![]() |
عمارة المساجد حسًّا ومعنًى
عمارة المساجد حسًّا ومعنًى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَإِنَّ تَقْوَاهُ أَفْضَلُ مُكْتَسَبٍ، وَطَاعَتُهُ أَعْلَى نَسَبٍ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]. عِبَادَ اللَّهِ: خُطْبَةُ الْيَوْمِ عَنْ بِلَادٍ حَبِيبَةٍ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتُنَا عَنْ مَهْدِ الْإِسْلَامِ، وَمَوْئِلِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ الْكِرَامِ، حَدِيثُنَا عَنْ أَمَاكِنَ طَاهِرَةٍ بَكَى بَيْنَ جَنَبَاتِهَا الْبَاكُونَ، وَاشْتَاقَ إِلَيْهَا الْمُشْتَاقُونَ؛ إِنَّهَا أَحَبُّ الْبِقَاعِ وَأَطْهَرُ الْأَصْقَاعِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ سَيِّدُ الْبَشَرِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: « أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا ». أَيُّهَا النَّاسُ: الْمَسَاجِدُ أَمَاكِنُ رَفَعَهَا اللَّهُ وَعَظَّمَ قَدْرَهَا، وَأَعْلَى شَأْنَهَا ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ *....﴾ [النُّورِ: 36-38]. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: " ﴿ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ﴾ أَيْ: تُعَظَّمَ"، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: أَيْ: أَمَرَ اللَّهُ بِتَعَاهُدِهَا وَتَطْهِيرِهَا مِنَ الدَّنَسِ وَاللَّغْوِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تَلِيقُ فِيهَا". وَمِنْ تَكْرِيمِ الْمَسَاجِدِ وَعُلُوِّ شَأْنِهَا أَنْ نَسَبَهَا اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الْجِنِّ: 18]. أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: وَمَا دَامَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدْ رَفَعَ الْمَسَاجِدَ وَأَعْلَى ذِكْرَهَا فَلَا بُدَّ لَنَا -مِنْ مُنْطَلَقِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ- أَنْ نَهْتَمَّ بِالْمَسَاجِدِ وَنَسْعَى فِي صِيَانَتِهَا وَتَنْزِيهِهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَلْنَعْلَمْ -يَا رَعَاكُمُ اللَّهُ- أَنَّ عِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ نَوْعَانِ: أَمَّا النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فَهِيَ الْعِمَارَةُ الْحِسِّيَّةُ وَذَلِكَ بِبِنَائِهَا وَتَشْيِيدِهَا، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ » وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: « مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ». فَيَا بُشْرَى مَنْ بَنَى لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مَسْجِدًا أَوْ سَاهَمَ فِيهِ، أَوْ سَعَى فِي صِيَانَتِهِ، وَلَيْسَ هَذَا فَحَسْبُ، بَلْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا..». فَاللَّهُ أَكْبَرُ مَا صَلَّى مُصَلٍّ فِي هَذَا الْجَامِعِ، وَمَا دَعَا دَاعٍ، وَلَا تَلَا حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا وَتِلْكَ الْأُجُورُ الْعَظِيمَةُ فِي مِيزَانِ مَنْ بَنَى هَذَا الْجَامِعَ وَأَقَامَهُ، وَهَيَّأَ لَهُمْ مَكَانَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْمُصَلِّينَ شَيْئًا، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْفَوْزِ مِنْ فَوْزٍ؟! هَذَا وَرَبِّي هُوَ الْفَوْزُ الْحَقِيقِيُّ وَهَذِهِ هِيَ التِّجَارَةُ الرَّابِحَةُ الَّتِي لَا خَسَارَةَ فِيهَا. أَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ: فَهِيَ الْعِمَارَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ، وَذَلِكَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، عِبَادَ اللَّهِ: يَحْسُنُ التَّنْبِيهُ لِبَعْضِ الْآدَابِ وَالْأَحْكَامِ لِمُرْتَادِي بُيُوتِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَمِنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: يُسْتَحَبُّ لِقَاصِدِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَتَجَمَّلَ لِصَلَاتِهِ بِمَا يَسْتَطِيعُ مِنْ ثِيَابِهِ وَطِيبِهِ وَسِوَاكِهِ، قَالَ جَلَّ فِي عُلَاهُ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾[الْأَعْرَافِ: 31]. ثَانِيًا: عَلَى الْمُصَلِّي اجْتِنَابُ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ فِي مَلْبَسِهِ وَمَأْكَلِهِ، وَذَلِكَ حَتَّى لَا يُؤْذِيَ الْمُصَلِّينَ وَلَا يُؤْذِيَ الْمَلَائِكَةَ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاتَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ». أَسْأَلُ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ رُوَّادِ الْمَسَاجِدِ الْمُحَافِظِينَ، وَأَنْ يَجْعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذَّاكِرِينَ الشَّاكِرِينَ، وَأَنْ يُلْحِقَنَا بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ. وَأَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. الخطبة الثانية: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَقَّ حَمْدِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. عِبَادَ اللَّهِ: اعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الْإِيذَاءِ لِلْمَسَاجِدِ وَالْمُصَلِّينَ مَا نَسْمَعُهُ مِنْ نَغَمَاتٍ مُوسِيقِيَّةٍ فِي بَعْضِ الْجَوَّالَاتِ، وَالَّتِي آذَتِ الْمُسْلِمِينَ أَيَّمَا إِيذَاءٍ، فَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَخْشَى رَبَّهُ وَيَخَافُ عُقُوبَتَهُ أَلَّا يُدَنِّسَ بُيُوتَ اللَّهِ بِهَذِهِ النَّغَمَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُسَارِعَ فِي مَحْوِهَا وَالتَّخَلُّصِ مِنْ شَرِّهَا وَإِثْمِهَا. وَلْنُحَافِظْ جَمِيعًا عَلَى مَسَاجِدِنَا وَنَسْعَى أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ يُعَمِّرُهَا حِسًّا وَمَعْنًى. اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِخِدْمَةِ بُيُوتِكَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الْمُسَاهِمِينَ فِيهَا بِكُلِّ خَيْرٍ، اللَّهُمَّ اجْزِ مَنْ بَنَى هَذَا الْجَامِعَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، وَأَجْزِلْ لَهُ الْمَثُوبَةَ وَالْعَطَاءَ، وَاغْفِرْ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَابْنِ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.. هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، فَقَالَ -عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَلِيمٍ-: ﴿ إِنَّ ٱلَلَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَىَ ٱلَنَّبِىِّ يُٰأَيُّهَا ٱلَّذِيَنَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾. |
جزاك الله خير
|
يسلمو على المرور
|
جزاك الله خيـــر وزادك رفعه ورزقك الجنان |
http://4.bp.blogspot.com/-JmhZ1FhlMZ...aranybarna.png بااارك الله فيك وفي جلبك وطرحك الطيب وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة عرضهاا السموات والارض اشكرك وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي وكوني بخير http://4.bp.blogspot.com/-JmhZ1FhlMZ...aranybarna.png |
جزاك الله خير ونفع بك
|
ملكه
يسلمو على المرور |
المهره
يسلمو على المرور |
مياسه
يسلمو على المرور |
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
:
أطّروَحُة غّآمُرةَ سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ |
جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد وعلى طيب ماقدمت اسعد الله قلبك بالأيمان وسدد خطاك لكل خير وصلاح وفي ميزان حسناتك ان شاء الله دمت بطاعة الرحمن |
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد |
قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء لروحك الجوري |
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ وُدِيِّ https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif |
قيمه جيده لمحتها من خلال هذا
الجلب المميز في محتواه ونال الاستحسان والاعجاب التام والرضى وكل هذا دليل ذائقه راقيه جدا أدت لظهور هذا الطرح بهذا الشكل اتمنى تقديم المزيد والاستمرار عل نفس المنوال ولك كل احترامي وتقديري واسعدك المولى محمد الحريري |
يسلمو على المرور
|
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك |
يسلمو على المرور
|
الساعة الآن 12:56 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية