منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=12)
-   -   عندما نستلذ الألم للكاتبة حمام الحجاز (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=53438)

جنــــون 05-16-2012 12:23 PM


وصلت لسريرها بأمان ،
و انتظرت إلى أن صلت الفجر ثم استلقت على سريرها
براحة غُمس فيها قلبها
تركت للـنوم مهمة التحليق بها أينما أراد
ثم استيقظت لتمارس صباحها المعتاد في أرجاء الغرفة الصغيرة
أو ذهاباً و إيابا للمطبخ ..
لا تدري كم من الوقت مر دون أن ترى جدتها
لكَن من الخطر عليها أن تمكث هُناك طويلاً
فأعمامها دائماً بالقرب ،
تركت الساعات تمضي بطيئة بين يديها حتى
دلفت إليها عمتها كعادتها اليومية و جلست لتحكي لها
عن عملها و تثرثر .. بما لا ينتهي !
نظرت لها بعين الامتنان ،
فمؤخراً بدت و كأنها وضعت على عاتقها مهمة تسليتها بتلك الحكايا ..،
التي لا تكف عن ذكرها أمامها
جاءها صوت العمة مختلف النبرة فانتبهت من سرحانها
../ وش فيـك..؟
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تتكئ على السرير خلفها
../ إيه .. !
ثم عقدت حاجبيها حين تذكرت شيئاً رأته
../ صح ريم ... بقولك شيء
لم يخفى عنها ذلك الاهتمام الذي رُسم على وجهها
../ ها .. وش صاير ؟
ضيقت عينيها وهي تقول بجدية :
../ أمس باليل حول الساعة 4 إلا ، شفت تركي راجع وَ ...
فقاطعتها وهي ترفع يدها أمام وجهها ،
../ بس بس .. عرفت الباقي !
عقدت حاجبيها وهي تهمس بحذر :
../ يعني دارين عنه
حّركت رأسها بالإيجاب و بأسف قالت :
../ إيه عارفين سواد وجهه .. بس ما بيدنا شيء !
بغيظ قالت :
../ وش اللي " ما بيدكم شَي" .. انتم الأساس .. أنصحوه ،
ابتسمت بسخرية :
../ وش نقوله .. ما تركنا شيء ما قلنا له .. رجال خاط شنبه بوجهه وعمره بالثلاثين .. و يسوي سواته .. صعب تعدلين مخه ،
زفرت بهدوء وعقلها يطلق للبعيد وهي تقول :
../ ما كان كذا ..
لم تعلق الأخرى وإنما تركتها تفكَر .. بل تتذكر بهدوء
إنسل عقلها لتلك الأيام تمردها
حيث كان بالنسبَة لها .. الأكثر تخلفاً من بين أقاربها
قالت من بين زخم ذكرياتها
.. /أذكره كان عصبي .. وشديد في كثير من الأمور .. وش إللي غيره ؟
حّركت الأخرى رأسها بهدوء و بدت مُستمتعة بهذا التجاوب
../ إيه .. و مازال بس أخف من قبل بكثير .. وترا أصدقاء السوء ما يقصرون .. و لو إني أشك
../ في وشو ؟
عقدت حاجبيها وهي تحرك رأسها
../ تركي كبير مهوب بزر يلعبون عليه أصحابه
مالت بشفتيها للأسفل وهي تقول
../ مدري .. !
عادت بنظرها لحجرها وهي تعود لذكرياتها من جديد
فنهضَت ريم وقالت لها محذرة
../ و إنتي انتبهي .. لا عاد تخرجين برآ في وقت متأخر
نظَرت إليها لدقائق و كأنها لم تفهمها
ثم حّركت رأسها وهي تعود بعينيها لحجرها من جديد
../ أبشري
ابتسمت الأخرى وهي تضيف بصوت حنون
../ و فيه شيء بعد .. أمي تقول غصب بتخرجين برآ مع بنات أعمامك .. بكره !
رفعت إحدى حاجبيها بدون أن ترفع عينيها لها
فأضافت الأخرى سريعاً
../ مو شرط تكلميهم أقعدي مع أمي أو مع مثلاً ..
تحركت نحو الباب و قد تركتها وقد عادت ملامحها طبيعية ساكنة ، ،
لكنها تذكرت شيء أهم مما ذكرته قبلاً
ثم تنهدت وهي تريح يديها على مقبض الباب
هل تخبرها الآن أم تكتفي
لكَنها ألتفتت لها وهي تقول
../ إيه .. وفي شيء بعد
رفعت نظرها لها و على ثغرها طيف ابتسامة
../ يا كثر أشيائك اليوم ..!
ابتسمت بهدوء رغم الجدية في صوتها وهي تقول
.. / أمي تبيك .. بعد ما يروحون البنات بغرفتها لأن أخواني بيكلمونك .. بس لاتخافي موضوع بسيط ..
ثم أكملت بهمس بعد أن لاحظت ملامحها
../ تذكري إني بجنبك .. زين ؟
حّركت رأسها وشيء من القلق تخفيه خلف قناع الهدوء
../ إيه زيـن ..
ثم خرجت و تركتها ..
تنتظر الغد .. والذي كما يبدو لها
مليئ بالمشاريع الكافيّة لإستنزافها
حتى آخر قطرة
كُلٌّ منَّا حائطٌ
وظِلٌّ
ولوحةٌ خاصَّةٌ بحالتِهِ
يشردُ بينَ زواياها طويلاً
كأنَّ المَرْسَمَ الكامنَ في مدينةٍ لم يمر بها قطارُنا
كانَ يطلُّ علينا
.تحتَ شجرةٍ لوَّثْنا رئتيها بالسواد *
*سوزان ( بتصرف )

*

نزلت السلالم بهدوء عكس مشاعرها المُتأججة داخلها
تزفر وهي تحاول أن تكبت كُل ذلك القهر
الذي امتلئت بها نفًسها
مرّت من أمام المجلس حيث كانت أحاديثهم خافتة
شعرت بيد تطوق معصمها لتوقفها فاستدارت نحوها
../ وعد .. لو سمحتي .. تـ .....
قاطعتها وهي تقول :
../ طيب .. إنتي و زوجك تتفاهمون .. بس تذكري عيالك يحتاجون أبوهم ..
ثم تركتها و دخلت المجلس بصمت
تحركت نحو الخارج و غصّة كبيرة تقف في منتصف
حلقها ..
ليس هُم فقط من يحتاجه .. تحتاجه هي أيضاً
ولكَنه دائماً ما يبدو بشكَل فظ لا تريده أبداً
تجاوزت الحديقة الصغيرة
حيث الممر المُفضي إلى المجلس
دلفت إليه ثم وقفت لدى الباب
وهي تراه قد عقد يديه
أمام صدَره وهو يحادث أحدهم على الهاتف
وحين رآها قال
../ زيـن ، خلاص أكلمَكْ بعدين .. مع السَلامة
عضّت شفتيها حين رأته يقترب منها ببطء
فأسرعت بقولها :
../و النهاية معك أنت .. ممكن أدري وش إلي موقفك برآ .. ؟!
أدخل هاتفه داخل جيبه وهو يقف بالقرب منها ويقول
../ وشو ما سمعت .. أذوني تعورني !
ضغطت على أسنانها بقوة وهي تكور قبضَتها
../ وافي لو سمحت .. أنا واصلة معاي لـ هنآ !
وأشارت إلي أنفها وهي تتابع
../ منك ومن إللي جاني منّك .. يا خي مو تزوجت البزر إللي كُنت تهددني فيها .. روح وأنبسط معها .. وأنساني أنا وعيالي ..
شعرت بأن وقوفها أمامه هكذا
سيضَعفها .. و ستنهار باكية تحت قدميه
تحركت مُبتعدة حين أمسك بمعصمها وهو يعيدها نحوه
../ وين .. وين ما بعد تكلمت ؟ .. بس هذا اللي عندِك !
نظرت له من تلك المسافة وهي تهمس بألم :
../ وافي .. وصلت فيك الحقارة ترضـى بوحدة تعض بطن ولدك .. و يا ليتها عاديّة .. معّلمة في الولد
عقد حاجبيه بشَدة وهو يجيبها بفحيح
../ لكّنها نالت جزاها
ازدردت ريقها بصعوبَة وهي تقول :
../ جزآها .. وش هو جزآها؟ .. خاصمتها .. ضربتها ..
و شو بيكون شعورك إذا سمعت معاذ يوصف لنا ملابسها .. كذا ببساطَة !
لاحظت انكماش ملامحه ولم يخف ذهوله إطلاقاً
../ تدري وش إلي خلاه يتكلم .. فطرته السليمَة .. يوم واحد .. يوم واحد بس سوت فيهم كذا .. لا وفرحان .. جاي تطلب منّي أسكن معها !
بقي متجمد في مكانه ويده تضغط على معصمها بقوة
وبجرأة غلفّها غضبَها
اقتربت منه كثيراً كثيراً حتى لفحتها أنفاسه الباردة
../ بس تدري أنا .. أنا الغلطانة جايّة أكلم مراهق كبير مثلك .. لأنك ما تحس إلا باللي تبيه
اتسعت عيناه بصَدمَة ، و كانت له ردة فعِل
صفعها بقوة وبشكَل غير متوقع
جعلتها قوتها تتراجع إلى الوراء قليلاً
وهي في حالة ذهول
نطق بغضب متفاقم
../ أنا المراهق يا المدمنَة .. تذكري يا دعاء تذكري مين إللي بدأ بالغلط من البدايّة .. تذكري إنك بتبقين وصمة عار لعيالك أمهم خريجة سجون .. لا وبتهمة ترويج
مخدرات
بوقفتها المائلة ويدها المتكئَة على وجنتها
التي شعّت حرارة من لهيب تلك الصفعَة
لكَن شيء مالح بارد نزل عليها.. ليسكّن من ألمها
ثم تتابع تدفّق دموعها حتى رأها
فأبتسم ليغيظها وهو يردد
../ تبكين .. خذي راحتك .. أصلاً هذا الشيء الوحيد إلي أنتي فالحة فيه ..
رفعَت رأسها وهبطت يدها لتستقر بجوارها
نظرت إليه وهي تهمس
../ تظلمني .. تظلمني ياللي ما تخاف ربك .. دخلت السجن ظلم .. وطلعت براءة و أنت مازلت تتشمت فيني ..
أقترب منها وهي جامدة في مكانها بلا حراك
قبضَ على شعرها القصير الملتف خلفها وهو يحّركها بقوة
../ حتّى لو ظَلم .. حتّى لو بيقى فيك دناسَة سجن ..
قاطعته وهي تجيبه بهمس هادئ
متجاهلة كُل ذلك الألم الناتج من قبضَته
و المنغرس في روحها
../ خلاص .. روح لها .. سحر هي الأم الشريفة لعيالك .. روح لها .. وطلقني !
حّرك قبضَته بقوة هائلة جعلتها ترتطم في صدره
لترتد بين ذراعيّه .. ندّت منها صرخت ألم قصيرة
وهي تسمع صوته القريب من أذنها يقول
../ ما أقدر .. ما أقدر أخليك ..
بنبرة غريبَة .. قاسيّة أكمل
../ ما أقدر أشوفك تروحيـن لغيري .. إنت زوجتي أنا .. وأم لعيالي أنا وبس !
انهارت تبكي بهدوء .. فالموقف أكبر من تحملها
لا خيارات مُتاحة أمامها ..
إما أن تعيش معه بذّلة أبدّية أو أن تفعل ذات الأولى
صوت ضربات قلبه السريعة تصَلها بوضوح
وصوته يتحدث بما لا تعي
لا شيء يضّج في داخلها سوى نحيبها المُستمر
لكَن غريزة ما تحّركت في داخلها
وهي تشعر ببكاء حاد يخترق نياحها
و شخص ما يلتف ليحتضَن ساقها اليُمنى
شيء ما قفز في داخلها جعلها تدفعه عنها بقسوة
وهي تنحني لجسد ذلك الصغير الباكي
احتضنته و راحت تبكي نفسها وتبكيه
دقائق أو ربما ثواني شعرت بالآخر
يحتضَنها من خلفها ..
وبيد أكبر تحيطهم جميعاً ..
تحدثت من بين دموعها وشهقات صغيريها تُلهب
قلبها
../ خلاص يـآ ماما .. خلاآص
رفع الصغير رأسه من حضنها وهو يسألها بألم
../ م مـآمـآ .. إنـ ت .. تُحـبيـ ني ؟
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تحضَنه بذراعها الخالية
../ أحبـــك .. وأموت فيك بعد
هدّت من نفسها .. وهي تلتفت للأخر وتبتسم له في حُب
لكّنها شعرت بثقل ما على ظهرها
التفتت له وهي تقول
../ فكّني .. انخنقت
لاحظت حَركًة لدى الباب .. فحانت منها
إلتفاته .. لتصْدم مما رأته

جنــــون 05-16-2012 12:23 PM


وقفت والدتها .. و خالتها و وعد
و كُل منهن تبكي بصَمت .. فوالدتها راحت تمسح دموعها عن وجنتيها لتتماسك
و خالتها تبكي بصمت و قد غطّت وجهها
بينما أحمّر وجه وعد و اختفت بمجرد أن رأتها
أشتعَل وجهها بحمَرة خجَل لا تدري لم
وهي تلتفت لتبعد وافي بغيظ ودون أن تنظر إلى ملامحه وهي تنهضَ و تسحب طفليها معها
اقتربت من والدتها انحنت و قبّلت رأسها لتقول الأولى بصوت متحشرج دامع
../ الله يصَلحكم يا بنتي .. الله يصَلحكم .. قّوميني بروح لحجرتي .. الله يهديكم ..
ساعدتها على النهوض , وهي تلملم بقّوة شتاتها
الذي تبعثَر و على مرأى من الجميع
خرجت و أذنيها تلتقط صوت خالتها الذي يصرخ بغضب
../ فشّلتنا .. الله يقلعك .. الله يفضَحك يالثور
اقتربن من باب المنزل الجانبي يسبقهن معاذ
و صوت خالتها يصَرخ
../ وعـــد .. و عـــد .. جيبي عبايتي
دخَلت منه إلي البهو مُباشرة حيث قابلت وعد
التي وقفت أمامها تتأمل ملامحها وهمّت بقول
شيء ما من بين شهقاتها المكتومَة
لتقتل دعاء همتها وتقول بصوت متحشرج وهي تُسند والدتها
../ وعد روحي لخالتي .. تنادي عليك
تجاهلت تلك الغصَة التي استعرت في بلعومها
وهي تلمحها تركض نحو والدتها و هي تغّطي وجهها الممتلئ بالدموع
وفي قلبها راحت تقول
../ حسبيّ الله عليك يا وافي

.

.

*

فَتح عينيه ببطء شديد ؛ ليصَدمه ضوء مُبهر أمامها
أغمضَها مجدداً ليفتحها رويداً رويداً
ألم شديد يتحّرك على امتداد ظهره و بطنَه
يديه ترقدان خلفه في وضعية غير مُريحة أبداً
عاد إليه وعيه كاملاً وهو ينظَر للمكان حوله
جيداً ..

كّور قبضَته بقهر وهو يرى قيدَه الحديدي
قد أحاطها بقوة و مهارة .. يحفظ تفاصيل المكان
عن ظهر قلب .. إنه في الغرفة الحجز في الوكر بالقريّة
نظَر للنافذة حيث بدآ أن الشمس توسطّت السماء
وفي نفسَه سأل / كم من الوقت قضاه نائماً ؟
لكَن أسئلَته لم تتراكم في عقَله
لأن شخص ما حّرك الباب المعدني للغرفة
ودخَل .. رأى نصفه فقط
لأن ذلك الشخص بمجرد أن رآه خرج فوراً
لم يتبين ملامحه فالشمس ساطعَة من خلفه
حّرك يديه بقّوة محاولاً أن يكسّر قيوده
لكَن محاولاته كُلها باءت بالفشل
وأزداد غيظه حينما ارتفعت قهقهات ساخرة
من ثَم فُتح الباب كُلياً لتسطَع أشعَة الشمس بقوة ومباشرة
على وجهه فأجفَلت عينيه
وهو يحاول أن يتعرف على هؤلاء الأشخاص
و بمجرد أن وصَله له صوت أحدهم وهو يتحدثه
أرتفع مُعدل غضَبه للأعلى

والأول يقول :
../ هههههه .. طحَت ومحد سمّى عليك يا الذيب
اقترب منه هّو وأجساد الثلاثة تلتف حوله
أنحنى بجانبه وهو يقول بـ بإبتسامة
كشفت عن أسنانه الصفراء للغاية ،
../ ولا .. ما يصَلح نقول ذيب .. إنت تخليت عنّآ
وبصوت ناعم وهو يتابع بخبث
../ و صرت ما تحبنّـآ .. و ما تبينا .. خلاص نسيت أصدقاء أمس مو يا .... صقر ؟
نظَر له بقوة وحدّة .. نظَرة لو كان صقر محرراً
ليرتجف الأخر أمامه بإفراط .. لكَن الأخر إبتسم
حين قال الأول بغضب
../ وش تبي ... ؟

حّرك الأخر رأسه وهو يقول بهدوء
../ ولا شيء .. وش يبي واحد مثلي من خاين .. كُنت ناوي تبلغ علينا لو ما لحقنا ومسكناك ..
ثم أقترب منه وهو يضّرب جبهته بأصابعه , بخفّة أكمّل
../ أرخي عيونك .. ما عاد لها لازم هالنظَرة .. ما عندك قّوة تقدر تواجهني فيها .. وإلي مثلك .. لازم يموت .. و نخفيك من الوجود ..
أجابه و أسنانه تصتك في بعضهم من شّدة غضبَه
../ تخسى وتهبى .. إنت إلي بتموت ..وتختفي .. تدري ليش .. لأنك حُثالة !
كوّر الأخر قبضَته وهو يلكَمه فى بطَنه
ليتأوه بألم من شدّتها والأخر يقول بقهر :
../ حتّى وإنت بموقف ضعَف .. تستقوي .. بس تدري بخليك لـبكرة بس .. عشان أتلذذ بشوفتِك كذا .. و قتها بحفر لك أنا قبرك !
و قف وهو يبتعد عنه ويقول لأحد الرجال من حوله
../ ماهر ..
../ سم ..
../ خلي عينك عليه .. وريني شطارتك فيه .. بس ها لا تقتله .. أبي لي فيه كم عظَمة سليمَة ..

ومباشرة أقترب ذالك الماهر منه وهو يركل صقر بقوة
جعَلت عينا الأخير تصرخان بألم في محجريها
ليبتسم الأخر و الأول يقول
../ أعجبك يـآ كينق ..
ربّت الأخر على كتفه
../ كفّو ..
ثم استدار ليلحق به الآخران
عض صقر شفتيه وهو يتابع رحيلهم بصمَت مُجبر
فالألم المُشتعل في خاصرته يكاد يقضي عليه
أمتعَض قلبه فجأة بألم حين تخيّل إنه من الممكن أن يلقى حتفه فعلاً في مكان قذر كهذا
طرأ له خيال صبـآ فجأة في صورتها القديَمـة
القديمَـة جداً بالنسبَة له .. ترتدي حجابها بإحتشام
و تتحدث مع ندى حول أمر ما .. بثقَة و رزانَـة
معروفَـة لدى الجميع بذكائها و إطلاعها
لم تَكُن إحدى أمانيه يوماً أن يتربط بامرأة سواها
لكَنها كانت بالنسبَة له قضيّة " مؤجلة " دائماً
فحياته و مستواه الماديّة .. أشغلته كثيراً حتى وقع ما وقع
وبمجرّد أن طرأ ذلك اليوم على عقّلة أغمض عينيه بقوة
في محاولة لتخفيف وطأة الألم على روحه
شعر بسيل من الدماء يندفع ببط من الثقب في بطَنه
نظَر نحو الموضع وهو يرى شاش قذر
مربوط بإهمال حول الجُرح ..
أغبياء فَهُم لا يعلمون : أن التسكين الخاطئ للجرح ، ليست سوى زيادة في ألمَه ..
رفعَ نظَره وهو يشعر بدوار خفيف يلتهم أفكاره
وهو يقول لـ ذلك الماهر
الذي وقف لدى النافذة بسكون و على نحو عجيب
../ الساعة كم ..؟
أجابه بسرعة و كأنه توقع سؤاله
../ اثنين ونص ..

أحنى رأسه بتعب وهو يتذكَر موعد لقاءه مع خالد
لقد مّر الوقت .. ربما سيفتقده ..
هل سيكون لديه من الذكاء ما يكفي ليتنبأ بموقعه ؟
هل سيرى تلك العلامَة التي تركها له عند شُعلة اللهب بالأمس .. ؟
رفعَ رأسه وهو يشعر بماهر يقترب منه ..
دقائق فقط كانت الفاصلة حين لكمَه بقّوة
شعر و كأنها قضَت على بقاياه الحيّة
وغرق بعدها في ظُلمـة سرمدية

,

استعاد وعيه تدريجّياً .. وهو ينظَر للمكان من حوله
حاول النهوض .. لكَن ألم ما كالحريق إشتعل
بطول بطنَه وحتى صدره .. نظَر للشاش الملفوف بعنايَة حول
صدره و بطنَه حتى يديه
إلتفت للشخص ما رقد على مقرُبة منه
و وسط ظُلمة الغُرفة لم يتبين ملامحه جيداً
لم تَخفى ملامح القلق البداية على وجهه وهو يصَرخ
لذلك الشخص
.../ يا هييييييه .. إنـــت .. إنـــــت
تململ الرجل في نومَه و تحّرك ليستدير للناحية الأخرى
لكَّنه واصل نداءه هذا .. حتى فتح الرجُل عينيه
و أستدار نحوه ..
إتسعت عينا صقر بقوة وهو يرى وجهه جيداً الآن
../ مــآهر .. هذا إنت ؟
ابتسم له ذلك الماهر وهو ينظَر نحو ساعته
ويقول بهدوء
../ مؤقتاً .. شوي .. وبيجي خالد
عقد الأول حاجبيه وهو يردد
../ وش صار ؟
مال رأسه لليمين وهو يجيبه بلا مُبالاة والنعاس يطغى على عينيه
../ أقتحمت الشرطَة المكـآن .. رغُم إنّي ما عرفت وشلون أوصل لهم إنذار بتقديم موعد العمليّـة .. بس مدري كيف عرفوا بدري وجو .. على العموم بيجي اللحين خالد
وبنسأله
حّرك صقر رأسه بالإيجاب .. وهو يقول
../ زين .. وين العصابَة ...؟
استلقى " ماهر " من جديد وهو يجيبه
../ مسكّنـآ الأغلب منهم .. بس منصور و سعيد ما لقيناهم
../ وشلون ؟
../ مدري كأن الأرض إنشقت و ابتلعتهم
كّور الأول قبضَته وهو يشعر بألم شديد ينخر في خاصرته
../ هُم أهم شيء ..
حّرك الأخر رأسه و بدآ وكأنه سرح قليلاً ليعود بعدها ويقول
../ أهم شيء الوكر .. و القرية تحت السيطرة وفتشّنا كُل البيوت .. و تأكدنا إنهم مو في المحيط هِنـآ
نظَر صقر للمنزل الذي يرقد فيه .. و بدآ له الآن
أنه ما زال في القرية بالفعَل
تذكر تلك السيدة " أو من يعتبرها " والدته الأُخرى
وهو يقول بهمس لا يسمعه سواه
../ دخلوا لها .. أكيد فجعوها
../ تقول شيء ..!
../ سلامتك .. بس مين سوا فيني كذا
../ إيه .. ترا حبيت أقولك إنك ثقيييييييييييييييل ..

جنــــون 05-16-2012 12:23 PM


أخفى صقر ابتسامته كعادَته وهو يسأل
../ ليــــش ؟
أجابه الأخر وهو مازال مستلقي على الأريكَة
../ تخيل إن ساحبك من الإستراحة .. إليـن البيت .. أنكسر ظهري .. ومحد رضـا يساعدني .. شكلي بأخذ إجازة من الدوام شهر ليـن أستعيد لياقتي
فُتح الباب و دلف خالد و رجل آخر خلفه
و أقترب من صقر الذي حاول النهوض
لكَن خالد قال بسرعة
../ خلك .. خلك مكانك يا الصقر .. و الله إنك أثبت إنك قول و فعل .. و شلونك ؟
عضّ شفتيه بقّوة من شدّة الألم وهو يسأله
../ و شلون عرفت .. ؟
../ شفت العلامَــة .. و الله و انا قايم حسيت إننا مراقبين
فسأله ماهر هذه المرة
../ كيف ؟
../ حسّيت بحركة وراي يوم إني جالس مع صقر .. وقلت ذي لإنسان موب دابة ..
ثم التفت لـصقر الذي مال وجهه للاصفرار قليلاً وهو يقول
../ جت سيارة الإسعاف قُم يا ماهر ساعد الرجاّل
استدار للجهَة الأخرى وهو يقول بتعب
../ إنت إلي ساعده .. لو فيك حيل عليه ... ذا الصخرة
../ قول ماشاء الله .. إنت وجهك .. لا تهبّه بعيــن
../ ما ظنّي أعرف أحسد .. و أنا وحليلي

كانت إذنه مع حديثَهم المَرح و الهادئ
و قلبه ليس هُنـآ أبداً .. يريد العُودة للمزرعة
سريعاً فقد غاب عنها طويلاً
لكَن تباً نطقها في داخل روحه مراراً
فذلك الألم في جسَده .. جعَل طريق
الظَلام ممُهد أمامه دائماً
ليسقط فيه مّرة أخرى
السُم مايقتَل ثعابينه
يَا التَّعَبَ تحْرثْ هَوَا صَدْرِيْ ؟!
[ أَنَا مَلِّيْتْ ]
سنِيْنْ عجَافْ
يَطْوِيْنِي عَنَاهَا وْ مَا تَحَمَّلْتَه
زَهَابِيْ لَلْمسَا بَرْدْ وْ حَنِيْن وْ دَمْعَه
وْ [ يَالِيْتْ ]
أَمَانِي / والسَّهَرْ
......... وَاقِفْ يكَلِّمْنِيْ وَأَنَا قِلْتَه
عَزَفْت بأصْبِعِيْنِي نَايْ
دُوْزَنْت البُّكَا غَنِّيْت
سَرَقْتْ أَفْوَاه
يشْرَبْهَا الكَلام وْمَا تَحَمَّلْتَه
تمَادَى بِيْ جفَافْ المَا
وَأنَا أبْنِي مِنْ حَنِيْنِي بِيْتْ
أَدَّوِّرْ قَلْبْ يِشْبَهْنِيْ
............ ومَرِّ العُمْر مَا نِلْتَه

جنــــون 05-16-2012 12:23 PM


اللذة العشرون

في ساعة ما تحملنا فيها وزر تنوء به أرواحنا
ليتركنا الأول بعد جلد ذاتنا غُبراً واهنين
نستلقي كما تفعل دائماً وسط ظلمة تصنع نفسها بنفسها
ترتدي جلباب الصلاة فقد انتهت من أدائها منذ ساعتين او يزيد ..
لكَن تلك الرغبَة التي يصنعها الصمت و الوحدة
تجعل من الـلازم تأمل أي شيء جديد
و الجديد بالنسبَة لها تلك المساحَة التي راحت
حدقتاها تتأمل أسفل سريرها العريض حيث تغوص
دائماً بمفردها تتنهّد في الفراغ باستمرار ..،
وشيء من ضوء المساء يتسلل من خلال تلك الظُلمة الباردة
في لجّة أفكارها لم تنتبه لحفيف أقدامه على الأعشاب
وجرجرة عصاه .., و إصتكاك الأواني ذاتها
تأملت الباب الموارب خلفها وهي تنهض بكسَل
لتغلقه .. فيدلف هو للمكان يضّع الطعام أرضاً
ثم يرحل صامتاً ..،
لم تحاول النهوض بحماسَة نحو الطعام كعادتها
فقد ألفت حتى هذا المشهدَ ..
سكَنت حواسها و هدأ تفكيرها قليلاً عندما استلقت لـنصف ساعة على فراشها
لكَن صوت رنين .. تعالى في الحُجرة جعلها ذلك
تفّز بذعر نحو الهاتف الذي يرُن لأول مرة
إلتقطته وهي تهمس بصوت خفيض
../ ألو ..!
لتسمع تنهيدَة عميقه ثم تَبعه صوتها المحبب
../ الحمد لله .. خفت ما ترديـن .. وشلونك صبا ؟
ابتسامَة نصف مقوسَة على شفير الألم الغائر في روحها
تداعب سلك الهاتف الطويل وقلبها يخفق فرحاً لذلك الـصوت بعيد الذي شاركها الآن وحدتها
لكنه
سؤال قاسي جارح في نظرها رٌبما
ف لونها أسود كظلمة المكان من حولها
و لونها كما الوحدة التي تزحف في روحها وتخنقها
تتمنى بسذاجة أحياناً أن يوجد هو في المكان
ستخشاه رُبما لكَن حتى الشر بإمكانه ان يونسنا
../ صبا معاي ؟؟؟
علّقت بصوت واهن متحشرج
../ إيه .. م مـحد هنا ... غـ غيري
ردّت الأخرى بلهفة
../ أنا بجيك .. وبجيب معاي صبا الصغيرة ..
بفرحة قصيرة إنطوت سريعاً ، سألتها :
../ سميتيها صبا ..؟
بصوت منتشي :
../ إيه .. حليلها.. أحسّها تشبهك .. حتى بندر يقوله .. صح ما سألتك .. تحتاجين شيء للبيت أجيبه معاي ولا ..؟
عقَدت حاجبيها بشدة وقلبها راح يخفق باضطراب حين
سمعت صرير الباب الخارجي
مٌتأخرة جداً .. ألقت الهاتف سريعاً
وتسلقت سريرها
تكّورت .. ثم انبسطت
تمنت أن تنطوي على نفسها الان حتى تصبح ذرة صغيرة
لتختفي في الهواء
سرت إرتجافة قوّية على طول جسدَها المُمَدد
في مُحاولة منها لتمثيل النوم ..
أو ربما الموت ..،
أغرقت وجهها في الوسادة وكتمت أنفاسها
فُتح باب حُجرتها ..،فقطّع الخوف قلبها
لتصَلها رائحَة الزنجبيل القوية الصادرة من الأواني أمام بابها
تشعَر حتى بعشائها القليل .. ينعاها على كُل ذلك الخوف
الذي سيكشفها حتماً ..،
سكون .. تبعه ثقَل جثم بجوارها لامس جزء منه
ساقَها الممدَة .. فتصلبت بتوتر و رجفَة خفيفة اعترتها
امتزجت رائحته برائحة الزنجبيل ورائحَة أخرى لم تعهدها
نص دقيقة أو ربما يزيد عن ذلك بقليلاً
شعرت به يرحل عنها .. ,
زفرت بالتدريج لتلقط أنفاسها التي كتمتها طوال الوقت
وحتى تلك الأخيرة خرجت ..ناقصَة
فصوته الجهوري الخشَـن أثبت سيادته للمكان وهو
يعلو
../ ألـــــو
ثم أغلق الهاتف بعنف ..،
جُعِلت مغصَة قويّة تلتهم عَضَلة قلبها
هو ولا مَفر .. شعرت بجسَده يرقد بجوارها هذه المَرة
ومّر الوقت أصعب من ذي قبل ففرص إلتقاطها للهواء
مع قربه هذا ..
باتت ضئيلة جداً ..
شيء ما جعلها تمّيز رائحَة الغبار الذي يحمَله
وهي تسمع أخيراً تنهيدَة .. لا تعني لها شيء وإن كان التعب أحد أهم أسبابها
شعرت بقبضَته تحَرك غطائها
فغرست أصبعها فيه بقوة .. لتمنعَه
محاولة للسحب .. تتبعها اُخرى أخف
بعدها تركها و سكَن .. سكَن تماماً
و كأنه يأس منها .. ،
شعرت بالألم ينبض في جميع أجزاء جسدها من شَدة ضغطها على الغطاء ومن شَدة توترها
أرخت قبضتَيها قليلاً .. وهي تتأكد للمرة المليون ربما
من أن إنتظام أنفاسه .. لا يعني سوى أنه قد نام
مّرت ساعات وهي مازالت على حالها ..
تحاول حثّ القوة المتبقية في قلبها أن تتحرك من هنا
فاستجابت الأولى و جعلتها تلتفت بطرف عينيها
لتسترق النظَر ..
ف هالها ما رأت في جُزء من الضوء المتسلل من الباب

يده الملفوفة بالجبيرة بيضاء.. شعره الأشعث
و تعلو ملامحه غبرة لا تفهمها ..
عقدت حاجبيها بقّوة وهي تزفر بألم حين مرّت ذكرى في عقلها فهمست في نفسها
../ حسبي الله عليك .. الله ينتقم منّك يا رجّال
و نهضت من السرير .. و بخُطَى مُرتجفة
تاركَة له كُل المساحَة ..، ولتسكّن قلبها
ذهبت للخلاء .. تماماً ، لكي تخلو بنفسها
ولكّي تغرق في ماء ... تدعوه بشهدها
و بكامل ملابسَها تحاول حينئذ أن تدّلك موضع قلبها
علّها تهدأ .. وتتقبل تدخّله هٌنا
تمنّت منذ البداية أن يشاركها أحدهم وحدتها .. وأسوء ما تمنت هّو .. فأتـى لها
ابتسمت و هي تقول نفسها
../ اااااايه .. الحظ الأعوج أعوج وما يعدله إلا كسره
مّر الوقت سريعاً حين خرجت و أعضاء وضوئها تتقاطر
ماءاً وجهها وشعرها الملتصق فوق رأسها
و قلبها يدعو الله أن لا يكون قد أستيقظ ..
وبالفعَل مازال غارقاً في نومَه
تسللت بفزع وهي تتخيله ينهض من خلفها وينقض عليها
فألتقطت " سُجادتها " سريعاً
و خرجت من المكان .. حمَلت أواني عشائها البارد
للصالة صغيرة ...،
و هناك أغلقت النور كما اعتادت خلال سنين حبسَها
و صّلت .. و دعَـت ربها أن يؤنسها بقربه
بإخلاص اغتسلت فيها عينيها بدموعها
نظرت نحو الساعَة فوجدت عقاربها قد رقدت على
الرابعَة صباحاً
قاومت رغبَة النوم التي تُداعب عينيها .. مع ألمها لم ترقد طوال يوم أو يزيد ..
لكّنها باتت تنظر للفراغ وهي ما زالت صامدة ..
فلن تسمح للصياد أن يرى فريسته في موضع ضعف كهذا
لكَن النفس ضعيفة وحاجتها للسكون كانت أكبر
فأخرست كُل تلك الثرثرة التي كانت تدوي في رأسها
و سحبتها لـظُلمتها السحيقة ..

*

جنــــون 05-16-2012 12:24 PM


تململت في جلوسها وهي تدّلك ذراعيها بتعب
و الأخرى بجوارها تهمس لها بمرح
../ طفشتي ...؟
../ مّرة
منحتها الأولى إبتسامة ، ولم تبادلها هي
فقد كان قهرها .. و مشاعرها أكبر من أن تفعَل
ها هي تنظَر لوجوههن بحريّة مطَلقَة
لكّنها في نظرهم غير مرئيَة
تراهم يلاحظون كُل أثاث الغرفة .. لكَن أعينهم تقفز
بمجرد الوصول إليها ..
لا تدري أتحزَن من تجاهلهم المُستمر لها
أم تفرح .. لأنها ترى كُل تلك الحماية التي تفرضها جدتها حولها
بدت الأخيرة حنونة أكثر من الـلازم .. وتميل لمحادثتها وحدها أكثر من الآخرين
مما جعلها تجزم أنهم لاحظوا ذلك ..
لا تَرى توأمها بين الجميع فسألت عمتها
لتتهرب الأخرى من الإجابَة .. جاعلة سبب ذلك انشغالها
ورد لعمتها إتصال جعَل الجميع يصمت
ويلتفتون نحوها
../ هلا والله بأبو حسن .... إيه أمي هنا .. إيه .. إيه .. خذها
ثم انحنت على والدتها متجاوزة هديل
../ يمّه ..
وأكملت بهمس
.../ أخواني ..
التقطته بهدوء وشيء من الضيق أعتلى ملامحها لم يلاحظَه سوى " هديل "
../ إيه .. وعليكم السلام .. زيــن .. مع السلامة
ناولت " ريم " الهاتف وهي تحاول أن تبدو عاديّة
لتقول " فاتن " ابنت عم " هديل"
../ يمّا لولوة .. وش فيه أبوي .. ؟
عقَدت الأولى حاجبيها بشَدة وهي تقول لها بحدة في غير محلها
../ مافيه شيء .. خلكَن في لعبكن .. ريم تعالي ورآي
ثم صمت متوتر ساد المكان
مدّت يدها لهديل ؛ لتساعدها .. فعاونتها على الخروج
بينما حمَلت ريم عصاها ولحقَت بهم
خرجن لبيت الشعر كمجلس للرجال
دفعت هديل الباب بقدمها لكي تفسح المساحة لإدخال جدتها
لكَن مجموعة كبيرة من الأثواب البيضاء الموجودة هُناك جعلها تقلق ..
وفتح الباب عمها ؛ ليسمح لهم بالدخول .. ثم تناول يد والدته من هديل و أدخلها
تراجعت الأخيرة للوراء فاصطدمت ب"ريم "
حين قال عمّها لها بنظرة حادة
../ تعالي .. نـبيـك
نقلت بصرها بخجل بين ريم و عمّها
لا تدري لم أشتعل وجهها بخجل بينما إزدادت نبضات قلبها
تُجزم أن أغلبها هو للخوف من القادم نحوها
تذّرعت ب
../ لا .. لا بس عشان بجيب طرحتي .. أخاف يجي أا أحـد
نظَرة قصيرة منه بيّنت مدى إشمئزازه منها وهو يقول
../ طرحة هه .. يرحم زماان .. أقول أدخلي ولا يكثر
تنهدت بيأس ودخلت تتبعهم جميعاً
إلتفتت خلفها ظّناً منها أن عمتها تلحق بها
لكَن زاد خوفها حين لم تجد أحداً
وكُل هؤلاء ستقابلهم وحدها
تأملت الوجوه هنا .. هٌم أعمامها حقاً .. أو ربما كذبة ينعتون أنفسهم بها
فمعظمهم لم ترى وجوههم منذ خرجت من سجنها.. اليوم فقط تراهم ملتفين حولها و جميعهم دفعة واحدة ..
دارت لتؤدي واجب السلام .. فمنهم من ترك لها يده لتقبلها .. و آخرين سحبوها من على كفها
باشمئزاز أتضح على وجوههم ..،
نظَرت بخجلها المتخوف نحو جدتها تبحث عن مكان تضَمن فيه ظهرها .. فلم تجد سوى أن تجلس هُناك
قريباً من الباب
و وحدها ..
تركت نظرها مقوساً نحو الأرض .. و الدقائق الأولى تمُر
دون أن يكلمها أحد .. لكَن الإجتماع لم يكُن عادياً
فكٌل شخص هُنا يحادث من يجاوره بهمس لا تسمع منه شيئاً
تخيلت إنه ربما .. سيقولون لها / أن عليها الرحيل من هُنا
لكَنها لم تؤذي أحداً قط ..
لم يدع لها عمها الأكبر فرصَة للتفكير طويلاً
وهو يقول لها بصرامة وقسوة
../ هديل حنا تشاورنا .. وشفنا إنه أحسن لك تأخذين تركي .. طبعاً القرار مهو بيدك .. لأني أنا المسؤول عنك .. وأعمامك موافقين .. وحتى جدتك بعد موافقة ..
ثم صمت وكأنه يدع لها فرصَة لكّي تتألم ..
بل لكي يراقب ألمها
لكَن نظرها بقي ثابتاً نحو الأرض وقبضتاها متكورتان على
حجرها
ف أكمل الأخر :
../ و الملكة بتكون بعد ثلاث أيام .. و بتروحين معه في نفس يوم ملكة ريم .. بس أمي عييت إلا تبينا نسوي لك يوم بالحالك .. إنتي وش رايك .. ؟
إلتوت شفتيها وغصّة موجوعة توخز دموعها منذرة ببكاء طويل سينالها
طفت على ذاكرتها سريعاً صورته وهو يعود سكران إلى منزل أهله .. وكأن الله شاء أن ترا هذا المنظَر
ليبتليها .. فتزيد ألماً .. و لتصبر
همست بصوت متحشرج :
../ م مـآ تفرق معاي ..
زفر عمها " أبو تركي " وهو ينقل نظره في وجوه البقية
../ إيه هاذي البنت الشطورة .. بس يابو حسن خلنا نخلص من ذا الشغلة بسرعة .. بلا هالتطبيل إلي ماله داعي
هُنـآ خارت مشاعرها
يداها أنتفضَت بعنف
وصوتها خرج حاداً أكثر مما يجب
تحتاج لأغماض عينيها بقوة .. لكَي تتعارك الأخيرة مع دموعها
../ أستأذَنكُم
و تهادت بخطى واهنة .. لا تُدرك كيف أنتهى الحال بها
في الفناء الجانبي إلى المَنزل
حين سمعت صوت يصرخ خلفها بغضب
../ لــــيش سويـــتي كـــذآ ..يـآلـ***
الجرحُ
قمرٌ برتقاليٌّ
تشعلُهُ الجمرةُ
ليتجلّى *

*سوزان

الخطايا
لو يلمّعها البشَر
تبقى
..........خَطايا

اللذة الحادية والعشرين
تنحت جانباً وهي تحاول أن تستعيد توازنها في غرفة
اكتظت بالمرضَى الذين تشرف على حالتها
جلست على كُرسي خشبي يقف بعيداً بمنأى عن هذه الفوضَى ..
اعتصرت رأسها بين قبضتيها وهي تقول لنفسها بهمس لا يسمعه سواها
../ و النهااااية يعني ..
حُسام بعيد عنها وهذا الأمر يوترها بشدة ..
أخطأت في أدائها كثيراً منذ أن سمعت صوته آخر مرة
بدآ لها متعباً لأبعد حد .. و أيضاً حزيـن ..
كانت تجزم بأنه يخفي عنها أمر ما لا يريدها أن تعرفه
رفعت رأسها وهي ترى ... مجموعة جديدة من المرضى تفد عليهم ..
و في الفترة الأخيرة لاحظت أيضاً نساء ..
تأملت " سيدة المنزل " وهي تقترب منها
و تقول لها ببشاشة
../ ها يا إمي تعبتي ..؟
حّركت رأسها بالنفي وهي تنهض و تسألها بهدوء
../ اللحين حسب إلي أعرفه .. هذا مكان لعلاج رجال المقاومة إلي بيجون لنا من حدود بيت لاهيا .. صح
حّركت الأخرى رأسها بالإيجاب
وعيناها معلقَة بملامح سلمى الجامدة
فتابعت الأخيرة
../ طيب .. و ليش لي فترة صايرة أشوف حريم بالموضوع .. و لا هُم من المقاومة بعد .. ؟
زفرت الأخرى وملامحها تتبدل من ترقب لألم
../ كِلنا نقاوم .. بس إلي يختلف كيف بنقاوم .. النسوان هدول مو من المقاومة إلي في بالك .. بس لأنو مركز الصحي بوسط بيت لاهيا يعتبر بعيد عن هالمكان ..
عقَدت الأولى حاجبيها .. وهي تزن كلام الأخرى في عقلها
منذ أن بدأت تمارس نشاطاتها هناك .. لم تسمع بحالة إكتفاء يصدرها المركز .. و من هذا المنطلق
سألت من جديد
../وش قصدك ؟
قطعتها الأخرى وهي تقترب منها أكثر وعلامات الخوف تتجلى في كلامها أكثر
حّركت يدها ترجو من " سلمى " الاقتراب بأذنها منها
فانحنت سلمى قليلاً لتقول الأولى
../ في اشي وصل إلناا . عم بيئولو.. إنُن ئسمونا لئسمين وفرئونا عن المركز .. بالمختصر ..
ثم اقتربت أكثر ، لينخفض همسها و يجلو توترها
../ غزة كلياتا محاصرة ..
شهقت سلمى بخوف لا تعلم الأخرى منه .. سوى أنه خوف
فطَري من فتاة لا تعلم عن الحرب شيئاً
استدارت .. و ابتعدت عن المكان
ضاق نفسها بقوة .. ترجو الخروج من هنا وسريعاً
دافعت البعض .. و جاهدت حتى وصلت للخارج
وقفت بجوار السور ..
المكان ساكن .. والنهار باهت
صوت أزيز يظهر من زاوية لا تعلمها ..
الهواء محمل بالغبار .. و الشارع مهجور .. مليء بالحجارة
وقفت في ركُن السور .. و اتكأت عليه
و دمعَة نقيّة تعّلقت على رمشها .. و كأنها لا ترجو الإنزلاق في جو مخيف متسخ كهذا ..
طرأت على عقلها خيالات .. شتمته ؛ لأنه ذكرها إياها
لا تعلم كيف ستصبح حياتها إن فقدته هُنا
لا أحد سيخلص لها من بعده
تذكرت أهلها هُناك ..
حياتها المجردة من كُل متعَة .. و أبوها
رجُل جشع مزواج .. لا يعرف من الدنيا سوى المال و الجاه
لا يتذكر أنه أنجب مرة طفلان .. ناضجان
لكنه يتذكر دائماً .. كيف يصبغ شيبته بسواد الليل ليخدع زوجاته فقط .. وربما نفسه أيضاً
و والدتها التي راحت تلهو بزوج غنّي .. أغنى من سابقه
لتغرق في التمتع .. وتنساهما ..
أم أعمامها الأكثر انشغالا بأنفسهم ..
لا تلوم أياً منهم .. فَهُم عبء .. ناءت بهم أكتافهم ..
لا تدري كم مر من الوقت و هي تبكي بهدوء
دون أن تهتز أو تصدر صوتاً
استيقظت من غرقها في ذكرياتها وهي تدعو الله برجاء
أن يحفظ لها أخيها ..
و عادت وكف المساء بدأت تمسح على المكان
دلفت ترجو الإختفاء فهي في حالة لا تمكنها من عمل أي شيء..
وفي طريقها وقف أحدهم في وجهها
رفعت عينيها إليه ..
لا حظ احمرار ملامحها .. و صمتها
فتنحنح بحرج
../ معليه .. بس عندنا اللحين عمليه خطيرة .. وقالي الدكتور فيصل أناديك .. لها .. بس شكلك مو مستعدة
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تبتعد عنه بلا مُبالاة
../ قول له .. ما أقدر ..
و وصلت لحجرتها .. وقفت لوهلة أمام الباب وهي تزفر بقوة
../ أنا وش جابني هنا .. ؟
تركت الباب و عادت للغرفة الداخلية الكبيرة
تجاوزتها بصعوبة .. ارتدت ملابس العملية
ودخلت
إلتفت لها الجميع .. و أمرها فيصل مُباشرة
../ تعالي .. شوفي هناك .. صكّي الجرح .. وبعدها دوري لنا على دم .. من فصيلة " او " بلس
ذهبت لحيث أشار ..و اعينهم تراقب عينيها البارزة من فوق الكمامة ..
حمراء .. وبارزة أكثر مما يجب ..
وهاهي توبخ نفسها على تلك الورطَة التي أوقعت نفسها بها ..
لا مُمرضات نساء هُنا .. و هاهي تقف بين مجموعة ذكور
يؤثر فيصل دائماً العمل بينهم و بعينين كهذه .. ونفسية محطمة ..
و على إثر السابق .. امتلئت بالدموع مجدداً
فشتت الرؤيا لديها .. وعندما لاحظت إنشغالهم بالمريض
ابتعدت ومسحتها بذراعها وعادت للعمل سريعاً
تريد الخروج من هنا ..
وستعتذر من فيصل .. لتعود للمركز
لا تستطيع البقاء هنا لمدة أطول
و بالفعَل فعلت ..
../ خلصَت ..
رفع فيصل نظره لها ثم أشار بها للباب .. فهمت مقصَده
لكَنها لم تتوقع ردت فعَله لو خرجت بلا ملاحظَة يسمعها الجميع .. كانت في حالة من الانفعالية التي جعلتها تكرر
../ يـعني أخرج ؟
عاد ببصَره نحوها مجدداً .. ورفع الجميع أعينهم مّرة أخرى لها
كرهت نفسها تماماً .. وهي تراه يحدّق فيها لثواني
ثم يقول بعدها بصوت أشبه بهمهمة مكتومة
../ إيـه أخرجي .. يـآ ........ سلمى
خرجت من المكان .. وهي تجر خلفها كُل تعاسة تجنيها بيديها .. لكَن كُل ما حولها يستحيل أسوداً
كُلما تذكرت فألها السيئ في أخوها
توجهت .. للغرفَة لتستلقي قليلاً
أذناها تلتقط أحاديث النساء
همهمات الرجال هُناك
" غزى محاصرة " .. " وبيت لاهيا " مقسم
هذا يعني أنه يستحيل العودة للمركز الرئيسي في غزة نفسها .. و المركز الصحي في بيت لاهيا مقطوع عن هذا المكان .. و ستبدأ الغارات قريباً .. و من أن مؤونة الغذاء
والأدوية هُنا لا تكفي سوى لأسبوع آخر فقط .. إذا أستمر عدد الجرحى على هذا المنوال

كُل الجمل تُنذر بفيضان من الخوف قادم نحو قلبها المضطرب
و كما قالت هديل – رحمها الله – قبلاً
" لا أخشى الموت بل أخشى فقدان من أحب "

*

خرجت من المطبخ تحمل كوب بين يديها كوب الماء
و بيدها الأخرى جريدة هذا الصباح
الجميع في مدارسهم و جامعاتهم ..
أما هي .. فتتفرغ في هذا اليوم من كُل أسبوع للمنزل فقط
وصَلت لغرفة والديها و ما إن همت بطرق الباب
الموارب
حتى وصلها حديث والدتها الهامس
../ منصور .. وش هالكلام الله يهداك ..
ثم صوت والدها العصبي يرد بتهكم
../ وياك .. وش تبيني أقول للناس .. والله بنتي بالسجن بتهمة خلوة مع إضمار نية سيئة .. وهذا كله من حصيلة تدليعك لها ..
والدتها تَرُد بإستنكار رقيق
../ أدلعها .. وشلون أدلعها ونور ما كان فيه أقوى منـ..
قاطعها بسخرية
../ إيه صَح .. كانت تشمّر أكمامها .. وتطامر في أحواش عيال الجيران .. كأني جايبن لي ولد مهوب بنت .. .
برجاء همست
.../ بس يا منصور
../ أقطَعيهــآ .. أنا كلمت الناس وقلت لهم .. لو إنكم تبون زهرة حياكم .. بس نور .. مخطوبَة ... وملكتها قريب
../ ليش .. ليش قلت لهم مخطوبَة .. اللحين تقطع رزقها حتى عقب ما تخرج .. كان قلت لهم ما تبي الزواج اللحين .. يمكن الولد شاريها .. وبيرجع بعدين لـ
قاطعها مرة أُخرى
../ رعد .. رجّال ومن خيرة الرياجيل .. و الكُل يشهدون له على كذا .. بس مهوب من نصيب نور أبد ولا أباه يأخذها .. وأغشّه فيها .. لو يبي زهرة حياة .. وأنا أبيه
لبنت من بناتي .. ما أبي أخسره

../ سديت الطريق بوجهها
../ تستاهل ما جاها .. والله شغلها معاي ما صفيته لين تطلع وأوريها .. ويــــن بنتك ذي .. كُل ذا كاس موية ؟
../ يــــــآ نـــــورة
ابتعدت عن الباب سريعاً
ثم عادت تمشي بهدوء .. دفعت الباب وهي تجيبه
../ إيه .. جيت .. جيت
أعتدل في جلسته وهو يلتقط منها الجريدة وكوب الماء
رأها وهي تهُم بالخروج
فأمرها
../ نوري .. تعالي أبيك فكلمة
أستفزّ مشاعرها .. حتى هذا الدلع .. لم يكُن لأحد سوى لنور أختها .. صادر كُل حقوقها وبدأ يطبعها عليهم
لم تكُن في وضع يسمع لها أن تنظر إلى وجهه
فعادت للجلوس بقوة وهي تمنع نفسها عن الصراخ
في هذه اللحظَة
نطَق
../ عمتك قالت لي إنها .. تبي تقرب موعد زواجكم لعقب أسبوعين .. لأن الرجّال مسافر بعدها يكّمل دراسته ما شاء الله عليه
كان بإمكانها أن تعي مدى فخره الواضَح ببدر
ولو أنها كانت تنظر لعينه الآن لرأت لمعتها
أرهفت السمع له ومازال نظرها في حجرها

جنــــون 05-16-2012 12:24 PM


../ ف وش رايك ؟
صمتت لوهَلة ثم رفعت عينيها لوالدتها
رأتها تنظَر لمسبحتها وهي تستغفر و يبدو عليها سرحانها
أزدردت ريقها بصعوبة وهي تستحث قهرها
الذي نهض ولم يخذلها ..
فقالت بثبات
../ تبشر إنت وعمتي بالي يرضيكم في كُل شيء .. أنا بين يديكم .. بس أسمح لي في هاذي ما أقدر عليها ..
إتكئ في جلسته وعيناه تتأمل ملامحها المنكمشَة
../ ولـــيش وأنا أبوك ؟
رفعت جسدها وهي تقول بذات الهدوء
../ ما لي في العرس .. وإختي نور مهيب حولي
هبّ الأب من مقعده وهو يصرخ
../ تخسي .. وتهبي .. وش عليك منها .. خليها في سجنها تتأدب أخير لها .. و هالكلام ما بي أسمعه منّك مرة ثانية .. الزواج بيتقّدم مو عشانك .. عشان بدر إلي أعتبره
مثل ولدي وما أبي أرفض له طلب ..
فكَرة طرأت علي عقلها وهي ترا صراخه و حديثه القادم أمامه

لا أحد يستطيع ثنيه عن قتلها إن واصلت حديثها على المنوال السابق فقالت بهدوء
../ بس يا يبه .. ما ينفع .. كذا بتخرب كلامك قدام العرب الثانيين
هدأت ثورته وهو يرى الحزم في ملامحها فحثّه ذلك على سؤالها
../ وش إلي بيخربه ؟
جلست أمامه وهي تسكب له كوب الشاي فسكَن
و عاد لـ مُتكأه
ناولته الكأس وهي تقول بدبلوماسية
.. / لو حنا قدمنا الملكة و الزفة .. أكيد إنت بتعزم رعد وأهله .. لأنه يعزّ عليك .. و أكيد أمه بتدّور على نور .. كيف بنفسّر لهم غيابها ..
حّرك رأسه بالإيجاب وهو يفكَر بعمق ويقول
../ إيه والله .. وإنتي صادقة .. وشلون فاتتني .. زين وش السواة ؟
حّركت رأسها بهدوء وهي تقول
../ ولا شيء .. ننتظر نور لين تخرج ..
عقد حاجبيه بشدة وهو يصرخ زاجراً إياها
../ لاآآآآ .. و بنجلس ننتظرها
غاص الألم في قلبها أكثر .. فزآد جُرحها
وهي تَرد عليه بكبرياء وكأنها يشتمها
../ يبه .. نور ما بقى على طلعتها إلى شهر .. بننتظر لشهر بس
أتسعت عيناه بصَدمه .. ف المفاجأة مذهلة بالنسبَة له
../ والله .. شهر ..بس .. متأكدة إنتي ؟ .. مسرع .. أحس كأنها أخذوها أمس .. بس خلاص اجل بكلم الناس .. لكَن إنتي متأكدة ...؟
هل كان يجب عليها أن تراه سعيداً بهذا الخبر
لكَي لا تتألم أكثر كما يحدث لها الآن ..،
صمدت أمام مشاعرها العليلة بقوة عودتها عليها
../ إيه يبـآ ......... وعن إذنكم ..
خرجت من الغُرفة مثقَلة بجُرح أكثر عُمقاً من ذي قبل
يسكب الألم الفائض على حواف قلبها
حتى يطيش بها . .. ويمرغها حتى أبعد نقطة
تتقن ممارسة دور الأخت الكُبرى دائماً
تتحمَل ألامهم .. عنهم .. لكي لا يتألموا
تؤثر رأُيتهم بسعادة على سعادتها هيا ..
لكَن ألمها مختلف فقد وصَل لأختها
التي تراها توأمها .. لا فرق بين عُمرها وهي
سنة أو ربما 10 أشهر ..
يكفي شعورها ببراءتها المزروعة في قلبها ..
تؤمن بها .. وتقدسها وحدها .. لا تود أن يشاركها أحد فيها
يكفي ما يحدث لها حتى الآن ..
وصَلت حجرتها .. و ألقت بجسدها على سرير " نور "
وهي تحتضَن وسادتها وتقول بهمس باكي
../ يــآالله أصبري بس باقي .. شهر شهر بس يا نور .. عيونا

يبقى البكاء وسيلة حُرة للفرار بنا
من أكثر سُبل الألم انحطاطا

وربّگ مآهي قوۅهّ ..
لـآ يغرّگ هآلۅقٌوف .. !

........... ۅ هالشٌموخ الليّ تشوفـہْ
في آلحَـَـَقيقة هو إنڪسـآار .. !

بس أحــآاول گثر مـ أقـَـَدر
...................... أڪّتم الغصـَـَـًة وأزيحّ
..........صدمة آلعُمــَر الليّ راآآح .. !

ۅ الله لۅ أقدر عْطيتگ
بس .. !

.......... أنهتني الجـَـَرآح
.............................. أنهتني الجـَـَرآح
.................................................. أنهتني الجـَـَرآح ..

اللذة الثانية والعشرون

تنظَر بيعنين ذابلتين ..
جموع الفتيات المغادرات بهو الجامعي
بينما تجلس هي على إحدى الكراسي الحديدة الجانبية
و في حجرها حقيبتها
ويدها تعبث بهاتفها
ملامحها مرهقَة لأبعد حد ..
ووجهها خال من أي زينة ..
اقتربت منها فتاتين ..
جلست الأولى إلى جوارها وهي تقول بمرح
../ وحشــــتيني .. لي 10 دقايق ماشفتك فيها
ابتسامة جانبية .. لـثواني فقط .. ثم ماتت فوراً
تنهدت ذات الفتاة وهي تقول لها
../ وش فيك يـا ندى .. صاير لكم شيء ؟
حّركت كتفيها ببطء
../ و لاشيء
../ لا فيك شيء
../ لا
../ إلا فيــــك شيء
بضيق قالت
../ خدوووج لو سمحتي .. لا تزودينها
نظَرت لصديقتها الواقفة أمامها وهي تشير لها بيدها أنها تود أن تذهب
لكَن خديجَة قالت فوراً
../ إيه صح .. ندووي .. أعرفك على صقيقتي من سنة رابع ..
ابتسمت نورة لها بمجاملة تمد يدها لتصافحها
../ شلونـك ؟
ابتسمت لها بصدق وهي تقول
../ بخير .. معليه .. ترى خدووج أذيّة ما تخلي الواحد يركّز في الشيء
اتسعت عينا " خديجة " بصدمة وهي تقول
../ وش دخّـــــل ؟
اتسعت إبتسامة نورة .. وهي تقول بهدوء
.. /أعذروني .. جا الباص .. أشوفكم على خير
../ اصبري .. خذيني معك .. يا الله ندوي .. أنتظري اتصالي لي معك جلسة خاصَة ..
حّركت رأسها بيأس
وهي لا تفتك عن التفكير في كُل جوانب الموضوع
تخشى أن تحادث ميسون فتوبخها
لتزدد ألماً .. تتذكر
وجهها الأبيض النحيل
و عينيها الزجاجيتان الواسعتين
و نظَرة الشك المعلقَة هناك
ملامحها الحزينة بإستمرار ..
رجائها الأخير .. في أن تبقى معها
يعذبها ..
تلفت أعصابها تماماً .. تبحث عن كُل الحجج من أجله
لكَن يظَل قلقها يعاكسها دائماً
التقطت هاتفها .. فقد باتت ضجرة من تهكم والدها المُستمر
و دفاعها اليائس عنه .. لا يستحق شيء مما تفعَله
ولا يستحق أن يُلام .. على شيء يفعله
تراه هامش .. و ربما نكَرة في حياتها لا حاجَة لكّي تتعب نفسها .. بالقلق عليه
لكَن ما يقلقها .. " هي "
صوت ميسـون يتردد في عقلها عند آخر مُكالمة أجرتها معها .. تحذرها أن يبتعد صقر عنها
تأمرها أن تلهيه قليلاً .. حتى تستعيد عافيتها
و تعود .. لـ تلك ............... ( الأسيرة )
وعدتها بأن تفعَل .. و هي تعلم بأنها لن تفي بوعدها
فالأول مُختفي عن محيطها تماماً .. وحتى هاتفه
أنزعج منها .. و أُغلق
دخَلت لـ " سجل الهاتف " للمرة الخامسة
وهي تدور بالمؤشر فوق قائمة الأسماء مرات عديدة
و في كُل مرة تزفر بتعب
وتكرر الأمر
حتى وقفت أصابعها على اسمه ..
" لا تكلمينه "
و ضغطت على زّر الإتصال ..
ثواني فقط .. ثم ارتفع الرنين .. ومع الثالثة
أجاب .. فتحدثت أولاً
../ السلام عليـكم .. معاي خالد ؟

.../ وعليكم السلام . إيه .. " و بشك " مين معاي ؟
زفرت بإرتياح .. وهي تتابع .. لكَن غصّة عقيمة إعتلت حلقها .. فأثرت على صوتها الذي همس
../ ا أنا .. ن نـدى .. و و يـ ن صقر ؟
عقد خالد حاجبيه وهو يهّب من خلف مكتبه
ابتعد عن الآخرين .. ووقف في زاوية مفرده وهو يسألها بخوف
../ ندى .. وش فيك ؟؟ .. صاير شيء؟؟ .. عمي فيه شيء .. صقر سوالك شيء ؟
اغمضّت عينيها و نبرة الخوف في صوته جعلت قشعريرة ساخنة تجري في جسدها .. كّررت سؤالها بصعوبة
../ أنا .. أسألك .. صقـــر وينه ؟ جنبك ..
أستوعب سُؤالها .. فتنهد بقوة .. بعدها قال بهدوء
../ أوووف .. فجعتيني يا بنت الناس .. لاآ صقر مهوب معاي اللحين .. بس هو ما جاكم ؟
سُحق قلبها بشَدة وهو يسألها بخوف شديد
../ وينه فيه ..؟ إذا مهوب عندكم ولا عندنا وين بيكون ؟
ألتقط نبرتها الخائفة و انفاسها المتسارعة ..
همّ بإجابتها .. لكنه صمت في اللحظَة الأخيرة عندما سمع نحيبها .. زاد توتره .. و قال بصبر يزيح فيه مشاعره
../ أنا شفته أمس
ثم صمت
هدأت تترقب مُتابعته .. لكَنه أطال الصمت
فسألت بلهفة تحثّه
../ إيـه .. ويــن ؟
هذا هو السؤال الصعب .. العملية التي قاموا بها سرية
ولا يجب أن تصل إلى أي احد أي كان ظروف وملابسات تلك القضية .. فكّر طويلاً .. وحلل ذهنه القضّية سريعاً
ثم قال بهدوء
../ شفته بالمستشفى .. جاي يزور واحد من ربعنا مسوي حادث ..
عقدت حاجبيها ودمعَة تنزلق إلى وجنتيها .. شيء ما في نبرة صوته لم يريحها مُطلقاً ..
يكفيها الآن أن تعرف أنه بعيد عن صبا
فسألت بصوت تقاوم فيه دموعها
../ يعني ..إنت .. ما سألته وينه طول هالوقت ؟
أجابها بسرعة .. محاولاً طمأنتها
../ إيه .. قالي إنه بالمزرعة ..
عضّت على شفتيها .. و ارتجف قلبها
../ مُتأكد إنت .. ؟
خرج من مكتبه وهو عازم على الذهاب نحو منطقة معينة
وصوته يجيبها بصرامة :
../ إيـــه

وأغلقت الهاتف قبل أن ينطُق بالمزيد ..
تأكدت شكوكها .. هي وميسون
صقر أصبح بجوارها ..
تَركوها له ..
لن تغفر لهم أبداً .. لن تَرضى عنهم ..
خونة .. هُم خونة ..
طلبت منهم أن يكونوا قريبين منها .. ولو لفترة قليلة
فقط لكي تعتاد وضعها الجديد
وهاهم يتخلون عنها واحدة .. و آخرى
وتركوها له ..
و اما من زاوية خالد ..
حيث كان يقود سيارته بسرعة كبيرة
جداً .. تتجاوز 140 كلم / ث
وهو يضَرب المقود بشدة ..
في ثاني مكالمة لهم .. يسمعها تنتحب و يقف ليكذب عليها
فقط .. ثم بدآ وكأنه
كما نقول في لغتنا الدارجة :
" جا بيكَحَلهَا عَمَهَا "

هوى قلبها إلى أسفلها
و هي تهبّ من على سريرها لتنتصب بجواره
عيناها المُتسعتان على آخرهما تًبرمج وجودها هُنا
تذَكرت أنها نامت قسراً في الغرفة الأخرى
فمن أتى بها إلى هُنا
صوت إنسكاب الماء على الجانب الأخر أهدّر المزيد من التوتر في روحها
هرولت نحو الباب لتفتحه .. تنشد الهرب .. فوجدته موصداً عليها
قلّبت الأدراج و نظرت تحتها .. لا مُفتاح
ربما هو يرقد أمام عينيها لكَن شّدة خوفها
و سواد مشاعرها حين إذا .. أعمتها عن أن تراه
أبتعدت سريعاً .. فلا حَل أمامها
إلتقطت جلباب الصلاة الذي نزعه منها
إرتدته .. و وسحبت كرسياً
جلست أمام النافذّة وأغمضَ عينيها
تشحَن كُل شعور خائب نحوه .. ليعطيها طاقَة تحمّل أكبر
تقبضّ على أناملها بقّوة .. تقاوم فيها رغبتها بالصراخ
شيء ما جعلها تتذكر جمل ميسون .. أيام سجنها
" الإنسان ممكن يقتل نفسه بنفسه .. بمشاعره .. لو سألتي نفسك مّرة .. ليش ممكن يمنعونا عن زيارة مريض ؟ لأننا ممكن ناثر على نفسيته ..طيب .. هّو إلي غلطان ..
و ترك الخوف و التوتر .. يقتلوه .. و أنا سمعت عنك كثير .. من ندى .. إلي تشوفك قدوتها .. صبا البنت المثقفة العاقلة .. إلى الكُل يشير لها ..
ما تنتحر ..
ما تــنتحـر ..
ما تنتــــحــر .. بمجرد شعور "

عند هذه النقطَة انطفأت جمرة مشتعلة في روحها
و تحولت لكتلة من الرماد الساخن
زفرت ببطء وهي تشعر بالباب يُفتح
تحاول أن تسترجع كُل صوره في مخيلتها
سوداء دائماً .. لكَنها ستتقبلها .. لتتحمل حتى الآن
فقط .. و ستتحمل
نظَرت إلى زجاج النافذَة الذي
صور لها دخوله .. جسده الذي أخترق هدوء المكان
وراح يخنقها رويداً رويداً
لا يراها على سريرها كما تخيل ..
فبحثت عنها عيناه
و رآها

أستغرب جلستها تلك .. وهدوئها بعد أن توقع عاصفة من الغضب قد تشتعل في وجهه
شعور لذيذ .. داهم فؤاده على غفلَة من عقَله
فحثه على المتابعَة و وقف خلفها مباشرة
شعرت هي بقربه فزاد تنفسها .. تحاول تهدئة روحها المضطربة ..
لكَن يده التي أطبقت على كتفها..
جعلتها ترتجف بشَدة ...،
أغمضَت عينيها وهي تستمع ، لأنفاسه القريبة من أذنها
شدة من قبضَته وهو يرفعها لكي يتمكن من إحتضانها
ولتوترها و ضعفها .. لم تقاوم أبداً
لكَن صوتها الذي خرج بهمس خافت جداً
و كأنه قادم من وادي سحيق
../ ب بّــــعـ د عنـي
رددتها بيأس .. و ضعف .. عله يرحمها
لكَن كفه التي ارتفعت و أطبقت .. على شعرها المغطَى .. أخافتها كثيراً .. أنسّلت دمعَة من عينيها
وهي تسمعه يهمس بنفس نبرتها
../ ما أقدر .. رجعتي لي و صرتي بين يديني .. و تبين أخليك.. ما أقدر
تتابعت دموعها فلا خيارات أمامها سواها
لكَن شيء ما أستصرخ التوتر .. داخلها
يجب أن تقاوم كُل هذا .. خفّت يده عن معصمها
و شعرت بجسده يبتعد عنها
تنفست القليل من الهواء الذي لا يحمل رآئحته
و فتحت عينيها ببطء ..

رأت من إنعكاس الضوء الشمس الواهن خلفه
وجهه وعيناه التي تنظَر لملامحها بشغف ..
هذا ما رأته في عينيه .. سرحت لوهلة هٌناك .. وهي تتذكر تلك العينين .. كعينين الصقر تماماً
تختلف كل الأختلاف .. عن تلك القديمَة
بدت هذه و كأنها تطلب الرحمَة .. بيأس
لكَن عند الشخص الخطأ
و ضعت كلتا يديها على صدره وهي تدفعه قليلاً
فتركها ..
التفتت ترجو أي زاوية بعيدة عنه
فهي توشك على الموت اختناقا
لكَن يده أمسكت بجلبابها .. فأوقفتاها
وصوته يهمس بحنان ..:
../ وين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كفكفت دموعها بظاهر كفّها
../ خلّيني .. بروح أصلي
تركها .. و لسان حاله يهدئه .. و يردد له
" ستلازمها طويلاً .. فلا حاجة لاستهلاك شوقك الآن "
بينما خرجت هي من الغرفة كٌلها وشهقاتها
تخرج قسراً من بين شفتيها
تكَره دموعها وضعفها ..
هل هكذا كانت تظَن أنها ستفعل ..؟
لم يتحرك داخلها حتى كرهها له .. حتى الأخير
بدآ كارهاً لذاته .. راقداً في سباته .. حتى إشعار آخر
سمعت صوته يتحدث بصوت مرتفع بالداخل
صوت يختلف عن ما خرج من أجلها
صوته أكثر خشونة .. أكثر ثباتاً .. و أكثر ثقة
تكره هي كُل ذلك الكم الذي يحتويه من الأخيرة هذه
و صلَت الخلاء .. و ألقت جلبابها بعيداً ..
دارت هناك طويلاً .. وصوته ما زال يتردد هناك
لا تريد أن تدخَل أبداً
ستحبس نفسها هُنا .. فلن تتحمل أن تنظَر لوجهه كرة أخرى ..



جنــــون 05-16-2012 12:24 PM


في الغرفة بعد أن أشعَل نورها
جلس هو على طرف السرير .. بعد أن أغلق الغرفة
و راح يدلك بإحدى يديه .. قدمه المصابة بكدمة مزرقَة
لا يتألم منها أبداً .. لأن عقله مشوش جداً
منظَرها وهي محاصرة بذراعه السليمة
أربكه كثيراً .. لكَنه استمتع بتلك الثواني .. عشَق استسلامها له .. و سيكرر ما حدث .. و يعتذر منها
و هو متأكد أنها سترضَخ له .. لا أحد لها سواه الان
سترضى من أجل ذلك .. ومن اجل السر الذي يحمله لها
لكَن صوت خالد المنفعل .. و مؤشر السرعة الذي يصرخ في سيارته .. و كم الإتصالات الهائلة القادمة من " ندى "
توتره أكثر .. فأكثر
أمسك الهاتف ببرود و أتصَل بها ..
و مع الرابعة جاءه أجابتها
../ هلا .. السلام عليكم ..
صوتها البارد يهمهم
../ خير ... ؟؟؟؟؟؟
عقد حاجبيه وهو يزفر لتهدئة أعصابه
../ ندى ردّي .. عليّ زي الأوآدم
ضغطت هي على شفتيها بقّوة تمنع صوتها أن يصرخ
أمام والدها الذي راح يتأملها بإهتمام
../ وش تبيني أقولك ها .. صدق ما تستحي على وجهك .. وش إلي موديك هناك عندها .. ما تقولي ..
أجابها بصوت غاضب
../ ندى .. قسم بالله .. إن ما تعدّل أسلوبك لا أوريك شيء ما شفتيه ..
أمسكت بأناملها رأسها وهي تنهض .. لتجيبه
لكَن والدها صرخ يسألها
../ من هذآ .. صقر مسود الوجه
اتسعت عينا صقر بغضب مفرط
../ نــدى يـالحيــ*** .. تتكلمين قدآم أبوي
غضَبه هذا .. ثأر لـها قليلاً .. فأجابت والدها
../ إيه يبا .. دقيقة شوي ..و بجي
و أبتعدت قليلاً وهي تقول
../ كيف حالها .. ؟
طرأ لعقله صورتها .. فبدد تذكرها قليل من غضبه.. لكَنه تابع بصوت صارم
../ مهوب شغلك إنتي .. و خالد ليش جاي هنا .. وش قايلتن له إنتي ؟

تذكَرت توترها عليه .. و حديثها مع خالد القسري
و بروده هذا يغرس في قلبها خناجره
../ قاسي .. إنت من يوم عرفتك قاسي .. آخ لي بالاسم لكّني بريئة من كُل صفاتك .. ما شفت كُل هالإتصالات إلي جاتك مني .. ما دورت و سألت عن هالبيت يلي مرتمين
فيه أنا و أبوي الضعيف .. لكَن تدري إنت تدور علينا متى ما احتجت لنا وبس .. و أناني .. أناني لأبعد حد.. و اللحين رايح متسلط على هالضعيفة الثانية .. أتقي
الله فيها وخليها بالحالها
أجابها بصوت خافت ..و همس كفحيح الأفعَى
../ زوجتي مالك دخل فيها يا ندى .. و أقسم لو حسيت إن أبوي ولا خالتي عرفوا بسالفة زواجي لا أوريك شغلك عَدل .. و خالد بصرفه هالمرة .. لكَن لو عرفت إنك تدقين
عليه... و إنتي إلي كنتي تقولين ما أبيه.. بصفق وجهك .. تفهميــن و لا لا
لم تُجبه بل علا على ذلك صوت نشيجها
فصّر قبضَته ليقاوم مشاعره وهو يكرر بهدوء حازم
../ ما جاوبتيني ........ فهمتي إلي قلته
حّركت رأسها بالإيجاب وكأنه يراها وهي تقول
../ إيه .... سلام
وأغلقت الخط قبل أن ينطق بأي حرف
ألقت الهاتف بعيداً عنها ..... ثم انهارت تبكي بحُزن
خذلتها بتأكيــد من كُل الأطراف ... لا تملك أي قرار
في يدها ...
إرتفع رنين الهاتف
فنظَرت إليه من البعيد. .. من المؤكد أنه هو ..
كرر الإتصال لكي يزئر كالأسد الغاضب في إذنيها
لأنها أغلقت الهاتف في وجهه ..
لكَنها حين أقتربت ... تلقفت الهاتف سريعاً
وأجابت بلهفَة ..
.../ السـلام عليكم
../ وعليكم السلام .. هلا يا ندى .. كيفك ..؟
انفرجت أساريرها وهي تقول بفرح
../ بخيـــــر .. و شلونك إنتي .. و شلون بنتك ؟
../ بخير نسّلم عليك .. وينك اللحيـن ؟
فكأنما لمست جُرحها ، فألمها
أجابتها بصوتها الباكي
../ ما قدرت يا ميسون ..... ما قدرت أروح لها
عقدت الأخرى حاجبيها بقلق
../ ليش ... صار شيء ؟
مسحت دمعة كبيرة إنزلقت على وجنتها المبللة
../ أبوي ...معصب من صقر .. و صقر حلف إنه ما يجيبني ..
تكفي هذه المعلومات الصغيرة لتفهم الأخرى مدى توتر الوضَع لديها .... لتقول هي مطمئنَة
.../ زيـن .. خلاص ...كلها يومين .. و بروح لها ..
لتقاطعها الأخرى بخوف مُستمر
../ يـــوميـــن .. كثير .. ما يندرى صقر وش بيهبب فيها ؟
ابتسمت ميسون وهي تقول
.../ لا تخافي .. ما بيقدر يسوي شيء .. وأنا بكلم بندر يروح يقعد له عنده ... بإذن الله بيوافق
زفرت ندى بما يقارب الإرتياح وهي تقول
../ الله يفرج لك همك .. مثل ما فرجتي لي همّي يا ميسون .. قسم بالله كنت برمي نفسي من الشباك .. لو ما قدرت أساعدها .. كنت أحس في قلبي نار عليها ...
إزدادت إبتسامة ميسون
../ ونعم فيــك .. أختك و صديقة يا ندى .. خليك كذا دايماً .. صبا محتاجك وبقوة ..
فأجابتها بصوت هامس ... من مُحب
../ وأنا بعد ............ مفتقدتها و بقـــــوة

تدور بين قدر وآخر .. كنحلة تماماً
في الأيام القليلة الماضيّة .. راحت تشغل نفسها بكُل شيء
لتبعد تفكيرها عنه .. و عن ما سيؤول إليه حالها
تحاول أن تعود لتتقبل الوضَع هنا ..
وبدأت بالفعَل تفعل ذلك .. خلال تلك المدة السابقة
لم يحادثها أحد .. حتى وعد
انتظرت اتصالها عن طريق سمية .. لكَن
عظَم الحادثَة الأخيرة .. استنزفتهم جميعهم
و الأبطال أكثر هُم ألماً دائماً .. ،

و في كُل مرة عليها أن تتقَلد أدوار البطولة هذه
ليتسرب التعب إلى قلبها .. فتسقط بتعب ..,
متخذة جانباً من الطريق
الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً ..
استعجلت البدء بطبخ الغداء هذه المرة ..
وضعت أواني الفطور في المغسَلة بقوة
فأصدرت صوت مرتفع
نظَرت إليها الخادمة الممسكة بممسحة الأرض بإستغراب
إلتفتت نحوها دعاء
../ وش فيـك ..!؟

هزّت الأولى رأسها بخوف وعادة لـمسح الأرض بسرعة
فتركت دعاء الأواني من بين يديها فوراً
و اقتربت منها
تراجعت هي بخوف من ردة فعلها ..
فتناولت الممسحة منها بقوة . وبدأت في المسح بدلاً منها وهي تأمرها بصرامة
../ إنتي غسّلي النحـاس ..
تذكرت هاتفها .. المغلق منذ يوم الحادثة
و لم تتجرأ لـ تفتحه .. تركت الممسحة .. تسقط خلفها
وركضَت إلى الأعلى ..

دلفت للغرفة بهدوء .. فطَفليها نائمين
جلست على سريرها و فتحت هاتفها
راقبت الشاشة لثواني بعدها ألقتها أمامها بيأس

جنــــون 05-16-2012 12:24 PM


وكأنها كانت تنتظر شيئاً ما ..
و ما إن وصَلت لدى الباب حتى لمحت وميض الشاشة
وصوتها معلناً عن قدوم رسالة .. .... لها
عادت له سريعاً و تلقفت بلهفَة ..
6 مكالمات لم يرد عليها من ......... " وافي "
و 1 رسالة واردة
فتحت عيناها على إتساعها و هي تقرأ نص الرسالة
الذي قال
" تدرين إنك جبانة .. أدق وما تردين ، بس إذا إنتي حرمة و النعم فيك ، تعالي و أوقفي قدامي ... و الله لأطلع من عيونك إلي سويتيه بوافي ... و الله .....
..................................... حبيبته سحورة "
تركت هاتفها بجوارها و استلقت على السرير
حّركت لسانها على شفتيها لترطبها .. و رجفة خفيفة سرت في قلبها
تذكرت سحر ...
هل أصبحت الآن قريبة من وافي أكثر منها .. ؟
لكَن هيا من فرط فيه أولاً .. و تركه
هل أحبها ؛ لأنها تحبه .. أم أنه ما زال على العهد القديم
ما الذي تقصده الأخيرة ... هل ستنتقم منها ؟
لمَ .. ما الذي جعلها تقول ذلك .. ؟
رفعت هاتفها مجدداً ..
تود أن تحادث وعد ... تريد أن تسألها " عنه "
لكَن أي درجة من الحماقة ستبلغ إن فعَلت
بعد الموقف الأخير .. لا تملك سوى خياران ..
أحلاُهما مُر
فإما أن تستسلم له من أجل قلبها و أبنائها
أو أن تداوي قلبها المثخن بالجراح بالإبتعاد عنه

ويجب أن تلاقي حلاً سريعاً .. قبل أن تنفذ حتى هذه الخيارات .. وتبقى سجينة لحل قسري
لا مَفر منه
و أحياناً .. تتنبأ عقولنا بأمر ما .. قبل حدوثه
ربما بسنة , أو شهر ، يوم ، وربما ثواني
وهذا ما حدث فعلاً .. ثواني فقط
حين اضيئت شاشة هاتفها من جديد
برسالة جديدة من ....................." وافي"
لكَنها لمن تكَن رسالة نصية قصيرة ... بل رسالة وسائط
تحمَل مقطع فيديو قصير جداً ..
و ما يحويه .... جعلها تصَرخ
بذهول ................................. وصدمة
كاملين

*

همست بصوت متحشرج :
../ م مـآ تفرق معاي ..
زفر عمها " أبو تركي " وهو ينقل نظره في وجوه البقية
../ إيه هاذي البنت الشطورة .. بس يابو حسن خلنا نخلص من ذا الشغلة بسرعة .. بلا هالتطبيل إلي ماله داعي
هُنـآ خارت مشاعرها
يداها أنتفضَت بعنف
وصوتها خرج حاداً أكثر مما يجب
تحتاج لأغماض عينيها بقوة .. لكَي تتعارك الأخيرة مع دموعها
../ أستأذَنكُم
و تهادت بخطى واهنة .. لا تُدرك كيف أنتهى الحال بها
في الفناء الجانبي إلى المَنزل
حين سمعت صوت يصرخ خلفها بغضب
../ لــــيش سويـــتي كـــذآ ..يـآلـ***
الجرحُ
قمرٌ برتقاليٌّ
تشعلُهُ الجمرةُ
.ليتجلّى

إلتفتت نحوها وهي ترمقها بنظَرة حزينة بائسَة لتتكلمَ هي
../ إيه ..هذا إلي تعرفين له .. تورطين نفسك .. ثم تطالعينا بهالنظرة .. الغبيييييييية الضعيفة .. قولي لي اللحين وش بيفكك منه قووولي ..
لم تزَد على ما تقوله الأخرى بحرف
فقلبها الأن ليس ملكاً لها ... تماماً
لم يبقى لها سوى عقَل .... أو ربما بضعٌ منه
ستفكَر به طويلاً .. ستكتفي برجل واحد يعذبها
مؤبداً .. خيرٌ لها من اعينهم و أجسادهم .. هُم جميعاً
حّركت رأسها بتعب وهي تقول
../ عمّة الخيار مهوب فيدي .. وأظَنك سمعتي كلامنا كله .. ما يحتاج أعور قلبي .. بردهم .. إذا قلت لهم .. ما أبيه ..
إزدردت الأخرى ريقها بصعوبة واضَحة .. و قد إنتفخت أوداجها من فرط غضبها .. فأكملت بصوت عالي النبرة
.../ زيـــن .. على الأقل أطلبي منهم تأخيره... لين أشوف تركي واتفاهم معه ..
كبصيص أمل اشتعل في عمق الظلمة داخل رأسها
لكَن الأخيرة حاولت قتلها كعادتها
../ هه .. لا يغرك التأخير .. أظن الأمر لازم لازم ....
عضّت على شفتيها وهي تمسك رأسها بقوة
و بيدها الأخرى تدفعها إلى الممر المفضي إلى الفناء الخلفي ..
.../ إنــتي ما تشوفين نفسك متورطَة .. أجل ليييييش هالضعف ؟ خلينا نحس إننا ما ظلمناك ..
عقدت حاجبيها تُفكر في مصطلحها الأخير
لكَن صوت آخر حّرك شغاف قلبها نطق من زاوية ما خلفها
../ ريـم .. وشفيك تصارخيـن فهاليل ؟
إلتفتت نحوها بسرعة و عيناها ترمقها
توأمها ... و أختها ..... وحبيبة قلبها
هي هي .. كما كانت قديماً ... لم تتغير سوى نظَرة ما
إندست بين عينيها .. فلم تَعُد ترا وجودها أبداً
و كأنها مخفية .. او جزء من العدم
إبتسمت إبتسامة مررهقة للغاية
فعقلها مشتت لأوصال .. متنافرة
ف همست ببطء
../ عن إذنكم ...
ودلفت لـحجرتها ... حيث تؤوي لعالم
صنعته لنفسها ... و أحبته على سوء جوانبه .. لكَنه
أفضَل بكثير مما يقع خارجه
عاد لها صوت عمتها وهي تردد
" إنــتي ما تشوفين نفسك متورطَة .. أجل ليييييش هالضعف ؟ خلينا نحس إننا ما ظلمناك
خلينا نحس إننا ما ظلمناك
خلينا نحس إننا ما ظلمناك
ظلمناك.. "
هل ظلموها حقاً .. إذاً لماذا لا تُشعر بأي من هذا الشعور
لا تَرى في فعلتهم أي قٌرب من الظُلم أبداً
لن تكذب إن قالت إنها توقعت الأسوء دائماً
لكَن شيء من الراحة الغريبة تسلل لقلبها
حين وصلت لهذا الجزء ..
من المهم أن تكون راضيّة عن كُل ما يحدث حولها
وكما قيل لها منذ البداية ... هي تريد أن تبقى بعيدة
عن أعين الناس .. و الزفاف المزدوج .. أو ما شابه
مع ريم .. رٌبما يفي بالغرض
بإبتسامة باردة راحت تعلو طرف شفتيها وهي تهمس لنفسها
.../ و ريمو الخاينة .. ما جابت لي سيرة .. يبي لي أبارك لها .. شكَلي أو من يعَلم ..
أزاحت فراشها وأستلقت على السرير
ثم أبقت قدميها متدليتان .. بنومة غير مريحة أبداً
لكَن صوت الباب وهو يفتح .. لتدخل آخر من تتوقع رأيته
في هذه اللحظَة ...
وهنا في عالمها الخاص .. ؛

*

النفوسَ آلوآفيهْ : رغمْ آلمصآعِب مآتميل
وآلسمآ
...................................... كِثر آلسحبْ مآيغطي نورهآ

واجة بـِ نفسك لاا توصي وصايا
ماكل مااا يعنيك |يشعر به الغير!

العذر ينفع عند
....................."بعض الخطايا"

وبعض الخطايا فوق كل المعاذير !
وبعض الخطايا فوق كل المعاذير !
وبعض الخطايا فوق كل المعاذير !

اللذة الثالثة والعشرين

جلست على طرف السرير و قدماها متدليتان
وبيدها تمسك المُصحف .. و تدور بين صفحاته
بلا هدف .. فقط تريد أن تهرب بعينيها عن مساحاته
تسمع صوت يتحدث بعصبية مع أحدهم بالخارج
غاب طويلاً .. وأنشغلت هي بالإبحار في عالمها الخاص
بعيداً عن عينيه من جديد
منذ أن رأته أخر مرة .. حاول أن يكون محايداً
و أن لا يتحدث كثيراً
لكَن كلماته رغُم صدق حركاته .. تكَذّبها كُل حواسها
نظَرت نحو الأرض وهي تتابع خطواته التي أقتربت منها
جلس إلى جوارها .. فحّولت نظرها للصفحة
كانت آيات من سورة النحل
وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}‏‏ ‏[‏النحل‏:‏41- 42‏]‏‏.‏

إزدردت ريقها وهي تكتم أنفاسها
فلا حق لها في إشتمام عطَره الذي ألتهم خلايا عقلها
لاحظ هو إنكماش أنفها السليل
فنطق بهدوء
../ إذا خلصَتي القراءة طالعيني
لصوته أثار دمار شامل على كُل زوايا قلبها
كُل ملامحها تمثّل برود .. وكأن لا شيء هُنا أبداً
لكَن هو أذكى منها بكثير .. فقد لاحظ ثبات عينيها
بدأ يشّل بصوته الغليظ
../ أسمعيني يا الحنون إنت قلبي والعيون
.............. أسمعي عذر إبتعادي وبعدها قولي أخون
ابتعادي واللي صار صدقيني باختصار
..................... هي ظروف وعاكستني مالي فيها أي قرار

استنفرت كُل حواسها وهي تزفر بإستغفارها
لا تعلم إن كان قد أجفل أمام ذلك لكَنها تدرك
أن ملامحه مازالت مُتيبسَة كما كانت منذ سنة و نيف
لكَن " الصقر " بدآ من طرف عينها وكأنه
مسرور بإغضابها
أغلقت هي المصَحف إحتراماً له مما يفعَل
ذلك " الحجر " القابع بجوارها
أمسك قبضَتها وراح يطّق مفاصَل أصابعها
و يحّرك يده بنعومَة .... ترسل قشعريرة على
كًل جسدها ..
ساقت مشاعرها أمامها .. نحو زنزانة الموت
و تركت جفنيها ينسدلان بهدوء ..
أشاحت بنظرها نحو الجهَة المقابلَة
لتبعد أكبر قدر من الطاقَة المندفعَة منها
قُربه لهذا الحد يؤذيها .. شعور كبير بالذل
يجتاحهــآ ..
ذُل لم تتذوق طعمه بين حنايا السجن .. أبداً
لم يكُن مُراً لهذه الدرجَة ..
لا تسمع أي شيء من اغاني الحُب الذي يدندنها
الذي يطلقها إتجاهها
و لا نبضاته المندفعَة داخل صدره ..
لا تصدق كُل ما يبرز في عينيه من حُب و شوق ..
بل يبدو لها كذئب مخادع .. يريد أن يسقط بها مرة اُخرى
لم يصدق يوماً .. لأهله ..
فكيف بها هيا إذن ؟
أما هو ...’
تحدّث كثيراً .. لكَن عيناها لم تكُن تنظر إليه
ملامحها باردة ساكنة .. على نحو عجيب ..
أمعَن في إبارز حُبه أكثر مما يجب
فحاول الاقتراب منها أكثر
لكَن كفّها الطويلة الباردة إسترخت على وجهه القريب منها
وهي تنطق بغضب متصاعد
../ لو سمحت ...
لم تنطِق بالمزيد .. لكَن هذه كفَته
حُبه ليس بحاجة لكي يبرر لها أكثر فهو رجٌل صحراوي قاسي ..
و من المعجزات أن يعترف بشعور رقيق .......كالحُب مثلاً
أستفّزه برودها أكثر .. و أستغربه
فأرآد أن يستلذ بإغضابها ...
.../ وش فيه .. ! .. وخير يا طير .. زوجك ولا موب عاجبك
و بالفعَل .. كانت كلماته الأخير كأعواد الكبريت
حيث وجدت من قلبها بيئة مناسبة للإشتعال
فأحترقت غضباً
بل تأججت النيران في أعضائها كُلها
لتلكمه على صدره بقوة ..... أذهلته
../ أنقـلع .. روووح يا حيــ*** .. روووح يالي ما تخاف ربك ... والله والله إن قربت منّي ولا لمستني مرة ثانيــة ... والله لأصرخ وأجمع خلق الله ..
حاول الإقتراب منها و تهدئتها .. لكَنها ابتعدت أكثر وهي ترفع سبابتها أمام وجهه محذرة .. وبيدها الأخرى أمسكت بطرف ثوبها
.../ روووح .. رووووح .. تراني حلفت ...
مازال هو مستمر في الأقتراب ..
اقترب منها أكثر ويداه مرفوعتين باستسلام أمام وجهها
وهو يقول بهمس رجولي هادئ
../ لاآ ... لاآ .. إنتي فاهمة غلط .. شوفي موب مسوي لك شيء .. ما معاي شيء أصلاً
كان الأذكى ....؛ لأنه الأهدأ
فاستقرت في الزاوية و ملامحها تنطق بمقدار فشلها الذريع .. أنزلق جسدها حتى أستوت جالسة
../ لا تجي ... لا تجييييييييييييييييي .. روووح يالكـ*** ... رووووح .. ياااااربي
أهتز شيء ما لا يدركه في داخله مع كلمتها الأخيرة
فأرخى يديه إلي جواره .. و أقترب منها
جثى بجوارها .. على بعد خطوة ليترك لها مجال
تأمل وجهها المحمر بشدَه ..
جسدها المتعرق بغزارة..
عقله لاحظ شيء ما غريب في المشهد أمامه
لم جسدها لا يهتز ...
وقبل أن يكمل تفكيره .. وجد نفسه ملقًى على ظهره
بينما تجثم هي جسدها كلها فوقه
تلكمَه بشدَه أوجعته .. أوجعته حقاً
حاول السيطرة عليها .. لكَن صراخها الهستيري
صمّ أذنيها عنه
../ يالـ *** .. التافه الحقير ..أنا .. .أنا وثقت فييييييييك .. أنااااااااااا .. أعتبرتك إنسان .. لكَن إنت حيـوآن بصورة إنساااان .. تدور على إلي تبيه ..
بسسسسس .. مافكرت في غيرك .. يالـ***
تحسب مالي أهل .... تحسسسسسسسب مالي سند .. انا أنا عندي أبو ... عندي ... أبوووووي مات إيه ... بس
... بس ... الله فووووووق .. الله علييييك .. يالـو**
سائل ثخين أنزلق على إحدى وجنتيه
وألم شديد سَرى على طول جرحه الجديد .. في ظهره
قبضَ على ذراعيها بإحدى يديه
و لفّ ساقه حولها ليثبتها أكثر
كانت تبكي بشَدة .. تبدو مُرهقَة بعد كُل ذلك الكم من الضرب الذي أفرغته عليه
تأمل شعرها الذي أنتثر حول وجهها النحيل ..
يشعر بجسدها يشتعل حرارة .. و يتصبب عرقاً
زادت حركتها قليلاً تريد التمّلص من مسكته
فشّد ذراعه السليمة و ساقه حولها
../ أنثبري مكانك .. ما تشوفين وش سويتي ؟
لم يؤلمها منظَر يده المُجبرة أبداً
ولم تهتزطرفة عين
بقيت تقاوم تثبيته لها ...بشَدة
وهو على قوته ... كان ضعيف من الأساس
ألم ذراعه .. وشرخ خدّه يؤلمانه
لكَن قربها منه لهذا الحد ظهرها المُبتل الذي يلامس بطنه
يريق دماء قلبه في فُلك أبيض داخله
حّررها أخيراً ..
فأنطَلقت نحو " الخلاء " حيث المكان الوحيد
الذي يمكنها فيه أن توصَد الباب خلفها
زفر بقوة .. لكَن بلا يأس
تحّرك في المكان بجنون وكأنه أسد يستكشف منطقه خاص به و بلبوته ..
لكَن الفكرة أياً كان نوعها .. تولد من تلقاء نفسها
في حالة الغضَب .. أو ربما في منصف ثورة المشاعر
ألقى مالبسه سريعاً
وهو يهمس بكلمه واحدة فقط
.../ " حبــــــــل "
عندما نُحب أحدهم بشَدة فيجب علينا أن نحتاط من تبعات ذلك الحُب .. لأنه إن وصَل إلى مرحلة الشغف
فأنه قد نقَتلهم لـ ننال إبتسامة مثلاً
وهو كشيء ما على غرار قول اليابنيين
"
عندما يتعلم أحدهم كيف يحب
عليه أن ينتبه من مخاطر الكراهية ..
"
والعشق

*

جنــــون 05-16-2012 12:24 PM


من المهم أن تكون راضيّة عن كُل ما يحدث حولها
وكما قيل لها منذ البداية ... هي تريد أن تبقى بعيدة
عن أعين الناس .. و الزفاف المزدوج .. أو ما شابه
مع ريم .. رٌبما يفي بالغرض
بإبتسامة باردة راحت تعلو طرف شفتيها وهي تهمس لنفسها
.../ و ريمو الخاينة .. ما جابت لي سيرة .. يبي لي أبارك لها .. شكَلي أخر من يعَلم ..
أزاحت فراشها وأستلقت على السرير
ثم أبقت قدميها متدليتان .. بنومة غير مريحة أبداً
لكَن صوت الباب وهو يفتح .. لتدخل آخر من تتوقع رأيته
في هذه اللحظَة ..،
وهنا في عالمها الوحيد ....
إبتسمت لها بحنان .. وهي تتأمل ملامحها
وذكريات قديمَة تنهش عقلها بسهولة
وهي تسمع صوت الأخرى يتدفق على مسامعها بنبرة خجولة لم تُفسرها
../ هديل .. أنا ..... أنا آسفه
اتسعت ابتسامتها أكثر .. و ودّ قلبها لو يسقط من أعلى
جبل أو يهوي في عُمق حُفرة .. من خجّلها هي
رفعت الأخرى نظرها وهي ترى ملامح وجهها المحببة
ساهمة فيها فأبتسمت بدورها
../أآآآ .. ممكن أجلس معك دقيقة؟
قفزت من السرير بسرعة وهي ترتب موقعاً لها بعشوائية
وتقول بصوت مرّحب
../ تفضلي .. المكان مكانك ..
اقتربت منها وجلست بجوارها ..
نظرت إليها هديل بحٌب وهي تراها تخفض رأسها بخجَل
و مسحة من الحُزن تُضيء في عينيها
.../ خدوج .. فيك شيء .. ؟ .. ودّك تقولين شيء
رفعت الأخيرة رأسها لها .. تقّوست شفتيها مُنذرة بطوفان و بصوت متحشرج
.../ أنا .. سمعت إلي قالوه لك ..؟
إرتفع حاجبيه بدهشة لثواني .. و عادا للإرتخاء بعدها
وهي تمسك بكتفيها وتسألها
../ وش إلي سمعتيه ؟
بدأت بالنحيب .. ولم تطالبها هديل بالتوقف أبداً
فهي من المعارضين الأشداء لمبدأ المواساة بمسح الدموع
فنتيجة أي كَبت انفجار من هذا النوع في أغلب الحالات
أجابتها بعد أن هدأت قليلاً
../.. إنك ...... إنك ..ت تأخذين أخـ وي
ابتسمت وهي تهّز رأسها بالنفي .. رٌبما لتزيح غصة متعثرة في بعلومها
../ وش فيها .. ولا ما تبيني أخذه ؟
نظَرت إليها هديل بقّوة .. و دموعها تتساقط كقطع لؤلؤ من عينيها الضيقتين
../ إنــتي ..مـــوافقَــة ؟
ثم أحاطت كتفها النحيل بذراعيها وهي تحتضنها بقوة
أربتكتها ..
../ كُنــــت أحســبهم غاصبينك .. بس الحمدلله .. حتى أخوي يبيك ..
عقَدت حاجبيها وصوت صفير كآلة مُعطَلة يصَدر من صميم قلبها ..
../ وشلون ؟
الأخرى تُكملْ بحماس
../ أبـــوي قاله .. هو وافق .. أحس إني مبسوطة بتعيشين عندنا
إزدردت ريقها بصعوبَة مؤلمة
جعلتها تطرق للأمام بوجع ..
فسألتها " خديجة " بخوف
../ وش فيك ؟ ... فيه شيء يعورك
رفعت رأسها بصعوبة وهي تقاوم ذلك الزخم القادم نحوها
ليفتك بعقلها
../ لا ما فيه شيء .. و الله كبرتي .. وشكلك تغّير ..
رفعت كتفيها بغرور وهي تقول
../ والله .. أعجبك ..
ابتسمت لها الأخرى بدون أن تجيب فأكملت هي بمرح
../ هي كُل أبو إللي غبتيه سنة .. ما حد يتغير بسنة .. المرة الجاية سافري أكثر .. واتغير زيااادة .. ولا آآآآ .. خوذيني معااك أحسسسن
" سافرت " .. إذاً هي تجلس أمام براءة محضَة لا تعرف عن ما ضيها شيء ..
لتكُمل " خديجة " وكأنها وجدت من تبحث عنه طويلاً
../ تذكرين أيام زمااان يوم كُنا نخرج برا في الحديقة إلي ورا .. و نشغل المسجل على أعلى شيء .. بعدين يشتكون مرت عمي .. أم صالح ..و يجي أبوي .. و يمسح بنا
البلاط .. ويعاقبنا .. و تذكرين بعد يوم كنا نخرج للمول و .................
تٌتابع كلامتها بوجع .. و تقوس ألم يرتسم على شفتيها في خفاء
في عمق روحها ..،
بينما السعادة تنضَح من مقلتي " خديجة " النديتين .. لتقطع كُل هذا بقولها
../ اللحيـن إنتي بثاني متوسط .. ؟؟؟
حّركت الأخرى رأسها بالإيجاااب .. وهي تقول
../ إيييييه .. و الله عندنا الأسبوع الجاي .. و أنا ما ذاكرت شيء .. أصلاً أبلة فريدة قالت لي ..........
و أتكأت على يدها تتأمل ثرثرتها .. ستتركها تفعل ذلك
على الأقل هي أكثر تشويقاً .. من ريم
بعد بٌرهة
رفعت معصمها وهي لترى ساعتها ثم قالت لها
../ خدووجة .. تأخر الوقت .. لازم تروحين بيتكم بكرا دوام
إحتضَنت كفيها في راحتيها
../ والله مبسوووووووووووطة .. إننا رجعنا لبعض
يا ألهي .. بدت لها خدوج تعيش المراهقَة حقاً .. بمصطَلحاتها العجيبة .. جعلها ذلك تبتسم بصَدق
../ لا لازم تروحين اللحين .. و بكرة تعالي وكمَلي سوالف .. لين ما تملين
نهضَت بيأس من مقعدها اتجهت للباب الذي فُتح لتدخل إحدى الخادمات وتلقي نفسها على السرير بتعب
التفتت نحو هديل بمفاجأة
../ أوووبس نسيت ما أسألك .. إنتي لييش تنامين بغرفة الخدمات ..
توقعت سؤالها مُنذ البداية , وأعدت جوابها
فحّركت كتفيها بلا مُبالاة وهي تقول
.../ غرفتي تحتاج تصَليح .. ومدري متى بيخلصونها .. يالله حبيبتي لازم تحركين بسرعة .. وتعالي بكرة بنتظرك انا
حّركت رأسها
../ زيــــــن بروح .. طيب نامي عند جدتي
زفرت بصبر
../ ما يصَلح جدتي دايم الناس داخلة وخارجة من عندها ما بأخذ راحتي ..
حّرك رأسها بالإيجاب وهي ترد
../ صح أحسن لك هنا ... متخبيّة
وصَلت إلى الباب ثم أستدارت مرة اُخرى لها
../ هدوولة .. تدري إن أمي ما تدري إني عندك .. ولا بتموتني .. لكَن بكرة بجيك بالدس بعد .. أنتظريني
وخرجت لتغلق الباب بقوة
انزعجت الخادمَة التي قالت جُمل عديدة غير مفهومة
لتعود بعدها للنوم ..
عادت هديل للإستلقاء على فراشها .. تناجي أفكارها

جنــــون 05-16-2012 12:25 PM


المتزاحمة في رأسها ..
هو يريدها أذن ..؟ .. هل سيكون مفتاح للسعادة الأن
تعبت من أيام الشقاء قبلاً .. و ستشَحن كُل شعور من الجليد في قلبها ..؛ لترتديه ..
لن تبكي أبداً .. بل ستبتسم على الدوام
ومن العجيب لدى قلبها ..
أنها تعشق إكمال مسلسلاتها حتى النهاية
و ستتحمل إلى ذلك الحين ..
لتشهد نهايتها هي
حّركت شفتيها تطَرد أفكارها ؛ لتهدئ وتنام
وشفتيها تدعوا الله برجاء .. مُلح
../ .." يارب صبّرني .. وقويـني "

*

مرت من الأيام ما يكفي ليقربها أكثر من هذا اليوم
بقيت تتذكر كلمات خديجة .. البسيطَة
وهي تتأمل إيماءات ريم التي تحدثّها بسعادة عن إستعدادتها
لو لم يحدث ما حدث .. لكانت عروس أكثر نقاءاً على الأقل
لكانت مثل عمتها هذه .. وربما أكثر سعادة
لكَن الأخيرة ليست من نصيبها وهذا ما أقنعت نفسها به طيلة الأيام الماضية
لن تُعاند أي رغبَة قادوها نحوها
ولن ترفض حتى لصاحب الشأن أي طلب ..
سترجوه حين يراها أن تعمَل خادمة في منزله ..
على الأقل ستكون خادمة بإمتيازات أفضَل
و لن تُمانع إن تزوج عليها .. بل ستحضَر وليمة زفافه
بلا شُعور .. ؛ لأنها هي من قتلت مشاعرها منذ هذه اللحظَة
تحدثت الأخرى فأطالت .. تذكَر هديل أنها سمعت بضَع أشياء عن " مُفاجأة وهدية "
لكَنها لم تُكَلف نفسها عناء السؤال .. ..
إتكئت ريم و التي بدت مُتعبَة من إسرافها في الكلام
وهي تقول
../ قرقرت واجد .. مو ؟
ابتسمت بصعوبة وهي تحاول أن تبدو طبيعية أكثر مما يجب
../ مدري وش فيه وجهي يحمّسكم تسولفون عليه هالكثر
انطلقت ضحكة صافية وعيناها تلمعان
../ ههههههههههههههههه .. و إنتي الصادقة .. فيك شيء يشَد إن الواحد يسولف عليك .. مدري وشلون اوصف لك .. هههههه .. بس مين غيري عّور راسك
أجابتها ببساطة
.../ خدوج
أمتلئ وجه الأخرى بملامح صدمة ..
../ من جدّك ؟
تأملت ملامحها باستغراب وهي تكتفي بالإيماء إيجاباً
ليتقّوس شفتا الأخرى إلى الأعلى
../ ههههههههههههههههههههه .. أجل كانت تقول كذا عشان تجي لك .. ههههههههه
ابتسمت لضَحكتها
../ وش تقول ؟
../ ههههههههههه .. وحدة مرة شفت أمها تسألها وين رايحة .. تقول .. عند شغالة جدتي .. تقول كانت مدرسة إنجليزي في بلادهاااا .. هههههههههههههههه .. وأمها تحسّب
إنها تجلس تذاكر ... وحنّا نمدحها على الدفَرة ..
اتسعت إبتسامة هديل بصَدق واضح هذه المرة
../ والله حركات ذا البنت .. صار مدرسة إنجليزي .. ههههه .. وأنا أقول ليش دايم معاها شنطتها ههههه
أكمَلت ريم
../ لاآآ وذاك اليوم .. جاتنا لابسة لبس .. خخخخخخ ياقالك ع الموضة .. أمي من شاا
ثم قفزت من جلستها وهي تضرب جبينها بقوة
../ يا ويلي وأنا أقوووول .. لييييش جيييت ..؟ أمي تبييييك ..
اتعست عينيا بصدمة
../ لك فوق الساعة .. تسولفين ما تذكرتي ..
أمسكت بذراعها بسرعة وهي تهمس لها على عجل
../ يالله .. يالله .. قومـــي .. بتقتلني أمي
وصَلت معاها إلى الباب حين أمسكت بقبضَتها لأبعدها
.../ أول تأكدي .. جاها أحد أو لا ..
أختفت لدقائق ثم عادت بعدها ..
لتخبرني أن لا أحد هُناك
دلفت لحجرتها التي تحمَل رائحة دخون مميزة خاصَة بها
الدفء في هذه الزوايا أكبر من طاقتها
إرتجف قلبها وهي تسمع صوتها الحبيب يدعوها
../ وعليكم السلام
هل ألقت السلام بدون أن تعي أم ماذا ؟
حاولت التركيز أكثر وهي ترى قلقها
../ تعاالي يمّتس .. قّربي .. وشلونتس .. وش فيتس ؟
ابتسمت لها وهي تقبّل يدها ورأسها براحة تهّز قلبها
../ بخير جعلني الأولة .. مافيني إلي العافية .. إنتي وشلونك .. جعلني فدا راسك ؟
تراجعت إلى الوراء وهي تمسك بقبضَتي هديل بين يديها
متجاهلة سؤالها الأول
../ .. أجل وشو له تقول ريم إنك ما تأكليـن ..
ألتفتت نحو عمتها باستغراب .. بينما قالت الأخرى بارتباك
.../ إيه يمه .. قلت لك أخرتني .. جلست أحاول فيها تأكل .. وأكلت شوي
مطّت شفتيها وهي تجيب على كُل ذلك القلق في عيني جدتها.. وهي تقترب منها لتقبّل رأسها مجدداً
../ إيه .. يمّه .. تعب و زال الحمدلله .. ماقلتي لي شلونك يا ميمتي ؟
مدّت قدميها أمامها بتعب .. وهي تقول بهمس
../ بخييير . ياربي لك الحمد.. يومنّي أشوفك بخير .. و تضحكـــين ..
أمسكت هديل بقدميها الهزيلتين وراحت تضغَط عليها بلطف شديد .. بتكتفي بابتسامة صنعتها لتعدها هي لا لتفرح قلبها ..
لتقول ريم بمرح .. مُفعم بسعادتها
../ إيييييييييييييييه .. لنااا الله .. اللحين وأنا ما ودكّ تشوفيني أضَحك
ابتسمت لها بحنان وهي تقول
.../ إنتي ماشاء الله عليتس ما شوفك غييير تضاحكين كنّتس بقرة .. جعلني ما شوف دموعك
أحتضَنتها بمودَة وهي تقول
../ اللحين مدري ..ذي مدحة و لا سبّة ..
دفعتها هديل بخفّة
../ وخّري .. بتعورين ميمتي ..

شدّت من ذراعيها المحيطَة بها
../ رووووحي هناك .. هذي أمي قبلك ..

ابتسمت هديل بعُمق .. و هي ترجو أن تعود أمها ليوم واحد فقط .. لن تتكلم معها .. بل فقط , لتحتضَنها
انصرفت الريم لمشاغلها ...
وبقيت هديل .. وجدتها بمفردها ..
لتهمس الأخيرة للأولى .. بحُب دافئ
../ يمّه تعبت يدّك وإنتي تهّمزين ..
../ لا والله .. ما تعبت .. خلّيني كذا مستانسة
ابتسمت لها وهي تقول بذات الحُب المتدفق نحو قلب تلك اليتيمة
../ هديل .. ناقصَك شيء .. محتاجة شيء وأنا أمك ؟
كسَرت نظرها نحو الأرض .. فهي لا تحتاج لشيء سوى الأختلاء بنفسها ...
والآن حالاً .. المزيد من المشاعر الكثيفة كتلك تؤرقها
فشحن البرود لم يترك سوى ابتسامات تصنعها عبثاً على وجهها ..
../ لا جعلني ما خلا منّك .. ما احتاج إلا رضى ربي عنّي
همست لها بصَدق وهي تقتل دمعَة انزلقت على مسار من التجاعيد التي تحّلق حول عينيها لتوأزِرها
../ يا أمتس .. أنا كلمت تركان أمس .. و مصّعت أذونه .. وحذّرته .. والله لو يدوس لتس على طرف .. لا أنتف شنبه .. وما همّني
قبّلت قدمَها حيث تجلس هي .. وبلا شعور تركت رأسها مُمرغ هُناك
قلبها المغطّي بكُل تلك الأوشَحة .. ليخفي خلفها معالم أي شعور .. تركته بجوارها ..
لتسحب الأولى قدميها و يدنو رأس الأخرى من حِجرها
تبكي تلك بصَمت لحالها ..
بينما بقيت الأخرى في حضَنها صامتَة تنعُم
بمشاعر دافئة تتسرب إلى قلبها ..
مّرت الأيام .. تتلوها اٌخرى
دائماً تلك الثواني التي لا نُريدها .. تقفز سريعاً نحونا
لتفاجئنا من خلفِنا
الليلة هي ليلة عَقد القرآن ..
الباحة الأمامية مُضاءة المصابيح المتوهجة .. و أنتشرت التيازير على جوانب .. و البُسط الحمراء تتوهج بشغف لهذه الليلة و مجالس مفتوحة على مصراعيها .. تدعو
كُل من يمر بجوارها ..
الجميع يتحّرك بسرعة على نحو ملحوظ .. وصلوا الضيوف الأكثر قرابة أولاً ..
العروسَة في حجرتها تحت يدا المُزينة .. بينما
يتمايلن بنات الأخوة بين الغرف بفساتينهم و زينتهم
بسعادة يجبرهم هذا الجو على تذوقها
إلا هي
تجلس على ذات السرير .. وفي غُرفتها المظَلمة
حتى الغرفة بدت مختلفة وهي ترتدي الثوب البرتقالي
المتسرب لها من النافذة ..
شعرها مُبلل .. و عيناها الواهنتين .. ملامحها الساكنة وهي تتأمل الفراغ بصَمت ..
جالت نظرها بالغُرفة وتوقفت في نقطَة
حيث تقبع هدّية فُك رباطها
يبتسم عقلها لتلك الذكرى وكأنها تراها
"


الساعة الآن 06:29 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية