مشاهدة النسخة كاملة : عدالةُ الصَّحابةِ ومنزلتُهم بين العالمِين


إرتواء نبض
03-21-2015, 03:28 AM
بسم الله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله





أما بعد:
فإنَّ عدالة الصَّحابة الأكْرمِين، ظاهرةٌ لكلِّ النَّاس أجمعِين، إلَّا من أعمى الله بصيرَته من العالمِين، وقد دلَّ على ذلك الكتابُ والسُّنَّةُ وإجماعُ المسلمين، وحسبُنا في هذه الكلمات اليسيرات أن نذكرَ شيئا من ذلك، لعلَّنا ننالُ به أجرَ المشاركة في الذبِّ عن أطهرِ الأمّة وأشرفِها، ونكونُ ممِّن سخَّرهم الله وكرَّمهم بالدِّفاع عن أهلِ الإيمان، وهو القائِل سبحانَه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾[الحج: 38]، فنقول مستعينين بالله العظيم:
أمَّا ما يدلُّ على عدالتِهم ومنزلتِهم من كلامِ الله فكثير: فقد عدّلهم ربُّ العالمين، وأثنى عليهم في عدَّة آيات من كتابه العزيز منها:
1. قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[البقرة: 143].
وقوله: (وسطاً) بمعنى (عدولاً خياراً)، والصّحابة هم المخاطبون بهذه الآية مباشرة.
قال ابنُ القيّم-رحمه الله-: (أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ أُمَّةً خِيَارًا عُدُولًا، هَذَا حَقِيقَةُ الْوَسَطِ، فَهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ، وَأَعْدَلُهَا فِي أَقْوَالِهِمْ، وَأَعْمَالِهِمْ، وَإِرَادَتِهِمْ وَنِيَّاتِهِمْ، وَبِهَذَا اسْتَحَقُّوا أَنْ يَكُونُوا شُهَدَاءَ لِلرُّسُلِ عَلَى أُمَمِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[1].
2. وقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾[آل عمران: 110].
وهذه الآية أثبتت الخيريّة المطلقة لهذه الأمّة على سائر الأمم قبلَها، وأوَّلُ من ينال هذه الخيريَّة همُ الصَّحابة الكرام -رضي الله عنهم-.
قال أبو محمّد ابنُ حزم-رحمه الله-: (وَلَا خلاف بَين أحد من الْمُسلمين فِي أَنَّ أمَّةَ مُحَمَّد -صلَّى الله عَلَيْهِ وَسلَّم- أفضلُ الْأُمَم لقَوْل الله -عزَّ وَجلَّ-: ﴿كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس﴾، وَأَنَّ هَذِه قاضية على قَوْله تَعَالَى لبني إِسْرَائِيل: ﴿وَإِنِّي فضلتكم على الْعَالمين﴾، وَأَنَّهَا مبيِّنَة، لِأَنّ مُرَاد الله تَعَالَى من ذَلِك عَالَم الْأُمَم حاشا هَذِه الْأمّة)[2].
3. وقوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[الحشر: 8-9].
فـ(الصَّادقون) هم: المهاجرون، و(المفلحون) هم: الأنصار[3].
4. وقال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التّوبة: 100].
وقد اشتملت هذه الآيةُ الكريمةُ على أبلغ الثَّناء من الله ربِّ العالمين على السَّابقين الأوَّلين من الأنصارِ والمهاجِرين وعلى التّابعِين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
5. وقال تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾[النّمل: 59].
قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية-رحمه الله-: (قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: هُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْمُصْطَفِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِيهَا: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ - جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ - وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ - الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ [سُورَةُ فَاطِرٍ: 32 - 35]، فَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– هُمُ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ بَعْدَ الْأُمَّتَيْنِ قَبْلَهُمْ: الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُمُ الَّذِينَ اصْطَفَى...)[4].
وأمَّا من السُّنَّة:
فقد أثنى النَّبي الصَّادِق-صلَّى الله عليه وسلَّم-على صحابتِه في عدَّة أحاديث:
1. فعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه- قال: قال: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ: «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ»[5].
2. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ،...))[6].
قال النَّووي-رحمه الله-: (اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ قَرْنُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُرَادُ أَصْحَابُهُ)[7].
3. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ))[8].
4. وعن معاويةَ بنِ حيدة-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:((أَنْتُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ))[9].
والأحاديثُ الدَّالة على فضل الصَّحابة-رضوان الله عليهم- جماعةً أو أفرادًا متعدِّدةٌ ومتنوِّعةٌ، وحسْبُ المنصِف ما ذُكر، وأمَّا الشَّانئ المبغِض الحقود فلن يكفيَه شيء ولو جمعت له أدلَّة الكتاب والسّنّة أجمع.
وقد نقل غيرُ واحدٍ إجماعَ الأمَّةِ على عدالتِهم وفضلِهم وسبقِهم:
قال الخطيب البغدادي-رحمه الله-: (وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْمَعْنَى تَتَّسِعُ وَكُلُّهَا مُطَابِقَةٌ لِمَا وَرَدَ فِي نَصِّ الْقُرْآنِ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ يَقْتَضِي طَهَارَةَ الصَّحَابَةِ وَالْقَطْعَ عَلَى تَعْدِيلِهِمْ وَنَزَاهَتِهِمْ، فَلَا يَحْتَاجُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَعَ تَعْدِيلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمُ الْمُطَّلِعِ عَلَى بَوَاطِنِهِمْ إِلَى تَعْدِيلِ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ لَهُمْ، فَهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَى أَحَدِهِمْ ارْتِكَابُ مَا لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا قَصْدَ الْمَعْصِيَةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ فَيُحْكَمُ بِسُقُوطِ عَدَالَتِهِ، وَقَدْ بَرَّأَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَرَفَعَ أَقْدَارَهُمْ عَنْهُ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِدْ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَرَسُولِهِ فِيهِمْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لَأَوْجَبَتِ الْحَالُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا مِنَ الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ وَالنُّصْرَةِ وَبَذْلِ الْمُهَجِ وَالْأَمْوَالِ وَقَتْلِ الْآبَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَالْمُنَاصَحَةِ فِي الدِّينِ وَقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ- الْقَطْعَ عَلَى عَدَالَتِهِمْ، وَالِاعْتِقَادَ لِنَزَاهَتِهِمْ، وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُعَدَّلِينَ وَالْمُزَكَّيْنَ الَّذِينَ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ أَبَدَ الْآبِدِينَ.
هَذَا مَذْهَبُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ)[10].
وقال ابنُ عبدِ البرّ-رحمه الله-: (ونحنُ -وإن كان الصَّحابة -رضي الله عنهم- قد كُفِينا البحثَ عن أحوالِهم لإجماعِ أهل الحقِّ من المسلمين -وهم أهل السُّنَّة والجماعة- على أنَّهم كلُّهم عدُول- فواجبٌ الوقوفُ على أسمائِهم والبحثُ عن سيَرهم وأحوالِهم ليهتدى بهُداهم فهم خيرُ من سُلِك سبيلُه واقتُدِي به)[11].
وقال ابنُ الصلاح-رحمه الله-: (إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيلِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لَابَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمُ فَكَذَلِكَ، بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ، إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَنَظَرًا إِلَى مَا تَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْمَآثِرِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَتَاحَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ نَقَلَةَ الشَّرِيعَةِ)[12].
وقال ابنُ كثير-رحمه الله-: (والصَّحابةُ كلُّهم عدولٌ عند أهل السُّنَّة والجماعة ، لِمَا أثنى اللَّه عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السُّنَّة النَّبويَّة في المدح لهم في جميع أخلاقِهم وأفعالِهم، وما بذلُوه من الأموالِ والأرواحِ بين يدَي رسولِ اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رغبةً فيما عندَ اللَّه من الثَّوابِ الجزيل الجميل)[13].

وقال ابنُ حجر-رحمه الله-: (اتَّفق أهل السُّنَّة على أنّ الجميعَ عدُولٌ، ولم يخالفْ في ذلك إلا شذُوذٌ من المبتدعة)[14].
وأفضليَّة الصَّحابة ليست مقصورةً على هذه الأمَّة فقط، بل هي عامَّة لجميع النَّاس ما عدا الأنبياءَ والمرسلِين، فهم أفضلُ النَّاس مطلقًا بعد الرُّسل، وقد سبق معنا كلامُ ابنِ حزم-رحمه الله- في كونِ أمّته-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أفضلُ الأمم على الإطلاق، ولا خلافَ بأنّ الصّحابة أفضلُ الأمَّة.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ-رضي الله عنه- قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ وَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ)[15].
وقال الحافظُ ابنُ كثير -رحمه الله- وهو يتكلَّم عن كفرِ بني إسرائيل لنعمِ ربِّهم بعد طلبهم الآيات: (وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ:57]، أَيْ: أَمَرْنَاهُمْ بِالْأَكْلِ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ وَأَنْ يَعْبُدُوا، كَمَا قَالَ: ﴿كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ﴾[سَبَأٍ:15]، فَخَالَفُوا وَكَفَرُوا فَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، هَذَا مَعَ مَا شَاهَدُوهُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ الْقَاطِعَاتِ، وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ،وَمِنْ هَاهُنَا تَتَبَيَّنُ فَضِيلَةُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ-، عَلَى سَائِرِ أَصْحَابِ الْأَنْبِيَاءِ فِي صَبْرِهِمْ وَثَبَاتِهِمْ وَعَدَمِ تَعَنُّتِهِمْ، كَمَا كَانُوا مَعَهُ فِي أَسْفَارِهِ وَغَزَوَاتِهِ، مِنْهَا عَامُ تَبُوكَ، فِي ذَلِكَ الْقَيْظِ وَالْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْجَهْدِ، لَمْ يَسْأَلُوا خَرْقَ عَادَةٍ، وَلَا إِيجَادَ أَمْرٍ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ سَهْلًا عَلَى الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَكِنْ لَمَّا أَجْهَدَهُمُ الْجُوعُ سَأَلُوهُ فِي تَكْثِيرِ طَعَامِهِمْ فَجَمَعُوا مَا مَعَهُمْ، فَجَاءَ قَدْرَ مَبْرك الشّاة، فدعا الله فيه، وأمرهم فملؤوا كُلَّ وِعَاءٍ مَعَهُمْ، وَكَذَا لَمَّا احْتَاجُوا إِلَى الْمَاءِ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى، فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَأَمْطَرَتْهُمْ، فشربوا وسقوا الإبل وملؤوا أَسْقِيَتَهُمْ، ثُمَّ نَظَرُوا فَإِذَا هِيَ لَمْ تُجَاوِزِ الْعَسْكَرَ؛فَهَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ فِي الِاتِّبَاعِ: الْمَشْيُ مَعَ قَدَرِ اللَّهِ، مَعَ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى الله عليه وسلم-).[16]

(فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ حِقْدٌ عَلَى خِيَارِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَادَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ النَّبِيِّينَ؟ بَلْ قَدْ فَضَلَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِخَصْلَةٍ، قِيلَ لِلْيَهُودِ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُوسَى، وَقِيلَ لِلنَّصَارَى: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ عِيسَى، وَقِيلَ لِلرَّافِضَةِ: مَنْ شَرُّ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ؟ قَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ!! لَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلَ، وَفِيمَنْ سَبُّوهُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِمَّنِ اسْتَثْنَوْهُمْ بِأَضْعَافٍ مُضَاعَفَةٍ)[17].

جنــــون
03-21-2015, 05:36 AM
جلب جميل
وأسعدني محتوى الموضوع
لأن فيه فائدة

أحب اشكرك على هذا الجهد


فائق :
احترامي وتقديري


http://www.imageslove.net/ar/photos/img_1382707609_927.gif


اختك
جنون ( نبض قصايدليل )

http://www.rjeem.com/uploadcenter/uploads/10-2012/PIC-400-1349660565.gif

دلع
03-21-2015, 06:30 AM
بحق راقت لي سطورك الجميلة
كل الشكر لاناملك
لروحك وهج النجوم
ولانفاسك عبق الورود
ولك جنـائن الجوري واللوتس
تقبل تواضع مروري
تحياتي الرقيقة لرروحك

.
.
كنت هنا
دلـــــــــع

http://img-fotki.yandex.ru/get/4408/svetlera.38f/0_6153e_9021c137_L

معآند الجرح
03-21-2015, 07:14 AM
جزاك الله خير
على الطرح الراائع والمميز.

,’

متمرده
03-21-2015, 03:29 PM
روعه موضوع رائع ومميز
عاشت الايادي دوم التالق
تحياتي
http://img.5jle.com/uploadcenter/uploads/12-2013/PIC-582-1386761153.gif

رووح لايمسها عابر
03-21-2015, 05:23 PM
,’


جزاك آلِلِه خيًرٍ آلِجزآء وَنفعّ بگْ،،
عّلِى آلِطرٍح آلِقيًم وَجعّلِه فيً ميًزآن حسّنآتِگْ
وَألِبسّگْ لِبآسّ آلِتِقوَى وَآلِغفرٍآن
وَجعّلِگْ ممن يًظلِهم آلِلِه فيً يًوَم لآ ظلِ إلآ ظلِه
وَعّمرٍ آلِلِه قلِبگْ بآلِإيًمآن،،
عّلِى طرٍحگْ آلِمحملِ بنفحآتِ إيًمآنيًة
وَلآ حرٍمگْ آلآجرٍ تِحيًتِيً لِگْ http://forum.te3p.com/images/smilies/2009/t011.gif


,‘

مجنون قصايد
03-22-2015, 12:25 AM
عافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي

مجنون قصآيد

http://i18.servimg.com/u/f18/12/38/24/05/4afakk10.jpg

عـــودالليل
03-22-2015, 12:39 AM
جذبني
هذا الطرح على التواجد هنا

وطبع تواجدي البسيط
على هذا المتصفح العذب المليئ بالجمال

كنت هنا وسأكون بإذن الله




http://img.el-wlid.com/imgcache/282050.gifhttp://img.el-wlid.com/imgcache/282050.gif



احترامي

محمد الحريري




http://img.el-wlid.com/imgcache/282050.gifhttp://img.el-wlid.com/imgcache/282050.gif

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:58 AM
معاند
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:58 AM
مجنون
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:58 AM
عود
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:58 AM
جنون
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:58 AM
انثي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:58 AM
متمرده
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-22-2015, 03:59 AM
دلع
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

فزولهآ
03-22-2015, 02:14 PM
,’
أَشكُرك عَلى جمالِ مَا أَبدَعْت بهِ,,!
وعظيمُ ألأمتنانِ
بِـ لَا انتهَاءٌ
/

هدوء
03-22-2015, 03:50 PM
الله يعطيك العافية
وتسلم يدك
على الطرح الجميل
ننتظر جديدك المميز
ودي وتقديري

عازفة القيثار
03-23-2015, 07:02 AM
جزاك الله خير الْجزاء
وشكرا لَطـــرحك الْهادف وإختيارِك الْقَيِم
رِزقك الْمولَى الْجِنـــــــــــــة ونعيمها
وجعل ما كتب في موازِين حســــنَاك
لك أرق التحيـآآ

صمت القمر
03-23-2015, 01:37 PM
جزاك ربي خير الجزاء

إرتواء نبض
03-23-2015, 10:59 PM
فزولها
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-23-2015, 10:59 PM
هدوء
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-23-2015, 10:59 PM
عازفه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-23-2015, 10:59 PM
صمت
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

مْلكَة زمْانــْے
03-24-2015, 02:02 AM
http://files2.fatakat.com/2014/1/13897914561474.gif
جزاك الله عز وجل خير الجزاء
وجعل ربى موضوعك بميزان حسناتك
وافادك المولى كما افدتنا ونفعك بعلمك
وجعلك من سكان الجنان ان شاء الله
واسكنك الفردوس الاعلى بجانب
الصديقين والشهداء وجعلك من رواد
حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://forum.hawahome.com/nupload/129161_1318616017.gif

إرتواء نبض
03-24-2015, 02:04 AM
روح
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

ديمه
03-24-2015, 02:15 AM
طَرحْ رآئع
رَبِي يِعْطِيكْ ـاَلعَافْيَةْ
سَلمت وَ سلمتْ يمْنَاكْ ..
لْرَوعَة طَرحُكْ العُطْر
,’
لِرُوحكْ الوَردْ..؛’

http://www.sheekh-3arb.info/islam/Library/img/3ater/div20/WebPageContent/2301369qy228mz3t5.gif

إرتواء نبض
03-24-2015, 02:28 AM
ديمه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

نسمات اشتياق
03-25-2015, 01:11 AM
جزاك الله خير ويعطيك العافية

نظرة الحب
03-25-2015, 01:14 AM
جزاك الله خيرا على هذا الطرح

إرتواء نبض
03-26-2015, 11:58 PM
نسمات
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
03-26-2015, 11:58 PM
وصوف
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

عسولة القصبيه
03-28-2015, 11:13 PM
**
جزاك الله خير الجزاء .. ونفع بك ,, على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل الا ظله
وعمر الله قلبك بالأيمان
على طرحك المحمل بنفحات ايمانيه
سررت لتواجدي هنا في موضوعك
لا عدمناك

إرتواء نبض
03-30-2015, 09:14 PM
عسوله
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

شموخي بعثرهم
04-01-2015, 12:11 AM
http://saudi-girls.net/images/img_1/31bc4bb1f108f07ffee7e8c34addafb6.gif
جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
ولا حرمك الأجر إن شاءالله
وأنار الله قلبك بنور الايمان
أحترآمي وتقديري
http://saudi-girls.net/images/img_1/31bc4bb1f108f07ffee7e8c34addafb6.gif

إرتواء نبض
04-01-2015, 07:43 PM
شموخي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥