أفَـلَـت شُـمـوسُ أحِبّتي وتَرحَّـلـوا
واسـتَـوحَـشَـتْ دارٌ تَـئِـنّ ومَـنـزِلُ

كانـوا هُنا بَيـنَ الـعُـيـونِ ورِمشِـها
حَـلُّـوا ، ومِن بَعدِ المُقامِ تَحَـوّلـوا

فَاغفِر أيَا رَبُّ تَقصِيرًا بُلِيتُ بِهِ
إنَّ الفُؤَادَ لِعَفوٍ مِنكَ ظَمآنُ

وَجَدتُ سُكوتي مَتجَراً فَلَزِمتُهُ
إِذا لَم أَجِد رِبحاً فَلَستُ بِخاسِرِ

وَما الصَمتُ إِلّا في الرِجالِ مُتَاجِرٌ
وَتاجِرُهُ يَعلو عَلى كُلِّ تاجِرِ

الإمام الشافعي

في بيتٍ جميل يقول بشار بن برد:

"ولا بُدَّ من شكوى إلى ذي مُروءَةٍ
يُوَاسِيكَ أو يُسْلِيكَ أو يَتَوَجَّعُ."

تاركٍ لي ذكريات ومداهيلٍ وراي
خاطري فيها وانا مقدر اعوّد ورا

لن أَدَّعي الشوقَ؛ لكنِّي متى خَطَرَتْ
بكِ الرُّؤَى، عَلِقَتْ روحي بحُلقومي
لا تتركيني كرومًا غيرَ دانيةٍ
ولا تَظَلِّي رحيقًا غيرَ مختومِ

‏يا عادلاً في حكمِهِ لا يَظلِمُ
بَرحَ الخَفَا كم ذا نُجنْ ونكتُم

يا سامعَ الأصوات إنْ لم تَسْتجبْ
من يَسْتجِيبُ لَنَا سِواكَ ويَرحَم

يا مَنْ مقاليدُ الأمورِ بكفِّه
عَطفاً فأنتَ بحالِ عَبدِك أعلمُ

كَم زَفرَةٍ مِن شِغافِ القَلبِ صاعِدَة
وعَبرة مِن شؤون العين تَنحَدِرُ

‏ياربّ سلّط على الأحزان عاصفةً
من المسّرات لا تبقي ولا تذَرُ

وابْعث إلينا من التّفريج مكرمةً
وامْنن على من غزاه الهمُّ والكدرُ

أنت القريب من المضطرِ حين دعا
وأحسَنَ الظنّ لمّا مسّه الضّررُُ

‏‎يا ربَّ كلِّ الأمنيات بخاطري
كرماً و جوداً قُل لهنَّ تحققِي

سبحانكَ اللهم تعلمُ شأننا
حتى و إن لم بالأماني ننطقِ

إني برغم مصاعبي لا أنثني
الصبر زادي والطموح سمائي
يومًا ستسطع للبرايا أنجمي
مادام بالمولى الكريم رجائي

إنِّي وَإن ضَحِكَت شِفَاهِيَ خِلسَةً
أبكِي وَتُغرِقُ دَمعَتِي أورَاقِي

لَكِنَّني مُتَجَلِّدٌ مُتَصَبِّرٌ
لَا أشتَكِي وَالنَّارُ فِي أعمَاقِي

هب نسناس الهوى لي من شمال
حامل ريح الخزامى والنفل

‏واعلَم بأنِّي -وإنْ أخلَفْتَ موعِدَنا-
‏باقٍ على العهد لم أعدِلْ بكُمْ أحَدَا

يا وَيحَ هَذا الفِراقِ ما صَنَعا
‏بَدَّدَ شَملي وَكانَ مُجتَمِعا
‏مَن لَم يَذُق لَوعَةَ الفِراقِ فَلَم
‏يُلفَ حَزيناً وَما رَأى جَزَعا
‏وَكلُّ شَيءٍ سِوى مُفارَقِة
‏الأَحبابِ مُستَصَغَرٌ وَإِن فَجَعا!

سينهض من صميم اليأس جيلٌ
مريـدُ البـأسِ جبـارٌ عنيد
يقـايضُ ما يكون بما يُرَجَّى
ويَعطفُ مـا يُراد لما يُريد

أحسِن بربِّ الكون ظنَّك إنما
تُستجلب التقوى بحسن ظنون ِ
أمدد يديك إلى السماء مناجيًا
ربًا ينادي الخلق: من يدعوني

ويكتبُ اللهُ خيرًا أنتَ تجهلُهُ
وظاهرُ الأمرِ حرمانٌ من النِّعَم

لله سلمت أمرا لست أعلمه
مالي على حمله لكن سأرضاه
رباه لولاك... لا سند ولا احد
فأنت حسبي، وحسبي أنك الله

كمَرّ السحابِ يمرّ البشر
‏فناسٌ كغيمٍ وناسٌ مطر
‏وناسٍ بقوا في الحياةِ طويلًا
‏ولم تذكر الأرضُ منهم أثر
‏ومهما أردنا مكوثًا فإنّا
‏محالٌ علينا بأن نستقر
‏وتمضي الحياةُ ونمضي عليها
‏ونبقى بها دائمًا في سفر

هو يحسب إني بفقده حيل لا غاب
وأنا فقدت الحيل من زود ما أغليه..

مضى عامٌ، وعامٌ جاءَ يسعى
على ساقَينِ مِنْ خَشَبِ الأمانيْ

فما أسلَمْتُ للأيّامِ قلْبي
ولا لاحَقتُ خَيطاً مِنْ دُخان

ولكنّيْ أواجِهُ ما تبَقّى
بإيماني وبالسَّبْعِ المَثاني

‏ياربّ أصبحنا بكلِّ تفاؤلٍ
‏أنْ لا تُخيّب يا كريمُ رجانا

‏فاكتب لنا خيراً وزدنا أنعُماً
‏حقِّق على كلّ الدروب مُنانا

‏ما كُنت تحرمُ من أتاك مُرادهُ
‏أو كُنت تكسرُ يا جواد دُعانا

أَخْفي الجَمالَ عن العيُونِ وجَلِّـلي
نوراً بدا من وَجْهِكِ المُتَهَلِّـلِ
أَخْشى عليكِ الضُّرَّ من عَيْني فما
زالت تُغالِبُ لَهْفتي وَتـأَمُّـلي


• أبو علي النجدي |

كأن احبابنا غابوا
تنفس وانطفى القنديل
وتبلل بالدمع منديل
وخصلات الشعر شابوا
اظن احبابنا غابوا
احس إن الطعم واللون
وجمر المدفأة سافر
نوافذ غرفتي الليلة
غدت أضيق من الخاطر
حبيبي قلت لي باكر
احبك كثر ما أقدر
وأبيك توعدني ماتزعل
ولا تحزن ولا تسهر
وش اللي جاب هالطاري
أظن الفرقى اسبابه

‏جادت بك النّفس إذ ضمّتك أبياتُ
في القلب تحويك أسرارٌ وآياتٌ
.
فخذ بكفّيك بعضاً من حكايتنا
فالقلبُ تأتيه من فرقاك نوباتُ
.
يا من رمى نحونا سهماً بغير هدى
خفف من الوطء أهل العزم قد ماتوا
.
قد غار سهمك في قلبي فأرّقني
زار الحنين فأعيتني صباباتُ

تعب الطريق و ملّ من خطواتي
و تعبتُ من ظلي ومن مرآتي

من ذا يرد على الفراش حقوله
ليطير حرّا في الزمان العاتي

ما لي سوى الكلمات أملأها جوى
يا طول ليل الحزن في كلماتي

غنّيتُ فاختار اليمام قصائدي
عشّاً و ذاب الليلُ في آهاتي

أخافُ عليكِ من ألمٍ وحزنِ
فرِيحُ الهَمّ تكسِرُ كُلّ غُصْنِ
أعيذُكِ من دموع الحزنِ حُبًّا
لأِنّكِ قطعةٌ فيِ القلبِ منّي

ضيعتني واسأل الله الهداية
وين أجيب العقل أجيبه من جيوبي..

عليكَ يا فالــق الإصـباح متّكـلـي
إليكَ أمضي و في رُحماك إقبالي

أسير نحو الأماني الغيدِ مبتهـجًا
ما دمـتُ بالله قـد علّقـتُ آمـالـي

خُلَاصَةُ العُمرِ أيَّامٌ أرَاك بِهَا
وَمَا سِوَاهَا مِنَ الأيَّامِ تَبذِير

وإذا البشائرُ لم تَحِن أوقاتها
فلِحكمةٍ عندَ الإله تأخرتْ

سيسُوقها في حينها فاصبرلها
حتى وإن ضاقتْ عليكَ وأقفَرتْ

إلْجَأ لِرَبِّكَ إنْ ضَاقَتْ بِكَ السُّبُلُ
وَاسْقِ الدُّعَاءَ بِمَا جَادَتْ بِهِ المُقَلُ

وَكُنْ عَلَى ثِقَةٍ فِي مَنْ تَلوذُ بِهِ
سَهْمُ الدُّعَاءِ إذَا أطْلَقْتَهُ يَصِلُ

شادي المرعبي