، و: (نهيتكم) فعل الشرط،و: (فاجتنبوه)جواب الشرط .



وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ هذه الجملة أيضاً شرطية، فعل الشرط فيها: (أمرتكم به) وجوابه: (فأتوامنه ما استطعتم) يعني افعلوا منه ما استطعتم، أي ما قدرتم عليه.



والفرق بين المنهي اتو المأمورات: أن المنهيّات قال فيها: فَاجْتَنِبُوهُ ولم يقل ما استطعتم ، ووجهه: أن النهي كف وكل إنسان يستطيعه، وأما المأمورات فإنها إيجاد قد يستطاع وقد لايستطاع .



الَّذِيْنَ مِنْقَبْلِكُمْ يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، والمتبادر أنهم اليهود والنصارى،كما قال الله عزّ وجل: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )(المائدة: الآية5) وذلك أن الأمم السابقة قبل اليهود والنصارى .



واليهود أشدّ في كثرةالمساءلة التي يهلكون بها، ولذلك لما قال لهم نبيهم موسى عليه السلام: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) (البقرة: الآية67) جعلوا يسألون:ما هي؟ وما لونها؟ وما عملها ؟




.



شرحالإستفادة




وجوب الكف عما نهى عنهالنبي.



وهذا النهي ينقسم إلى قسمين :



القسم الأول : نهي تحريــــم .



كالشرك ، وقتل النفس ،والربا ، وشرب الخمر ، والغيبة ، والنميمة ، وغيرها .



فهذا يجب اجتنابــهوالابتعـــاد عنه .



القسم الثاني : نهي كراهة .



وذلك أن الشارع نهى عن تصرفات ، لكن قامت الأدلة على أن هذا النهي للكراهــة وليس للتحريـــم .



فهذا الأفضل اجتنابــه وتركـــه .



أن ما نهى عنه الشرع يجب اجتنابه والابتعاد عنه جملة وتفصيلاً ، ولا يجوز للمكلف فعل شيء منه ،فالمنهي عنه يشمل القليل والكثير



فالربا يجب اجتناب قليله وكثيره .



يجوز فعل المحرم للضرورة ، لأن القاعدة[ لا محرم مع الضرورة ]، لقوله تعالى : ]وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه[ . { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَوَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِاضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌرَّحِيمٌ } البقرة173



ومعنى الضرورة إلى المحرم : أن لا يجد سوى هذا المحرم ، وتندفع به الضرورة .



مثال : يجوز الأكل من الميتــة للمضطــر .



ينبغي فعل ما أمرنا به النبي على قدرالاستطاعــة .



وما أمرنا به ينقسم إلى قسمين :



القسم الأول : واجبات، فهذا يثاب فاعله ويعاقب تاركه .



كالصلاة ، والزكاة ،والصيام .



القسم الثاني : مستحبات، فهذه يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها .



كالسنن الرواتب ،والسواك .



فالواجبات :يجب على المسلم أن يؤديها كما أمر ، فإن لم يستطع فعلى قدر استطاعته]لا يكلف الله نفساً إلا وسعها[ .



مثال : القيام في الصلاة الفريضة ركن ، فإذا عجز عنه الإنسان فإنه يصلي جالساً .



وأما المستحبات :فالأفضل للمسلم أن يحرص عليها وأن يجتهد في الإكثار منها على حسب استطاعته .



مثال : قيام الليل : فالأفضل أن يصلي من الليل ولو شيئاً قليلاً .



* يجب طاعة الرسول والانقياد لأمــره .



قال تعالى : ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول .... [ .



الإنسان إذا لم يقدرعلى فعل الواجب كله فليفعل ما استطاع. ولهذا مثال: يجب على الإنسان أن يصلي الفريضة قائماً، فإذا لم يستطع صلى جالساً.



ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه فإنه شريعة، سواء كان ذلك في القرآن أم لم يكن، فُيعمل بالسنة الزائدة على القرآن أمراً أو نهياً .



أن من أسباب هلاك الأمم كثرة مسائلهم ولاسيّما في الأمور التي لايمكن الوصول إليها مثل مسائل الغيب كأسماءالله وصفاته، وأحوال يوم القيامة،لاتكثر السؤال فيها فتهلك،وتكون متنطّعاًمتعمّقاً




..



والأسئلة التي هي سببللهلاك :



‌أ- السؤال تعنتاً وتعمقاً .



‌ب- السؤال بما لا فائدةمنه ولا حاجة له .



‌ج- السؤال على وجهالاستهزاء والسخرية والعبث .



‌د- كثرة السؤال فيالمسائل التي لم تقــع




.



التحذير من الاختلاف على الأنبياء، وأن الواجب على المسلم أن يوافق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأن يعتقدهم أئمة وأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة،وأن خاتمهم محمدرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله إلى جميع الناس،وشريعته هي دين الإسلام الذيارتضاه الله تعالى لعباده،وأن الله لايقبل من أحدٍ ديناً سواه،قال تعالى:



(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) آل عمران: الآية19 .

هہكروكہ يہأإأقہلہبہيہ 05-02-2012 08:50 PM




-


عن عمر رضي الله عنه أيضا ، قال : بينما نحن جلوس عـند رسـول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثـر السفر ولا يعـرفه منا احـد.* حتى جـلـس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فـأسند ركبـتيه إلى ركبتـيه ووضع كفيه على فخذيه، وقـال: " يا محمد أخبرني عن الإسلام ".
فقـال رسـول الله صـلى الله عـليه وسـلـم :(الإسـلام أن تـشـهـد أن لا إلـه إلا الله وأن محـمـد رسـول الله وتـقـيـم الصلاة وتـؤتي الـزكاة وتـصوم رمضان وتـحـج البيت إن اسـتـطـعت اليه سبيلا).
قال : صدقت.
فعجبنا له ، يسأله ويصدقه ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‌‌؟
قال : فأخبرني عن الإيمان .
قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره .
قال : صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان .
قال : ان تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
قال : فأخبرني عن الساعة .
قال : "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل "
قال : فأخبرني عن أماراتها .
قال : " أن تلد الأم ربتها ، وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان"
ثم انطلق ، فلبثت مليا ،ثم قال :" يا عمر أتدري من السائل ؟"
قلت : "الله ورسوله أعلم ".
قال : فإنه جبريل ، اتاكم يعلمكم دينكم "رواه مسلم [ رقم : 8 ].

هہكروكہ يہأإأقہلہبہيہ 05-02-2012 08:52 PM

-




عنْ أبي عبدِ الرَّحمنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:( سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:{ بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقامِ الصَّلاَةِ، وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ }) رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

*

عَنْ أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البِيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ)[50]

الشرح

عَنْ أَبِيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هذه كنية، عبد الله بن عمر هذا اسم علم.

والكنية: كل ما صدر بأبٍ، أو أم، أو أخ، أو خالٍ، أو ما أشبه ذلك. والعلم: اسم يعين المسمى مطلقاً.

رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال العلماء: إذا كان الصحابي وأبوه مسلمين فقل: رضي الله عنهما، وإذا كان الصحابي مسلماً وأبوه كافراً فقل: رضي الله عنه .

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ يَقُوْلُ: بُنِيَ الإِسْلامُ الذي بناه هو الله عزّ وجل، وأبهم الفاعل للعلم به، كما أُبهم الفاعل في قوله تعالى: ( وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً)(النساء:الآية28) فلم يبين من الخالق، لكنه معلوم، فما عُلم شرعاً أو قدراً جاز أن يبنى فعله لما لم يسم فاعله.

عَلَى خَمْسٍ أي على خمسِ دعائم.

شَهَادَة أنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ (شهادة) يجوز فيها وجهان في الإعراب:

الأول: الضم (شهادةُ) بناء على أنها خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هي شهادة.

والثاني: الكسر (شهادةِ) على أنها بدل من قوله: خمس، وهذا البدل بدل بعض من كل.

وقد سبق الكلام على الشهادتين في شرح حديث جبريل عليه السلام[51]

وَإِقَامِ الصّلاةِ، وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البّيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَان وهذا سبق الكلام عليه في شرح حديث جبريل عليه السلام[52] .

لكن في هذا الحديث إشكال وهو:تقديم الحج على الصوم.

والجواب عليه أن يقال: هذا ترتيب ذكري، والترتيب الذكري يجوز فيه أن يقدم المؤخر كقول الشاعر:

إن من ساد ثم ساد أبوه ثم ساد من بعد ذلك جده

فالترتيب هنا ترتيب ذكري.

وقد سبق في حديث جبريل تقديم الصيام على الحج، ونقول في شرح الحديث:

إن الله عزّ وجل حكيم، حيث بنى الإسلام العظيم علىهذه الدعائم الخمس من أجل امتحان العباد.

- الشهادتان: نطق باللسان، واعتقاد بالجنان.

- إقام الصلاة: عمل بدني يشتمل على قول وفعل، وما قد يجب من المال لإكمال الصلاة فإنه لا يعد منها، وإلا فمن المعلوم أنه يجب الوضوء للصلاة، وإذا لم تجد ماءً فاشتر ماءً بثمن ، ومن المعلوم أيضاً أنك ستستر العورة في الصلاة وتشتري السترة بمال لكن هذا خارج عن العبادة، ولذلك نقول:إن الصلاة عبادة بدنية محضة.

- إيتاء الزكاة: عبادة مالية لا بدنية، وكون الغني يجب أن يوصلها للفقير، وربما يمشي وربما يستأجر سيارة، هذا أمر خارج عن العبادة، ولهذا لو كان الفقير عند الغني أعطاه الدراهم مباشرة بدون أي عمل، ولا نقول: اذهب أيها التاجر إلى أقصى البلد ثم ارجع.

- صوم رمضان: عبادة بدنية لكن من نوع آخر، الصلاة بدنية لكنها فعل، والصيام بدني لكنه كف وترك، لأنه قد يسهل على الإنسان أن يفعل،ويصعب عليه أن يكف، وقد يسهل عليه الكف ويصعب عليه الفعل، فنوعت العبادات ليكمل بذلك الامتحان، فسبحان الله العظيم.

- حج البيت: هل يتوقف الحج على بذل المال؟

فيه تفصيل: إذا كان الإنسان يحتاج إلى شد رحل احتاج إلى المال، لكن هذا خارج العبادة، هذا من جنس الوضوء للصلاة.

وإذا قدرنا أن الرجل في مكة فهل يحتاج إلى بذل المال؟

الجواب: إذا كان يستطيع أن يمشي على رجليه فلا يحتاج إلى بذل المال، والنفقة من الأكل والشرب لابد منها حتى وإن لم يحج.

لذلك الحج - عندي- متردد بين أن يكون عبادة مالية، أوعبادة بدنية مالية، وعلىكل حال إن كان عبادة مالية بدنية فهو امتحان.

فصارت هذه الحكمة العظيمة في أركان الإسلام أنها:

بذل المحبوب، والكف عن المحبوب، وإجهاد البدن، كل هذا امتحان.

بذل المحبوب: في الزكاة ،لأن المال محبوب إلى الإنسان،كما قال الله عزّ وجل: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات:8] وقال:( وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20)

والكف عن المحبوب: في الصيام كما جاء في الحديث القدسي: يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِيْ [53] .

فتنوعت هذه الدعائم الخمس على هذه الوجوه تكميلاً للامتحان، لأن بعض الناس يسهل عليه أن يصوم، ولكن لا يسهل عليه أن يبذل قرشاً واحداً، وبعض الناس يسهل عليه أن يصلي،ولكن يصعب عليه أن يصوم.

ويذكر أن بعض الملوك وجبت عليه كفارةفيها تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. فاجتهد بعض العلماء وقال لهذا الملك: يجب عليك أن تصوم شهرين متتابعين ولا تعتق، فقيل للمفتي في ذلك فقال: لأن الشهرين أشق على هذا الملك من إعتاق رقبة، والمقصود بالكفارة محو ما حصل من إثم الذنب، وأن لا يعود.

فنقول: هذا استحسان لكنه ليس بحسن وفي غير محله لأنه مخالف للشرع، فألزمه بما أوجب الله عليه وحسابه على الله عزّ وجل، وليس إليك.




بحر المشاعر 06-01-2012 03:16 AM

شرح الحديث العاشر سبب إجابة الدعاء


الحديث العاشر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ‏{‏يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا‏}‏ المؤمنون وقال تعالى ‏ {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ‏}‏ البقرة ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ))رواه مسلم‏.‏

هذا الحديث خرجه مسلم من رواية فضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة وخرجه الترمذي وقال حسن غريب وفضيل بن مرزوق ثقة وسط خرج له مسلم دون البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم إن الله طيب هذا قد جاء أيضًا من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة وجواد يحب الجود خرجه الترمذي وفي إسناده مقال والطيب هنا معناه الطاهر والمعنى أن الله سبحانه وتعالى مقدس منزه عن النقائص والعيوب كلها وهذا كما في قوله تعالى ‏{‏وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ‏}‏ والمراد المنزهون من أدناس الفواحش وأوضارها، وقوله لا يقبل إلا طيبا قد ورد معناه في حديث الصدقة ولفظه لا يتصدق أحد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا والمراد أنه تعالى لا يقبل من الصدقات إلا ما كان طيبا حلالًا وقد قيل إن المراد في هذا الحديث الذي نتكلم فيه الآن بقوله لا يقبل إلا طيبا أعم من ذلك وهو أن لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبا طاهرًا من المفسدات كلها كالرياء والعجب ولا من الأموال إلا ما كان طيبا حلالًا فإن الطيب يوصف به الأعمال والأقوال والاعتقادات وكل هذه تنقسم إلى طيب وخبيث وقد قيل إنه يدخل في قوله تعالى ‏{‏قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ‏}‏ المائدة هذا كله وقد قسم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث فقال ضرب الله مثلًا كلمة طيبة كشجرة طيبة إبراهيم ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة إبراهيموقال تعالى ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏}‏ فاطر ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث وقد قيل إنه يدخل في ذلك الأقوال والأعمال والاعتقادات أيضًا ووصف الله تعالى المؤمنين بالطيب بقوله تعالى ‏{‏الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ‏}‏ النحل وإن الملائكة تقول عند الموت اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب وإن الملائكة تسلم عليهم عند دخولهم الجنة يقولون لهم طبتم وقد ورد في الحديث أن المؤمن إذا زار أخاه في الله تقول له الملائكة طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا فالمؤمن كله طيب قلبه ولسانه وجسده بما يسكن في قلبه من الإيمان وظهر على لسانه من الذكر وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان وداخلة في اسمه في هذه الطيبات كلها يقبلها الله عز وجل‏.‏

ومن أعظم ما يحصل به طيبة الأعمال للمؤمن من طيب مطعمه وأن يكون من حلال فبذلك يزكو عمله وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يقبل العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال وإن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله فإنه قال بعد تقريره إن الله لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ‏{‏يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا‏}‏ المؤمنون وقال ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ‏}‏ البقرة والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح فما كان الأكل حلالًا فالعمل الصالح مقبول فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولا وما ذكره بعد ذلك من الدعاء وأنه كيف يتقبل مع الحرام فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام وقد خرج الطبراني بإسناد فيه نظر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال تليت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً‏}‏ البقرة‏.‏

فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عملًا أربعين يومًا وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به‏.‏

وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله بإسناد فيه نظر أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال من اشترى ثوبا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام لم يتقبل الله له صلاته ما كان عليه ثم أدخل أصبعيه في أذنيه فقال صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروى من حديث علي رضي الله عنه مرفوعًا معناه أيضًا خرجه البزار وغيره بإسناده ضعيف جدًا‏.‏

وخرج الطبراني بإسناد فيه ضعف من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادي لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك وزادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لا لبيك لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور ويروى من حديث عمر رضي الله عنه بنحوه بإسناد ضعيف أيضًا وروي أبو يحيى القتات عن مجاهد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا يقبل الله صلاة امريء في جوفه حرام وقد اختلف العلماء في حج من حج بمال حرام ومن صلى في ثوب حرام هل يسقط عنه فرض الصلاة والحج بذلك وفيه عن الإمام أحمد رحمه الله روايتان وهذه الأحاديث المذكورة تدل على أنه لا يتقبل العمل مع مباشرة الحرام لكن القبول قد يراد به الرضا بالعمل ومدح فاعله والثناء عليه بين الملائكة والمباهاة به وقد يراد به حصول الثواب والأجر عليه وقد يراد به سقوط الفرض به من الذمة فإن كان المراد ههنا القبول بالمعنى الأول أو الثاني لم يمنع ذلك من سقوط الفرض به من الذمة كما ورد أنه لا تقبل صلاة الآبق ولا المرأة التي زوجها عليها ساخط ولا من أتى كاهنا ولا من شرب خمرا أربعين يومًا والمراد والله أعلم نفي القبول بالمعنى الأول أو الثاني وهو المراد والله أعلم من قوله عز وجل ‏{‏إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏}‏ ولهذا كانت هذه الآية يشتد منها خوف السلف على نفوسهم فخافوا أن لا يكونوا من المتقين الذين يتقبل الله منهم‏.‏

وسئل أحمد عن معنى المتقين فيها فقال يتقي الأشياء فلا يقع فيما لا يحل‏.‏

وقال أبو عبدالله النباجي الزاهد رحمه الله خمس خصال بها تمام العمل الإيمان بمعرفة الله عز وجل ومعرفة الحق وإخلاص العمل لله والعمل على السنة وأكل الحلال فإن فقدت واحدة لم يرتفع العمل وذلك إذا عرفت الله عز وجل ولم تعرف الحق لم تنتفع وإذا عرفت الحق ولم تعرف الله لم تنتفع وإن عرفت الله وعرفت الحق ولم تخلص العمل لم تنتفع وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل ولم يكن على السنة لم تنتفع وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع‏.‏

وقال وهب بن الورد لو قمت مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أم حرام وأما الصدقة بالمال الحرام فغير مقبولة‏.‏

كما في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول‏.‏

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما تصدق عبد بصدقة من مال طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وذكر الحديث‏.‏

وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يكتسب عبد مالًا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيتقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السييء بالسيئ ولكن يمحو السييء بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث ويروى من حديث دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كسب مالًا حرامًا فتصدق به لم يكن له فيه أجر، وكان إصره عليه خرجه ابن حبان في صحيحه ورواه بعضهم موقوفا على أبي هريرة وفي مراسيل القاسم بن مخيمرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصاب مالًا من مأثم فوصل به رحمه وتصدق به أو أنفقه في سبيل الله جمع ذلك جميعا ثم قذف به في نار جهنم وروي عن أبي الدرداء ويزيد بن ميسرة أنهما جعلا مثل من أصاب مالًا من غير حله فتصدق به مثل من أخذ مال يتيم وكسا به أرملة وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عمن كان على عمل فكان يظلم ويأخذ الحرام ثم تاب فهو يحج ويعتق ويتصدق منه فقال إن الخبيث لا يكفر الخبيث وكذا قال ابن مسعود رضي الله عنه إن الخبيث لا يكفر الخبيث ولكن الطيب يكفر الخبيث وقال الحسن أيها المتصدق على المسكين ترحمه ارحم من قد ظلمت واعلم أن الصدقة بالمال الحرام تقع على وجهين أحدهما أن يتصدق به الخائن أو الغاصب ونحوهما على نفسه فهذا هو المراد من هذه الأحاديث أنه لا يتقبل منه يعني أنه لا يؤجر عليه بل يأثم بتصرفاته في مال غيره بغير إذنه ولا يحصل للمالك بذلك أجر لعدم قصده ونيته كذا قال جماعة من العلماء منهم ابن عقيل من أصحابنا وفي كتاب عبدالرزاق من رواية زيد بن الأخنس الخزاعي أنه سأل سعيد بن المسيب قال وجدت لقطة أفأتصدق بها قال لا تؤجر أنت ولا صاحبها ولعل مراده فإذا تصدق بها قبل تعريفها الواجب ولو أخذ السلطان أو بعض نوابه من بيت المال مالًا يستحقه فتصدق منه أو أعتق أو بنى به مسجدا أو غيره مما ينتفع به الناس فالمنقول عن ابن عمر أنه كالغاصب إذا تصدق بما غصبه كذلك قيل لعبد الله بن عامر أمير البصرة، وكان الناس قد اجتمعوا عنده في حال موته وهم يثنون عليه ببره وإحسانه وابن عمر ساكت فطلب منه أن يتكلم فروى له حديثًا لا يقبل الله صدقة من غلول ثم قال له وكنت على البصرة وقال أسد بن موسى في كتاب الورع حديث الفضيل بن عياض عن منصور عن تميم بن مسلمة قال قال قال ابن عامر لعبد الله بن عمر أرأيت هذا العقاب التي نسهلها والعيون التي نفجرها ألنا فيها أجر فقال ابن عمر أما علمت أن خبيثا لا يكفر خبيثا قط حدثنا عبدالرحمن بن زياد عن أبي مليح عن ميمون بن مهران قال قال ابن عمر لابن عامر وقد سأله عن العتق فقال مثلك مثل رجل سرق إبل حاج ثم جاهد بها في سبيل الله فانظر هل يقبل منه وقد كان طائفة من أهل التشديد في الورع كطاوس ووهيب بن الورد يتوقون الانتفاع بما أحدثه مثل هؤلاء الملوك وأما الإمام أحمد رحمه الله فإنه رخص فيما فعلوه من المنافع العامة كالمساجد والقناطر والمصانع فإن هذه ينفق عليها من مال الفيء اللهم إلا أن يتيقن أنهم فعلوا أشياء من ذلك بمال حرام كالمكوس والغصوب ونحوهما فحينئد يتوقى الانتفاع بما عمل بالمال الحرام ولعل ابن عمر رضي الله عنهما إنما أنكر عليهم أخذهم لأموال بيت المال لأنفسهم ودعواهم أن ما فعلوه منها بعد ذلك فهو صدقة منهم فإن هذا شبيه بالغصوب وعلى مثل هذا يحمل إنكار من أنكر من العلماء على الملوك بنيان المساجد قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله رأيت بعض المتقدمين يسأل عمن كسب حلالًا أو حرامًا من السلاطين والأمراء ثم بنى الأربطة والمساجد هل له ثواب فأفتى بما يوجب طيب القلب المنفق وأنه له في إنفاق ما لا يملكه نوع سمسرة لأنه لا يعرف أعيان المغصوبين فيرد عليهم قال فقلت واعجبا من متصدرين للفتوى لا يعرفون أصول الشريعة ينبغي أن ينظر في حال هذا المنفق أو لا فإن كان سلطانا فما يخرج من بيت المال فقد عرفت وجوه مصارفه فكيف يمنع مستحقيه ويشغله بما لا يفيد من بناء مدرسة أو رباط وإن كان من الأمراء أو نواب السلاطين فيجب أن يرد ما يجب رده إلى بيت المال وإن كان حرامًا أو غصبا فكل شيء يصرف فيه حرام والواجب رده على من أخذ منه أو ورثته فإن لم يعرف رده إلى بيت المال يصرف في المصالح أو في الصدقة ولم يحظ آخذه بغير الإثم انتهي وإنما كلامه في السلاطين الذين عهدهم في وقته الذين يمنعون المستحقين من الفيء حقوقهم ويتصرفون فيه لأنفسهم تصرف الملاك ببناء ما يبنونه إليهم من المدارس والأربطة ونحوهما مما قد لا يحتاج إليه ويخص به قومًا دون قوم فأما لو فرض إمام عادل يعطي الناس حقوقهم من الفيء ثم يبني لهم ما يحتاجون إليه من مسجد أو مدرسة أو مارستان ونحو ذلك كان ذلك جائزا فلو كان بعض من يأخذ المال لنفسه من بيت المال بنى بما أخذ منه بناء محتاجا إليه في حال فيجوز البناء فيه من بيت المال لكنه ينسبه إلى نفسه فقد يتخرج على الخلاف في الغاصب إذا رد المال إلى المغصوب منه على وجه الصدقة والهبة هل يبرأ بذلك أم لا وهذا كله إذا بنى على قدر الحاجة من غير سرف ولا زخرفة وقد أمر عمر بن عبدالعزيز بترميم مسجد البصرة من بيت المال ونهاهم أن يتجاوزوا ما تصدع منه وقال إني لم أجد للبنيان في مال الله حقا وروي عنه أنه قال لا حاجة للمسلمين فيما أضر بيت مالهم‏.‏

واعلم أن من العلماء من جعل تصرف الغاصب ونحوه في مال غيره موقفا على إجازة مالكه فإن أجاز تصرفه فيه جاز وقد حكى بعض أصحابنا رواية عن أحمد أنه من أخرج زكاته من مال مغصوب ثم أجازه المالك جاز وسقطت عنه الزكاة، وكذلك خرج ابن أبي الدنيا رواية عن أحمد أنه إذا أعتق عبد غيره عن نفسه ملتزما ضمانه في ماله ثم أجازه المالك جاز ونفذ عتقه وهو خلاف نص أحمد وحكى عن الحنفية أنه لو غصب شاة فذبحها لمتعته وقرانه ثم أجازه المالك أجزأت عنه الوجه الثاني من تصرفات الغاصب في المال المغصوب أن يتصدق به عن صاحبه إذا عجز عن رده إليه وإلى ورثته فهذا جائز عند أكثر العلماء منهم مالك وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم قال ابن عبدالبر ذهب الزهري ومالك والثوري والأوزاعي والليث إلى أن الغال إذا تفرق أهل العسكر ولم يصل إليهم أنه يدفع إلى الإمام خمسة ويتصدق بالباقي روي ذلك عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما أنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه وقال قد أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف وانقطاع صاحبها وجعلوه إذا جاء مخيرًا بين الأجر والضمان، وكذلك المغصوب انتهي وروي عن مالك بن دينار قال سألت عطاء بن أبي رباح عمن عنده مال حرام ولا يعرف أربابه ويريد الخروج منه قال يتصدق به ولا أقول إن ذلك يجزي عنه قال مالك كان هذا القول من عطاء أحب إلى من وزنة ذهب وقال سفيان فيمن اشترى من قوم شيئًا مغصوبا يرده إليهم فإن لم يقدر عليهم يتصدق به كله ولا يأخذ رأس ماله وكذا قال فيمن باع شيئًا ممن تكره معاملته لشبهة ماله قال يتصدق بالثمن وخالفه ابن المبارك وقال يتصدق بالربح خاصة وقال أحمد يتصدق بالربح وكذا قال فيمن ورث مالًا من أبيه، وكان أبوه يبيع ممن يكره معاملته أنه يتصدق منه بمقدار الربح ويأخذ الباقي وقد روي عن طائفة من الصحابة نحو ذلك منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه والمشهور عن الشافعي رحمه الله في الأموال الحرام أنها تحفظ ولا يتصدق بها حتى يظهر مستحقها، وكان الفضيل بن عياص يرى أن من عنده مال حرام لا يعرف أربابه أنه يتلفه ويلقيه في البحر ولا يتصدق به وقال لا يتقرب إلى الله إلا بالطيب والصحيح الصدقة به لأن إتلاف المال وإضاعته منهي عنه وإرصاده أبدًا تعريض له للإتلاف واستيلاء الظلمة عليه والصدقة به ليست عند مكتسبه حتى يكون تقربا منه بالخبيث وإنما هي صدقة عن مالكه ليكون نفعه له في الآخرة حيث يتعذر عليه الانتفاع به في الدنيا، وقوله ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك هذا الكلام أشار فيه صلى الله عليه وسلم إلى آداب الدعاء وإلى الأسباب التي تقتضي إجابته وإلى ما يمنع من إجابته فذكر من الأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء أربعة أحدهما إطالة السفر والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده خرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي وعنده دعوة الوالد على ولده وروي مثله عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله ومتى طال السفر كان أقرب إلى إجابة الدعاء لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء والثاني حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث والإغبار وهو أيضًا من المقتضيات لإجابة الدعاء كما في الحديث المشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ولما خرج النبي صلى الله عليه وسلم للاستسقاء خرج متبذلا متواضعا متضرعا، وكان مطرف بن عبدالله قد حبس له ابن أخ فلبس خلقان ثيابه وأخذ عكازا بيده فقيل له ما هذا قال أستكين لربي لعله أن يشفعني في ابن أخي الثالث مد يديه إلى السماء وهو من آداب الدعاء التي يرجى بسببها إجابته وفي حديث سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى حي كريم يستحيى إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وروي نحوه من حديث أنس وجابر وغيرهما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه ورفع يديه يوم بدر يستنصر الله على المشركين حتى سقط رداؤه عن منكبيه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة رفع يديه في الدعاء أنواع متعددة فمنها أنه كان يشير بأصبعه السبابة فقط وروي عنه أنه كان يفعل ذلك على المنبر وفعله لما ركب راحلته وذهب جماعة من العلماء إلى أن دعاء القنوت في الصلاة يشير فيه بأصبعه منهم الأوزاعي وسعيد بن عبدالعزيز وإسحاق بن راهويه وقال ابن عباس وغيره هذا هو الإخلاص في الدعاء وقال ابن سيرين إذا أثنيت على الله فأشر بأصبع واحد ومنها أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه وجعل ظهورهما إلى جهة القبلة وهو مستقبلها وجعل بطونهما مما يلي وجهه وقد رويت هذه الصفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاء واستحب بعضهم الرفع في الاستسقاء على هذه الصفة منهم الجوزجاني وقال بعض السلف الرفع على هذا الوجه تضرع ومنها عكس ذلك وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء أيضًا وروي عن جماعة من السلف أنهم كانوا يدعون كذلك وقال بعضهم الرفع على هذا الوجه استجارة بالله واستعاذة به منهم ابن عمر وابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا استعاذ رفع يديه على هذا الوجه وجعل كفيه إلى السماء وظهورهما إلى الأرض وقد ورد الأمر بذلك في سؤال الله عز وجل في غير حديث وعن ابن عمر وأبي هريرة وابن سيرين أن هذا هو الدعاء والسؤال لله عز وجل‏.‏

ومنها عكس ذلك وهو قلب كفيه وجعل ظهورهما إلى السماء وبطنهما إلى ما يلي الأرض وفي صحيح مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء وخرجه الإمام أحمد رحمه الله ولفظه فبسط يديه وجعل ظاهرهما مما يلي السماء‏.‏

خرجه أبو داود ولفظه استسقي هكذا يعني النبي صلى الله عليه وسلم مد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض‏.‏

وخرج الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفة يدعو هكذا ورفع يديه حيال ثندويه وجعل بطون كفيه مما يلي الأرض وهكذا وصف حماد بن سلمة رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه بعرفة وروي عن ابن سيرين أن هذا هو الاستجارة وقال الحميدي هذا هو الابتهال والرابع الإلحاح على الله عز وجل بتكرير ذكر ربوبيته وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء‏.‏

وخرج البزار من حديث عائشة أم المؤمنين مرفوعًا إذا قال العبد يا رب أربعا قال الله لبيك عبدي سل تعطه‏.‏

وخرج الطبراني وغيره من حديث سعد بن خارجة أن قومًا شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فقال اجثوا على الركب وقولوا يا رب يا رب وارفعوا السبابة إلى السماء فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم‏.‏

وفي المسند وغيره عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة مثنى مثنى وتشهد في كل ركعتين وتضرع وتخشع وتمسكن وتقنع يديك يقول ترفعهما إلى ربك مستقبلا بهما وجهك وتقول يا رب يا رب فمن لم يفعل ذلك فهي خداج وقال يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعًا ما من عبد يقول يا رب يا رب يا رب إلا قال له ربه لبيك لبيك ثم روي عن أبي الدرداء وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقولان اسم الله الأكبر رب رب وعن عطاء قال ما قال عبد يا رب يا رب ثلاث مرات إلا نظر الله إليه فذكر ذلك للحسن فقال أما تقرءون القرآن ثم تلا قوله تعالى ‏{‏الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ‏.‏ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ‏.‏ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ‏.‏ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ‏}‏ ومن تأمل الأدعية المذكورة في القرآن وجدها غالبًا تفتتح باسم الرب كقوله تعالى ‏{‏رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ‏}‏ البقرة ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ‏}‏ البقرة، وقوله ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا‏}‏ آل عمران، ومثل هذا في القرآن كثير‏.‏

وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء يا سيدي فقال ألا يقول يا رب زاد مالك كما قالت الأنبياء في دعائهم وأما ما يمنع إجابة الدعاء فقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه التوسع في الحرام أكلا وشربا ولبسا وتغذية وقد سبق حديث ابن عباس في هذا المعنى أيضًا وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة فأكل الحرام وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجب لعدم إجابة الدعاء وروى عكرمة بن عمار حدثنا الأصفر قال قيل لسعد بن أبي وقاص تستجاب دعوتك من بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما رفعت إلى فمي لقمة إلا وأنا عالم من أين مجيئها ومن أين خرجت وعن وهب بن منبه قال من سره أن يستجيب الله دعوته فليطيب طعمته وعن سهل بن عبدالله قال من أكل الحلال أربعين صباحا أجيبت دعوته وعن يوسف بن أسباط قال بلغنا أن دعاء العبد يحبس عن السموات بسوء المطعم، وقوله صلى الله عليه وسلم فأنى يستجاب لذلك معناه كيف يستجاب له فهو استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد وليس صريحا في استحالة الاستجابة ومنعها بالكلية فيؤخذ من هذا أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة وقد يوجد ما يمنع هذا المانع من منعه وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعلية مانعا من الإجابة أيضًا، وكذلك ترك الواجبات كما في الحديث أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يمنع استجابة دعاء الأخيار وفعل الطاعات يكون موجبا لاستجابة الدعاء ولهذا لما توسل الذين دخلوا الغار وانطبقت الصخرة عليهم بأعمالهم الصالحة التي أخلصوا فيها لله تعالى ودعوا الله بها أجيبت دعوتهم وقال وهب ابن منبه مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر، وعنه قال العمل الصالح يبلغ الدعاء ثم تلا قوله تعالى ‏{‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏}‏ فاطر وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح وعن أبي ذر رضي الله عنه قال يكفي مع البر من الدعاء مثل ما يكفي الطعام من الملح وقال محمد بن واسع يكفي من الدعاء مع الورع اليسير وقيل لسفيان لو دعوت الله قال إن ترك الذنوب هو الدعاء وقال الليث رأى موسى عليه الصلاة والسلام رجلًا رافعا يديه وهو يسأل الله مجتهدا فقال موسى عليه السلام أي رب عبدك دعاك حتى رحمته وأنت أرحم الراحمين فما صنعت في حاجته فقال يا موسى لو رفع يديه حتى ينقطع ما نظرت في حاجته حتى ينظر في حقي‏.‏

وخرج الطبراني بإسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعًا معناه‏.‏

وقال مالك بن دينار أصاب بني إسرائيل بلاء فخرجوا مخرجا فأوحى الله تعالى إلى نبيه أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة وترفعون إلى أكفا قد سفكتم بها الدماء وملأتم بها بيوتكم من الحرام الآن اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعدا وقال بعض السلف لا تستبطيء الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي وأخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال‏:‏

نحن ندعو الإله في كل كرب ثم ننساه عند كشف الكروب

كيف نرجو إجابة لدعاء *** قد سددنا طريقها بالذنوب


توّآقه 06-12-2012 09:01 AM

الحديث الحادي عشر: اترك ما شككت فيه












عن أبي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، سِبْطِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورَيْحانَتِهِ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:( حَفِظْتُ مِنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ}). رواهُ التِّرمذيُّ والنَّسائِيُّ، وقالَ التِّرمذيُّ: حديثٌ حسَنٌ صحيحٌ







الشرح



شرح الحديث الحادي عشر من أحاديث الأربعين النووية


للشيخ محمد صالح العثيمين غفر الله له




الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما سبط النبي صلى الله عليه وسلم ، والسبط: هوابن البنت، وابن الابن يسمى: حفيداً، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد فقال: (إِنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ)[100] وكان الأمر كذلك، فإنه بعد أن استشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبويع بالخلافة للحسن تنازل عنها لمعاوية رضي الله عنه، فأصلح الله بهذا التنازل بين أصحاب معاوية وأصحاب علي رضي الله عنهما، وحصل بذلك خير كثير.

وهو أفضل من أخيه الحسين رضي الله عنهما،لكن تعلقت الرافضة بالحسين لأن قصة قتله رضي الله عنه تثير الأحزان، فجعلوا ذلك وسيلة، ولو كانوا صادقين في احترام آل البيت لكانوا يتعلقون بالحسن أكثر من الحسين،لأنه أفضل منه.

وأما قوله: وَرَيحَانَتهُ الريحانة هي تلك الزهرة الطيبة الرائحة،وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين بأنهما ريحانتاه[101] .

وقوله: "دَعْ" أي اترك "مَا يرِيْبُكَ" أي ما يلحقك به ريب وشك وقلق إِلَى "مَا لاَ يَرِيْبُكَ" أي إلى شيءٍ لايلحقك به ريبٌ ولا قلق.

وهذا الحديث من جوامع الكلم وما أجوده وأنفعه للعبد إذا سار عليه، فالعبد يرد عليه شكوك في أشياء كثيرة،فنقول: دع الشك إلى ما لاشكّ فيه حتى تستريح وتسلم، فكل شيء يلحقك به شكّ وقلق وريب اتركه إلى أمر لا يلحقك به ريب، وهذا مالم يصل إلى حد الوسواس، فإن وصل إلى حد الوسواس فلا تلتفت له.

وهذا يكون في العبادات، ويكون في المعاملات، ويكون في النكاح، ويكون في كل أبواب العلم.

ومثال ذلك في العبادات: رجل انتقض وضوؤه، ثم صلى، وشكّ هل توضّأ بعد نقض الوضوء أم لم يتوضّأ ؟ فوقع في الشكّ ، فإن توضّأ فالصلاة صحيحة، وإن لم يتوضّأ فالصلاة باطلة، وبقي في قلق.

فنقول: دع ما يريبك إلى ما لايريبك، فالريب هنا صحة الصلاة، وعدم الريب أن تتوضّأ وتصلي.

وعكس المثال السابق : رجل توضّأ ثم صلى وشك هل انتقض وضوؤه أم لا؟

فنقول: دع ما يريبك إلى ما لايريبك، عندك شيء متيقّن وهو الوضوء، ثم شككت هل طرأ على هذا الوضوء حدث أم لا؟ فالذي يُترك هو الشك: هل حصل حدث أو لا؟ وأرح نفسك، واترك الشك.

كذلك أيضاً في النّكاح: كما لو شكّ الإنسان في شاهدي النكاح هل هما ذوا عدل أم لا؟ فنقول: إذا كان الأمر قد تم وانتهى فقد انتهى على الصحة ودع القلق لأن الأصل في العقود الصحة حتى يقوم دليل الفساد.

في الرّضاع: شَكُّ المرضعةِ هل أرضعت الطفل خمس مرات أو أربع مرات؟

نقول: الذي لاريب فيه الأربع، والخامسة فيها ريب، فنقول: دع الخامسةواقتصر على أربع ، وحينئذ لايثبت حكم الرضاع.

هذا الباب بابٌ واسعٌ لكنه في الحقيقة طريق مستقيم إذا مشى الإنسان عليه في حياته حصل على خير كثير: "دَعْ مَا يرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَيَرِيْبُكَ".

وقد تَقَدَّمَ أَنَّ هذا مقيّد بما إذا لم يكن وسواساً، فإن كان وسواساً فلا يلتفت إليه، وعدم الالتفات إلى الوسواس هو ترك لما يريبه إلى ما لايريبه، ولهذا قال العلماء - رحمهم الله - الشك إذا كثر فلا عبرة به، لأنه يكون وسواساً، وعلامة كثرته: أن الإنسان إذا توضّأ لا يكاد يتوضأ إلا شك، وإذا صلى لا يكاد يصلي إلا شك، فهذا وسواس فلا يلتفت إليه، وحينئذ يكو ن قد ترك ما يريبه إلى ما لايريبه.

مثال آخر: رجل أصاب ثوبه نجاسة وغسلها، وشكّ هل النجاسة زالت أم لم تزل؟ يغسلها ثانية، لأن زوالها الآن مشكوك فيه، وعدم زوالها هو الأصل، فنقول:دع هذا الشك وارجع إلى الأصل واغسلها حتى تتيقّن أو يغلب على ظنك أنها زالت.

يقول: "رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيّ، وقَالَ التِّرْمِذِيّ:حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيْحٌ" والحديث كما قال الترمذي صحيح، لكنْ في الجمع بين كونه حسناً وكونه صحيحاً إشكال، لأن المعروف أن الصحيح من الحديث غير الحسن، لأن العلماء قسموا الحديث إلى: صحيح لذاته، وصحيح لغيره، وحسن لذاته، وحسن لغيره، وضعيف.

فكيف يُجمع بين وصفين متناقضين لموصوف واحد: حسن صحيح؟ ؟

أجاب العلماء عن ذلك بأنه: إن كان هذا الحديث جاء من طريق واحد فمعناه أن الحافظ شكّ هل بلغ هذا الطريق درجة الصّحيح أو لازال في درجة الحسن.

وإذا كان من طريقين فمعنى ذلك: أن أحد الطريقين صحيح والآخر حسن.

وهنا فائدة في: أيّهما أقوى أن يوصف الحديث بالصحة، أو بكونه صحيحاً حسناً؟

الجواب: نقول: إذا كان من طريقين فحسن صحيح أقوى من صحيح، وإن كان من طريق واحد فحسن صحيح أضعف من صحيح، لأن الحافظ الذي رواه تردد هل بلغ درجة الصحة أو لا زال في درجة الحسن.

من فوائد هذا الحديث:

.1أن الدين الإسلامي لا يريد من أبنائه أن يكونوا في شكّ ولا قلق، لقوله: دَعْ مَا يرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَيَرِيْبُكْ.

.2أنك إذا أردت الطمأنينة والاستراحة فاترك المشكوك فيه واطرحه جانباً،لاسيّما بعد الفراغ من العبادةحتى لايلحقك القلق، ومثاله: رجل طاف بالبيت وانتهى وذهب إلى مقام إبراهيم ليصلي، فشك هل طاف سبعاً أو ستًّا فماذا يصنع؟

الجواب: لايصنع شيئاً، لأن الشك طرأ بعد الفراغ من العبادة، إلا إذا تيقن أنه طاف ستًّا فيكمل إذا لم يطل الفصل.

- مثال آخر: رجل انتهى من الصلاة وسلم، ثم شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً، فماذا يصنع؟

الجواب: لايلتفت إلى هذا الشك، فالأصل صحة الصلاة مالم يتيقن أنه صلى ثلاثاً فيأتي بالرابعة إذا لم يطل الفصل ويسلم ويسجد للسهو ويسلم.

.3أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصاراً، لأن هاتين الجملتين: "دع مايريبك إلى مالايريبك" لو بنى عليهما الإنسان مجلداً ضخماً لم يستوعب ما يدلان عليه من المعاني، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


:user780_pic1964_125



[/TABLE1]

رحيل المشاعر 07-08-2012 05:47 AM

[TABLE1="width:85%;background-color:black;border:10px outset orange;"]



للشيخ محمد بن صالح بن العثيمين
الحديث الثاني عشر

عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ : (مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَيَعْنِيْهِ)
[102] حديثٌ حسنٌ، رواه الترمذي وغيره هكذا.

http://img22.dreamies.de/img/16/b/jsslsn8ixlx.gif
الشرح
"مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المَرْءِ" خبر مقدم و: "تَرْكُ" مبتدأ مؤخّر.



وقوله: "مَا لاَيَعْنِيْهِ" أي ما لاتتعلق به عنايته ويهتم به، وهذا مثل قوله : "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرَاً أَولِيَصْمُتْ"
[103] فإنه يشابهه من بعض الوجوه.
من فوائد هذا الحديث:
.1أن الإسلام جمع المحاسن، وقد ألّف شيخنا عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - رسالة في هذا الموضوع: (محاسن الدين الإسلامي) وكذلك ألّف الشيخ عبد العزيز بن محمد بن سلمان - رحمه الله - رسالة في هذا الموضوع.
ومحاسن الإسلام كلّها تجتمع في كلمتين: قال الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ)(النحل: الآية90).

.2أن ترك الإنسان ما لايهتم به ولا تتعلق به أموره وحاجاته من حسن إسلامه.
.3أن من اشتغل بما لا يعنيه فإن إسلامه ليس بذاك الحسن، وهذا يقع كثيراً لبعض الناس فتجده يتكلم في أشياء لاتعنيه، أو يأتي لإنسان يسأله عن أشياء لاتعنيه ويتدخل فيما لايعنيه، وكل هذا يدل على ضعف الإسلام.
.4أنه ينبغي للإنسان أن يتطلب محاسن إسلامه فيترك ما لايعنيه ويستريح، لأنه إذا اشتغل بأمور لاتهمّه ولاتعنيه فقد أتعب نفسه.
وهنا قد يَرِدُ إشكالٌ: وهو هل ترك العبد ما لايعنيه هو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
والجواب: لا، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يعني الإنسان، كما قال الله عزّ وجل: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(آل عمران: الآية104) فلو رأيت إنساناً علىمنكر وقلت له: يا أخي هذا منكر لايجوز. فليس له الحق أن يقول: هذا لايعنيك، ولو قاله لم يقبل منه، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني الأمة الإسلامية كلها.
ومن ذلك أيضاً: ما يتعلق بالأهل والأبناء والبنات فإنه يعني راعي البيت أن يدلّهم على الخير ويأمرهم به ويحذرهم من الشر وينهاهم عنه. قال الله عزّ وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(التحريم: الآية6) والله الموفق.
[102] - أخرجه الترمذي – كتاب: الزهد، باب: ما جاء فيمن تكلم فيما لا يعينه2318). وابن ماجه – كتاب: الفتن، باب: كف اللسان في الفتنة، (3976). والإمام أحمد- مسند آل أبي طالب عن الحسين بن علي بلفظ "إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعينه"، (1732)
[103] - أخرجه البخاري – كتاب: الرقائق، باب: حفظ اللسان، (6475)، ومسلم- كتاب الإيمان، باب: الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير وكون ذلك كله من الإيمان، (47)، (74).


عازفة القيثار 03-11-2015 08:35 PM

جزاك الله خير الْجزاء
وشكرا لَطـــرحك الْهادف وإختيارِك الْقَيِم
رِزقك الْمولَى الْجِنـــــــــــــة ونعيمها
وجعل ما كتب في موازِين حســــنَاك
لك أرق التحيـآآ


الساعة الآن 10:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية