مشاهدة النسخة كاملة : عندما نستلذ الألم للكاتبة حمام الحجاز


جنــــون
05-16-2012, 12:13 PM
عندما نستلذ (http://vb.ta7a.com/t644493/)الألم (http://vb.ta7a.com/t644493/)]₪ ™... الكاتبه ::: حمام (http://vb.ta7a.com/t644493/)الحجاز (http://vb.ta7a.com/t644493/)
بقدرِ ما حَلُمْتُ بالصحوِ وأقواسِ قُزَحِ
كانتِ الأمطارُ غزيرةً
وأحضانُهُمْ شائكة
الوردةُ إبنةُ الوَحْلِ
بينَ الدودةِ والرماد، فراشةٌ عابرة
كنتُ أجملَ ممَّا ينبغي رُبَّما ،
فرفضَتْني الفكرة !
وكرهَتْني الكائناتُ .

شُكراً سوزان
مآمن بداية بيضـآء
مٌشَڪَلّہ ،
لاَ صِِرتْ .. أقبلْ ويِقْفُوُنٌ
كَنّـي بَقَآيآ " ذََنبٍ
ما كنّي .. انسسآن }

رسمت على الرمل خطوطْ بسبابتها وجوه ضاحَكة وأخرى حزينَة
ملامحها هادئَة مستكينة باسترخاء قلّما تجده ..
يحّرك الهواء خصلات شعرها النافرة من الغطاء الذي أحاطت به
وجهها الجميل الغضْ ..
سمعت خلفها حفيف خطوات على الرمل تقترب نحوها ،
لم تلتفت ..
لأنها كانت تعلم من قد يكون صاحبها وما أن جلسَ حتى همست بـ :
- ليش جيت ؟
لم يجب على سؤالها..
وإنما اكتفى بتأمل ما حاولت رسمه ثم ارتفعت نظراته نحو وجهها ..
لتعلق هناك لثوانٍ ،
قطعها قولها بهدوء باردْ
- إذا بتجلس تناظــرني كذآ.. ترا بقوم !
أبعد نظراته فوراً عنها ,
يعلم كم هي عنيفَة ومتسّلطَة !
ولكَم وجدت في ذلك قوتها
هروبها المستمر من كُل واقع يظلمهاا ..
أو حتّى شيء من الحنان يغطيها ..
لكَنها في قمّة ضعفها حينما تكون بمفردها |
لذآ هو لا يتركها وحدها ..
أحبّها منذ كانت طفلَة , ومازال
صَحى من هواجسَه كعادته حين وجودها معه على إلحاحها
- ماقلت ليه جاي .. ماتجلس مع أمّك أحسن لك منّــي .. ؟
تأمل وجهها المَعرض عنه فهو لا يرى سوى جانبه !
ولكَنه لمَح تلك الدمَعة التي أنحدرت من عينيها ..
جذبْ رأسها نحو شفته ليقبله بحنان
بينما جاهدْت هيّ لتقاومْ .. ضعفهآ !

في غرفة غارقة في العتمة
تمدد جسدها الضئيل
وأنفاسها المضَطربة جاهدت للالتقاط الهواء
سُحبْ بيضَاء تحومْ حولها
بسمفونيّة مُخيفَة وكأن ذرات الدخان
نور يضيء جوانب الشر
ليكشف هالات الألم (http://vb.ta7a.com/t644493/)بعمق موغر في روحها
يداها المزرقتان من قوة التقييد تؤلمانها بشَدة
وكل ذلك البرد يكـآد يقتلها
فُتحَ الباب ببطْئ شديد
لينتج عنه صرير عالٍ جداً
وتتحرك قدمانْ بوهنْ نحو سريرها
ويد معروقَة تُدخَل وعاءً من الطعامْ
وتلقيه بهدوء بالقرب منها
وصوته المهتزْ يزحف نحوها
فتحشرج في حلقها تنهيَدة ملتاعة
- هذا عشاش يا بنت ... باييش غدوة ( بَ أجيك بكرا ) ،
فتحَت عيناها تراقب رحيله
ورائحة الزنجبيل
تسللت لأنفها بعُنف جعّدت على إثره ملامحها
وكأنهم بدأو بتعذيبهابشكل مختلف ،
يدها تئنّان تحت وطأة قيدها !
ابتسمت بجذل ميّت ،
- آكَل ..... ويدَي !

وقفت على ناصَية الطريق في حارة ضيّقَة
ظهرت البساطَة والفقر جلياً على أهلها
تحّرك يدها على ظهر تلك القطَة بينما وقفت بجوارها بدون خوف
ومجموعة أخرى منها تلقي إليهم كُل يوم ما يتبقى من طعامهم
تحبْ هذه التي بين يديها تشعر بأنها أكثر ألقاً ونعومة ،
لا تعلم هل هي ذكر أم أنثى لكَن
تحبها أياً كانتْ
وقفت بجوارها صديقتها التي وضعت يدها على رأسها وهي تقول : والله إنك فاضية وما عندك سالفة . . اللحين واقفة في عّز الشمس تأكلين قطاوه ...
فحّذرتها حين رأت إجفال القطط منها :
- سمر لا تقاطعيني . . . أنا مشغولة !
فأجابتها بسخرية :
- تكفيييين يالمشغولة .. وبعدين مختارة أشين وحدة وحـآطتها فوقك ... أمّـآ عليك ذوق ْ ..
أحنَت بصَرها وهي تتأمل جسد قطّتها المفضَل وتمسَح على ظهرها بمزيد من الحب :
- حلوة مـو .. ؟
فحّركت صديقتها حاجبيها وهي تمطْ شفتيها من تحت الغطاء بإشمئزاز :
- يَع ..أسكتي بس
فنظَرت إليها " . . ." شزراً ثم قالت :
- من زين برعصَكْ يختي ..
فنهضَت صديقتها مبتعدَة وهي تحمل " أكياس " كبيرة قائلَة بمرحْ :
- ع الأقل أحلى من ذا إلي فوقكْ .. سي يو سون !
هزّت رأسها قائلة بتهّكم :
- وتتميلح بعد . . . خبلَة . . !
دقايق رفعَت عينها لتجيلها في الأنحَاء تراقب كُل من هنا ،
أحنَت بصَرها و عقلها يعيد التفكير في ماضيها , تكره انفرادها بنفسها
فتتذكَر فيه مالا تريد .
تحّركت القطَة في يدها بإنزعاج ، فجعلت تنحني فوقها وهي تقول :
- أقعدي ولا أقعد . . . إنتي بنت ولا ولد ؟

- ولدْ
رفعت نظَرها بسَرعة حين رأت الظّل الذي سقط عليها فجأة حاجبا معه دفقة من حرارةْ الشمس وضوئها , وملقياً عليها دفء طالما هربت منه ومن عينين تحمله .
فتركت القطَة التي تمّلصت من يدها مسرعة نحو صاحبها
ثم تركت المكَان مبتعدَة بسَرعة نحو منزلها
وعيناه تتابع خطواتها
وعقله يحوم حول نقطَة واحدة " . "
سيبلغها .

المفاجئَة شَلت حركتَه بينما تحركت يداه
بتلقائيّة ليغلق أذنيَه ويحمي صَدره
وأرتمى جسَده بقوة نحو صَخرة كبيرة
أفلتت منه آهه في وسطْ الظلام وعيناه تتأمل أسَنة اللهبْ
هُنـآك على بُعدْ مسافَة منه
زحف بإعياء شديد وهو يشعر أنه يفقد التوزان شيئاً فشيئاً
وما أن وصَل لذلك الحاجز وألتف حوله
حتَى قال بضَعف :
- حسام ... ياغبي مو قلت لك أنتظَر لين ما أعدْ ..
لكَن عينا حسام النادمَة أقتربت منَه
تأمله وهو يشَعر بسائل بارد ثخين يغطي عينه اليمنى
حسام يصَرخ :
- سلمى .... سلمى
وثم أختفى كُل شييء
وأغلق عينيه هو على أبتسامَة
وخيالاتْ

لنبدأ بَ النهاية ،
( لئلاَّ نبتذلَ أشواقَنا بالتشويق ) ..
اللذة الأولى
في حُقبَة ما قريبَة جداً من الآنْ
وفي مكان أعتلاه غُبار كثيف عكس على أرواح المتواجدين هناك
فباتوا في حالة من إنعدآم الألوان الكثير من القذارة
هُناك وفي غرفَة سداسيّة الشكَل جلسَت إحداهن بإعياء وهي تقول / شوق وش تسوين ..؟
تحولت أنظار شوق بغباء لـ هديل وهي تتشدغ بِـ / أنا حلوة مو ...!؟
استرخت هديل أكثر وتركت قدميها تتدللى من فوق فراشها .../ إيه ، مرة ماشاء الله ..
ارتفعت عيني شوق للباب مجدداً لتقتحمْ هدوءهم
أخرى لم تكُن أحسن حالاً منهم مزيد من البؤس مرسوم على ملامحها وهي تهمس بـ / إجتماع ...
تحركات الفتاة السرير الرابع ../ من جابوا بعَدْ .. يتدرب على راسنـآ ..
نهضنَ بآليَة أعتدنها ، أفرُغَت تلك الغرفة في دقائق ثم أغلقت الأضواء الصفراء الخافتة ،
وأغلق الباب ليترك كُل شيء غارق في الظلام ..!
هذه الغرفة الكريهَة حمَلت بشَرً أبرياء و مذنبونْ ،
تحمّلوا العذاب لشهور ،لِـ سنوات و أيام ربما !
ثم رحلت كٌل تلك العذابات ،
لتتركهم فجأة وحيدات . ضائعات ،
في ما قد يقع بين الجنون والعقَل ..
بل حالة هي أقرب لإنخراس الحواسْ ..×

أفاق من نومَه وهو يشَعر بآلآم على طول عامودَه الفقري
فعتدل بصعوبَة ويشَعر بثقَل جاثم على كتفه تأمل رأس صديقَه ثوانٍ ليستوعبْ ما يحدثْ
ثم ألتفت للنافذة فأبعد الستار بيده الاخرى وببطء حتى لايزعج صديقه النائم ،
واتسَعت عيناه بسعادة لا مثيل لها .../ إيييييييييي ... يا بو الشباب قومْ شف .. شكَلنا وصَلنا
ارتفع رأس صديقَه عن كتفه بسرعة .. بسبب قوة دفعَته !
وهو يقول بخوف ../ وش فيـه ؟؟ وش صار ..؟ ؟
فأبتسم الآخر ببلاهة وهو يشير للنافذَة ،../ شف .. هنا !
فركَ بقبضَته رقبتَه وهو يقول ../ حسبي الله على بليسكْ .. بغيت تخلع لي رقبتي ..
ثم أظهَر صوت الدليل من أمام الباصْ وهو يقول : .../ الحمدلله على سلامتكم دقائق وستقف السيارة في الفندق المختار لكُمْ وبإمكانكم مزاولة أعمالكم بدأً من الغدْ
..
أصوات زفير الارتياح صدَرت من الركاب هُنا وهناكْ
فمخاطَر الطريق تركتهم يسهرون الليالي وهاهُم يصلون لوجهتهمْ ..
لكَن لكُل شخصْ هُنا هدفْ مستقَلْ
وبدأت حماسَة الوصول تبعث في أنفاسهمْ
رجفَة من البردْ فالقادمْ مجهول مجهول تماماً ..
بالنسبة لهُم ..×

،
.../ أي أننا لا نستطيع أن نعيش ومعنا رجُل .. , الرجال همْ أعداءنا سبب فناء أرواحنا وأعز ممتلكاتنا , يجب أن نتكاتف من أجل أن نقضي عليهم أن نحتَل كُل مقاعدهمْ
, يجب أن نعيش في عالمْ بلا رجال !!
أعتلى تصفيق حار حينما أنهت إحدى الفتيات خطبتها ..
لتنحني بطريقَة مسرحيّة أمامهنْ ..
دفعَتها الطبيبة برفق لتقول بهمسْ لا يسمعه سوى هذه الفتاة / شُكرا ً، وياليت تركزين مع إلي بقوله لكِ اللحين ..
عادت الأولى لمقعدها دون أن تبالي بما قالته ،
لتمسك الطبيبَة الجديدة الميكرفون
وتقول بقليل من الإرتباكْ / السلام عليكم .. أنا ميسون حامد ** طبيبَة نفسيَة جديدَة عندكم وجاية من المستشفى لكم هنا بسجون مكَة ، قالوا أنكم سجينات مختلفات
تماماً عن غيركُنْ.. وبالفعَل شاهدتْ ذلك منذ قليل .. حماستكم وقوتكم أعجبتني كثيراً .. وأود أن أشكركن على ذلك لكَن لتسمح لي الأختْ ...!
وأشارت ناحيَة تلك الفتاة التي تحدثت قبل قليل ،
لتهمس ممن كٌن في المقاعد الأمامية / لجين ..
فتابعتْ ع عجل / لتسمح لي الأخت " لجين " أن أعارضها في كُل ماقالته ؛ لأن الرجال هُم نصفنا الثاني ، وجزء كبير من مجتمعنا فأبونا وأخونا وأبنائنا بإذن الله
كُلهم رجالْ ، فَـ ...!
وقبل أن تكمَل ألتقطت عيناها ذلك الجسم القادم نحوها بقوة فأنحنت بسرعة لتتفاداه .. !!
في الوقت الذي نطقت فيه صاحبته بـ / انقعلي إنتي وخشّتك ، قـآل أبونا وأخونا ... وحنّـآ وش حصّلنا منهم .. أصلاً كُلهم حـ**** و ماعندهم نخوة وإذا ماتت فيهم
ماعاد نبي منهم شي عساهم بـ **** !
لتنهض أخرى حثّها ضميرها الميتْ ،
لمتابعة ما بدأنه الأخريات ../ إيه وش نبي منهم .. تبّروا منّـآ لمآ احتجناهم ، وقبل لما كنّا عايشين معاهم وماطالعوا بوجيهنا .. أجل وش فايدتنا في ذي الحياة
إذا بيصير كذا !!
رفعَت ( ميسون ) صوتها لتسكَت ذلك الموج الهائل ،
من الصراخ ../ يابنات ، ممكن هدوووووء .. يا بنات !
ثم صَرخَت بـ / بـــنـــآتْ قليل من الهدووء أعتلا المكان خاصَة مع دخول خمسة من حارسات الأمن الشديدات !
لتقول ميسون بقوة مع قليل من الطمأنينة ../ معكن حق في كُل إلي قلتوه ..بس لاتنسون إن هم سبب وجودكم و ...
آآآآآآآآه أستدارت بسرعة وهي تلقي الميكرفون لصديقتها التي صرخت وهي تدفعها لخارج المكان ..
وأمام سيل الأحذية المنهالة عليها دخلت الحارسات الخمسة سريعاً وقيّدن الفتيات !
في الوقت الذي تركت ميسون من معها " المصلى "
أمام سيلْ من الشتائم الغاضبَة التي حولت القاعَة لشيء من التناقض
فبعضهن يبدون مُصفِرات وكأنهن يشاهدن فلم رعُب على المنصَه !
والبعضْ الأخر يتابع ما يحدثْ وكأنه يشاهد فلم وثائقي ،
بينما أنحنت روؤس بعضهن نحو الحائط وأخذهم النوم إلي فضاءه ..!!
فلا دخَل لهم بكُل ما يحدثْ الآنْ ..
فسبحان من رزقَهم النوم ،في عُمق الضوضاء ..×
،
على مسافةْ ليست بالبعيدة وبالقرب من حائط منحني آيل للسقوط
وقفت سيارة فارهَة من أحدث طراز ..
ليترجل منها رجَل جميل الثياب حسَن المظهر ،
حمَل مجموعَة أكياس ، وسارْ بالظلامْ وحدَه نحو أضوآء قليلة !
لقريَة غارقة جزئياً في الظلامْ , مشَى وهو يحثّ الخطَى بسَرعة ..
وباعتياده ، يعلم ان الناسْ هُنا يأوون إلى منازلهم مُبكَراً !
خاصَة مع روائح تلك الأسطورة التي يداولونها أن وحشاً ما يسكُن كهف في أعلى الجبلْ
وأنه يخَرج كُل يوم بعد منتصفْ الليل ليهجم على المنازل الخالية من الرجال ..!!
اعتلت شفتيه ابتسامة حمقاء ، وهو يصوب عينيه نحو المنزل الذي أتى من أجلها ،،
طرق باب من الحديد الصدئ ..
عدت طرقات ثم صَرخْ قبل أن يدخُل : .. / السلام عليكم !
فتجوب عيناه داخلْ الفناء ذو الثلاث حجرات ،
اشتعلت إحداها بضوء فانوس زيتي خافت ،
ثم رأى انعكاس شبحْ يقترب نحو باب الحجرة ليفتحها !
تسللت من داخل الحجرة عجوز وهي تغطي وجهها بنقاب رثْ مُحّي لونَه ،
تلمَستْ الحائطْ بيدها وهي تقول بهدوء ../ وعليكم السَلامْ ، وش فيك اليوم تأخرت ..!
لم يقترب أكثر رغمْ أنه يعلم أنها عمياء ولم ترى ذلك الاختلاج الجميل الذي سيطَر على وجهه لثوان ،
ثم قال بصوت حنون ../ اليوم الجو بالطريق مغبّر ، وموقفين السير .
ثم حرك قدميه بالأرضْ قاصداً إصدار صوتْ لتبتعَدْ ..
فابتعدت وهي تهبطْ عتبت الباب ،
ليضَع بالقرب من الباب كيسين ولفّة مناديل !
وهو يقول بحزم ../ يمّه هاذي معونَتك من الضمآنْ وهذي الأرزاق ، وصلتها لكْ .. خذيها تراها بقرب الباب .
لتقول هي بصوت متحشرج حزين ../ الله يعطيك العافيَة ، عسى الله يديم رزقك ، ويوسعْ خيركْ ، ويرزقك باللي تستاهلكْ .
تألم حين سمعْ الدعوة الأخيرة ، وظهَر ذلك بجلاء على ملامحه ..!
ليمحيها في ثوان وهو يقول بصوت أعلى ليقطَع عليها سيل أدعيتها الممتنَة : ../ يمَه أنا باكَر بمَر على باقي سُكان القرية وبوصَل لكل وآحد حقَه وصلت لك أول لأني
بغيت أسلّم عليك وأقولك إن الوالدة تسَلم عليكْ ..
اهتزت يدها خلف الباب وهي تمسح دموعها من عينيها
وبصوت لم يغير البكاء نبرته ../ الله يسلمْ راسها ويعافيها .. مدري أنا بدونكم وشلون بعيشْ .. !!
فقاطعها بقوة ../ بالخير يا يمّه بالخير .. أنا أستأذنْ .. و توصين على شيء .
فهتفت بحنان أم ../ سلامتك يمّه ، وشوي شوي .وصَل للخارج في خطوتين ،
وقال بصرامَة / قفّلي بابك زين .. وأنا بقفّل هالباب بالمفتاح إلي عنديْ لم يسمع إجابتها عندما (http://vb.ta7a.com/t644493/)فعَل ما فعل ،
ربما لم يكُن يهمه ذلك الأمر كثيراً !
تحَرك بهدوء مرة آخرى بين المنازل وهو يخرج هاتفه النقال من خارج جيبه ليجد 6 مكالمات واردة من " مشكلجي " !
أتصَل به وما إن أجاب حتى ../ وينك يالمقرود أتصل عليك من الصبح ما ترد ؟
ليجيب بإبتسامة مائلة ../ الله عليك .. يلي من الصبَحْ .
فهمهم الأخر ../ آآآخ يالمزاج ، وينكْ بس ..؟
تحركت عيناه للخلف وهو ينظَر لموقع الكهف و ..
الذي لا يراه مع هذه الظلمة الشديد ../ هه أشوف كهف الوحشْ ..!
فصَرخ بـه / كذّاااب .. مكانك ، اللحين باجيكْ .
لمَحْ سيارته وهو يقترب منها أكثر ../ وين تجيني ؟ اللحين الوقت متأخر .. خلّها بيوم ثاني ..
ليتمتم الآخر بسخْطْ ../ صقر ، موب كأنك .. صاير تتهربْ مني هالأيامْ ، ترا حالك موب عاجبني أبدْ ..!
فيقاطعه بهدوء ../ أقول اسكت .. لا تسوي لي ندى الثانية .. موب وقتك ترا..
ليتنهَدْ الأول بحُب ../ فديت طاريها .. أنا !
.../ مع السلامة
دقائق حتى استوى فيها جسده الضخم داخل السيارة بهدوء
ألقى بهاتفه نحو المقعد المجاور بإهمال
أخرج فيها سيجارته البيضاء الطويلة برشاقَة من خارج عُلبتها الذهبيّة
و وعيناه تتأمل تلك القرية النائية بهدوء
نصفها المُضاءْ ونصفها الغارق في الظَلمَة تخلب الألباب نهاراً لجمالها , الحدائق الوارفَة الظلال في دآخل تلك الزوايا الأثريَة .. بديعَة .. بل فائقة الجمال
!
أما بالمساء فإن كُل شيء يغرق في الظُلمَة ..
لتتحول القرية كقطعة من الظلامْ ، ..

.
.
هدفَه من القدووم إلى هُنا مازال قائماً
وإلا فما حاجَة رجُل مثَله في سيدَة عجوز باليَة ستموت قريباً ..؟
التفت بهدوء حين أومضَت السيارة بنور شاشة هاتف النقّـآل ليرفعه نحوه بهدوء وهو يجيب بآلية .. / نعَمْ فردت بصوت مترع بالدلع واللهفة
../ حبيبي .. وينك أنت ؟ قلبي مات من الخوف عليكْ ..!
تنهَد قليلاً ليجيب ببقايا حزمْ ../ خرجت أسوي شغْل مهم .. ما يتأجل .. خيَر متصَلة تبين شيء ..؟
فأجابته بصوت حزين يآس ../ ليش تقول كذآ .. والله كنت قلقانَة عليك .. ما قدَرت أنام .. إلا لما أسمع صوتكْ ..
ظهر شبح ابتسامة على محياه ../ اللحين راجع البيت .. تصبحين على خير وأغلق الهاتف مجدداً ،
ربما يعلم ... ×
،
../ هههههههههههه والله إن شكَلك كان شي وإنتي تقولين ..~ مقلدَة صوتها ~ " أنا جاية من المستشفى خصيصاً لكُنْ "..خخخخ ثم ماغير ذاك الصندلْ إلي يصفقكْ ..
جلسَت ميسون في المقعدْ المقابل أمام مكتبة المديرة وهي تجيب بذآت الروح المرحة ../ بعينْك ماصفقني .. والله تفاديتَه !
ف إستطردت الأخرى بجذل وحماس ../ إيه ماشاء الله .. والدليل يدّك إلي من يوم خرجنا وإنتي تفحكين فيها صايرة حمَرآ ..
لتومئ الأخرى بهدوء وهي تجيب ../ هذي زرقاء اليمامة صوبت صَندلها على بطَني ... بغت تجيب خبري ..
فعقدتْ الأخرى حاجبيها وهي تنظَر لبطن صديقتها المنتفخَ قليلة وبشيء من المرح ../ والله لو درى رجلك ، بس .. كان طّلقَكْ
../ أتخيّل نفسي يا مزنة وأنا رايحَة أقول له على إللي صار.. والله لا يعَزّلني عن وظيفتي وينسيني وش كنت أشتغَلْ خخخخ ،

...../ أهلاً وسهلاً .... آآآ السلام عليكم ..
هبّت الطبيبتان بسَرعَة في الوقتْ الذي صافحتهما فيه
مديرة السجْنْ وهي ترحَب ببشاشة معتذَرة ../ حياكم الله .. سُعدنا والله بقدومكنْ .. وأعذروني بشَدة على ما حصَل .. فهذي هي تصّرفات البنات هنـآ .. وإنتم إلي
طلبتوا إن الجلسَة تكون حواريّة .. وهذا إلي نتجْ عنها .. أكرر أعتذاري لكِِ أخت مزنة و أخت ميسون ..
ثم أرخت ببصرها نحو بطَن الأخيرة ../ أتمنى ما يكون جاكِ شيء ..
فابتسمت ميسون وهي تومئ بالنفي ../ لا أبداً ما جاني شيء .. جتْ سليمَة .. أنا كُنت متوقعَة الحقيقة ردت فعِل عنيفَة .. لكَن موب مثَل ماصار .. يعني كان جزء
من البنات حافيات وجزء منهن لابسين صنَادل .. ليش هل هذا إجراء إداري تسوونه ؟

..../ لا كُل بنت هنا نعطيها وآحد مثَل هالصنَادل, ويرجع حسب البنت , في الغالب يكون إللي مب لابسته ،
يلتمسون البرودَة من البلاطْ بعد الجلدْ إلي يصير ؛لأن بلاطنا هنا بارد بسبب التكييف .. هذا إلي نسمَعه منهم لكَن ما أظنْ إنه صحيح !
ثم قطَعت إسترسالها وهي تقول ../ أعذروني ما أدري تشربون شيء ولا حاجَة
فأجابت مزنَة بالنفي ..وهي تهَم بالوقوف
../ لا شُكَراً .. بوقت ثاني إن شاء الله
أمسكت ميسون بـ عبائتها وهي تقول ../ بإذن الله لنا زيارة ثانية مع طاقم متكامل .. وجيتنا هنا مجَرد إستطلاعْ ..
شيّعتَهم المدُيرة بلباقَة نحو الباب خروج جانبي
في الوقت الذي قالت فيه ميسون بجدية ../ أتمنَى أقابل في المرة الجاية المرشَدة الإجتماعيَة .. إللي تشتغِل هنا ..
فأومأت المديرة بلطافَة ../ بإذن الله بتلاقونها ..
ثم أغُلق الباب بإحكام ومصَدراً صريراً قوياً
بدأت مع دوّيَه حكايَة ...×
،
جلَسَت تتأمل شاشَة حاسوبها بملل
من ثمْ رفَعَت رأسها لتلقط عينيها عقارب الساعَة التي تشير للـعاشرة والنصف
نهضَت لتأخذْ جلبابها العريضْ
لفّت رأسها به ثم حمَلت نقابها لترتديه بعشوائيَة
وتهبَط درجات سُلّم ذلك المنزل الرخاميّ الفخَمْ
تناهى لمسامعها أصوات ضحكات ذكوريَة عاليَة في البهو ..!
فلم تُعَر ذلك أدنى إهتمام
وإنما كانت وجهتها نحو مطَبخ المنزْل
رغُم أن الخدُم هنا في كُل مكان تقريباً
إلا أنها لم تَكُن تفضّل أي شيء من صُنعَهن ،
سنينها الأربعة التي قضَتها في الغربَة كانت كفيلَة بتعليمها ذلكْ
بعد دقائق من الوقوف في المطبخْ
خرجت من باب صغير يقبَع في زاويتَه نحو الحديقَة الخلفيَة ..
أتخذت أكثر الزوايا ظُلمَة لتجلس فيها
أزاحت نقابها عن وجهها
لم تُكُن عينيها تتأمل أي شيء من جمال الحديقَة خلفها
بل كانت تلتقطْ بضع رسومات غريبَة على جدار السور أمامهاملامحها هادئَة تماماً ..,
لا تخلو من الصرامَة
جميع من في داخل المنزل يتجنبها ربما لا يريدون أن يلتقطوا الحُزن في وجهها

فقد فقدت أمها وأبيها .. ومن ثمْ توأمها
بقيتْ كطرف من لُعَبة قد سقط وسط الزحامْ
لتفَسدْ اللعَبة كُلها ْ تبَلى تماماً ..
فلا يُمكَن حتى رتق فجوتها
تناهى لسمعها حفيف أقدام ع العُشبْ
فرفعَت نقابها بحركة سريعَة ليقاطعها صوت قائل ../ لاآآآ .. هذا أنا ..
التفتت لعمّتها بهدوء ../ أهلاً عمّـه ..
لتجلس الأخرى بجوارها بنفس الطريقَة وهي تبتسم ../ كُنت عارفة إني بلاقيك هناْ .. وبعدين رجاءاً يا أسيل بلاش عمّة .. تراك أكبر منّي ب 3 أيام .. لو نسيتي ..
منحتها الاولى ابتسامة جانبيّة صمتت وعاد الهدوء ..
هدوء معركَة لأسيل ،
معركَة كشف حقائق
وإستدراج بشَر ..×

* أستغفر الله *
للبشَر قسَوة لو لمسَت الحجارة لهشّمتها

ولأنفاس القذرة في دواخَلهم رحيق نَتنْ

قادَر على سَحق وردَة , في ريعانْ نمّوها

ثم ليس بعد الصمَت سوى الانفجار

وبعد ذلكْ أسألوا الثكَالى

عن مخلفاتِ الحربْ ..!

مشاكي لله يوم الأوجاع جتني
ورجأي عسى أذوق طعم السعادة
سايرت أنا آيامي وماسايرتني
يومي مثل أمسي
................[ مجرد إعادة ]

اللذة الثانية

حملت طفلتها بين ذراعيها برفق وحب
وناولتها زوجها الذي ضمّها إليه
وجسدها ذا الثلاث أشهر يسترخي بين ذراعي
والدها الذي قال بسرعة
../ اللحيين خلّصتي براء ومعاذ ولا باقي .. ؟
رفعت قطعة صغيرة ألقتها على طفلتها
وبهدوء أجابت
../ خلاص جاهزين وينتظرونك .. بالصالون
فأومئ لها وأستدار مسرعاً
كُل مايقوم به يبدو مريباً لها
ما الذي يفعله
لحقت به وهي تكُمل توسلاتها
.../ حبيبي إنت رايح زوآج صديقك العزيز وبتأخذ معك براء ومعاذ .. ماختلفنا .. طيب خّلي جنى عندي يمكن تحتاج شيء تبغى شيء .. مابينفعها غيري
خرج الصغيرين أمامه من باب الشقة في حين ألتفت هو
../ لا تخافين عليها أمي فـ ..
ثم بتر جملته بسرعة أكبر وقال
../ شّوي شوفي ع الساعة عشر برجع مانيب مطّول ..
ثم صمت لدقيقة أو تزيد

صمته أوجعها أصاب شكوكها
فثّبتها في قلبها ورأسها
ثم عاد ليمكل ما بدأه
../ إنتي بس روّقي ...
وخَرجْ
أمسكت بكّفها طويلة موضع قلبها
خفقانه يزيد بإبتعاد همهماتهم
شيء بدأ كشوكة تُغرس في حلقها
أزدردت ريقها بصعوبة وهي تهمسْ
../ يارب إنك تحفظهم ..... الله يستر بس

,

جلس بهيبته التي صنعت في المكان حوله
هالة من القسوة
لاشيء من يدعو الإبتسامة أو حتى للأفكار الجيدة هنا
نوع خاصْ جداً من الكآبة
أستوطن المكان منذ زمن طويل
فرسمت على وجهه سيّدها
ملامح وكأنها قُدّت من صخر
صوت ينتمي للعالم الخارج أخترق المكان
ليصَدر صوت من " صقر " بدآ لوهلة
كالزمجرة ../ أدخلي ..
ليقتحم المكان عجوز محدودب الظهر
تتقّدم خطواته عصى طويل
كتلك التي تستخدم لرعيّ الأغنام
لم يكن يتناسب مظهره مع أي شيء في المكان
ما عدا تعبير آخر

جنــــون
05-16-2012, 12:13 PM
رسم على وجهه ليبدو نسخة طبق الأصل
لـ للقابع خلف مكتبه
../ صقَر
رفع الأخير عينيه عن الأوراق أمامه
ليبدو تعبير الدهشَة لوهلة ثم يختفي
وهي ينهض ويشير للقادم
../ حيّاك يبه .. تفضّل .. تفضّل
جلس والده بهدوء على كرسي وثير وعيناه تلتهم وجه ابنه ببطء
../ كنت منتظر من ..؟ الـ
فقاطعه بسرعة وهو يقول
../ سونا يا أبوي .. طالب منها عصير من شّوي ولا جات
فحّرك رأسه بإستيعاب
ثم عقد حاجبيه ليسأل مرة أخرى
../ وين كنت فيه .. أمس ؟
تعّلقت عينا صقر فيه بصدمة وآضحَة لم يخفيها
أبداً
فطوآل سنة أو يزيد لم يكُن يعرف أحد هنا أين يذهب مساءاً دائماً
عينا وآلده المتفّرسه في ملامحه
وكأنها تبحثْ عن أي محاولة كذب قد يتفّوه بها
ليتمتم بصَدق مُبّطن مايقول
../ كان عندي شَغَل .. وأروح أكرف على أمانات ناس .. في ذمتي !
حّرك الوآلد رأسه بوقار
وعيناه معلقة بإصرار ليقتحم أي إيماءة خاطَئة
أو إختلاجة شاردة يُنبّأه
بما يفعَله إبنَه في الخفاء
يعَلم إلى أي مدى قد يصَل برعونته
أحمق متوحش في نظره
ينقصَه الكثير لكي يتعلم
ومفتاح الحكمة ضائع

,

قفزّت على السرير بنشاط جم لم تعهده من قبل
وهي تقول لأحدى الفتيات
../ ما أصدق ما أصدق... وأخيــراً صبّوي بتنقلع وبآخذ سريرها !
وأخيراً ،
لترد أخرى ببطء
../ أقول انثبري مكانك لا تجي وتشوفكْ طايرة كذآ تقوم تبكي علينا وش بيسكتها بعدين .. أجلسي بس ..
وبقفزّة أخيرة قويّة ارتفعت بها ثم سقطت مجدداً
بشكل مائل ليصطدم أصبعها
بحافة السرير الحديدة فتصَرخ بألم
.../ وجــآآآآآآآآآآآآآع .. أي أي أي
فتكمَل الأخرى بذآت الإبتسامة الحمقاء
../ دوآآآك .. هذي حق نيتك الشينة

../ بعدوو عني ..
دخَلت فتاة طويلة القامة نحيلة
تحمل في يدها قماش أبيض مبلل بالكامل
وأخت تجري نحو الحائط في نهاية الغرفة
ثم بدأت تمسح بهمّه كبيرة
لتقول إحدى الفتاتان بملل
../ وجت المجنونة .. ياحبيبي هذا اللي كان ناقصنا ، أقوول .. يـآ هوووو .. إنتي وش أسمها هاذي ..؟ يا حجّية ، يا رجّة .. هييييي أكلّمك أنا !
توقفت عن المسح و التفتت ببطء وهي تقول
../ وش قلتي ، رجة .. أنا إسمي رجسة .. مو رجة ؟!
ثم أنطلقت بقوة نحوها وبدأت بمسح شعرها وملابسها
بينما صَرخت الأولى بقوة
../ وخري عننننني .. بتقتلللللللللني .. وجععععععع ألحقووووني .. نور يا خايسة تحّركي .. وخرررررري عنييييي .. الله يقرفك يالمجنونة .. وععع
أبتعدت رجسة عنها وهي تتحسس قطعتها
ثم أومأت بـ / وي شكلها نشفت .. بروح أبللها وأجي ...أصبري عليا
وخرجت مسرعة ليصطدم كتفها
بـ كتف فتاة أخرى دخَلت عليهم
تأملت عيناها تلك الخارجة ثم همست بـ
.../ الحمدلله الذي عافنا مما أبتلاها به وفضّلنا على كثير من عباده
ثم ألتفتت لإحدى الفتاتين وبهدوء
../ خير نوير ..وش فيكْ تصارخين ؟
مررت الأولى أصابعها بقوة على شعرها
../ وجع .. المجنونة هاذي .. جاية تسوي مسلسل مجانين على رآسي بهذلتن حسبيّ الله عليها إن كآنها كذآبة .. لا وبتروح تغسللها وترجع تكمّل .. خبلة وحدة .. وسّخت
شعري .. آفف اللحين لازم أغسَله
لتهتف الأخرى ..
../ لا ياشيخَة إللي يسمعك يقول مقطّعة بعضك من الترويش .. الله يقرفك مدري كم لك ما تحممتِ .. ؟
../ لا بس شعري نظيف مو بعد اللحين .. ذي ممسحة الجدار ومنظفه خرقتها فيني .. وبعديـن من نظافة شـ ....
ليقطع مواصلتها تحرك باب الزنزانة وإنغلاقه
لتتابع بجذل ../ أففف .. الحمدلله قفّلو الباب ولا كان جتني ذيك المهبولة ..
لتقاطعها الأخرى

جنــــون
05-16-2012, 12:14 PM
../ أقول صبوي .. وين كنتي من شّوي ..؟
جلست بجوارها على السرير وعيناها مركزة على
الرخام الأبيض المرقع بالأسود وبصوت متخم بالأسى
../ وين يعني .. عند المشرفة ..
قفزت نوير لتجلس على البلاط أمامها بفضول سألت
../ أي وحدة فيهم ..!
حركت صبا كتفيها وبصوت يغمره الشرود
.../ وحدة جديدة .. ما أعرفها .. أمم ماشفتها قبل
لتومئ نور بتعقَل
../ يعني جايبين متدربة .. وكيف يعني .. وش قالت لك ؟ أستفدتي من كلامها
ثم استطردت بإستفهام
../ همْ وش يبون من البنات الخارجات .. ليش يسون لهم علاج انفرادي ما تكفيهم هالمحاضرات ..
أعتصرت نوير كفها بقوة وهي تصرخ بعفوية
../ هم أصلاً خايفين يسونها مع كُل البنات عشان ما ينضربون .. لكن لمّ يستفردون بالخارجين .. يكونون ضعاف وتفكيرهم مهزوز .. فمايقدرون يأذونهم
تُقاطع كلامها بصوت عميق وعينها تشرد
نحو
نقطه بعيدة ... بعيدة
في عُمق موغَل في الصغَر
نحو
نقطة سودآء لم ترها من قبل
أبصرتها الآن
بصوت شاحب
../ لا بس هالمرة غير .. مدري أرتحت لها ولكلامها .. حسيتها عقلانية من إلي قبلها
شهقَت نور بقّوه في القت الذي صرخت فيه نوير
كعادتها
../ لاآآآآآآ شكلهم معطينك أبرة .. إنتي من دخلتي علينا وجهك ما عجبني أبد أبد ..
فتتابع نور ما بدأته صديقتها
../ إيه قولي إنها أقنعتك بالخراط إلي يقولونه .. قووولي
نظرت صبا نحو نور بقوة وبحدة قالت
../ مو شرط كل كلامها أقنعني .. بس على الأقل حسيت إن فعيونها صدق ..
وبعدين خلوكم من هذا كَله .. شفت هديل ..!!!
توسعَت عينا نور ونوير ولتصرخان معاً
.../ أحــــلفـــي ...!!!
ابتسَمت بتعب وهي تجيب
../ والله .. وقلت لها إنكم تسلمون عليها ... وإنها وحشتكم .. وقالت إنها بتجي لنا قبل ما تروح ..!
ضّمت نور يديها بقوة إلى صدرها
وهي تهتف بسعادة وحالمية
.../ والله .. وأخيراً بشوف هالسيدة العظيمة .. فخر الأمم و نبيلة الحضارات
../ بس بس بس .. ماقالت لكْ متى هي بتروح ..؟
أغمضت صبا جفنيها بثقَل وهي تقول
../ ما أدري .. أظُن قالت يوم الأربعاء
وبصوت مكتوم
../ مدري نسيت ..
أغمضت عينيها لتبتعد قليلاً ليس للنوم
بل لتعيد ما سُرد على مسامعها اليوم
تكاد تقول أنها أقتنعت رغم قناعتها بالنفي
يريدون تأهيلها لتخرج لعالم الرجال مجدداً
صوت هديل الهادئ وهو يقول لها
( تراها فادتني .. أهم شيء ليني راسك لهم )
( تراها فادتني .. أهم شيء ليني راسك لهم )
( تراها فادتني .. أهم شيء ليني راسك لهم )
( تراها فادتني .. أهم شيء ليني راسك لهم )

ليتني أستطيع يا هديل
ليتني أنتي ... !

,

أبيضَت قبضَتها وهي تعتصر
هاتفها المحمول و وشفتاها ترتجفان بغضَب
وصوتها يخرج من داخلها هامس
كفحيح أفعى لُمِسَت بيوضها
../ وش تقولون أنتم .. ليش هي الدنيا سبهللة عندكم .. مو المفروض مخبّريني من شهر عشان نستعد لإستقبالها .. تجون تقولون لنا اللحين يوم ما بقى غير أسبوع ...
ماعندكم قوآنين ولا جهات عليا مسؤولة عنكم ..
ليجيبها الطرف الأخر بصبر
.../ إلا يـآ أخت ريم فيه وزارة مسؤولة عنّا .. بس حنا ماقصرنا أتصَلنا بكُل الأرقام إلي عندنا ورقم هذا الموبايل بالقوة لقيناه وغيره محد رد علينا
أومأت بقوة ويداها تضَرب الحائط أمامها وبقهر
../ زين زين ... صدقَتكم .. واللحين أعطينا كُل المعلومات عنها بسَرعة
أمسكت يداها بقلم وقلبت عُلبت المحارم الورقية
أمامها وبدأت تكتب بسرعة كُل مايسرد على مسامعها
شيء من الذهول أعتلى ملامحها
وبدأ خطها يكبر ويداها تثقُل
ثم قاطعت محدّثتها بإضطَراب
..../ متأكدين إن هاذي هديل
لأن الحقيقة بدت مختلفة
مختلفة تماماً عمّا يقال
يبدو أن تاريخ العائلة
سيوشك على الفناء
وأن القادم
محفوف بالخطر
ويالا شدة الظلام

,

أفاقت من نومها على إزعاج مُعتادْ
وبألم مسّدت على بطنها وهي تهمس
.../ أصبحنا وأصبح الملك لله .. وش تسّوي بين الدواليب ؟
.../ صباح الخير .. حبيبتي وين البنطلون الأسود ؟
ألقت برأسها على الوسادة بإعياء
فلم يَكون قد مضى على نومها سوى ساعة و نص فقط
../ في الدولاب الثاني أول رف ... أيي
أستدارت بجسدها نحو شقّها الأيمن في الوقت
الذي شعرت به يجلس خلفها
أقترب منها وهو يسأل بقلق
.../ ميسون .. وش يوجعكْ ...؟
أرتفعت عيناها نحو وجهه وحينما لمحت قلقه
سارعت بالإعتدال وأجابته بتعب
.../ لا مافي شيء .. ماغير ذيك الضربة إلـ,,,
علقت كلاماتها بحلقها عندما أدركت
فدآحة ما بدأت تبوح به
ليقول هو بتعجب
.../ وش إلي ضربك ...؟ صاير شيء .. وأنا مدري ..؟
أنغرس لسانها في حلقها وبدأ
عقلها يعمل بسرعة خرافية
ليستخرج أي كذبة قد يحتملها الموقف ثم قالت بعد ثواني
.../ هذا عيال أخوك عبودي رمى لعبته على بطني
أمسك ببطنها وهو يقاطعها بخوف
../ عسى ما تعّورتي
../ عوآر خفيف .. لا تخاف
../ متأكدة
../ والله .. والله لاتخاف لو مّرة يعور بقولك تآخذني المستشفى بس حتّى أظن موب منها لأنها ماكاانت قّوية .. اللحين بقوم أكَلم عمتي ..وبشوف رآيها
../ إيه أحسن .. بس موب اللحين اللحين نامي شوفي عيونك كيف صايرة
أستلقت مجدداً بسرعة
وكانها كانت تنتظر كلمته منذ البداية
ولتهرب بكذبتها بعيداً
لكَن سؤاله كان أقرب
../ ماقُلتي لي وش سويتي بجلستك الإولى ..
أجابته بصوت نائم ومكتوم
.../ جّربت مع وحدة .. كإختبار وقالوا لي إني نجحت وإني بمسك حالتها وبكرة بتوصلني اوراقها ....... وبندراللحين بنام ، لمّ أقوم بسولف لك .
وغرقت في نومها من جديد
بعد إعياء يومٍ كامل
وصور تلك الفتاة مطبوعة في ذهنها
وبدأت بلطف تداعب أحلامها
لم تَكُن تعلمْ
أي فتاة أختارت
وأي ألمْ ذلك القادم لها

,

هبطت درجات السلم برزانة .
واتجهت نحو وجهتها المعتادة المطبخ وضعت طبقها
وطفقت بتنظيفه
وما إن أنهته
حتى جاء صوته من خلفها
.../ السلام عليكم ... كيف حالك هديل ...؟
ألتفتت بجزع نحو الواقف بالقرب من الثلاجة
../ بسم الله ...
ثم أستدارت لتُنهي تجفيف الصحون
../ وعليكم السلام ... أنا أسيل لو سمحت
أومئ لها بهدوء وهو يقترب منها
.../ إيه .. أسيل .. ماشاء الله كبرتي والله
لم تَكُن تخشَى وجوده
لكَن الاشمئزاز المرسوم على وجهها
والذي أخفاه نقابها
وجود الخادمات حولها
جعل صوتها يخرج طبيعياً
.../ إذا عندك شي .. ودك تقوله قوله .. بدون لف ودوران .. وترا أنا مشغولة
أغلقَت كُل الطُرق المؤديّة إليها
وعيناها ملتصقتان بالأطباق أمامها
تشعر بنظراته تلتهم ظهرها رجفة غريبة
سرت في جسدها
صمته هذا أخافها
تركت مافي يديها
واستدارت خارجة قبلْ أن يفضَح أمرها
وتماماً كما شعرت
.../ أسيـــــل ...ترا هديل ما ماتت
وهنا أسقط في يديها
التمعت عيناها وهي ترمق عيناه لأول مرة مباشرة
وتركتها جملته في حلقة من الخواء
ورغبة عارمة بالصراخ قادتها نحوه
أخذت تقترب وعيناها تلتمعان بجنون
- كّذآآآآآآآآآآآآب .. أصلاً كُلكـم كّذابيـــن .. أختي ميّتَة .. تفهَم وش يعني ميّته .. ولا تجيب سيرتها الطاهر على لسانك يـآ حقير
صراخها المجنون أخرسه
وعيناها الغاضبتان زرعت ألماً مفاجئاً في قلبه
تحركن الخادمات فأبعدوها عنه

فقد بدأت دور حولها بجنون وكأنها تبحثْ عن خيط ما
دليل يثبت أن أختها بين الرمال تذود
ومن ثم لا شيء يذكَر
بألم قيدت لـ غرفتها نحو مكمنَها وخط دفاعها الأول والأخير
ليتركونها هناكْ
تدعو للرحيل

,

بدأ عمله بنشاط جمّ
فالليلة السابقة قضَى معظمها في النوم
خمس أيام مضَت منذ وصولهم إلى هنا
وأعدآد هائلة من المرضى وصَلت اليوم إلى هنا
التفجيرات بدأت تأكل أرجـآء المدينة
ولم يرى حسام منذ تلك الليلة
قلق عميق دبَّ في أعماقه نحو صديقه
ليقاطعه صوت طبيب آخر من نفس رحلته
.../ أوووووووووه دكتور فيصل ...
سّلما على بعضهما بينما أحتضَن الطبيب الأخر كف فيصَل بحرارة
وهو يقول بعتاب
../ ليش ماتزورنا في المخيم المجاور ... ؟ ولا نسيتنا ..؟
.../ لا مانسيتكم أبدْ ... بس شوفتك المكان فيه مرضى أنا مشرف عليهم ما أقدر أخليهم وأروح .. ولا ودي أجيكم
.../ يالله الجايات أكثر
../ إلا بسألك .. مين من البعثة معكم ..؟
.../ معنا رامي ومحمود مصطفى و حسام وممرضتين وبس .. ليش ؟
ربّت فيصل على كتفه وهو يقول براحة
../ إيه طمّنتني الله يجزيك الجنة بس كُنت قلقان على حسام ماشفته من جينا لهنا .. يالا منتظرين زيارتك لنا .. الله يحفظكْ
../ درب السلامة
وأفترقـآ هكذا منذ وصولهم إلى هُنا
لا يضمن أي منهم أن يلقى الآخر حياً
فكُل الصور هنا هي نظرات
أخيرة ربما
تحمل الحياة
أو الموت

,

حول الألم حياتهم لنسيج وآهي
كبيت العنكبوت
بلمسة من قسوتنا يموت

بعض الفرح ياصاحبي باطنه هم ؛
وبعض الهموم أفراح لو هي حزينة
اللذة الثالثة

جنــــون
05-16-2012, 12:14 PM
في غرفتها الخاصة وفي بقعة منزوية عن باقي الغُرف
شاءت هي أن تكون هناكْ وفي وسط ظلمَة اختيارية
أحاطَت بها دموعها ، هِي متنفسها الوحِـيد !
لم تكُن تمارس الصراخ قبلاً حتى في بكائها ..
وكتجَربة أولى دكّت أركان قلبها
ومع من ..؟
مع شخَص أقرب مايكون للنسيان ،
فلمْ تكُن من الذين يحمّلون ذاكرتهم
عناء حفظ الوجوه / الأسماء .
أصوات نقَر على الباب تلاه دخولٌ مباشِـر ،
لا أحد يجرؤ على قطع خلوتها عداها .
جاء صوتها ،
.../ ليش جالسَة بالظلام ..؟
لم تجبها وإنما اعتدلت في جلستها
جمّدت كل ما يحيط بها وتركتها تقترب منها
وتلمس كتفيَها وهي تهمس بـ
../ حبيبتي أسيـل .. وش فيك .. ؟ ليش هالدموع ؟
وبصوت ضعيف
../ ولا شيء .. !
ابتسامة كئيبة تسللت لـ وجه العمّة
../ موب عليّ .. ؟ شكلك مضايقه .؟ قولي أحد تعّرض لك أو أذاك .. !
مسحَت بقّوة دموعها وهي تجيب ببرود
../ قلت لك ما في شيء .. ! بس تذكَرت أهلي وصَحت
أغمضت الأخرى عينيها بأسى
أتت على ذكَر ما جاءت للبوح به
لا تعلم هل تخبرها بالطامَة أم تعود أدراجها وتتركها
شيء ما في داخلها حثّها على المتابعَة
وآخر بدآ أقوى فحذرها ..
لكَن شفتاها كانت صاحب القرار
../ أسيل .. اليوم أنا جايَة أقول لك كلام لازم تستوعبينه زين .. وإلي أقوله حقيقة لازم تصَدقيها وتتقبليها بأي وجه كان .. اتفقنا
كلماتها كانت بمثابة المحفّز للأخرى
والتي بدت وكأنها تنتظَرها لتقول شيء ما بعينه
علقّت عينيها بشفتّي عمّتها
فحين تابعَت الأخيرة حين لاحظَت اهتمامها
../ أختك .. هديل .. جايّة بعد بكَرة
اهتزت شفتيها بألم
رغبَة عارمة في البكاء اجتاحتها
شيء ما أخترق جسَدها بعنف
كطيف لا يُرى
تلاشى جمود ملامحها
و أنفرجت شفتيها
بينما غاصْ قلبها داخلها
تابعت عمتها الحديث بينما بدت هي كالبلهاء
قبضَة باردة إعتصَرت حرارة فؤادها
تماماً حينما تتوقع أن توأم قلبك قد رحل للأبد
رحَل دون أن تودعَه أو تغمَره بتراب مسكَنه
أو تقبّله على جبينَه ، لِلوداع .
ليأتي أحدهم ويقول لكْ بكُل بساطَة
إنّه قادم وسيعود لكَ قريباً .!

*
سُحب من الدخان الأبيض تنطلق من طرفٍ ملتهب
لسيجارة متآكلة حتى المنتصَف
أصابعه الغليظَة تلقيها من النافذة بفظاظة
بينما هوت اليد الأخرى على رقبة شخص ما بجوآره
../ بتتكلم ولا كيـف ..؟
تأوه ذاك الجسَد الضعيف بقّوة وهو يجيب بحسَرة
../ يا أخي قلت لكْ مالنا شغُل بذآك الرجّل .. والله لو أعرفه بقول لكْ .. ما أدري عن وجهه ماقد جا لنـآ ولا طلب أي شيء منّآ
اشتدت قبَضته اليمنَى على رقبتَه بقّوة
وتلتها آهه موجعَة جحظَت على أثرها عينا الأخير
../ إذاً .. علمْ يوصَلك ويتعدآك .. قول لجماعتكْ المريضَة مثَلك .. إن سمعت ولا دريت إنكم مّريتوا مجرد مرور من هالقريَة ..لا تمّسون بالسجَن مشلولين على يدّيني
هاذي .. تفهَم ولا لا ؟
أومئ الأول بصعوبَة بالغَة
ليفلته صقَر بقوة يرتطم معاها رأسه بالنافذة
ويداه تبحثَان بلهفة عن المقبض الباب
وينطلق خارجاً يجّري بسرعة ويختفي جسَده في ظلام
المزارع هناكْ
كالكلب المسعور تماماً
عينا صقر راقبته بحذَر ويده الأخرى
تعبث بهاتفه لينطلق صوته الغليظ
../ وينك فيه ...؟
../ توني نازل من الجبَل .. يا خوك ما لقيت أحد هناك

../ خلاص لا تتعب نفسك .. أظن مسكَت طرف الخيط
.../ ليـه .. وش صار ؟ لا يكون مسكت أحد بدون علمي
../ إيه وتفاهمت معه بطريقتي ..
../ من هّو ؟
../ خلّها بعديـن ..
../ إيه .. بعدين بعدين وش ورانا حنّا.. تاركين زواج وافي و جايين نراكض ورا بسم الله الرحمن الرحيم .. أقول تعال بس أنا واقف ع الطريق العام تعال لا تأخرنا
يزعل علينا بعدها ..
../ جـآي ..
وأغلق الخط
تأكد الآن أن أحدهم يعبثْ بقلوبهم
أمسكْ بالأحمق هذا منذ قليل وسينتظَر مفعول تهديداته أن ينفذ
وسيعود لذلك الكهف مجدداً
وسيتأكد مّرة أخرى
وبنفسَه هذا المرة

*

دخَلت وهي تدفع أمامها طفل في السادسة
وبيدها الأخرى تمسك بطفل آخر في الرابعة
يبكي الأخير بصمت موجع
تكّلمت بقوة قاطعة صوت شهقاته وهي تمشي خلف وآلدتها
.../ يمّه شوفي لكْ صَرفة في ولدك وعياله .. يعني أنا رايحة هالزوآجه غصَب عنّي .. ثم يجيب هالبزرآن معنا عناد في دعااء .. لاآآ أنا أشوف هالوضَع ما يحتمَل

لمْ يكَن صوته المتذّمر أمراً مستغرباً فرغم كُل بهرجة العُرس
التي كانت تكسوهم إلا شيء من الحُزن أعتلى ملامحهم
تحدثت وآلدتها وهي تجَلس على الأريكة بتعب
../ يمّه وش بيدي أسوي ...ماغير أدعي له أن ربي يهديه
دلفت أبنتها الكبرى و التي كانت تحمل جنى بين ذراعيها
../ بس يمه كلام وعد صح .. إلي سواه وافي قمّة التحقير .. موب يعني أخذت غيرها تقوم .. تقهرها كذآ..
وضعت جنى بين على الأريكة المنبسطة وهي تقترب من براء
.../ تعال حبيبي ماما اللحيـــن جايّة ..
عنادها الأول وظّل ملتصقاً بسلمى لأنها الأقرب له
والأكثر قرباً من والدته
وكأنه وجد فيها ما قد يواسيه فيَصبر

جنــــون
05-16-2012, 12:14 PM
فأقحم رأسه في عباءتها ويبحَث عن رائحة والدته عندها
وهو يشهَق بقّوة متعمداً
.../ ماااااااااباااااااا .. جيبوووووووو لي ماااااااماااا أباااااااا مااااماااا
انحنت سلمى وهي ترفعه إليها وبصَوت متحشرج
.../ والله حرآم عليييييييييه إلي سوآآه .. حسَبيّ الله عليه .. جعله مايتهنى ف
قاطعتها أمُها
../ وعد والعمـــى .. تدعيين على أخوك ياللي ماتستحين
لتنهار هي الأخرى وهي تشَد براءة إلى حضنها
../ لييييييييش ما أدعي .. قولي لي لييييييييش .. موب حرام عليه هالأشكال على الأقل يخليهم عند أمهم .. يعني من زين الزيجة عشاان يأخذهم له
اقتربت منيرة منها وسحَبت براءة قسراً من حضنها
فأخذ يركلها بقّوة رافضاً الإبتعاد عن عمتَه التي شاركته مشاعره
ومنيرة تصَرخ في وجهها بغضَب
.../ وعـــــــــــد .. حرااام عليكْ تفجعيهم . شوفي معاذ قام يصيح هّو الثاني

بالفعَل أقترب الأخر بحياء وهو يلقي بنفسَهم في الحُضن الوحيد الشاغر له
فكان بذَلك مفتاح دمعَة نَزلت على وجنّتي جدَته وهي تمسح على رأسه
.../ جده وين أمـــي ..؟
مسحَت دمعتها بسَرعة وهي تومئ له بحنان
../ بتجيّ .. اللحيـن هي كلّمتنا تقول إنها بالطريق جايَة
نهَضت الصغيرة وبدأت تبكي بإنزعاج
فهَدأت الأصوات بعد بكـآئها
عدآ شهقات براءة المكتومة وهو ينزلق من يدي عمته
التي حمَلت أخته لتهدئتها
ليقول هو بعصَبيّة وهو يمسَح دموعه عن وجنتيه بقوة
.../ بروح عنــــد مااامااا .. دحيــــــن



../ بـــراءة ..... .. وش فيكم ؟
أخرست الدموع
وتعّلقت عيون الناضجات هُناك في وجهها المصفَر
الخالي من الزينَة
عيناها القلقتان وكأنها تبحث في ملامحهم بخوف
عن أثر أي فاجعَة قد تُنبأ بها
حصتْ أبنائها فكُلّهم بخير ..
وبخطوتان تلقفَت رضيعتها من بين يدي منيرة
بينما قام الإثنان الآخران بإحتضانها
عيناها كانت مع ملامح الحُزن هُناك
وهمَست بتوجَس
../ وينَه وافي ...؟أتصَل عليه مايرد ..؟ ليش موب هنا ...؟ ماشفت سيارته برآ ؟
كُل تلك الأسئلة أفرغتها عليهم مرة وآحدة
بينما بقيت أعين البقَية تهرب من لقاء عينيها
اقتربت من والدة زوجها متجاهلة بكاء جنى بين يديها
../ عمَتي ليش فعيونك دموع .. وافي صار له شيء ..صح .. أكيد صار له شيء
شيء ما هوى في قلبها فجأة ليرتطم بحقيقة أدركتها
فيحركها جنون جعلها تقترب بسرعة من سلمى الجاثية تحتضَن وسادة صغيرة إلي حجرها
../ سلمَى .. وآفي ويييييييييينه .. وعــــــد ..... ويييييييينه تكّلموا
التفتت تبحَث كالمحمومة عن منيرة
وكأنها تلاشَت من المكان واختفت
لتصَرخ هي وتتفوه بما هو خارج عن إرادتها
../ يآربي .. لاآ .. لاآ
بدت وكأنها تسكب دموعها
الحارة على قطَع من الجليد داخل قلبها
فيورثَها ذلك ألماً حاداً جعَلها ترتجف بوجع
لم تكًن أم زوجها تبكي بل منظَر الحُزن وبعض الندى على خديها
كفيل بأن يخبرها بما لا يسّرها
بينما كانت أخته الصغرى غارقَة في نحيبها وهي تحتضَن رأس مُعاذ
قسراً إليها وكأنها تتذرع بالشفقَة أمام وجه الحُزن الذي نَزل عليها
صوت رجولي عميق صَرخ بالقرب من الردهَة
../ يمَــــــه .. وعـــــــــد ....يا بنَت وش صاير عندكْم ..؟
بدآ وكأن صَوته بمثابَة السنّـآرة أمسكتها
فجعَلتها تقفَز من مكانها
لتجيبَه الأم وهي تنهضْ بتعَب
خَرجت إليه وهي تجيب بصوت حازم حزين
../ ما بــوه شيءْ يمّـه .. هذول الصغار يصيحون
مسَحت دعاء عينيها وهي تصَلح التفاف حجابها حول رأسها
حاولت النهوض فتناهى لها
../ دعااء .. أهديّ أول عشانْ أقول لكْ
وحينما لم تجَد منها جواب زفَرت بعمق وهي تقول
../ ترا وافي تزّوج !!
قد تكون في القلوب مسكن للمشاعر
والدليل خفقانَها المُضطَرب أمام أي موقف
ولكَن إن أخبرتكم إن قلبها هدأ
وبعد دقائق الصَدمَة
ابتسمت

جنــــون
05-16-2012, 12:14 PM
*
*

../ حبيبي مو حرام عليكْ .. يعني بالله شوف كم يوم ماكلمتني .. وكل ماتصَلت عليكْ عطيتني مشغوول .. والله بغيت أموت من كثَر ما أحاتيكْ
أجابها وشيء من الحنان غطّى صوته
رغَم كُل تعابير القسوة التي التهمت ملامحه
../ قُلت لكْ إني أنشغلت هاليومين
لتقطَع حديثَه بغنج وشجَن
../ لا إنتِ ماتقول الصَدق .. أنت لكْ شهرين على ذآ الحال .. بالله ما تفتقدني ..!
../ مع السلامة
لأول مَرة في حياته ينهي محادثَة بجملة ختامية
ربما شيء ما ثقيل بدأ يجثم على صدره
شيء ما يدعوه للنفور عنها والذهاب بعيداً
يتألم لذلك فشعور سخيف كهذا
يحاول أن يفقدَه تسليته الوحيدَة
تسلية لطالما أحبها , بل وعشقها
شيء من الحنان يبحْث عنه
ربما لأنها تذكَره بمن أحب
ورحَل عنه
قد يكَون قدوم خالد تبرير كافِ له أمامها
لكَن الحقيقَة نابعة من داخله
../ السلام عليكم .. وش فيكْ يابو الشباب جالس هنا لوحدَك .. قوم قابل الناس موب تجَلس هنا مصّدق نفسكْ .. ضيف !
أخرجْ عُلبة سجائره الذهبية وألتقط عود أبيض طويل من داخله
بمهارة وتمّرس
دسّها بين شفتيه وهو يجيب
../ حنّا هنا أصلاً شكَلنا غلطْ .. وأغلبهم ناس مانعرفهم .
بتر جملته حينما أخرج خالد السيجارة من بين شفتيه
وألقاها أرضاً
وراحت قدَمه تدهسها بقّوة وهو يقول
../ لو تبطّل هالسم كان نحنا بخير .. بتقتلني إنت كُل ماشفتني طّلعت وحدَة مدري مكتوب على جبهتي " دخّن أحسن لك " ولا وش .. ؟ حرام عليكْ نفسَك يا صقر .. وش
صاير عليكْ ؟
فرك بأصبعيه عينيه بتعَب وبدآ كأنه يجاهد ليبقيهما على إتساعهما
../ مشغــول عقلَــي ..! ومدري وش بإيدي أسّوي أكثَر ..!
ربّت على فخَذّة وهو يقول بجّدية
.../ لا تستهَم وأنا أخوكْ .. كّلنا معاك وبيدنا نمسَكهم إن كانوا بالفعل موجودين ونرميهم فأظَلم سجَن ..بس إنت التفت لنفسَك .. وبطّل هالبلا اللي تشّفطَ فيه
أربعة وعشرين ساعة ..
مسحَة من الإرهاق علت صوته وهو يجيب
../ ربك كريم
../ إلا قولي .. متى ناوي تتزوج
عقد حاجبيه بدهشَة وهو ينظَر لوجهه صديقَة الجاد
أخذ يبحَث عن أي علامة للسخرية
لكَن الجدّية أحتلت ملامحه
ليتنّهد بتعب وهو يومئ بصَدق وابتسامة قلّما رُسَمت على محيّاه
.../ أبشّرك قريب .. يا خالد قريب
حلّق كيانه في كَبد السعادَة
أقصَى ما كان يحتاجَه الآن هو ذلك الشعور
شيء من الفرحْ يفكك عقَد الذَنب في داخَله
ومازال يصَنع خطوة الألف ميل

*

فجراً
في إحدى جبال مكَة شامخَة حول الحرم
حملت بين ثنايا صخورها بيوت بّنيَة قديمَة
تمّسكَ أهلها بها وظّلت شاهدَة على كُل تلك الأزمَنَة التي مّرت بها
ونُحت من الصخور سّلم للصعود للقمة
فكانت كالشق بين البيوت الصغيرة
هُناكْ
صَعدت سيّدة مُتشّحَة بالسواد تحمَل فوق رأسها قماش كبير ممتلئ
ملفوف بعناية حول ما يحتويَه
ويركض خلفها صبَي في العاشَرة من عمَره
انحرافا يميناً حتى أصبحا أمام منزَل
ونزَلا سّلم ذي الثلاث درجات تحت الأرضْ
ثم طرق الصغير الباب الأزرق الصدئ
ليفتَح في ثوآن وتختفي أجسادهم خلَفه

,

جنــــون
05-16-2012, 12:14 PM
أغَلقت الباب خلفهما وابتسامة حُب كبيرة
تُرسمْ على شفتيها لتجَعل من وجهها هالَة من الطُهر والنورانية
../ صبّحكم الله بالخيَر
حمَلت ما قد أنزلق عن رأس والدتها
ووضَعته جانباً وأخذَت تساعدها في
خلع حجابها وهي تقول
../ كيف مّر عليكم اليووم ..؟
لتومئ الأخرى والأعياء بادٍ على محيّاها
../ الحمدلله .. جانا رزق يكفَينا يومين .. اللهم لكْ الحمد
ابتعدت عن والدتها وهي تذَهب نحو الغسالة الصغيرة داخَل حجرة ضّيقَة
وعيناها تتأمل ذلك الصغير النائم هُنـآك
.../ شكَلكم تعبَتوا اليوم .. فهّود نــآم
ليأتيها صوت والدتها وهي تدلف للحجرات الثلاث الداخلية
../ إي والله .. الله يرضَى عليه .. وأنا ما قصَرت شغّلته زيـن .. زهرة فديتكْ خلّصي إلي بيدَك وصّحي خوآتك وأخوكِ وخلّيهم ينزلون من بدري .. لا يتأخرون
../ إن شــاء الله
هكذا هو سناريو كُل يومْ يمّر عليهم
ربما يعيشون في فقَر
وأيديهم تقَبض أقواتهم ليوم واحد
لكَن قلوبهم وكأنها تُغَمس في الرضا غمساً
لتجعَل على وجوههم هالات من السعادَة وإن كـآنو في كَدر
تَحركَت أختَهم الكُبرى فأيقظَتهم
وبدأ مع بداية اليوم كالعادَة مشروع تذَمر حادْ سرعان مايخبوا
حينما يرون كم تعَبت أمهم مساءاً وحان وقتَ ركضَهم
كُل يوم يقسَمون أن يجمعن أكثر مما تجمعَ لهم والدتهم
ينهَض أخوهم إجباريَاً
فتقَسم البضاعة بينهم كُل فرد منهم
لا يفترقون أبداً من بعد تلك الجريمة
بل يبقون محفوفين بعضهم حول بعض
وعينا أخوهم لا تفارقهَم
فزمن الافتراق قد ولى
بعَد فجيعَة أختهمْ
وفي كُل يوم في طريقَهم
على الدرج الصَخرية
ومن ثم إلى ساحَة الحَرم
وألسَنتهم تلهَج بـ الدعاء لها
وأن يعيدها الله إليهم قريباً
واليوم ظهَر بوضوح صوت إحداهنّ
من خلف غطائها السميك
.../ ياربِ ردْ لنا .. نور العيـن

*
../ يالله هّدولَة أبتسَمي .. مين قدّك اللحيـن ..؟
رسمَت بيأس ابتسامة صفراء وهي تقول بهدوء
../ ربي كريم أدعي لي ..
../ ربنَـآ معاكِ .. أهم شيء مثَل ماقلت لكِ ..رقمي عنَدك إذا حصَل أي شيء
دقّي وحنّا بنصَرف
../ الله يعطيك العافيَة .. والله مدري وش أقول لكْ ؟
../ لا تقولي ولا شيء .. و يا لله مع السَلامة لا تلطعي إلا جاكِ
خَرجَت وشيّعَتها هي بنظَراتها حتَى أختفت خارج الباب الحديد الكبير
مسحَت على قميصَها وهي تتجه للداخل مجدداً
لتبدأ مشوار آخر
مع فتاة أٌخرى
,

استلمت الأوراق الرسمَية التي تحَوي كُل ما يخصَ تلك الفتاة أمامها
والتي ظَلت هاجسها في الفتَرة الأخيرة
ومن المفترضْ أن لا تكون لها
لكَن صَديقتها مريضَة حالياً
فأخذَت هي ملفّها حالاً
لم تقرأ حتَى أسمها المدون خارج الملف
بل أكتفت بالابتسام في وجهها وهي تبادرها
../ إسمَك .. صبـآ إيش ؟
جاءها صوتها شاحَباً وهي تجيب
../ صبا محمد ..
../ طّيب يا صبا بشريني .. كلامي أمس هل عليه أي ملاحظات
هّزت رأسها بالنفي كجواب
فيبدو بجلاء أنه تتهرب بالإيماءات من إي سؤال يجبرها على الكلام
تنهَدت ميسون براحة فقد قطَعت بذلك منتصَف الطريق
لتقول بعدها بهدوء
../ خلاص .. إنتي اللحين عارفَة وش لك وش عليك.. يعني كُلها يومين أو ثلاث أيام بالكثير وتخرجي من هنا .. وش أهم أهدآفك بعد الخروج ..؟
صَمت تلا سؤالها
ونظَرت صبا لعينيها مُباشَرة
لمَحت بها ميسون شيء من القوة
وصوتها بدا طبيعياً
../ ما عندي .. وعيشَتي بالسَجن أحَلى لي
أرتطم قلب ميسون بشيء من الألم في جوفها
وكأنها بذَلك أعلنت خسارتها
مسَدّت على بطَنها بتعَب
وهي تفتَح مّلفَها لتتهرب من عيني صبا
ولتقع عينيها على الأسم المكتوب في رأس الصَفحة
" صبا محمد الـ ... "
أسودّ وجهها بصَدمة عظيمَة
زلزلت على إثرها الصدَمة أطرافها
وشعور ما نبأ الأولى بخطَر محذق بها
وسيصيبها , جعلها ذلك تتساءل بسرعة في قلبها
ماذا قرأت يا تُرى ؟

*
نَزلت عتبات الدرج بهدوء واقتحمت البهو الكبير
لم يشَعر أي من الموجودين بدخولها
إلا حينما قالت بصوت مرتفع
../ السلام عليكم ..
استدارت الأعناق نحوها وثلاث أزواج من الأعين عُلقَت عليها
أحدها قال فوراً ../ أنا أستأذن يا يمّه .. أشوفكم بعدين
وخَرج , ليترك لها حُريّة التحرك
بهدوء جلَست على مقعد مجاور لعّمتها
لتقول الأخيرة بتوتر ملحوظ
../ أخلعي نقابك .. مافيه أحد
فترد عليها الأخرى ببرود .. وعيناها معلقَتان على شاشة التلفاز
ولا يبدو أبداً أنها تفهَم ما تشاهدَه
../ يمكَن يدخَل أحد ..
ثم ألتفتت وهي تنظَر لعيّنين عمّتها بقَوة
../ وتراني أنتظَر ..
انتفضَت العمّه بقوة
حين عَملت أي شيء هو القادم نحوهن
شيء من الضَيق أكتنفَ مشاعرهنّ فجأة
فالبقاء هكذا , يشَبه إنتظار الموت
بيدين مقّيدتين
وبلا حيلَة
ومَضت شاشة هاتف العمه المحمول لرنة واحدة
كانت هي الإشارة المتفقْ عليها
وثمْ خطوات على الممر
جعَل قلوبهمْ ترفرف في حناجرهم
كطائر حبيس
أعقَبه ظهور ذلك الجَسد النحيل
وصوتها ذاته يقول
.../ الســـلام عليـــكم
ليهوي كُل شيء

ما للعباد سوى الفردوس إن عملوا
وإن هفوا هفوة فالرب غفار *

* علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه , وكّرم وجهه )

الكذب حيّه بـ حيهم
وإحنا نردد : أوفيا !
................. أوفيا !
.................... أوفيا !
دام إنخدعنا بضيّهم
ظنّك نصدّق أي ضيا ؟

اللذة الرابعة

خلع قفازيه بسرعة وألقاهم داخل سلة المهملات القريبة منه
خرج إلى الردهة وعقله يحسب كم تبقَى من مؤونة الأدوية لديهم
لكَن صوت الهاتف قطع عليه تفكيره
فأجاب ../ السلام عليكم ..!
../ وعليكم السلام .. دكتور فيصل نحتاج طبيبين و ممرضين حالاً أنا عم أكلمك من حي العطاطرة غـر
قاطعه وهو يتوقف عن متابعة سيره وستدار عائدا للبهو الداخلي وهو يتجاوز
ازدحام المكان بالمرضى
ثم وصل صوته للمتصل اللاهث
.../ حالاً .. مسافة الطريق وحنّا عندكم ..!!
أغلق هاتفه بعزم فهذه ستكون أول أعماله الميدانية
ولج لغرفة المدير وهو يسّلم ثم قال على عجل
../ أتصلوا بـي من بيت لاهيا يبـغون
قاطعه المدير بحزم
../ بلّغوني ..وممنوع تخرج من هنا ..
اتسعت عيناه بصدمة وهو يهتف
../ وش تقول ..؟ لييش أقول لك هم محتاجيني ..؟
زفر رئيسه وهو يجيبه بصبر
../ فيصل نحنا هنا محتاجينك .. ما معنا هنا غير 10 دكاترة بس الباقي ممرضات وممرضين , ولو خرجت إنت و معك وآحد ثاني بيبقى 8 مين بيعابل المرضى إلي ينهلون علينا
ليل نهار .., فكّر إنت موب في جدة عشان تخرج متى ما بغيت ..!
ضرب براحتيه المكتب أمامه وهو يقول بعصبية مطلقة
../ لا .. أنا بخرج لوحدي .. ومعاي ممرض وآحد ..!
تساند الأخر على الكرسي وهو يقول بملل
../ إيوة .. وبعديـن .. لوحدك وش بتسوي لهم ..؟
ألتقط رائحة السخرية في كلامه
فأخرج هاتفه فوراً وهو يتصل على صديقه
وأمله الوحيد أن يجيب على هاتفه
وآصل الرنين الطويل لـ دقائق كانت له كدهوراً
أرخى بعدها هاتفه وهو يبحث بسرعة وأمل أن يجد رقمها هنا
هي من سيجيب على هاتفها يعلم ذلك
فقد أتصل بها صديقه يوماً من هاتفه
وجده وبسعادة أتصَل
تواصل الرنين لدقائق بعدها
صوت هادئ أجاب ../ نعم
أعتصر قبضَته بقوة وهي يهتف ../ لو سمحتي .. أعطيني حسام
.
.
.
بيد مرتبكة جداً وهي تجيب
عيناه المرتخيتان بتعب
تأكل ملامحها بتوجس
خرج صوتها هادئ حين قالت " نعم"
دقائق وألصقت هاتفها في أذُن أخيها
وهي تتلعثم ب../ كّلم.. هذا فيصل .. قول ألو
أعتدل في جلسته بصعوبة وهو يقول
../ هلا فيصَل
../ وينك إنت .. ؟
ثم أكمل كلامه بسرعة حين شعر أنه لا وقت لسؤاله
../ أقول لكْ جانا طلب عاجل من بيت لاهيا ولازم يروح دكتورين وممرضيين , وأنا بروح وش رايك تقوم معي ؟
../ أكيد .. متى بتجون هِنا ..؟
../ مايحتاج إذا إنت جاهز .. وقع عندهم بخروجك لهناك وأنا بمرك بسيارة ومعي ممرضين , وإنت تعال وجيب إثنين بعد ..
أومئ وهو الأول وهو يشعر بالنشاط يدب في أطرافه المرهقة
../ خلاص ننتظركم ع الفجر ..!
../ صااار .. يالله فوداعة الله .
أغلق هاتفه وهو يستلقي بتعب على الأريكة من جديد
لم ينم طيلة الثلاث الأيام الفائتة منذ دقائق سابقة
كان يشعر بالخدر يسري في أطرافه
ولكَن صوت صديقَه جدد همته يشعر أنه مستعد لينام قليلاً
ففتح إحدى عينيه بصعوبة محولاً إبقاء جسَده في وعيه
../ سلمى .. صحّيني قبل ما يأذن الفجر لازم نروح لبيت لاهيا بعد الصلاة وكّلمي المدير خليهم يجهزون لي ممرضين قبل الفجر ..فاهمة
أجابت بسرعة وهي تقترب منه
../ طيب .. بس ما ينفع أنا أروح معـكم ..؟ صح إني أخاف من فيصل بس لازم أجرب العمل الميداني .. ودي أشوفك وإنت تشتغل دكتور
لم تجد جواباً
اقتربت أكثر لتجده غارق في نوم عميق
وصوت شخيره بدأ يرتفع
أرخت الفراش على جسده وبشيء
من الحُب وبخفوت ..
../ شَد حيلك في النوم قدامك 3ساعات بس ..
وبخفوت ../ الله يعينك ..!
وأبتعدت وفي رأسهاا مخطط خاصْ
شرعت في عمله منذ هذه اللحظة

جنــــون
05-16-2012, 12:15 PM
آلتعَب ،
ماهَو تعَب " جسِم وَ عظآمْ " ..
آلتعب / لمّا تحِبّ و تنجرح ، وَ آلعمَـى ..!
مَاهو ظلام فِي ظَلام .
آلعمَى : طَعْنَة تجي وإنتَ بـ فرَحْ !
..................................... طعنَة تجي وإنتَ بفرح !!

أقتحم الغرفة وهو يقترب نحو والدته بسرعة هائلة
وأخذ يهّزها بقوة
.../ مااااا ماااااا براء شخمط لي على كتاااااابي
أبعدت قبضتاه الصغيرة عنها
ثم تابعت طّي ملابس صغيرتها بهدوء
../ ناده لي .. وجيب معك كتابك إللي شخمطه ..؟
أبتسم بجذل وهو يبتعد عنها ويخرج بذات السرعة التي تدخل
بها
وفي نفس اللحظة أنارت شاشة هاتفها الصامت باسمها
ألتقطها بلهفة سرعان ما خاب ظّنها
فأجابت بهدوء مصطنع
../ ألو
بصوت حزين
../ السلام عليكم .. كيفك يا دعاء ؟
../ بخير
ألتقطت الأخرى البرود في صوتها
تنهَدت بتألم وهي تقول
../ زين أفتحي لنا الباب حنا عندك .. برا
../ يا هلا والله .. برسل معاذ اللحين
../ أوكي يالا
ألقت هاتفه بسرعة وهي تخرج مسرعة
لتجد في طريقها معاذ يمسك بكتابه في يمينه ويشَد خلفه براء
الغاضب
فبادرها الأول ../ ماما جبته لك .. شوفيه ؟
أخذت كتابه منه وهي تشده معاها نحو الأسفل
../ روح فكْ باب الشارع في ناس برا ..
../ مين جا .. بابا ..؟
هزّت رأسها بقوة وهي تجيب
../ لا روح فكْ الباب بس
تركها وهي يسبقها بسرعة نحو الباب
لحقته للبهو وهي تتفقد المكان
كُل شيء مرتب عدا بعض الألوان التي ألقاها براء هنا وهناك
../ آسف .. بس ماسويت شيء
نظَرت إليه بعتاب وقد أرخى وجهه ينظَر للأرض
../ ثاني مرة لا تلعب بكتب أخوك .. و شخبط في كراستك بس .. ولا أزعل منّك ..
دقائق فُتح الباب بعدها
لمحَت منيرة مع أطفالها في المقدمة
ثم اقتربت وعد وهي تساعد أمها في تجاوز الدرج أمام مدخَل المنزل
أغلقت عيناها لثواني مرت بسرعة
سحبت من الهواء ما تستطيع وهي تتقدم
نحوهم بسرعة ووجهها يلهج بالترحيب لهم
../ ياحيّ الله من جانا .. ياهلا وسهلا فيكم
تعّمدت ذكر كُل كلمة بصيغة الجمع
ربما لم تقصَد زوجها تحديداً
أو ربما وضَعت لأبنائها اعتبار ما
سلّمت عليهن بقوة بدت لهم زائدة عن الطبيعي
تفادت عيناها الوقوع على أعينهم
ربما لا تريد أن تلمح كمْ الشفقة فيها
مضى أكثر من أسبوعين على صدمتها
لكَن تجاوزت كُل شيء بمفردها لن تهَزّها نظراتهم مابنته لنفسها
لن يوقعوا كُل شيء فوق رأسها
فلقد صدمت أمامهم
وكابرت أمامهم
ولا تريد أن تنهار امامهم ايضاً ..
دخلوا للبهو الرئيسي
بينما اتجهت هي نحو مطبخها لتعدّ العصير
ولحق بها الأطفال

جنــــون
05-16-2012, 12:15 PM
../ أطلعوا ألعبوا فوق .. ومعااذ إنت الكبير أنتبه عليهم
وخليكْ قريب من جنى يمكن تصيح
نفخ صَدره بسعادة وهو يجيب
../ طيب ...
وأبتعدوا بسرعة
أقتربت من المجلس الداخلي وقد تناهى لسمعها أصوات
أحاديثهم الهامسة
والتي توقفت بدخولها
لتصَنع إبتسامة كبيرة ألمتها وهي تضَع
في متناولهم الكاسات
../ يا هلا بكم والله ..
جلست في مقعد مجاورة لـ وعد والتي سألتها فوراً
../ وينها جنو ..؟
ألتفتت وهي تبتسم
../ نايمة .. والله
جو مشحون بجملة من الإرتباك
أعينهم معلقة بملامحها
يبحثون عن أدنى ألم فيبدون بإحتضانها
ومسلسل مواساة طويل لم ينتهي
هي مُدركة لرغبتهم
فمثاليتها وبرودها ألجمهم
فبدا موقفهم كمنتصر مذهول
أمام غنيمة معركة لم تحدث أصلاً
أغمضَت عينيها بقَوة تسترد شيء من بروده
زفرة بعمق وهي تكرر
../ حياكم الله ..
عقَدت منيرة القابعة أمامها حاجبيها
../ شكلك تعباانة .. ولا موب نايمة
هّزت رأسي نافية بقّوة
../ لا لا لا .. بس جنى ما نّومتني ومن أمس وأنـآ على حيلي
فأومأت الأولى برأسها
../ إيوة .. هذول الصغَار كذا .. بس إنتي بعد مو تهلكين نفسَك
أجابتها بهدوء وعفوية
../ وش أسوي ..؟ وين أخليهم ؟ ما أحب الشغالة تمسكهم
وصَل الحديث للمأزق المنتظَر
فأحسنتْ الأم إستغلاله
../ يابنتي الصَبر زيـن .. وسبحان الله يمكن زواجه من ذيك خيره .. ومصيره بيعرف إنك درّة وماله غنى عنّك
رفرف قلبها بألم داخل روحها
غصّة قوّية اعتصرتها
انفرجت شفتاها وهي ترغب بصدق إنهاء كل شي
لكَن دخول صغيرها واتجاهه بسرعة نحوها
../ مااااااماااااا .. حُدي جوالك
التقطته من يده وأجابت وهي تراه يتجه
إلى جدّته التي دعته إليها
../ هلا يمّه ..!
../ أفتحوا لنا الباب .. واقفين من أول ندقّ الجرس محد يسمع
نهضْ بسرعة كادت معاها أن تتعثّر
../ وي .. بسم الله . اللحين بنزّل لكم معاذ
والتقطت أذنها تسميتهم عليها
ألتفتت لهم وهي تبتسم بصَدق
.../ ذي السجادة تكرهني كل مرة تبي تطّيحني
بادلتها وعد الابتسام وهي تقول
../ لا يا شيخة هي إلي تكرهك .. وإلي إنتي إلي تحشرين رجلك تحتها
ضَحكت بهدوء
../ لا وأنسى إن دخّلتها .. أنا بطلع أشوف جنى .. عن أذنكم
خرجت لتجد وآلدتها وأختها في المدخل
فاقتربت منهم وهي ترحَب بهم بصوت مرتفع
حاولت إخفاء كُل توتر داخل ملامحها
ملامح والدتها الصارمة أخافتها
أخذت تدعوا الله برجاء أن لا تبكي الآن
../ آهلاً آهلاً .. حيّـآكم الله
وما إن اقتربت منهم حتى همست بـ
../ ترا أم زوجي وبناتها جَو ..
لم تكن تعي تلك الكلمة التي قالتها
فجعلت والدتها ترمقها بشَدة
عقَدت حاجبيها وهي تلتقط يدها لتقبّلها
ثم تقّبل رأسها وهي تقول
../ شفيك يمّة ، مزعجك أحَـد ..؟
لم تجب فأقتربت منها أختها
وألصقت شفتيها في أذنيها
../ ياويلك
عضّت شفتها السفلى بقّوة
وهي تعصّر قبضَتها ألتفتت وهي تقول
../ بطلع لجنى .... !
أرآدت أن تهرب من مواجهتهم
فقد أجتمع كُل من لم تكن تريدرؤيتهم
ألقت بجسدها المرهق على السريع بقّوة
وهي تغرز أصابعها داخل شعرها بقّوة
مُتعبَة ومشتتة
وهم لم يتركوها تعانق شتاتها بصَمت
تهبط لتلتقط ذاتها
بُكاء جنى الخافت من سريرها القابع بجوارها
ملامحها بلا تعبير
كُل هذا جعلها تشعر بأن قلبها ينبض بخواء
وأن كُل شيء أمامها
راح يذوب

*

.. / طق طق طق مين ع الباب أنا الذيب .. عاوز أيـه
قاطعتها
../ تبغى أيش ..؟
فأكملت الأولى
../ عاوز إيه ..؟ عاوز علبة تلوين
فصَرخت بها
../مااااااابااا .. الناس تقول تبغى مو عاوز
لتضَحك الأخرى
../ نحنا تعّلمناها كذا ..؟ وش دخلك ؟
../ أقول نور ما تلاحظيـن شي
أسندت بكفها رأسها وهي تجيب صديقتها
../ تصدقين نوير .. إني أفكّر بنفس إلي تفكرين فيه
نظرت إليها بضيق
../ ترا ما أمزح .. زمان عن رجسة ولا ؟
دقائق أعقبت قولها لتتعلق عيناهما
بذلك الجسدان الذين أزاحا باب الزنزانة بصعوبة
ودلفا
وصل صوت إحداهن مُرهق وهي تقفز على سريرها
../ آخخ تعبانة .. أحس عظامي مكّسرة ..
بينما جلست الأخرى بصمت بين الأخرتين
تأملتها إحداهن ثم سألت بهدوء
../ كيفك رجّسة ؟
نظرت إليها لثوان كأنها
تريد إستيعاب هئية ذلك الشخص أمامها
ثم قالت بهمس
../ إيوة
لتقول الأخرى بسرعة
../ طيب وش فيك مبّوزة دامك .." إيوة " ع قولتك ؟
أعتدلت لتجلس قرفصاء
بدا وكأنها لم يصل إليها السؤال
لتجيب على نفسها همساً
../ مو منّك من إلي يسألك ..
ثم ألتفتت لـ صبا وهي تسألها بحيّوية
../ ها وش أخبار جلستك ؟
../ تمام
مالت على صديقتها وهي تهمس لها مجدداً
../ أقول نويّر وش فيهم الخلق اليوم ؟
.../ والله مدري ..!
ثم أعتدلت وهي تقول لصبا
../ أقول صبا ؟ شكلك اليوم ما فلحتي بالجلسة ..
ثم تابعت بسخرية
../ ولا ما ليّنتي لهم راسك
نهضَت وهي تبعد الفراش ثم تسترخي
عقدت راحتيها أسفل رأسها وهي تجيب على مضض
../ لا بس اليوم مدري .. أحسّها ما كانت طبيعية ..
عقدت حاجبيها باستغراب ثم
سألت " نور "
../ كيف يعني ..؟
حّركت رأسها وملامحها تتحول بهدوء
لـ لامبالاة
../ مدري .. أممم كأنها مفجوعة .. ولا شوي وتصيح .. قالت كلام مخربط .. بس أصلاً ما صرت أهتم
خرج صوت " رجسة " من بينهن يسألها
../ ومتى بتخرجين ..؟
ظلمة غشّت روحها من جديد
تحاول أن تتنسى ما ستؤول إليه
بقاءها في محيط كآبتها هنا ، أحب
إليها من ظلمة ستعتصرها حال خروجها
زفرت وهي تجيبها بشحوب
../ بعد 3 أو 4 أيام ..
مر على صَمتهم دقائق معدودة لتعلوا بعدها صفارات
الإنذار الأولى لإغلاق الزنزانات فخرجت رجسة بذات الهدوء الذي دخلت به
عينا نوير لحقتها بإهتمام
ونور رصَدت ذلك
بينما كانت " صبا " في عالمها الخاص
في جزئها المختلف
وكأنها بدأت تحصي تلك الوجوه التي ستلتقيها
وأي شخصيّة ستصنع لهم
إزدردت ريقها بصعوبة حينما حّل الظلام فجأة
لتخرج الدمعة عارية للخفاء
تحمّل تمّزقها
إنها تفقد سجنها شيئاً فشيئاً
والحريّة تعدها
إنها قادمة
لتغتالها

*

ومَضت شاشة هاتف العمه المحمول لرنة واحدة
كانت هي الإشارة المتفقْ عليها
وثمْ خطوات على الممر
جعَل قلوبهمْ ترفرف في حناجرهم
كطائر حبيس
أعقَبه ظهور ذلك الجَسد النحيل
وصوتها ذاته يقول
.../ الســـلام عليـــكم

*

كانت تحمّل قشّتها في يدها
وتتقدمّه خادمة مسّنة لتُدلها
وهاهي تصل لذات المكان الذي أحتضنها وأختها
ذات المكان الذي رحل فيه عنها والديها
وذاته حينما و دّعت أختها
شعرت بالأرض تحتها تهتز من شّدة خوفها
تذكرت كلمات " ميسون "
ثم همست بوهن " يارب إنك تثّبتني .. يارب ثّبتني "
وصلت لحيث أشارت لها الخادمة
لم تكن في حاجة لتقودها
فهي تحفظ تضاريس المكان عن ظهر قلب
وما إن برزت أجسادهم لها من هناك حتى قالت
بشيء من الحزم قد غمَره الإرتعاش
../ السلام عليـــكم

*

حملت ملامحهم كُل التعابيرالألم لمرأها
لم يسرع أحدهم نحوها ؛ ليحتضنها كأبسط حقوق عودتها
بل ولم يرد أي منهم على سلامها
بدت الصورة من زاويتهم مجمدة تماماً
لا تعلم كم من الدقائق التي ظّلتها هناك
حتى أقتربت منها عمّتها صافحتها
ثم جذبتها لتحتضَنها برفق ثم شهقت
../ الحمد لله ع السلامة .. وحشتينا ..!
بدت كلمتها جوفاء معلقة بالهواء
الذي توقف عن الحركة ؛ ليكتم أنفاسهم
غطّت الجدّة وجهها بشالها وأخذت تنشج في مكانها بصمت
بينما اقتربت أختها نحوها وعيناها معلقَة بملامحها بصدمة
شيء أشبه بالابتسامة بل أقرب للبلاهة
وما إن اقتربت منها حتى
احتضنتها بقوة جعلت الأولى تختنق
إحداهن تضَحك بجنون بينما أخذت الأخرى
تتلوى بألم
*

أحسّت بألم أثر سقطتها
وضحكات شقيقتها آلمتها
ربما تظُن أنها عادت تحمَل معاها هدايا السفر
أو ربما تظن أنها تخبئ خلف ظهرها باقة من الإنجازات ؛ لتهديها لها
ابتعدت عنها الأخرى قليلاً وأخذت تقبّلها بشوق
حرارة دموعها الممزوجة بضحكاتها أحرقت لها وجنتيها
التي لم تكن قد أعتادت سوى على ملوحة دموعها
احتضنت كفّها هامسة بحرارة وصدق
../ موب مصّدقة ... أحسّ إني في حلم
لكَن صرخة عمّتها من خلفها كتف شقيقتها
جعلتهما تستديران بسرعة
../ يمّــــه .. يمّه بسم الله وش فيكْ ؟ يمّـــــــــه
تأملت جدّتها من خلف صيحاتهم تركاتها أختها تأخذ نفساً
كئيباً لتزفره بعد ذلك بتدّرج , ثم إقتحام الرجّال الـ 3 للحجرة
أربكها

تحّلق الجميع حول والدتهم التي استفاقت فجأة
ثم بدأت تنوح
رفعَت هي نفسها بصعوبة من على الأرض والتصقت بباب المجلس
وكأنها تبحث عن أي شيء قد يساعدها على التماسك قليلاً
اعتصرت بقّوة وهي تقّرب لفّة / " قشّة " / ملابسها نحوها
تماماً حينما مّروا من جوارها يساندون جدّتها
والتي تراها لأول مّرة من هذا القرب
لم تستطع التقدّم ولا السلام عليها
أخذوها من المكان سريعاً ليختفوا
وتختفي معهم عمّتها
استدارت تنظَر من خلال فتحة المكان لهم
وقبضَة قوية باردة تعتصَر روحها جعلت
قلبّها يتلوى من صقيع ألمه , فلقد أبكت والدتها
أبكت من خَذلتها
لكَن حرارة دموع شقيقتها
التي احتضنتها من خلفها
عادت لتخنقها من جديد
أنتشَر الدفء في جزء من قلبها
وهي تسمع همهمات شقيقتها المكتومة
../ الحمد لله .. إلي رجّعك لي يا توأمي

*
تأمّلها بصمت وهي تقحم الملعقة بقّوة داخل فمّها
وكأنها مجبرة على إفراغ ذلك الطبق الممتلئ أمامها
أرتفعت حساسيتها كثيراً هذه الأيام
كما أن تفاصيل التعب رسمْ على ملامحها
لاحظ منذ عودته أنها على غير عادتها
تبدو ساهمة وبشَدة
أرخى عينيه وهو يأكل متصنعاً إندماجه
وقائلاً بهدوء
../ اليوم خارج مع واحد من أصحابي لشركة السيارات ناوي يشتري سيّارة جديدة
ويبيني أجي معه .. ثم بنروح نتعشى يعني بكون هنا ع 10 بإذن الله
رفع عينيه ليلتقط إيمائتها الموافقة على كلامه
ثم دقائق هربت فيها من جديد
لمس كفّها الراقدة بجوار طبقها وهو يقول
../ ويــن تروحيـن إنتي ؟ أكلمك من الصبح ..؟ وش فيكِ اليوم موب ع طبيعتك
نظرت إلى عينيه مباشرة وكأنها تحاول أن تستوعب ما يقوله
ثم تركت " ملعقتها " ونهضَت
../ لا لا مافيني شيء .. الحمدلله
رأها تبتعد لـغرفتهم وتغلق الباب خلفَها
عقَد حاجبيه بقّوة وشيء من القلق أخذ يسري في روحه
فهو يعلم أنها ليست من النساء المتذمرات
وليست سريعة الغضبْ
إذاً مالذي حّل بها
نهضْ سريعاً وهو يتبع خطاها
أقتحم الغرفة ليجدها تجلس ع طرف سريرهم
همس بخوف مجدداً
../ ميسون .. صاير شيء أنا موب عارفه ؟
أجابته تنهيدة طويلة أطلقتها غرست بعدها
أصابعها في شعرها المنسدل حولها بعشوائية
كانت توليه ظهرها وهالة من البرود و الخمول تحيطان بها
سألها بصرامة حين لمس عدم تجاوبها ليختبرها
../ ميسون .. ليش ما رحتي مع أمي والبنات ؟
أجابته بعد بُرهة بذات الجمود
../ وش أروح أسوي .. عند حرمة منكدة .. وأكيد إنها مالها خلق أحد
زفر براحة وهو يرسم على ملامحه نص ابتسامة
جلس بجوارها
ثم ألتقط كفيها فأشاحت هي بوجهها عنه
.../ من مضايقك أجل .. ؟
حّركت رأسها بالنفي وهي ترخي عينيها أرضاً
وشي من الحشرجة يتسلل إلى صوتها
../ محد .. ولا تجلس تسأل كثير ..
ظهرت ابتسامته أعمق حين قال
../ مشكلتك.. ما تعرفين تكذبين
ثم تابع بحزم شّد معه قبضتيه على كفّيها
../ ميسون .. طالعيني ..
لم تتحركْ بل ظهر بوضوح ارتجاف فكّها السفلي
فأمسك ذقنها ورفع رأسها
لمعت دموعها المتحجرة داخل عينيها والتي ما إن أفتضَح أمرها
حتى سقطت بسرعة على وجنتيها
اتسعت عيناه بصَدمة
وقفز قلبه داخله بألم
طّوقها بذراعيه وهو يقول بخوف وقلق عظيمين
../ ميسون .. وش صاير ..؟ وش فيــكِ ..؟ تكــــلمــي
أخذت تنشج على كتفه بقوة وألم
أرادت بحق أن تأخذ وقتها لتنشج براحة مفرغة كُل ذلك الألم من قلبها
تشعَل أن ما تخفيَه , هو سر عظيم أكبر مما تحتمل
شعَرت بقضتيه تشتد حولها
فأرتخت قليلاً محاولة كبت شهقاتها
أبتعدت وهي تلمح الخوف في عينيه
تماسكت بقّوة وهي تمسح دموعها بصعوبة
ثم قالت له بخجل لم تدري لمَ
../ بندر .. من هي صبا ؟
لتجمّد كُل ملامحه على ذات الخوف
والصدمة والإرتباك
لكَن ليس كما كان منذ قليل
بل تحّول وجهه لأسود بمجرد أن نطَقت باسمها ؛ لتغرس شكوكها في روحها بوجع
سُحقاً لذلك الكم من العذاب الذي رأته في عينيها
تباً لذلك الحب الذي ولد بمجرد أن رأتها
علمت الآن لم بدت عندما رأتها وكأنها تعرفها
وهوت على فراشها عندما وصلت لنقطة
أنها بالفعل زوجة لـ عمّها

انتهيناَ مثلّ كل هـ النآسَ ..
" فارغينَ " من كلُ شيَ ..!

جنــــون
05-16-2012, 12:15 PM
اللذة الخامسة

اللذة الخامسة

ألصقت ظهرها بقوة في فتحة احتلت منتصفها عُلبة " إطفاء " كبيرة
وأرهفت سمعها لتلك الخطوات ع الممر
أخذت تهمس في قلبها
" وجع وجع وجع .. توّهقت ... ياربّــــي أففف "
بدأت أصواتهم في الأقتراب منها شيئاً فشيئاً
وحزمة ضعيفة من الضوء تخترق الظلام أمامها
أغمضَت عينيها بقّوة عندما تناهى إلى سمعها حوارهم
الأولى / أنا قلت لك أبدل معاكِ يوم الربوع إنتي إلي مارضيتي
الثانية / يا شيخة .. خليها ع ربك .
الأولى / أقول زنوبة كّنك مقّومتنا ع الفاضي
الثانية / إي والله .. قامت توسوس لنا .. خلاص قفّلنا عليهم موب خارجات
زينب / أنطّمي إنت وهيّ .. أنا متأكدة إني سمعت حركة وحدة خارجة
الأولى / يا شينك .. هذي أنااااااااا ..
زينب / لا وقتها كنتِ واقفة جنبي ..
ازدرت ريقها بصعوبة عندما وصلت خطواتهم أمامها مباشرة
الثانية / أقول أقول خلينا نمشي .. وإنتي دّوري بلحالك ..
الأولى / لا صدق زينبوه لهنا وبس .. لفينا السجن كله .. مافي أحد
ثم جاء صوت زينب قريب منها جدا جدا
.../ أمممممم .. والله إني شاكَة ..
الثانية / يتهيأ لك .. خلاص تراك صرت عجووز موب حق حراسة
زينب بنبرة مرتفعة حادة / ماغيرك العجوز ... أمشو قدامي وإنتم ساكتيــن
فتحت إحدى عينيها وهي تلمح بوضوح
حركة أضواء مصابيحهم العشوائية , تبتعد
وغرق المكان في الظلمة من جديد
أطلقت زفيرها بحذر
لم تتحرك فوراً
ظلّت في مكانها لدقائق تتأكد من خلو المكان
ف زينب ورفيقاتها ماكرات
ولكَن حيلهن لا تنطبق عليها
ظّلت على حالها لـ مدة ربع ساعة كما خمّنت أو يزيد
تحركت بعدها
بذات الهدوء وخطواتها المتقاربة تتسارع
بمجرد اقتحامها للمكان
بدأت بالركض حتى اقتربت من
العنبر المقصود
ثم انحنت وهي تهمس
../ بـــنت ... نويّــــــر ..نوييير
أردف ذلك صمَت ثم صوت أشبه بالخشخشه
لـ يأتي صوت نويّر عالياً
../ ياااا ودييييييييييييييييعة .. ودييييييييييعة تعالي
دقائق ثم برز على ممر الغرفة جسد أنثى عملاقة " نحيلة "
وصَلت أمامها وهي تقول
../ خير يا نويّر .. إش تبغي ؟
عضّت نوير شفتيها بقّوة وهي تلاحظ بحذر ملامح " وديعة " النصف مُنيرة بسبب ضوء خافت قادم من نهاية الممر
ثم قالت بصَدق
../ المويّة مقطوعة مثل منتي عااارفة .. وأنـــآ أبي الحمام – الله يكرمك – أخذيني له
زفرت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها
../ حتى هذاك مافيه موية
../ بس فيــه جالون مايهم ... بس موب قادرة أتحمّل
تأملت وجهها لدقائق وكأنها تحاول أن تلمح
أي اختلاجة كاذبة أو نية فاسدة
../ طّيب يلا .. تدرين إني عارفة إنك صادقة وأثق فيك فخّرجتك ولا كان قلت لك
سّوي إلي تبيــن موب مخّرجتك .. بس إنتم عنبر " 33 " مؤدبين .. بشهادتي
قالت عباراته الطويلة تلك نتيجة لحّبها للكلام
أقحمت مفتاحها الصغير في قفل تلك السلسة الحديدية وفتحتها بمسافة
متر واحد فقط ثم ربطة السلسة مجدداً بإهمال
ثم مدّت يدها وسحبت " نويّر بصعوبة وذهبت بها
لتتحرك الأخرى من مخبأها الواضح تقريباً ودّست جسَدها بصعوبة
علقت معه أحد أزارير ثوبها
نهضَت " نور " لتساعدها
فشدّتها بقوة خلَعته ليسقط ع الأرض محدثاً دوياً مكتوماً
ثم
استقرت داخل العنبر وأخيرا ً

*
استدار بتعب لناحية أخرى
وبدآ أن كُل خليّة في وجهه تنطق بالإنزعاج
لكَن شعور سيء أنتشله بقوة من راحته اللذيذة
وأصوات صراخ يتردد صداه في رأسه
- قووووووووووووووووووووم .. ترا فيــــصل تحت
تعمدت ذكر أسمه على مسامعه
ثم ابتسمت برضا حين
فتح عينيه بقوة وهو يعتدل جالساً
../ يالله .. تركت الرجّال تحت
ابتعدت عنه وهي تعّدل من وضَع حجابها ع رأسها
../ يالله بسرعة ترا الساعة أربع وربع.. باقي 16 دقيقة ع أذان الفجر .. صّلي وترك وأنزل أنا بنتظرك برا
حّرك رأسها بنعم وهو ينهض مبتعداً عن سريره
نحو الحمام " أعزكم الله " لكَن استيعابه البطئ
عاد وهو ينظَر إليها
.../ إنتي ويــن رايحة ..؟
عقدت حاجبيها وهي تجيبه بثقة
../ وين يعني معاك أكيــد .. يعني كافي منتب جايب أحد معك .. والرجّال متعنّي وجاي لك ..
أبتعد عنها وهو يمسك بهاتفه
تحرك أبهام على الأرقام
ثم علا صوته
- ألو .. مرحبا الدكتور سلمان .. أنا أعتذر عن الدوام اليوم في المستشفى عندي .. خروج ميداني ... إيه إيه .. تفجير في بيت لاهيا .. يعطيك العافيّة .. ولو هذا
واجبنا
بس حبيّت أقولك لك محتاج ممرض واحد .. شّوي بمّر عليك وأخذه .. ماتقّصر والله
مع السلامة
ثم ألقى جهازه نحوها وهو يدخل للحمّام " أكرمكم الله " صارخاً
- نّزلي لي ملابسي بسرعة .. بصّلي وألبس تأخرنا ع الرجّال
أخرجت له بدلة مناسبة
اتجهت بعدها للباب وفتحته
ثم أغلقت نصف الإنارة في المنزل
وجلست ع أحد الأرائك وهي تنتظر أخاها
شعرت ببرودة تسري في أطرافها
لم تكُن تنكّر في قلبها كُل ذلك الخوف منه
تخشى أن يقع نظره عليها
تتوقع أن يروغها ويعيدها للمنزل صاغرة بذّلة

جنــــون
05-16-2012, 12:15 PM
لن تتكلم إن فعَل ...’
فهي في نظره ليست سوى حقيرة تستحق ذلك وبقّوة
ابتسامة غبيّة تسللت بخجَل وهي تعبث
بيديها فوق حجرها ..
لا تنكّر إلي أي مدى اشتاقت له
ربما ضَربها أمام أعين الناس
أهانـها
أبكاها طويلاً
لكَنّها شعرت حقاً ان هناك من يفكَر من أجلها يهتم لها , ويخاف عليها
ظَنت فعلاً أنها مجّرد تخاريف صنعتها هي
لكّنه يستحق
.../ يـــالله
ألتفتت بذعر نحو مصَدر الصوت حيث وجددت أخاها يقف
هناك ثم خَرج وهو يأمرها بإحكام إغلاق الباب
ارتجفت قبضتاها وهي تدير المفتاح
ثم استدارت وهي تلحق به
وهي تتجاوز السلالم للأسفل من طابقهم السادس
وما أن وصلت لباب العمارة الرئيسي
حتى وقفت مستنَدة على أحد ركبتيها
تلتقط أنفاسها .. اللاهثة
رفعت بعدها رأسها فوقعت عينيها مباشرة نحو أخيها
و " فيصَل" الذين كانا ينظران نحوها
لم تكَن ملامح "فيصل " التي راقبتها من بعيد
تحمل أي تعبير
فاعتدلت وهي تصَلح حجابها
وأقترب منهم وهي تتسلق " الميكرو باص " الخاص بالمستشفى
وجزء من حديث أخيها يصَلها
../ ومن وين لي غيرها .. وأنا النوم كابس عليّ
ركبت السيّارة وقد لاحظت
وجود ممرض أحتل الجهة اليمنى من المقاعد وفي الجهة الأخرى جلست ممرضَة جلست
هي في الزاويّة
حينما تسّلق أخوها السيارة ليجلس بجوارها بينما جلس "فيصَل " بجوار السائق
ابتسمت للممرضَة الذي أحضرها الأخير
ليهمَس أخيها في أذنها
../ كأنه توقع جيّتك .. أنا بجلس هنا جنّبك والرجال إلي بمنّره الحيين بيجلس هناك المكان ضّيق
أعتدلت في جلوسها وهي تبتعد لتسمح لأخيها بالجلوس
ثم ألتفتت نحو الممرضة بجوارها
صافحتها وعلى وجهها
ثم تأملت من خلال الفتحة
من زاويتها حيث بإمكانها النظَر بوضوح له حيث ملامحه الجامدة
فأرسلت لتلك الملامح
ابتسامة ود عميقة
لا تدري
إلى أيـن قد تقودها ..!

*

بلا حب ... بلا وجع قلب
وش جانا من ورا هالحب
غير الألم .. غير التعب
وش جانا

.../ حاتم يالزفت .. قفّل يلي إنت فاتحـه بسرعة ..
ليتبعها صوت أخر
.../ لا وترا بقّول لأبوي إنك أخذت من فلوس شروق وأشتريت لنفسك عشا
استدار نحوهن حيث كان في مقّدمتهن وهو ينظر
لأجسادهم السوداء الغارقة في الظلمة
../ لييش مقهوريــن .. أصلاً حتى لو قلتوا له موب زعلان عليّ .. يعني تبغوني أموت جوع مثلاً
صرخت إحدى أخواته بإنفعال
../ لا بـآالله حلال عليك وحرام علينَــآ ..
فتابع طريقه نحو الأعلى
../ أنــآ غــير أناولد.. وأنتــم بنــآت يعني تأكلون في بيتكم ..
نظَر إليهم وكُل منهن ترفع طرف عباءتها لتبرز " سيقانهن " النحيلة وهن يتسلّق الدرج المنحوت على سطح الجبَل ويقفّزن من وآحدة إلى أخرى
أملاً في أن يكون وصَولهم بأقل تعب وجهد مبذوليـــن
و لأنه ولد كما يقول كان أول من وصَل
فطرق الباب لدقائق حتى فتح
لتسطـَع حزمة من الضوء الأصفر القوي على عتبات درجهم المنخفضَة
وصوت أختهم الكُبرى
../ وعليـــكم السلام .. إنت ما تعرف تسّلم ..
مّرت دقائق حتى وصَلت أول " البنات " أمام الباب
لكَن صوت باب المنزل المقابل وهويفتَح
جعلها تلتفت نحوه بقوة وهي تقول
../ أهلاًآآآآآآآآ وسهلاآآآآآ .. كيف حالك يا أم عبدووو .. ؟
لتومئ تلك العجوز المختبئ نصفها خلف باب منزلها
../ بخير إنتو كيف حالكم ؟
أجتمع الفتيات الأخريات أمام منزلها وهن يصافحنها باحترام
ثم تسأل الكبيرة بينهن
../ سلامات والله ما تشوفي شر .. يالله بكرة إن شالله تروحين معانا .. عشان نبيع طّيب
هزت رأسها ببطء وهي تبتسم لهم بودْ عميييق
ثم أبتعدن إلى داخل
دلفن إلى منتصَف المنزل مباشرة حيث ألقت كُل منهم حمولتها
ودخلن إلى حجراتهن تبعتهن أختهم الكُبرى إلى حيث هُن
../ ها .. بشّروا ..
.../ والله يـآ نـــورة ماغير رزق من الله ساق لنا ذيك الحُرمة يلي بغت تشتري بقشَة شرووووق كُلهاااا ..
ابتسمت نورة بسعادة حقيقية وهي تقترب من شروق
وتحضنها بقّوة
.../ شااااااااطرة شروّقًة .. ماصار لها من نزلت معاكم أسبوعيــن وباعت أكثر منكم .. .
عقَدت إحدى هُن حاجبيها وهي تكرر جملَة " نورة "
../ وبااعت أكثر منكم .. ياختي الناس ماصارت تشتري إلا من إلي يحزّنهم .. وأختك كاشفة عن وجهها .. موب مثلنا ينفجعون لا شافونا
ضَحكت شروق بقّوة
../ كيك كيك و أنقهرت بتوووووووول .. وأنقهرت بتّوووول ..
ألتفتت نورة للأخريات ومازال وجهها يحمَل ذات الابتسامة
../ وأنتم وش صار معكم ..؟
حّركت إحداهنّ كتفيها بلا مُبالاة
../ زهرة باعت أكثر منّي ..بس أناا يعني جبت شّيء مو ولا شيء
ابتسمت أكثر وهي ترتبت على كتفها مُجيبة
../ خيــر إن شاء الله .. خير .. الحين قومَوا مثل الشاطرين وجّهزوا معاي الغدا وسلَمن على أمي قبل ما تخرج ..
وخرجت لتجد والدها يدلف للداخل
نزع شماغه المبتّل من شَدة الحّر وأعطاه لها حينما اقتربت
لتقّبل رأسه وهي تقول
../ الله يعطيك العافية والأجر .. ومايضيع لك تعبْ
لم يجيبها وتوجه للداخل
شّدت قبضَتها على ما اُعطيّ إليها من دقائق
ثم دخَلت للمطَبخ ألقته في سلّة صغيرة مخصص للغسيل " السريع
ثم أقحمَت يديها تحت صّنبور المياه التي سُكبتْ باردة
بعكْس كُل تلك الحرارة المُضرمَة في صَدرها
تكَره منظرها أقل منهم .. تشعَر أحياناً حين رؤيتهم برغبة عارمة في قتل كُل من يقف في طريق مواصَلة صعودهم
شعور مستبّد بالدونيّة مزّقها أرباً أرباً
حتى قبل أن يعرفوا بشأنها
عاشوا فقراً مُراً ولم يشكوا أحدُ منهم ألمه
لكَن ألم السُمعَة
ألم تلك المصيبة كـآن أكبر أكبر بكثييير من ظّنهم
ربما هي شهور فقط وتعود إليهم
ولكَن أي جحيم ينتظَرهم حينئذ

*

أفاقها بقّوة يد صغيرة تضَرب بطَنها بكُل قوتها
جلسَت وهي تنظَر لصغيرتها بإعياء شديد
وشيء من الظلام يحيط عينيها من جديد
أغلقَت حينها بقّوة تعيد التوازن لرأسها
وصوت معاذ يخترق طبلة أذنها بقوة
../ مااااااامااااا .. جنى من أول تبكي
مدّت ذراعها وهي تقّرب سرير أبنتها
ثم تّوسّعت عيناها بقّوة حين رأتها بين يدي
معاذ الذي كان يحملها بشكَل مائل بكلتا يدي بالإضافة لإحدى ركبتيه
حمَلتها منه بسرعة
../ يــآ حمار من قالك تشيلها ..
حّرك رأسه ببراءة وهي يحّك إحدى أذنيه
../ بس شفتها تبكي .. وإنتي نايمة .. بس كٌنت بنووومهااا
حملتها وأخذت تحّركها بهدوء بين ذراعيها
وهي تحّرك رقبتها بألم إثر وضعية نومها السيئة
ثم تذكرت فجأة ماهو عليه الوضَع الآن
فنهضَت سريعاً
وهي
تعدّل شعرها
../ معااذ أنا نمت كثييير ..
ليأتيها جوابه
../ لا موكثيير .. يعني شّوي كثيير
خرجَت من الغرفة وهي تهبطْ درجات السلم سريعاً
تركت ضيوفها ثم صَعد من أجلها فنامت من شدة أعيائها
استغربت أن أختها لم تفتقدها حتى
أو تصعَد لتلحق بها كما كانت تظَن
لكَن ما إن اقتربت من باب المجلس حتى وصَل لها صوت أمها يقول بقّوة
../ بنتنـــآ يــآ أم وافي موب عايفيناها وإلي سواه ولدك على عينا وراسنا
لكَن إذا بنتنا ضعيفة .. وما تقدر تدافع عن نفسها .. فترا لها أهل وعزوة يدافعوون عنها..وما كان ولا صار إلي يدوس لها على طرف ولا يهيناها ويذّلها
فكان الجواب بصوت أقل إرتفاعاً جعلها تقترب من الباب أكثر وضربات
قلبها ترتفع بوتيرة سريعة
../ صحيح يا أم وافي .. حنّا والشاهد الله زعّلنا إلي سواه وافي .. ودعااء مرة سنعة ماتستاهل جارة .. ولكِ إلي تبينه .. وأبد هالشيء موب مخلينا نقاطعكم ولا
نزاعلكم
../ أصيلة يـآ أم وافي أصيلة .. والعتب على عيال هالزمن إلي يحسبون بنات الناس لعبة بيدينهم .. وإن كان موب عشانها إلا عشان بزرانه إلي عندها .. لكَن بأخذها
هي وعيالها ومال أحد دخَل فيها

جنــــون
05-16-2012, 12:16 PM
../ إيه إيه .. لك ِ إلي تبينه موب قاهرين الأم في عيالها أكثر كفاية إلي سواه بكري فيها
وأعيدها لك يا أم سلطان إننا موب معاه ولا حنّا إلي حّرضناه .. ويشَهد الله إني زعلانه منّه وموب راضية على سواته أبد أبد
فضَح وجودها بكاء جنى من جديد
فكان ذلك البكاء هو مسلسل النهاية
لذلك الحوار الناري المُبّرد
فابتعدت عن باب المجلس
نحو المطَبخ صَنعت لها حليبها بهدوء
شيء من القهر أجتاحها
تتملكها رغبة عارمة في البكاء والصراخ
لا تدري لم لا يدعوها وشأنها
إن كانت تشعر بالقهر فلـ يتركوها تداري نكبتها وحدها
شعرت بشخص ما يقف معها ألتفتت وهي ترسم إبتسامة حقيقية
لم تكن تريد أن تطيل مكوثها على شفتيها
لأنها ستبكي حتماً ولا ريب
اقتربت أختها منها واحتضنتها رغم تلك الصغيرة بينهم
إلا أنها راحت تبكي بصَمت وهي تبتعد عنها
وتتطعم أبنتها حليبها
التي تلقّفته بلهفَة
كلهفة الألم الذي تلقّف قلبها
حين همست أختها في رغبة لمواساتها
../ ربك كريم .. أمممم أنا طالعة أرتب لبراء ومعاذ ملابسهم

*

../ أففففففف مابغيت .. أطلعي يا مرجانة ترا راحت
كانت تتحدث بهمس فعدلت الفتاتان لتخرج فتاة من تحت السرير
وهي تزفر بقّوة
../ ول صايرة الحراسة مشددة هالأيام ..!
ابتسمت لها صبا وهي تضَرب كتفها
../ بس جد أشتقنا لك ..
بادلتها " نور " الابتسامة أيضاً
../ تدرين ليش فّرقونا ..؟
عقدت حاجبيها وابتسامتها مازالت معلقة هناك
../ ليييش ؟
../ عشاانـا العنبر المشاغب خخخخخخخخخخ
../ ههههههههه مالت عليك .. وين قالو لك مدرسَة هي
../ لا ياخبلة إنتي وهي عشاان موب نفس الترتيب الأبجدي حرف الميم في البداية
../ يرحم أم الحروف الهجائية إلي عندك
../ لا بس عجبتيني ذاك اليوم .. يوم الصنادل ..
../ وأنا بنت أبووي .. قدّهااا
../ لا ومن وين لك واحد .. أذكر زنّوبة أخذت حقك ذاك اليوم خخخخ
../ موب حقي .. سحبته من رجل فتو خخخخخخ
ابتسمت صبا بفرح وهي تقول
../ بس موب حرام عليك المَرة هي وش ذنبها ؟ أكيد إنك عّورتيها
نظرت إليها " مرجانة " باستنكار
فتدّخلت " نوير" سريعاً
../ إيه صَح .. ما دريتي .. صارت مُشرفة صبا النفسيّة
قاطعتها
../ نوير
../ أدري أدري .. بس جد واضح إنك حبيتيها وتأثرتي فيها
رفعت " مرجانة " ذراعيها لإسكاتهم
../ ويت ويت ويت .. مشرفة إجتماعية .. كم باقي لك ..؟
مطّ صبا شفتيها وهي تنطق بحزن
../ حول الأسبوع
ابتسمت مرجانة بسعادة ثم قفزت نحوها تحتضَنها وهي تهّزها بفرح
../ والله وبتخرجـيـن يـآ صباااا الدبّة .. بتوحشنا خشّتك المليحَة
فأردفت نور
../ إيه والله بنفقدك حييل ..
ابتسمت وهي تتأمل تعابير السعادة في وجوههن
وهي تود أن تبكي دماً لذلك
لم يكُن ظلام السجون ولا ألم سراديبها
ولا مقاصَل الجلد أفضَل حالاً
من خروجها
حيث التعذيب الأبدي
لروحها

*
في جزء هادئ من مدينة جدة وأمام عمارة
مازالت مجّرد هيكل وقف
ساعات الفجَر الأولى تسير بثقَل محملة بعبء دقائق يوم جديد
أخترق سكون صوته الهادئ
../ خلاصْ أنا جاهز ع الساعة أثنين أقابلك عندها..
أغلق الهاتف ثم أستقّل سيارته
عقَد حاجبيه وأدار جهاز الراديو في السيارة
ليصَدح صوت القارئ أحمد العجمي
مُرتلاً خواتيم سورة البقَرة بصَوت
غشّى فؤاده بالخشوع
واصَل القيادة نحو منزَله مغلقاً بذلك يوم طويل مُنهك
لكَن صوت هاتفه ذي النغمة المميزة صرخ من جديد
ألقى عليه نظرة وأكمَل طريقه بلا مُبالاة
يشَعر بلذَة حين بدأ بفعل ذلك
لكَن شيء من الضَعف يكتنف جزء من مشاعره
دقائق أعقبت ذلك الأتصال
ليتلوه أخرى ثم أخر ثم أخر
يعلم يقيناً أنها لن تمّل
حتى أوقف سيارته وتناول مجموعة من الأوراق ثم ألتقط هاتفه
ليعاود الأهتزاز من جديد
عقدْ حاجبيه بإستغرب وهو يجيب
../ بندر .. وش فيه ..!
ليجيبه الطرف الأخر بعمق وحزم
../ ما فيه شيء .. بس إنت وينك ؟
.. / قدام بيتنا ..!
../ أجل حّرك أنا فبيت أمي
ركب سيارته بسرعة مجدداً
وكل فكرة سيئة مرت من أمام خيلته
لم تمّر سوى عشر دقائق
أوقف بعدها السيارة أمام سور المنزل
ولم ينتظر فتح الباب لأدخلها
دلف وهو يتنحن بصوت مرتفع
ليأتي صوت بندر
../ أدخل يا صقر محد هنا
دلف للمجلس الكبير وعيناه تبحث عن أثر لأي مصيبة
دعاه لأجلها بندر , لكَن منظرهما
جعل تلك الكُتلة المرهقة في صدره تنقبض
فقد جلست في الصدارة " خالته "
تمسك بعصاه وتسند على مقدمتها ذقنها وعلى وجهها تعابير
هي خليط ما بين الحزم والضيق
بينما بندر بدا في قمة توتره وهو ينهض
ليقترب من والدته ويدعو صقر للاقتراب
مرت دقائق طويلة وكلاهما معرض عنه
وغارق بإفكاره
حتى قطع صمتهم صوت الأخير
.../ ممكن أفهم وش السالفة ؟
ليجيبه بندر سريعاً وكأنه كان ينتظر سؤاله
../ بنت عبدالله باقي لها أسبوع و تخرج .. وأمي تقول إنها مالها مكان عندها
هوى كلمه قنبلة موقوتة على وشك الأنفجار
داخل روحه .. المثقلة
بالألم , الحُب , والندم
والإنتظااار
ألتفتت نحو خالته وهو يتكلم بصَوت أجش
وبعمق قال
../ وشوله يـآ خالتي .. البنت مالها مكان إلا عندك
نظرت إليه كالمستفيق من غيبوبة ظلاميّة
وصوتها نطق بضيق اختزلته من روحها
../ صقر .. حنّا بالقوة بيضَنا سمعتنا .. وألفنا على خلق الله قصَة موتها .. وأنت تدري إن الناس داخلة خارجة عندنا ومن تجي علمها بيوصَل لأخر دار
فبادرها بندر قائلاً
../ زين .. كلامك على العين و الرأس .. وين بيوديها أجل ؟ عطينا أقتراح
نهَضت وهي تقّدم عصاها على خطاها ثم قالت
لتلقي آخر قنابلها في وجوههم
../ ودّوها للمزرعة ..
اتسعت عيناهما بصَدمة
بينما انفرجت شفتا بندَر بذهول
أكبر وأعينهم المصدومة
تتأمل ظَهر خالته التي غادرت المكان بهدوء
../ من جدّهاااا
قالها بعد أستعاد رابطة جأشه
وشعور من السعادة اللزجة تغمر كيانه
أرخى بندر رأسه بين ذارعيه ثم أجابه بعد برهة صمت
../ مدري .. يا صقر مدري
أسند الأول ذراعيه فوق ركبتيه
ونظر نحو بندر مُباشرة وهو يقول بكُل ثبات
../ أسمع .. بنخليها بالمزرعة ..
عقد الأخير حاجبيه وهو يجيبه بعصبية
../ صقر بلاه هالذكااء الزايد .. المكان كله رجاال
شبح أبتسامة سيطر على طَرف شفَتيّ الأول
../ خليّها عليّ .. وأنسى سالفتها من تعتب بّرا هالباب ..
غرز أصابه بعصبية داخل شعره وهو يرد بقوة
../ بتجنني ولا وشّ ..السالفة فراسي فراسي .. إنت موب محرم لها
أجابه وهو يتكأ ببساطة و هدوء وثقة
../ ممكن أصير .. بعد إذنك طبعاً
تأمله الأول بذهول لدقائق فقط
بعدها اجتاحت ملامحه شيء من الراحة
وكأن تلك الفكَرة كانت المصباح المنطفئ
فوق رأسه .. وأنار الآن
أما الأخر فقد زفرت ملامحه براحة
وكشفت مشاعره عن ساقيها
وأخذ قلبه يرقص لتلك المأدبَة
ف ليالي الفرح قادمَة
لامحالة

جنــــون
05-16-2012, 12:16 PM
*

دغدغت المياه الباردة المتقاطرة من شعرها

وجنتيها , وشيء من البياض والنقاء برزّ بقّوة على ملامحها

بدت أبعد ما تكون عن الشبه بتوأمها

فقد زادت ضألتها

والتصقت جلدتها بعظَامها

أرسلت نظرها وهي تتأمل الغرفة على أتساعها

وتحدق بهدوء في أختها

ألم يعتصَرها لفرح الأولى بها

تركتها تنام لشّدة ما بكت وضَحكت ليلتها

لم تتمكن من النوم والراحة لأنها لم تعتدهما أصلاً

لكَن شعور أرقّها كثيراً

فمشهد سقوط جدّتها لازمها طيلة ليلها

لكنّها بدا أشبه بمشَهد صَدمتهم بخبر " تعاستها "

عدا أن الأخيرة كانت على مَلاء

نهضَت بعزم وهي تربط شعرها فوق رأسها

أخذت حجاباً أبيضاً أشارت لها أختها عليه قَبلاً

ثم خرجت مغلقة الباب خلفها بهدوء

وما إن تجاوزت السلالم نحو قصَدها

فاجأها صوت حاد من خلفها

../ وين .. وين .. ويــن ؟

ازدردت ريقها بصعوبة و رفعت جزء من حجابها لتغطّي وجهها

ثم ألتفتت لمصَدر الصوت

وبصَوت خافت فضَح خوفها

../ بـ ب شوف جـ دتي

كان يقف على بعد أربع خطوات عنها

أجابها وهو يتأملها من رأسها لأخمص قدميها

وملامح مُشمئز قال

../ جدتي ماتبيك .. تتعّذرك .. ولا أستقبالها لك أمس كان دليل حُبّها لك .

همّت بالصعود لكَن صوت ميّزته سريعاً قال

../ منذر ..

ألتفت نحو عمّته القادمة من الردهة الخارجيّة

../ هلا

ألتقط أذنيها حديثه لها فقالت بحزم مشّددة على حروف كلمتها الأولى

../ تأدب .. وأخرج أبوك يبيك

أعاد بصَره نحوها وألقى عليها نظَر هزّتها

ثم أبتعد خارجاً بغضَب

لتقترب العمّه منها ثم صافحتها وهي تومئ بابتسامة

../ صباح الخير ..

لم تجبها هديل وإنما ظّلت تتأملها بخوف

وكأنها تتوقع أن تفاجئها بردة فعل مخالفة لما تحمله ملامحها

فربت الأولى على كتفها وعادت تقول

../ معليه .. صبّحتي على منذَر .. لسانه طويل متبّري منه لو تدرت عليه أسيل كان أدّبته .

فهّزت هديل رأسها بنعم وهي تكشف وجهها

لا تدري لم أكتسحها الحياء فجأة عندما لمحت

نظرات عمّتها المتأملة لها

والتي قالت سريعاً

../ ضَعفتي

بدت كلمتها غبيّة فارغة

فتداركتها قائلة

../ إيه .. إذا تبيـن أمي .. هي الحين نايمة بعد الظهر بتكون قامت

ألتفت حين جاءت إحدى الخادمات وهي تقول

../ مدام .. أمي كبير يبغا أنتي ..!

عقدت العمّة حاجبيها وهي تقول

../ صحيت ..

.../ إيه .. عندها بابا ياسر وبابا عبد الرحمن

فالتفتت نحوها وهي تومئ بإبتسامة حمقاء ومبررة

../ والله ما دريت موتقولين عمّتي كذابة .. تعالي أجل دام عندها أخواني

تقّدمتها عمتها وتبعتها هيّ

بقّوة غريبة تحمل ساقيها على الهرب بعيداً والعودة حيث كانت

شتمت نفسها مراراً داخل عقلها لم تتحمّل نظَرة الحسرة في عيني جدتَها

فماذا سيفعَل أعمامها إذاً

وما إن برزت لهم

حتى شعرت بكتلة أشبه بالصخَرة

تهوي بقّوة محطمَة

قلبها

أو بقايـآهـ



أرى آثارهم فأذوب شـوقـاً ----- وأسكب في مواطنهم دموعي

وأسأل من بفرقتهم بـلانـي ---- يمن علي منهم بالـرجـوع

وجه الفجر طل ~

وعيون الظلام | إستحت |

سهران [ وحالي ] ظروف الوقت : تلعب معه !



كل مانويت أرتفع للصبر

ينزل / تحت ..

وكل مانزلت [ الصبر ]

كفّ السما ~

ترفعه !

ترفعه !

ترفعه !

عرفت لكم يا الحلوين ما تردوش إلا للذي يتأخر عليكم كثير يعني بمعنى يتدلع عليكم سوف أقوم بهذا الفعل كي تردوا على روايتي وأترككم إلى لقاء قريب

جنــــون
05-16-2012, 12:16 PM
اللذة السادسة
شمّر عن ذراعيه وهو يتجاوز بركة من الوحل
متجهاً نحو ذلك المحزن المتهالك في الطرف الأقصَى من المزرعة
حيث يحجبَه عن الأنظار كومَة من الأشجار المتدّلية
دلف إلى المكان وهو يرصَد تلك الغرفة الصغيرة في زواية المحزن
ومساحة صغيرة مليئة بالقشّ الأخضَر الناضَج
الذي نشَر رائحَة في المكان بقّوة
جعلت رغبَة من العُطاس تجتاحه فكّبتها حين أستدار
لصاحب الخطى خلفه

../ أسمع .. العّمال بيجون بكرة الصَباح بدري .. وأبيك تكون معاهم
حّرك الأخر رأسه بهدوء لم يلبث أن قال فوراً
../ هُم بيجون يعيدون بناه ..!
فحّرك صقر رأسه إيجاباً وهو يقول
../ إيه .. وهاذي الحشيش شيله من هنا وخله في المخزن الخارجي
والبعير لا تقّربه من هالصوب ولا تخليه يأكل من هذا المكان
عقدْ الأخر حاجبيه و صوته ينطق بالكثير من الأسئلة
../ ليه يا بوي كل هذا .. المخزن طيب .. والشجر في المنطقة مناسب لهم .. ولا عند ناوي على شي
زفر صقر وهو يخرج من المكان
ويتأمل الفيلا الكبيرة القابعة على بعد مترات عن هذا المكان
لا يعَلم أي سعادة أليمة تلك التي راحت تنهش كيانه بنهم
يكَره شعور الندم الذي ينتابه
لكَن شيء من القسوة المحفورة في صدره
هي ما تجعَل عملية المكابرة أكثر سهولة
وبقلب قُدّ من صخر
../ إيه .. بتجي هنا حُرمه
لم يكَن يدرك معنى الحقيقي لتلك الكلمات
لكَن اتساع عيني الأخر و كُل ذلك الذهول
الذي غطّى ملامحه السبعينية وهو ينطق
../ حُرمه .. هنا ..!!
استدار نحوه وهو يجيبه ببرود تعّمده
../ عندك مانع !
تلعثم الأخر وهو يحّرك رأسها بالنفي
../ لاآآ .. يا سيدي ..بس أنا كان قصدي إن العمال و...
قاطعه وهو يلّوح بيده وتابع طريقه نحو الفيلا
.../ أسكت بس .. وأسمعني أنا معتمد عليك ف كل شيء هنا
ليهزّ الأخر رأسه بخوف غطاه بطاعة
../ إيه ما بقصر ما بقصر
ليرمقه صقر بنظرة أخرسته لتابع بهدوء
../ بتجي في نهاية الأسبوع وقتها بيكون المخزن جاهز بسريره .. والحمّام بيجي السبّاك ويضبطه ويكمَله .. ثم يجون راعين الأثاث ويركبونه إنت خلك معهم أول بأول
وبلّغني .. العمال ولا واحد منهم يقرب هنا كُلهم برا..
فقاطعه من جديد
../ زين لو جوا الأهل .. قصَدي أمي الكبيرة
أكمل
../ والتنظيف يكون يومياً الفجر يصلون ويكونون هنا يسقون الزرع ويخرجون قبل ما تصير سبع .. و إنت تكون معاهم مشرف عليه وواقف قدّام الباب حق المخزن..وتحرسه..
سواء كان الأهل موجودين ولا لا
ثم دار حول الفيلا بصمَت تأملها صقر طويلاً
ثم أنطلق خارجاً ..
وعند السيارة سأله أخيراً بقلق
../ طّيب يا بوي .. هي خدّامه للفيلا يعني ..؟
تأمله لدقايق ظّنها الأخر من عُمق نظراته
دهوراً ثم أجابه
../ لا ..
أي قّوة تلك التحُرك مشاعره بعُنف
أي ضمير ذلك الميت بداخله
لم يفسّر سبب أي برودة تجتاحه لذلك
فمنذ اعتقلوها بسببه
مات ضميره وشيّعه خلفها
ولم يأبه بعدها لشيء

*

جنــــون
05-16-2012, 12:17 PM
أغلقت الباب بهدوء شديد ثم ألتفتت للقابعة في منتصف الحجَرة
فقد أنكفئت على تعبئة بياناتها في ورقَة إدارية مهمة
اقتربت منها وجلست على كُرسي خلف المكتب مُقابلها
بعدها رفعَت الأخرى رأسها وشفتيها تحمل ابتسامة حزينة
../ خلّصت .. هذا إلي أعرفه
ألتقطت الورقة منها تأملتها سريعاً ثم وضَعتها جانباً
وعندما همّت لتسألها جاء سؤال الأخرى أسرع
../ وكيف حاله عمّي بندر ..!
لم يكُن مهرجان الاعتراف أمراً صعباً على ميسون ف قليل من الكلمات
أوصَلت خبرها لها
ولم تكَن دموعها أقل بذخاً من الأخرى لكَنها تجاوزت كُل هذا
بأقل قدر من المشاعر
وأجابتها
../ بخير
رفعَت أناملها تغتال دمعَة مازالت تفضَحها أمامها
أظهَرت من الضَعف ما يكفي حتى الآن لكّنها
همسَت بصوت شاحب
../ ههه .. والله مو مصَدقة ..إني ...
رفعَت عيناها المبتّلتان نحو السقف وكأنها تبحث عن الكلمات
لتسعفها ميسون بحنان
../ شفتي أحد يقرب لك ..!
نظَرت إليها لدقائق ثم حّركت رأسها بقوة
../ إيه إيه .. أحس بشعور
فسألتها ميسون محّركة دفة الحديث نحو أفق أخر
../ نفس الإحساس إلي بتحسينه يوم بتشوفين أهلك ..بس مستعَدة ؟
أرخت بنظراتها أرضاً وهي تحّرك رأسها بالنفي
لتكَمل ميسون أسألتها
../ أممم .. ليش ؟
صمتت صبا طويلاً بعدها أجابت بشيء من الخجَل
../ مَدري أحس إنهم ... ممم مدري
أسندت رأسها على راحتيها وهي تقول لها
../ عمتي تحّبك .. وتعرف وش كثر عانيتي هنا .. أكيد إنها بتحتويك من تشوفك .. حتى البنات مشتاقين لك
صمتت وهي تلتقط إنعقاد ملامح الأخرى
ثم إنحناء طرف شفّتها نحو الأسفل وهي تكمَل بسخرية
../ إيه مّرة .. حتى إنهم كُل يوم جو هنا و زاروني .. هه إنتي تتمسخرين عليّ .. ولا تبين تمشّيني على قدَ عقلي .. لأنه إذا كذا .. فأنا أسفه أقولها بصَدق ..
أنا مو مثل هديل ..!
أبتسم ميسون بهدوء وهي ترفع كوب القهوة وتجيبها بذات النبرة الحنونة
../ أدري .. ولأني أدري .. ما عاملتك مثلها .. ولا أنا وش فايدتي هنا ؟
صمتت لثواني ثم أكملت بعدها
../ تدرين أبد ما أعشّمك في شيء .. وأنا موب كاهنَة أقول عن أشياء قبل ما تصير .. لكَن يقَدر الواحد يتوقع ردود أفعال خاصَة فمواقف مثل هاذي .. لذا عندي سؤال
وش متوقعَة منهم يسوون لمّا يشوفونك ؟
أزدردت صبا ريقها بصعوبة
لكَن شيء أشبه بالثقة غطى روحها أو جزء منها على الأقل
وهي تجيب
../ ما يبالها تفكير .. مثل يوم عرفتي إني أقرب لكْ ..!
صُدمت
ربما تبدو أقل معنى في وصف حالة ميسون
لكّن في عملها لايجب أن ينتصَر المريض أبداً
فقالت سريعاً
../ وغيره ..؟
../ أصلاً تدرين .. أنا بدون ما أشوف ردة فعَلهم .. ميسون أنا موب منتظرة منهم شيء .. أنا بروح بيت " أم أبوي " أخذ أغراضي وملابسي و بروح
عقَدت حاجبيها وبصوت متوجّس سألتها
../ إيه بتروحين .. وين يعني ..؟ تعرفين مكان أحد من أهلك
عادت السخرية تزّيين ملامحها وهي تجيبها
../ أهلي .. ماعندي .. أنا بروح للميتم ..

../ ميتم
ربمُا كانت قد تعاملت مع حالات النفور والهروب قبلاً
لكَن شيء أخر بدا مميز وبشَدة في صبا
للتابع الأخرى بذات الهدوء والثقة
../ إيه ميتم .. ميسون يمكن لأنك جديدة.. وعمّي ما قال لك عن شيء لكَن أنا أبوي مات صحيح .. بس أمي حيّة .. مكانها على حَسب كلامهم مجهول .. وهم موب مهتمين
.. لأن السالفة ما تعنيهم .. أنا كلي ما عُدت أهمهم .. فأحسن حل إني أروح لها وأبتعد عنهم .. يمكن أرتاح وأريحهم ..
تأملت الأولى أظافرها في محاولة للهروب من عينيّ الأخرى
فكُل هذا مجّرد حديث من سجيَنة
ومهما حاولت التعمق في صبا
تجد أنها تضَيع أكثر
لماَ كُل هذه الثقة التي تلون عينيها
لا تعَلم أي خوف راح يسيطر على كيانها
فلأول مرة منذ قابلتها وبدأت في جلساتها معها
تجلس صبا هكذا
لأول مرة تراها تضَع إحدى ساقيها فوق الأخرى
أي مُستقَبل ينتظَرك
أي حياة تلك التي تخططين لها
إنها ليس سوى مٌزلق تنحدر نحوه ببطء
وأي شياطين بدأت تقامر
لاستقبالها
*
../ سلمى .. سلمى ..ئوووووومي الناس راحت علينا
فتحت عينيها ببطء وهي تشعر بألم شديد يغزو رقبتها
اعتدلت سريعاً وهي تتأمل السيارة الخالية حولها ثم وجهه " الممرضَة " أمامها
../ وشو .. وصَلنا ..؟

../ أيوة .. من زماان . .يلا خلينا نشيل ونلحئهم .. دول أكيد وصلو ونحنا هنا

نهضَت سريعة وهي تدير رقبتها بصعوبة
دفعتها صديقتها أمامها وهي تشير إليها بحمَل كيسين كبريين
حملت هي مثلهم حمَلتهم و أخذت تمشي خلفها بتعب
تشَعر أنها لم تستفق من نومها بعد
أو أنها ما زالت تحلم
قالت بصوت مُتعب
../ أفففففففف وجع .. وش حاطين ف الأكياس ؟
وعندما لم تجد جواباً سألت من جديد

../ وين راحوا هم .. أصلاً وين المستشفى ..؟ وليييش كذا ؟ أصلاً إنتي وش أسمَك ؟

أجابتها أخيراً وبصَوت صاحبه نفسها المُتقطَع
../ إسمي نشوى .. وبتعرفي كُل حاجة لما نوصَل بس بالهداوة يا حببتي ..!

عقَدت حاجبيها وهي تعيد بصَرها نحو الخلف
سيارتهم تقف بعيداً لا تجد هُنا أي بَلدة أو حتى خيال لها
مشين طويلاً وتوقفت " سلمى كثيراً "
فأزعجَت نشوى من مصاحبتها لكَن أحياناً
كان تسترخي الأخيرة بجوارها من شَدة التعب
أخيراً وصَلن لـ "بيت لاهيا "
لمْ يكُن منظَر المكان مشّجع أبداً فأصوات الطائرات واضحْ
وأصوات قنابل من بعيد ْ
جعلت قلوبهم تتقافز في حناجرهم
وأربعة من الشرطَة يقفون برشاشاتهم هٌناك

بصعوبة نطَقت " سلمى "
../ ياويلي .. وش بنسوي .. ما أظُن يدخّلونها .!

و كأنها توقعَت ذلك
فملامحهم لم تكُن من تلك المحببة على الإطلاق
كان ذلك مٌفتاح لكُل شيء سيء في عقلها
ربما لا يوجد شيء أكثر سوءاً من فتاتان
تعبران بجاور ثكَنة إسرائليية
ضحك الأصحاب
يقودني لبكاء منسي
لأدراج مغلقة على أطفال
يشعلون دموعهم
ليستأنسوا *
* سوزان
هٌم ليسوا سوى اُناس
بحاجَة لشيء من الشفقة

ليلنا | بارد |
وقلّ الحيله ~ أقسى
إمن الهرب !
وآول الدرب [ إهتدى فيني ] وضيّع آخره ..
لاحضن دافي .. [ يدفيني ] !
ولاعندي | مشب ~
إحترقت ..
وصار قلبي [ جمر ] كنّي / مبخره !

اللذة السابعة

استرخت بتعب على وسادتها المبتلة
ربما من كُل تلك المشاعر التي أخرجتها مع دموعها
أو ربما مع كُل تلك الحمى التي راحت تنهش جسدَها الضعيف
تأملتها القابعة بجوارها وهي تغطّي جسدَها
لتهمس لها الأولى بضَعف
../ بالله شوفي .. جنى إذا تحتاج شيء
../ زيـن أنتي ارتاحي .. ولا ترهقين نفسك
../ وين معاذ وبراء ..؟
../ مع علي أخذهم البقالة ..
تركتها لتحاول النوم مع كُل ما يستقر بجوارها أدوية
تعَلم لأي مدى كُبت مكاحلها
وإلى أين وصَلت بها أحزانها
تغرق نفسها في كُل عمَل لتشغَل بها روحها
تتألم لألمها ولا تعلَم ما السبيل لـ تساعدها
لا تدري لمَا بدت في نظرها أكثر حُزناً عندما جلبوها إلى هُنا
بدت كـزهرة قطَفت قبَل ميلاد الربيع
يابسَة
ذابلَة
يائسة
وأكثر مما يجب في نظرها

,

../ خاللللللللللللة سمية شوفي معاد الكب أكل حواوتي
أرخت جسدها نحو الصغير وهي تلتقط الحلوى المبللة بريقه هو
عندها قال معاذ
../ كذآآآآآآآب .. أنا ما أكلتها هو إلي أكلها ويقول أنا إلي أكلتها
../ وااااااااا .. تكذب على أخوك الكبير .. هيّا هاتها موب ماكلها
تجمّعت الدموع في عيني براء وتجمد للحظات بعدها
فتجاهلته و هبطَت للأسفل
أما هو فتحرك بهدوء نحو غُرفة والدته تسوقه دموعه
و حنينه نحوها مّر اليوم بطوله لم يرها
دلف إلى الحجرة الدافئة وأقترب من جسَدها المختبئ داخل الغطاء
لكَن عُلبة غسيل كبيرة وممتلئة بالماء أوقفته قبل أن يصَل لها
فنحنى وهو يغمَر يديه فيه ثم وضَع يده الأخرى
ثم نهضَ وجلس بهدوء داخله
وعندما شاهد سكون والدته
تقّوس ظَهره في محاولة منه لإقحام شعره
لكَن رنيــن هاتف والدته جعَله يقفز بقّوة
وخرج مبتعدَاً عندما لمح والدته التي نهضَت وألتفتت نحوه
بينما هو راح يجري بسرعة نحو الهاتف على المنتضَدة
حمَله وعاد به جرياً نحو والدته المذهولة من مظَهره
أمسكت بهاتفها ووضَعت يدها الأخرى على وجهه
../ براء وش هذا .؟ وين كُنت ...؟
../ كُنت أتسبح .. ردي ردي شوفي بابا
كَلمته الأخيرة هي فقط ما ذكَرتها بوجود الهاتف بين يديها
فالتقطت عيناها أسم المتصَل وهي تضَغط على زر الإجابة
وتلصِق الهاتف بإذن صغيرها الذي سكت قليلاً
ثم ألتمعت عيناه وهو يصرخ
../ باباااا ..الحمدلله ... باابا إنتا وين !! ... متى تجي ؟ ... معاد عند خالو علي .. إيوة نحنا عند جدة جوهرا .. أنا بروح أنادي معاد إنتا أصبر .. طييييييب
.. ماما هنا
أرتجف قلبها في صَدرها حين أعلمه بوجودها قربه
ناولها الهاتف وهو يركض نحو الخارج ويصَرخ باسم أخيه
شيّعته عينيها ومازال الهاتف في راحتها
رفعَته فألتقط هو صوت تنفسّها فسأل
../ دعاء ..
صوته أستنزفها
شيء ما أشبه بحصى كبيرة توقفت في منتصف حنجَرته
بينما استفاضت عينياها و تشوشتْ الرؤيا فيها
رغبَة بالبكاء كانت كفيلة بجعَل صوتها يخرج متحشرجاً
../ إيوة معك ..!
لم يدم صَمته طويلًا حتى قال بثقُل
../ ليش خرجتي من بيتك ..؟
أنزلقت دمعتين من عينيها
ضغَطت على جبينيها بأناملها , أزدردت ريقها بصَعوبة
../ أمي أجبرتني .. ولا أنا والله ما بغيت أخرج ..
صَمت لـثواني بعدها نطق بغلظَة أحرقتها تماماً
../ ع العموم أنا راجع بعد يومين .. وبعدها برجع البيت يعني بترجعين هناك .. فاهمَة
هذه المرة لم تَخف عنه بكاءها وهي تقول
../ إن شاء الله ..
حينها أقتحم براء وهو يجر معاذ خلفه صعدا فوق السرير
سحَب الأول الهاتف من بين يديه والده وهو يقول
../ بااااابااا جا معااااد خد كلمــه
أعطَى الهاتف لأخيه الذي ما إن ألتقطَه حتى قال بهدوء
../ السلام عليكم .. إيوة .. تمام ..
ثم صَمت لبرهة لـيقول بعدها بإعتزاز
../ طيب .. خلاص .. أتفقنا .. مع السلامَة
../ أعطيني .. أعطيني بكَلم بابا
../ خلاص قفلت
../ ليييييييش .. يا كب
لم تكَن تشعَر أنها معهم مطلقاً رأسها يألمها بشَدة كُل ما يحيط بالصور أمامها غارق في السواد كـ روحها تماماً
لكَن كلمة ابنها الأخيرة جعَلتها تنظَر إليه بعتب
../ مين علمك تقول كذا ..؟
تكّلم معاذ قبله
../ سمع خالي علي ..يقول " كلب " لواحد كان ب يصدمنا .. قام قلده
أعادت نظَرها عليه فأرخى رأسه وهو ينظَر ليديه
بعدها قال بقوة
../ ماما .. شوفي خالة سمية شالت حاواوتي منّي ..
../ إيه قل لها إنك كذبت عليها .. تقول أنا إلي أكلت حلاوتك وأصلاً مو أنا..
../ ماما برد .. !
نظَرت لملابسه المُبتلَة بالكامل ثم إلى ملامح وجهه
هو الأكثر شبهاً بأبيه في كُل شيء حتى المراوغة يجيدها من الآن
تنهَدت بتعب وهي تحمله لكَن دخول أختها بسرعة جعلها تتوقف
وهي تنظر إليها
أما الأخرى فقد شهقَت بقوة من منظر الغرفة
../ ليييييييش صحيتي ... قّومك براااء ها .. هاتي الحمار هذا ..يباله كم كف عشان يصير رجّال
اقتربت منها لتأخذه فأخذ يصَرخ بشَدة وهو يتمسك ف والدته بقوة
../ لاآآآآآآآآآآآع .. مابااا ..رووووووووووحي لا أشتكي باااااااابااااا
.../ بعَد .. يهددني بأبوه .. أقول تعال أمك تعبانة حرام عليك
رفعت " دعاء " يدها لها إشارة لكي تكف عن ذلك
../ خلاص خليه لي .. إنتي شيلي " الصطل " حق الكمادات إلي خليتيه براء دخَل فيه ..
تأملت ملامح أختها المحمَرة
فسألتها بتوجس
.../ أتصَل وافي ..؟
لم تجبها بل تركت شعرها ينسَدل من ناحية وجهها اليمنى حيث تقف أختها
لكَن معاذ أجابها
../ إيه أتصَل وكلمناه .. ماما يقول بيجي بعد يومين عندنا .. وقالي أنتبه عليـكم
ارتجفت يداها وهي تخلع ملابس صغيرها سريعاً
فتنهَدت أختها وهي تشعَر بتعاظَم المصيبة على رؤوسهم
خرجت من الغرفة وتبعها معاذ
عقَدت عزمها على أن تخبر والدتها
أختها ضعيفة أكثر مما يجب
ووالدتها عصبية أكثر من الازم أيضاً
كُل شيء يحيط بالحكايا غريب
لمْ تكُن تلمح نظَرة الذُل في عيني أختها قبلاً
ولا تلك القّوة في عيني والدتها
لكَن طريقها كان واحد
وبدأت هي في حَل خيوط القضَية
خيطاً خيطاً
وهمست بصوت لا يسمعه سواها
../ بس كذا .. بس عشان الحُزن إلي في عيونك

*

جنــــون
05-16-2012, 12:17 PM
../ نورالعيـن .. نور .. نور .. نووووووور
رفعَت رأسها بقوة وهي تجيبها
../ خيــــــــر .. وش تبي ..؟
عضَت شفتيها بألم
../ ظهري يألمني ..
../ أحسن
سألتها الأخرى وهي تطوي سجادتها
../ ميـن إلي جَلدك ..؟ زينب
../ لاآآع .. وحده مدري وش قلعتها
.../ أجل تدلعي ..
نظَرت الأخيرة نحو الأولى التي أشارت بعينيها
لـ " نور " التي رقدت على السرير وأدارت ظهرها لهم
وحّركت شفتيه بمعنى
" كّلميها "
فقالت الأولى فوراً
../ نووور .. وش فيك اليوم ؟ على غير عادتك
نهَضت واقتربت منها نظَرت للجانب الظاهر من وجهها لتلمح دموعها
عقَدت حاجبيها
ألتفتت نحوهم تأملت ملامحهم القلقة عليهم
فضَحكت بعُنف من بين دموعها وهي تهمس بـ
../ تذكَرت حاجَة تضـحك
ثم عادت لـ دخول في نوبة ضَحك جديدة
أقوى من الأولى حتى أن دموعها راحت تنهمَر
من عينيها الشبَه مغلقة من شَدة الضَحك
عقَدت " نويّر " حاجبيها بإستغراب كبير
نفس الملامح رسمت على وجه " صبا "
تركت ضَحكها وهي تغوصَ في سَرد ذكَرى
وكأنها تراها
../ في يوم طلب مني أبوي أجيب عُلبة الأدوات عشان بيصَلح طاولة قديمة يمكن نستفيد منها .. دّورت ع العدّة مالقيتها لا فوق ولا تحت
خفت أروح أقول لأبوي موب لا قيتها لأنه بـيهزّئني وممكن يمد يده عليّ .. لكَن إلي كُنت أذكره إن بيت جيرانا إلي ببداية حارتنا عندهم عُدادت أشكال وأنواع وأحجام
بحوشَهم .. المفتوح أغلب الوقت
قَلت ما في حل غير أنزل أروح لهم تسللت لبرا البيت بدون ما ينتبه أبوي إلي كان يتكلم بجواله ورحت ركضَ على تحت ما انتبهت إن الدرج إلي هي أساساً منحوتة من الجبل
موب منظَمة في هالناحية
وما أحس إلا رجلي بالهوا .. وراسي ضَرب بقوة في الأرض وتدحرجت إلين عند رجول شَخص بعَد عني بعدها حسيت بيد توقفني
وشيء حااار يمشي على وجهي ويوم شفت وجه إلي مسكني
طاح قلبي هو نفسَه هالولد .., شفت نظَرة صَدمة مدري نظرة غريبة في عيونه يوم شاف وجهي وحط يده ع عليه وأنا خلاص قلبي صار بين رجولي لكَن منظَر الدم إلي أنطبع
في يده خلاني أقوم أجري
للبيـت وأنا خايفة إنه يلحقني دخَلت وشافني أبوي .. وصارخ عليّ يناديني .. لكَن اخواتي قالوا له طاحت " وأنشق راسها " وهم جابوا لها وحده ثانية

,

كانت ملامحها حالمَة وجهها مُنير كالبدر في قاع الظلام
../ لا ومو بس كذا .. أذكر كُنت يوم أشتري من البقالة وما معي فلوس تكفي .. كُنت أدفع إلي عندي كله وأخلي الباقي ع الحساب .. في اليوم الثاني نبيع أنا وخواتي
قد ما نقدر.. عشان نسدد ديونّا .. يوم أرجع ألاقيه يقول لي .. خلاص أنا شاطب على أسمك .. فسألته ليش يقول
..ّذاك الولد دفع عنكم .. ويأشر عليه وهو واقف بعيد مع أصحابه و
قاطعها صوت " نويّر " المتهكم
../ ها ها ها .. يا بياختك .. أجل كُل هالمناحة ع قصَة حُب وفاشلة بعد
مسحَت دموعها بظاهر كفها وصوتها المتحشرج يقول
../ بس .. تذكَرته ..
وعندما شاهدت ملامح صبا أكملت
../ غبية صَح ..؟
أرتفع حاجبيها بحنان وهي تلتقط يدها بين راحتيها
../ لا .. حلو أننا نتذكَر الأشياء الحلو إلي صارت لنا .. ونحنا في عمق أحزاننا
لـ يقاطعها صوت نوير
../ أقول شف قامت تتفلسف الثانية .. يعني بالله اللحين ما في حياتها ذكريات سعيدة . غير ذي حق الولد إلي يلاحقها بكل مكان .. هذا إذا مكان مع إلي أعتدوا عليك
ذيك الليلة
صَرخت " نور " بغضَب في وجهها
../ لاآآآآآآ .. ما كان معهم وما أسمح لك تقولين هالكلام ..
../ أقول إنتي يلي طالع فراسك الرومنسية ذا الليلة وفاتحة لنا مناحة ع واحد ما يسوا وإلي يسمعك يقول يوم هاجموك جلستي تتأمليهم وآحد وآحد .. يمكن حبيب القلب
كان معاهم ..
../ جب .. قلت لك ما كان معاهم .. ولاتجلسين تصاريخن ترا موب أصغر عيالك ..
.. /لاآآآآآ .. كان معاهم .. وإنتي يلي من زود المحبة أنعمت عيونك عن شوفه .. خبلة وبزر وتصَدقـ
صمّت أذانها فجأة عن كُل ما تصَرخ به
ليست سوى ملامحها الغاضَبة شفتاها اللتان تتحركان بعنف أمامها
جَرحتها .. بل وأصابتها في مقتل
هل من أنه كان معهم ؟
هل أصابها بالسوء هو أيضاً ؟
بدأت ترتجف بشَدة
سقط جسدها ع الفراش تحتها
عندما شق صوت صبا حديث نوير المستعر
../ بس .. بس حرام عليك أكلتي البنية بقشورهاا .. وبعدين مالك دخل هي كيفها تحكي عن إلي تبي و مثل ماتبي

جنــــون
05-16-2012, 12:17 PM
تحولت ملامح " نوير " لـ صدمَة
وكأنها كانت في غيبوبة واستفاقت منها فجأة
استدارت عنهم وهي تُتمتم بكلمات لم يسمعها أي منهم
بينما ألتفتت صبا نحو " نور " التي أقحمت وجهها في فراشها
آذتها " نوير" بقسوتها لكَن كُل ذلك لـخوفها عليها
حتى وهي في أصل الغربة
وعلى أرض المنفى
تخشى عليها
" نوير "
أخر من دخلت إلى هنا من بينهن وأخر من ستخرج
أي قلب رقيق تحملينه في داخلك
أي حكاية ظلام تلك التي زجّت بك هُنا
ألتفتت نحو باب العنبر
فلمحت فتيات العنبر المقابل
ينظرن نحوهن بفضول
وما إن رأينها حتى أبعدن نظرهن سريعاً
وأخذن بالهمس فيما بينهم
فابتسمت
ثم نهضَت وهي ترفع يديها بسعادة
حاولت جاهدة رسمها صَادقة على وجهها
../ خلاآآآآآآآص إنتي وهي .. بكرة بخرج من هنا .. وكذا حفل وداعكم ..

لأبوابٍ أغلقْناها على خلافاتِهِمْ
سنديرُ ظهورَنا المقوّسةَ ونمضي
وحيدِينَ صوبَ اختلافِنا
كشجرٍ غادرَ غابتَهُ
سنقطعُ كُلَّ الجذورِ التي تَصِلُ ترابَهُمْ بقلوبِنا
كأنَّ الذينَ يسكنونَ الصراخَ
ليسوا آباءَنا
كأنَّنا قادرونَ على النموِّ والضحِك
بضوءٍ قليلٍ
دونَهُم *ْ

*
وما صَبابةُ مُشـتاقِ على اَمَـــلِ
من اللقاءِ كمشتاقِ بلا أمـــلِ
والهجرُ أقتلُ لي مما أرقبــهُ
أنا الغريق فما خوفي من البَلَلِ*

* سوزان
* المتنبي

تَدري وشْ مَعنى تِضيقْ الوسيعه ..؟
مَعناتها اني بين ,،/
...........ميّت و مِحتاجْ . !
وإنْ الثُواني مَاتعدي سَريعه
وإني عِجزتْ ألقى مَعْ العَالم
........ علاااجْ .."
اللذة الثامنة

همست لصديقتها بأنفاس مبهورة
../ وش السواة ؟
فأقترن قولها بفعَل الأخرى التي جذبتها بقوة نحو طريق
جانبي ضيق لا يكفي سوى لشخصين
و أخذن في الجري بسرعة شديدة فما رأينه منذ دقائق
جعَل قلوبهم تذوب في قعر الخوف
لا يعَلمن كم من الوقت قد مضى حتى توقفت " سلمى " وهي تشهَق بقوة
../ بس بس بس .. نشوى خلاآآآص .. ماااعاد فيني حيل
توقفت نشوى على بعد خطوات من أمامها
../ أيوة .. وأنا تعبت كمان.. تعالي ندّور لنا مكان أحسن من هنا
مشين ببطء خلف بعضهن ..
إحداهن غطّاها التعب وأخذت تسحب كيسيّ الأدوية خلفها سحباً
بينما تحَركت الأخرى أمامها بدا التعب جلياً على ملامحها هي أيضاً
لكَن العَزم الذي غشّى عينيها وهي تبحَث عن موقع يحتضَنهم لحين قدوم المساعدة
برقَت عينا الأخيرة وهي تتوقف أمام سور صغير لمنزل من طابق واحد وهي تقول
../ خلاص هذا المكان مناسب ..
توقفت خلفها سلمى وهي تنظَر نحوها بخوف
../ هنا أحسن مكان إلين ما نلاقي تليفون يوصَلنا بالدكتور
طرقتا الباب الحديدي لكَن لا جواب
../ شكَله مافيه أحد ..!

لكَن صوت مرتفع بدا كهدير مروحيّة فوقهم
جَعل " سلمى " تلتصَق ب " نشوى" وهي تصَرخ
../ نشوي أدخلي بسرعة .. بيشوفونا لو بقينا كذا
أرخت نشوى ذراعها وهي تفتح الباب بسرعة
اقتحمتا الفناء الصغير و أسرعتا نحو مخزن غير مكتمل الإنشاء
جال نظَرهن في المكان ثم ألقَت كُل منهم جسَدها في زاوية فوق أكوام من الرمال
بدت نشوى متحمسة و هي تفتش في جيوبها عن شيء ما
بينما ضمت سلمى ركبتيها لصدرها وهي تزفّر بقوة
فمقدار ذلك الخوف الذي تلقته الليلة أكبر من أن تتحمل
أستنزف كُل مشاعرها
همست وهي تمسح جبينها الذي أخذ يتصبب عرقاً
../ نشوى ما لاحظتي زيي إن الشارع ما مر فيه أحد طوال ما كنا نمشي
ضَحكت نشوى ضَحكة قصيرة متوترة وهي تجيبها
../ هههه .. ايوة دا وقت ممنوع التجوال فيه ..
صرخت سلمى بصَدمة
../ وآآآآآآه .. أحلفي ؟
اتسعت ابتسامة سلمى الباهتة وهي تكمل سريعاً
../ ولله ..!
تلك الابتسامة واتساعها لم يفوتا سلمى مطلقاً
شعرت بقَلبها يرتجف داخلها بقوة
وهو الذي لم يهدأ منذ ساعات الفجر الأولى
بهدوء سألتها
../ سلمى .. إنتي مخبية عني شيء ؟
ازدردت الأخرى ريقها وهي تومئ بإستسلام
../ بصراحة .. رقم الدكتور فيصل ضاع مني
ارتسم الأنفعال على وجهها بقوة وهي تصرخ ب
../ ما شاء الله .. و ليش يعطيك ر..
تماسكت و غيّرت ما كانت تنوي قوله سريعاً
../ معاكِ جوال ..؟
هزّت رأسها بالنفي و هي ترخي عينيها نحو الأرضَ
وعلى وجهها مسحَة ندم
ابتسمت سلمى وهي تحاول أن تهدئ من روحها
../ خلاص أجل كيف ب تكلمينه ..!
../ بنطلب من أحد تلفون يوصَلنا بيه
../ من ميـن يعني ؟
../ معرفش .. بس إنتي أصبري يمكن يجي أحد هنا
كانت كلمتها بمثابة النبوءة التي تحققت سريعاً فبمجرد أن أنهتها
حتى صَدر صوت أشبه بالطقطة داخل المنزل بجوارهم
تحركت سلمى سريعاً أقتربت من نشوى وهي تقول
../ سمعتي
../ آه
../ يمكن أهل البيت مو ..؟
../ أيوة
../ شكَله أحد خرج الحوش
../ لحظة أشوف
أحنت رأسها حتى كاد أن يلامس الأرض ثم نظرة من فجوة الباب
تراجعت سريعاً وهي تقول بهمس
../ أيوة .. دا راجل ..!
ضَغطت سلمى بأصابعها ع شفتيها كي تمنع تنفسّها المرتفع أن يفضَحهما
مّر الكثير من الوقت ..
لكَن أصوات عالية تحمل كلمات عربية بلكنة فلسطينية
جعل سلمى تنهض وهي تحاول أن تبدو أكثر شجاعة
../ خلاص قومي أظن خلّص منع التجوال ..!
وبالفعَل بدا وكأن الشارع قد أمتلئ فجأة
فتعَلقت عينا سلمى من خلال الباب ع رائح والغادي
وهي تلكز نشوى بكوعها
../نشوى .. قومي شوفي
نهَضت الأخرى على إثرها تأملت المنظَر لدقائق بعدها احتضنتها بقوة
../ يسسسس الحمدلله .. يلا نمشي
هزّت رأسها بالإيجاب ثم دخَلتا وحملتا أغراضهن
وخرجتا
فتمتمت لـ " نشوى " :
../ وش رايك نسأل صاحب هالبيت إذا عندهم تليفون ..؟
../ أوكيه أحسن برضو ..!
اقتربت سلمى من الباب وراحت تطرقه بهدوء
دقائق فتح بعدها صبي صغير الباب
فسألته :
../ نادِ لي ماما ..!
وعندما همّ ليجاوبها سألته نشوى فوراً
../ باباك موجود .. ؟
فهزّ رأسه بالإيجاب وأسرع إلي الداخل
بينما قالت نشوى لسلمى بتهكم
../ تنادي أمو ليه .. هههه ولا تحسبي نفسك في السعودية
مطّت شفتيها وهي ترد بسخرية
.. / لا تتمسخرين .. فاضَية وحدة
ظهر والد الصبي رجل عجوز أبعد الباب وهو يدعوهن للدخول
دخَلن وسلمى تمسك بيد نشوى بقوة
سألته نشوى
../ السلام عليكم
../ وعليكم السلام
../ يا عم نحنا ممرضتين .. بس توهنا و نبغى تليفون عندكم ..!
حّرك رأسها بالإيجاب وهو ينحني ويطَلب من أبنه أن يلبي طلبهم
تأملت سلمى مظَهره
ثيابه الرثَة
عيناه التي رغم عماهـ قد اعتلاها حُزن سديمي غريب
أحضر الصغير الهاتف وناوله لسلمى الأقرب منه
فأخذته نشوى بدأت تعصر ذهنها لتتذكر الرقم
../ عسى ناسيته بعد ؟
../ لا أصلو أنا جلست أحفظو طول الطريق لهنا .. أصبري عليّا شوية
../ عجّلي ..عجّلي
ضَغطت ع الأرقام ثم ألصقت الهاتف بإذنها
لكن " الرقم " خطأ
حاولن لمدة طويلة لكَن بلا نتيجَة
شعرت " سلمى " بالدموع تجتمع في عينيها
وكأنها ضاعت وسط بلد لا تعرفها
وبعيدة عن كُل ما ينتمي إليها
نطَق العجوز أخيراً
../ إنتوا ضايعين عن شو بالزبط ؟
تنهَدت سلمى وهي تجيبه بضَعف
.../ تصدق إني مدري
../ شوووو
لتلكزها نشوى بقوة وهي تجيبه بصوت مرتفع
../ عن المستشفى
فهزّ الرجل رأسه وهو يقول
../ مافي مستشفى هون يا بنتي .. بس موجود مركز صحي يمكن هوّا إلي ضعتو عنو
حّركت نشوى رأسها بحماس
../ آه .. هّوا دا بتعرف فينو ؟
أمَر الرجل أبنه أن يقودهن إلى هُناك
بينما سيطر اليأس كُلياً ع سلمى
التي أخذت تلحق بنشوى المسرعة أمامها
../ أُفيييين .. نشوى لا تجري .. شوي شوي
فأجابتها الأخرى وهي تتابع هرولة
.../ لأ .. أنا خايفة الواد يضيع ..
كانت تجري خلفهم بجسَدها لكَن عقلها وقلبها
يتأمل تفاصيل الحياة من حولها
فوق كُل ذلك الركام حيث يعيشون هُم ..
ضحكاتهم .. وكلامهم
حتى شيبانهم حيث يتحلقون عند باب مقهى متهالك
وكأنهم يتجاوزون الظروف .. ليكونو كغيرهم
عند هذه النقطَة إنحرف تفكيرها
عندما تناهى إلي سمعها صوت نشوى المتعَب
../ وأخيراً .. وصَلنا .. دا الدكتور فيصل
تأملت النقطَة التي كانت تنظَر لها
عند منتصَف الطريق وعلى الجادة المقابلة لهم
وقف طبيبهم المسؤول عنهم
وهو ممسك بهاتف وبدت حركات يده وتعابير وجهه
كمن يصَرخ ,
بدا غاضَب جداً ..
أزدردت ريقها وهي تقطَع الطريق نحوه
مُباشَرة

*

جنــــون
05-16-2012, 12:17 PM
فتحت عينيها ببطء شديد
ثم جلست على السرير بسَرعة
جالت عينيها في الغرفة وكأنها تبحث عن شيء ما
بعدها قفزت نحو الحمام غسَلت وجهها
تذكَرت أنها لم تُصَل فصلت سريعا ثم ألتقط شال أبيض
وهبطت درجات السلم قفزاً
وهي تردد همساً
.../ وينها ... وينها .. وينها
ولأن عقلها بدأ مشوشاً للغاية
خرجت نحو باب الفيلا ونظَرت في الساحة الكبيرة
لم يكَن أحد هناك سوا " منذر " يقف بجوار منزله
تحركت عائدة للداخل وهي تضَغط على رأسها لتوازن أفكَارها
فأسرعت نحو غرفة جدتها .. وعندها بدأت خطواتها
تتباطأ شيئاً فشيئاً
ثم أرهفت سمعها

,
كانت صوت بكائها أشبه بالنحيب وهي تغوص بين ذراعي جدتها
تبكَي بهَم مُفرط وجسَد عمّتها يمسح على ظهرها
في محاولة منها ل إبقائها متماسكَة أكثر من ذلك ..
لم يكَن أي من الأطراف يتحدث ..
لكَن عيني عمّيها الذين راحا يلتهمانها بتفكَير عميق
لا أحد منهم يبدو وأنه أشفق عليها
فأفكارهم إن ظهرت
ستبدو بعيدة كُل البعد عن ذلك
أشاحت الجدة بعينيها وهي تقاوم الوجع الذي راح يظهر على ملامحها
../ خلاص يابنتي .. يعني بتقتلين نفسَك من البكا
لتشَهق هي بقوة من بين دموعها
../ بس أنا أخطيت في حقكم
فصححت لها عمّتها
../ تقصَديـن في حق نفسك .. هديل حنّا عارفين إنك تعذبتي وأخذت جزاء كل من يسوي سواتك ..
رفعت عينيها وهي تمسك بيد جدتها بين يديها
../ يمّه .. راضية عنّي ..!
هُنـآ سقطَت دموعها
وهي التي أرادت من نفسها أن تبدو أكثر مقاومة أمام
فلذة كبدها التي أنجبها إبنها ..
ربّتها وأحسَنت تربيتها لكّنها تمردت على الكل
عند أول صَدمة واجهتها
صمتت لدقائق طويلة مّرت
رفعَت شالها و أزاحت دموعها عن وجنتيها المجعدتين
وعيناها تنظَر لملامح أبنيها
الذين راحا يرمقانها بقَوة وكأنهم يطالبانها
بعدم فعَل ذلك
فقالت بحنان وهي تحاول أن تحتضَنها
.../ الله يتوب على عبده لـ أخطأ ثم ندم وتاب وأستغفر .. وش وله الصياح هذا كله اللحين وأنا أمك ..
فزمجر العم مُباشرةً بعد إنهائها قولها
../ يمّه حنا ما عندنا بنات وسخات يعيشون منعمين مكرمين مثلهم مثل الطاهرات العفيفات .. وهالبنت لاحقتها العيبَة .. وطَت روسنا قدام الخلق .. وخّلتنا نتحاشى
الأوادم والناس بسبّتها
لكَن الأخر ألتزم الصمت ولم يعقَب
اعتدلت هديل في جلستها
بينما نظَرت الأم لإبنها وهي تقول بهدوء
../ وإنت من إلي قالك إني بخليك تصرف عليها ولا تعيشها في خيرك .. ولا من متى وأنا كلمتي تنكَسر يا محسن
عندما قالت كلمتها الأخيرة عَلم هو لأي مدى أغضَب
والدته الصعب إرضاءها
لكَن شيء أشبه بعناد وقهر غطَى كيانه
فهمهم بقوله
../ إنتي على العين والراس .. و الملامة لاحقتها يمّه .. و منقود إنك تساوينها بالأحسَن منها .. وهي إلي خرجت عن أوامر دينها و راحت ورا كبيرة من الكبائر
فقاطعَته هديل وهي مذهولة مما يقوله بقسوة
../ بس
فقاطعتها جدّتها
../ جب .. ولا كلمة يا ولد .. ولا لك شور عليّ وعليها ولا كلمة .. لكَن شكَراً يا ولد بطني على أخلاقك ما قصَرت .. و اللحين فارق أبغى أناام
نهض وتوجهه للخارج بسرعة
وخطواته تنبض غضباَ
ولكَن قبل أن يصَل للخارج
ظهَر جسَد أمام فتحَة الباب
لتلتقط أعينهم
كُل الذهول التي ارتسم في وجهها وانفراج شفتيها
ومن ثم اختفائها فوراً

يامن عدا ثم أعتدا ثم اقترف
ثم أنتهى ثم أرعوى ثم أعترف
ابشر بقول الله في آياته
إن ينتهوا يغفر لهم ماقد سلف

الحلم ماهو مستحيل مدام تحقيقه ..[ مُباح ]
والليل لو صار طويل ’ أكيد من بعده ../ صباح

اللذة التاسعة

رفع رأسه وهو يتأمل ملامح وجهه بحدَة
قد لا يدرك فعلياً مقدار ذلك الحقَد الذي أشتعَل في صَدره بغتة
لكَن قبضَته التي تكورت وهي تضَرب فكّه السفلي
ليرتد الأخر إلى الخلف بضع مترات
لمس موقع الضَربة بالقرب من شفتيه
وهو يقول
.../ لاء لاء لاء ما تفقنا على كذا يالصقر
رفع الأول سبابته في وجهه وهو يقول
../ اسمع .. علمن يوصَلك و يتعداك للحثالة إلي جايبهم معك إن جاني خبر .. ولا مجرد إشاعة عن هباب جديد مسوينه هنا لا أوصَلكم لسابع سجن .. تفهَم ولا لا ؟
تأمله الأخر ببرود شديد رغم ذلك الدم الذي شق
طريقة نحو ذقَنه ..
../ وويـن تبينا نروح .. ؟ أحسن مكان لنا هنا ..؟
ثم مالت شفتيها بإبتسامة
../ وإنت وآحد منّـآ .. ولا نسيت
اقتربت من صقر أكثر بينما أغمض الأخر عينيه بقوة
علَم لأي مدى أستفزّه .. وربما ظنّ أنه قد يضرب حتى الموت حالاً
ثم فتَح عينيه ببطء وهو يراقب
رحيله الغاضَب من المكان
لا ينكَر أنه يخشاه وبشَدة
لكَن بذور خطَة جديدة راحت
تداعب رأسه الأسود
جعَلت ابتسامته تتسع
والدم يتدفق معها من شق في شفته حتى ذقنه

*
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن
قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد فقست قلوبهم وكثيرا منهم فاسقون )

مع كُل كلمَة كانت تشهق
فتنزلق دموعها على وجنتيها
بكَت وأبكَت من حولها
بينما ارتجفت قلوبهم لهذه الآية العظيمة .. و هذا الخطاب الإلهي القوي
تحللت من صلاتها ثم غطّت وجهها براحتيها تستعيد أنفاسها المتقطَعة ..
انحنت نور وهي تهمس لها في أذنها
../ الله يوفقــك .. والله بيوحشنا هالصوت العذب
رفعَت رأسها وهي تتأمل وجهه صديقتها المحمر بإمتنان و ود عميقين
معرفتها بنور رغم قصَر عُمرها
كانت أعمق وأصدق من كُل صداقة
كونتها قبلاً
نهضَت بعد أن فرغت من أداء تلك العادةالتي يقمن بها في السجَن
فأي فتاة يفرج عنها وجب أن تصَلي بالفتيات
حتى تزرع في داخلهن أمل بأن نهاية هذه الغربة قريبة
بتوبَة صادقَة
و روح نقية من الدنَس
كـ قربها من روحها الآن
خرجت ويلحقن بها الكثير من الفتيات
وقفن في منتصف الساحة وهي تسلم على هذه وتحتضنها تلك
وتراقبها أعين آخرين من زوايا بعيدة
متلهفين
أو ربما متخيلين
ما شكَلهم حينما يكونوا مكانها
لكَزت نوير صبا
../ شوفي شكَلهم جوا يطلعونك ..؟
ألتفتت نحوهم ثم انسلَت من بين البنات
تتبعها نويّر , التي احتضنتها بحرارة وهي تنتحب على كتفها
ابتسمت صبا بحزن
../ إيه وينها القّوية اللحين
قاومت دموعها وهي تجيبها بهمس شاحب
../ والله يا صبا إني موب قويّة .. و إلي تشوفينه نفاق
اتسعت ابتسامة الأخرى
فلأول مرة تتحدث نوير عن نفسها ببساطَة
احتضنتها هي مجدداً
وهي تربت ع كتفها وتهمس في أذنها بصوت ضعيف
../ لا تخافيـن ترا السالفة بسيطة .. بس علقّي قلبك بالله .. هو إلي بيفرجها

,

../ يالله يا بنت المديرة تبيك .. بسرعة
نظَرت نحو مجموعة الحارسات التي أحاطتها
وهي تتأمل جموع البنات على بعد خطوات منهم
ثم قالت بإصرار
../ وينها نور ... ؟
أمسكتها إحداهن من عضَدها وبدأت في سحبها بخفة
فاستدارت معهم
ثم تجاوزت قسم السجن من بوابة صغيرة محاطَة
بأقفال وسلاسل من حديد
وأغلقت الأبواب خلفها
لتنزلق دمعَة يتيمة على حياة
صارت ذكرى منذ الآن

,
أبقوها في غرفة صغيرة مخصصة للإنتظار
جلست تتأمل نقوش الحائط نظافة المكان
الرائحَة الذكيّة
لم تكُن تدري كم من الوقت قد مّر
حين
فُتح الباب ودلفت ميسون وهي تقول بسعادَة
.../ يالله صبا .. المديرة تبيك .. بعد ما تخلصين منها كذا ربع ساعة ونمشي
تسارعت ضربات قلبها
أمسكت بـصدرها وهي تحاول أن تزيح ذلك الألم
الذي راح يجتاح فؤادها
اتجهت خلف ميسون نحو المكتب
دَلفت إلى هناك
حيث غرفة غارقة في الفخامَة
يتوسطَها مكتب كبير جلست خلفه سيدة متقدَمة في العمر
وبجوارها أخرى شعرت وكأنها قد رأتها قبلاً
.../ السلام عليكم ..!
صافحتهم وجلست أمامهم
ثم أرخت عيناها إلى الأرض
فقالت ميسون بحيوية
../ صبا .. هاذي الأستاذة صالحة المديرة .. وهذي الأستاذة مها المسؤولة عن أسر المسجونين و المفرج عنهم
رفعت بصرها نحو الأخيرة
وتذكَرت أيـن رأتها
ثم ابتسمت لها بخفَة فبادلتها الأخرى الابتسامة
وهي تقول
.../ الحمد لله على سلامتك ..ونحنا جبناكِ اليوم هنا عشان نقولك خبر إن شاء الله يفرحك ..
ثم نظَرت نحو المديرة التي أكملت بهدوء و رزانة
../ سمعنا عن سيرتك في السجَن وعن الأعمال إلي سويتيها لكثير من البنات هنا .. وحاجات كثيرة مختصَرها نحنا نبارك لك جهودك .. و بنعطيكِ شهادة حُسن سيرة وسلوك
مختومَة مننا تقدري تسجّلي فيها بأي مكان خاصَة لو حابة تشتغلي او حتى تكملي دراستك
رآح قلبها يحّلق كعصفور سعيدَ
وشفتها تخذلها في رسم إبتسامة أكبر
وهي تقول بهمس صادق
../ الله يعطيكم العافية ..
ابتسمت المديرة ببساطَة لجملتها وهي تجيب
../ الله يعافيكِ ويهدكِ .. وإن شاء الله ما نشوفك هنا ثاني إلا إذا تبين تشتغلين عندنا
علَت ضحكاتهَن عداها
فقد أكتفت بالإبتسام لهٌن ثم
طَلبت منها المسؤولة إخبارها بعنوان المنزل الذي ستقطن فيه
بعد خروجها
لسؤال عنها كُل شهر
،
دقائق بعدها أصبَحت في نفس الحجرة
حين تركتها ميسون لتستعد للذهاب
لم يكُن خبر " الشهادة " مُفرحاً لها لذلك الحد
بل راح صوت كالصفير يزعق في أذنها
وقلبها يرتجف في جوفها بشدة
تبدو ميسون في قمّة السعادَة
أم أنها ستجد الطريق هادئاً سالكاً حتى حجرتها
قطَع عليها دخول سيدَة قصيرة ممتلئَة الجسم
وهي تقول بصَوت جهوري
../ يالله تحَركي سيارتك برا
اتجهت نحوها و هي تشعَر أنها تكاد تسقط على وجهها
من شَدة خوفها
قادتها نحو الخارج لكَن توقف صَبا جعلها تلتفت
نحوها
../ أمشَي يالله
همست صبا التي التفتت للخلف وهي تتحرك بتلقائية
نحو مكتب ميسون
../ أصبري ميسون بتجي معي
سألتها بإستغراب
../ مين بيروح معك ؟
تأملتها لبرهة تنهَدت بعدها وهي تلحق بها
أمسكتها من ذراعها
وشدّتها نحو الخارج
../ يـآ بنتي تعالي الله يهديـك .. محد بيروح معك السيارة تنتظرك بلحالك ..
ولأن خوفها كان كأنه بمثابة القائد لها
لحقت بها كهلام
تاركَة خلفها بقايا خُوفها
وشيء أشبَه بالذكرى
و جمود لم تستوعب فيه وضعها
إلا حينما ألقي بها في الخارج
و دوى صوت الباب الحديد الكبير خلفها
مشهَد الشارع المظلم أمامها
وهواء راح يحّرك حجابها
كما يلعب بدقات قلبها
سيارة سوداء تقف على جانب الطريق
ترّجل منها رجَل أقترب منها مسرعاً
فتراجعت إلى الوراء
أحاط ذراعَهُ كتفها وتحرك بها
ألقاها داخل السيارة وأغلق الباب بجوارها
التي تحركت قبل حتى أن يغلق الأول بابه
مشهَد راح عقلها يسجّله ببطء

جنــــون
05-16-2012, 12:18 PM
ليستوعب ما يحدث جيداً
وأخر ما التقطته عيناها
عيناهـ هو
تنظر إليها

*
سكينَه غشَت روحها شيئاً فشيئاً
حتى غطّت كيانها وابتسامة رضى كاملة
رسمتها على وجهها
أغلقت المصحف وطوت محرابها
وأقتربت من أسباب سعادتها
التي حّركت يداها وعيناها من داخل سريرها
حملتها و راحت تداعبها لوقت
لا تعَلم يقيناً كم الوقت قضَته هُنـا
لكّنها تخاله دهراً أبَى أن ينقضي
صوت من الخوف كالصرير دالخلها
ولا كنها تتجاهله بقَوة
رغم يقينها أن هذه اللعبة ستنكشف يوماً ما حتماً
وكأن هذا اليوم يقترب
أو ربما هذا ما تشعر به فقط حتى
تلك اللحظة التي سبقت دخول القوي
.../ دعااااااااء .. زوجك تحت
منظَر أختها جعَل تلك الابتسامة التي لم تغادرها تتسع
لتتحول لضحكَة صغيرة
ما لبثت بعدها ان قالت بود
../ هههه وش فيك منفجعَة كذا .. شوي ونازلة
فبادرتها الأخرى وهي تشير بسبابتها محذرة
../ دعاء .. ترا علي معاه في المجلس وأمي اللحين رايحة له
فحّركت كتفيها وهي تقول ببراءة
../ طيب ..!
زفرت بقوة و هي تقترب نحوها
تكّلمت مشَددة على كُل حرف
../ دعااء .. السالفة جد .. الكل حارق أعصابه و إنتي ولا كأنه في شيء .. علي معاه بالمجلس وأمي بتجي اللحين بيأخذ زبدة الكلام إلي جاي عشانه .. و طالب يشوفك
..فخليكِ ثقل
ابتسمت لها وهي تربت على يدها
.../ لا تخافي .. أختك اقوى من إلي تشوفونه .. بس خلوا كل شيء بيدي .. و بيصير خير إن شاء الله
ملامح وجهها
عينيها
ابتسامتها حتى راحتها التي مسحت على راحتيها
جعَلت شيء أشبه بالصخَرة أُزيحت عن خاطرها
وهي تهمس لها بصَدق
../ أجل روحي الله يريحك
قد نكون قد شعرنا بالفواق أحياناً كثيرة
و أي إحساس ذلك الذي يعطينا إياه
شيء أشبه بقنبلة تنفجَر ثم ترحل دون أن تألمك
وبمجرد أن تتنفس تعاودك الكّرة من جديد
و لاكأنه ألم أراد أن يؤلمك لكَنه يرحل دون أن يفعَل ذلك
على أمل أنه سيعود من جديد ليؤلمك
ولن يفعَل ...
,
تضارب مشاعرها كان سيد كُل شيء ينبض في داخلها
نزلت وهي تحمل طفلتها أو جزء أقتطَعته من روحها
و خلفها أبنها الذي حمل سرير أخته الصغير
فقط من أجل المظهَر البطولي الذي سيظهر به أمام والده
سَارت نحو المجلس مباشرة
وعيناها تنظَر نحو بابه الموارب
لأن أي فعَل سيحدث من حولها
كفيل بأن يعيدها لنقطَة البداية
أقتربت حتى أصبحَت في موضع يمكّن الجالس بالداخل أن ينتبه لوجودها
لكَـن صوت والدتها التي تكَلم بثقة قاطعة
../ بنتنا و منّا عايفينها .. ويشرون رضاها ألف رجّال وإنت يا ولد عمّها روح و استانس مع إلي أختارها قلبك .. وخلّص بنتنا ..
فدخَلت للمكان وهي تهمس بهدوء
../ أمي لاء ..

ثم ماذا بعد ؟

جنــــون
05-16-2012, 12:18 PM
*
تحَركت بلا هُدى في المكان وهي تحتضَن هاتفها المحمول بقوة
كّررت إتصالها لكَن أختها لا تجيب
يجب أن تتحرك
أي طريق عليها أن تسَلك
تجهَل المكان بما يحويه
ولم تفكَر إنها ستقع في مأزق من هذا النوع أبداً
ربما أحلامها كعقلها صغيرة لا تطير لما قد تحمله الأيام
تحَركت لوقت وعيناها تلتهم الملامح
علّها ترى شخص تعرفه وتسأله ليرشدها
بعدها إهتز هاتفها في يدها
فألصَقته بإذنها سريعاً وهي تتكلم بغضَب
../ ويـــنك ..؟ ليش ما ترديـن
../ شوي شوي كُنت بمحاضَرة وخرجت منها أكلمك .. وش تبين
تابعت بصَوت مخنوق
../ مدري ويـن مبنى " ز " ..؟ أصلاً مدري انـآ ويني فيه ؟زفرت الأخرى وهي تعود لتستأذن الدكتورة للذهاب
وثم انطلقت لنحو أختها لترشدَها
دقائق وأصبحـآ أمام مبنى " ز "
قالت أثنائها " " :
../ والله لو نور هنا كُنت ما حتجت لوجهك
آلمت الأخرى العبارة ليس لأنها شتمتها
بل لأنها تحمل إسم إختها
وكأنها تذكرها بأن هذا المكان
سيدَة نور
رحلت بهدوء وتركتها
تتأمل المبنى الشبه متهالك بصمت
ثم زفرت وهي تهمس ب
../ كانت أحلامنا مثل بعض .. تعالي يا نور شوفيني دخلت نفس قسمك تماماً حينما نود أن نسأل الراحِلُون قَبلنَـآ
أيْ طَريقْ يجبْ أن نَسَلُك
فلا تأتي الإجابَة
ونظَل نردد بإصرار كالمجانين عند مُفترق طرق
أي طريق ؟
أي طــريق ؟
ونظَل هُناك بلا إجابَة

بقلوبٍ صغيرةٍ خبَّأناها في الجيوبِ
كعُلَبِ سجائر مجهولةٍ لآبائنا
بخطواتٍ متهدِّجةٍ
أنهكتْها الرطوبةُ في أصواتِهِمْ
بالمسافةِ حينًا
وحينًا بالسعال
نزحنا
من وهمٍ إلى آخر
.جذوعًا تركلُ تشوُّهاتِها في غبارٍ*
*سوزان

لو إن الحُزن إنسان
ما وفاله من بناته أحدْ
............[ إلا أنا ]

اللذة العاشرة

../ يمّه لآ
ثم ازدردت ريقها بقوة وهي تتابع مشيحة بعينيها عن عيني والدتها
../آآآآ .. أنآ بسمع وش يقوول أول ..
ثم أصبحت عينيه
بدآ لها أن كُل شيء اختفى إلا هو
عيناها تلتهم ملامحه
تريد أن تلتقط أي تعبير بالرحمة أو حتى بالشفقة
لكَنه نهَض وأقترب منها بخطى واسعة
وفي ثواني أصبح أمامها تماماً
ترتجف هي لأنها , تراه جيداً وتسمع أنفاسه
أغمضت عينيها بقوة حينما شعرت بيده تضغط على صغيرته بين يديها
فلامست ذراعه ذراعها
أرتجف قلبها في صَدرها كطائر مقطوع الجناح
لكَن صوت ذا نبرة مميزة أخترق عقلها
فأنشلها من كُل لذة حاولت أن تتذوقها
../ دعااااء
ألتفتت نحو والدتها ببطء شديد
وعيناها تحمل ألماً كبيراً نحو كُل ما يجري هُنا
تناول أبنته من بين ذراعيها وتركها ترحل بخطى هادئة نحو والدته
بينما ذات الجمود يعتلي ملامحه .. ,
ولم ينكسر إلا حين تأمل الصغيرة بين يديه
جلست بجوار والدتها و هي تقّوس نظرها للأرض كعادتها في حضورها
فقالت الأولى بحزم :
../ انـآ قلت وبعيد لك هالكلام ستين مرة .. بنتنا وإن كان لها ماضي تشوفه إنت غير مشّرف .. فأنـآ أقول لك رح وأنبسط مثل ماتبي لكَن بنتنا ألف من يتمناها ..
ولا تجلّسها حسرة على قلبك ..
عضَت على شفتيها بقوة وهي تهمس
../ يمّه ..
لكَنها تابعت :
../ وإن كُنت جاي مطالبنا بحق عيالك .. فعيالك لك .. لكَن لا تقهر أمهم فيهم خلّهم هنا لين يكبرون ثم خذهم لك ..
لكَن صوته قاطعها بقوة معلناً بداية حرب أرادت " زوجة عمه " إنهائها :
../ لكم الحشمة يـآ عمّتي .. وإنتم أهلي و على العين و الرأس .. أنا ماجيت مطالب بحق عيال أنا جيت أبي حرمتي وعيالي سوا ..
أبتسم قلبها بسعادة ولولا خجَلها منه لنهضَت له و أحتضَنته بشَدة
لكَن أمّها التي أجابت بصرامة :
../ و تقول عندك حرمة .. يوم إنك متزوج عليها وحدة ما تسواها حتى أهلك متفشلين منّك ..و وتارك حرمتك وبنت عمّك هي وعيالها شهر لا تسأل ولا تتصَل ولآ كأنهم يعنون
لك شيء .... ولا من هذي إلي الحريم بالمجالس يقارنون بين بنتي وبينها ويقولون .. تركها زوجها يدور الناقص فيها عند غيرها
جرحتها والدتها
ربما لم تكَن تفكَر بتلك الطريقَة أبداً
صدمتها بوصَفها للواقع بصراحة تامة
هل ذهب لأخرى تبدو أجمل مني ..
هل هي مثلي أم أحسَن ؟
هل أحبّها أم مازالت سيدة قلبه بمفردي ؟
رفعَت يدها بتلقائية تلمس شعرها الأسود الطويل بشرود
ثم أيقظها صوت أخيها الذي تكلم بهدوء و إتزان :
../ أسمع يا وافي .. حنّا نبيك بالصورة .. وأنا ما أرضى لأختي تتعذب و السبّه ضره
أنت موب غريب علينا نخاف عليها منك.. حنّا ما نلزمك على شيء مو زين لنا ولها لكَن زوجتك بتجلس عندنا لين ترتب أوراقك ..
ثم صمت لجزء من الثانية وتابع مشَدّداً على حروف كلماته :
../ يا أختي .. يا غيرها
رفعَت نظرها نحوه تتأمل ملامحه تبحث عن إجابة
تبحث عن رغبته في عينيه
لكَن لا شيء فملامحه لم تكُن نحوها
وكأنها مُغَيبه منذ بداية حضورها إلى هُنا
تود أن تنهض نحوه
تريد ان تقسَم بأنه يفهم كُل ما يحدث خطأً
تقسم أنها اشتاقت إليه
و أنها ترنو لسماع صوته يخاطبها بحنان كعادتها به
أو قسوة يشاكسها بها أحياناً
تتمنى أن تحطَم قلبها لأنها خذلته
خذلت روحها رغماً عنها
تربعت تحت قدميه تقسم له مراراً أنها لم تفعَل شيء
لكَنه أبى و أمتنع
كابر ثم خرج من عندها نحو أخرى
هدّدها بذلك دائماً
لكَنها لم تكُن منصَته له .. كانت على يقين بأن قلبه له ولن يفعَل ما يقول
جاء صوته هذه المرة أقل حدة يكسوه شيء من الأهتمام
../ إلي تبونه بيصير .. و انـآ بمشي اللحين .. بس قبل ما أمشي أبغي منّكم طلب
تألمت فهو لم يجبهم مباشرة
هل رحل ليقترع أيهم يجب أن يطلق ؟
ربما تساوت الأصابع في تلك اللحظَة وكانت كٌل الوراق
تحمل " هي - هي – هي "
نعم , تجزم بأن الأسهم ستصيبها
../ أطَلب يا وافي ..
../ بتكلم معاها شويّ ..
لم تستوعب طلبه إلا حينما نهضَت والدتها للخروج
فساعدتها حتى أو صَلتها للباب
ثم تركتها تتابع طريقها مع علي
وعندما ألتفتت نحوه
وجدت براء قد ألتصق به
بينما معاذ يقول :
../ أبوي إنت زعلان من امي ..!
تنهَدت بألم وهي تهمس بتلقائية
../ انتم هنااااا !
لم يجيباها لأنها لم تسألهم أصلاً
انشغلت بكُل تلك المشاعر التي تزاحمت في روحها دون أن تدرك
بأن قلوبهم البريئة ترصَد ما يحدث هنا
راح براء يتأمل يديه بصَمت
بينما دمعَة صغيرة وتقّوس شفاه معاذ
جعلها تتنهد بقوة وهي تقترب منه
أمسكت بذراعه وهي تقربه نحوه جلست على الأريكة وهي تقول بإبتسامة:
../ ليش البطل يبكي ..!
مسح بظاهر يده دمعة إنزلقت على إثرها دمعات
وراح يشهَق بعنف و هو يقول
../ ليش ... جـ جـ دو تصرخ على بـ بـ باباااا ..
ابتسمت رغم كُل ما قد أرتسم في عينيها من ألم
../ ومين قال .. جدو تحب بابا وهي تبيه يأخذنا معاه
شهق براء وهي ينظر لوالده كأنه يبحث عن الصدق عنده
../ والله
ابتسم له الأخير وهي يقول بسعادة
.../ إيه والله
ثم أكمل بهدوء لـمعاذ
../ اللحين قلت معاذ رجال و بيساعد ماما و براء و جنى ليش زعلان طيب
قّرب الكرسي حق أختك منّي عشان أتأكد .. رجّال مثل ما أنت ولا تغيرت
مسَح دموعه ببطء وهو يقترب من الكرسي
قدَمه لوالده وعاد لحضن أمه من جديد
وضَع صغيرته على الكرسي
ثم نهض وهو يقول لدعاء ببرود :
../ دعاء لازم تفهمين شغله مهمة .. بس تعالي لبرآ
أتجه بحزم نحو باب صغير مطَل على الحديثة الخلفية للمنزل
نهضَت وقبل أن تلحق به قالت لمعاذ بقوة وحزم
../ روح لخالك وقلّه .. أمسك المرسول .. وهو بيوديكم البقالة
وعندما انهت جملتها كانا قد خرجا
تنهدت وهي تجر خطواته
أزدردت ريقها بقَوة محاولة حصَر مشاعرها
وإغلاق روحها عليها

جنــــون
05-16-2012, 12:18 PM
*
و دوى صوت الباب الحديد الكبير خلفها
مشهَد الشارع المظلم أمامها
وهواء راح يحّرك حجابها
كما يلعب بدقات قلبها
سيارة سوداء تقف على جانب الطريق
ترّجل منها رجَل أقترب منها مسرعاً
فتراجعت إلى الوراء
أحاط بذراعَهُ كتفيها وتحرك بها
نحو السيارة
أدخلها و جلس بجوارها
وكل ما حدث ليس سوى
مشهَد راح عقلها يسجّله ببطء
ليستوعب ما يحدث جيداً
وأخر ما التقطته عيناها
عيناهـ هو
تنظر إليها
اتسعت عيناها بشَدة
وصدمَة قوية ألتهمت عقلها
ليس سوى تلك الصور والمشاهد تعاد في ذاكرتها
ألمها سجنها .. ثم إنكسار روحها
ومشَهد هذه العينين أخيراً
رآحت أناملها ترتجف بشَدة
أحنَت رأسها سريعاً
وهي تغلق وجهها براحتيها وتسد إذنيها ب إبهاميها
وكأنها تحاول ترجمة كُل ما يجري هُنا
لـثواني عدّة فقط استوعبت ما هي عليه الآن
شهقت من بين دموعها
وهي تحاول بجنون فتح باب السيارة
ولأن الشارع مظلم لم تكَن يداها تعَلم الطريق إلى المقبضَ
ثم راحت تهمهم بصوت متألم
.../ فكّ الباااااااااااب .. فكّووووني ..
ألتفتت نحو " بندر " وهو يقول لها بقلق
../ صبـآ .. وش فيييك ...
لكَنها راحت تركل الباب بقدمها بعنف
جعَل بندر يتابع بخوف
../ صقر جنب جنب .. مدري وش صار لها ؟
لكّنها لم تيأس أبداً
ومحاولاتها نجحت أخيراً
نزلت من السيارة بسرعة و كأنها تنظَر للحرية هناك
ولأن كُل شيء عدة الأخيرة كان محجوب عن عقلها
وقفت قدمها على الأرض التي تتحرك بسبب تحرك السيارة
فنزلقت بقوة و تتدحرجت على الأرض
تأوهت بألم وهي تشعر بالخدر يسري في أطرافها السفلية للحظة
حينما لمحت اقترابهما منها
حاولت النهوض لكَن قدمها صرخت بألم شديد
جعلها تسقط بضعف مجدداً على ناصية الطريق
أغمضَت عينيها وهي تشعر به
يساعدها على النهوض
حملها للسيارة ووضعها بهدوء
جلس بجوارها وانطلقوا من جديد

همست بضعف من بين دموعها :
../ وين موديني ..؟
ربّت على كتفها وهو يهمس لها بصَدق
../ لا تخافين .. مودينك لأهلك بس هدّي نفسك إنتي
تذكر هو أنه سمع شيء من هذا القبيل
أو ربما هي حالة كالجنون و الإنهيار تصيبهم
عند لقائهم بأشخاص قد يعنون لهم شيئاً
نظَر لجسَدها الهزيل القابع بجواره
وشيء من الحنان يعترك مع صوت عقله
هدوء غطّى السيارة عدى صوت شهقاتها المتباعدة
والتي مالت عند نهايةة الطريق للهدوء المطلق
وصلوا للمزرعة
ثم ابتعد صقر أولاً وهو ينطلق نحو الداخل
بينما تحرك الأخر ليلحق بـه
لكَن أصابعها الطويلة التي ألتفت حول معصمه
وصوتها حين همست في شحوب
../ عمي وين رايح ..؟ وليش جايين هنا ..؟
تنهَد بهدوء وهو يزيح عينيه عن وجهها المغطّى بحجابها
../ أنزلي معاي .. وصلنا للمكان
نزلت خلفه بهدوء
وهي تراقب تقدّمه في المكان
الأعين الذكوريّة المتلصصة على دخولهم
و ذلك الجسدان التي تلحق بهما
جعَل قلبها يخفق بألم
و الدنيا تظلم في عينيها رويداً رويداً
أمسكت رأسها بقوة وهي تهّزه بشَدة
محاولة رفض كُل فكرة تريد أن تسّود تفكيرها
و وصلا لحيث وقف " ذلك الشخص " متنحياً يتحدث في هاتفه
بينما أشار لها بندر أن تقترب على عجل
وصَلت إيه وهي تتنفس بصعوبة
من رهبة الموقف و ضعف لياقتها .. و ساقها التي راح الألم يلفّها بقَوة
لكَنها لم تشأ تضعف أمامهم من جديد
دلفت اولاً ثم دلف خلفها
تأملت ذلك المكان الذي بدآ أشبه بملحق صغير يحوي غرفتين وحمام
جلست عند أول مقعد قابلها
وجلس الأول بالكرسي المقابل لها
زفر وهو يتكَلم بهدوء
../ هذا المكان مكانك .. جاهز لكُل شيء تبينه الثلاجة فيها أكل .. والغرفة إلي وراك غرفة نومك ..
ثم صَمت
أنزلت حجابها عن وجهها وهي تقول بهدوء ثلجي غريب عنها
../ وينها ميسون ..؟
ارتسمت ملامح الصدمة على وجهه وكأنه لم يتوقع سؤالها الآن على الأقل
لذا أجابها بإرتباك حاول إخفائه لكَنه لم يفوتها
../ لآآآ هي كلمتني وقالت أجي أخذك .. لأن عندها شغل
تأملته لدقائق بهدوء وصمت
فشعَر بها وكأنها كشفت كذبته

أرخى عينيه وهو يقول بحزم
../ أبوكِ قبل ما يموت وصّاني عليك .. وإنتي تعرفين إني ولي أمرك .. و مصيرك يهمّني .. لذآ نفذت وصية من وصايا أبوك .. وهي إنّي أزوجَك
بردت أعضائها تماماً
وسكنَت ملامحها وكأنها لا تعي ما يقول
طال جمودها هكذاً
بينما هو استفاق من دهشة أخرى أُسقط فيها بسبب ردود أفعالها
فكرر بانفعال
../ فاهمة .. انا زوجتك لشخص كفو .. بيقَدرك و يحميك ..
لكَن لا شيء غيّر من وضعها
بإستثناء أن ظهرها المتصَلب كملامحها قد تراجع إلى الخلف
قليلاً ليصَده ظهر الأريكة
فأكمَل بانزعاج شديد وهو ينهضَ متجه نحو الباب الملحق
../ وترا صقر ماهو غريب ينخاف منه ..
ثم تابع بما يشبه الصراخ
../ أنا ماشي اللحين .. تبين شيء
لآ شيء فأكمل بإمتعاض
../ مع السلامة
دوى صوت ارتطام الباب خلفه بقوة
جعلها تقفز وهي تتأمل المكان بقلق
وكأن حدث خلال برهة سكونها
لم يحدث قط
وأعادتها جملته الأخير وصوت الباب للواقع حيث هي
نهضَت بألم في قلبها و ساقها نحو غرفة توسطّها سرير
أغلقت الباب خلفها ببطء
و استمتعت لجزء من الثانية بإدارة المفتاح لمرتين
تمددت وغفت بما يشبَه الإغماءة
وحَلُمتْ *أنها حملت
نعشَ طفولتها
على كتفيها
ومشيتْ
في جنازةِ أحلامها

يتبعها أطفالٌ
عصافيرُ
ظلّها
رافضًا أن يكونَ
ظلاًّ
.لطفلة ميّتة

حملتْ النعشَ الصغيرَ
ومشيتْ
قابلتُ قلوبًا أعرفُها
،وجوهًا لا أذكرُها
مشيتُ
لم يعرفني أحد
.
الفجرُ الشاحبُ
يشبهها
النهرُ الأخضرُ
يشبهُ ذبولَ عينيها
جرحُ الشمسِ
في الشروقِ
لا يشبهُ أحدا *
ولا أحد يمكنه أن يعيي أن بعد السكون
مجَرد انفجار ..

*
خرجت من المكان لتجده قد جلس على أحد الكراسي العريضَة في زاوية
وأسند مرفقيه على فخذيه وهو يضغط بسبابته وإبهامه على عينيه
وقفت هناك حيث هي
تتأمل هالة التعب التي تحيط به
تفتت قلبها لـ ألف مرة وهي ترى منظره ينطق بالألم هكذا
تقسم بأنه طيلة الوقت الذي مضى
لم يذق طعم الراحة فكُل خفايا عينيه هي كتاب مفتوح لها
تنهَدت بصوت مرتفع
ففتح عينيه ونظَر لها مُباشرة
استعادت ملامحه جمودها
وهو يتأملها هكذا
تقف متكأهـ على الباب
وكأنها تلومه على ما فعَل
وكأن لعبته السخيفَة أوردته مواطن لم يكُن يرغب بها
مطلقاً
../ تعالي يا دعاء ..
لم تتحرك من مكانها مما أثار دهشَته
ووجدها تنطق بهدوء
../ نفذت تهديدك وتزوجت .. ليش رجعَت ؟
أرخى بصره وهو يجيبها بهدوء
../ لا تظنين إني .....
قاطعته وهي تقترب منه ببطء
../ لأنك ما توقعت إني ممكن أترك البيت وأجي عند هلي
جلست بجواره باسترخاء وهي تتابع بما يشبه الابتسامة
../ تصدق عاد .. رغم إلي سويته .. لاحظت نظره غريبة بعيون أمك .. ماتوقعتها أبد ..
نظَر لها بقوة وقد فطَن لما تحاول أن تبطَن به كلامها
../ زوجتي شريفَة وما ندمت على الزواج منها يا دعاء .. وإذا أهلك حرموني من عيالي .. فأنا ماني يائس في رجعتكم للبيت
اتسعت ابتسامتها وراحت تلعب بشعرها وكأن الحديث راق لها كثيراً
../ والله .. إييه أجل اسمها شريفَة
ألتوت ملامحه باشمئزاز يقترب منها أكثر
أصطكت نظراتها بنظراته القوية المتلهفَة
يمسك بذقنها وهو يهمس بما يشبه الفحيح
../ تمثيلك و ضعفك إلي ترسمينه على ملامحك قدام أهلك .. ما يمشي عليّ
تسارعت دقات قلبها وهي تلمحه من هذا الإقتراب
فأبتسمات بحنان صادق
../ إنت كم لك ما نمَت ؟
أربكته بسؤالها فهو لم يكَن يتوقع سوى معركة جديدة من العناد
وألتقطت هي ذلك فأرخت بصرها أرضاً وهي تتنهد بتعب
فهّم بـ أن يقول ما آرآد لكَن
رنين هاتفه بجرس جديد
لم تكُن تتوقع أن من الممكن أن هيّ
أشاحت بوجهها عنه وهي تحاول ان تلتقط انفاسها بينما أبتعد هو قليلاً

ثم أجاب بحزم
../ هلا والله ... لا اللحين جاي ..
تأكدت أنها هي
إذاً هُناك أخرين يردونه بقربهم هم فقط غيرها
سألت بشيء يحمل بقايا عناده وصوت من الغيرة يصَرخ في داخلها
../ من تكّلم ..؟
لم يكُن قد أغلق الهاتف حينما ألقت سؤالها
فتجاهلها الأول وهو يجيب
../ لآآآ قلت لك ْ .. إيه .. يالله حبّي .. باي
اتسعت عيناها بصَدمة
لم تلبث أن تشهَق من " حبي " ليتبعها بـ " باي "
من هذه الأخرى التي دللت زوجها حتى هذه الدرجة
أين تكل الهيبة التي تحيطه به دائماً
أين تلك القسوة و القوة في كلاماته
أبتسم وهو يغلق هاتفه ويتأمل ملامحها
../ لآآآ .. وين راحت العصفورة ..!
عقَدت حاجبيها وهي تنهَض مبتعدة عنه إلي الداخل بخطوات سريعة
لكَن قبضَته التي أمسكت رسخها بقوة
جعلتها ترتد بقوة وترتطم بصَدره

جنــــون
05-16-2012, 12:18 PM
بعنف فأبتعدت عنه قليلاً
وهي تهمهم بسَخط
جعَله يتابع وهو يرسم إبتسامة خبيثَة
../ وش فيك تغيّرتي من كلمت حرمتي ؟ عسى غيرانة ..
لم ترفع نظرها إليه لكَنها أجابته صوت هادئ يحمل بين ثناياه إرتجافة
../ لآآآ .. ولو سمحت .. بروح أشوف جنى
حّرك رأسه بالنفي وهو يجيبها بذا الإبتسامة
../ لاحقَة على جنى .. لكَن أنا بمشي اللحين .. تدرين لعبت التمثيل هاذي أعجبتني .. وبنشوف يا دعاء من إلي بيمشي على كلام الثاني
تركها ورحَل
لم تشعر كم مضى من الوقت وهي تقف هذا
تتأمل رحيلَة
من قَوة الهواء التي راحت حَرك شعرها
رفعَت رأسها وهي تتأمل السماء
تحاول ان تستنشق أكبر كم من الأكسجين
لتزدرد خيبتها
تحركت ببطء لداخل
و شبَح من الابتسامة يرتسم على شفتيها
ليس سوى لأنهم
أفترقا
كما ألتقيا
صعَد إلى حجرتها
دون أن تصادف أحداً
تركت إبنتها على فراشها
ونظَرت من الشرفة
أسندت جبينها على زجاجها البارد
وكانها ترجو من أن ينطفئ نار مشاعرها
يشفي غليل قلبها على تعاساتها
لم تفطَن إلى تلك العينان التي راحت
تتأملها
وكأنها

ملاكٌ
.على حافةِ قمرٍ

كثيرًا
ما راودَتْهُما
.رغبتُهُ

الأميرُ
متأرجحٌ
بينَ حرفٍ
.ولون

البنتُ
في حجرتِها
.تهدهدُ أطفالَهُ

لو أطلَّ من شرفتِهِ
لمحَها
.تقرؤهُ

لو عبرَتْ بعينيها النافذةَ
.شردَتْ في شرودِهِ

لو ارتمى الملاكُ
وارتطمَ
بعتمةِ المسافةِ
*التقيا
كما أفترقا
ولم تكُن للقاء نكهَة في قلبها
كما كان للفراق لذَة إنتشاء
خاصَة بها وحدها

*

عندما تقَدمت نحوه كانت تدرك ّأن طيف نشوى يلاحقها
تهَربت بسرعة من عينيه التي التقطت قدومهم
فاستدار عنهم وتقَدم لـذلك المبنى الصغير
هرولت نشوى حتى سبقَت خطى سلمى المتقاربة
دَلفن من بوابَة كبيرة لحيث المكان مزدحم بالمرضى
وعند أول كرسي
ألقَت سلمى ما تحمله وهي تنفَخ في راحتيها
../ وجآآآآآع .. يديني تعورني ..

مشَت للداخل وتبعتها نشوى التي صمتت على غير عادتها
وما إن وصلتا لقسم الإدارة حتى إرتفع صوت رجولي حاد صارخ بهن
../ أوقفي إنتي وهي هنا .!
وقفن وأستدارت نحو المكتب حيث صوت
تحفظَه عن ظهره قلب
تقدمت نحوه بخطى ثابتة
و وقفت أمامه
تكَلم بسخط وهو يبتعد ليغلق الباب خلفهن
../ وين كُنتن يا أنسات ؟
أجابته نشوى بخوف و أرتباك
../ دا ... هّوا نحنا .. شفنا عساكر إسرائليين وما ئدرنا نكمل لجوا البلد .. فأضطرينا نستخبى إلين نطمّن على الوضَع
تأملت ملامحه وهو ينظر لنشوى بقّوة
عيناه الحمراوتان و وجهه الأسود من شَد الغضَب
شعَرت لثواني أنه سينفجَر
عندما صرخ قائلاً
../ تستهبليين إنتي ولا إييش ..تحسبون نفسكم من المقاومة عشان تتخبون .. وأوراقكم إلي عند كل وحدة فيكم .. ليش ما طلعتوها لهم

أجابته وهي تتلعثم في حروفها وبصوت غطّاه إضطرابها
../ بس .. نحنا ما مشيناش من عندهم أصلاً

زفر بقوة وهو يبتعد ليجلس خلف مكتبه
حيث ,
حُسام أمامه , و وقفت سلمى
الصامتة منذ بداية الحوار
وكأنها تعتصم هكذا وهي بجوار أخيها

صَرف الأول نشوى بعبارة قصير
.../ ودّي الأغراض لجواا .. و لاعاد تمشون بدون أوراقكم
استدارت نشوى فهمّت الأخرى باللحاق بها
لكَن صوته الأمر

../ أصبري إنتي .. !
أستدرت نحوه ببطء وقلبها يدق لجرأته
ثم نظَرت بدهشَة لعينيّ أخيها
الذي بدآ هادئاً سكاناً وكأنه توقع ذلك
../ نعَــم ْ

أعتلا البرود ملامحه وهو يتكأ على كرسيه
../ وإنتي ماعندك لسان تبررين سبب تأخركم إلى ذا الوقت ؟

عقَدت حاجبيها وهي تحاول تخفي خوفها وبشجاعة قالت
../ آآ .. أظُن إنه ماني ملزومة أبرر لكْ شيء .. غير إلي قالته نشوى

أنهت جملتها وهي تنظر لأخيها بغضَب
بعدها خرجت وهي تتوجه للغرفة الخاصَة بالممرضات
لم يكُن هنا سوى نشوى وأخرى تعبثان بالأغراض
التي أحضرنها ..

جلسَت هُناك تستعيد رباطَة جأشها
بينما تكَورت قبضَتها بحقَد شديد
../ حسام الغبي الأبله ..

ورغماً عنها تذكرت نظراته لها
تلك اللامبالاة التي أغرقها بها
أختنقت بدموعها ثم أنفجرت في البكاء

أقتربت منها نشوى وهي تتكلم بذعر
../ أيه .. حصَل إيه .. مالك يا سلمى ؟

لم تكُن تجبها لأنها , غرقت في طريقة عهدتها
إستنزف أحزانها حتى أخر قطرة
دقائق أعقبت آخر حديث
بعدها أرتفعت طرقات الباب
ثم أقتربت منهم الأخرى وهي تقول :

../ فيه أحد يبغى الأنسة ..
خرجت سلمى وهي تعلم جيداً من ينتظرها
تكلمت بهدوء
../ خيير وش تبي ؟
ابتسم لها
فزفرت بقهر مكبوت
جذبها نحوه وهو يحتضنها بين ذراعيه
وقد تحولت ابتسامته لقهقهة مرتفعة
../ يا الدلوووووعة .. بس ترا قلقتينا عليك
أبعدت رأسها عنه وهي تلكمه في صَدره
وتمسح بيدها الأخرى دمعة أنزلقت على خدها
../ بس حتى لو .. حسيت إني مدري وش من كلامه وإنت ما تدافع عني
رفع حاجبيه بدهشَة وهو يقول
../ والرجّال صادق .. ليش ما بررتي
تنهَدت حين أدركت أنه لن يفهمها مطلقاً
تركته يتحدث عن قلقهم وبحثهم عنها
و صوت أشبه بأغنية تعزف على حُزنها
لترتل على سقف قلبها أبيات جميلة
كـ قصَة حُب
تمسح بدموعها بلاط الألم
لأن سيدات الحُب لا يرضين
بالغبار *

دّآإم الجرآيمَ حڪمهآ سجنْ ۈآعدآمٍ
..>ۈڜ حكمَ منْ يلعبّ بإحسآسَ غيره
* سوزان = )

علمــتني ذگــريــــآتي .. لآ صآرت أليمـة ]~
آبتسم قدآم | جرحي | ..
و آطلق لـِ صمتي عنآإنه

جنــــون
05-16-2012, 12:18 PM
اللذة الحادية عشرة

لكَي تبدو قسوتنا أكثر حسَرة ولتركل بندم كُل همْ سببته تعاستنا
فقط نرقُد ثم نحلم بكُل أمنيَة نرجوها
لعلنا نستشعر السعادَة حتى لو في أحلامنا
استيقظت وهي تتحرك
بإنزعاج ثم أستندت على ذراعيها
فتحت عيناها على أتساعها
عندما عادت لها كُل الصور التي سبقَت نومها
../ بسم الله ..
اعتدلت منتصَبة الظهر وهي تتأمل
السرير الكبير الذي أحتضَن الغرفة الصغير
ليترك مساحة صغيرة خالية فقط
تنفسَت بسرعة وهي تزيح الفراش عنها
ثم وقفت بالقرب من الباب
أصغت قليلاً لعلها تسمع صوتاً
لكَن ليس سوى هدوء تتخلله أنفاسها المضطربة
زفرت براحة وهي تُدير مفتاح الباب ببطء
تحركت بحذر و عيناها تتجولان بذعر في المكان
و صوتها يتحدث داخلها
../ إذا محد فغرفة المكتب يعني محد هنا .. يـآربي أتخيل يكون ذاك المخلوق هنا .. والله لموووت
ألصقت جسدها بالحائط
وسارت نحو المكتب على أطراف أصابعها
حتى وصَلت إليه
أرهفت السمع قليلاً
وهي تمارس حديثها النفسي
../ زين لو كان نايم .. والله ذاك الوحش يسويها
ازدردت ريقها بصعوبَة وهي تجلس على الرخام البارد
حشَرت أصابعها تحت الباب
فغمر الدفء أطرافها
تنفًست الصعداء وهي تنهضَ بإتجاه
دورة المياه .. تريد أن تحظَى ببضَع لحظات
تستمتع فيها بالغرق
الذي طالما فقدته
واشتاقت إليه
رغُم كُل تلك القسوة الإجباريَة
التي رسمت معالمها عليها
,

فرغت من آداء صلاتها
وهي تنظَر للساعَة التي راحت عقاربها تشير للعاشرة مساءاً
تشعر بالتعَب فهي لم تأكل شيء منذ 12 ساعة
تحَركت نحو المطَبخ الضيق الذي تم تجهزيه بأدوات قليلة لا تذكَر
أكَلت ما وجدته قابلاً للأكل أمامها
فحكاية تجميع الشتات
علمّتها أن لا تشتهي شيئاً , لأنها لن تناله
عادت نحو غرفتها الصغيرة
وهي تغلق الباب خلفها بحذر
طفقت تبحث في الخزانات عن أشياء قد تسترعي إهتمامها
لا شيء أبداً
لكَن عقلها حاول تفكيك عُقدة ألجمتها منذ أن رأت ما تحويه خزانتها
همهمت بصوت مسموع
../ طيب لو قلنا جدتي ما تبيني .. مين إلي بيجبهم لي .. يعني هاذي ملابس نسائيَة .. أكيد ميسون ..
بدأت في إعادة ملابسها نحو الخزانة ببطء وترتيب
وهي تستمتع بطّيها جيَداً ..
وهذه أيضاً مهنَة أفتقدتها كثيراً
خاطِر ومض في رأسها
جعلها تعقد حاجبيها وهي تعيد التفكير من جديد
../ وه .. زين .. إذا قلنا ميسون هي إلي جابتهم لي .. ليش ما جت معنا يوم جينا .. ولا عشان ذآك الـ
نفضَت رأسها بقوة لـترفض الفكَرة وهي تقول
../ لا لاآ .. ما أظن ..
نهضَت بعد أنهَت ما بدأته
وهي تقترب من مراتها أنحنت مُباشرة بصورة آلية
وهي تفتح أدراجها الصغيرة ..
كانت فارغَة لا تحوي
شيئاً ..
وبملل فتحت الدُرج الأخير
لتجد صندوق خشبي صغير
أمسكت به وهي تتأمل نقوشَه بإعجاب
../ وي .. وش ذا .. ؟ يمكَن حق أحد كان عايش هنا ..!
أخذته وجلسَت على سريرها المرتفع
../ لا موب معقولة حق أحد .. هذا شكَله فيه شيء فاخر
أدارت مفتاحه ذا الشكَل الدائري
ثم فتحته ببطء وأنفاس مبهورة
../ وآآآآ
بُطّنِ الصندوق من الداخل بقماش أحمَر قاني
و في وسطَته رقد " سوار ذهبي " فخَم المنظَر
اتسعت عيناها وهي تتأمله بإنبهار
../ يهبّل .. يهبّل ..
ابتسمت بسعادَة وهي ترتديه علي يدها
ليذهلها أنها على مقاسها
تأملت ذراعها مطولاً و خيالتها تحملها من عالم لأخر
و لم تَكِلّ ابتسامتها عن الأتساع خلالها
لكَن فجأة بدأ وأن كُل ذلك قد تلاشى
وكأنها سقطَت من الأسفل إلى واقعها
تنهَدت وهي تنزعه بحذر
وعندما همّت بإدخاله
لفت نظَرها جزء أبيض ظهر من خلال القماش المُبطن للصندوق
../ وش ذا ؟
سحَبته , فإذا هي ورقَة بيضاء صغير
مطويّة بعنايَة
نفضَتها لتقتحم خلاياها رائحَة
وقبل أن ترى أي شيء
بدأ عقلها في ترجمة تلك الرائحة
نعَم , ذلك العطر الرجولي
نظَرت بذهول نحو الورقَة
وهي تقرأ بحرص :
"كُل مَا إشتقت لكِ وَضَعْت يَدِيْ عَلَى قَلْبِي
لأنه المَكَانْ الوَحِيد الذِيْ أَثِقْ بوجُودِكْ فِيِهْ
وَ لأَنِكْ وَ أَخِيرَاً أَصَبَحَتِ مِلكِي فَلنْ أَصَبِر عَلَى أَنْ اٌقدم
عربون مَحبَة , للبدَاية فقَطْ
زوجك / صقر "
سرت قشعريرة باردة بطول عامودها الفقري
حتى امتدت لأناملها التي ارتجفت بخوف
وهي تخفي الورقَة وتغلق الصندوق
أعادته إلى مكانه وهي تتأمل ما حولها بخوف
بدأت تشعر بأن عيناه
تراقبها ..
مّرت ساعات وهي على حالتها
حتى رمقت ساعتها بتعب

لتجدها قد أشارت للثانية بعد منتصف الليل
كم مضَى من الوقت وهي تتأمل ما حولها
كمغيّبة ..
كانت تنظَر إلى الجدآر
كأنها تنتظَره ليخترقه ويأتي إليها
أقل حَركة للأشجار بالخارج ترعبها
استلقت مُجبرة فأعضائها ألمتها من طول الجلوس
ثم رحَلت عينها من إعيائها في نوم عميق
لم يدوم طويلاً
حنّطتُ ذاكرتي
حاوطتُها
بالقصائد
والرسائل
بصورِ الأحبّةِ
،والأصدقاء
.أغلقتُ التابوتَ

ربما
تصحو ذاكرتي
من موتِها
.ذاتَ يومٍ

لا أريدُها
أن تكونَ وحيدةً
حينَها
.مثلي الآن

أريدُها أن تصحو
.في مملكتِها *

*
على رائحة الحناء
تذكّرت
أغاني جارتها العجوز
و لبسِها الأحمر الطويل
و أشجار الليمون المتدّلية أمام شُرفة غرفتها
و أحاديث توأمي المُضَحكة
و ابتسامتها هيّ
صورة لجزء من ماضي سحيق
فقَدتْ ذكرياته
../ وينها .. أختك ؟ ما صرت أشوفها مثل أول
أجابتها وهي شفتيها تحمل ابتسامة سخريَة لم ترها جَدتها
../ يمّه .. لا تتحركين .. ميّر إنها بتجي على جبهتك وتحمّر عليك
صمتت , وبعد أن هدأت كررت سؤالها بإصرار
../ قلت لك أنا أحطّها بنفسي .. إنتي يلي عييّتي .. بس ماقلتي لي وينها إختك ؟

تنهَدت وهي تجبيها بهدوء شديد
../ يمّه أنا أنام في مكان وهي فمكان ثاني .. !
عقَدت الجدّة حاجبيها وهي تتأمل ملامح الأخرى بإنتباه
../ وش تقصدين ؟
أبعدت يدها الملطخَة بالحناء عن ثوبها المنزلي البسيط
ثم نهضَت وهي تحمل الطبق الحديدي بيدها الأخرى
متجهه نحو الخارج و تتحدث بثقَة
../ يعني علمي علمك .. !
أنهت تنظيف المكان و هي تسمع همهمات جدَتها
وهي تعلَم يقيناً ما تتحدث به
مّر على عودتها أسبوعين ..
تحاشتْ كُل إنسان
تمضَي معظم يومها بالمطبخ
و في الصباح حيث لا أحد .. تجلس بقرب جدّتها
توضأت و لبسَت إحرامها وهمّت بالصَلاة
عندما قالت جدتها بهدوء
../ هديل قبل ما تصليّـن .. نادي لي سوناا ..
أقتربت منها
../ وش تبين بها أنا أسويه لك ..؟
حّركت رأسها بالنفي وبإصرار أجابت
../ لاآ .. ناديها لي .. وإنتي خليكِ بصلاتك
خرجت تبحث عنها بيأس شديد
حين أسترعى إنتباهها باب الحديقَة الخلفيّ
المشّرع أمامها
إبتسمت حينما توالت الذكريات كحبات المطر على عقلها
أقتربت وهي تلمح " أختها " تجلس قرفصاء
أمام جدآر أمتلئ جزء منه بماضيهم
ألصَقت جبينها الدافئ بجزء من الباب الزجاجي البارد
و عيناها الناعستان .. تراقب تلك المنزويَة هناك
اختفت عنها تماماً ..كما توقعَت
اختارت أن ترقَد في غرفَة عمّتها
حيث تمارس البعَد و الانطواء
وتتجرع الأخرى مرارة الندم من جديد
ولكَن في سِجَن مختلف
قطَع تأمُلها .. شخص ما وقف خلف أُختها
يتأمل هو الأخر ما تفعَله
لم تشعَر به الأولى ولم تتحرك هيا أيضاً
فضَلت الصمت وهي تتفرس في ملامحه
" سعود "
كَبر كثيراً .. أصبَح أكثر طولاً
أو هكذا تخييلَت ..
شُدّت حواسها وهي ترى أختها تلتفت نحوه
وتشهَق بقوة
../ وجع .. إنت من متى هنا ..؟
راقبت ملامحه الجامدة وهو يجيبها بهدوء
../ إنتي متى بتملين ..؟
لم تعلم بما شعَرت أختها التي غطّت وجهها سريعاً
لكَن صوتها الذي قال ببرود
../ وإنت وش لك ؟
لاحظَت تجّهم ملامحه من جوابها وهو يقول بانفعال ملحوظ
../ أنا حبيت أوضَح لك الحقيقة .. من زمااان .. لكِن إنتِ إلي ما رضيتي تسمعين لأحد .وجدتي ياما نغزت لكْ ولمحت لك عنها .. وإنتي ماغير ساكتَة وغرقانة بحزن
صنعتيه لنفسَك
دقائق صمت مّرت طويلة
بعدها نهضَت " أسيل " وهي تقف أمامه وتقول ببطء
../ أنا للحين مقتنعَة .. إن هديل ماتت .. و الي هنا .. لا هي أختي ولا أنا أعرفها ..
ابتعدت عنه وهي تواصل حديثها بقسوة
../ وإنت لو سمحت لا عاد تفتح معاي هالموضوع ..

*

للريحِ
لعصافيرَ الليلِ اليتيمةِ
لنجومٍ
أطفأها المطرُ
أمدُّ يدي
عبرَ شبّاكي
لعلّي
أعثرُ
على قمري
.وألامسُ غيابَ يدِك*

رأت اقترابها نحوها
فابتعدت سريعاً تجرجر خلفها خيبتها
فعَلت ما أرادت منها جدتها ان تفعل
ثم انحشرت في غرفة الخدم
حيث تشعَر أنها تستطيع أن تتنفس بارتياح
هُنـآك حيث اختارت
أن تمارس وحدتها

جنــــون
05-16-2012, 12:19 PM
لا غربةَ أشدَّ من أصواتِهِمْ في النزاعِ
شرودُنا
إذ يزحفُ نحوَ عزلتِهِ
يُطمئنُ فئرانًا تقضمُ حوافَّ النومِ
بأسنانٍ حادَّةٍ
كأصواتِهِمْ
ولأنَّ أعضاءَنا ناقصةٌ
.سيئنُّ الخشبُ في المفاصل*

*

اللذة الثانية عشر

*

مَنْ كَسَرَ مصباحَ القمرْ؟
أيُّ مطرٍ هذا الذي
يُطْفِئُ النجومَ بحذائِهِ؟
أينَ نافذتي أيَّتُها الجدران؟
مَنْ أبْكَى الصفصافةَ على ضِفَّةِ روحي؟
وأنتِ يا يدي
مِنْ أينَ جئتِ بكُلِّ هذه الجُرأة؟.*

../ السماء مافيها قمر .. ؟
../ ولا نجووم ؟
../ لا ذيك نجمَــة هناكْ
../ إيوووة .. شكَلها حلو وهي لوحدها كذا
../ أحسّ تشبهني
../ بسم الله عليها

../ شروق إنزلي لا تكسرين الطاولَة .. وإنتي يالخبلة إنزلي والله لو شافك أبوي لا يذبحك ..
../ وليش يذبحني أتأمل لسماء ولا فيها شيء
دلفت للغرفة الصغيرة حيث غطّت الأرض وسائد كثيرة عفى عليها الزمن .. وتحاولان " نورة " و " عفاف " إصلاح ما أفسَده
نزلَت الصغرى من على طاولة القهوة الصغيره المتهالكة
وهي تهمهم لأختيها بسعادة
../ أحسّ اليوم بيكون الجو وآآو .. لاآ و أفاول لكم ببيعَة خطيرة
ابتسمت عفاف لها وهي تقول
../ قولي يارب .. أحسّ أبوي قام يحبّك أكثر منّـآ
قاطعتها نور المنهمكَة في رتق جزء من الوسادَة
../ لا تقولين كذا .. كلكم أحسنتم .. ماشاء الله عليكم
رفعَت شروق حاجبيها وهي تتأمل وجه
أختها المرهق
../ تدرين .. أحسّك تتعبين أكثر منّآ

رفعَت نظرها لها وهي ترمقها بقوة
../ أقول .. ورآ ما تذلفين للمطبخ تشوفين لك شغلة أزين لك
عقَدت الأخرى حاجبيها وهي تنهضَ قبل أن تلقي عليها أختها إحدى الوسائد التي تعمل عليها
../ وه .. بسم الله .. مو وجه مدايح إنتم
وعندما رأت تلك النظَرة
زفرت بغيظ قائلة
../ رايحة .. رايحة

رحلت , وكٌل منهن
تعود للغرق بصمت بعيداً عن فوضاها
في عالم خاصْ , مجهول
لا يعرف عنه سوى أنه أمنيات
بمسَتقبل لم يولد بعد

../ تعاااااااااااااااالوا شوفوا
شهقن الأخريتين بقوة على إثر صرختها
ونهضَن يتدافعن نحو النافذَة
حيث تحّلقت رؤوسهم هناك و الأولى تنطَق بحماس مفرط
../ مو هذا رعَد ..
أغلقت عفاف براحتيها فمّها وهي تحاول أن تكتم صرخة كادت أن تنفلت
../ وش جااابه هنا ..؟
عقَدت نوره حاجبيها وهي تشاهده يخرج مغلقاً باب منزلهم القابع أسفل الجَبل
../ شكَله رجَع .. مو هم قالوآ إنه سافر عنهم فجأة قبل فترة
أومأت لها البتول وهي تتابع
../ إيه و كانوا ما يدرون وين سافر بالضَبط
تأملن خطواته البطَيئَة التي راح يسَلكها نحو الشارع الكبير
و قبل ذلك سلامه الحار مع أحد مسنين الحيّ
في تلك الأثناء
اقتحمت " زهرة " المكان وهي تقول
../ اللحين تخيلوا معاي إني جايبَة لكم قهوة سودآ و إنـ.. .. وش تسوووووون ؟
وضَعت صينية أمتلئت بأكوآب مختلفة الأشكال والأحجام
وتتطاير قطرات من الماء هنا وهناك إثَر قوة إلقائها
وهي تقترب من أخواتها
../ وش تشوفون ..؟
وحين دآرت عينيها في الطريق أمام منزلهم
../ تناظرون ميــن ؟
../ إشششش .. شوفي ذآك رعد
../ وين وين وين ؟
ثم أبتعَدت وهي ترجع شعرها الطويل للخلف و تتحدث بكبرياء
../ إيييه .. ما عندكم سالفَة .. عارفين إنه رجع
تراجعَت عفاف نحوها في حين التفتن الأخريات لها
../ أمس رحت لبيت أبو رعد أبغى حليب .. وهو إلي فتح لي الباب ..
نظَرت نحوهن وهي تهمّ بالمتابعَة
لكنَهن عُدن لمشاهدته
مطت شفتيها بإستياء وهي تقترب من أكوابها
../ إييه .. وهاذي القهوة السودآ .. إلي يقالك جالسَة طوول النهار أسويها
وصَرخن وهن يبتعدن عن النافَذة
في حين جَرت نوره نحو الباب وأغلقته
رأت زهرة مقدآر الذعر في ملامحهن
../ وش فيكن ؟
وضَعت البتول يدها على قلبها وهي تهمس بخوف
../ شافنااا
هزّت عفاف رأسها بنفي شديد
../ لا ما أظَن .. حقَنا أرآك ولا تراني
قاطعتها نوره
../ بالنهار بس .. موب في الليل
عضّت البتول على شفتيها
../ تتوقعون بيقول لأبوي
ضَربت عفاف خدّيها بخفَة
../ ياويلنا .. ياويلنااا ..
تكَلمت زهرة بهدوء هذه المَرة
../ لا ما بيقوله ..
اقتربت منها نوره وهي تسأل
../ وليش واثقة ؟
نظَرت الأولى للسقف قليلاً في محاول للتفكير بعمق ومغيّرة لجوابها
قالت بثقة
../ مدري .. بس أمس حسيت من وجهه إنه مو من هالنوع
إنتهى ذلك المساء بفضولهن تبعه خوف بلا حدود
لم تَربطَ أي منهن المشاهد
ليس سوى وآحدة
كان في دآخلها بذرة شك
وكان ذلك الموقف الأخير
نعِم الاختبار ..
فهَل سينجح رجل أفكارها أم ؟
صمتن مع ان الإجابة غير مقنعة
كما همست سوزان يوماً
مغروسونَ في الحرمانِ"
حتَّى أعناقِنا المتغضِّنة
ولا لذَّةَ
تحفُّ العروقَ
غير َهواءٍ قليلٍ
.تُسَرِّبُهُ الأجنحةُ العابرةُ لذبولِنا

لم نَكْبُرْ
إنَّما المدرسةُ هي التي صَغُرَتْ
بسياجِها المطوِّقِ لبراءتِنا
وأشجارِ السَّرْوِ
.والباصَّات
.ما كانَ لنا أن نتبعَ خطوَنا على النارِ
.ما كانَ لأيدينا أن تمتدَّ لتلكَ الكؤوس*

جنــــون
05-16-2012, 12:19 PM
هبطت درجات السَلم الجانبي بهدوء وهي تسحب إبنها خلفها
بينما أمسك إبنها الأخر بخالته وهو يرجوها أن تحملَه
خرجن إلي الفناء الكبير
وما إن وصلوا
حتى انحنت دعاء نحو معاذ وهي تربت على كتفيه
../ ها .. لا تنسى إلي اتفقنا عليه .. انتبه على آخوك قد عيونك طيب ولا تدفه في الموية ولا تأذيه . فاااااهم
حّرك رأسه بالإيجاب وعيناه تلمعان بالحماس
قبّل وآلدته وأنطلق نحو الباب الخارجي وهو يجّر خلفه حقيبة صغير
إلتفتت نحو براء وهي تقبله وأنطلق هو الأخر يتبع أخيه
رفعَت هاتفها عندما أختفت أجسادهم
تحركت هيا وأختها نحو الداخل
وما إن اجاب حتى قالت بسرعة
../ ركبوا السيارة ..
../ إيـه صاروا هنا ..!
../ يالا أجل انتبه عليهم زيـن .. تراهم صاروا بأمانتك تكفى يا وافي لاتفجعني بأحد فيهم .., وانا منفجعَة من اللحين خلقَه
سمعَت أصواتهم يتحدثون سوياً ثم جآئها صوته البارد يقول
../ و أنـآ من ينتبه علي!
ابتسمت بسخرية
.../ والله ذي المشكَلة .. إنت خلي حرمتك تنتبه عليك .. ولا تخليها تقرب صوب عيالي تفهَم
../ دعـآء
أغلقت الهاتف وهي تسمع أخيراً إسمها
تعَلم جيداً لم أغلقته لأن صوته بدآ أثقًل .. لا تريد أن تتحدث معه كثيراً
لكَي لا يعتقد رضـآها بما يحصَل
زفرت وهي تهمس بصوت مرتفع
../ يالله إنّك تحفظهم ياكريم ؟

../ يوم إنّك خايفة عليهم لدرجة ذي وشوله تاركتهم يرحون مع أبوهم
اغتصبت إبتسامة من حيث لا تدري
وهي تهمس على مضض
. ./ يمه هذا ابوهم مثل ما أنا أمهم ..
زفرت الوالدة بإستياء وهي تشير إليها بالدخول
../ تعالي .. تعالي .. قولي وين موديهم ومع من ؟
أرخت قبضَتها الممسكَة بهاتفها وهي تقترب من والدتها
و قلبها يلهج بالدعاء أن لا تؤذيها أكثر
../ هو رآح مع حرمته يتمشون .. وقالي يبيهم يسلونهم هناك
أتسعت عينا الأم بصَدمة وهي تصرخ
.../ وشوووووووووو .. مأخذ حرمته معاه و معطيته عيالك .. كود إنها بتأذيهم ولا بتشويه مناظرهم ..
صُعقَت بذلك فإزدردت ريقها وهي تبحث عن تبرير
../ لا يمّه هذا أبوهم وأكيـد بـ ينتبه عليهم .. و
أرخت بصَرها للأسفل و هي تبتلع شوكَة توقفت لثانية في حنجرتها
تبحث عن كلمة تخرجها من مأزق وقعت هيّ فيه
نظَرت نحو أختها التي قالت فوراً
../ يمّه لا تفاولين .. موب كُل الحريم مثل مانقرآ في الجرايد
لوت شفتيها بإزدراء
../ والله إنه كلكم ما فيكم عقل .. ولا من هالمرة إلي تقبل زوجها برز لها عياله من ثاني شهر زواج .. ولا على بالك هو بينومهم ويلبسهم
ثم أمسكت بذقنها وهي تقول بقوة
../ أحلقي هاذي وطلعيها خشنة إن جابهم مثل ما أخذهم .. وبتقولي أمي ما قالت ..

*

جلسَت بإعياء شديد وهي تغلق سماعة الهاتف
تاركة ممسحَة البلاط الكبيرة وهي تضَع رأسها بين راحتيها
اقتربت إحدى الممرضات منها وهي تقول بحنان
../ تعبتي نفسك اليوم يا آنسة .. ليش ما تروحي تريحي
نظَرت إليها بعينين أحيط بهالات سودآء و بجفنان ذابلان
../ إيه .. لاآ لاآ .. ورآي أشغال .. إنتي خذي نظفي المكان قبل مايجي الدكتور فيصل .. وأنا بروح أشيّك ع المرضى إلي هناك .. طيب
تحركت في الممر ببطء وهي تنظَر للساعة التي أشارت عقاربها
للثالثة بعد منتصَف الليل ..
دارت على المرضَى و أطمئنت سريعاً ع الوضَع
استغرق هذا الأمر منها نِصف ساعة
قررت العودة و اخذ قسط من الراحَة قبل أذآن الفجر
لكن تناهى لها أصوات صيحات قادمة من البهو الرئيسي حيث كانت من بضع من الوقت ..
اتسعت خطواتها وكلما اقتربت من المكان
كانت الأصوات تتضَح أكثر
تدلى فكّها بصَدمة ويدها الأخرى ترتفع تلقائياً وتوضَع على رأسها
حين رأت جموع الرجال الذي وضعوا على الأرض جسَد رجَل مصاب
و عند المدخَل يدخَل المزيد منهم من أصيب في وجهه و يده وأخرين يدخلون محمولين بين الأيدي
تحول البهو الذي استغرق تنظَيفه أكثر من ساعَة
لساحَة ملطَخة بحمرة الدماء
اقتربت في فزع من نشوى وهي تدفعها أمامها بقوة
../ يالله .. شيلوهم للغرف الفاضَية .. أبدوا شغلكم
وقبل أن تكمل تعليماتها للممرضات المتحلقات حولها بذعر
أمسكَ بها أحدهم وهو يدفعها أمامه
../ ألحقي .. أخويـآ راح يموت
اقتربت من جسَد أخيه الملقى على الأرض بينما راحت الدماء تتدفق بغزارة
من شق كبير في منتصَف فخذه نزولاً إلي ساقَه
طلبت منهم حمله فوراً إلي غرفة مخصصة بالحالات الخطرة
وضَعته وهي تصَرخ بإحدى الممرضات التي تقف تائهَة و فزعَة من كُل هذا الضجيج
../ سنــــــآء .. تعاااالي بسرعة
دلفَت إلي الغرفة وهي ترتدي القفازين بإهمال
بدأت في مسح الدماء التي تتناثر بقوة
وأخذت الأخرى تفعل كما فعَلت " سلمى "
أمسكَت بالخيط في محاولة لـرتق جرحَه
لكَن مقاومته لم تساعدها
كان يدفعها بقوة من بين الحين والأخر بسبب ألمه من المطّهر الذي أشعَل جرحَه ..
صرخت في أخيه بأن يمسكَه ليكملوا عملهم
وبشّق الأنفس
انتهت منه تماماً .. لكَن بمجرد أن رفعَت رأسها
دلفَت نشوى وهي تهتف بذعر
../ سلمى ألحئي .. في وآحد حالته خطَره .. أظَن فيه شيء دخل جوا راسو من فوق كدا ..
ازدردت ريقها بصعوبَة .. وهي تشعر بالدوار الشديد
اقتربت منها وهي تقول بقوة مُتجاهله ألامها
../ جيبيه بسرعة ..
ألتفتت نحو الممرضَة تأمرها بالتجهيز المزيد من الغرف للمرضَى القادمين
ثم قالت
../ معليه خذ أخوك وخليه على وحدة من الكراسي بّرة لين يجهزون لكم غرفة
خرج الأخ وهو يسند اخيه بينما أبتعد الجميع حين دلفت
نشوى و عدد من الممرضين يدفعون معهم سرير
رقَد عليه .. رجل ثلاثيني ملتحي
برز من أعلى جمجمته جزء من حديدة غُرست هناك
أمسكَت بيده فوجدت ضربات قلبه ضعيفة
عاينت الجرح والدم يسيل بغزارة بين كفيّها
وبيدين مرتعشتين ابتعدت تاركة المكان للممرضين الأخرين
هرعت نحو الهاتف و من ثم استمعت لتواصَل الرنين وما إن أنقطَع
حتى قالت
../ حسام وينـكم ..؟
../ حنّا قريبين .. صار تفجير صَح
.../ إيه ألحق علينا عندنا حالة خطيرة .. وما فيه ولا دكتور
../ ليش وينهم ؟
../ مدري يقلون راحو يتسحروا ..
../ وشو .. كلهم .. خلاآص إنتي أهدي .. حنّـآ على وصول
أغلقت الهاتف
ثم سمعت صرخة الممرضات وهمهمت البعض الأخر
وبعدها صَرخة مولولة عمّت أرجاء المشفى
نظَرت نحوهم بقلق
../ وش فيه ..!
نعَم كما تناهى إلي سمعها اقتربت وهي تدفعهم
.../ أصبروا لا تسوون فيه شيء .. اللحين بيجي حسام و فيصل
أمسكت بيدَه ثم تركتها بسرعة كالملسوعَة بدَت باردَة ساكنَة تماماً
أختنقت بدموع حجرة في حنجرتها
وهي تلمح تلك الإبتسامَة الي شقّت على ملامحه
ابتعدت وهي ترتجف بفزع من هيبة ذلك المشهَد
ومن ثم تعالت أصوآت زغاريد الفرح .. بالشهيـد
ازاحت كمامتها وهي
تمسح أنفها بيدها ورائحَة دمه تلون وجهها
أغمضَت عينيها وهي تبتعد عن الغرفة تخرج من بين الجموع
بدأت أصواتهم تبتعَد وتبتعد وتبتعد
ثم تهاوت أرضاً بين بقايا زغاريدهم
أهدَتْ دماكَ الهاطلاتُ إلى السّماءِ
لِما تبقّى مِنْ دمٍ
يَروي دِمانا سرَّها
أحْيَتْ بهاءَ قصائدٍ ذَبُلتْ
وفي ليلِ الخريفِ المرِّ
أُطفِأَ زهرُها
فقدَتْ توهّجَ سِحرها
كادتْ تَموتْ
بلْ إنّها بالفعلِ
قدْ ماتتْ
وفي بئرِ الهوانِ هوَتْ
وَتلفّعتْ بالخوفِ والذلِّ الصَموتْ
دَهراً
وَعشّشَ في ثنايا ها نسيجُ العنكبوتْ
فَأتيتَ تُخرِجُها مِنَ التابوتْ
وَتمزّقُ الكفنَ المُطرّزَ
بالغرابةِ
والكآبةِ
والسّكوتْ
وتبثُّ فيها مِنْ أنينِ جِراحنا
روحاً تُزَيّنُ ساحةَ المَلكوتْ
تَهمي عَلى الدّنيا
خَمائلَ وردْ
وَحدائقاً
وَبُيوتْ
لَنْ يذبلَ الوردُ المُحنّى بالدِّما
وَشهيدُنا
لا لنْ يَموتْ
إنّا سَنحرُسُ ظِلَّهُ بِرموشِنا
وَدُموعُنا
سَتعيدُ للوجَناتِ بَسمَتها
لِيَحيا
ثمّ يَحيا
لا يَموتْ
**

والله مانظرت عيني لغيركم
ياواهب الحب و الأشواق و المهج
كُل الذين رووا في الحب ملحمة
في آخر الصف أو في أسفل الدرج

*سوزان
** إياد عاطف حيالته

فِرصَه ورآحتْ ، لكن نقول " خيرهْ "
يآمآخسرنآ ، وآلبقى بـ رآس آلآيآآ آ آ آم ،
مآفِيه كسرٍ إلآ خلقْ لِه " جبيره "
مِير آلبلى وش يجبرٍ كسور » آلآحلآم !

اللذة الثالثة عشرة

اللذة الثالثة عشرة

جو مشحون بإضطرابها
وصراخها يعلو على همهماته
../ إنتم رجَال إنتم .. وحده توها خارجَة من السجَن تسون فيها كذا .. إذا عمتي ما تبيها أنا أبيها ..
فرك جبينه بقوة وهو يزفر ..
../ إنت وش حارق رزّك الحيـن .. قلت لك البنت ما رميناها .. والله ما رميناها .. إنت لو شفتي وش سويت بتشكريني بعد
غرزت أصابعها بقوة في شعرها
../ مو هذا إلي بيجنني .. قوم .. قوم وديني لها الحيـن أنزل أنتظرني بالسيارة .. يالله قووووم ..
نظَر للساعة وهو يجيبها بتعب
../شوفي الساعة كم هذا وقت زيارة بالله ..!
نظرت إليه بمزيد من الصدَمة
../ ليه موديها مستشفى المجانين .. ولا دار الإيتااام .. هاااااا؟
../ ياليلنا إلي موب خالص .. شغلك عندي يا صقير
../ بعاااااد .. لصقر يد في السالفة
../ أقول أجهزي ولا يكثَر بنتظرك بالسيارة ..
خرج وهي ترتدي عبائتها بسرعة وأهمال
لحقَت بـه وهي تلطم خدّها
فزعاً مما قَد يحصَل بالأخيره
فهي تدرك جيداً بأنها لا تحتمل
ولن تحتمل
,

أحتضَنت كوب القهوة السودآء وهي تبلل شفتيها
و بصَمت مطبق , ضيّقت عينيها
ناظرة نحو ذلك الشخص ,
حيث جلس تحتضَن كفّه عصاه الطويَلة
بقوة حتى أصفّرت أصابعه
../ يبه وش شاغلك ..؟
بدآ كمن أفـآق من غيبوبة ليقول بعدها بضيق وآضح
../ الله لا يشغلنا إلا بذكره , أخوك هذا ما كأن له بيت طول اليوم هو مرتز عند خالته ولا بالشركة ..، وش كثرها الأيام إلي يقضَيها برى ولا يرجع هنا ..ودّي أعرف
وين يختفي ذا الولد ؟
ابتسمت بحنان وهي تضَع كوبها وتقترب منه
../ الله يهديك .. اللحين مالقيت تقلق إلا على الصقر .. تراه رجّال و أدرى باللي يسويه ..لا تخاف
../ الله يستر .. أحس وراه بلا .. يا إنه متزوج يا متورط

.
.

../ من هو .. ؟
تعلقَت أعينهم به عندما أقترب من وآلده وهو يقبل رأسه
و أنحنى نحو أخته ثم جَلس بالقرب منهم
../ وش فيكم سكتوآ مرة وحدة ؟
ابتسمت الأخرى بإرتباك ثم أستدركت الوضَع
../ لا .. بس فاجأتنا جاي بدري اليوم .. ؟
أتكئ وهو يلتقط كأس الماء
../ إيه خلصَت بدري ..!
ثم عقد حاجبيه وهو يشاهد والده الذي نهض بهدوء
وأنسَل خارجاً من المكان
أبتسم ثم ألتفت نحو أخته التي نهضَت بدورها
../ أصبري.. هنا .. بكلمك ..!
عادت لتجلس أمامه وهي تهمهم ب
../ وش فيه ..؟
مد كأسه لها وهي يقول بهدوء
../ صبّي لي ..
سكَبت له الماء و أعطَته إياها
لم يحدث أن أستناها في حديث يوماً , أو أفضَى سراً لها
ومع ذلك , لا تنكَر مقَدار ذلك القلق الذي راح ينفث في روحها
تشعَر بشي أقرب للفاجعَة قادمَة نحوها
لكَن صمَته يزيد من مقَداره في داخلها
لم تتمالك نفسها وهي تتحدث بضيق
../ وش فيه ..؟
رسم على طرف شفتيه شبه إبتسامة
../ إيه , مسرع مليتي .. وتوك إنتي وأبوي تحشون .. وعادي
تحول ذلك القلق إلى قهَر تصَاعد حتى حنجرتها
فبصَقت قولها بجرأة لم تحاسب نفسها عليها :
../ من حقّه يقول إلي يقوله .. و إنت شايف إلي تسويه صَح أيام نشوفك وأيام لا .. وش تبينا نعتقَد عنّك مثلاً ..إذا إنت ما تحشَم هالبيت ولا تقَدر أهله ..
صمتت حينما أدركت انها تهورت كثيراً
خاصَة مع تلك الملامح التي أعتلته هو
لا تجد أي سبب يجعلها تحُبه كأخ وحيد لها أبداً
ألتوت شفتيه وهو يقول بهدوء و ثقة
../ أقول لا يكثَر بس .. أنا جايك بقولك إني تزوجت أمس ..
وأبيك تروحين تشترين لزوجتي أغراض ..
اتسعت عيناها بصَدمة لم تلبث لبرهة ثم اختفت لتتحول لسخرية مُرة
جعلتها تحمس بحنق

جنــــون
05-16-2012, 12:19 PM
تزوجت .. هه صادق أبوي يوم قالها عادك بزر .. و زوجتك روح قضي لها إنت .. مو زوجها
ابتعدت وهي تشعر أن خطوآتها ستحطَم الأرض
من شَدة غضبها .. لكَن صوتها البارد أوقفها
وهو يهمهم بـ
../ صبا محتاجه لك إنتي .. مو صديقتها ..
وتوقفت حيث هي
وتبدل كُل شيء إلى خوآآآء أسود مُريع
يخترقه طنين الفاجعَة في قلبها

*

فتحت عينيها ببطء وهي تلمح نظَرة عينيه الحنونة
ابتسمت بضَعف لأحلامها الحمقاء حتى في أضَعف حالتها
عادت لتغلقها بقوة من جديد تطلب إفاقَة من كٌل ذلك الضجيج داخلها
تناهى إلى أذنيها صوته يتحدث
و كأنه يتحدث لها .. أو ربما هي أحاديث حُب
لم يكُتب لها أن تظهَر بعد ..
ابتسمت على مدى اتساع غبائها
لكَن يد دافئة أمسكت بذراعها جعَلتها تفيق بفزع
مما ظّنته حلماً وهي تصَرخ بفزع
لكَن صوت آخر قال
../ بسم الله .. وش فيك ؟؟
تأملت الغرفة بعد أغلقت عينيها لتعتاد ضوئها القوي
احتضنت رأسها بين كفيها وهي تحاول أن تحتضَن ذلك الألم
الذي ألتهم نصفه بحرارة
../ وش فيك ..؟ راسك يعورك .. ولا وش ؟
زفرت بتعب وهي تهمس بصوت متحشرج
../إيه شوي يا حسام .. بس بروح أنام ..
نهضَت وهي تتحامل على نفسها و الدوار يزيد في رأسها
أقترب منها وهو يقول بحزم
../ هاتي يّدك بوصَلك .. لهناك .. بس ترا شعرك طالع من قدآم
أمسكْ بها وهو يساعدها للوصول لغرفة الممرضات الخاصَة
وما إن وصلوا حتى تركها وهو يهمس لها
../ كُلي ثم نامي زيـن .. ولا بيزعل علينا فيصل و يرجعنا للمركز
لم تبتسم بل أومأت له بهدوء وهي تسأله بذات الهمس
../ لا ما ني مطوله .. هو وينه الحين .. ؟
أجابها وهو يهمّ بالرحيل
../ مدري بعد ما كشف عليك .. أظّنه راح للدور الثاني
واختفى هو .. لكَن جملته ظّلت عالقة في الهواء حتى الآن
مدري بعد ما كشف عليك
بعد ما كشف عليك
كشف عليك
كُل ذلك كان كفيل بجعلها تتهاوى من جديد
لكن قدرات الحب قد تجعلنا نستلذ بأكثر اللحظات ألماً
وليغرق عقلها و قلبها , و يغطّان في ظلام
فلربما نفيق لنجد أنهما صعدآ مجدداً لحيث الأمنيات
بحُب .. لذيذ
وحديقَة .. و عصفور
و همهمات
*
وقفا أمام المزرعة الكبيرة .. ثم هبطَت السيارة وهي تكرر
بذات الخوف
../ ياويلي ..المكان كبير وتاركينها لوحدهااااا هنا مع العمّال .. إنتم ما تخافوا ربكم .. ولا وشووووو
كانت خطواتها سريعة نحو المنزل الكبير
وهو يلحق بها بتأني .. لا يدري لم شعر بالخيبة
و الحقارة أمام كُل إنفعال لها ..
لم بدت أكثر أنسانية منه هو
صرخ بها
../ موب هناك .. تعالي تعااالي ..
رآها تقترب منه بسرعة
../ ويـن ..
تحركا بهدوء وهما يقتربان من ركُن المزرعة حيث تكثَر أشجار اللييمون
المتدلية في كُل المكان ..
توقفت وهي تتأمل تلك الحجرة بصدمة
../ هنا .. مخزن البهايم .. آآآآي
تألمت بقوة فغضَبها طال أبنها
أقترب منها بقلق
../ وش فيك ..؟ نروح المستشفى ..
فردت ملامحها ثم تَزُم شفتيها بقهر
../ لا تتهرب .. دخّلني وإنت ساكت ..
أقترب من الباب ثم أدآر مُفتاحه بهدوء
ودلفا معاً .. تأملت المكان وهي تزفر براحة
../ لا زين .. توقعت أشوف حشيش وبرسيم وغنم بعد ..
ابتسم على تعليقها وهو يقول
../ قلت لك .. هنا هي بأمـآن ..
نظَرت له شزراً وهي تهمس مُقَلدة صوته
../ هي هنا بأمان .. كانت بأمان لين شافت وجيهكم
../ وشو ..؟
../ منقهر منّك .. أجل تسوي كذآ يا بندر
../ وش سويت .. قلت لك
قاطعته
../ وينها ؟
زفر وهو يجلس باسترخاء
../ بالغرفة إلي على يمينك ..
طرقتها بهدوء .. حاولت فتحه لكَنها صعقت بكون مغلق من الداخل
../ صاكته .. ؟
.../ دِقي عليها
راحت تطرقه بهدوء وهي تنادي بإسمها
*
هناك داخل العتمَة كانت شهقاتها تخرق صمت المكان
لم تكُن على يقظَة تجعلها تعي ما يحدث حولها جيداً
ليس سوى الظلام الذي اعتادت العيش في كنفه
مازالت تعيش في حُلم قلقها الذي أحتضنها قبل أن يخطفها النوم
مازالت تنتنظر ذلك الوحش الذي ألتهم أنقى ما تحويه
كلعبة ثلج دُنس بياضها ..
فلم تعد لعبة ولا ثَلج ..
أصوآت خطوات تتعالى وترتفع ثم يرتج صداها داخل إذنها
قلبها راح يأن في إذنها .. كُل ذلك جعلها تنهض
بسرعة وهي تحتضن الوسادة إليها
أطرافها الباردة كالجليد
وعيناها ترى كٌل ما حولها بركَـآن
تأملت الباب طويلاً وهي لاتعي ما يحدث حولها
سوى خوف وخوف وخوف
دقائق أختفى كُل صوت وحّل الصمت حولها فجأة
../ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
أغمضَت عينيها بقوة محاولة إعادة صفاء ذهنها ,
لكَن صوت حديث أمام الباب جعَلها
تقترب و رجفَة سعيدَة تحلق بدآخلها
بدت آخر من توقعت وجودها هنا
وصوت الطرقات كان واضَح هذه المرة بالنسبة لها
الآن على الأقل ..
وصلت إلى الباب سريعاً تسبقها لهفتها ..
فتحته وما إن تيقنت من ملامحها حتى أرتمت في حضَنها
تبكي يوم وآخر .. قضَته في سجن مختلف بمفردها
هدأت من روعها وهي تسحبها للدآخل
../ هدّي يا قلبي .. هدّي مافيه شيء .. ما صار شيء.. بس إنتي هدّي
و من بين شهقاتها همست
../ خـِ .. فـ ..ت يا ميـ ..سون
مسحَت على رأسها وهي تكرر بصوت مرتفع
../ معليه .. معليه .. خلاص زآل الشر .. إنتي اللحين بخير
إعتصرتها بين ذراعيها أكثَر
../ لا .. تـ..روحيـ..ن
../ مانيب رآيحَة مكان .. شوفيني هنا .. موب مخليتك بلحالك ..

كانت صَدمته قبيحَة بحق وهو يدَرك أنه سبب
المزيد من التعاسَة لها ..
هل هي خائفة من وحدتها .. هُنـآ ..
نعَم ربما
هكذا حّل القضّية وربطها ببساطَة شديدة تناول هاتفه
وهو يتصَل عليه
وما إن وصَله صوته حتى قال بسرعة
../ وينك فيه ..؟
../ رايح للمزرعة ..
../ آها .. أجل عجّل.. أنتظرك
عقَد حاجبيه وقدمه تدوس على البنزين أكثر ..
../ وش فيه . ؟ صاير شيء
../ لا أبد .. يالله سلام
أغلق الخط و ألقى الهاتف بجواره ..
عيناها تلتهم كُل حركاتهم
كأنها بدأت تشُك في أمر ما .. تتمنى صِدقاً أن يخيب
حتى الآن تشعر إنها مازالت دآخل وقع الصدمة ولم تفيق
تشعر بأنه يكذب عليها .. أو يخبأ أمراً اكبر
تعَلم إلي أين ذهبت صبا ..
ثم هي لا تزال تعاني ألم فقدها لـ صديقتها .. فلم تعَد كذلك
حتى وإن سُترت فضيحتها ..
لأول مرة يطلب منها أن تخدمَه .. و أطاعت رغبته لأنها تريد
أن تراها .. هل حقاً هي أم لا ..
كلما اقتربا من المكان زاد في داخلها الشعور
بالألم .. و بردت أطرافها ..حينما أصبحا أمام المكان مُباشر
لا يفصَلهم سوى الباب ..
لم تسأل .. لم هي هنا أو كيف حصَل كل هذا
ما يهمها الآن أن تراها بعينيها
تناهى لها صوته يأمرها بصرامة
../ من هناك ..
ذهبت لحيث أشار .. تسبقها أقدامها
ثم دقائق أصبحت بداخلها
وقفت تتأملهن من خلف نقابها ببلاهَة
ميسون و الآخرى
تعلقت عيناها بالأخرى
وتدلّى فكَها بصَدمة فصديقتها تغيرت كثيرة
حتى كادت أن لا تعرفها
أم هيا فلم تكُن تنظَر لها بل تتأمل الأرض بنظرة غريبة لم تعرفها
تنحنحت ميسون وهي تقول بهدوء
.../ ندى .. أفتحي وجهك محد هنا
ورفعَت صبا رأسها بسرعة وهي تنظَر لها
ثم شهقَت بعنف وهي تمسك شفتيها
أبعدت ندى حاجبها وهي تقترب نحوها
صافحتها بإرتباك
لكَن الأخرى جذبتها نحوها بقوة وهي تحتضَن رأسها وتنتحب عليه من جديد ..
أغمضَت ندى عينيها بقوة وهي تمنع دموعها أن تقفز الآن
ازدردت ريقها بقوة وهي تهمس بألم
../ تغيّرتي يا صبا ..
الحشَرجة الأخيرة التي طالت صوتها جعلت الأخرى تعتصرها أكثر
فبكَت تشاركها دموعها فلقائهم
غشّى مشاعرهم بفرحة تحيطها مرارة وأستياء
مسحَت ميسون على ظهر صبا وهي تحاول أبعادها عن ندى
لكّنها ظّلت متشبَثة بها بقوة
و هي تبكي بصَمت ..
../ ندى .. خلّيها ترتاح تراها من الصَبح تبكي
تلك الحرارة المتدفقة على رقبتها كانت تظّنها دموعاً
لكنّها حين أبعدتها وأمسكت بجبهتها صَرخت
../ صبـآ .. فيكِ حمّى
لمستها ميسون بقلق ثم قالت وهي تقودها للسرير
../ روحي قولي لأحد يجي.. لازم نشيلها المستشفى .. حرارتها مرتفعَة مّرة
ارتدت نقابها سريعا وهي تخرج له
لم تمسح دموعها بل زاد بكائها على حال صديقتها

طرقت الباب وهي تقول بصوت مرتفع
.../ صقر ..
وعندما ظهر أمامها قالت بسرعة و من بين دموعها
../ تعالوا .. نبي ناخذها للمستشفى .. حرارتها عالية
عادت قبل ان تلمح ملامحه فقلقها و ألمها تفاقم كثيراً
ملامح صديقتها الحبيبة كالميتَة بوجه أحمر مُحتقَن ووجنتان مبللتان
دلفا خلفها حملاها وذهبا
تاركان ورائهما الأثنتين تبكيان وجعها
أيُّها الوترُ المشدودُ من جِذْعِ قلبي حتَّى أقاصيَ الغاباتْ
أيَّتُها العصافيرُ العَطْشى، يا كلماتي
في الضبابِ أضَعْتُ موطئَ ظلِّي
كما يضيعُ عُمْرٌ، حُلُمٌ، حُبٌّ
وطنٌ من بين الأصابع
مثلما يسقطُ خاتمٌ في نهرٍ
مثلما ينكسِرُ فنجانٌ
أو إنسان.*

إليآ خذلوني نآس ، آو قصروآ نآس.
.. آقول : عآدي ، كل شخص وظروفه .. !
نكرآنهم مآبيه يشعرني آبـ / يآس
.. .. آحب آسوي آلخير دآيم وآطوووفه .. !
.. مدري غبى ولا غلآ و لا آحسآس
.. ( ودي آسآعد كل وآحد آشوووفه) .. !
اللذة الرابعة عشرة

جلسَت بجوارها ممسكَة بهاتفها
.../ تتوقعين إن إلي قالته أمي صَح ..
زفرت الأخرى وهي تقّلب بملل في روايتها
../ ترا طفشتيني .. لكِ ساعة وإنتي تعيدين وتزيدين فنفس الكلام .. تنهَدت
../ بس أنا ما أظنّه ..هو يحب عياله ومحد يعرفه كثري أنا .. عشان كذا وثقَت .. بس والله أمي سببت لي هواجيس ولا قدرت أنام بسببها الليل ..
ثم أراحت خدها على راحتها وعيناها تلمع بالدموع
../ أتخيل تأذيهم بس .. والله ما أسامح نفسي أبد
أعتدلت سمية في جلستها وهي تقول لها مشجعَة
../ إنتي قلتيها زوجك تعرفينه اكثر من امي .. وأكيد إنه بيقتل مرته لا سوت فواحد منهم شي
مسَحت بسبابتها دمعة تمردت على عينيها
../ وش أبي بقتلها .. أنا أبي عيالي بخير ..
سَرحت الأخرى وهي تجيبها
../ خلاص اليوم بيجيبهم ع العصَر .. هو مو قال كذا ..؟
أومأت لها بالإيجاب فقالت
../ خلاص أجل .. بعد ساعة دقّي عليه و تأكدي ..
../ بس
../ لا تبسبسين .. أكيد هو بيعرف إنك متصَلة عشان عيالك مهوب على شانه .. خليك ثقيلة شوي
نهضَت وهي تبحث عن أي شيء قد يلهيها عن التفكير فيهم
وهي تحمل جنى بين يديها كانها تتسلى بها لحين عودتهم
ومّرت ساعة وأخرى
بعدها أمسكت بهاتفها وهبطَت لحيث وآلدتها
بحثت عنها فوجدتها في الفناء وأمامها قهوتها
جلست بجوارها
../ مساء الخير يمّه ..
.. /الله يمسيكِ بالنور .. ها كلمتي زوجك ؟
رفعت هاتفها وهي تكتب رقمه الذي تحفظه عن ظهر قلب
../ اللحين بدق له .. !
كانت تنظر لها بينما تراقب هي نظراتها
تريد أن تستقي القوة من عينيها لتهبها صبراً وقوة أمامه
ومع الرنة الثالثة أجاب
../ هلا وغلا .. بالزين كله
مطّت شفتيها وهي تعلم بما يفعَل أمام زوجته ربما
فقالت بهدوء
../ وينكم فيه اللحين ؟
شعرت به وكأنه أبتسم وهو يقول بثقة
../ مفتقدتهم .. ولا مفتقدتني ؟
صّرت على أسنانها وهي تحكم قبضَتها على هاتفها
.. / وافي لو سمحت أتكلم من جدي انا .. وينكم متى جايين ؟
ضَحك بقوة لا تتناسب أبداً مع ما قيل
../ يعني أنا إلي أمزح معك .. قلت لك خلاص حنا ننزل أغراضنا للسيارة .. يعني بإذن الله قبل العشا بوصَلهم ..
سمعت صوت براءة بالقرب منه فتنهدت بصوت مسموع
وهي تجيب بتلقائية
../ على خير إن شاء الله .. شوي شوي لا تسرع
ثم استدركت
../ فيهم ترا هم أمانة عندك ..

وكأنها تشعر بإبتسامته مجدداً
فبتسمت بغباء وهي تغلق الهاتف حالاً
نظَرت لعيني والدتها التي تأملتها بضيق
فابتسمت لها وهي تقول
../ بيوصلون قبل العشاا ..
حّركت الأخرى رأسها بعدم اقتناع
../ الله يجيبهم بالسلامة ..

جنــــون
05-16-2012, 12:20 PM
استلقت وهي تقرأ ذات المجلة المهترئة
والتي مضى على إصدارها سنين
تصّفحتها للمرة الخامسَة على التوالي
وفي كُل مرة تشعر وكأنها تقرأ من جديد
الفراغ في حياتها يسبب لها القلق و الملل
أصبحت تكره مواجهة الجميع
حتى جدتها .. لم تعد يمكنها الجلوس معها فمعظم الوقت
يوجد عندها زائرون ..
ربما أصبحت تخشى مواجهة الجميع
فحكايتها انتشرت , وأصبحت على كُل لسان
تقسَم بأنها خطيئة ثم ألتزمت حد الغفران
لكَن كلام الناس جعلها تنتحر بالحبس هُنا
في غرفة الخدم .. حيث لا أحد يعيرها على ماضيها الأسود
أو حتى ينظر نحوها بإستحقار
لمحت مقالاً يتحدث عن النوم وأهميته
فأبتسمت لتلك الفكرة الغبية التي طرأت عليها
وهي تلعب بجدائلها الطويلة المتدلية بجوارها
شعرت بالباب خلفها يفتح فلم تتحرك
ربما إحدى الخدم أتت لتأخذ قسطاً من الراحة
لكَن الهدوء خلفها أقلقها .. ’
استدارت وما إن رأتها حتى عقدَت حاجبيها بقلق
وهي تقول
../ وش فيه يا ريم عسى ما شر ؟
ابتسمت لها عمتها وهي تقترب منها
../ أوه صرت ريم .. كنت عمتي
رسمت ابتسامة صغيرة على ركن شفتيها
../ إييه .. عدتني جدتي .. وهي ماغير ريم وريم
ضَحكت وهي تقول بمرح
../ لا ما أظن .. لو تسمعينها اللحين .. هديل وهديل هههه
اتسعت ابتسامتها وهي تسرح للحظَة
لكَن صوت عمتها أعادها للواقع وهي تقول
../ ليش حابسَة نفسك هنا .. ولا شفناك الأيام إلي فاتت
بدأت تلعب بأطراف جدائلتها وهي تجيبها بتوتر
../ لا موب حابسة نفسي ولا شيء .. بس ماعندي شيء أسويه فقلت أختار أهدئ مكان أقرأ فيه
نظَرت عمتها نحو المجلة الملقاة خلفها
../ آهاااا .. تقرئين .. وخلصت الأماكن ما لقيتي إلا هنا .. وإنتي عندك غرفة فوق وش كبرها ..
تراوغها الأخرى محاولة الوصول لنقطَة تريدها
لكّنها لا تعلم أن هديل لم تعد تجيد المراوغة أبداً
لكَنها فطينة وأدركت ما تحاول أن تبحث عنه عمتها
فأجابت بهدوء وصوت هامس
../ مدري بس ما أبا أوآجه أحد
تخيلت أن ابتسامة صغيرة ظهرت لثواني
ثم اختفت على وجهه الأخرى التي قالت باستغراب
../ تواجهيـن .. تواجهين مين ؟ ... محد في البيت غيري وأختك و جدّتك .. تقصدين مين ؟
نظَرت لها وهي تجيبها بنبرة ثابتة
../ أسيل .. أحسّها ما عاد تبيني ..
نظَرت نحوها الأخرى بهدوء وهي تجيبها
../ لاآ .. أختك موب ما تبيك .. بس هي مو فاهمتك
رفعَت إحدى حاجبيها بإستغراب
../ موب فاهمتني .. هههههه .. ضحكتيني وأنا ما فيني .. يا عمة أسيل سمعت كُل إلي أنقال ، وأظن اكثر من إلي سمعته ما عندي
../ بس لازم تبررين لها ..!
وبابتسامة سخرية أجابتها
../ أبرر .. بالنسبة لها الغلط راكبني من ساسي لراسي , وهذي الحقيقة
عقَدت ريم حاجبيها وهي تهمس للأخرى باستياء
../ موب لازم تقولين كذا .. إنتي غلطتي وتبتي .. لازم تفهمي أختك على الأقل هالشىء ..إنتي تدرين هي تحسّبك ميتة ..
أجابتها بحزم
../ أدري .. وهذا إلي خلاني أيأس منها ..
../ وش عرفك .. ؟
بضيق :
../ سمعتها ذاك اليوم تقول لسعود ..
../ سعود ؟
../ إيه في الحديقة الخلفية
.../ تراه خطيبها و
قاطعتها
../ ما قلت شيء .. هي يأست منَي وأنا بعد يأست منها .. إذا زعلانة من تصرفي بتقرب لها .. لكَن هي ما تعتبر لي وجود بالحياة
يعني أغسَل يدي منها
../ هديل لا تستسلمين .. لازم تكافحي عشانها أختك الوحيدة توأمك .. بقية اهلك .. لازم تفكرين بهالطريقَة ..
../ أمي وأبوي الله يرحمهم ماتوا .. وأنا مت من يومها بعدهم لذا اتركيني فحالي .. رجاءاً
نهضَت العمَة بضيق والغضب يشتعل في قلبها
../ هديل .. وين قوتك .. توقعت السجن وسنينه تعلمك تكافحين عشان الغاية إلي تبينها .. بس ما ظنّي هذا إلي صار .. أنا يوم أقولك دوري عن أختك وتقّربو من بعض
.. عشان أبي لك عضيد يوقف معك لانقلبت عليك الناس كلها .. شخصن يحبك ويفديك ويوقف معك قدّامهم .. بس إنتي إلي ما تبيـن .. وبتتحملين نتيجة إستسلامك ..

وخرجت .. هكذا كما دخَلت
لكن الفرق الوحيد أن قلبي متفطر الآن تمام
كرماد تذروه ريح نذلة يمنة ثم يسره وكأنها تكرر المشهد أمامي
تألمت مع كل كَلمة كُنت انطقها .. ومع كل حرف أجابتني به
هل استسلمت حقاً ؟ ..
أو ماذا علمني " السجن وسنينه " كما قالت
ربما أصَبح ممثلة كبيرة ..
جيد فهناك ما أجيده
فًتح الباب بقوة من جديد
و دخَلت وهي تصَرخ مجدداً
../ قومي .. أجل البنات كلهم برا .. تعالي نقعد معهم
أعرضَت بجانبي عنها
../ في أحد عند جدتي ..
../ أحسَن زيـــــــــن
وخرجت بذات القوة
ربما .. ,
لن نألفَ الضغينةَ التي تجمعُنا
وأقدامُنا المثبَّتةُ في دائرةٍ
لن تطأ هذه العتمةَ ثانيةً
رُبَّما، بعدَ أيامٍ قليلةٍ
نعودُ بلا شمسٍ إلى المقهى
*.بلا عصافير على الحواف

هل كانت تقصَد كارثَة قادمَة أم ماذا ؟
هل ستتغير حياتي .. ؟
سأقبل بكُل شيء .. يعني رحيلي تك تك تك أصوات المطَر تقرع النافذّة جعلها تقفز
و تتأملها بشغف ثم خرجت لتعيش الإنسكاب ..
خرجت لأنها أرادت ذلك...,

*

هذا الدمعُ المنسكبُ في ترابٍ
غيرُ قادرٍ على إعادةِ الروحِ لخلايا الكلوروفيل الميِّتةِ في أوراقٍ

جنــــون
05-16-2012, 12:20 PM
لم تنجُ من حريقٍ أشعلناهُ
بأعقابِ السجائر
بغروبٍ تركناهُ وحيدًا وراءَنا
دونَ قصدٍ
دونَ درايةٍ بما يعنيهِ الجحيمُ آنذاك
.ولم تغفرْهُ لنا الغابةُ-الأمُّ
وإلاَّ بماذا تفسِّرونَ تعثُّرَنا
بجذورٍ قاتمةٍ
وظلالٍ تتمايلُ
كُلَّما خطوْنا؟*

جسدَها المسجى كورقة خريف على ذلك السرير الأبيض
يتكأ بجوارها عمها .. بينما يتأملها زوجها بشغف
لأول مرة يراها بعد كُل تلك المدة
التي استنزفت فيها مشاعره حتى آخر قطَرة
يراها مغيّبة في مرضها .. ضعيفَة رقيقة صفراء
وكأن الألم تقاذفها من كُل جانب
هل يا تُرى رأت هديته
أم أنها لم ترها .. ؟
هل ستعجبها المفاجأة .. ؟
أم هذا هو ما تمناه ؟
كان يتمنى أن يقترب أن يهمس لها عن كُل الم طعن خافقه
في غيابها .. عن كُل ما فعله من أجلها
عن جنونَـه و حبّه المتشابهان , كَل شي لها
تأملها عن بعد لأن عمها أحتل المساحَة بقربها
أخترق هدوء المكان صوت كلاسيكي هو لهاتفه
أبتعد عن المكان سريعاً لئلا يزعجها ثم أجاب ..
يأتيه صوتها بحب
../ صَــقر ..
../ هلا
../ واخيراً رديت .. وحشتنـــي
../ .....
../ صقر .. وينكْ !
زفر بقوة وهو يخمد مشاعره بكأس من قسوته المكررة دائماً
../ سارة .. كم مرة قلت لك لا عاد تدقين .. وبعدين معك ترا أزعجتيني ..
وصَلت له شهقتها الحادَة وهي تصرخ بإستياء
../ أنااا . .أنااا أزعجتك .. وهذا وأنا قلقانة عليك وأبي أسأل عن حالك .. ولا لقيت لك غيري .. هااا .. قولي أكيد لقيت غيري
ألتفت للخلف حيث رأى بندر يقترب منه
فقال بحزم
../ مع السلامَة ..
كُل ذلك الوزن المشاعر يكتسحه فجأة ليجعل قلبه يرتجف
وهو دآخل قالب القسوة الحجري الذي أحاطَه به
لكَن تبقى تلك الحركة محدودة
يمكنه دائماً السيطرة عليها

../ صقر .. خلّص المحلول .. أزهم الممرضَة عشان تشيله
أطاعه وانتهى كُل شيء ووقفا أمامها وهي ترقد بسكون تام
محتارين , هل يوقظوها أم يدعوها تنعم بسباتها
لكَن أقترب منها بندر وراح يهزّها بلطف
../ صبا .. صبا
تحركت بإنزعاج ثم أستيقظت
تأملت وجهه بتعب شديد وعيناها قد أحيطت بهالات من الإرهاق
ساعدها وأنزلها.. و بدآ في المشي للخارج
لكَن خطواتها غير متزنة تماماً تميل بإتجاه صقر
الذي لم تدرك وجوده بعد
فقرر الأخير حملها .. وفعَل
رقدت بين ذراعيه مُباشرة وكأنها كانت تنتظر ذلك
فحّلق قلبه هو بسعادة منقطَعة النظير
حتى أن ابتسامة أفلتت على وجهه المتجهَم بالعادة
فانعكست على وجهه الأخر
و الذي لم يلبث أن قال بجديّة
../ أنتبه عليها تراها مريضَة ..
فأومأ له وهو يستعيد حزمه من جديد
../ أسمع خذ مرتك و روحوا .. وأنا إلي بجلس عندها
../ ما أظن ميسون بترضى تتحرك .. لكَن إذا تحبني خلي أختك عندها ..
زفر بيأس فمحاولة الاستفراد
لم تُفلح أبداً ..

,
../ أتصَلي عليهم .. ؟ تأخروا والله
../ أصبري .. أكيد إنهم بالطريق
../ وين أودي هذا ..؟
../ نحط إذا عشاهم بالصالة ... , ونحنا مع صبا ..
../ نخليها معانا بالسفرة .. أكيد بتكون تعبانَة
../ خلاص نجهز لها كم صحن بس ..
أنهيتا إعداد الوجبَة .. و دلفتا للغرفَة
وبفضول فتحت ميسون الدواليب
تأملت ما تحويه وهي تقول باستغراب
../ صحيح إنه ما فيهم شيء كثير .. بس إلي جابهم عنده ذوق
ابتسمت ندى بمرارة
../ إيه .. صقر رغم كل عيوبه .. بس ذوقه حلو
نظَرت نحوها بصدمة وهي تقول
../ صقر ؟
مالت برأسها وهي تُريحه على كفها
../ إيه مو زوجها ..
../ وشووووووووو .. تزوجت صقر
نظرت لها الأخرى بإستغراب
../ ما قالك بندر ..
هوت على السرير خلفها وهي تضَرب رأسها بخفة و تهمهم
../ ياويلي .. ياويلي البنية ماشافت خير من خرجت من هناك .. يا ويل حالها ..
اقتربت لها ندى وهي تقول بحزن
../ لا تخافين .. ماني فاقتها أبد .. صقر خليه عليّ
أمسكت يديهاا وهي تشدّها بقوة
../ تكفين يا ندى .. تكفين أوقفي معها محد حاس فيها أبد .. هي وحدة توها خارجة من السجن .. يعني لازم تتقبل جنس الرجال بصفة عامة اولاً .. فما بالك لو تزوجت
كذا على طول .. لا تخلين صقر يستفرد فيها كثير مهما كان ..
ابتسمت لها وهي تشّد يدها بقوة
لتعبر عن جزء مما تشعر به
../ لا تخافين .. بكون ظّلها
مسحت ميسون دمعة طفرة من عينيها وهي
تسمع صوت الباب ..
../ جوآ.. خلينا نرتب لها المكان ..
هُناك حيث أقسموا سوياً
أن يتقاسموا المُعاناة
كزجاجات حليب موحلَة بالألم
تأملت قطرات المطر التي راحت تتساقط على النافذَة
بقوة متوسطَة .. وقلبها يلهج
../ يارب تجعلها رحمة على المسلميـن .. يارب أرحم قلبها المسكين

*

تأملت هاتفها للمرة العاشَرة وهي تضَغط بانفعال
على رقمها من جديد ..
تتواصل رنّاته وفي قلبها أمل أن تجيب ..
ولأن الآمال المُلحَة تُجاب عادةً
أجابتها
../ إيه نورة خلاص انا رايحَة للبوابَة .. قربت من عندك ..
../ سريع
وأغلقت الخط .. تشتعل غضباً بمقدار الحّر الذي اكتسى ملامحها
ليُلطخها بحمرته ..
ثم ثانية ودقيقة حتى رأتها أمامها
.../ بدري يا شيخة كان ماجيتي .. !
غطّت الأخرى وجهها وهي تقول بجدية
../ وش تبيني أسوي ..؟ الدكتورة ماخرجتنا إلى تو .. تبيني أخرج من كيفي مثلاً
فصَرخت بها وهي تتبعها للخارج
../ لاآآ .. بس كان دقيتي وعطيتيني خبر .. ولا أنلطع هنا ساعتين زي الهبلة ..
../ صح صح صح .. أنا غلط آسفه .. كان المفروض أكلمك
../ تتريقييين !
../ لاآآ .. يا نورة .. وخلاص لاتفضحينا بالشارع
.../ إنتي إلي بتدفعين حق التكسي نكاية فيكِ تفهمين
../ ماعندي فلوس
../ لاتكذبيين
../ ياربي والله والله .. حلفت ماعندي ولا ريال حتى
زفرت بقهر وهي توقف سيارة وتركبها فوراً
لحقت بها أختها .. التي قالت بهمس
../ شوي شوي .. فجعتي الرجال ؟
وصفَت له المكان و تحرك نحو المنزل
صمتت دقائق بعدها قالت بغضب
../ يوم نوصَل وأبوي فيه .. قولي له ليش ما جينا مع الباص فاهمة .. إنتي إلي برري
../ هاووو ... وش كنت أسوي أنا .. ألعب مثلاً
وصلتا إلي المكان فانطلقت الأولى خارجة
ودفعَت الأخرى ولحقتها بذات الخطوات السريعَة
رأين أن الحي مزدحم بالرجال على غير العادة وما إن وصَلن
حتى تنفسن الصعداء فوالدهن لم يأتي بعد
دلفن إلي الحجرة
../ الســلاآآآآآآم عليكم
نظَرت نحوهن عفاف التي قالت بإستغراب
.../ وش فيكم تأخرتوا .. قلقت عليكم ..!
ألقت نورة عبائتها أرضَاً وخرجت " لدورة المياه "
فسألت بتول بمرح
../ الله .. نورة معصَبة .. أكيد أرتكبتي مصيبة في حقها
مطت زهرة شفتيها بلامُبالاة
../ ما سويت شيء .. تأخرت عليها بس .. مدري تبيني أترك المحاضرة وأطلع لها ...
هدأ الجو .. و شعرن بإعداد وجبَة الغدآء ..
../ بوووووووووووووووووو
زهرة/ بسم الله .. الله يقلع إبليسك
عفاف / حمااااااااارة وحدة .. أنقلعي برااا
شروق/ ههههههههههههههه , عندي لكم خبر ..
تحمسّن معها
../ وشو
../ أمي باعت البقشَة كلها
بدت الفرحة صغيرة أمام مقدار ما تخبأه عينيها
../ إيييه
وأستدرن لإكمال أعمالهن
لكَن صوتها الضاحك أكمل
../ خخخخخخخخخخ .. لا مو هذا الفرحة الرئيسية أنا بدأت بالصغيرة .. خخخخخ
زهرة ../ أقول شروق بلا مصاخة .. أنقلعي برة مافينا لإستهبالك
../ ههههههههه .. زيين خلاص بقولها
نظَرت لأعينهم المتحمسَة فضَحكت بقوة
عُدن للعمل من جديد
وقلوبهم تتأمل فرحَة .. تعيد الحياة لأرجاء هذا المنزل
فقالت بسرعة
.../ عمتي مزنــــة رجعت !
شهقن بقوة وتحلقن حولها
زهرة ../ كذآآبة ..
عفاف ../ قولي والله ..!
شروووق ../ و الله .. والله .. وهي فبيتها اللحيـن . يعني خلاص بيعشون هنا
زهرة ../ وش عرفك ..؟
شروق ../ أبوي تأخر اليوم عشانه راح لهم
عفاف تقفز بحبور .../ يسس . وناااااسة
زهرة تلكز نورة ../ هااا النوري .. أوصفي لنا فرحتك
فحَركت رأسها بيأس مغمور في خجلها
../ مدري متى بتعقلين...؟
../ يوم الحب يعقل .. بفكَر أنا
اقتربت منهم بتول وهي تقول
../ مو بس كذا .. في شيء ثاني
../ أم سلمان .. رجع ولدها من بريطانيا مدري أمريكاا ..
عفاف بذهول ../ كذآآآبَة ..
شروق ../ يوه وإنتي على كذابة من الصبح .. إيه والله .. حتى الولد لو تشوفونه قالب أشقراني ..
زهرة ../ يا خيبتنا .. و إنتي وين شفتيه ..؟
شروق وهي تحّرك حاجبيها
../ ليش بتشوفينه ..؟
زهرة بحماس مفرط
../ إيه بس بعدين
البتول ../ شف أمحق أخت كبيرة .. وصَح .. و بيسوون حفلة هي و أم رعد فحوش بيتهم .. بمناسبة رجعته هو و رعد .. وترانا معزوميـن ..!
زهرة بإندفاع
../ غصب طبعاً .. وأنا أول الحاضرين
نورة بصفاء
../ الله يتمم لهم فرحتهم ..
فأردفت شروق برجاء
../ يارب نبي نفرح برجعت نور ..
فأرتج قلبين بألم
وارتجت الأخرى بأمل
وشتان ما بينهما .. لكَن سيظَل
الأمل أكبر من الألم
وستبقى همتهم تسحق كُل دمعَة ومستحيل
يقف أمامهم – بإذن الله –

*

جنــــون
05-16-2012, 12:20 PM
التهمت العقارب العاشرة مساءاً
وقلقها بلغ ذروتها
نقرات المطر على النافذّة كان كفيل بإغراقها في كٌل فكرة سيئة
حتى أرتدت عبائتها وخرجت
تبعتها أختها التي وقفت تنظر لها وهي تتحرك بقلق في الفناء
.../ زين دقّي عليه ..؟
../ دقيت يعطيني مغلق ..
../ يالله سترك
سمعَن صوتها فابتعدت سمية عن الباب مباشرة فأطلت من هناك
../ يا بنت تعالي هنا .. وتعوذي من الشيطان .. أكيد إنهم وقفوا بمكان
بسبب المطر .. إنتي تعالي عن تمرضين
لم تستطع أن تتحرك إقتربت من مواقف السيارات
ووقفت تحتها ..’
يقفز قلبها لحنجرتها مع كُل سيارة تهشّم الماء مارة من أمام منزلهم
بدأت تشعر باليأس يتسرب لداخلها
وصوت دعاء أمامها المستمر
يصَلها مع زخات المطَر الذي راح يخفت شيئاً فشيئاً
عادت أمها للداخل وبقية وحيدة تصارع قلقها
مّرت نص ساعة أو أقل
قفزت بعدها ..’ حين فتح الباب
ودخَلت سيارته منها متوسطَة الفناء
اقتربت بسرعة و أخوها يخرج
من الباب خلفها ..
هبط من سيارته وهو يراقب اقترابها المتلهف
../ السلام عليكم
جالت بنظرها في السيارة فلم ترهم
../ وعليكم السلام .. وش فيكم تأخرتوا ؟
تمعّن النظَر فيها وهو يقول :
../ .. ما قدرت أمشي لأن المطر كان قوي .. فأطريت أوقف عند بيتي لين يخلص .. و جيت على طول
لم تنتظَر تبريره بل فتحت باب السيارة تبحث عنهم
وجدت معاذ نائم في المقعد الأمامي
فحملته بصعوبَة
../ خليه أنا بشيله ..
../ خلاص .. شلته ماله داعي
دخَلت به فتلقفته سمية
ثم عادت لتجد أخوها يتحدث معه وبين يديه يرقد براء
اقتربت منه ..
فصافحه مودعاً
ودخَل به ..
انزل حقائبهم الصغيرة من سيارته
فأمسكت بها
فدفع يدها بلطف
تقدمها وتبعته تتأمل قامته
ابتسمت رغماً عنها , فقد صدقت توقعاتها فيه
أوصَلها واستدار نحوها بعد أن أخفت ابتسامتها جيداً
../ ها توصين بشيء ؟
بتلقائية
../ سلامتك
أمسك بيدها قبل أن تصَل للحقائب وهو يقول
../ أحلفي إنك تبينها
حركّت قبضَتها محاولة التملّص من راحتيه
../ وآفي .. ماله داعي نلعب على بعض
تركها بسرعة وكأنه تذكر شيئاً
../ إيه .. بس تذكري مصيرك بترجعين ..
مطت شفتيها وهي تمسك بالحقائب
وعندما همت بالإبتعاد
رأته يقترب .. ويحتضَن رأسها مقبلاً جبيننها
ولحظتها هطَل المطَر
رأت خطواته فخانها صوتها عندما قالت
.../ وآفي
إستدار لها .. بملامح غامضَة
../ المطَر .. خلك هنا .... لين يخّلص
لوّح بكفيّه وهو يجيبها من خلف ظهره
../ لا أنا بروّح .. إنتي ادخلي داخل اللحين
ورحَل ..

.
. .

كنتُ أهربُ بدموعي نحوَ زُجاجِ النوافذ
علَّني خارجَ اللحظةِ أراكَ
في انعكاسٍ يضيءُ وجهَنا الآخر.

هل الحُبُّ، حقًّا، شرطُ الشقاء؟
وهل الأعماقُ، وحدَها، تُحَدِّدُ سقفَ محبَّتِنا

كُلُّ شئٍ مُستعارٌ هُنا.

الجدارُ والنافذة،
ظلالُ السقفِ،
البابُ الخادعُ بين فراغين،
.إسمي ودمعةُ مِصباحِكْ *

اللذة الخامسة عشرة

.

اللذة الخامسة عشرة

البرد هُنا غايَة في البياض .. رغم ذلك المُزن المتناثر على جيد السماء
لكَن الجميع يتدثّر بأغطيَة كثيرة ليحتمي من مما يشابه
عاصفَة جليديّة قادمَة
و في هذا الوقت بالذات حيث تداعب خيوط الفجر الأولى
سفوح الجبل المطَل على قرية " البرزة "
و التي تبعد عن مكة مسافة 90 كيلو متر
تحّرك شبحه في نحو هدفه
يبدو مشهد قدومه مكرر لأبعد حد
وفي كل مرة سابقَة كان يأتي بنفس ملامحه ونفس المشاعر و بنفس النوايا
لكَنه اليوم مختلف في كُل ما سبق عدآ ملامحه التي لم تتخذ أي شكل جديد
فتح الباب و دلف المنزل وضَع حمولته وأقترب من حجرتها طرق بابها
../ السَلام عليكم
ثواني من نص الدقيقة مّرت ثم فتح الباب لتقول
../ وعليكم السَلام .. يا هلا بوليدي
كم بدآ تأثير الأخير جلياً على عينيه لكَن وجهه أحتفظ بذات الصرامة
.../ الله يحيك .. هذا أنا جبت الموؤنة و سامحيني أنشغلت الأيام إلي راحت
../ الحمدلله الرزق موجود .. وكثير عليّ وأنا حرمه لوحدي .. لا تتعجّل وخذ راحتك لو صادك شيء وأنا أمك
شبح ابتسامة رُسم على طرف شفتيه ثم اختفى كالعادَة
وهي يحادث نفسَه .. بمقدار المشاعر التي ستنهال على هذه العجوز
إذا تحدث ..
لكَنه سيصمت و سيصارع السر بمفرده وسينتظر النهاية
نهاية كُل شيء
,
خرج من القريّة و اتجه نحو سفح الجبل حيث يطل على البيوت و المزارع المحيطة بها
تسلقَه بمهارة مُمارس حتى أستوى عند صخرة كبيرة بالقرب من قمّته
جلس وهو يغطّي كفيه وقد أبدلهما البرد صفراوتين بلا دماء
طارت خيالاته في كُل زاوية من حياته المظَلمة
شقاء ماضيه .. و غياب المستقبل .. وحيرة تكتنف حاضره
مّرت ساعة ثم لحقتها أختها
بعدها رفع هاتفه , وجده مغلقاً .. ففتحه
و من ثم وجد مكالمة لم يرد عليها .. من " ندى "
فأتصَل بها .. دقائق أتاه صوتها النائم
../ هلا صقر .. وينك فيه ؟
../ في الشغَل .. خير صاير شيء
.../ لا أبد .. بس خفت وحنا قاعدين هنا لحالنا .. و أصوآت العمّال برآ
.../ لا تخافين أنا محذّرهم .. ما بيجون ناحيتكم
../ صقر
../ نعم ..!
.../ أبوي دق عليّ .. وقلت له إني عند خالتي .. والله ماعرفت وش أقول
../ زين سويتي لا تفتحين فمّك عنده بشيء من إلي صار .. و برجعك البيت أنا في الليل
.../ بس ما ودي أخليها بالحالها ..
../ ليش بزر ولا وش .. خليها وإنتي لازم ترجعين عشان مايشك أبوي بشيء
زفرت بغضَب
../ أفففف .. وليش ما تقوله و تريحنا ..
../ مع السلامَة
ختم حديثَه الأول عندما عاجله إتصال آخر أجاب مع رنّته الثانية
../ هلا
../ ......
../ إذا ما تبين تتكلمين وشوله متصلة
../ ..........
../ زين , مع السلامة
../ صقر
../ خير
../ ليش تزعلنّي .. ؟
../ اسألي نفسك
../ خلاص بسامحك .. بس قولي وش إلي مغيّرك كذا
../ ما تغيرت
قاطعته
../ إلا .. كل ما اكلمك ترد على بدون نفس أو ما ترد من أساسه .. كأنك تبي تتجاهلني .. ترا مليت
فقاطعها
../ وأنا مليت من سخافتك ..
ولأنها أنثى أتداركت ما ملّ منه الذكَر فعاجلته
../ زين أبا أشوفك ؟

يقسم صدقاً أنها ألجمته ..لكَنه أذكى منها فأبعد الدهشَة بقسوة عن صوته وهو يجيب ببرود
../ و ليش ...؟
../ كذا بس .. بشوف وجهك بعرف من عيونك وش فيك .. وش إلي
قاطعها مجدداً بلا مُبالاة
../ سارة مالها داعي الذكاء الزايد .. لو ما عليك أمر أنا بقفّل و بكّلمك بعدين ..
ثم سّد الطريق أمامها ,أو لمحاولتها الالتفاف حول قلبه
لتتأكد من حبال حُبها داخله ..
لكَنه لن يسمح لها أن تفعَل فقد أرادها لغرض في قلبه
لن يجعلها تتمادى فيه أكثر
نهضْ عن موضعه وأبتعد .. نحو سيارته
ثم أستقلها و ابتعد بها عائداً إلي المزرعَة
فأبيه سقط عقبَة أُخرى في طريقَة ..
فأي حَل سيسلك معه هذه المّرة
أبيض أم أسود
؟
*
../ لك خيار ماله ثالث يا تسوين معجنات يا حلا .. أما نروح لهم بالاثنين أحس حرام إسراف
../ إسراف بعينك .. تبين ست أنفار يدخلون بصَحن معجنات بس .. بالله مو عيب
../ لاآآ يا ذكية نقسمّه على أثنين كل ثلاثة يشيلون واحد
أنهت نورة الحديث بقولها
../ أسكتي إنتي وهي .. زهرة إنتي بتسوين المعجنات و عفاف عليك الحلا .. و لا يكثر
زهرة ../ حرآآم يا نااااااااس .. تبذير

جنــــون
05-16-2012, 12:20 PM
عفاف بضيق ../ تصدقين اقتنعت بفكرتك
زهرة ../ قومي سّوي الحلا .. ~ ومقلدة لنورة ~ و لا يكثر
بدأ يومهم بكَسل رغُم ذلك كل الحماس المشتعَل في قلوبهم
فعمتهم ستأتي إليهم عصراً .. ليذهبوا سوياً للحفل
انتهين من إعداد الطباق وخلدن للراحة
بعدها جاء العصَر وعادت أمهن من عملها
ثم دخَلت لتسترخي قليلاً قبل قدوم العمَة
ارتدين ملابسهن و بدأت ضّجت الفتيات المُعتادَة
../ عفاف لو سمحتي بدلي .. روحي بسرعة
عفاف ../ ليش ...؟
آلبتول ../ الله يقرفك .. ماعندك أعدل من هاذي البدلة أصفر وأخضر .. آخاف يحسبونك شاحنة صرف صحي مهوب إختنا
../ ماااالت عليكِ .. من زين لبسك .. واللحين الناس بتخلي كل البنات إلي هناك ويطالعون فيني
../ إيه والله وإنتي الصادقَة .. ما في خلقتك زود عن البشريّة
قاطعهم صوت زهرة التي تدعوهم للنزول
فعمتهم أصبحت هُنـآ
نزلن و وجدنها قد جلسَت بينهن
سلّمن عليها بخجَل ثم جلسَن لتقول
../ والله يا أم طلال إني أفتقدتكم حييل .. الحمدلله إن رجع شغل أبو محمد هنا ولا كان مدري وش سويت لحالي هناك
أجابتها وهي تسكب القهوة لها
../ وحنّا افتقدناكم أكثّر .. نّورت فيكم مكّة
../ قصَدك زآد نورهاا ... ع طاري النور .. كيف حال نورة ..؟
أجابتها نوره بذوق و انسيابية :
../ بخير و عافيّة .. كيف حالك إنتّي وكيف حال عمّي أبو محمد و الأولاد .. !؟
ابتسمت لها وهي تجيبها
../ الحمدلله على كُل حال ..
تابعت وهي تتأمل شكلها بدقّة و إبتسامة رضى تعلو شفتيها
../ والله يافرحتي فيك يا النوري .. الله يسهّل و يتمم لكم
حمرة خجل خفيفة التهمت أعلى وجنتيها
فبددت نظرها للأواني و القهوة
بعدها نهضَت لتحضَر المعجنات .. مع أن ذلك كان مُبكراً
زهرة تهمس لـ البتول
../ آخخخ .. واستحت العروس
../ لا حظي سألت عنها بس .. ونحنا
فقاطعها التفات عمّتها لها
../ ماشاء الله .. والله وكبّروا البنات .. وينهم نور و شروق عنكم ..!
أعتلى التجهم ملامح الجميع
بينما أجابت نوره التي عادت لتوها
.. / فوق .. وش رايكم نمشي أخاف تأخرنا على الناس
وعلى قولها حدثت ربكَة سريعَة للنهوضْ
وتفّرق الجمع وبقي السؤال بنص إجابَة
بينما القلق يلتهم قبل الأخيرة .. فكم سؤال
يشبَه هذا ستجيب به الآخرين ..!
وأي كذبة ستلفقها لترضي فضولهم
*
أبعد الستار عن النافذَة
وجلسَت تتأمل ما بالخارج بصَمت
الفناء الكبير الذي يتوسط مجمع الفلل
الذي يقطنه أقاربها ..
يجعَل ذلك الفناء في حركة دائماً
لكَن في هذه الساعة الكُل خلد للنوم
فقد رقدت العقارب على سن الثالثة فجراً
تحسب عدد الأيام الذي أنقضَت منذ خروجها من السجَن
وعدد المرات التي تحدثت فيها أيضاً
قد يكون سجنها الانفرادي علمّها الكثير
و " هديل " القديمَة اندثرت مع أول يوم اختفاء
تأملت الزرع الذي سوّر الحائط في الجانب الشرقي للفناء ..
فحّرك ذلك رغبة في داخلها لكّي تخرج و تلمسها وهي مبللة إثر مطّر توقف منذ برهة
تحركت يحدوها شوق فقط .. مع علمها بإستحالة أن تصادف أحداً في وقت كهذا
فخرجت من غرفتها الصغيرة و التي قد كانت كخزنة
أخذتها قسراً .. من دون علم جدتها
وصَلت للفناء الخلفي وهي
تتأكد من وضَع حجابها و تبتسم بسخريّة مّرة
متذكَرة ماضيها حيث كانت حُرة كما تظَن لم تكُن تعرف في منزلها حجاباً أو ستراً .. ولا فرق بين أخيها وأجنبي
تركت .. " الحمد لله الذي هداني وعافاني "
تنساب بهدوء مع زفرة قصيرة
تحركت بعدها للخارج ..
نحو الباب الزجاجي المفضي للحديقة الخلفية
حيث تكون حّريتها أكبر ..
اقتربت من ذات المكان حيث ترى .. أسيل
تجلس دائماً ..
جلست على الأرض متجاهلة كُل ذلك الطين أسفل منها
فهّب نسيم عليل بارد
جعل قلبها يرتعش بسعادَة
فمنذ زمن لم يداعب أنفها هواء محمّل برائحة مختلف عن رائحة الجدران المتعفّنة ..
شعرت بشيء أشبه بكائن يرفرف في قلبها
شيء ما جعلها تبتسم وهي تقول بصدق
../ يا لتني جبت القرآن .. كان كمّلت حفظي في هالوقتْ
ثم وكأنها تذكرت أمراً فنهضَت ..
عاينت القبلة في غرفتها الموازية للمكان
../ يالله.. ماخسرت .. بقوم الليل هنا ..!
وبدأت تصّلي بخشوع .. خلقه صدق إيمانها وتوبتها
و كان لما حولها أثر في زيادته عليها
انتهت من صلاتها متلذذة بأركانها
تدعو الله بصدق في كُل سجود
أن يغفر لها ما مضَى .., من ماضي مظَلمِ
ثم نهضَت وهي تهمّ بالأخرى

../ تقبّل الله منك يا حجّية ..!
تبع ذلك صوت تصفيق بارد للغاية ...
ألتفتت بهدوء على أثره لها ..
أسيل هُنا ... و الآن ؟
لم تكُن تتوقع وجودها
وفي هذا الوقت أيضاً .. تحفظ مواعيدها عن ظهر قلب
فما الذي جعلها هنا ..
كانت تحادث نفسها وهي تتأمل أختها التي راحت تتقدم منها ببطْ
../ وش تبين ؟
سألتها بقلق حين لمحت تلك النظرة في عينيها
شيء من القهر و الجنون نظرة مختلفة تماماً
لا تستطيع تفسيرها
../ أنا.. أنا وش إلي أبي ..
حتّى صوتها خرج مختلفاً هو الآخر
حينما تابعت قولها وهي تقترب وتهمس ب
../ تسوين لنا فيها البنت الديّنة المصلية .. وإنتي كذابّة .. أنا ما يقهرني زود إلا هالملامح
أمسكت بوجهها وراحت تضغط على ملامحها بقّوة
فأحاطت الأخرى ذراعها بقبَضَتها المحيلّة محاولة إبعادها عنها ..
فتابعت أسيل بحنق
.../ بس هالوجه إلي يشبهني .. أنا ما أعرفه .. يوم رجعت أدور أختي إلي قطعتني ..قالوا لي بكل بساطَة ماتت
ههه .. تدرين ليش ... ما يبون صدمتي بعد تكبر بموت أمي وأبوي.. مايبوني أتجنن زود .. فحطّوكِِ معهم و يا ليتك معهم ..
دفعتها هديل ببطء عنها حين لمحت ذلك الغضب في عينيها
لكَنها ألتزمت الصمت أمامها فتابعه الأخرى
وهي تقبضَ بكفيّها على حجابها
../ حاول هو .. حاااول يقنعني لكّني صديته .. أختي موب كذا.. إختي لو ماتت مات شريفة مو مثَل مايقول .. يوم جيتي ما سألتك كنتي ويــن .. لكَن خريجة سجون ..
قّويييييييية .. قويييييييييية عليّ
تركت دموعها تنساب بقسّوة على وجنتيها المحمرتّين من الشدّة الغضب و البرد
بينما تجندلت هديل في صمتها وهدوءها وكأنه
سيناريو مكرر ملّت مشاهدته
../ تكّلمي .. تكلمي .. يالوا***** .. قولي برري لي .. قولي إنك أنظلمتي .. قولي إنهم رمووك ولا حفلوا بك .. قولي إنك ما تستاهلين إلي يقولونه فيكِ .. قووولي
..

جنــــون
05-16-2012, 12:21 PM
كانت تنظَر إلى عينيها تسترجي عذراً
أي عُذرا , لن تبالي حتى إذا كان كاذباً بوضوح
ستسارع لتقبيلها وإحتضانها من جديد ..
تكره أن تعيش الألم طويلاً تريد تبديده بأي وسيلة كانت
لكَن هديل كانت كخرسانة إسمنت في جادَة الطريق
بملامحها الصمّاء عن كُل شعور ينبأ باستجابتها
أو حتى تعاطفها ..
كُل ذلك جعَل الألم يتصاعد في كيان الأخرى حتى ألتهم آخر بقايا صبرها
بكَت وهي تردف بألم و كأنه يشيع قلبها أما عينيها
../ كنت أدري ... حاسَة إنك حيّة تتنفسين .. عارفة إنهم دفنوك حيّة بس مدري وين .. كانت أحسن فكرة أصبر فيها نفسي إنك ميتَة .. وما بترجعين بس إنتي
و دفعتها بقّوة محررة قبضَتيها وهي تنفضَهم بإزدراء
../ مقرفَة .. إيه .. وماعندك عذر .. خاينَة .. يوم صار مالك رقيب ولا حسيب لعبتي بكيفك .. ونلتي جزآك .. ما تستاهلين ولا شيء حتى هالبيت إلي ضافك .. حتى ..
حتى
حّركت رأسها حولها وكأنها تبحث عن كلمة أو شيء مفقود لتتابع
../ حتى .. جلستي هنا أطالع خربشاتنا .. أحلامنا وذكرياتنا .. ما تستاااهلين ..
ثم قتلت دمعَة اتخذت طريقها على خدّها
وهي تتراجع إلى الوراء
../ ما تستاهلين حتى .. دموعي هاذي .. ما تستاهلين
و اختفت تماماً عن ناظريها
أيُّها الوترُ المشدودُ من جِذْعِ قلبي حتَّى أقاصيَ الغاباتْ
أيَّتُها العصافيرُ العَطْشى، يا كلماتي
في الضبابِ أضَعْتُ موطئَ ظلِّي
كما يضيعُ عُمْرٌ، حُلُمٌ، حُبٌّ
وطنٌ من بين الأصابع
مثلما يسقطُ خاتمٌ في نهرٍ
مثلما ينكسِرُ فنجانٌ
أو إنسان.

..

*

اعتدلت في جلستها وهي تزفر بضيق
وتتحسس قلبها .. وكأنها تتأكد من أنها لا تزال على قيد الحيآة
في كُل مّرة ترجو أن تنام بسكون ..
تشعر فجأة أنها أصبحت ترقد بين يديه
وكأنها تسمع صوته ..
زفيره الساخن على أذنيها
يجعلها تستيقظ لاهثَة من كابوسَه
تتمنى أن ترى عينيها ظلمة السجن .. والتي صارت محببة
إلى قلبها ..
لكَن عينيها التي تتأمل ندى الراقدة بجوارها يعيدها لواقعها المؤلم ..
نهضَت ببطء .. تريد أن تصَلى فقد أسرفت في النوم
حد تفريطها بالصلاة ..
توضأت وعادت إلى الغرفة سريعاً
وكأن أحداً يلاحقها
شعرت بحركة ندى على السرير
لكّنها كبّرت وشرعت في صلاتها
ثم غرقت في تبتلها حتى فاضَت عينياها
انتهت وتركت قلبها معلقْ بدعواتها ..
ألتفتت حين أصدرت ندى صوتاً من جديد
فوجدتها قد جلست على طرف السرير
و هي ترتجف من البرد
../ بررررررد .. موب بردانَة؟
نهضَت وهي تطوي محرابها و تخبئه بعناية في احد الأدراج الفارغة
../ لا.. تحركي و بيخف البرد ..
منذ استيقظت من مرضها .. وهي تشعر بأنها تتحاشها
تتجنب النظر إلى عينيها .. وتجيبها هكذا
بإجابات مقتضَبة ..
خرجت وتركتها
فأمسكت بالمصحف ورتبت فراشها بيد الأخرى
ثم جلسَت عليه لتقرأ
مّر من الوقت ما مّر
بعدها عادت ندى .. وضَعت أمامها طبق
وهي تقول
../ يالله .. لازم تفطرين لأن الدوآ بعد ساعة ..
بدون اعتراض أبعدت المصحف .. وبدأت تأكل بآلية
تذكر أنها لازمتها في أيامها الأولى في السجن
ابتسمت بسخريّة .. فلمحت ندى ابتسامتها
فقالت بهدوء
../ وش إلي يضّحك .. ضحكيني معك ..!
نظَرت إلى وجهها مُباشرة
وهي تبحث عن الصدق في عينيها ..
سألتها ببرود
../ ليش تسوين كذا ؟
اتسعت عينا الأخرى للحظة لم تلبث أن تختفي لتعود لطبيعتها
../ وشو له هالسؤال .. أنتي أختي ولا عند رأي ثاني ؟
لم تجبها بل ظلت تتأملها بصمَت
مما جعَل ندى ترتبك قليلاً
فقالت بإبتسامة
../ كمّلي فطورك .. ترا لو ت
قاطعتها وهي تهمس بهدوء
../ يوم خرجت ما توقعت ألاقي أحد يوقف معاي .. بس شكرا
برود غريب تقسم ندى أنها لم تكُن كذالك
تتذكر صبا الجميلة المرحَة التي مرضَت شهراً
من إثر فراقها .. حيث لازمتها أطيافها في كُل مكان ..
إحتضَنت قبضَتها وهي تجيبها بصَدق
../ صدقيني من فارقتك مرضَت .. ما تحملت إلي صار لك
../ هه . أكيد أنصدمتي منّي .. أكيد إني طحت من عينك
تقسّم .. بإفرآط .. وهي تسرف في إظهار الصدق على ملامحها
../ لا والله .. والله .. ما مّرضني إلا ثقتي ببرائتك .. وشلون أشوفك تنظلمين قدّامي .. ولا بيدي شيء أسويه لك ..
ابتسمت ببرود وإنكسار وهي تنظَر لذلك الشعور خلف عينيها
بينما جُل ملامحها تكذبها
قاطعها صوت هاتفها ..
فأجابت .. تكلمت للثواني ثم أغلقته
وألتفتت لها .. وهي تقول ببساطة
../ هذا صقر يقول إنه قريب ..
لمحت تغّير ملامحها وإكفهرارها
فقالت بهدوء مطمئنة
.../ لا تخافين .. صقر طيب .. وما بيأذيك
وكأنها زآدت من الرعب المرتسم في عينيها
وهي تمسك بكفيّها و تطلب برجاء
../ وإلي يرحم والدينك .. ما تخليني هنا لوحدي
أزدردت ريقها بصعوبَة وهي تقول
../ ودّي والله ما اتحرك .. بس أبوي يسألني ويني وصقر ما قاله إنه تزوج .. ف
قاطعتها بسرعة ..
../ خلاص أروح معك ..
ابتسمت بارتباك
../ كيف وصقر ..؟
حّركت رأسها بقوة و الدموع تحجب الرؤية
../ طيب .. ياربي .. كلمي ميسوون .. شوفيها
رفعت حاجبيها وهي تتأمل مقدار الرفض في عينيها
تشعر بأنها ستهرب لو تركتها وحدها
أمسكت بيدها مطمئنة
../ بكلمها اللحين .. اصبري
نهضَت مبتعدة نحو النافذة وهي تنتظر الإجابة من ميسون
ندى ../ السلام عليكم
ميسون ../ وعليكم السلاآآم .. كيف حالك يا ندى ؟
ندى ../ بخير الحمدلله .. كيفها أمورك ..في الشغل إنتي ؟
ميسون ../ إيه .. ليش فيه شيء .. صبا فيها شيء ؟
ندى ../ لا الحمدلله .. بقولك أبوي صاير يدق كثير يبي يعرف ليش أنا جالسة عند خالتي .. طبعاً هالكذبة قلتها له عشان تدرين بالوضَع
../ إيه إيه .. لا تقولين إنك قلتي لصقر
../ إلا قلت له .. وش أسوي يعني أحس أبوي شوي ويطلع من السماعة .. والكذبة حقي قصيرة الأمد .. والله إني ما ودي أخليها .. بس لازم أروح أدور كذبة .. وأرجع لها

../ أممممم .. طيب خلاص روحي وأنا بجيها بعدين
همست
../ ميسون البنّية كأنها مفجوعة ما تبا تخليني أروح إلا ورجلي على رجلها .. هي يا إنها خايفة من الوحدة أو من صقر
.../ من الإثنين .. أمممم أنا بكلم بندر يحطّني عندها .. قبل ما تروحين .. فلا تتحركي إلا يوم أوصَل
../ زين .. وبعدين
../ خلي بعدين لوقته .. أنا بعد يوم بأخذ إجازتي .. وأنا بتصّرف ..
../أوكي .. يلا في حفظ الله
../ مع السلامة
استدارت نحوها وهي تبتسم ببساطَة
../ ميسون تقول إنها جايتك اليوم ..!
../ بس لو رحتي
قاطعتها
../ لا قبل ما أروح يعني بتقابل معاها هنا وبعدين بروح
زفرت براحة كبيرة وكأنها أزاحت عنها هماً عظيماً
../ الله يبشّرك بالجنّة .. والله إني خفت
سألتها باهتمام
../ خايفة .. من إيش ؟
أرخت بصرها وهي تنظر لقدميها المعقودة أسفل منها
وبدأت في فرك أصابعها مع بعضَها بتوتر
سّر لا تقوى على إفشائه
كّلفها الكثير .. ولكّنها ستحتفظ به
قد يكون أقل من أن تتحمل كُل هذا من أجله
ولكَن لن تبدو خائنة في النهاية
فمن القبيح أن يقترف البطل سوءاً
بعد منتصف الحكاية ..
ستسقط من عين نفسها قبل الأخرين ..
يكفي إنها أصبحت حثالة تستحق العيش في مورد الإبل
فلو قالت ما في سّرها .. قد ينعتوها بالجنون
ثم تبكي فضَيحة تتلوها أُخرى
وهكذا , تركت سؤالها معلقاً للأعلى
ثم تتحادثان .. و أتت ميسون
جلست بالقرب منها تعِدها أن لا تتركها
وتخبرها عن صديقاتها في السجن هناك
تتأمل أحاديثها الحماسيّة .. عن طفلها القادم
و تسألها اقتراحاتها في تسميته ..
تجيبها بكلمات متقطّعة وإيماءات بسيطَة
ستغادرها عندما تلد .. وقريباً
ستبقى هي وهو
تذكّرت الهديّة .. فعاودها الخوف
شيء أشبه بأشواك تتحرك في جوفها
تعلم نيّته .. ولكَن تشعر بأنهُ يخفي وراءه أمراً
عينيه .. لم تعَد كما تعرفها
تغير فيه شيء
لكَن تجزم بأنه صقر هو صقر
ذا الحقارة الشفافَة التي لمستها عينياها
ستدّرب قلبها على الصبر
و ستنتظَر .

",وطن منساك تجي ذكراك ،
ودمعاتي تونسني!
وأرد الآه تلو الآه..
وصدى الآهات ..يذبحني !
غريب صاح بعد ماراح
محد يدري ويسمعني
أنا ياليل أعيش الويل
ندا الخلان يتبعني ..!! "

تكنسُ الكوابيسَ كُلَّ فجرٍ عن عتبةِ البيتِ
تقشِّرُ قبالةَ النافذةِ بصلتيْن
كي لا يسألَها اليمامُ عن دموعِها.*

الذة السادسة عشرة

نزلت خطواتهم طويلاً حتى إستوت في على ناصية الطريق
يتقّدم جمعهم طلال .. وأحد أصدقائه
أحاديث طويلة متبادلة بين وآلدتهم وعمتهم
حول ترتيبات زواج نورة ..
مالت عفاف على نورة
../ يعني مو قادرة تصبر .. لين نوصَل وتتكلم ف هالموضوع
زهرة بجدّية
../ أحسّها من جدّها من جات وهي ما أنفكّت تسولف عن ولدها
عفاف يسخرية
../ أنا بغيت أقولها مابعد سوينا حفلة بمناسبة عودتكم .. إلا وهي قدّها بتصّكها عرس مّرة وحدة

البتول
../ والله أنا مو مفرحني شيء إلا شوفة أبوي مبسوط بأخته الكبيرة وأولادها ..
اقتربت خطواتهم بسبب قطعَهم الطريق
و زهرة تتابع بإصرار
../ لا بس حكاية الزن هاذي غريبة ولا
وصَلن للضفة الأخرى و البتول تجيب
../ أصلاً نورآ بجيب الولد وغصب بتوافق إلا قولي موااافقة .. بس المسألة وشوله هالعجَلة ..إلي مـ
قاطعتهم نورة التي سمعت حديثهم منذ بدايته
../ لأنه بيسافر قريب
شهقّن بشَدّة فلتفتت لهن والدتهن
../ وش فيكم ...!
.../ سلامتك يمّه .. بس كنّا قربنا من البيت شكَله هذاك إلي مسرجينَه
../ زهورة وش هالكلمة ..؟
../ خخخخخ .. مدري بس وش يقولون أجل ..؟
عفاف .. /قولي البيت إلي معلقين فيه حبل لمّبات ..
أسرعت خطوات الأم والعمَة في المقدمة
فتراجعت زهرة في خطواتها حتى حاذت نورة
../ اللحين من جدّك تتكلمين .. !
../ مهوب وقته .. خلينا نرجع البيت وبقولك كُل شيء
سألتها بحزن
../ بتروحين يعني ..
لم تجيبها وظّل همّها خاوياً تشاركها فيه
ليس لأنها عروس ستتزوج وترحل مع زوجها ..
كحالة عاديّة .. تتكرر كٌل يومْ
بل لأن شيئاً خاصَ مختلف في قلوبهم
هوى سحيقة تخترق قلوبهم هُم فقط
دون غيرهم من المحيطين بهم ْ

ليسَ بإمكانِ أطفالٍ في مثلِ ألوانِهِمْ
أن يناموا في هذا البياضِ القارسِ!.

مثلُهُمْ
يرغبُ في مسافةٍ
يسقطُ فيها ألمُ الفقدِ
حينَ تظهرُ الشمسُ
ويغيبُ عنهم
.للأبد *

وصلوا للمكان وتفرقوا البنات عن والدتهم
تخافتت أصواتهم وتعليقاتهم ترسم ابتسامة طبيعية على ملامحهم
../ اصبري بسأل لي وحدة متى الزفة
أنطَلقت ضحكاتهم العفوية على تعليق البتول
و زهرة تكمَل
../ هههههههههههه لاآ قولي لهم .. ما درينا العروس من بيت من ؟
../ خخخخخخخخخخخ .. خبلة.. إلا تعالوا من جدهم هذول ..شكله بوه بوفيه من هناك
عفاف
../ يحق لهم كُل هالعز .. و ما يسوون عرس بمناسبة رجعت ولدهم
أقتربن من إحدى الطاولات الفارغة ونورة تعّلق
../ بنات أرخوا أصواتكم عيب عليكم .. وأنا بروح عند أمي هناك تبيني
زهرة
../ ايييييييه .. أمي تبيك يعني مو عمتي
ألقت بحقيبتها في حجرها وهي تقول بغيظ
../ أسكتي لا أذبحك ...!
وأختفت عن أنظارهم
بدأ الدف يعلو في المكان و يعكس تأثيره في نفوس
فنهضَت البتول وهي تقول
../ لاآآآآآآع .. تحمسَت .. أخ لو نورة فيه نتصادق مع الطقاقة على طول
إبتسمت عفاف بحُزن
../ إي والله .. ما تخلي أحد ما تسلم عليه .. لين الناس صاروا يعرفونا منها
زهرة
.../ أقول قومي قومي .. بدل ما تفتحوا لنا مسلسل درامي
عفاف بقرف
../ لا والله ما أرقص .. إنتوا روحوآ ..
../ وإنتي للحين على تفكيرك حق العجايز
../ وعاجبني .. زين
../ لا موبايلي .. ياالله بتول ..
أستمتعن حتى آخر لحظَة وعندما دقت أجراس الثانية عشرة
تبادلوا الأخبار بأن أبنها سيزف حالاً
تججبن النسوة و صوت ضَحكت زهرة المميزة تخرق الصورة
وهي تقول
../ والله إنك ما كذبتي .. مصّدق عمره معرس ..
../ اصبري .. اللحين نتفاجأ إنه مع عروس
ثم سكنت الأصوات إلا من الهمس عندما أغلقت الإضاءة
.. / لاه جنّوا الناس ..
../ وش لك أنتي أم وفرحانة بولدها
ليظهر هو المدخَل مع أخر تقدمت خطواتهم و أعينهم على الأرض ..
حتى أستوآ على المنصة وبتول تشهق بقوة
../ وللللل .. هذا رعد .. وش جايبه هنا
إبتسمت عفاف وهي تهمس لها
../ يا خبلة مو أم رعد صديقة أم سلمان
.../ أدري بس وش وله الثانية مطّلعة ولدها ..
../ ياربي على هالتناحة .. مو كانوآ مسافرين ..
قاطعتها زهرة
../موب مع بعض .. هذاك من زمان مختفي .. و الثاني له حول السبع ثماني شهور بس ..
أومأت بتول بفهم
../ إييييييييه .. أذكر يوم راحت نور العين .. هو سمعنا عن إختفائه بعدها بأيام
و أرتجف قلب الكبري بينهن في صدرها
فلطالما كانت تربط و تحّل .. وتربط وتحل
وفي كُل مرة ترجو أن لا يكون شكها صحيح
قتلت دمعة أو شكَت على السقوط وهي تهمس لقلبها
../ يارب يانور يكون إلي في بالي غلط
خرجن من المكان بعد تناول العشاء
ثم ودعَن عمتهن التي رحلت إلى منزلها
وهي تسلم على نورة للمرة الثالثة ربما
وصَلن إلى المنزل و ستلقت كُل وآحدة في فراشها بتعب
زهرة ../ أول مرة نرجع البيت في هالوقت الباكر ..
عفاف ../ لأن أبوي معطينا إجازة من البيع ولا حنا اللحين بالحرم لين الصباح ..
البتول دخَلت
../ أقول ما شفتوا .. شروق وينها ..؟
هبت زهرة من موضعها وهي تقول بلامُبالاة
../ والله هالبنت أنا متبرية منها .. من يوم شفت عيونها تبحلق فولد أم عبدو .. قلت لا بالله هالناقص
عفاف بعصبية بسيطة
../ حرام عليك .. ترا توها صغير كلها سنة و نحبسها بالبيت خليها عنّك اللحين ولا تحشرين هالسوالف في عقلها ..
أغلقت نورة كتابها وهي تلقيه على المكتب فألتفتت لها زهرة
../ ما قلتي لنا .. وش العلووووم إلي عندك ..!
نظرت لها من طرف عينها بغضب وهي تهم بالخروج
فبادرتها زهرة سريعاً
../ خلاص خلاص أتوووب ..
وعندما أختفت علقّت بصوت مرتفع نسبياً
.../ يه مدري وشفيها العروس معصبَة ..
دخلت في غرفة والدتها فوجدتها تمشّط شعر شروق
فقالت لها
../ ما قالت لك عمتي متى جايتنا بكرة ..
.. / والله مدري .. بس أكيد إن بخلي الشغل لأخواتك .. وأنا وإنتي ببنزل نقضّي من بدري قبل العرس ..

جنــــون
05-16-2012, 12:21 PM
إلا ما بقى له غير أسابيع ..
أجابتها وهي تسرح لعالم مُختلف لا تطير نحوه أي عَروس
../ إييييه .. الله يعينا
تركت والدتها المشط ينزلق من يدها وهي تنظر لعيني إبنتها
../ أقول نورة ..؟
../ سمّي
../ سم الله عدوك .. أم رعد سألتني عن .. عن نـور
عقدة نورة حاجبيها وهي تقول بجديّة
../ حتى أنا سألتني عنها .. وش سألت بوه .. ؟
../ قالت لي كذا ..: وينها ليش ما جات مع البنات
../ إييييييه .. زين وش قلتي لها أنتي
إجابتها وهي تخفض عينيها و تكمل عملها بحسرة
../ بالبيت .. بس هي تعرفكم ؟
ابتسمت لها نوره ابتسامه باهته يعكس رمادّية مشاعرها
../ لا والله .. بس سألتني قبلك .. من نور فيكم ؟
عضّت الأم على شفتيها وهي تهمس لها بندم
../ بس أستغفر الله كذبنا
فأتسعت حدقتي نورة
../ لاآآ .. وش تبينا نقول بعد ..يالله بإذن الله قريب تخرج و وتصير بالبيت من جد .. ما كذبنا
زجرتها
../ قصري حسك لا يجي أبوك .. و يزفنّا
عقدت حاجبيها وهي تنهض بغضب
../ على وش .. بتكلم عن أختي .. يلي غصب عنه بيعترف فيها .. و يمه ترا نور إذا خرجت مكانها هنا .. و الكلام إلي قاله لك ولا شيء منه بيصير .. و أنا المسؤولة

وأختفت كعادتها تحترق غضباً
بسرعة ..,
ثم تنطفئ وكأنها لم تُكن ذاتها تلك الفتاة منذ قليل
تدرك مقدار الألم في قلب بكرها
و تتألم سلخاً في كيانها حُزناً على طفلتها
همست برجاء
.../ يااارب ردّها علينا سالمة .. و سلمنا بعدها من كُل شر
ثم إخترق ذلك صوت صغيرتها يقول
../ يمه نورة العين متى ترجع من دراستها ؟
وتظَل الكذبة ككرة ملقى في ملعب هذا وذاك
ولكُلٍ حُرية قذفها في أي إتجاه شاء
,,,,,,,,,,,,,,

*
تتأمل الشارع الراقد أمامها بهدوء وسكينَة تحيطان بها
ملامحها المريحَة تبتسم لشيء يداعب ذاكرتها
حّركت هاتفها المحول داخل جيبها وهي تقاوم رغبَة للإتصال بها
لكّنها غّيرت رأيها سريعاً .. وهي تتذكر ما سيقوله حُسام لها
لو فعَلت ذلك
تتذكَر يوم وداعها لأعمامها الذين تقبلوا خبر سفرها وأخيها كإعلان للعيد غداً ..
أو ربما تبالغ في مشاعرها كعادتها ..
لكَن السفر للدراسَة كان طُعماً لذيذاً لهم
و يالا غبائهم .. أي دراسَة يرجوها طبيب .. و ممرضَة
نعَم أحياناً نصنع غبائنا بأنفسنا لكّي لا نتكبّد عناء السؤال
رفعَت معصمها تنظَر لساعتها التي أشارت للسادسة صباحاً
أبعدت كوب الحليب الذي تشربه دائماً في وقت متأخر
جالت بنظرها في الشارع وهي تقاوم رغبَة في النزول نحو الشارع أمامها
ستبدأ مناوبتها بعد ساعتين ..
تمسح على معطفها الأبيض الطويل
ثم تأكدت من وضَع حجابها جيداً
ابتعدت البوابَة حتى وقفت بالقرب من جادة الطريق
حّرك طرف معطفها الهوآء البارد
فسرت في جسدها قشعريرة باردَة ..
جعلتها تحتضَن جسدها بذراعيها
وقفت طويلاً .. أمام سكون الشارع إلا من بعض المارة
وأصوات المروحيات التي تظهر من العدم ثم تعود إليه
تركت عقلها يسرح مّرة أخرى في مراهقتها المعهودَة
و لكَن هذه المرة لم تتمنى وجوده حين سمعت صوته من خلفها
../ وش تسوين ..؟
فاجأها و بدآ ذلك على ملامحها
التي ما لبثت أن عادت لطبيعتها
وبخجَل طبيعي أجابته
../ ولا شيء .. أطالع الشارع
لم تتجرأ وترفع عينيها لتلتقي بعينيه
لكَن صمته جعلها تفعَل
فكرهت نفسها عندما رأت نظرة الاحتقار في عينيه
فهمّت بِالرد عليه
لكَنه قاطعها ..
../ يا الله .. أدخلي داخل.. موب جايبينك تستمتعين و تناظرين برجال الرايحين والراجعين بالشارع ..

صُدمت من جرأته وهي تقول
../ وشو .. وش تحسبني إنت ..
فأبتسم بسخريّة لها لتقول بتوتر
../ صَح إني كُنت ... آآ ب بس ترا
لكَن ذلك الصوت الصغير الذي صرخ خلفها
../ يا عمووو .. ألحئ علينا بابا مريض
صبي نطقها بقّوة و ركض
لم تتمكن حتى من رؤية ملامحه جيداً
بينما لحق به هو بسرعة وهو يصرخ بها
../ سلمى جيبي الشنطة جنب الدرج ..بسرعة تحركي
بقيت متجمدة في مكانها لثواني
ثم استوعبت الأمر و ركضت لها أحضَرتها
ولحقت بطيفهم
تجاهلت كُل مشاعرها .. وندآء الوآجب
ذا الطعم المختلف يتحّرك في كيانها
و يحركها صوب الأمل
لكَن ذلك الإثنان
لا يعلمان أي قادم
ينتظَرهم ..
وما ستخبئ لهم تلك الرحلة
رحلة الاعودة
*

جنــــون
05-16-2012, 12:21 PM
.../ مدري أحس إني أستخفيت ..

../ ههههههه .. من زمان توك تدري .. موب إستخفاف قولي تناحَة مدري من وين طلعت لك

ابتسمت ببساطَة على قولها وهي تمسح على إبنتها الراقدَة على

سريرها ..

../ ها .. أتصَل أبوهم ؟

عقدت حاجبيها لذكره وهي تقول

../ و ليش يتصَل

../ لا قلت يمكن عشان يتطمّن عليهم ..

أجابتها بإمتعاض

../ إييه .. يطمّن .. مو فاضي لهم تراه

سميّة بتهور

../ لاآ حرام عليك الرجّال ما قصَر أبد .. إنتي ما تعطينه فرصَة

وتوقفت حين أدركَت خطأ ما تتفوه به

فسألتها الأخرى بصوت حاولت ان يخرج طبيعياً

../ والله .. تشوفين إني انا الغلطانة

إبتسمت بحرج وهي تشتم نفسها في داخلها

../ لاآآ مو كذا قصدي .. هو غلطان إنه يحاسبك على شيء إنتي بريئة منك وتركّب عليك .. فاهمَة .. بس إنتي عطيه فرصَة يمكن ندمْ.. وبيعتذَر

نظرت إليها بحدة وهي تنتزع الكلمات من قعر الألم في داخلها

../ والله إلي ممكن يندم .. ما يتكون له قّوة يتزوج عشان يقهرني وبس .. بس تعالي قولي لي وش تخبين ..؟

تراجعت وهي تتنحنح بإرتباك

../ ها .. لا ولاشيء .. بس لالا .. ولا شيء

زفرت بتعب وهي تتكلم بصوت تكتم فيه غضبها

../ سميّة كذا بأدب تكلمي وش فيه ؟

تكّلمت بيأس

../ مدري ترا .. بس كأني سمعت أمي تقول ل أم وافي حياكم الله .. لا تسأليني ليييش .. مدري ترا.. بس قلت يمكن جلسَة ثانية بعد ذيك الأولية

حّركت رأسها وهي تسرح للحظات ثم تعود لتقول ببطء

../ تتوقعين إني أرجع معهم لبيتي ..

اتسعت عينا الأخرى وهي تقول

../ لا لا لا لاتغيرين رأيك خليك قّوية .. ولاتبينين لهم إن موقفك ضعيف .. ترا أمي ب

قاطعتها

../ أدري .. والله أدري .. أمي خايفَة على مستقبلي صحيح

لكَن في قلبي قهر ما تتخيلينه يا سميّة .. أحس إني كأني تركته يروح للثانية بكيفي .. أنا ما رضيت أرجع من البداية .. بس أمي الله يسامحها خّربت كُل شيء

مع جملتها الأخيرة

أهتز صوتها ومالت شفتيها قليلاً

فاقتربت منها سمية وهي تربت على كتفيها

../ صدّقيني إنك طيبة زياااادة عن اللزوم .. وبتعرفين ليه يوم يجوون ..

نظَرت لها بحدة وهي تحاول ان تقاوم غشاوة الدموع التي حلّت على عينيها

.. / سميّة وش تعرفين بعد ..؟

زفرت وهي تهمس لها بضيق

../ والله مدري وش أقولك .. عمتي موب حابه حرمة وافي مّرة ..و وافي ملزّم عليها تجي عند أمي وتقول لها على شرط جديد طلع فيه بس ما قالته لأمي بالتلفون ..

حّركت رأسها بهدوء وهي تتذكَر آخر موقف حصَل بينهم

وتبتسم بغباء

../ والله مدري وش يبي ؟

.../ يبي يذّلك أكثر مما إنتي مذلولة له .. صحيح إني مدري وش بينكم .. بس أحسّك مثلاً يعني ولا تزعلين منّي كذا سلبية و لو طلب منك تبوسين رجوله سويتيها ..



وحينما لمحت الدهشَة على وجهها تابعت بسرعة

../ قلت لك ..مثلاً بس بصراحَة كذا مستغربة من إلي يسويه .. ما أظنّها على سالفة إنك كنتي مسجونة وبس .. لو عليها مارضى يخليك على ذمَته أصلاً .. ولا

أحنّت رأسها وهي تنظر لقدميها المتدليات إلى الأرض

تعتقد يقيناً بأن الكلمات تخرج من شفتّي سهَلة سلسلة

كأقصوصة قديمَة لم يعد لها أثر

بينما كُل ما في داخلها هو بُركااان ثائر

و جرح غائر

تكافح لكبتهما و تطبيبهما

لكَن تظَن يقيناً أيضاً .. بأنها ستنفجَر

وقريباً

ستنفجر



نخونُ وعدَنا لأمَّهاتِنا

ونأخذُ قطعَ حلوى من أشخاصٍ لا نعرفُهُمْ.



تفتحُ دونَ مواربةٍ قلبَها

:بيتًا مؤثَّثًا بالبشر

الخائنٌ لأنوثتِها

أطفالٌ معوَّقونَ بأمومةٍ ناقصة

الرجلُ الذي يأكلُ نصفَ الكلام

ويقضمُ بكثيرٍ من القسوةِ تفاحتَها

المشعوذُ ذو الأرنبِ والعينينِ الزجاجيتينِ

عجائزُ بعددِ التجاعيدِ



اصفار بـ شمال العدد .. مالها طرح

.................. عاشت وماتت والهوامشكفنها !

استر بـِ جلباب الفرح عورة الجرح

................. ما كل من فتش جروحك ، حضنها



اللذّة السابعة عشَر



هكذا مضَت الأيام .. أنسلت أسابيع قليلة من تاريخ حياتهم

بدأت لبعضَهم كثقوب سوداء , والأخرين تشعّ ضوءا حد الانبهار

وبالنسبة لها هي , كانت سودآء كالحَة

كحال الضجيج الذي ينسف كُل شعور لها في هذه

اللحظَة ..

تتناول حبّات الوحدة بأقبح طريقَة وأكثرها قذارة

في حين من الوآجب أن تبدو أكثر سعادَة

مع هذا النبأ السار

سعيدَة هي من أجلها , ولكَن تعاستها أكثر عُمقاً منها

فتركت على ملامحها أثر ..

خاصٌ بها !

.

نهضَت بتثاقل نحو باب الحجرة

التي حفظَت تفاصيلها شبراً شبراً

فتّشَتْهَا كُلّهُا عَدَآ تِلْكَ البُقْعَة المُحَرّمَة ,

والتي لا تجرؤ على الإقتراب منها

×

وقفت طويلاً أمام الباب وعيناها تراقب مزلاجه بحذر

كأنها تخال أحداً يُحّركه ؛ لتنقضّ هي عليه بضراوة

مسلسل تصنعه لنفسها دائماً .. ,

لكَن كُل شيء حولها ساكن

سوى من حفيف الأشجار بالخارج

تكره الصمت الذي يشعرها أن كُل ما حولها يثرثر

في روحها بلا توقف ..

استدارت نحو النافذَة لفكَرة خطرت في بالها

لكّنها أزاحتها بقسوة

مدركَةً للعواقب

صوتٌ مرتفع صدر من داخلها لثانية أو جزءٍ منها

أمسكت بطنها بألم ،

ستنشق جوعاً هُنا ، بينما ينعم الوحش في الخارج بالطعام

تحركت في الحجرة بإعياء , ما لبثت أن سقطت في ذات

النقطَة التي بدأت منها .. !

وهي تتنفس بتعب ،

قامت وهي تبذل مجهوداً خُرافياً لتسكّن روحها

الضعيفَة الجائعَة .. والمضطربة فوقها

فتحته ببطء شديد ..

استنشقت رائحَة المكان بقّوة ثم زفرت براحَة

لا رآئحَة عالقة .. أي لا بشري هُنآ

و كما خمّنت تماماً

وصَلت للمطَبخ بحثت عم ما يصَلح أكله فلم تجد سوى القليل

القليل من ما يستطيع أن يسكت جوعها ليوم وآخر فقط

ابتسمت ببعض من السعادة فالمهم أن تهدئ في هذه اللحظَة

أخذت ما شاء لها أن تأخذ ثم تحّركت نحو مكمنها من جديد

ولكَن ببطء هذه المرة

أغلقت الباب ثم .. بدأت تأكل بِنَهَم

انتهى الطبق أمامها ولم ينتهي جوعها بعد

ولكنها همست

../ الحمدلله

دارت حول المكان لساعة وأخرى

ترتجي النوم يأتي ليسلّيها

لكَن لا شيء ، عيناها متسعتان لأخر مدى

و هي تراقب النافذة التي بدت وكأنها تطَل على صورة

جامدَة .. إلا من إهتزاز للرياح بين الفينَة والأخرى

فجأة رأت شيئاً مختلفاً

شخص ما تجاوز المنطقة ليظهر في تلك الصورة

لم تره من قبل ..,

مُسِن يتقدم نحو المنزل ببطء ويمسك بأطباق معدنية بين يديه

بدآ لها مظهره المتسخْ ووجهه المترهّل مخيفاً لأقصى درجَة

اختفت خلف الستار

وتركت قلبها ينبضَ بشدَة وهي تلمحه يقترب

من الباب ..

وكتمت شهقتها وهي تراه ينقر عليه ..

أغمض عيناها وطرقاته المتتالية على الباب تتزايد

ثم سمعت صوته الحادَ يصرخ

بإسمها .. ~

فتحت عيناها بقوة وهي تعاود النظَر لها

../ عارف إسمي بعد .. مــن هــذا ؟

لكَن عيناها الضيقتان اتسعت بصَدمة حقيقة

حين أخرج المٌفتاح من جيبَه وفتح الباب ببساطة

ودخَل

طفرت دمعَة لا إرادياً من عينيها

وهي تتحرك مسرعة لبابها تتأكد من قٌفلها

ثم عاد للنافذّة لتضَمن منفذاً للهرب

لكَن .. الهدوء ساد المكان عكَس ما توقعَت

../ وين راح ؟

دقائق تلت قولها هذا ..

حتى رأت ظّل قدميه أمام الباب

وصوت إصتكاك الأواني الممتلئة بين يديه

وصوته هو يقول

../ يابنتي .. جبت لشّ عشـآش ..

ثم رحَل ..

تأملت بعينيها الساكنتان رحيلَه

خطواته العرجاء قليلاً .. و تلك الهالة التي تحيط به

لم تحدد أي شعور هذا الذي نالها منذ رأته

أخافها تصَرفه ..

لكَنها بدأت تدرك الأمور

لقد تزوجها صقر لكَي يغطّي فضيحتها

ثم لكي يلقيها في هذا المكان

ليكون حارسهم .. وآلدها ..

ابتسمت لقبح تلك الفكَرة

لكَن ألم كهذا يبدو أكثر لطافَة من أن يأتي

ليفرض .. مكانه ويمارس حقوقه كزوج حقيقي لها

أبتلعت أفكارها بصعوبَة

وهي تقترب من الباب ,

فتحته ببطء .. وأخذت الأواني .. ثم أغلقت بسرعة

أزاحت الغطاء عنها ..

فزمّت أنفها من رائحَة الزنجبيل العتيق

الذي داهم أنفها ثم كأنه أزكمها ..

تذّوقته ، لذيذ ..

أو ربما مُختلف عن ما إعتادت أكُله منذ سنة و شهور

بدأت في أكله بنهم .. وهي تهمس لنفسها

../ هوّ لذيذ .. بس تارسه زنجبيل .. لكن طبخه مو سيء أبد

أنهته ثم ازاحته جانباً وهي تشعر بحرارة الزنجبيل

تشتعل في داخلها .. خرجت تبحث عن مياه

فلم تجد سوى عُلبه صغيرة ..

عادت لحجرتها سريعاً .. وهي تقول

.../ ميسون راحت بدون ما تقول إذا ما فيه شيء في المطبخ أو

هه .. من متى الاهتمام يا صبا ؟

عقَدت حاجبيها وهي تتابع الحديث مع نفسها

../ بس وش من متى الاهتمام .. لازم أهتم .. مو خلاص بعيش هنا .. ندى ماعاد بتجيني .. و ميسون ولدت .. يعني خلاص بكون لحالي

.. لازم أتكلم وأثبت حضوري

ابتسامة سخريَة طالت شفتيها وهي تلاحظ بجلاء

تغيّرها .. لم تعد صبا القديمَة أبداً ..

أصبحت شخص لا يشبهها تماما ,

هكذا صنعها السجنَ ..

و الآن ستشكَلها الوحدَة كما تريد



حزنٌ بكثافةِ حاجبيْنِ مَعْقُودَيْنِ

عينان مغمضتان على غصّة

نصف إبتسّامة

طوق ذرآع

أقواس بـِ أقطابها أقاوم

جاذبية فوّهة سوداء

انكسرت مرة

انكسرت مرتين

كل موت يتكرر

كل الطرق تؤدي إلي ذات الألم *

* سوزان بتصرّف



*

جنــــون
05-16-2012, 12:22 PM
قّوست شفتيها بألم وهي تتأمل ملامحه المعرضَة

عنها بقوة ..و صوته الصارم يقول

../ كلمَة وما أبغى أثنّيها يا ندى .. لو تعديتي عتبة الباب ياويلك ..

حاولت أن تبدو أكثر ليناً أمام إعتراضَه

../ طيب أنا نفسي أفهم ..؟ ليش لا

نظَر لها بقّوة بدآ لها وكأنها اخترقتها

../ كذا .. بس كذا .. أنا ناقص صقر عشان تكلمينها إنتي ..

هو رجّال و قلنا معليش عيبه معاه .. لكَن إنتي بنّية وعيب تبيتين في غير بيت أهلك ..

../ بس يا بوي هذا بيت خالتي .. يعني كأنه بيت أمي الله يرحمها .. و بنتها صديقتي .. مريضَة و انآ جالسة معاها

../ ليش وبنتها ما عندها أهل يعتنون فيها ..

زفرت بتعب وهي تحاول أن تبدو أكثر هدوءاً

لتستدرجه صوتها الذي بدأ يلين

.../ إلا يبا .. عندها .. بس تدري منيرة في بيت زوجها .. وأمها حرمة عجوز ما تقدر ع الدرج

نهضَ وهو يضَرب بعصاه الطويلة أمامه

كعلامَة لإنهاء الحديث

../ أجل خليها تنزل لها .. و خرجه يا ندى لغير الدوام ما فيه

و رحَل

هكذا اعتادته يراقب كُل تحركاتها

لذا كانت أيامها مع صبا .. مُترعة بالقلق و التوجس

لقد جعله صقر مًفرط في الحذر أكثر من ذي قبل

يشك فيه حتى النخاع

لكَن الأول يصر على أن يجعَل الأمر طي الكتمان

و المشكَلة أنها هُزمت في النهايَة

فلا طاقَة لها للحديث مع الأول و إقناعه

و الأخر مثله تماماً

ليس في يديها شيء ..

سوى أنها تركت يدها تحتضَن رأسها تواسيها وشفتيها

تنطَق بهمس

../ محد راح فيها .. غيرك يا صبآ ... الله يقويك

خرجت الدعوة الأخيرة صادقة

من قلبها .. !

رغُم كُل ذلك التغير الذي طرأ على صديقتها

إلا أنها تؤمن بإخلاص أنها ما زالت تحمل في داخلها ذات القلب المترع بالدلال ..

ذاته القلب الذكي المثقف المتوقد بالحماس

كانت تحذرها من اندفاعها في كُل الأمور

لكَن الأولى كانت تخرج من تحذيراتها بتهكمات قليلة

تُنهي بها الموضوع

أما الآن فلن تساعدها تلك القسوة واللا مُبالاة المرسومة

على ملامحها أن تواجه صقر !

فهو سيدهما .. لكَن شيء ما أقضّ مضجعها طويلاً ..

كثيراً ما يراودها شعور .. يحوي صقر بين جنباته

وأخشَى ما تخشاه

أن يكون ظّنها صحيحاً

نظَرت للأعلى وهي تفكَر

../ وش تسوين اللحين يا صبا .. قابلِك ولا ما بعد شافِك !

و ليس لها سوى أن تتخيل و تنتظر

لكَن رغبة غريبَة دافعها . . " جرأة قوية " !

جعلتها تلتقط هاتفها ,

لتحادثه .. أنتظَر الرنين ، ،

الذي تواصَل طويلاً ثم انقطع

عضّت شفتيها بألم حين حلّق خيالها لتلك النقطَة

لأول مرة تتصَل و لا تلقى جواباً

نهضَت وأخذت تذرع في الغرفة ذهاباً و إياباً

ثم توقفت تراقب شاشَة هاتفها

وهي تهمس بصَدق :

../ يالله إنك تستر



*

../ أوقف زين يا ولد

وضَعت ملابسه العلوية جانباًَ

فأحتضَن جسده الصغير بكفيه

وهو يهمس بِ

../ برررد

ابتسمت له وهي تعود بملابس أخرى

../ هاذي جزاة إلي يوسخ ملابسَه .. يالله أرفع يدّك

رفع ذراعيه للأعلى

فاتسعت عيناها بصدمة حين وقعت على ذلك الشيء

في جانب بطَنه الأيمن

لمسته بإصابع مرتجفة وهي تقول بألم

../ مين سوا فيك كذا يا ماما ؟

نظَر إلى ما أشارت إليه وهو يقول بسعادَة

../ إيوآ هاذي أبله سحر .. عضّتني ... وانا بـكيت .. و و بعدييين ها ..

نظَر لأخيه الذي دخَل للحجرة وبين يده أكوام من الحلوى

../ معااااااااااااذ أبا أبا معاك

أمسكت بإحدى ذراعيه بقوة وهي تنظُر لوجهه و بصوت أقرب للصراخ قالت

../ كـــمّل .. شافها بابا ؟

حّرك رأسه بخوف وهو يقول

../ إيوة .. و خاصمها وهي صاحت ..

وابتسم ،

أتمّت ترتيبه و قلبها في داخلها يرتجف ..

لم يشفي غليلها مجرد صراخ

هذا ما كانت تخشاه و حدث

دلفت سمية للغرفة وهي تقول بصوت خافت

../ يالله ، تراهم جَو ..

كلمَة خاطئة في توقيت خاطئ بالنسبة للأولى على الأقل

اتسعت عينا سمية وهي تحدق في وجه أختها

../ دعااء .. ليش وجهك أحمر كذا .. ؟ وش صار ؟!

كانت لا تعي ما تقوله أختها بجوارها ..

وإنما أكتفت بالتحديق في وجه صغيرها

الذي راح يتمّلص من بين يديها القويتين

ثم بدأ بتحريك ذراعيه بقوة يرجو أن تبتعد عنه

اقتربت منهم سمية وهي تمسك بذراع أختها

../ دعااء ... خلّي الولد !

وحررته .. !

أخطأت منذ البداية .. و لكَن ما الذي يعنيه هذا

نظَرت لأختها وهي عاجزة عن التفكير في أي

شيء سوا غضب يأكل قلبها

../ شفتي ..؟

بخوف أجابتها

../ وشو ؟

بصوت ذاهل

../ عاضته .. عاضه براء ببطنه ..

شهقَت سمية بصدمة !

بينما حّل الظلام فجأة في عيني دعاء

نهضَت وهي تخرج سريعاً

تلحق بخطاها سمية التي راحت تهمس لها برجاء

../ دعااء تكفين .. لا تسوين مصيبة اللحين .. أمه وأخته مالهم دخل .. فكري بعيالك ومصيرهم

لم تُجِبها وإنما كملت طريقها للأسفل

دلفت للمكان وهي تسلم على الموجودين ببرود رغم كُل ذلك الغضب المشتعل في عينيها

بينما تراقب والدتها ملامحها باستغراب

جلست حيث أشارت لها الأخيرة

و زوجة عمها تتكلم برزانة

../ شلونك يا دعاء ؟ و شلون عيالك ..؟ و الله إني مفتقدتهم ومفتقدة حسّهم بالبيت عندي ..

اكتفت بالصمت .. لكَي تكمل أم حسن بدبلوماسية

../ يا بنتي الطلاق مهوب زين .. ولا هو حل لخلافتنا و كل زوجين بينهم مشاكل ... فلو شد الحبل إرخي إنتي ، والعكس .. كذا بيصير توازن

زادت ضربات قلبها مع كُل كلمة تنطق بها

هل سيطلقها ؟ .. هل فكّر بأن يفعل ؟ هل سيتداعى الأمر إلى هذا الحد ؟!

../ و ترى وافي زوجك .. وله الحق يرجعك بالقوة لو يبي .. بس حنا ما نبي هالشيء يصير .. إنتي إرجعي وهو ما بيغيب عن عياله ..

عقدت حاجبيها وهي تقول

../ وشلون .. و مرته ؟

جنــــون
05-16-2012, 12:22 PM
حّركت الأولى رأسها بتوتر
../ إيه ... بتسكن معكم ..
اتسعت عيناها بصدمة
../ وشــــو !
,
أكملت سريعاً
../ شوفي .. أنا جاية أردّك لبيتك .. بس هو قال إن هذا شرطه لو ما تبين تر . . .
قاطعتها
../ لو ما أبا ارجع بأجلس هنا .. وصَل كلامه يا عمتي .. وشكراً على كل شيء
حّركت رأسها بتوتر وهي تقول لها بيأس
../ يابنتي تراني مانيب مرسولة من طرفه .. ولا هو بعاجبني حاله .. ما خذن وحده أستغفر الله مدري وش أقول .. ولا حنا عارفين أهلها ولا وش هم .. وإلي شفناه في
زواجهم من مصخرة كفّتنا .. يرضيك لا تطلّقتِي يعيشون عيالك .. مع وحدة مثلها ؟
نعم , آخر ما كنت تود سمعه الآن
هو حديثهم عن أبنائها
نهضت وهي تزفر بغضب ،
../ إذا هذا كُل إلي عندك .. فعلمن يوصله ويتعداه.. خليه يطّلقني .. وعيالي يشيلهم من راسه ..
صعدت تجرجر أذيال حُبٍ أنتحر أمام عيناها منذ لحظات ،
تتذكر الآن كُل اللقاءات
وفي كُل مرة ترمق نظرة مختلفة في عيناه
لكَن ما إن يستدير تقسم
إن ملامحه تتحول كـ ملامح شيطان
تُمعن في إغضابها .. و إستفزاز كُل شعور بالود داخلها
وقفت أمام النافذة كما أعتادت أن تفعل دائماً
تتأمل الحُرية من خلف قٌضبانها
تنظَر طفليها بالأسفل يلعبون بصمت رغُم كُل المرح البادي على وجوههم
هكذا تتمنى .. أن تتحول كُل الصور في عقلها كتلك الصورة
التي تراها عبرَ النافذة
ملونة / مرحَة .. لكَن بصمت !
طرقات الباب تعالت خلفها
و بدون أن تحرك عينيها حتى .. أجابت
../ أدخلي ..!
فُتح الباب وأغلق .. و صوت مُختلف يتسلل لأذنيها
../ حتى لو أنا
اتسعت عيناها وهي ترمق ملامحها المحببة إلي نفسها
../ أوه .. أهلاً وعد .. تفضَلي ،
ثم وبنظَرة خجل سريعة على الحجرة
../ سامحيني الغرفة مكركبـ
قاطعتها وهي تقترب منها
../ خليها مثل ما هي .. عادي
ابتسمت لها .. ثم وقفت بجوارها
../ أكيد دايماً توقفين هنا ؟
بقيت صامتة هادئَة بعكُس تلك الثورة المتأججة داخلها ،
عينيها توقفت عند نقطَة معينة أمامها ..
ثم عاد صوت الأخرى يهمس برجاء
../ دعاء .. في شيء لازم تعرفينه .. وافي واضح عليه قدام الكُل .. إنه موب مرتاح في زواجه .. واضَح إنه كارهها !
لم تجبها أيضاً .. بقيت تتأمل ذات النقطَة التي
راحت تتأملها منذ البداية
../ يتركها بالساعات لوحدها بالبيت و ما يرجع إلا تالي الليل عشان ينام وبس .. فاهمَة .. هي بنفسها اتصلت علي ذاك اليوم تبكي وتقول لي هالكلام .. تقول لو ما
يبيني يطلقني .. وإلي لازم تعرفينه إن إلي تزوجها صغيرة توها 17 ... كُل هالكلام لازم يكون عندك .. عشان تعرفين إن وافي يبيك وشاريك .. أكيد بتقولين لي ليش
ما خذها ..بقولك أكيد فيه موضوع بينكم وهو بيقهرك .. عشان كذا تهور وسواها .. و أمي تحاول تعرف منه المشكلة عشان نحلها لكَن هو عيّا يقول شيء .. و بعدين ترا
قاطعتها بحزم
../ من جابكم يا وعد ؟
عقدت حاجبيها بإستغراب لسؤالها
../ السواق .. ليش ؟
أشارات بأصابعها الطويلة و بسخرية
../ وش جاب سيارته هنا أجل ؟
نظَرت لحيث أشارت فاتسعت عيناها بصدمة
../ وافــــي
وبسرعة قالت
../ جوالك معك ؟
أجابتها بتوتر
../ إيه
../ طلعيه ودقي عليه .. بسرعة
فعَلت ما أمرتها به وهي تتأمل ملامحها الحازمة بخوف
وقلبها يلهج " يارب ماتصير مصيبة ... يارب "
وعندما وصَل إليها صوته
../ وافي ..
أخذت الهاتف من بين يديها وهي تقول له بذات الحزم
../ أدخل المقلط الخارجي أنا اللحين نازلة لك
.
.

جنــــون
05-16-2012, 12:22 PM
كل ما غفا !
و احترقت وسادْته ..
رتّل حزن ,
يومين هذي عادْته
لين الصبااااح
يا خافقي قمنا !
قمنا نعلم هالعصافير / الجراح
وشلون لا نمنا ؟
ثم خان شباك الغياب احبابنا
خذهم بعييييييد
و صرنا ندوّر كل صبح اسرابنا !
عيد غيّابك سعيد
عيد غيّابي سعيد
ما دامهم اسرى / بنا !
أطيِح, لكنْ لايجيّ ف بالِك إنّي /فشَلت’
شِف إل مطَر! لامِنْ طا ا ا ح ,
....................هَالدنيّا تعِيشششششً!

اللذة الثامنة عشرة

على سفح الجبَل جلس و نار صغيرة
تتراقص أمامه , فتعكس على ملامحه الجامدة
تفصيل سوداء قاتمة بقتامة أفكاره
أخترق المشهد صوت هادئ محذر يقول
../ بس تراهم موب هينين وأنا أخوك .. ولزوم تنتبه
ألتفت له بعد بضع ثواني
../ لا تخاف يا خالد .. لا تنسى إني كُنت منهم بيوم .. وكاشفهم وكاشف ألاعيبهم
عقد الأول حاجبيه وهو ينهض وينفض ثوبه
../ حتى لو .. على العموم حنّا بنتواجد في الموعد وعلى اتفاقنا ..
يالله أترخص أنا ..
ثم هبطَ الجبل من طريق سالك نحو الأسفل ... حتى ابتلعته الظُلمة هناك ..
تتحرك فيه رغبة مشتعلة ، بأن ينهض و يركض نحو المزرعة
ثم يخترق حجرتها و يهشّمها سحقاً .. بين أضلاعه
يرقد في داخله شعور .., لم يتذوقه قبلاً
و لا يدري أي عمى ذلك الذي يقوده
ليتحسس طريقه نحوها دائماً .. وبلا شعور
شوق يداعب قلبه الفظّ بقسوة لم يعهدها على نفسه
لا يدري لم ينفق الكثير من المال ، لإصلاح هذه القرية الخربة , في نظره
من باب الصدقة فقط .. رُبما / بل و لا يخفي إنه يفعلها من أجلها
لم يعتاد على أن يُسدي معْروفاً لأحد
لكنه سيعتبرها تكفير , لذنبه الأكبر
التقطت إذنه صوت احتكاك قدم شخص ما بالحصى خلفه
لكَنه لم يلتفت فقد توقع حضوره
و بصوت بارد قال
../ تأخرت ..!
انطلقت ضحكة صغيرة مزعجة من ذلك الشخص الذي ألتف
حوله وجلس حيث كان خالد منذ برهة
../ ذكي يا بو الذياب .. بس العسكري ما راح بسرعة .. ولا أنا من أول هنا
صمت هو بينما استمرت عينا صقر تحدق في النار
ليكمل الأخر بصوت استفزازي حاد
../ وش إلي تبيه منّـآ ؟
وبذات الجمود أجابه
../ أبيكم تخرجون من هنا ..
كشّر الأخر عن أنيابه و قال
../ هذا مكانّا من الأول .. وحط في بالك إننا ما ندري وش إلي تخطط له
لم يتلقَى إجابة فأكمل بذات الحِدة
../ شف يا صقر .. الزعيم ماقدر يجي هالمرة .. لكَنه متوعد لك .. إحمد ربك إنه خلاك تروح عنّا بدون لا يلاحقك بكل مكان .. و ممكن يقتلك .. أكفي نفسك الشر و أختفي
أحسن لك ..
نظر إليه مباشرة و ملامح الاشمئزاز تلوح على ملامحه
../ مانيب جبان يا جربوع .. وش يدريكم أصلاً إذا كنت تبت أو لا لآء .. وترآ مثل ما تشوف الشرطة حولكم هنا .. و بإشارة منّي أبيدكم .. لكَني ما أبي أتهور ..
قفله هو يحمد ربه إني ساكت له
صمت عن المُتابعو وهو يعقد حاجبيه
فقد أستعجل قول ذلك كثيراً ..
نهضَ و قد استحالت عينا الأخر لـ شرر من شدة الغضب
../ لا تستفزني .. إنت عارف وش يعني انتقال لمقر جديد .. بالنسبة لعصابة مخدرات فيها مبتدئين ..
أجابه بصوت متهكم وهو يبتعد عن حلقة الضوء مكملاً ما بدأه خطأً
../ مبتدئين .. هاذي قوية في حقكم .. إنتم أغبياء .. ولا بتتقدمون خطوة الأمام .. مدام ذاك الأعمى زعيمكم
حّرك الأخر رأسه بازدراء وهو يقول
../ صقر تراك تجني على نفسك ..
لاحظ حركت يده السريعة , فرفع صقر يده وهو يهزها أمامه ببرود
../ لا تحاول تطلع شيء .. ترا المكان مراقب ..
رأى انعقاد حاجبيه وهو ينهض ليبتعد عنه
ويغرق في الظلام
وأصوات خطاه تبتعد شيئاً فشيئاً عن محيطه
أقترب من النار وأطفئها ..فعمّت ظلمة القاتمة في الأرجاء
انحنى وهو يلتقط قطعة فحم و يرسم بها أشكالاً / بدت كعبث أطفال ..
ثم نهض وابتعد .. و هو يتذكر موعده مع خالد غداً
اتجه نحو القرية وضوء البدر والوليد يستطَع بضَعف كَاشفاً له الطريق حيث سيارته ..
لكن ذراع حديدة أحاطَت رقبته بقوة
و أخرى غرزت شيئاً حاداً في خاصرته
و أخرى قيدت قدميه
ليتهاوى عقله بلا إدراك في عُمق غيبوبة
صُنعت له .., و جنى فيها على نفسه
*
كانت تجلس وحيدَة حينما تداعبت شفتيها ابتسامة لم تلبث أن تتحول
لقهقهة عاليـة مسحَت على إثرها دمعَة انزلقت من عينيها لفرح
../ هههههههههههه .. لا مو قادرة ههههههههههههههههه .. أحسَن أحسن هههههههههههههههههههههههه
زجَرتها الأخرى وهي تلوي شفتيها بغضب
../ صكّي فمّك يا نوووووور .. ولا قسماً
استلقت الأخرى على بطَنها وهي تحاول أن تتماسك
../ ههههههههههه ..بس ههه إلي يشوف شكلك هههههههه
مالت إلى الخلف وهي تزفر بعصبية مفرطَة
../ وش أسوي كله من مرجانوووه الخايسة .. بس أنا أوريها
جلست و مازالت بشفتيها
../ طيب مافي شيء يحوج كُل هالعصبية ..
استحال وجهها للأحمرار وهي تحّرك يدها في الهواء وكأنها تضرب أحداً
../ أقول لك بغت تمسكني و تأخذني إنفرادي ..
أشارت بإصبعها وهي تخبئ ابتسامتها باستماتة :
../ حتى لو .. ولو مَرضتي اللحين وش بتسوين
حّركت ملابسها المببلة جداً
../ طُززززين .. أحسن من إني أجلس لوحدي ..
دقائق مَرت استلقت كُل منها على جانب
بينما بدأت الأخرى في الارتجاف فعلاً
نظَرت نور نحوها وهي تهمس لها
../ نّوير شفايفك زرقَن ..
ثم نهضَت لتبحث لها عن ملابس بين أكوامها
ابتسمت نوير بسخرية
../ وش تسوين .. لا يكون تدورين لي ملابس من مقاسك .. إلي مدري ألبسها ولا أسويها طرحَة
../ هههههههههههههههه .. لا إنتي مو دبة لـ هالدرجة
../ تسلمين على الذوق
ابتسمت لها ، ثم عادت من حيث أتت فكُل ما لديها صغير حداً على حجم نوّير الضخم بعض الشيء ..
مّرت ساعة وأخرى
والأولى تحاول أن تتجاهل أنين صديقتها
لكَن البرد أشدت عليها فما بالها بها هيّ
المبللة حتى آخر قطعة ..
فتوجهت لباب الزنزانة أمسكت به بشَدة وهي تحاول أن تصرخ بأعلى صوتها , صرخة عشوائية بلا معنى
و ابتسمت حين لمحت تلك الاستجابة السريعة
تقدّمت منها حارسَة جديد لم تراها من قبل
قالت لها برجاء
../ أدخلي وشوفي نوير.. ملابسها مغرقة ماي و ماعندنا غيار لها
ردت عليها بهدوء يشبه حدّت تقاسيمها
../ وليش ما عندها غيارات
فكذبت
.../ راحو الغسيل .. وهي تبللت وهي تغسّل حمام .. أخاف تمرض
راقبت ملامحها لدقائق بعدها
عادت من حيث أتت
لم ينبأ وجهها عن أي استجابة لسيل المشاعر التي رسمتها
نور على وجهها .. لذا
لم تصَنع في قلبها أمل بعودتها
عادت لصديقتها
احتضنتها وهي تشعَر بل البلل يطالها
ثم همست في إذنها
../ تدفّي كذا .. مع إني بردَانة ..
لم تعَلق الأخرى فعادت لتقول
../ نويّر وش فيك
فتحت الغطاء عن وجهها لتجده استحال / أبيضاً شاحباً
وهي تبتسم لها صعوبَة عبرت
../ ترا مايليق عليك
عقدت حاجبيها
../ وشو ؟
بسخرية

جنــــون
05-16-2012, 12:22 PM
../ الحنان الزايد هذا
إلتفتت نور نحو باب العنبر حين سمعت أحدهم يهمس بإسمها
.. /هلا .. فيه أحد يناديني
كان الصوت قادم من ظلمة العنبر المقابل لهم
إقتربت من الباب وهي تقول
../ ميـن .. شدون !
../ إيه أنا .. وش فيها نوير ؟
../ راحت لقسم القتل .. وبغت تكشفها زنوبة
../ إيييه .. وشفيها مبللة كذآ ..
عضّت على شفتيها لتكبح إبتسامتها
../ كانت متخبية صوب حزانات المـآء .. ففكرت تبلل نفسها عشان ما تشك زينب إنها كانت تبي تروح لذاك القسم
../ إيييييه .. عشان كذا جوآ وشالوا غياراتها
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تجيبها
../ إيه عقاب .. تقول عشان تنتبه ما تسويها مرة ثانية ..
../ تسوي وش .. ؟
ضَحكة قصيرة إنطلقت منها وهي تستدير لترى عينا نويّر التي تشتعلان غضباً فأجابتها
../ تحججت إنها بتغسل ملابسها يوم بللت نفسها فـ
../ إيييييييه .. فهمت فهمت .. والله إنك ذكية يا نوير
تكّلم صوت أجش من عنبر شادن
../ بس وش ذا العذر .. ما فتشلت يوم قالته
رفعَت نوير رأسها بإعياء وهي تقول
../ إيه الله يوريني فيك يا جوز الهند .. وأسكتن تعال يا نور هنا
نفذت طلبها سريعاً .. وهي تدرك كم تكره نوير هذه الأولى
بعدها سمعن أصوات في المرر هُنـآ
ثم فُتح باب السجن لتدخل .. إحدى الحراسات تحمل معها بدلة بيضاء م رتبة بعناية
أقلقتها بلا مُبالاة على " نور " وهي تقول
../ خذي .. و بدون إزعاج إنتي وهي
حّركت نور رأسها بسعادة
../ الله يعطيك العافية .. شكراً .. شكراً
ثم خرجت .. ألتفتت نحو صديقتها
وهي تساعدها على الجلوس
../ يالله نويّــر .. ألبسيه .. عشان تدفين وتنزل حرارتك
يالله ..
تركتها حتى انتهت من إرداء ملابسها الجافة
و بينما أبعدت هي المبللة عنهما في ركُن العنبر
ثم عادت لها وهي تقول بهدوء ..
../ نامي .. يالله حبيبتي عـشـ ..
قاطعتها الأخرى وهي تدفعها بعيداً عنها
.. /أقول أنقلعي بس ..
../ هههههههههههههههههه .. وش أسويلك يوم إنك خبلة من الدرجة الأولى ..
>

نظرت نحوها الأولى ببراءة
../ أنا الخبلة
فاتسعت ابتسامتها
../ لا رجسة ..
ابتسمت لها وهي تقول بهدوء
../ تصدقين ..؟
../ وشو ؟
../ أفتقد رجسَة ...
../ تتوقعين أفرجوا عنها ...
../ ما أظن قضيتها .. قتل مو مثلنا
../ إييه الله يعينها
../ بكرة بدورها بالمصلى
وبخبث سألتها نور
../ لا ليش مو اللحين
حَركت رأسها بذعر نافية
../ لاآآآآآآآآآآآع .. توبة .. توووبة
وثم ضحكن معاً بسعادَة ..
بعدها أسبلن أجفانهن على ذكريات خارج أسوار
هذا المكَان .. فإحداهن سترحل ..
و الأخرى ستترك عنبر الذكريات هذا
بلا ساكَن ..
و في وسط الظلام همهمت نويّر من قعر نومها
../ خلاآآآآًص
نعَم .., نويّر وحكاية الخلاص تلك
و التي لا يعلمها أحد حتى نور نفسها
هكذا هي محاجر السواد معتكفة على نفسها
فلا ترى ولا تسمع سوى ذاتها
كدائر مفرغة تتحرك إلى المالانهاية
ولكَن دون أن تتقدم خطوة وآحد حَتى ..!
*
لحقَت به وقد قطعت أنفاسها
ابتعدوا كثيراً عن مقر المركز الصحي
وصَلوا لمنزل واسع على أطراف بيت لاهيا
هناك دخلت و عيناها تلتهم المكان ..
لمحت ذلك الصبي الفلسطيني الذي قادهم قبلاً
فاقتربت منه
لتجد " فيصل "في غرفة في أقصَى المنزل
وقد عكف على رجل أربعيني مثخن بالجراح
أسرعت إليه فرمقها وهي تقترب منه ليقول بحزم
../ قربي الطاولة إلي هناك وأفتحي الشنطتين فوقها ..
نفّذت أمره .. ثم تركته ووقفت تشاهد يده التي راحت تعقّم الجرح و من ثم تخيطه ..
لم يمض على ذلك برهة حتى أمرها بأن تفعل مثلما فعل في الجرح الأخر
أمسكت بالجرح وراحت تتحرك عليه بمهارة اكتسبتها من طول الممارسة

جنــــون
05-16-2012, 12:22 PM
لتجده ينهض و ويتحدث مع إمراة دخلت المكان لِتَو
تظنها زوجة المريض القابع أمامها ، و مدبرة المنزل هُنا
رأته يتحرك نحو الخارج
فقالت بلا شعور
../ فيصل .. وين رايح ؟
عضّت على شفتيها حين أدرت خطأها فقد نطقت إسمه
حافاً لـ أول مرة ..
نظر لها لدقيقة أو أقل بعدها أرخى نظره وهو يقول بسرعة وحزم
../ برجع للمركز .. و إنتي لا تتحركين من هنا أبداً
حّركت رأسها ببطء وهي تتأمل ملامحه بحرية مطلقَة
عمداً و لكَن لم تستشف منه شيء؛ لأنه كان قد اختفى تماماً عن نظرها
عادت ببصرها نحو المريض
قاست درجة حرارته فوجدتها مرتفعَة
انحنت وهي ترفع الدواء
ثم همست لـذات المرأة الساكنة أمامها ب آلية بحتة
../ ممكن كاسة مويّة
أخفت مشاعرها بمهارة
و لكَن ساعة مّرت .. تلحقها أُخرى
ولم يعُد فيصَل أو حسام أو أي طبيب من المركز
يجب أن ترحل هي إذاً فقد انتهت من العناية بالمريض
ووصَت زوجته عليه
بالهدوء و الراحة و تخفيف هذا الإزعاج الذي اندلع بالخارج منذ ساعة من الآن .. ،
همّت بالنهوض لتبادرها الزوجة بقلق
../ بتخرجي .. ؟
حّركت كتفيها وهي تجيب
../ إيه ... خلّصَت خلاص ..
حمَلت الحقيبتين وهي تتجه نحو الخارج
لتتوقف في البهو بصَدمة
وشيء أشبه بصَخرة تسقطَ داخل قلبها
ترى جريح .. إثنين .. و عدداهم في تزايد مُستمر
يحملهم مجموعة من الرجال الملثمين يتركونهم
ثم يختفون من ذات العدم الذي يظهرون منه فجأة
التفت نحو السيدة التي راحت ترمقها بخوف شديد
تحّركت نحو الباب الكبير بالخارج
رأت عدد كبير من هؤلاء الرجال يتحادثون همساً
ثم يختفوا من جديد
زفرت بقوة وهي تسمع الأنين المتصاعد من أجسادهم
اقتربت من الأول وانحنت لتبدأ عملها فوراً
وتلك السيدة تقول خلفها بهمس
../ شكراً .. الله يعطيك العافية ..
لم تجبها بل استمرت في عملها سريعاً ..
لكَن كُل هذا لا تستطيع القيام به بمفردها
أخذت تدور على الأجساد وتداوي الجراح التي يمكنها مداواتها
وتتأمل بألم تلك الأخرى التي لا تملك الخيار أمامها
ارتفعت الشمس حتى توسط كبد السماء
وهي ما زالت تعمل على المزيد
لاحظت امتلاء المنزل بالسيدات فأخذت تلقي أوامرها لهن
بالعناية ببعض الجروح .. بينما تركت الأخرى في انتظار
أن يعود أحدهم من المركز بالمؤونة فالشاش أخذ ينفذ
تنفست براحة حين توقف الدم في الجرح هذا الرجل
واستطاعت إغلاقه جيداً
ابتعدت وهي تمسح يدها خطأً للمرة العاشر على جلبابها الأبيض
الذي استحال لونه للأحمر القاني ..
تركت كُل ذلك و ابتعدت وهي تقف بالفناء الخارجي
حيث توجد تلك السيدة .. صاحبة المنزل
اكتفت بأن تتأملها بصبر
ثم عادت من حيث أتت
ابتسمت حين رأت ذلك الكم الذي استطاعت مداواته في أقل من خمس ساعات ..
عادت للعمل من جديد .. وهي تشعر بالإرهاق
يزلزل رأسها بذلك الصداع الكريه
الذي يلتهم نصفه
لم تدرك كم مر من الوقت حينما وقفت وهي ترى
فيصَل و أثنين من الممرضين يدخلون للمكان
تقدمهم " السيدة صاحبة المنزل "
نحو غرفة لم تستطع عيناها أن تلتقطها تفاصيلها جيداً
رأتها تتقدم نحوها فتركت ما بين يديها
وأسرعت لها ..
فطَلبت منها بتهذيب بالغ أن الطبيب يريدها
تركتها وتحركت بسرعة نحو الغرفة
التي ما إن فتحتها
حتى صدمت من عدد السُرر الهائلة التي تراصت هُناك بعناية بالغة
فقالت وهي تلتفت نحو السيدة
../ وش ذا ؟ .. خلينا ندخَلهم يالله
حّركت السيدة رأسها بالإيجاب وهي تقول بهدوء
../ هنا للحالات الخطرة
فهمَت مقصدها
ثم عقدت حاجبيها حين لم ترى أحد
فتقدمتها وهي تشير لحجرة صغيرة منزوية
في ركن المكان
لحقت بها ثم توقفت هناك حيث رأت " فيصل " و
الممرضين منهمكين في ترتيب غرفة أقرب للعناية المركز
بسبب إعدادها الكامل
تزاحم القلق في قلبها فتعاظم شعورها بالخوف
اقتربت من فيصل وهي تسأله بتوتر كبير
../ وش تسوون هنا .. ؟ ليش بننقل هنا ولا وش ؟
ألتفت إليها بسرعة وكأنها فوجئ بوجودها
و اتسعت عيناه أكثر , وهو يقترب منها ويقبض كفيه
على ذراعيها و عيناه تتأمل الدم الذي غرق به ثوبها
و جانب من وجنتها
../ تـأذيــتي .. ؟
تيبّس لسانها في الهواء البارد المحشور داخل فمها
تركت عيناها تراقب بصدمة ذلك الانفعال القلق على ملامحه
و هي تراقبه من هذا القرب لثاني مرة ربما
تزايدت ضربات قلبها و كُل ذلك حدث في جزء من الثانية فقط
أرخت على إثرها عينيها دون أن تجيب , وقد استحال وجهها للأصفر الباهت ..
فأدرك سريعاً خطأه
حررها و استدار وهو يقول
../ بنكون هنا مؤقتاً..، بسبب العمليات إلي تصير اللحين على أطراف بيت لاهيا
لم تتكلم لأنها في ثورة مشاعر متناقضَة داخلها
لكن كلمة استفهامية انطلقت من بين شفتيها بصوت أقرب للهمس
../ و حسام ؟
و بدون أن ينظر إليها أجاب بصرامته المعهودة
../ كلميه بالتليفون ..
تراجعت للخلف ..,
مترنحة في مشيتها ما إن وصَلت للغرفة الكبيرة
جلست على أقرب سرير
وهي تحتضن رأسها المتآكل من شدة التعب بين يديها
فشعرت بيد دافئة تمسك بكتفها
رفعت رأسها لتصطدم عينيها بإبتسامتها وهي تقول لها
../ إنتي تعبانة .. ! ئومي كولي لك شيء .. و ارتاحي بالغرفة النسوان جوا .. ئومي
تحمست مع الحديث عن الراحة فنهضت و الأخرى تمسك بيدها
تتذكر موقفها الأخير مع فيصل و يتكرر على قلبها وعقلها مراراً
شيء من الغباء حّل في قلبها .. وهي تبتسم براحة
وحمرة الخجل تتسلل إليها
متأخرة .. نعَم , ربما أنا وصية حُسام لديه
ضغطت بإصبعيها على عينيها
وهي تدلف لغرفة باردة و هادئة بها ثلاث سرر متجاورة وآخر بعيد
و صلت لـ السرير الأبعد و هي تجلس لتخلع معطفها المتسخ بالكامل وتضعه جانباً
تناولته السيدة وهي تقول بلطف
../ بغسلو لك ..
../ بس يا مدآم بيتعبك و مم
قاطعتها وهي تبتعد
../ لا أبد ماعندي شيء ...
و تركتها وهي تزيح غطاء رأسها لتترك شعرها ينساب على كتفيها
استلقت وهي تضع رأسها على ذراعيها
وذكرى فيصل .. تجدد في عقلها
هل يحبها هو أيضاً ؟ .. وهو الذي يرى الحُب سوى مهزلة لا طائل منها
ابتسمت برضا حقيقي على نهارها الممتلئ بالمشاعر المتأججة
وهي تدلك رأسها بغباء لمراهقة الحُب الذي تعيشه
بكُل استلذاذ
هكذا أحياناً .. يبدون أن الأشخاص الذين
كرهناهم للحظة في حياتنا .. أكثر قُرباً
لقلوبنا من أولئك الذين أحببناهم منذ البداية
أرجِّحُ الاحتمالاتِ الطيِّبةَ لِكُلِّ السوءِ الذي حَدَث
المحبَّةُ خدعةٌ
والحنانُ مشبوهٌ
.لكنَّني -رغمَ حِدَّةِ الألم- سأستمرُّ في تصديقِ ما لا أراه*
سوزان عليوان*
غيري يقول المطر ناتج من الإصطدامْ
وأنا أقول السّحاب أتعبَه طول المسيرْ ..!

يبغَى يخفِف من خمُول الليالي الجسام
وأرخى جفن العَنآ وانهلّ دمعَه : غَزيرْ

جنــــون
05-16-2012, 12:22 PM
وان تعبت وشفت في وجهي من الغيمة / ضمايه
بـ اجمع احساسي واغنّي لك
............................. "سقا الله من سقاني"

اللذة التاسعة عشرة

تحركت في الحديقة المظلمة في هذه الساعة المتأخرة من الليل
بهدوء .. تطلق لقدميها عنان الحركَة
بعد تقييد كامل لها في تلك الحجرة الصغيرة
التي اختارتها لنفسها
تتذكر حديث " أسيل" الذي أصبها بشؤم
لا ينتهي ..
لم تنسى يوماً تلك الأسيل الأكثر تميزاً و نضوجاً
منها كان الجميع يُحبها .. و يقدم رأيها في كُل الأمور
كانت تغبط ذكائها .. عكَس تلك التفاهة التي استوطنت عقلها
كانت تود بغباء طفلة عشرينية ، أن تلفت أنظارهم نحوها بأي وسيلة كانت
تتبرج .. بكُل ما أُتيت من قوة لكي يصرخوا عليها
فتستمتع هي ، بعنادهم . .
و تقسم إنها كانت ستتراجع بعدها
لكَن لم يحدث أي شيء مما سبق ..
بدت لهم وكأنها مجرد " نسخة " من أسيل
أقرب ما تكون لظلها , الذي لا يقدّرُه أحد
تحولت لوحش شرير .. ولكَنهم اظهروا الصمم عن سماع
تهديداتها ..
ثم رحلت الأولى وتركتها .. تركت لها المكان خالي إلا منها
و على اتساعه و حجمها .. لم يقدروا ذاتها
أهملوها فبدت لهم كحشرة أو أقل
فتمردت على ذاتها .. و استصرخت كرامتها
فاتسخت بالذنوب حتى إن تحول لنهر لألجمها إلجاماً
و لم يناظرها أحد ..
حتى جاء ذلك اليوم الأسود بسمائه ..
وفي عُمق الليل
اُقتيدت إلى السجن وسط غيوم ممطرة لـسماء تبكيها طويلاً
جلسَت على طرف حوض الزرع بحزن شديد
وهي تمتم بـ
../ يارب أغفر لي .. و أرحمني !

صوت سيارة أرتفع فجأة من العدم
فاقتربت من الحائط سريعاً
لا يمكن لأحد رؤيتها أبداً
لذا اقتربت لترى من هو القادم في هذه الساعة يا تُرى
لكن موقعها لم يسعفها إطلاقاً
تراجعت وهي تشعر أنه توقف أمام منزلهم
وصوت غنائه المتقطع يصلها
عقدت حاجبيها .., وكأنها بدأت تعرف
و بالفعل تحولت ملامحها لشئمزازٍ مطلق ،
حينما رأته يتقدم نحو منزله مترنح الخطى في حالة سُكر
همست :
../ بسسسسسسسم الله !
تراجعت ، ،
وهي ترفع جلباب الصلاة
و تدلف للمنزل موصدة الباب الزجاجي خلفها جيداً
و تبتسم بسخرية أمام تلك التناقضات العجيبة
بإمكانهم أن يفعلوا ما يشاؤون ثم يعودون لمنازلهم
تستقبلهم أمهاتهم بابتسامة ملؤها الفقد
أم إن فعلنَ مثلهم .. فأمُ تخفي ألمها بقوة
و السجن منزل جديد يلملم ما تبقى من أضلاعهم

[ مُفارقة ] . . لا تستحق سوى البكاء !

أمسكت رأسها بقوة وهي تدخل للغرفة بهدوء
../ يالله مدري ليش أفكر كذا .. شكلي خرفت .. الله يستر علينا بس

جنــــون
05-16-2012, 12:23 PM
وان تعبت وشفت في وجهي من الغيمة / ضمايه
بـ اجمع احساسي واغنّي لك
............................. "سقا الله من سقاني"

اللذة التاسعة عشرة

تحركت في الحديقة المظلمة في هذه الساعة المتأخرة من الليل
بهدوء .. تطلق لقدميها عنان الحركَة
بعد تقييد كامل لها في تلك الحجرة الصغيرة
التي اختارتها لنفسها
تتذكر حديث " أسيل" الذي أصبها بشؤم
لا ينتهي ..
لم تنسى يوماً تلك الأسيل الأكثر تميزاً و نضوجاً
منها كان الجميع يُحبها .. و يقدم رأيها في كُل الأمور
كانت تغبط ذكائها .. عكَس تلك التفاهة التي استوطنت عقلها
كانت تود بغباء طفلة عشرينية ، أن تلفت أنظارهم نحوها بأي وسيلة كانت
تتبرج .. بكُل ما أُتيت من قوة لكي يصرخوا عليها
فتستمتع هي ، بعنادهم . .
و تقسم إنها كانت ستتراجع بعدها
لكَن لم يحدث أي شيء مما سبق ..
بدت لهم وكأنها مجرد " نسخة " من أسيل
أقرب ما تكون لظلها , الذي لا يقدّرُه أحد
تحولت لوحش شرير .. ولكَنهم اظهروا الصمم عن سماع
تهديداتها ..
ثم رحلت الأولى وتركتها .. تركت لها المكان خالي إلا منها
و على اتساعه و حجمها .. لم يقدروا ذاتها
أهملوها فبدت لهم كحشرة أو أقل
فتمردت على ذاتها .. و استصرخت كرامتها
فاتسخت بالذنوب حتى إن تحول لنهر لألجمها إلجاماً
و لم يناظرها أحد ..
حتى جاء ذلك اليوم الأسود بسمائه ..
وفي عُمق الليل
اُقتيدت إلى السجن وسط غيوم ممطرة لـسماء تبكيها طويلاً
جلسَت على طرف حوض الزرع بحزن شديد
وهي تمتم بـ
../ يارب أغفر لي .. و أرحمني !

صوت سيارة أرتفع فجأة من العدم
فاقتربت من الحائط سريعاً
لا يمكن لأحد رؤيتها أبداً
لذا اقتربت لترى من هو القادم في هذه الساعة يا تُرى
لكن موقعها لم يسعفها إطلاقاً
تراجعت وهي تشعر أنه توقف أمام منزلهم
وصوت غنائه المتقطع يصلها
عقدت حاجبيها .., وكأنها بدأت تعرف
و بالفعل تحولت ملامحها لشئمزازٍ مطلق ،
حينما رأته يتقدم نحو منزله مترنح الخطى في حالة سُكر
همست :
../ بسسسسسسسم الله !
تراجعت ، ،
وهي ترفع جلباب الصلاة
و تدلف للمنزل موصدة الباب الزجاجي خلفها جيداً
و تبتسم بسخرية أمام تلك التناقضات العجيبة
بإمكانهم أن يفعلوا ما يشاؤون ثم يعودون لمنازلهم
تستقبلهم أمهاتهم بابتسامة ملؤها الفقد
أم إن فعلنَ مثلهم .. فأمُ تخفي ألمها بقوة
و السجن منزل جديد يلملم ما تبقى من أضلاعهم

[ مُفارقة ] . . لا تستحق سوى البكاء !

أمسكت رأسها بقوة وهي تدخل للغرفة بهدوء
../ يالله مدري ليش أفكر كذا .. شكلي خرفت .. الله يستر علينا بس

جنــــون
05-16-2012, 12:23 PM
وصلت لسريرها بأمان ،
و انتظرت إلى أن صلت الفجر ثم استلقت على سريرها
براحة غُمس فيها قلبها
تركت للـنوم مهمة التحليق بها أينما أراد
ثم استيقظت لتمارس صباحها المعتاد في أرجاء الغرفة الصغيرة
أو ذهاباً و إيابا للمطبخ ..
لا تدري كم من الوقت مر دون أن ترى جدتها
لكَن من الخطر عليها أن تمكث هُناك طويلاً
فأعمامها دائماً بالقرب ،
تركت الساعات تمضي بطيئة بين يديها حتى
دلفت إليها عمتها كعادتها اليومية و جلست لتحكي لها
عن عملها و تثرثر .. بما لا ينتهي !
نظرت لها بعين الامتنان ،
فمؤخراً بدت و كأنها وضعت على عاتقها مهمة تسليتها بتلك الحكايا ..،
التي لا تكف عن ذكرها أمامها
جاءها صوت العمة مختلف النبرة فانتبهت من سرحانها
../ وش فيـك..؟
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تتكئ على السرير خلفها
../ إيه .. !
ثم عقدت حاجبيها حين تذكرت شيئاً رأته
../ صح ريم ... بقولك شيء
لم يخفى عنها ذلك الاهتمام الذي رُسم على وجهها
../ ها .. وش صاير ؟
ضيقت عينيها وهي تقول بجدية :
../ أمس باليل حول الساعة 4 إلا ، شفت تركي راجع وَ ...
فقاطعتها وهي ترفع يدها أمام وجهها ،
../ بس بس .. عرفت الباقي !
عقدت حاجبيها وهي تهمس بحذر :
../ يعني دارين عنه
حّركت رأسها بالإيجاب و بأسف قالت :
../ إيه عارفين سواد وجهه .. بس ما بيدنا شيء !
بغيظ قالت :
../ وش اللي " ما بيدكم شَي" .. انتم الأساس .. أنصحوه ،
ابتسمت بسخرية :
../ وش نقوله .. ما تركنا شيء ما قلنا له .. رجال خاط شنبه بوجهه وعمره بالثلاثين .. و يسوي سواته .. صعب تعدلين مخه ،
زفرت بهدوء وعقلها يطلق للبعيد وهي تقول :
../ ما كان كذا ..
لم تعلق الأخرى وإنما تركتها تفكَر .. بل تتذكر بهدوء
إنسل عقلها لتلك الأيام تمردها
حيث كان بالنسبَة لها .. الأكثر تخلفاً من بين أقاربها
قالت من بين زخم ذكرياتها
.. /أذكره كان عصبي .. وشديد في كثير من الأمور .. وش إللي غيره ؟
حّركت الأخرى رأسها بهدوء و بدت مُستمتعة بهذا التجاوب
../ إيه .. و مازال بس أخف من قبل بكثير .. وترا أصدقاء السوء ما يقصرون .. و لو إني أشك
../ في وشو ؟
عقدت حاجبيها وهي تحرك رأسها
../ تركي كبير مهوب بزر يلعبون عليه أصحابه
مالت بشفتيها للأسفل وهي تقول
../ مدري .. !
عادت بنظرها لحجرها وهي تعود لذكرياتها من جديد
فنهضَت ريم وقالت لها محذرة
../ و إنتي انتبهي .. لا عاد تخرجين برآ في وقت متأخر
نظَرت إليها لدقائق و كأنها لم تفهمها
ثم حّركت رأسها وهي تعود بعينيها لحجرها من جديد
../ أبشري
ابتسمت الأخرى وهي تضيف بصوت حنون
../ و فيه شيء بعد .. أمي تقول غصب بتخرجين برآ مع بنات أعمامك .. بكره !
رفعت إحدى حاجبيها بدون أن ترفع عينيها لها
فأضافت الأخرى سريعاً
../ مو شرط تكلميهم أقعدي مع أمي أو مع مثلاً ..
تحركت نحو الباب و قد تركتها وقد عادت ملامحها طبيعية ساكنة ، ،
لكنها تذكرت شيء أهم مما ذكرته قبلاً
ثم تنهدت وهي تريح يديها على مقبض الباب
هل تخبرها الآن أم تكتفي
لكَنها ألتفتت لها وهي تقول
../ إيه .. وفي شيء بعد
رفعت نظرها لها و على ثغرها طيف ابتسامة
../ يا كثر أشيائك اليوم ..!
ابتسمت بهدوء رغم الجدية في صوتها وهي تقول
.. / أمي تبيك .. بعد ما يروحون البنات بغرفتها لأن أخواني بيكلمونك .. بس لاتخافي موضوع بسيط ..
ثم أكملت بهمس بعد أن لاحظت ملامحها
../ تذكري إني بجنبك .. زين ؟
حّركت رأسها وشيء من القلق تخفيه خلف قناع الهدوء
../ إيه زيـن ..
ثم خرجت و تركتها ..
تنتظر الغد .. والذي كما يبدو لها
مليئ بالمشاريع الكافيّة لإستنزافها
حتى آخر قطرة
كُلٌّ منَّا حائطٌ
وظِلٌّ
ولوحةٌ خاصَّةٌ بحالتِهِ
يشردُ بينَ زواياها طويلاً
كأنَّ المَرْسَمَ الكامنَ في مدينةٍ لم يمر بها قطارُنا
كانَ يطلُّ علينا
.تحتَ شجرةٍ لوَّثْنا رئتيها بالسواد *
*سوزان ( بتصرف )

*

نزلت السلالم بهدوء عكس مشاعرها المُتأججة داخلها
تزفر وهي تحاول أن تكبت كُل ذلك القهر
الذي امتلئت بها نفًسها
مرّت من أمام المجلس حيث كانت أحاديثهم خافتة
شعرت بيد تطوق معصمها لتوقفها فاستدارت نحوها
../ وعد .. لو سمحتي .. تـ .....
قاطعتها وهي تقول :
../ طيب .. إنتي و زوجك تتفاهمون .. بس تذكري عيالك يحتاجون أبوهم ..
ثم تركتها و دخلت المجلس بصمت
تحركت نحو الخارج و غصّة كبيرة تقف في منتصف
حلقها ..
ليس هُم فقط من يحتاجه .. تحتاجه هي أيضاً
ولكَنه دائماً ما يبدو بشكَل فظ لا تريده أبداً
تجاوزت الحديقة الصغيرة
حيث الممر المُفضي إلى المجلس
دلفت إليه ثم وقفت لدى الباب
وهي تراه قد عقد يديه
أمام صدَره وهو يحادث أحدهم على الهاتف
وحين رآها قال
../ زيـن ، خلاص أكلمَكْ بعدين .. مع السَلامة
عضّت شفتيها حين رأته يقترب منها ببطء
فأسرعت بقولها :
../و النهاية معك أنت .. ممكن أدري وش إلي موقفك برآ .. ؟!
أدخل هاتفه داخل جيبه وهو يقف بالقرب منها ويقول
../ وشو ما سمعت .. أذوني تعورني !
ضغطت على أسنانها بقوة وهي تكور قبضَتها
../ وافي لو سمحت .. أنا واصلة معاي لـ هنآ !
وأشارت إلي أنفها وهي تتابع
../ منك ومن إللي جاني منّك .. يا خي مو تزوجت البزر إللي كُنت تهددني فيها .. روح وأنبسط معها .. وأنساني أنا وعيالي ..
شعرت بأن وقوفها أمامه هكذا
سيضَعفها .. و ستنهار باكية تحت قدميه
تحركت مُبتعدة حين أمسك بمعصمها وهو يعيدها نحوه
../ وين .. وين ما بعد تكلمت ؟ .. بس هذا اللي عندِك !
نظرت له من تلك المسافة وهي تهمس بألم :
../ وافي .. وصلت فيك الحقارة ترضـى بوحدة تعض بطن ولدك .. و يا ليتها عاديّة .. معّلمة في الولد
عقد حاجبيه بشَدة وهو يجيبها بفحيح
../ لكّنها نالت جزاها
ازدردت ريقها بصعوبَة وهي تقول :
../ جزآها .. وش هو جزآها؟ .. خاصمتها .. ضربتها ..
و شو بيكون شعورك إذا سمعت معاذ يوصف لنا ملابسها .. كذا ببساطَة !
لاحظت انكماش ملامحه ولم يخف ذهوله إطلاقاً
../ تدري وش إلي خلاه يتكلم .. فطرته السليمَة .. يوم واحد .. يوم واحد بس سوت فيهم كذا .. لا وفرحان .. جاي تطلب منّي أسكن معها !
بقي متجمد في مكانه ويده تضغط على معصمها بقوة
وبجرأة غلفّها غضبَها
اقتربت منه كثيراً كثيراً حتى لفحتها أنفاسه الباردة
../ بس تدري أنا .. أنا الغلطانة جايّة أكلم مراهق كبير مثلك .. لأنك ما تحس إلا باللي تبيه
اتسعت عيناه بصَدمَة ، و كانت له ردة فعِل
صفعها بقوة وبشكَل غير متوقع
جعلتها قوتها تتراجع إلى الوراء قليلاً
وهي في حالة ذهول
نطق بغضب متفاقم
../ أنا المراهق يا المدمنَة .. تذكري يا دعاء تذكري مين إللي بدأ بالغلط من البدايّة .. تذكري إنك بتبقين وصمة عار لعيالك أمهم خريجة سجون .. لا وبتهمة ترويج
مخدرات
بوقفتها المائلة ويدها المتكئَة على وجنتها
التي شعّت حرارة من لهيب تلك الصفعَة
لكَن شيء مالح بارد نزل عليها.. ليسكّن من ألمها
ثم تتابع تدفّق دموعها حتى رأها
فأبتسم ليغيظها وهو يردد
../ تبكين .. خذي راحتك .. أصلاً هذا الشيء الوحيد إلي أنتي فالحة فيه ..
رفعَت رأسها وهبطت يدها لتستقر بجوارها
نظرت إليه وهي تهمس
../ تظلمني .. تظلمني ياللي ما تخاف ربك .. دخلت السجن ظلم .. وطلعت براءة و أنت مازلت تتشمت فيني ..
أقترب منها وهي جامدة في مكانها بلا حراك
قبضَ على شعرها القصير الملتف خلفها وهو يحّركها بقوة
../ حتّى لو ظَلم .. حتّى لو بيقى فيك دناسَة سجن ..
قاطعته وهي تجيبه بهمس هادئ
متجاهلة كُل ذلك الألم الناتج من قبضَته
و المنغرس في روحها
../ خلاص .. روح لها .. سحر هي الأم الشريفة لعيالك .. روح لها .. وطلقني !
حّرك قبضَته بقوة هائلة جعلتها ترتطم في صدره
لترتد بين ذراعيّه .. ندّت منها صرخت ألم قصيرة
وهي تسمع صوته القريب من أذنها يقول
../ ما أقدر .. ما أقدر أخليك ..
بنبرة غريبَة .. قاسيّة أكمل
../ ما أقدر أشوفك تروحيـن لغيري .. إنت زوجتي أنا .. وأم لعيالي أنا وبس !
انهارت تبكي بهدوء .. فالموقف أكبر من تحملها
لا خيارات مُتاحة أمامها ..
إما أن تعيش معه بذّلة أبدّية أو أن تفعل ذات الأولى
صوت ضربات قلبه السريعة تصَلها بوضوح
وصوته يتحدث بما لا تعي
لا شيء يضّج في داخلها سوى نحيبها المُستمر
لكَن غريزة ما تحّركت في داخلها
وهي تشعر ببكاء حاد يخترق نياحها
و شخص ما يلتف ليحتضَن ساقها اليُمنى
شيء ما قفز في داخلها جعلها تدفعه عنها بقسوة
وهي تنحني لجسد ذلك الصغير الباكي
احتضنته و راحت تبكي نفسها وتبكيه
دقائق أو ربما ثواني شعرت بالآخر
يحتضَنها من خلفها ..
وبيد أكبر تحيطهم جميعاً ..
تحدثت من بين دموعها وشهقات صغيريها تُلهب
قلبها
../ خلاص يـآ ماما .. خلاآص
رفع الصغير رأسه من حضنها وهو يسألها بألم
../ م مـآمـآ .. إنـ ت .. تُحـبيـ ني ؟
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تحضَنه بذراعها الخالية
../ أحبـــك .. وأموت فيك بعد
هدّت من نفسها .. وهي تلتفت للأخر وتبتسم له في حُب
لكّنها شعرت بثقل ما على ظهرها
التفتت له وهي تقول
../ فكّني .. انخنقت
لاحظت حَركًة لدى الباب .. فحانت منها
إلتفاته .. لتصْدم مما رأته

جنــــون
05-16-2012, 12:23 PM
وقفت والدتها .. و خالتها و وعد
و كُل منهن تبكي بصَمت .. فوالدتها راحت تمسح دموعها عن وجنتيها لتتماسك
و خالتها تبكي بصمت و قد غطّت وجهها
بينما أحمّر وجه وعد و اختفت بمجرد أن رأتها
أشتعَل وجهها بحمَرة خجَل لا تدري لم
وهي تلتفت لتبعد وافي بغيظ ودون أن تنظر إلى ملامحه وهي تنهضَ و تسحب طفليها معها
اقتربت من والدتها انحنت و قبّلت رأسها لتقول الأولى بصوت متحشرج دامع
../ الله يصَلحكم يا بنتي .. الله يصَلحكم .. قّوميني بروح لحجرتي .. الله يهديكم ..
ساعدتها على النهوض , وهي تلملم بقّوة شتاتها
الذي تبعثَر و على مرأى من الجميع
خرجت و أذنيها تلتقط صوت خالتها الذي يصرخ بغضب
../ فشّلتنا .. الله يقلعك .. الله يفضَحك يالثور
اقتربن من باب المنزل الجانبي يسبقهن معاذ
و صوت خالتها يصَرخ
../ وعـــد .. و عـــد .. جيبي عبايتي
دخَلت منه إلي البهو مُباشرة حيث قابلت وعد
التي وقفت أمامها تتأمل ملامحها وهمّت بقول
شيء ما من بين شهقاتها المكتومَة
لتقتل دعاء همتها وتقول بصوت متحشرج وهي تُسند والدتها
../ وعد روحي لخالتي .. تنادي عليك
تجاهلت تلك الغصَة التي استعرت في بلعومها
وهي تلمحها تركض نحو والدتها و هي تغّطي وجهها الممتلئ بالدموع
وفي قلبها راحت تقول
../ حسبيّ الله عليك يا وافي

.

.

*

فَتح عينيه ببطء شديد ؛ ليصَدمه ضوء مُبهر أمامها
أغمضَها مجدداً ليفتحها رويداً رويداً
ألم شديد يتحّرك على امتداد ظهره و بطنَه
يديه ترقدان خلفه في وضعية غير مُريحة أبداً
عاد إليه وعيه كاملاً وهو ينظَر للمكان حوله
جيداً ..

كّور قبضَته بقهر وهو يرى قيدَه الحديدي
قد أحاطها بقوة و مهارة .. يحفظ تفاصيل المكان
عن ظهر قلب .. إنه في الغرفة الحجز في الوكر بالقريّة
نظَر للنافذة حيث بدآ أن الشمس توسطّت السماء
وفي نفسَه سأل / كم من الوقت قضاه نائماً ؟
لكَن أسئلَته لم تتراكم في عقَله
لأن شخص ما حّرك الباب المعدني للغرفة
ودخَل .. رأى نصفه فقط
لأن ذلك الشخص بمجرد أن رآه خرج فوراً
لم يتبين ملامحه فالشمس ساطعَة من خلفه
حّرك يديه بقّوة محاولاً أن يكسّر قيوده
لكَن محاولاته كُلها باءت بالفشل
وأزداد غيظه حينما ارتفعت قهقهات ساخرة
من ثَم فُتح الباب كُلياً لتسطَع أشعَة الشمس بقوة ومباشرة
على وجهه فأجفَلت عينيه
وهو يحاول أن يتعرف على هؤلاء الأشخاص
و بمجرد أن وصَله له صوت أحدهم وهو يتحدثه
أرتفع مُعدل غضَبه للأعلى

والأول يقول :
../ هههههه .. طحَت ومحد سمّى عليك يا الذيب
اقترب منه هّو وأجساد الثلاثة تلتف حوله
أنحنى بجانبه وهو يقول بـ بإبتسامة
كشفت عن أسنانه الصفراء للغاية ،
../ ولا .. ما يصَلح نقول ذيب .. إنت تخليت عنّآ
وبصوت ناعم وهو يتابع بخبث
../ و صرت ما تحبنّـآ .. و ما تبينا .. خلاص نسيت أصدقاء أمس مو يا .... صقر ؟
نظَر له بقوة وحدّة .. نظَرة لو كان صقر محرراً
ليرتجف الأخر أمامه بإفراط .. لكَن الأخر إبتسم
حين قال الأول بغضب
../ وش تبي ... ؟

حّرك الأخر رأسه وهو يقول بهدوء
../ ولا شيء .. وش يبي واحد مثلي من خاين .. كُنت ناوي تبلغ علينا لو ما لحقنا ومسكناك ..
ثم أقترب منه وهو يضّرب جبهته بأصابعه , بخفّة أكمّل
../ أرخي عيونك .. ما عاد لها لازم هالنظَرة .. ما عندك قّوة تقدر تواجهني فيها .. وإلي مثلك .. لازم يموت .. و نخفيك من الوجود ..
أجابه و أسنانه تصتك في بعضهم من شّدة غضبَه
../ تخسى وتهبى .. إنت إلي بتموت ..وتختفي .. تدري ليش .. لأنك حُثالة !
كوّر الأخر قبضَته وهو يلكَمه فى بطَنه
ليتأوه بألم من شدّتها والأخر يقول بقهر :
../ حتّى وإنت بموقف ضعَف .. تستقوي .. بس تدري بخليك لـبكرة بس .. عشان أتلذذ بشوفتِك كذا .. و قتها بحفر لك أنا قبرك !
و قف وهو يبتعد عنه ويقول لأحد الرجال من حوله
../ ماهر ..
../ سم ..
../ خلي عينك عليه .. وريني شطارتك فيه .. بس ها لا تقتله .. أبي لي فيه كم عظَمة سليمَة ..

ومباشرة أقترب ذالك الماهر منه وهو يركل صقر بقوة
جعَلت عينا الأخير تصرخان بألم في محجريها
ليبتسم الأخر و الأول يقول
../ أعجبك يـآ كينق ..
ربّت الأخر على كتفه
../ كفّو ..
ثم استدار ليلحق به الآخران
عض صقر شفتيه وهو يتابع رحيلهم بصمَت مُجبر
فالألم المُشتعل في خاصرته يكاد يقضي عليه
أمتعَض قلبه فجأة بألم حين تخيّل إنه من الممكن أن يلقى حتفه فعلاً في مكان قذر كهذا
طرأ له خيال صبـآ فجأة في صورتها القديَمـة
القديمَـة جداً بالنسبَة له .. ترتدي حجابها بإحتشام
و تتحدث مع ندى حول أمر ما .. بثقَة و رزانَـة
معروفَـة لدى الجميع بذكائها و إطلاعها
لم تَكُن إحدى أمانيه يوماً أن يتربط بامرأة سواها
لكَنها كانت بالنسبَة له قضيّة " مؤجلة " دائماً
فحياته و مستواه الماديّة .. أشغلته كثيراً حتى وقع ما وقع
وبمجرّد أن طرأ ذلك اليوم على عقّلة أغمض عينيه بقوة
في محاولة لتخفيف وطأة الألم على روحه
شعر بسيل من الدماء يندفع ببط من الثقب في بطَنه
نظَر نحو الموضع وهو يرى شاش قذر
مربوط بإهمال حول الجُرح ..
أغبياء فَهُم لا يعلمون : أن التسكين الخاطئ للجرح ، ليست سوى زيادة في ألمَه ..
رفعَ نظَره وهو يشعر بدوار خفيف يلتهم أفكاره
وهو يقول لـ ذلك الماهر
الذي وقف لدى النافذة بسكون و على نحو عجيب
../ الساعة كم ..؟
أجابه بسرعة و كأنه توقع سؤاله
../ اثنين ونص ..

أحنى رأسه بتعب وهو يتذكَر موعد لقاءه مع خالد
لقد مّر الوقت .. ربما سيفتقده ..
هل سيكون لديه من الذكاء ما يكفي ليتنبأ بموقعه ؟
هل سيرى تلك العلامَة التي تركها له عند شُعلة اللهب بالأمس .. ؟
رفعَ رأسه وهو يشعر بماهر يقترب منه ..
دقائق فقط كانت الفاصلة حين لكمَه بقّوة
شعر و كأنها قضَت على بقاياه الحيّة
وغرق بعدها في ظُلمـة سرمدية

,

استعاد وعيه تدريجّياً .. وهو ينظَر للمكان من حوله
حاول النهوض .. لكَن ألم ما كالحريق إشتعل
بطول بطنَه وحتى صدره .. نظَر للشاش الملفوف بعنايَة حول
صدره و بطنَه حتى يديه
إلتفت للشخص ما رقد على مقرُبة منه
و وسط ظُلمة الغُرفة لم يتبين ملامحه جيداً
لم تَخفى ملامح القلق البداية على وجهه وهو يصَرخ
لذلك الشخص
.../ يا هييييييه .. إنـــت .. إنـــــت
تململ الرجل في نومَه و تحّرك ليستدير للناحية الأخرى
لكَّنه واصل نداءه هذا .. حتى فتح الرجُل عينيه
و أستدار نحوه ..
إتسعت عينا صقر بقوة وهو يرى وجهه جيداً الآن
../ مــآهر .. هذا إنت ؟
ابتسم له ذلك الماهر وهو ينظَر نحو ساعته
ويقول بهدوء
../ مؤقتاً .. شوي .. وبيجي خالد
عقد الأول حاجبيه وهو يردد
../ وش صار ؟
مال رأسه لليمين وهو يجيبه بلا مُبالاة والنعاس يطغى على عينيه
../ أقتحمت الشرطَة المكـآن .. رغُم إنّي ما عرفت وشلون أوصل لهم إنذار بتقديم موعد العمليّـة .. بس مدري كيف عرفوا بدري وجو .. على العموم بيجي اللحين خالد
وبنسأله
حّرك صقر رأسه بالإيجاب .. وهو يقول
../ زين .. وين العصابَة ...؟
استلقى " ماهر " من جديد وهو يجيبه
../ مسكّنـآ الأغلب منهم .. بس منصور و سعيد ما لقيناهم
../ وشلون ؟
../ مدري كأن الأرض إنشقت و ابتلعتهم
كّور الأول قبضَته وهو يشعر بألم شديد ينخر في خاصرته
../ هُم أهم شيء ..
حّرك الأخر رأسه و بدآ وكأنه سرح قليلاً ليعود بعدها ويقول
../ أهم شيء الوكر .. و القرية تحت السيطرة وفتشّنا كُل البيوت .. و تأكدنا إنهم مو في المحيط هِنـآ
نظَر صقر للمنزل الذي يرقد فيه .. و بدآ له الآن
أنه ما زال في القرية بالفعَل
تذكر تلك السيدة " أو من يعتبرها " والدته الأُخرى
وهو يقول بهمس لا يسمعه سواه
../ دخلوا لها .. أكيد فجعوها
../ تقول شيء ..!
../ سلامتك .. بس مين سوا فيني كذا
../ إيه .. ترا حبيت أقولك إنك ثقيييييييييييييييل ..

جنــــون
05-16-2012, 12:23 PM
أخفى صقر ابتسامته كعادَته وهو يسأل
../ ليــــش ؟
أجابه الأخر وهو مازال مستلقي على الأريكَة
../ تخيل إن ساحبك من الإستراحة .. إليـن البيت .. أنكسر ظهري .. ومحد رضـا يساعدني .. شكلي بأخذ إجازة من الدوام شهر ليـن أستعيد لياقتي
فُتح الباب و دلف خالد و رجل آخر خلفه
و أقترب من صقر الذي حاول النهوض
لكَن خالد قال بسرعة
../ خلك .. خلك مكانك يا الصقر .. و الله إنك أثبت إنك قول و فعل .. و شلونك ؟
عضّ شفتيه بقّوة من شدّة الألم وهو يسأله
../ و شلون عرفت .. ؟
../ شفت العلامَــة .. و الله و انا قايم حسيت إننا مراقبين
فسأله ماهر هذه المرة
../ كيف ؟
../ حسّيت بحركة وراي يوم إني جالس مع صقر .. وقلت ذي لإنسان موب دابة ..
ثم التفت لـصقر الذي مال وجهه للاصفرار قليلاً وهو يقول
../ جت سيارة الإسعاف قُم يا ماهر ساعد الرجاّل
استدار للجهَة الأخرى وهو يقول بتعب
../ إنت إلي ساعده .. لو فيك حيل عليه ... ذا الصخرة
../ قول ماشاء الله .. إنت وجهك .. لا تهبّه بعيــن
../ ما ظنّي أعرف أحسد .. و أنا وحليلي

كانت إذنه مع حديثَهم المَرح و الهادئ
و قلبه ليس هُنـآ أبداً .. يريد العُودة للمزرعة
سريعاً فقد غاب عنها طويلاً
لكَن تباً نطقها في داخل روحه مراراً
فذلك الألم في جسَده .. جعَل طريق
الظَلام ممُهد أمامه دائماً
ليسقط فيه مّرة أخرى
السُم مايقتَل ثعابينه
يَا التَّعَبَ تحْرثْ هَوَا صَدْرِيْ ؟!
[ أَنَا مَلِّيْتْ ]
سنِيْنْ عجَافْ
يَطْوِيْنِي عَنَاهَا وْ مَا تَحَمَّلْتَه
زَهَابِيْ لَلْمسَا بَرْدْ وْ حَنِيْن وْ دَمْعَه
وْ [ يَالِيْتْ ]
أَمَانِي / والسَّهَرْ
......... وَاقِفْ يكَلِّمْنِيْ وَأَنَا قِلْتَه
عَزَفْت بأصْبِعِيْنِي نَايْ
دُوْزَنْت البُّكَا غَنِّيْت
سَرَقْتْ أَفْوَاه
يشْرَبْهَا الكَلام وْمَا تَحَمَّلْتَه
تمَادَى بِيْ جفَافْ المَا
وَأنَا أبْنِي مِنْ حَنِيْنِي بِيْتْ
أَدَّوِّرْ قَلْبْ يِشْبَهْنِيْ
............ ومَرِّ العُمْر مَا نِلْتَه

جنــــون
05-16-2012, 12:23 PM
اللذة العشرون

في ساعة ما تحملنا فيها وزر تنوء به أرواحنا
ليتركنا الأول بعد جلد ذاتنا غُبراً واهنين
نستلقي كما تفعل دائماً وسط ظلمة تصنع نفسها بنفسها
ترتدي جلباب الصلاة فقد انتهت من أدائها منذ ساعتين او يزيد ..
لكَن تلك الرغبَة التي يصنعها الصمت و الوحدة
تجعل من الـلازم تأمل أي شيء جديد
و الجديد بالنسبَة لها تلك المساحَة التي راحت
حدقتاها تتأمل أسفل سريرها العريض حيث تغوص
دائماً بمفردها تتنهّد في الفراغ باستمرار ..،
وشيء من ضوء المساء يتسلل من خلال تلك الظُلمة الباردة
في لجّة أفكارها لم تنتبه لحفيف أقدامه على الأعشاب
وجرجرة عصاه .., و إصتكاك الأواني ذاتها
تأملت الباب الموارب خلفها وهي تنهض بكسَل
لتغلقه .. فيدلف هو للمكان يضّع الطعام أرضاً
ثم يرحل صامتاً ..،
لم تحاول النهوض بحماسَة نحو الطعام كعادتها
فقد ألفت حتى هذا المشهدَ ..
سكَنت حواسها و هدأ تفكيرها قليلاً عندما استلقت لـنصف ساعة على فراشها
لكَن صوت رنين .. تعالى في الحُجرة جعلها ذلك
تفّز بذعر نحو الهاتف الذي يرُن لأول مرة
إلتقطته وهي تهمس بصوت خفيض
../ ألو ..!
لتسمع تنهيدَة عميقه ثم تَبعه صوتها المحبب
../ الحمد لله .. خفت ما ترديـن .. وشلونك صبا ؟
ابتسامَة نصف مقوسَة على شفير الألم الغائر في روحها
تداعب سلك الهاتف الطويل وقلبها يخفق فرحاً لذلك الـصوت بعيد الذي شاركها الآن وحدتها
لكنه
سؤال قاسي جارح في نظرها رٌبما
ف لونها أسود كظلمة المكان من حولها
و لونها كما الوحدة التي تزحف في روحها وتخنقها
تتمنى بسذاجة أحياناً أن يوجد هو في المكان
ستخشاه رُبما لكَن حتى الشر بإمكانه ان يونسنا
../ صبا معاي ؟؟؟
علّقت بصوت واهن متحشرج
../ إيه .. م مـحد هنا ... غـ غيري
ردّت الأخرى بلهفة
../ أنا بجيك .. وبجيب معاي صبا الصغيرة ..
بفرحة قصيرة إنطوت سريعاً ، سألتها :
../ سميتيها صبا ..؟
بصوت منتشي :
../ إيه .. حليلها.. أحسّها تشبهك .. حتى بندر يقوله .. صح ما سألتك .. تحتاجين شيء للبيت أجيبه معاي ولا ..؟
عقَدت حاجبيها بشدة وقلبها راح يخفق باضطراب حين
سمعت صرير الباب الخارجي
مٌتأخرة جداً .. ألقت الهاتف سريعاً
وتسلقت سريرها
تكّورت .. ثم انبسطت
تمنت أن تنطوي على نفسها الان حتى تصبح ذرة صغيرة
لتختفي في الهواء
سرت إرتجافة قوّية على طول جسدَها المُمَدد
في مُحاولة منها لتمثيل النوم ..
أو ربما الموت ..،
أغرقت وجهها في الوسادة وكتمت أنفاسها
فُتح باب حُجرتها ..،فقطّع الخوف قلبها
لتصَلها رائحَة الزنجبيل القوية الصادرة من الأواني أمام بابها
تشعَر حتى بعشائها القليل .. ينعاها على كُل ذلك الخوف
الذي سيكشفها حتماً ..،
سكون .. تبعه ثقَل جثم بجوارها لامس جزء منه
ساقَها الممدَة .. فتصلبت بتوتر و رجفَة خفيفة اعترتها
امتزجت رائحته برائحة الزنجبيل ورائحَة أخرى لم تعهدها
نص دقيقة أو ربما يزيد عن ذلك بقليلاً
شعرت به يرحل عنها .. ,
زفرت بالتدريج لتلقط أنفاسها التي كتمتها طوال الوقت
وحتى تلك الأخيرة خرجت ..ناقصَة
فصوته الجهوري الخشَـن أثبت سيادته للمكان وهو
يعلو
../ ألـــــو
ثم أغلق الهاتف بعنف ..،
جُعِلت مغصَة قويّة تلتهم عَضَلة قلبها
هو ولا مَفر .. شعرت بجسَده يرقد بجوارها هذه المَرة
ومّر الوقت أصعب من ذي قبل ففرص إلتقاطها للهواء
مع قربه هذا ..
باتت ضئيلة جداً ..
شيء ما جعلها تمّيز رائحَة الغبار الذي يحمَله
وهي تسمع أخيراً تنهيدَة .. لا تعني لها شيء وإن كان التعب أحد أهم أسبابها
شعرت بقبضَته تحَرك غطائها
فغرست أصبعها فيه بقوة .. لتمنعَه
محاولة للسحب .. تتبعها اُخرى أخف
بعدها تركها و سكَن .. سكَن تماماً
و كأنه يأس منها .. ،
شعرت بالألم ينبض في جميع أجزاء جسدها من شَدة ضغطها على الغطاء ومن شَدة توترها
أرخت قبضتَيها قليلاً .. وهي تتأكد للمرة المليون ربما
من أن إنتظام أنفاسه .. لا يعني سوى أنه قد نام
مّرت ساعات وهي مازالت على حالها ..
تحاول حثّ القوة المتبقية في قلبها أن تتحرك من هنا
فاستجابت الأولى و جعلتها تلتفت بطرف عينيها
لتسترق النظَر ..
ف هالها ما رأت في جُزء من الضوء المتسلل من الباب

يده الملفوفة بالجبيرة بيضاء.. شعره الأشعث
و تعلو ملامحه غبرة لا تفهمها ..
عقدت حاجبيها بقّوة وهي تزفر بألم حين مرّت ذكرى في عقلها فهمست في نفسها
../ حسبي الله عليك .. الله ينتقم منّك يا رجّال
و نهضت من السرير .. و بخُطَى مُرتجفة
تاركَة له كُل المساحَة ..، ولتسكّن قلبها
ذهبت للخلاء .. تماماً ، لكي تخلو بنفسها
ولكّي تغرق في ماء ... تدعوه بشهدها
و بكامل ملابسَها تحاول حينئذ أن تدّلك موضع قلبها
علّها تهدأ .. وتتقبل تدخّله هٌنا
تمنّت منذ البداية أن يشاركها أحدهم وحدتها .. وأسوء ما تمنت هّو .. فأتـى لها
ابتسمت و هي تقول نفسها
../ اااااايه .. الحظ الأعوج أعوج وما يعدله إلا كسره
مّر الوقت سريعاً حين خرجت و أعضاء وضوئها تتقاطر
ماءاً وجهها وشعرها الملتصق فوق رأسها
و قلبها يدعو الله أن لا يكون قد أستيقظ ..
وبالفعَل مازال غارقاً في نومَه
تسللت بفزع وهي تتخيله ينهض من خلفها وينقض عليها
فألتقطت " سُجادتها " سريعاً
و خرجت من المكان .. حمَلت أواني عشائها البارد
للصالة صغيرة ...،
و هناك أغلقت النور كما اعتادت خلال سنين حبسَها
و صّلت .. و دعَـت ربها أن يؤنسها بقربه
بإخلاص اغتسلت فيها عينيها بدموعها
نظرت نحو الساعَة فوجدت عقاربها قد رقدت على
الرابعَة صباحاً
قاومت رغبَة النوم التي تُداعب عينيها .. مع ألمها لم ترقد طوال يوم أو يزيد ..
لكّنها باتت تنظر للفراغ وهي ما زالت صامدة ..
فلن تسمح للصياد أن يرى فريسته في موضع ضعف كهذا
لكَن النفس ضعيفة وحاجتها للسكون كانت أكبر
فأخرست كُل تلك الثرثرة التي كانت تدوي في رأسها
و سحبتها لـظُلمتها السحيقة ..

*

جنــــون
05-16-2012, 12:24 PM
تململت في جلوسها وهي تدّلك ذراعيها بتعب
و الأخرى بجوارها تهمس لها بمرح
../ طفشتي ...؟
../ مّرة
منحتها الأولى إبتسامة ، ولم تبادلها هي
فقد كان قهرها .. و مشاعرها أكبر من أن تفعَل
ها هي تنظَر لوجوههن بحريّة مطَلقَة
لكّنها في نظرهم غير مرئيَة
تراهم يلاحظون كُل أثاث الغرفة .. لكَن أعينهم تقفز
بمجرد الوصول إليها ..
لا تدري أتحزَن من تجاهلهم المُستمر لها
أم تفرح .. لأنها ترى كُل تلك الحماية التي تفرضها جدتها حولها
بدت الأخيرة حنونة أكثر من الـلازم .. وتميل لمحادثتها وحدها أكثر من الآخرين
مما جعلها تجزم أنهم لاحظوا ذلك ..
لا تَرى توأمها بين الجميع فسألت عمتها
لتتهرب الأخرى من الإجابَة .. جاعلة سبب ذلك انشغالها
ورد لعمتها إتصال جعَل الجميع يصمت
ويلتفتون نحوها
../ هلا والله بأبو حسن .... إيه أمي هنا .. إيه .. إيه .. خذها
ثم انحنت على والدتها متجاوزة هديل
../ يمّه ..
وأكملت بهمس
.../ أخواني ..
التقطته بهدوء وشيء من الضيق أعتلى ملامحها لم يلاحظَه سوى " هديل "
../ إيه .. وعليكم السلام .. زيــن .. مع السلامة
ناولت " ريم " الهاتف وهي تحاول أن تبدو عاديّة
لتقول " فاتن " ابنت عم " هديل"
../ يمّا لولوة .. وش فيه أبوي .. ؟
عقَدت الأولى حاجبيها بشَدة وهي تقول لها بحدة في غير محلها
../ مافيه شيء .. خلكَن في لعبكن .. ريم تعالي ورآي
ثم صمت متوتر ساد المكان
مدّت يدها لهديل ؛ لتساعدها .. فعاونتها على الخروج
بينما حمَلت ريم عصاها ولحقَت بهم
خرجن لبيت الشعر كمجلس للرجال
دفعت هديل الباب بقدمها لكي تفسح المساحة لإدخال جدتها
لكَن مجموعة كبيرة من الأثواب البيضاء الموجودة هُناك جعلها تقلق ..
وفتح الباب عمها ؛ ليسمح لهم بالدخول .. ثم تناول يد والدته من هديل و أدخلها
تراجعت الأخيرة للوراء فاصطدمت ب"ريم "
حين قال عمّها لها بنظرة حادة
../ تعالي .. نـبيـك
نقلت بصرها بخجل بين ريم و عمّها
لا تدري لم أشتعل وجهها بخجل بينما إزدادت نبضات قلبها
تُجزم أن أغلبها هو للخوف من القادم نحوها
تذّرعت ب
../ لا .. لا بس عشان بجيب طرحتي .. أخاف يجي أا أحـد
نظَرة قصيرة منه بيّنت مدى إشمئزازه منها وهو يقول
../ طرحة هه .. يرحم زماان .. أقول أدخلي ولا يكثر
تنهدت بيأس ودخلت تتبعهم جميعاً
إلتفتت خلفها ظّناً منها أن عمتها تلحق بها
لكَن زاد خوفها حين لم تجد أحداً
وكُل هؤلاء ستقابلهم وحدها
تأملت الوجوه هنا .. هٌم أعمامها حقاً .. أو ربما كذبة ينعتون أنفسهم بها
فمعظمهم لم ترى وجوههم منذ خرجت من سجنها.. اليوم فقط تراهم ملتفين حولها و جميعهم دفعة واحدة ..
دارت لتؤدي واجب السلام .. فمنهم من ترك لها يده لتقبلها .. و آخرين سحبوها من على كفها
باشمئزاز أتضح على وجوههم ..،
نظَرت بخجلها المتخوف نحو جدتها تبحث عن مكان تضَمن فيه ظهرها .. فلم تجد سوى أن تجلس هُناك
قريباً من الباب
و وحدها ..
تركت نظرها مقوساً نحو الأرض .. و الدقائق الأولى تمُر
دون أن يكلمها أحد .. لكَن الإجتماع لم يكُن عادياً
فكٌل شخص هُنا يحادث من يجاوره بهمس لا تسمع منه شيئاً
تخيلت إنه ربما .. سيقولون لها / أن عليها الرحيل من هُنا
لكَنها لم تؤذي أحداً قط ..
لم يدع لها عمها الأكبر فرصَة للتفكير طويلاً
وهو يقول لها بصرامة وقسوة
../ هديل حنا تشاورنا .. وشفنا إنه أحسن لك تأخذين تركي .. طبعاً القرار مهو بيدك .. لأني أنا المسؤول عنك .. وأعمامك موافقين .. وحتى جدتك بعد موافقة ..
ثم صمت وكأنه يدع لها فرصَة لكّي تتألم ..
بل لكي يراقب ألمها
لكَن نظرها بقي ثابتاً نحو الأرض وقبضتاها متكورتان على
حجرها
ف أكمل الأخر :
../ و الملكة بتكون بعد ثلاث أيام .. و بتروحين معه في نفس يوم ملكة ريم .. بس أمي عييت إلا تبينا نسوي لك يوم بالحالك .. إنتي وش رايك .. ؟
إلتوت شفتيها وغصّة موجوعة توخز دموعها منذرة ببكاء طويل سينالها
طفت على ذاكرتها سريعاً صورته وهو يعود سكران إلى منزل أهله .. وكأن الله شاء أن ترا هذا المنظَر
ليبتليها .. فتزيد ألماً .. و لتصبر
همست بصوت متحشرج :
../ م مـآ تفرق معاي ..
زفر عمها " أبو تركي " وهو ينقل نظره في وجوه البقية
../ إيه هاذي البنت الشطورة .. بس يابو حسن خلنا نخلص من ذا الشغلة بسرعة .. بلا هالتطبيل إلي ماله داعي
هُنـآ خارت مشاعرها
يداها أنتفضَت بعنف
وصوتها خرج حاداً أكثر مما يجب
تحتاج لأغماض عينيها بقوة .. لكَي تتعارك الأخيرة مع دموعها
../ أستأذَنكُم
و تهادت بخطى واهنة .. لا تُدرك كيف أنتهى الحال بها
في الفناء الجانبي إلى المَنزل
حين سمعت صوت يصرخ خلفها بغضب
../ لــــيش سويـــتي كـــذآ ..يـآلـ***
الجرحُ
قمرٌ برتقاليٌّ
تشعلُهُ الجمرةُ
ليتجلّى *

*سوزان

الخطايا
لو يلمّعها البشَر
تبقى
..........خَطايا

اللذة الحادية والعشرين
تنحت جانباً وهي تحاول أن تستعيد توازنها في غرفة
اكتظت بالمرضَى الذين تشرف على حالتها
جلست على كُرسي خشبي يقف بعيداً بمنأى عن هذه الفوضَى ..
اعتصرت رأسها بين قبضتيها وهي تقول لنفسها بهمس لا يسمعه سواها
../ و النهااااية يعني ..
حُسام بعيد عنها وهذا الأمر يوترها بشدة ..
أخطأت في أدائها كثيراً منذ أن سمعت صوته آخر مرة
بدآ لها متعباً لأبعد حد .. و أيضاً حزيـن ..
كانت تجزم بأنه يخفي عنها أمر ما لا يريدها أن تعرفه
رفعت رأسها وهي ترى ... مجموعة جديدة من المرضى تفد عليهم ..
و في الفترة الأخيرة لاحظت أيضاً نساء ..
تأملت " سيدة المنزل " وهي تقترب منها
و تقول لها ببشاشة
../ ها يا إمي تعبتي ..؟
حّركت رأسها بالنفي وهي تنهض و تسألها بهدوء
../ اللحين حسب إلي أعرفه .. هذا مكان لعلاج رجال المقاومة إلي بيجون لنا من حدود بيت لاهيا .. صح
حّركت الأخرى رأسها بالإيجاب
وعيناها معلقَة بملامح سلمى الجامدة
فتابعت الأخيرة
../ طيب .. و ليش لي فترة صايرة أشوف حريم بالموضوع .. و لا هُم من المقاومة بعد .. ؟
زفرت الأخرى وملامحها تتبدل من ترقب لألم
../ كِلنا نقاوم .. بس إلي يختلف كيف بنقاوم .. النسوان هدول مو من المقاومة إلي في بالك .. بس لأنو مركز الصحي بوسط بيت لاهيا يعتبر بعيد عن هالمكان ..
عقَدت الأولى حاجبيها .. وهي تزن كلام الأخرى في عقلها
منذ أن بدأت تمارس نشاطاتها هناك .. لم تسمع بحالة إكتفاء يصدرها المركز .. و من هذا المنطلق
سألت من جديد
../وش قصدك ؟
قطعتها الأخرى وهي تقترب منها أكثر وعلامات الخوف تتجلى في كلامها أكثر
حّركت يدها ترجو من " سلمى " الاقتراب بأذنها منها
فانحنت سلمى قليلاً لتقول الأولى
../ في اشي وصل إلناا . عم بيئولو.. إنُن ئسمونا لئسمين وفرئونا عن المركز .. بالمختصر ..
ثم اقتربت أكثر ، لينخفض همسها و يجلو توترها
../ غزة كلياتا محاصرة ..
شهقت سلمى بخوف لا تعلم الأخرى منه .. سوى أنه خوف
فطَري من فتاة لا تعلم عن الحرب شيئاً
استدارت .. و ابتعدت عن المكان
ضاق نفسها بقوة .. ترجو الخروج من هنا وسريعاً
دافعت البعض .. و جاهدت حتى وصلت للخارج
وقفت بجوار السور ..
المكان ساكن .. والنهار باهت
صوت أزيز يظهر من زاوية لا تعلمها ..
الهواء محمل بالغبار .. و الشارع مهجور .. مليء بالحجارة
وقفت في ركُن السور .. و اتكأت عليه
و دمعَة نقيّة تعّلقت على رمشها .. و كأنها لا ترجو الإنزلاق في جو مخيف متسخ كهذا ..
طرأت على عقلها خيالات .. شتمته ؛ لأنه ذكرها إياها
لا تعلم كيف ستصبح حياتها إن فقدته هُنا
لا أحد سيخلص لها من بعده
تذكرت أهلها هُناك ..
حياتها المجردة من كُل متعَة .. و أبوها
رجُل جشع مزواج .. لا يعرف من الدنيا سوى المال و الجاه
لا يتذكر أنه أنجب مرة طفلان .. ناضجان
لكنه يتذكر دائماً .. كيف يصبغ شيبته بسواد الليل ليخدع زوجاته فقط .. وربما نفسه أيضاً
و والدتها التي راحت تلهو بزوج غنّي .. أغنى من سابقه
لتغرق في التمتع .. وتنساهما ..
أم أعمامها الأكثر انشغالا بأنفسهم ..
لا تلوم أياً منهم .. فَهُم عبء .. ناءت بهم أكتافهم ..
لا تدري كم مر من الوقت و هي تبكي بهدوء
دون أن تهتز أو تصدر صوتاً
استيقظت من غرقها في ذكرياتها وهي تدعو الله برجاء
أن يحفظ لها أخيها ..
و عادت وكف المساء بدأت تمسح على المكان
دلفت ترجو الإختفاء فهي في حالة لا تمكنها من عمل أي شيء..
وفي طريقها وقف أحدهم في وجهها
رفعت عينيها إليه ..
لا حظ احمرار ملامحها .. و صمتها
فتنحنح بحرج
../ معليه .. بس عندنا اللحين عمليه خطيرة .. وقالي الدكتور فيصل أناديك .. لها .. بس شكلك مو مستعدة
حّركت رأسها بالإيجاب وهي تبتعد عنه بلا مُبالاة
../ قول له .. ما أقدر ..
و وصلت لحجرتها .. وقفت لوهلة أمام الباب وهي تزفر بقوة
../ أنا وش جابني هنا .. ؟
تركت الباب و عادت للغرفة الداخلية الكبيرة
تجاوزتها بصعوبة .. ارتدت ملابس العملية
ودخلت
إلتفت لها الجميع .. و أمرها فيصل مُباشرة
../ تعالي .. شوفي هناك .. صكّي الجرح .. وبعدها دوري لنا على دم .. من فصيلة " او " بلس
ذهبت لحيث أشار ..و اعينهم تراقب عينيها البارزة من فوق الكمامة ..
حمراء .. وبارزة أكثر مما يجب ..
وهاهي توبخ نفسها على تلك الورطَة التي أوقعت نفسها بها ..
لا مُمرضات نساء هُنا .. و هاهي تقف بين مجموعة ذكور
يؤثر فيصل دائماً العمل بينهم و بعينين كهذه .. ونفسية محطمة ..
و على إثر السابق .. امتلئت بالدموع مجدداً
فشتت الرؤيا لديها .. وعندما لاحظت إنشغالهم بالمريض
ابتعدت ومسحتها بذراعها وعادت للعمل سريعاً
تريد الخروج من هنا ..
وستعتذر من فيصل .. لتعود للمركز
لا تستطيع البقاء هنا لمدة أطول
و بالفعَل فعلت ..
../ خلصَت ..
رفع فيصل نظره لها ثم أشار بها للباب .. فهمت مقصَده
لكَنها لم تتوقع ردت فعَله لو خرجت بلا ملاحظَة يسمعها الجميع .. كانت في حالة من الانفعالية التي جعلتها تكرر
../ يـعني أخرج ؟
عاد ببصَره نحوها مجدداً .. ورفع الجميع أعينهم مّرة أخرى لها
كرهت نفسها تماماً .. وهي تراه يحدّق فيها لثواني
ثم يقول بعدها بصوت أشبه بهمهمة مكتومة
../ إيـه أخرجي .. يـآ ........ سلمى
خرجت من المكان .. وهي تجر خلفها كُل تعاسة تجنيها بيديها .. لكَن كُل ما حولها يستحيل أسوداً
كُلما تذكرت فألها السيئ في أخوها
توجهت .. للغرفَة لتستلقي قليلاً
أذناها تلتقط أحاديث النساء
همهمات الرجال هُناك
" غزى محاصرة " .. " وبيت لاهيا " مقسم
هذا يعني أنه يستحيل العودة للمركز الرئيسي في غزة نفسها .. و المركز الصحي في بيت لاهيا مقطوع عن هذا المكان .. و ستبدأ الغارات قريباً .. و من أن مؤونة الغذاء
والأدوية هُنا لا تكفي سوى لأسبوع آخر فقط .. إذا أستمر عدد الجرحى على هذا المنوال

كُل الجمل تُنذر بفيضان من الخوف قادم نحو قلبها المضطرب
و كما قالت هديل – رحمها الله – قبلاً
" لا أخشى الموت بل أخشى فقدان من أحب "

*

خرجت من المطبخ تحمل كوب بين يديها كوب الماء
و بيدها الأخرى جريدة هذا الصباح
الجميع في مدارسهم و جامعاتهم ..
أما هي .. فتتفرغ في هذا اليوم من كُل أسبوع للمنزل فقط
وصَلت لغرفة والديها و ما إن همت بطرق الباب
الموارب
حتى وصلها حديث والدتها الهامس
../ منصور .. وش هالكلام الله يهداك ..
ثم صوت والدها العصبي يرد بتهكم
../ وياك .. وش تبيني أقول للناس .. والله بنتي بالسجن بتهمة خلوة مع إضمار نية سيئة .. وهذا كله من حصيلة تدليعك لها ..
والدتها تَرُد بإستنكار رقيق
../ أدلعها .. وشلون أدلعها ونور ما كان فيه أقوى منـ..
قاطعها بسخرية
../ إيه صَح .. كانت تشمّر أكمامها .. وتطامر في أحواش عيال الجيران .. كأني جايبن لي ولد مهوب بنت .. .
برجاء همست
.../ بس يا منصور
../ أقطَعيهــآ .. أنا كلمت الناس وقلت لهم .. لو إنكم تبون زهرة حياكم .. بس نور .. مخطوبَة ... وملكتها قريب
../ ليش .. ليش قلت لهم مخطوبَة .. اللحين تقطع رزقها حتى عقب ما تخرج .. كان قلت لهم ما تبي الزواج اللحين .. يمكن الولد شاريها .. وبيرجع بعدين لـ
قاطعها مرة أُخرى
../ رعد .. رجّال ومن خيرة الرياجيل .. و الكُل يشهدون له على كذا .. بس مهوب من نصيب نور أبد ولا أباه يأخذها .. وأغشّه فيها .. لو يبي زهرة حياة .. وأنا أبيه
لبنت من بناتي .. ما أبي أخسره

../ سديت الطريق بوجهها
../ تستاهل ما جاها .. والله شغلها معاي ما صفيته لين تطلع وأوريها .. ويــــن بنتك ذي .. كُل ذا كاس موية ؟
../ يــــــآ نـــــورة
ابتعدت عن الباب سريعاً
ثم عادت تمشي بهدوء .. دفعت الباب وهي تجيبه
../ إيه .. جيت .. جيت
أعتدل في جلسته وهو يلتقط منها الجريدة وكوب الماء
رأها وهي تهُم بالخروج
فأمرها
../ نوري .. تعالي أبيك فكلمة
أستفزّ مشاعرها .. حتى هذا الدلع .. لم يكُن لأحد سوى لنور أختها .. صادر كُل حقوقها وبدأ يطبعها عليهم
لم تكُن في وضع يسمع لها أن تنظر إلى وجهه
فعادت للجلوس بقوة وهي تمنع نفسها عن الصراخ
في هذه اللحظَة
نطَق
../ عمتك قالت لي إنها .. تبي تقرب موعد زواجكم لعقب أسبوعين .. لأن الرجّال مسافر بعدها يكّمل دراسته ما شاء الله عليه
كان بإمكانها أن تعي مدى فخره الواضَح ببدر
ولو أنها كانت تنظر لعينه الآن لرأت لمعتها
أرهفت السمع له ومازال نظرها في حجرها

جنــــون
05-16-2012, 12:24 PM
../ ف وش رايك ؟
صمتت لوهَلة ثم رفعت عينيها لوالدتها
رأتها تنظَر لمسبحتها وهي تستغفر و يبدو عليها سرحانها
أزدردت ريقها بصعوبة وهي تستحث قهرها
الذي نهض ولم يخذلها ..
فقالت بثبات
../ تبشر إنت وعمتي بالي يرضيكم في كُل شيء .. أنا بين يديكم .. بس أسمح لي في هاذي ما أقدر عليها ..
إتكئ في جلسته وعيناه تتأمل ملامحها المنكمشَة
../ ولـــيش وأنا أبوك ؟
رفعت جسدها وهي تقول بذات الهدوء
../ ما لي في العرس .. وإختي نور مهيب حولي
هبّ الأب من مقعده وهو يصرخ
../ تخسي .. وتهبي .. وش عليك منها .. خليها في سجنها تتأدب أخير لها .. و هالكلام ما بي أسمعه منّك مرة ثانية .. الزواج بيتقّدم مو عشانك .. عشان بدر إلي أعتبره
مثل ولدي وما أبي أرفض له طلب ..
فكَرة طرأت علي عقلها وهي ترا صراخه و حديثه القادم أمامه

لا أحد يستطيع ثنيه عن قتلها إن واصلت حديثها على المنوال السابق فقالت بهدوء
../ بس يا يبه .. ما ينفع .. كذا بتخرب كلامك قدام العرب الثانيين
هدأت ثورته وهو يرى الحزم في ملامحها فحثّه ذلك على سؤالها
../ وش إلي بيخربه ؟
جلست أمامه وهي تسكب له كوب الشاي فسكَن
و عاد لـ مُتكأه
ناولته الكأس وهي تقول بدبلوماسية
.. / لو حنا قدمنا الملكة و الزفة .. أكيد إنت بتعزم رعد وأهله .. لأنه يعزّ عليك .. و أكيد أمه بتدّور على نور .. كيف بنفسّر لهم غيابها ..
حّرك رأسه بالإيجاب وهو يفكَر بعمق ويقول
../ إيه والله .. وإنتي صادقة .. وشلون فاتتني .. زين وش السواة ؟
حّركت رأسها بهدوء وهي تقول
../ ولا شيء .. ننتظر نور لين تخرج ..
عقد حاجبيه بشدة وهو يصرخ زاجراً إياها
../ لاآآآآ .. و بنجلس ننتظرها
غاص الألم في قلبها أكثر .. فزآد جُرحها
وهي تَرد عليه بكبرياء وكأنها يشتمها
../ يبه .. نور ما بقى على طلعتها إلى شهر .. بننتظر لشهر بس
أتسعت عيناه بصَدمه .. ف المفاجأة مذهلة بالنسبَة له
../ والله .. شهر ..بس .. متأكدة إنتي ؟ .. مسرع .. أحس كأنها أخذوها أمس .. بس خلاص اجل بكلم الناس .. لكَن إنتي متأكدة ...؟
هل كان يجب عليها أن تراه سعيداً بهذا الخبر
لكَي لا تتألم أكثر كما يحدث لها الآن ..،
صمدت أمام مشاعرها العليلة بقوة عودتها عليها
../ إيه يبـآ ......... وعن إذنكم ..
خرجت من الغُرفة مثقَلة بجُرح أكثر عُمقاً من ذي قبل
يسكب الألم الفائض على حواف قلبها
حتى يطيش بها . .. ويمرغها حتى أبعد نقطة
تتقن ممارسة دور الأخت الكُبرى دائماً
تتحمَل ألامهم .. عنهم .. لكي لا يتألموا
تؤثر رأُيتهم بسعادة على سعادتها هيا ..
لكَن ألمها مختلف فقد وصَل لأختها
التي تراها توأمها .. لا فرق بين عُمرها وهي
سنة أو ربما 10 أشهر ..
يكفي شعورها ببراءتها المزروعة في قلبها ..
تؤمن بها .. وتقدسها وحدها .. لا تود أن يشاركها أحد فيها
يكفي ما يحدث لها حتى الآن ..
وصَلت حجرتها .. و ألقت بجسدها على سرير " نور "
وهي تحتضَن وسادتها وتقول بهمس باكي
../ يــآالله أصبري بس باقي .. شهر شهر بس يا نور .. عيونا

يبقى البكاء وسيلة حُرة للفرار بنا
من أكثر سُبل الألم انحطاطا

وربّگ مآهي قوۅهّ ..
لـآ يغرّگ هآلۅقٌوف .. !

........... ۅ هالشٌموخ الليّ تشوفـہْ
في آلحَـَـَقيقة هو إنڪسـآار .. !

بس أحــآاول گثر مـ أقـَـَدر
...................... أڪّتم الغصـَـَـًة وأزيحّ
..........صدمة آلعُمــَر الليّ راآآح .. !

ۅ الله لۅ أقدر عْطيتگ
بس .. !

.......... أنهتني الجـَـَرآح
.............................. أنهتني الجـَـَرآح
.................................................. أنهتني الجـَـَرآح ..

اللذة الثانية والعشرون

تنظَر بيعنين ذابلتين ..
جموع الفتيات المغادرات بهو الجامعي
بينما تجلس هي على إحدى الكراسي الحديدة الجانبية
و في حجرها حقيبتها
ويدها تعبث بهاتفها
ملامحها مرهقَة لأبعد حد ..
ووجهها خال من أي زينة ..
اقتربت منها فتاتين ..
جلست الأولى إلى جوارها وهي تقول بمرح
../ وحشــــتيني .. لي 10 دقايق ماشفتك فيها
ابتسامة جانبية .. لـثواني فقط .. ثم ماتت فوراً
تنهدت ذات الفتاة وهي تقول لها
../ وش فيك يـا ندى .. صاير لكم شيء ؟
حّركت كتفيها ببطء
../ و لاشيء
../ لا فيك شيء
../ لا
../ إلا فيــــك شيء
بضيق قالت
../ خدوووج لو سمحتي .. لا تزودينها
نظَرت لصديقتها الواقفة أمامها وهي تشير لها بيدها أنها تود أن تذهب
لكَن خديجَة قالت فوراً
../ إيه صح .. ندووي .. أعرفك على صقيقتي من سنة رابع ..
ابتسمت نورة لها بمجاملة تمد يدها لتصافحها
../ شلونـك ؟
ابتسمت لها بصدق وهي تقول
../ بخير .. معليه .. ترى خدووج أذيّة ما تخلي الواحد يركّز في الشيء
اتسعت عينا " خديجة " بصدمة وهي تقول
../ وش دخّـــــل ؟
اتسعت إبتسامة نورة .. وهي تقول بهدوء
.. /أعذروني .. جا الباص .. أشوفكم على خير
../ اصبري .. خذيني معك .. يا الله ندوي .. أنتظري اتصالي لي معك جلسة خاصَة ..
حّركت رأسها بيأس
وهي لا تفتك عن التفكير في كُل جوانب الموضوع
تخشى أن تحادث ميسون فتوبخها
لتزدد ألماً .. تتذكر
وجهها الأبيض النحيل
و عينيها الزجاجيتان الواسعتين
و نظَرة الشك المعلقَة هناك
ملامحها الحزينة بإستمرار ..
رجائها الأخير .. في أن تبقى معها
يعذبها ..
تلفت أعصابها تماماً .. تبحث عن كُل الحجج من أجله
لكَن يظَل قلقها يعاكسها دائماً
التقطت هاتفها .. فقد باتت ضجرة من تهكم والدها المُستمر
و دفاعها اليائس عنه .. لا يستحق شيء مما تفعَله
ولا يستحق أن يُلام .. على شيء يفعله
تراه هامش .. و ربما نكَرة في حياتها لا حاجَة لكّي تتعب نفسها .. بالقلق عليه
لكَن ما يقلقها .. " هي "
صوت ميسـون يتردد في عقلها عند آخر مُكالمة أجرتها معها .. تحذرها أن يبتعد صقر عنها
تأمرها أن تلهيه قليلاً .. حتى تستعيد عافيتها
و تعود .. لـ تلك ............... ( الأسيرة )
وعدتها بأن تفعَل .. و هي تعلم بأنها لن تفي بوعدها
فالأول مُختفي عن محيطها تماماً .. وحتى هاتفه
أنزعج منها .. و أُغلق
دخَلت لـ " سجل الهاتف " للمرة الخامسة
وهي تدور بالمؤشر فوق قائمة الأسماء مرات عديدة
و في كُل مرة تزفر بتعب
وتكرر الأمر
حتى وقفت أصابعها على اسمه ..
" لا تكلمينه "
و ضغطت على زّر الإتصال ..
ثواني فقط .. ثم ارتفع الرنين .. ومع الثالثة
أجاب .. فتحدثت أولاً
../ السلام عليـكم .. معاي خالد ؟

.../ وعليكم السلام . إيه .. " و بشك " مين معاي ؟
زفرت بإرتياح .. وهي تتابع .. لكَن غصّة عقيمة إعتلت حلقها .. فأثرت على صوتها الذي همس
../ ا أنا .. ن نـدى .. و و يـ ن صقر ؟
عقد خالد حاجبيه وهو يهّب من خلف مكتبه
ابتعد عن الآخرين .. ووقف في زاوية مفرده وهو يسألها بخوف
../ ندى .. وش فيك ؟؟ .. صاير شيء؟؟ .. عمي فيه شيء .. صقر سوالك شيء ؟
اغمضّت عينيها و نبرة الخوف في صوته جعلت قشعريرة ساخنة تجري في جسدها .. كّررت سؤالها بصعوبة
../ أنا .. أسألك .. صقـــر وينه ؟ جنبك ..
أستوعب سُؤالها .. فتنهد بقوة .. بعدها قال بهدوء
../ أوووف .. فجعتيني يا بنت الناس .. لاآ صقر مهوب معاي اللحين .. بس هو ما جاكم ؟
سُحق قلبها بشَدة وهو يسألها بخوف شديد
../ وينه فيه ..؟ إذا مهوب عندكم ولا عندنا وين بيكون ؟
ألتقط نبرتها الخائفة و انفاسها المتسارعة ..
همّ بإجابتها .. لكنه صمت في اللحظَة الأخيرة عندما سمع نحيبها .. زاد توتره .. و قال بصبر يزيح فيه مشاعره
../ أنا شفته أمس
ثم صمت
هدأت تترقب مُتابعته .. لكَنه أطال الصمت
فسألت بلهفة تحثّه
../ إيـه .. ويــن ؟
هذا هو السؤال الصعب .. العملية التي قاموا بها سرية
ولا يجب أن تصل إلى أي احد أي كان ظروف وملابسات تلك القضية .. فكّر طويلاً .. وحلل ذهنه القضّية سريعاً
ثم قال بهدوء
../ شفته بالمستشفى .. جاي يزور واحد من ربعنا مسوي حادث ..
عقدت حاجبيها ودمعَة تنزلق إلى وجنتيها .. شيء ما في نبرة صوته لم يريحها مُطلقاً ..
يكفيها الآن أن تعرف أنه بعيد عن صبا
فسألت بصوت تقاوم فيه دموعها
../ يعني ..إنت .. ما سألته وينه طول هالوقت ؟
أجابها بسرعة .. محاولاً طمأنتها
../ إيه .. قالي إنه بالمزرعة ..
عضّت على شفتيها .. و ارتجف قلبها
../ مُتأكد إنت .. ؟
خرج من مكتبه وهو عازم على الذهاب نحو منطقة معينة
وصوته يجيبها بصرامة :
../ إيـــه

وأغلقت الهاتف قبل أن ينطُق بالمزيد ..
تأكدت شكوكها .. هي وميسون
صقر أصبح بجوارها ..
تَركوها له ..
لن تغفر لهم أبداً .. لن تَرضى عنهم ..
خونة .. هُم خونة ..
طلبت منهم أن يكونوا قريبين منها .. ولو لفترة قليلة
فقط لكي تعتاد وضعها الجديد
وهاهم يتخلون عنها واحدة .. و آخرى
وتركوها له ..
و اما من زاوية خالد ..
حيث كان يقود سيارته بسرعة كبيرة
جداً .. تتجاوز 140 كلم / ث
وهو يضَرب المقود بشدة ..
في ثاني مكالمة لهم .. يسمعها تنتحب و يقف ليكذب عليها
فقط .. ثم بدآ وكأنه
كما نقول في لغتنا الدارجة :
" جا بيكَحَلهَا عَمَهَا "

هوى قلبها إلى أسفلها
و هي تهبّ من على سريرها لتنتصب بجواره
عيناها المُتسعتان على آخرهما تًبرمج وجودها هُنا
تذَكرت أنها نامت قسراً في الغرفة الأخرى
فمن أتى بها إلى هُنا
صوت إنسكاب الماء على الجانب الأخر أهدّر المزيد من التوتر في روحها
هرولت نحو الباب لتفتحه .. تنشد الهرب .. فوجدته موصداً عليها
قلّبت الأدراج و نظرت تحتها .. لا مُفتاح
ربما هو يرقد أمام عينيها لكَن شّدة خوفها
و سواد مشاعرها حين إذا .. أعمتها عن أن تراه
أبتعدت سريعاً .. فلا حَل أمامها
إلتقطت جلباب الصلاة الذي نزعه منها
إرتدته .. و وسحبت كرسياً
جلست أمام النافذّة وأغمضَ عينيها
تشحَن كُل شعور خائب نحوه .. ليعطيها طاقَة تحمّل أكبر
تقبضّ على أناملها بقّوة .. تقاوم فيها رغبتها بالصراخ
شيء ما جعلها تتذكر جمل ميسون .. أيام سجنها
" الإنسان ممكن يقتل نفسه بنفسه .. بمشاعره .. لو سألتي نفسك مّرة .. ليش ممكن يمنعونا عن زيارة مريض ؟ لأننا ممكن ناثر على نفسيته ..طيب .. هّو إلي غلطان ..
و ترك الخوف و التوتر .. يقتلوه .. و أنا سمعت عنك كثير .. من ندى .. إلي تشوفك قدوتها .. صبا البنت المثقفة العاقلة .. إلى الكُل يشير لها ..
ما تنتحر ..
ما تــنتحـر ..
ما تنتــــحــر .. بمجرد شعور "

عند هذه النقطَة انطفأت جمرة مشتعلة في روحها
و تحولت لكتلة من الرماد الساخن
زفرت ببطء وهي تشعر بالباب يُفتح
تحاول أن تسترجع كُل صوره في مخيلتها
سوداء دائماً .. لكَنها ستتقبلها .. لتتحمل حتى الآن
فقط .. و ستتحمل
نظَرت إلى زجاج النافذَة الذي
صور لها دخوله .. جسده الذي أخترق هدوء المكان
وراح يخنقها رويداً رويداً
لا يراها على سريرها كما تخيل ..
فبحثت عنها عيناه
و رآها

أستغرب جلستها تلك .. وهدوئها بعد أن توقع عاصفة من الغضب قد تشتعل في وجهه
شعور لذيذ .. داهم فؤاده على غفلَة من عقَله
فحثه على المتابعَة و وقف خلفها مباشرة
شعرت هي بقربه فزاد تنفسها .. تحاول تهدئة روحها المضطربة ..
لكَن يده التي أطبقت على كتفها..
جعلتها ترتجف بشَدة ...،
أغمضَت عينيها وهي تستمع ، لأنفاسه القريبة من أذنها
شدة من قبضَته وهو يرفعها لكي يتمكن من إحتضانها
ولتوترها و ضعفها .. لم تقاوم أبداً
لكَن صوتها الذي خرج بهمس خافت جداً
و كأنه قادم من وادي سحيق
../ ب بّــــعـ د عنـي
رددتها بيأس .. و ضعف .. عله يرحمها
لكَن كفه التي ارتفعت و أطبقت .. على شعرها المغطَى .. أخافتها كثيراً .. أنسّلت دمعَة من عينيها
وهي تسمعه يهمس بنفس نبرتها
../ ما أقدر .. رجعتي لي و صرتي بين يديني .. و تبين أخليك.. ما أقدر
تتابعت دموعها فلا خيارات أمامها سواها
لكَن شيء ما أستصرخ التوتر .. داخلها
يجب أن تقاوم كُل هذا .. خفّت يده عن معصمها
و شعرت بجسده يبتعد عنها
تنفست القليل من الهواء الذي لا يحمل رآئحته
و فتحت عينيها ببطء ..

رأت من إنعكاس الضوء الشمس الواهن خلفه
وجهه وعيناه التي تنظَر لملامحها بشغف ..
هذا ما رأته في عينيه .. سرحت لوهلة هٌناك .. وهي تتذكر تلك العينين .. كعينين الصقر تماماً
تختلف كل الأختلاف .. عن تلك القديمَة
بدت هذه و كأنها تطلب الرحمَة .. بيأس
لكَن عند الشخص الخطأ
و ضعت كلتا يديها على صدره وهي تدفعه قليلاً
فتركها ..
التفتت ترجو أي زاوية بعيدة عنه
فهي توشك على الموت اختناقا
لكَن يده أمسكت بجلبابها .. فأوقفتاها
وصوته يهمس بحنان ..:
../ وين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كفكفت دموعها بظاهر كفّها
../ خلّيني .. بروح أصلي
تركها .. و لسان حاله يهدئه .. و يردد له
" ستلازمها طويلاً .. فلا حاجة لاستهلاك شوقك الآن "
بينما خرجت هي من الغرفة كٌلها وشهقاتها
تخرج قسراً من بين شفتيها
تكَره دموعها وضعفها ..
هل هكذا كانت تظَن أنها ستفعل ..؟
لم يتحرك داخلها حتى كرهها له .. حتى الأخير
بدآ كارهاً لذاته .. راقداً في سباته .. حتى إشعار آخر
سمعت صوته يتحدث بصوت مرتفع بالداخل
صوت يختلف عن ما خرج من أجلها
صوته أكثر خشونة .. أكثر ثباتاً .. و أكثر ثقة
تكره هي كُل ذلك الكم الذي يحتويه من الأخيرة هذه
و صلَت الخلاء .. و ألقت جلبابها بعيداً ..
دارت هناك طويلاً .. وصوته ما زال يتردد هناك
لا تريد أن تدخَل أبداً
ستحبس نفسها هُنا .. فلن تتحمل أن تنظَر لوجهه كرة أخرى ..


جنــــون
05-16-2012, 12:24 PM
في الغرفة بعد أن أشعَل نورها
جلس هو على طرف السرير .. بعد أن أغلق الغرفة
و راح يدلك بإحدى يديه .. قدمه المصابة بكدمة مزرقَة
لا يتألم منها أبداً .. لأن عقله مشوش جداً
منظَرها وهي محاصرة بذراعه السليمة
أربكه كثيراً .. لكَنه استمتع بتلك الثواني .. عشَق استسلامها له .. و سيكرر ما حدث .. و يعتذر منها
و هو متأكد أنها سترضَخ له .. لا أحد لها سواه الان
سترضى من أجل ذلك .. ومن اجل السر الذي يحمله لها
لكَن صوت خالد المنفعل .. و مؤشر السرعة الذي يصرخ في سيارته .. و كم الإتصالات الهائلة القادمة من " ندى "
توتره أكثر .. فأكثر
أمسك الهاتف ببرود و أتصَل بها ..
و مع الرابعة جاءه أجابتها
../ هلا .. السلام عليكم ..
صوتها البارد يهمهم
../ خير ... ؟؟؟؟؟؟
عقد حاجبيه وهو يزفر لتهدئة أعصابه
../ ندى ردّي .. عليّ زي الأوآدم
ضغطت هي على شفتيها بقّوة تمنع صوتها أن يصرخ
أمام والدها الذي راح يتأملها بإهتمام
../ وش تبيني أقولك ها .. صدق ما تستحي على وجهك .. وش إلي موديك هناك عندها .. ما تقولي ..
أجابها بصوت غاضب
../ ندى .. قسم بالله .. إن ما تعدّل أسلوبك لا أوريك شيء ما شفتيه ..
أمسكت بأناملها رأسها وهي تنهض .. لتجيبه
لكَن والدها صرخ يسألها
../ من هذآ .. صقر مسود الوجه
اتسعت عينا صقر بغضب مفرط
../ نــدى يـالحيــ*** .. تتكلمين قدآم أبوي
غضَبه هذا .. ثأر لـها قليلاً .. فأجابت والدها
../ إيه يبا .. دقيقة شوي ..و بجي
و أبتعدت قليلاً وهي تقول
../ كيف حالها .. ؟
طرأ لعقله صورتها .. فبدد تذكرها قليل من غضبه.. لكَنه تابع بصوت صارم
../ مهوب شغلك إنتي .. و خالد ليش جاي هنا .. وش قايلتن له إنتي ؟

تذكَرت توترها عليه .. و حديثها مع خالد القسري
و بروده هذا يغرس في قلبها خناجره
../ قاسي .. إنت من يوم عرفتك قاسي .. آخ لي بالاسم لكّني بريئة من كُل صفاتك .. ما شفت كُل هالإتصالات إلي جاتك مني .. ما دورت و سألت عن هالبيت يلي مرتمين
فيه أنا و أبوي الضعيف .. لكَن تدري إنت تدور علينا متى ما احتجت لنا وبس .. و أناني .. أناني لأبعد حد.. و اللحين رايح متسلط على هالضعيفة الثانية .. أتقي
الله فيها وخليها بالحالها
أجابها بصوت خافت ..و همس كفحيح الأفعَى
../ زوجتي مالك دخل فيها يا ندى .. و أقسم لو حسيت إن أبوي ولا خالتي عرفوا بسالفة زواجي لا أوريك شغلك عَدل .. و خالد بصرفه هالمرة .. لكَن لو عرفت إنك تدقين
عليه... و إنتي إلي كنتي تقولين ما أبيه.. بصفق وجهك .. تفهميــن و لا لا
لم تُجبه بل علا على ذلك صوت نشيجها
فصّر قبضَته ليقاوم مشاعره وهو يكرر بهدوء حازم
../ ما جاوبتيني ........ فهمتي إلي قلته
حّركت رأسها بالإيجاب وكأنه يراها وهي تقول
../ إيه .... سلام
وأغلقت الخط قبل أن ينطق بأي حرف
ألقت الهاتف بعيداً عنها ..... ثم انهارت تبكي بحُزن
خذلتها بتأكيــد من كُل الأطراف ... لا تملك أي قرار
في يدها ...
إرتفع رنين الهاتف
فنظَرت إليه من البعيد. .. من المؤكد أنه هو ..
كرر الإتصال لكي يزئر كالأسد الغاضب في إذنيها
لأنها أغلقت الهاتف في وجهه ..
لكَنها حين أقتربت ... تلقفت الهاتف سريعاً
وأجابت بلهفَة ..
.../ السـلام عليكم
../ وعليكم السلام .. هلا يا ندى .. كيفك ..؟
انفرجت أساريرها وهي تقول بفرح
../ بخيـــــر .. و شلونك إنتي .. و شلون بنتك ؟
../ بخير نسّلم عليك .. وينك اللحيـن ؟
فكأنما لمست جُرحها ، فألمها
أجابتها بصوتها الباكي
../ ما قدرت يا ميسون ..... ما قدرت أروح لها
عقدت الأخرى حاجبيها بقلق
../ ليش ... صار شيء ؟
مسحت دمعة كبيرة إنزلقت على وجنتها المبللة
../ أبوي ...معصب من صقر .. و صقر حلف إنه ما يجيبني ..
تكفي هذه المعلومات الصغيرة لتفهم الأخرى مدى توتر الوضَع لديها .... لتقول هي مطمئنَة
.../ زيـن .. خلاص ...كلها يومين .. و بروح لها ..
لتقاطعها الأخرى بخوف مُستمر
../ يـــوميـــن .. كثير .. ما يندرى صقر وش بيهبب فيها ؟
ابتسمت ميسون وهي تقول
.../ لا تخافي .. ما بيقدر يسوي شيء .. وأنا بكلم بندر يروح يقعد له عنده ... بإذن الله بيوافق
زفرت ندى بما يقارب الإرتياح وهي تقول
../ الله يفرج لك همك .. مثل ما فرجتي لي همّي يا ميسون .. قسم بالله كنت برمي نفسي من الشباك .. لو ما قدرت أساعدها .. كنت أحس في قلبي نار عليها ...
إزدادت إبتسامة ميسون
../ ونعم فيــك .. أختك و صديقة يا ندى .. خليك كذا دايماً .. صبا محتاجك وبقوة ..
فأجابتها بصوت هامس ... من مُحب
../ وأنا بعد ............ مفتقدتها و بقـــــوة

تدور بين قدر وآخر .. كنحلة تماماً
في الأيام القليلة الماضيّة .. راحت تشغل نفسها بكُل شيء
لتبعد تفكيرها عنه .. و عن ما سيؤول إليه حالها
تحاول أن تعود لتتقبل الوضَع هنا ..
وبدأت بالفعَل تفعل ذلك .. خلال تلك المدة السابقة
لم يحادثها أحد .. حتى وعد
انتظرت اتصالها عن طريق سمية .. لكَن
عظَم الحادثَة الأخيرة .. استنزفتهم جميعهم
و الأبطال أكثر هُم ألماً دائماً .. ،

و في كُل مرة عليها أن تتقَلد أدوار البطولة هذه
ليتسرب التعب إلى قلبها .. فتسقط بتعب ..,
متخذة جانباً من الطريق
الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً ..
استعجلت البدء بطبخ الغداء هذه المرة ..
وضعت أواني الفطور في المغسَلة بقوة
فأصدرت صوت مرتفع
نظَرت إليها الخادمة الممسكة بممسحة الأرض بإستغراب
إلتفتت نحوها دعاء
../ وش فيـك ..!؟

هزّت الأولى رأسها بخوف وعادة لـمسح الأرض بسرعة
فتركت دعاء الأواني من بين يديها فوراً
و اقتربت منها
تراجعت هي بخوف من ردة فعلها ..
فتناولت الممسحة منها بقوة . وبدأت في المسح بدلاً منها وهي تأمرها بصرامة
../ إنتي غسّلي النحـاس ..
تذكرت هاتفها .. المغلق منذ يوم الحادثة
و لم تتجرأ لـ تفتحه .. تركت الممسحة .. تسقط خلفها
وركضَت إلى الأعلى ..

دلفت للغرفة بهدوء .. فطَفليها نائمين
جلست على سريرها و فتحت هاتفها
راقبت الشاشة لثواني بعدها ألقتها أمامها بيأس

جنــــون
05-16-2012, 12:24 PM
وكأنها كانت تنتظر شيئاً ما ..
و ما إن وصَلت لدى الباب حتى لمحت وميض الشاشة
وصوتها معلناً عن قدوم رسالة .. .... لها
عادت له سريعاً و تلقفت بلهفَة ..
6 مكالمات لم يرد عليها من ......... " وافي "
و 1 رسالة واردة
فتحت عيناها على إتساعها و هي تقرأ نص الرسالة
الذي قال
" تدرين إنك جبانة .. أدق وما تردين ، بس إذا إنتي حرمة و النعم فيك ، تعالي و أوقفي قدامي ... و الله لأطلع من عيونك إلي سويتيه بوافي ... و الله .....
..................................... حبيبته سحورة "
تركت هاتفها بجوارها و استلقت على السرير
حّركت لسانها على شفتيها لترطبها .. و رجفة خفيفة سرت في قلبها
تذكرت سحر ...
هل أصبحت الآن قريبة من وافي أكثر منها .. ؟
لكَن هيا من فرط فيه أولاً .. و تركه
هل أحبها ؛ لأنها تحبه .. أم أنه ما زال على العهد القديم
ما الذي تقصده الأخيرة ... هل ستنتقم منها ؟
لمَ .. ما الذي جعلها تقول ذلك .. ؟
رفعت هاتفها مجدداً ..
تود أن تحادث وعد ... تريد أن تسألها " عنه "
لكَن أي درجة من الحماقة ستبلغ إن فعَلت
بعد الموقف الأخير .. لا تملك سوى خياران ..
أحلاُهما مُر
فإما أن تستسلم له من أجل قلبها و أبنائها
أو أن تداوي قلبها المثخن بالجراح بالإبتعاد عنه

ويجب أن تلاقي حلاً سريعاً .. قبل أن تنفذ حتى هذه الخيارات .. وتبقى سجينة لحل قسري
لا مَفر منه
و أحياناً .. تتنبأ عقولنا بأمر ما .. قبل حدوثه
ربما بسنة , أو شهر ، يوم ، وربما ثواني
وهذا ما حدث فعلاً .. ثواني فقط
حين اضيئت شاشة هاتفها من جديد
برسالة جديدة من ....................." وافي"
لكَنها لمن تكَن رسالة نصية قصيرة ... بل رسالة وسائط
تحمَل مقطع فيديو قصير جداً ..
و ما يحويه .... جعلها تصَرخ
بذهول ................................. وصدمة
كاملين

*

همست بصوت متحشرج :
../ م مـآ تفرق معاي ..
زفر عمها " أبو تركي " وهو ينقل نظره في وجوه البقية
../ إيه هاذي البنت الشطورة .. بس يابو حسن خلنا نخلص من ذا الشغلة بسرعة .. بلا هالتطبيل إلي ماله داعي
هُنـآ خارت مشاعرها
يداها أنتفضَت بعنف
وصوتها خرج حاداً أكثر مما يجب
تحتاج لأغماض عينيها بقوة .. لكَي تتعارك الأخيرة مع دموعها
../ أستأذَنكُم
و تهادت بخطى واهنة .. لا تُدرك كيف أنتهى الحال بها
في الفناء الجانبي إلى المَنزل
حين سمعت صوت يصرخ خلفها بغضب
../ لــــيش سويـــتي كـــذآ ..يـآلـ***
الجرحُ
قمرٌ برتقاليٌّ
تشعلُهُ الجمرةُ
.ليتجلّى

إلتفتت نحوها وهي ترمقها بنظَرة حزينة بائسَة لتتكلمَ هي
../ إيه ..هذا إلي تعرفين له .. تورطين نفسك .. ثم تطالعينا بهالنظرة .. الغبيييييييية الضعيفة .. قولي لي اللحين وش بيفكك منه قووولي ..
لم تزَد على ما تقوله الأخرى بحرف
فقلبها الأن ليس ملكاً لها ... تماماً
لم يبقى لها سوى عقَل .... أو ربما بضعٌ منه
ستفكَر به طويلاً .. ستكتفي برجل واحد يعذبها
مؤبداً .. خيرٌ لها من اعينهم و أجسادهم .. هُم جميعاً
حّركت رأسها بتعب وهي تقول
../ عمّة الخيار مهوب فيدي .. وأظَنك سمعتي كلامنا كله .. ما يحتاج أعور قلبي .. بردهم .. إذا قلت لهم .. ما أبيه ..
إزدردت الأخرى ريقها بصعوبة واضَحة .. و قد إنتفخت أوداجها من فرط غضبها .. فأكملت بصوت عالي النبرة
.../ زيـــن .. على الأقل أطلبي منهم تأخيره... لين أشوف تركي واتفاهم معه ..
كبصيص أمل اشتعل في عمق الظلمة داخل رأسها
لكَن الأخيرة حاولت قتلها كعادتها
../ هه .. لا يغرك التأخير .. أظن الأمر لازم لازم ....
عضّت على شفتيها وهي تمسك رأسها بقوة
و بيدها الأخرى تدفعها إلى الممر المفضي إلى الفناء الخلفي ..
.../ إنــتي ما تشوفين نفسك متورطَة .. أجل ليييييش هالضعف ؟ خلينا نحس إننا ما ظلمناك ..
عقدت حاجبيها تُفكر في مصطلحها الأخير
لكَن صوت آخر حّرك شغاف قلبها نطق من زاوية ما خلفها
../ ريـم .. وشفيك تصارخيـن فهاليل ؟
إلتفتت نحوها بسرعة و عيناها ترمقها
توأمها ... و أختها ..... وحبيبة قلبها
هي هي .. كما كانت قديماً ... لم تتغير سوى نظَرة ما
إندست بين عينيها .. فلم تَعُد ترا وجودها أبداً
و كأنها مخفية .. او جزء من العدم
إبتسمت إبتسامة مررهقة للغاية
فعقلها مشتت لأوصال .. متنافرة
ف همست ببطء
../ عن إذنكم ...
ودلفت لـحجرتها ... حيث تؤوي لعالم
صنعته لنفسها ... و أحبته على سوء جوانبه .. لكَنه
أفضَل بكثير مما يقع خارجه
عاد لها صوت عمتها وهي تردد
" إنــتي ما تشوفين نفسك متورطَة .. أجل ليييييش هالضعف ؟ خلينا نحس إننا ما ظلمناك
خلينا نحس إننا ما ظلمناك
خلينا نحس إننا ما ظلمناك
ظلمناك.. "
هل ظلموها حقاً .. إذاً لماذا لا تُشعر بأي من هذا الشعور
لا تَرى في فعلتهم أي قٌرب من الظُلم أبداً
لن تكذب إن قالت إنها توقعت الأسوء دائماً
لكَن شيء من الراحة الغريبة تسلل لقلبها
حين وصلت لهذا الجزء ..
من المهم أن تكون راضيّة عن كُل ما يحدث حولها
وكما قيل لها منذ البداية ... هي تريد أن تبقى بعيدة
عن أعين الناس .. و الزفاف المزدوج .. أو ما شابه
مع ريم .. رٌبما يفي بالغرض
بإبتسامة باردة راحت تعلو طرف شفتيها وهي تهمس لنفسها
.../ و ريمو الخاينة .. ما جابت لي سيرة .. يبي لي أبارك لها .. شكَلي أو من يعَلم ..
أزاحت فراشها وأستلقت على السرير
ثم أبقت قدميها متدليتان .. بنومة غير مريحة أبداً
لكَن صوت الباب وهو يفتح .. لتدخل آخر من تتوقع رأيته
في هذه اللحظَة ...
وهنا في عالمها الخاص .. ؛

*

النفوسَ آلوآفيهْ : رغمْ آلمصآعِب مآتميل
وآلسمآ
...................................... كِثر آلسحبْ مآيغطي نورهآ

واجة بـِ نفسك لاا توصي وصايا
ماكل مااا يعنيك |يشعر به الغير!

العذر ينفع عند
....................."بعض الخطايا"

وبعض الخطايا فوق كل المعاذير !
وبعض الخطايا فوق كل المعاذير !
وبعض الخطايا فوق كل المعاذير !

اللذة الثالثة والعشرين

جلست على طرف السرير و قدماها متدليتان
وبيدها تمسك المُصحف .. و تدور بين صفحاته
بلا هدف .. فقط تريد أن تهرب بعينيها عن مساحاته
تسمع صوت يتحدث بعصبية مع أحدهم بالخارج
غاب طويلاً .. وأنشغلت هي بالإبحار في عالمها الخاص
بعيداً عن عينيه من جديد
منذ أن رأته أخر مرة .. حاول أن يكون محايداً
و أن لا يتحدث كثيراً
لكَن كلماته رغُم صدق حركاته .. تكَذّبها كُل حواسها
نظَرت نحو الأرض وهي تتابع خطواته التي أقتربت منها
جلس إلى جوارها .. فحّولت نظرها للصفحة
كانت آيات من سورة النحل
وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}‏‏ ‏[‏النحل‏:‏41- 42‏]‏‏.‏

إزدردت ريقها وهي تكتم أنفاسها
فلا حق لها في إشتمام عطَره الذي ألتهم خلايا عقلها
لاحظ هو إنكماش أنفها السليل
فنطق بهدوء
../ إذا خلصَتي القراءة طالعيني
لصوته أثار دمار شامل على كُل زوايا قلبها
كُل ملامحها تمثّل برود .. وكأن لا شيء هُنا أبداً
لكَن هو أذكى منها بكثير .. فقد لاحظ ثبات عينيها
بدأ يشّل بصوته الغليظ
../ أسمعيني يا الحنون إنت قلبي والعيون
.............. أسمعي عذر إبتعادي وبعدها قولي أخون
ابتعادي واللي صار صدقيني باختصار
..................... هي ظروف وعاكستني مالي فيها أي قرار

استنفرت كُل حواسها وهي تزفر بإستغفارها
لا تعلم إن كان قد أجفل أمام ذلك لكَنها تدرك
أن ملامحه مازالت مُتيبسَة كما كانت منذ سنة و نيف
لكَن " الصقر " بدآ من طرف عينها وكأنه
مسرور بإغضابها
أغلقت هي المصَحف إحتراماً له مما يفعَل
ذلك " الحجر " القابع بجوارها
أمسك قبضَتها وراح يطّق مفاصَل أصابعها
و يحّرك يده بنعومَة .... ترسل قشعريرة على
كًل جسدها ..
ساقت مشاعرها أمامها .. نحو زنزانة الموت
و تركت جفنيها ينسدلان بهدوء ..
أشاحت بنظرها نحو الجهَة المقابلَة
لتبعد أكبر قدر من الطاقَة المندفعَة منها
قُربه لهذا الحد يؤذيها .. شعور كبير بالذل
يجتاحهــآ ..
ذُل لم تتذوق طعمه بين حنايا السجن .. أبداً
لم يكُن مُراً لهذه الدرجَة ..
لا تسمع أي شيء من اغاني الحُب الذي يدندنها
الذي يطلقها إتجاهها
و لا نبضاته المندفعَة داخل صدره ..
لا تصدق كُل ما يبرز في عينيه من حُب و شوق ..
بل يبدو لها كذئب مخادع .. يريد أن يسقط بها مرة اُخرى
لم يصدق يوماً .. لأهله ..
فكيف بها هيا إذن ؟
أما هو ...’
تحدّث كثيراً .. لكَن عيناها لم تكُن تنظر إليه
ملامحها باردة ساكنة .. على نحو عجيب ..
أمعَن في إبارز حُبه أكثر مما يجب
فحاول الاقتراب منها أكثر
لكَن كفّها الطويلة الباردة إسترخت على وجهه القريب منها
وهي تنطق بغضب متصاعد
../ لو سمحت ...
لم تنطِق بالمزيد .. لكَن هذه كفَته
حُبه ليس بحاجة لكي يبرر لها أكثر فهو رجٌل صحراوي قاسي ..
و من المعجزات أن يعترف بشعور رقيق .......كالحُب مثلاً
أستفّزه برودها أكثر .. و أستغربه
فأرآد أن يستلذ بإغضابها ...
.../ وش فيه .. ! .. وخير يا طير .. زوجك ولا موب عاجبك
و بالفعَل .. كانت كلماته الأخير كأعواد الكبريت
حيث وجدت من قلبها بيئة مناسبة للإشتعال
فأحترقت غضباً
بل تأججت النيران في أعضائها كُلها
لتلكمه على صدره بقوة ..... أذهلته
../ أنقـلع .. روووح يا حيــ*** .. روووح يالي ما تخاف ربك ... والله والله إن قربت منّي ولا لمستني مرة ثانيــة ... والله لأصرخ وأجمع خلق الله ..
حاول الإقتراب منها و تهدئتها .. لكَنها ابتعدت أكثر وهي ترفع سبابتها أمام وجهه محذرة .. وبيدها الأخرى أمسكت بطرف ثوبها
.../ روووح .. رووووح .. تراني حلفت ...
مازال هو مستمر في الأقتراب ..
اقترب منها أكثر ويداه مرفوعتين باستسلام أمام وجهها
وهو يقول بهمس رجولي هادئ
../ لاآ ... لاآ .. إنتي فاهمة غلط .. شوفي موب مسوي لك شيء .. ما معاي شيء أصلاً
كان الأذكى ....؛ لأنه الأهدأ
فاستقرت في الزاوية و ملامحها تنطق بمقدار فشلها الذريع .. أنزلق جسدها حتى أستوت جالسة
../ لا تجي ... لا تجييييييييييييييييي .. روووح يالكـ*** ... رووووح .. ياااااربي
أهتز شيء ما لا يدركه في داخله مع كلمتها الأخيرة
فأرخى يديه إلي جواره .. و أقترب منها
جثى بجوارها .. على بعد خطوة ليترك لها مجال
تأمل وجهها المحمر بشدَه ..
جسدها المتعرق بغزارة..
عقله لاحظ شيء ما غريب في المشهد أمامه
لم جسدها لا يهتز ...
وقبل أن يكمل تفكيره .. وجد نفسه ملقًى على ظهره
بينما تجثم هي جسدها كلها فوقه
تلكمَه بشدَه أوجعته .. أوجعته حقاً
حاول السيطرة عليها .. لكَن صراخها الهستيري
صمّ أذنيها عنه
../ يالـ *** .. التافه الحقير ..أنا .. .أنا وثقت فييييييييك .. أنااااااااااا .. أعتبرتك إنسان .. لكَن إنت حيـوآن بصورة إنساااان .. تدور على إلي تبيه ..
بسسسسس .. مافكرت في غيرك .. يالـ***
تحسب مالي أهل .... تحسسسسسسسب مالي سند .. انا أنا عندي أبو ... عندي ... أبوووووي مات إيه ... بس
... بس ... الله فووووووق .. الله علييييك .. يالـو**
سائل ثخين أنزلق على إحدى وجنتيه
وألم شديد سَرى على طول جرحه الجديد .. في ظهره
قبضَ على ذراعيها بإحدى يديه
و لفّ ساقه حولها ليثبتها أكثر
كانت تبكي بشَدة .. تبدو مُرهقَة بعد كُل ذلك الكم من الضرب الذي أفرغته عليه
تأمل شعرها الذي أنتثر حول وجهها النحيل ..
يشعر بجسدها يشتعل حرارة .. و يتصبب عرقاً
زادت حركتها قليلاً تريد التمّلص من مسكته
فشّد ذراعه السليمة و ساقه حولها
../ أنثبري مكانك .. ما تشوفين وش سويتي ؟
لم يؤلمها منظَر يده المُجبرة أبداً
ولم تهتزطرفة عين
بقيت تقاوم تثبيته لها ...بشَدة
وهو على قوته ... كان ضعيف من الأساس
ألم ذراعه .. وشرخ خدّه يؤلمانه
لكَن قربها منه لهذا الحد ظهرها المُبتل الذي يلامس بطنه
يريق دماء قلبه في فُلك أبيض داخله
حّررها أخيراً ..
فأنطَلقت نحو " الخلاء " حيث المكان الوحيد
الذي يمكنها فيه أن توصَد الباب خلفها
زفر بقوة .. لكَن بلا يأس
تحّرك في المكان بجنون وكأنه أسد يستكشف منطقه خاص به و بلبوته ..
لكَن الفكرة أياً كان نوعها .. تولد من تلقاء نفسها
في حالة الغضَب .. أو ربما في منصف ثورة المشاعر
ألقى مالبسه سريعاً
وهو يهمس بكلمه واحدة فقط
.../ " حبــــــــل "
عندما نُحب أحدهم بشَدة فيجب علينا أن نحتاط من تبعات ذلك الحُب .. لأنه إن وصَل إلى مرحلة الشغف
فأنه قد نقَتلهم لـ ننال إبتسامة مثلاً
وهو كشيء ما على غرار قول اليابنيين
"
عندما يتعلم أحدهم كيف يحب
عليه أن ينتبه من مخاطر الكراهية ..
"
والعشق

*

جنــــون
05-16-2012, 12:24 PM
من المهم أن تكون راضيّة عن كُل ما يحدث حولها
وكما قيل لها منذ البداية ... هي تريد أن تبقى بعيدة
عن أعين الناس .. و الزفاف المزدوج .. أو ما شابه
مع ريم .. رٌبما يفي بالغرض
بإبتسامة باردة راحت تعلو طرف شفتيها وهي تهمس لنفسها
.../ و ريمو الخاينة .. ما جابت لي سيرة .. يبي لي أبارك لها .. شكَلي أخر من يعَلم ..
أزاحت فراشها وأستلقت على السرير
ثم أبقت قدميها متدليتان .. بنومة غير مريحة أبداً
لكَن صوت الباب وهو يفتح .. لتدخل آخر من تتوقع رأيته
في هذه اللحظَة ..،
وهنا في عالمها الوحيد ....
إبتسمت لها بحنان .. وهي تتأمل ملامحها
وذكريات قديمَة تنهش عقلها بسهولة
وهي تسمع صوت الأخرى يتدفق على مسامعها بنبرة خجولة لم تُفسرها
../ هديل .. أنا ..... أنا آسفه
اتسعت ابتسامتها أكثر .. و ودّ قلبها لو يسقط من أعلى
جبل أو يهوي في عُمق حُفرة .. من خجّلها هي
رفعت الأخرى نظرها وهي ترى ملامح وجهها المحببة
ساهمة فيها فأبتسمت بدورها
../أآآآ .. ممكن أجلس معك دقيقة؟
قفزت من السرير بسرعة وهي ترتب موقعاً لها بعشوائية
وتقول بصوت مرّحب
../ تفضلي .. المكان مكانك ..
اقتربت منها وجلست بجوارها ..
نظرت إليها هديل بحٌب وهي تراها تخفض رأسها بخجَل
و مسحة من الحُزن تُضيء في عينيها
.../ خدوج .. فيك شيء .. ؟ .. ودّك تقولين شيء
رفعت الأخيرة رأسها لها .. تقّوست شفتيها مُنذرة بطوفان و بصوت متحشرج
.../ أنا .. سمعت إلي قالوه لك ..؟
إرتفع حاجبيه بدهشة لثواني .. و عادا للإرتخاء بعدها
وهي تمسك بكتفيها وتسألها
../ وش إلي سمعتيه ؟
بدأت بالنحيب .. ولم تطالبها هديل بالتوقف أبداً
فهي من المعارضين الأشداء لمبدأ المواساة بمسح الدموع
فنتيجة أي كَبت انفجار من هذا النوع في أغلب الحالات
أجابتها بعد أن هدأت قليلاً
../.. إنك ...... إنك ..ت تأخذين أخـ وي
ابتسمت وهي تهّز رأسها بالنفي .. رٌبما لتزيح غصة متعثرة في بعلومها
../ وش فيها .. ولا ما تبيني أخذه ؟
نظَرت إليها هديل بقّوة .. و دموعها تتساقط كقطع لؤلؤ من عينيها الضيقتين
../ إنــتي ..مـــوافقَــة ؟
ثم أحاطت كتفها النحيل بذراعيها وهي تحتضنها بقوة
أربتكتها ..
../ كُنــــت أحســبهم غاصبينك .. بس الحمدلله .. حتى أخوي يبيك ..
عقَدت حاجبيها وصوت صفير كآلة مُعطَلة يصَدر من صميم قلبها ..
../ وشلون ؟
الأخرى تُكملْ بحماس
../ أبـــوي قاله .. هو وافق .. أحس إني مبسوطة بتعيشين عندنا
إزدردت ريقها بصعوبَة مؤلمة
جعلتها تطرق للأمام بوجع ..
فسألتها " خديجة " بخوف
../ وش فيك ؟ ... فيه شيء يعورك
رفعت رأسها بصعوبة وهي تقاوم ذلك الزخم القادم نحوها
ليفتك بعقلها
../ لا ما فيه شيء .. و الله كبرتي .. وشكلك تغّير ..
رفعت كتفيها بغرور وهي تقول
../ والله .. أعجبك ..
ابتسمت لها الأخرى بدون أن تجيب فأكملت هي بمرح
../ هي كُل أبو إللي غبتيه سنة .. ما حد يتغير بسنة .. المرة الجاية سافري أكثر .. واتغير زيااادة .. ولا آآآآ .. خوذيني معااك أحسسسن
" سافرت " .. إذاً هي تجلس أمام براءة محضَة لا تعرف عن ما ضيها شيء ..
لتكُمل " خديجة " وكأنها وجدت من تبحث عنه طويلاً
../ تذكرين أيام زمااان يوم كُنا نخرج برا في الحديقة إلي ورا .. و نشغل المسجل على أعلى شيء .. بعدين يشتكون مرت عمي .. أم صالح ..و يجي أبوي .. و يمسح بنا
البلاط .. ويعاقبنا .. و تذكرين بعد يوم كنا نخرج للمول و .................
تٌتابع كلامتها بوجع .. و تقوس ألم يرتسم على شفتيها في خفاء
في عمق روحها ..،
بينما السعادة تنضَح من مقلتي " خديجة " النديتين .. لتقطع كُل هذا بقولها
../ اللحيـن إنتي بثاني متوسط .. ؟؟؟
حّركت الأخرى رأسها بالإيجاااب .. وهي تقول
../ إيييييه .. و الله عندنا الأسبوع الجاي .. و أنا ما ذاكرت شيء .. أصلاً أبلة فريدة قالت لي ..........
و أتكأت على يدها تتأمل ثرثرتها .. ستتركها تفعل ذلك
على الأقل هي أكثر تشويقاً .. من ريم
بعد بٌرهة
رفعت معصمها وهي لترى ساعتها ثم قالت لها
../ خدووجة .. تأخر الوقت .. لازم تروحين بيتكم بكرا دوام
إحتضَنت كفيها في راحتيها
../ والله مبسوووووووووووطة .. إننا رجعنا لبعض
يا ألهي .. بدت لها خدوج تعيش المراهقَة حقاً .. بمصطَلحاتها العجيبة .. جعلها ذلك تبتسم بصَدق
../ لا لازم تروحين اللحين .. و بكرة تعالي وكمَلي سوالف .. لين ما تملين
نهضَت بيأس من مقعدها اتجهت للباب الذي فُتح لتدخل إحدى الخادمات وتلقي نفسها على السرير بتعب
التفتت نحو هديل بمفاجأة
../ أوووبس نسيت ما أسألك .. إنتي لييش تنامين بغرفة الخدمات ..
توقعت سؤالها مُنذ البداية , وأعدت جوابها
فحّركت كتفيها بلا مُبالاة وهي تقول
.../ غرفتي تحتاج تصَليح .. ومدري متى بيخلصونها .. يالله حبيبتي لازم تحركين بسرعة .. وتعالي بكرة بنتظرك انا
حّركت رأسها
../ زيــــــن بروح .. طيب نامي عند جدتي
زفرت بصبر
../ ما يصَلح جدتي دايم الناس داخلة وخارجة من عندها ما بأخذ راحتي ..
حّرك رأسها بالإيجاب وهي ترد
../ صح أحسن لك هنا ... متخبيّة
وصَلت إلى الباب ثم أستدارت مرة اُخرى لها
../ هدوولة .. تدري إن أمي ما تدري إني عندك .. ولا بتموتني .. لكَن بكرة بجيك بالدس بعد .. أنتظريني
وخرجت لتغلق الباب بقوة
انزعجت الخادمَة التي قالت جُمل عديدة غير مفهومة
لتعود بعدها للنوم ..
عادت هديل للإستلقاء على فراشها .. تناجي أفكارها

جنــــون
05-16-2012, 12:25 PM
المتزاحمة في رأسها ..
هو يريدها أذن ..؟ .. هل سيكون مفتاح للسعادة الأن
تعبت من أيام الشقاء قبلاً .. و ستشَحن كُل شعور من الجليد في قلبها ..؛ لترتديه ..
لن تبكي أبداً .. بل ستبتسم على الدوام
ومن العجيب لدى قلبها ..
أنها تعشق إكمال مسلسلاتها حتى النهاية
و ستتحمل إلى ذلك الحين ..
لتشهد نهايتها هي
حّركت شفتيها تطَرد أفكارها ؛ لتهدئ وتنام
وشفتيها تدعوا الله برجاء .. مُلح
../ .." يارب صبّرني .. وقويـني "

*

مرت من الأيام ما يكفي ليقربها أكثر من هذا اليوم
بقيت تتذكر كلمات خديجة .. البسيطَة
وهي تتأمل إيماءات ريم التي تحدثّها بسعادة عن إستعدادتها
لو لم يحدث ما حدث .. لكانت عروس أكثر نقاءاً على الأقل
لكانت مثل عمتها هذه .. وربما أكثر سعادة
لكَن الأخيرة ليست من نصيبها وهذا ما أقنعت نفسها به طيلة الأيام الماضية
لن تُعاند أي رغبَة قادوها نحوها
ولن ترفض حتى لصاحب الشأن أي طلب ..
سترجوه حين يراها أن تعمَل خادمة في منزله ..
على الأقل ستكون خادمة بإمتيازات أفضَل
و لن تُمانع إن تزوج عليها .. بل ستحضَر وليمة زفافه
بلا شُعور .. ؛ لأنها هي من قتلت مشاعرها منذ هذه اللحظَة
تحدثت الأخرى فأطالت .. تذكَر هديل أنها سمعت بضَع أشياء عن " مُفاجأة وهدية "
لكَنها لم تُكَلف نفسها عناء السؤال .. ..
إتكئت ريم و التي بدت مُتعبَة من إسرافها في الكلام
وهي تقول
../ قرقرت واجد .. مو ؟
ابتسمت بصعوبة وهي تحاول أن تبدو طبيعية أكثر مما يجب
../ مدري وش فيه وجهي يحمّسكم تسولفون عليه هالكثر
انطلقت ضحكة صافية وعيناها تلمعان
../ ههههههههههههههههه .. و إنتي الصادقة .. فيك شيء يشَد إن الواحد يسولف عليك .. مدري وشلون اوصف لك .. هههههه .. بس مين غيري عّور راسك
أجابتها ببساطة
.../ خدوج
أمتلئ وجه الأخرى بملامح صدمة ..
../ من جدّك ؟
تأملت ملامحها باستغراب وهي تكتفي بالإيماء إيجاباً
ليتقّوس شفتا الأخرى إلى الأعلى
../ ههههههههههههههههههههه .. أجل كانت تقول كذا عشان تجي لك .. ههههههههه
ابتسمت لضَحكتها
../ وش تقول ؟
../ ههههههههههه .. وحدة مرة شفت أمها تسألها وين رايحة .. تقول .. عند شغالة جدتي .. تقول كانت مدرسة إنجليزي في بلادهاااا .. هههههههههههههههه .. وأمها تحسّب
إنها تجلس تذاكر ... وحنّا نمدحها على الدفَرة ..
اتسعت إبتسامة هديل بصَدق واضح هذه المرة
../ والله حركات ذا البنت .. صار مدرسة إنجليزي .. ههههه .. وأنا أقول ليش دايم معاها شنطتها ههههه
أكمَلت ريم
../ لاآآ وذاك اليوم .. جاتنا لابسة لبس .. خخخخخخ ياقالك ع الموضة .. أمي من شاا
ثم قفزت من جلستها وهي تضرب جبينها بقوة
../ يا ويلي وأنا أقوووول .. لييييش جيييت ..؟ أمي تبييييك ..
اتعست عينيا بصدمة
../ لك فوق الساعة .. تسولفين ما تذكرتي ..
أمسكت بذراعها بسرعة وهي تهمس لها على عجل
../ يالله .. يالله .. قومـــي .. بتقتلني أمي
وصَلت معاها إلى الباب حين أمسكت بقبضَتها لأبعدها
.../ أول تأكدي .. جاها أحد أو لا ..
أختفت لدقائق ثم عادت بعدها ..
لتخبرني أن لا أحد هُناك
دلفت لحجرتها التي تحمَل رائحة دخون مميزة خاصَة بها
الدفء في هذه الزوايا أكبر من طاقتها
إرتجف قلبها وهي تسمع صوتها الحبيب يدعوها
../ وعليكم السلام
هل ألقت السلام بدون أن تعي أم ماذا ؟
حاولت التركيز أكثر وهي ترى قلقها
../ تعاالي يمّتس .. قّربي .. وشلونتس .. وش فيتس ؟
ابتسمت لها وهي تقبّل يدها ورأسها براحة تهّز قلبها
../ بخير جعلني الأولة .. مافيني إلي العافية .. إنتي وشلونك .. جعلني فدا راسك ؟
تراجعت إلى الوراء وهي تمسك بقبضَتي هديل بين يديها
متجاهلة سؤالها الأول
../ .. أجل وشو له تقول ريم إنك ما تأكليـن ..
ألتفتت نحو عمتها باستغراب .. بينما قالت الأخرى بارتباك
.../ إيه يمه .. قلت لك أخرتني .. جلست أحاول فيها تأكل .. وأكلت شوي
مطّت شفتيها وهي تجيب على كُل ذلك القلق في عيني جدتها.. وهي تقترب منها لتقبّل رأسها مجدداً
../ إيه .. يمّه .. تعب و زال الحمدلله .. ماقلتي لي شلونك يا ميمتي ؟
مدّت قدميها أمامها بتعب .. وهي تقول بهمس
../ بخييير . ياربي لك الحمد.. يومنّي أشوفك بخير .. و تضحكـــين ..
أمسكت هديل بقدميها الهزيلتين وراحت تضغَط عليها بلطف شديد .. بتكتفي بابتسامة صنعتها لتعدها هي لا لتفرح قلبها ..
لتقول ريم بمرح .. مُفعم بسعادتها
../ إيييييييييييييييه .. لنااا الله .. اللحين وأنا ما ودكّ تشوفيني أضَحك
ابتسمت لها بحنان وهي تقول
.../ إنتي ماشاء الله عليتس ما شوفك غييير تضاحكين كنّتس بقرة .. جعلني ما شوف دموعك
أحتضَنتها بمودَة وهي تقول
../ اللحين مدري ..ذي مدحة و لا سبّة ..
دفعتها هديل بخفّة
../ وخّري .. بتعورين ميمتي ..

شدّت من ذراعيها المحيطَة بها
../ رووووحي هناك .. هذي أمي قبلك ..

ابتسمت هديل بعُمق .. و هي ترجو أن تعود أمها ليوم واحد فقط .. لن تتكلم معها .. بل فقط , لتحتضَنها
انصرفت الريم لمشاغلها ...
وبقيت هديل .. وجدتها بمفردها ..
لتهمس الأخيرة للأولى .. بحُب دافئ
../ يمّه تعبت يدّك وإنتي تهّمزين ..
../ لا والله .. ما تعبت .. خلّيني كذا مستانسة
ابتسمت لها وهي تقول بذات الحُب المتدفق نحو قلب تلك اليتيمة
../ هديل .. ناقصَك شيء .. محتاجة شيء وأنا أمك ؟
كسَرت نظرها نحو الأرض .. فهي لا تحتاج لشيء سوى الأختلاء بنفسها ...
والآن حالاً .. المزيد من المشاعر الكثيفة كتلك تؤرقها
فشحن البرود لم يترك سوى ابتسامات تصنعها عبثاً على وجهها ..
../ لا جعلني ما خلا منّك .. ما احتاج إلا رضى ربي عنّي
همست لها بصَدق وهي تقتل دمعَة انزلقت على مسار من التجاعيد التي تحّلق حول عينيها لتوأزِرها
../ يا أمتس .. أنا كلمت تركان أمس .. و مصّعت أذونه .. وحذّرته .. والله لو يدوس لتس على طرف .. لا أنتف شنبه .. وما همّني
قبّلت قدمَها حيث تجلس هي .. وبلا شعور تركت رأسها مُمرغ هُناك
قلبها المغطّي بكُل تلك الأوشَحة .. ليخفي خلفها معالم أي شعور .. تركته بجوارها ..
لتسحب الأولى قدميها و يدنو رأس الأخرى من حِجرها
تبكي تلك بصَمت لحالها ..
بينما بقيت الأخرى في حضَنها صامتَة تنعُم
بمشاعر دافئة تتسرب إلى قلبها ..
مّرت الأيام .. تتلوها اٌخرى
دائماً تلك الثواني التي لا نُريدها .. تقفز سريعاً نحونا
لتفاجئنا من خلفِنا
الليلة هي ليلة عَقد القرآن ..
الباحة الأمامية مُضاءة المصابيح المتوهجة .. و أنتشرت التيازير على جوانب .. و البُسط الحمراء تتوهج بشغف لهذه الليلة و مجالس مفتوحة على مصراعيها .. تدعو
كُل من يمر بجوارها ..
الجميع يتحّرك بسرعة على نحو ملحوظ .. وصلوا الضيوف الأكثر قرابة أولاً ..
العروسَة في حجرتها تحت يدا المُزينة .. بينما
يتمايلن بنات الأخوة بين الغرف بفساتينهم و زينتهم
بسعادة يجبرهم هذا الجو على تذوقها
إلا هي
تجلس على ذات السرير .. وفي غُرفتها المظَلمة
حتى الغرفة بدت مختلفة وهي ترتدي الثوب البرتقالي
المتسرب لها من النافذة ..
شعرها مُبلل .. و عيناها الواهنتين .. ملامحها الساكنة وهي تتأمل الفراغ بصَمت ..
جالت نظرها بالغُرفة وتوقفت في نقطَة
حيث تقبع هدّية فُك رباطها
يبتسم عقلها لتلك الذكرى وكأنها تراها
"

جنــــون
05-16-2012, 12:25 PM
../ أول شيء أقري الكرت ؟
نظَرت إلى الكرت الوردي المربوط أعلى عُقدة الهدية
" مبرووووك يا أجمل و أحلى وأخف و أنحف و .... عروسة بالدنيا ..
إلي يحبونك
ريم و ..... خدووووووووووووووووووووووج "
همست لها ريم بإستياء
../ أدري الكرت خاايس سلامتك .. بس هاذي خديجة وذوقها في الكلام ..
رفعت خديجة حاجبيها بقهر وهي تقول
../ أحمدي ربك خرجت معاااكِ لـسوووق ..
قلت بإهتمام
../ خدوج .. عييب .. هاذي عمّتك
وضَعت ريم يدها على خصرها وهي تقول بسخرية
../ ذي تعرف عمّتك ولا جدّتك .. ما تحشم أحد
فتحت خديجة عينيها على آخرها
.. /أنااااااااااا كذااااا .. طيب طيب .. إلي يشترك معاك بشغلة مرة ثانية
قّلبت شفتيها بلامُبالاة
../ أحسسسسن .. هديل وش رايك بذوقي
قفزت خديجة أمامها
../ لاآآآآآآآآآآآآ .. تكذب ترا الهدية من ذوقييي .. أنا حتى هي من قوة ما عجبها .. أشترت اللون الثاني من وراي
نظَرت إليها " ريم " بصدمة :
../ وششششششش عرفففففففففك .. يالداهية
لكزتها هديل وهي تبتسم لهم
../ بسم الله عليها .. وبعدين معكم .. يعني وشلون أفتحها ولا ..؟
خديجة بمرح
.../ إيه إيه .. يالله .. أفتحيها
حّركت هديل يدها لتفتح العقدة الجميلة المثبتة بإحكام
ثم أمسكت بها " خديجة " وهي تقول بسرعة
../ أساااعدك أحسسسسسن ..
ضَربت ريم يدها
../ أبعدي يدّك .. خليها هي تفتحها
نجحت في إزالتها وهي تفتح الغلاف
فتحت الصندوق الصغير لتفاجئ بكيس أسود
رفعته أمامها وفتحت " السحاب " الطويل
وذهلت .. مما رأت .. فستان عودي نااااعم للغايــة
لم تتأمله طويلاً لأن جسد خديجة حجب عنها الرؤيا
وهي تحمله أمامها وتلقيه على السرير
../ شوفيه زيــــن ..
تأملته وشيء ما يغشّي عينيها ..
../ كلفّتوا على أنفسكم .. شُكراً
ضربت بيدها على ذراعها ..
../ يا حليلك .. عمتوو شفتي وجهها يوم شافته .. يوه وش فيييييييك ؟
أحتضَنتها ريم بقّوة وهي تهمس في أذنها بصدق
../ " الله يوفـــقك .."
"
ذكرى حمراء قانية كلون الفستان ..
جميــل للغاية .. لكَن قلبها البارد .. قتل كُل شعور
قد تشعر به حينها ..
لم تكِل من النظَر إليه .. و هي سعيدة بذلك
هو جميل ويستحق أن ترتديه أمرأة أكثر سعادة منها
وضَعت رأسها على ركبتيها وهي تحيطها بيديها
لم تَنم طيلة الساعات الماضيّة .. ترجو القليل منه فقط
لكَن لا شيء منه قد ألتهم عينيها ..
يأست من النوم
فنهضَت لمحرابها .. فالجميع مشغولون بسعادتهم القصير ة
وهي مشغولة بتعاسة لا تنقضَي
فليس لها سوى الصلاة .. تؤنسها في وحشَة الأسوداد البرتقالي .. من حولها
صَلت مقاميـن او أكثر ربما ..
حين شعرت وهي على نهاية صلاتها بأحدهم يدلف الغرفة بقوة ..

أنتهت من صلاتها ثم ألتفتت مُباشرة الذي أشعل الإضاءة
.../ يووووووووووووو .. وش ذا .. ما سويتي بنفسك شيء ؟
تؤلمها جُمل خديجة دائماً .. لكَنها تجعلها تَشعر أنها أكثر فقراً منها مُذنبة
قالت بسرعة
../ طيب جهّزي نفسك .. بتنزل لك الكوفيرا اللحين
حّركت رأسها ببطء .. وهي تخلع جلالها بدون أن تجيب
ثم سألتها
../ ليش ما لبستي ؟
ابتسمت لها وهي تجلس إلي جوارها
../ مخليته مُفاجأة ..
دقائق طرقت بعدها دلفت بعدها الخادمة تتبعها إمراءة بدينة .. علمت أنها " المُزينة "
بدأت تعمَل في وجهها .. وقلبها يطرق بقوة في إذنيها
فساعة الصفر قد أقتربت كثيراً
أستأذنتهم خديجة و خرجت لتكمَل زينتها و ترجع
بينما بقيت هي .. تنتقل عبثاً بين يدي تلك المزينة
مّرت ساعة و أخرى و قد أنتهت من تصفيف شعرها
تظُنها قد سألتها كثيراً ..
و تظَن أنها أكتفت بهّز رأسها في أغلب الأمر
لتهرب من عناء لفظ الإجابة
انتهت الأولى منها وهي تزفّها أمامها نحو فُستانها
بعبارات إطراء لم تسمعها كُلها .. وقلبها يخفق
فهل هي جميلة حقاً .. لتكون كما تقول
كانت في شغف لتأمل شكلها في المراءة لكَنها
منعتها وهي تقول
../ لاآآآآ .. شوفي نفسك بالفستان مرة وحدة
أنصاعت لأوامرها .. و أرتدته لكَن ملمسه هذه الليلة
كان مختلفاً عن أول مرة .. أكثر برودة ونعومَة
خرجت لها وهي تجر ذيله الطويل من خلفها
حتى وصَلت إليها وهي تقف على مقربة من المرايا
نظَرت إلى شكلها
ذهول اعتراها وهي تشعر بتلك القشعريرة الباردة تسري من أول عنقها حتى أخمص قدميها
وببلاهَة محضَة نطقت
../ هاذي أنـآ ..
أحياناً .. نرتدي أقنعَة .. لنكذب بها أمام الأخرين
فنصدق نَحن تلك الكذبَة ..
جلست على السرير القابع أمام مراءه
لتتأمل نفسها وحسب .. بدت كسيدَة أسطوريّة من العصور الوسطى .. بتسريحة شعرها التي رفعَت أغلبه
فتوسط رأسها لا أعلاه .. قصّرت كثيراً من غّرتها لتغطّي جبينها فحَسب ..
بينما بدآ مكياجها غاية في الجمال .. لكنها لا ترى كُل تلك التفاصيل
دخَلت عليها .. " خديجة " التي كان ترتدي فُستان عودي أيضاً ..
لكَنه بدا لها قصيراً و عاري للغاية
والتي أطلقت صفيراً .. مرتفعا عندما رأتها
../ وآآآآآآآآآآآآآآآآآآو .. هديل تجننين ..
قرصتها وهي تقول
../ أرخي صوووتك ..
وضَعت يدها على فمها وهي تقول
.../ وي .. نسيييت .. البيت ملياااان ناس .. و أبيك تطلعين فوق ..
../ ليييش ؟
../ لأن الزفة من فوق ..
فركت جبينها بأناملها وهي تقول
../ وش بنسوي ؟
أجابتها
../ بنطلع من باب الحديقة من ورا .. بس ياليتك مالبستي الفستان ..
همست
../ بس مشوار من الدرج إلي ورا .. إلين غرفة عمتي
حّركت رأسها بالنفي
../ لاآآ .. بندخل غرفة أبلة أسيل ..
تجاهلت ذلك اللقب .. وهي تنهَض لتتبعها
هل ستدخُل حجرتها حقاً ..؟
هل سترى صومعة توأمها مجدداً .. تفتقدها بشَدة .. و هي على يقين بتهربها
أوصَدت على عقلها وقلبها وهي تشَد من قبضَتها التي تمسح كومة من الفستان لترفعه عن الأرض
و سريعاً.. كانتا في الأعلى
لم تكُن في الحجرة أبداً ليس سوى ريم التي بدت كأميرة في لباسها .. ابتسمت وهي تتأمل فستانها الفيروزي
لتقول خديجة بإستهزاء
../ شوووفوا التقليد يا نااااااس ..
حّركت ريم يدها امامها وهي تصرخ لها بغضب
../ أسكتي لا أكفّخك .. أخلاقي واصلة للسطح ..
ثم التفتت لـهديل التي جلست إلي جوارها
../ ها هديل .. كيف النفسّية ؟؟؟
أمالت شفتيها بلامُبالاة باردة
عكَس ما يخفيه جوفها
../ عااادي .. وإنتي ؟
اتسعت عينا ريم بدهشة لثواني , بعدها أدركت معنى شعور الأخرى
لتخفض بصرها أمامها وهي تقول بخوف
.../ خااااايفة حيييييل .. وقلبي يضرب فإذني
ابتسمت لها هديل دون أن تجيب
هل لها الحق أن تشعر بذات الشعور .. حتى حُمرت الخجل التي تعتلي وجنتّي الريم
لا تنعكس سوى أصفرار ما في وجهها
هي ليست عروس تُزف لخدرها أول مرة ..... وهكذا أقنعت نفسها تماماً

نقرات عدّة على الباب.. بعدها دلفت " فاتن "
إبنة عم هديل وهي تبعد خصلات غُرتها من أمام عينيها
تتوقف بمفاجأة أمام جسد هديل .. التي أشاحت بنظرها بعيداً عنها بخجَل من حدة نظراتها
وهي تسأل بذهول
../ من ذي ؟؟؟؟؟؟؟؟
لكَزتها خديجة وهمست لها ..
فازدرد ريقها و اختفى لون وجهها فجأة
وهي تقترب من الريم وتهمس لها
ذلك الهمس أفلتت بعض جُمله لتصَل لهديل
" و من قال إنها بتنزف معك .. زين يا ويلك من أمي ..بنشوف "
خرجت و اختفت لدقائق
بعدها عادت بدفتر وقعت " ريم " و تتلوها " هديل "
وقعت على ذلك السجَل وعيناها تلتهم موضع يدها فقط .. بلا شعور أبداً
ثم
ابتعدت عنها وهي تقول
../ برجع الدفتر و بجيكم .. أبيكم توقفون هنا .. لين تسمعون دقة الزفة فنبدأ ننزل ..
ابتسمت خديجة وهي تقف أمامنا ومّلوحة بيدها
.../ بنزل أتأملكم من زاوية الحضور ... خخخخخخ سلام
ضحَكت الريم باضطراب .. و ابتسمت هديل

نهضَت الريم و أمسكت بيد الأخرى لتساعدها على النهوض
فقد كانت كُل أطرافها..... نااائمة تماماً
ويدها قالب من جليد
شّدت ريم من قبضَتها على يدها وهي تبتسم لها مُشجّعة
حينما تنَهى إلى مسامعهم صوت الطبول ..
التي بانت وكأنها تقرع في داخل قلبها هي
و خطوات باردة ميتة من قدمها على الدرج
و دهسها المُستمر للورد المفروش في طريقها .. يحطّم قلبها أكثر
إلتمعت وجوه الحاضرين أمامها
فبدوا متشابهين بالنسبَة لها ..
اقتربت من المنصَة و هي تسمع همساتهم في عقلها
" وآآآآو .. ياليت لو خطبناها هي لأخوي "
" شوفوا ذيك أم العودي .. بالله مو أحلى ..؟؟ "
"إيه واضح .. لجل كذا أكره الزواجات الجماعية .. خخخخخ "
"من ذي أم العودي ... تقرب لكم "

جنــــون
05-16-2012, 12:25 PM
دمعَة حمقاء صغيرة تعّلقت في عينيها .. وهي تستوي جالسة بجوار عمتها

تشعر بالخيانة .. دون أن تفعَل أي شيء ؟

أشكال كثيرة لا تعرفها أبداً.. أعينهم المتلصصة تراقبها هي فقط

بدأ الرقص و الحركة المستمرة .. حتى شعرت أن شيء ما سيتداعى هُنا

كُل من يُسّلم على الريم .. وقف يصافحها و يتأملها ببرهَة

همهمات العجائز تصلها

" الله يحفظ لتس جمالتس " , " تبارك الرحمن رضّي والدين من هو بيضويبتس



"



و ابتسامة مقوسَة علت شفتيها حينما أعلنوا أن العريسين سيدلفان معاً

وكان ذلك مع تفرق جموع النساء للعشاء ... وبقاء القليل منهن ..

نظَرت بتوتر نحو الريم .. وهي تهمس ب

../ مو هذا إلي أتفقنا عليه

فتحولت ابتسامتها لضَحك

وهي تقول بمرحْ

../ هذي المفاجأة إلي قلت لك عنها ..؟

../ ريييم أنطقي وش إلي بيصير ؟؟؟؟؟؟؟؟

../ هديل .. كِل إلي داخلييين محارمك

و غرق عقلها في ظَلام الجملة الأخيرة



أتساقطُ

أوراقًا عُرْيُها الأشجارُ

لأرافقَكِ

إلى حيثُ لا عُمقَ ولا صدى

أيَّتُها الدموع.* ( سوزان )



دآمّ أنّت آدّرْى بالّمْعاَليّق .. وادرّىْ

...... بان " الأمآنْ " الّيوْم فّارْد .... جّناحْه !



أرجّوْگ خّل الَجرحّ بْاّلقّلْبَ .. ذگرْى

...... بعّض الجّروْح آحّس فْيّها ...... بّرآحْه !



اللذة الرابعة و العشرين



../ إنتي تعرفيني زين .. والله ما سويت هالشيء إلا عشااان مصَلحتك

ضَغطت بأناملها المُتعَبة رأسها وهي تسأله برجاء للمرة العاشرة

../ حُساام يا حبيبي .. والله أدري إن كُل شيء تسّويه هو لمصَلحتي .. بس وش سويت بالضبط

زفر هو بتعب فقد أطال الحديث وأنشغَل عن واجبه

../ بتعرفين .. بس مو اللحين .. كُل شيء بوقته حلو .. و يالا يا أختي الحبيبة قومي سّوي شغلك .. وأنا بقوم أشوف المَرضى .. و هالله هالله بنفسك

ابتسمت بألم قسراً هذه المَرة وهي تتجاهل حديثهم الطويل حول موضوع لا تعرف تفاصيله

../ زين .. وإنت بعد أنتبه لنفسك .. و خلي ورقة تعريفك دايماً في جيبك .. أستودعتك عند الله .. سلام

أغلقت الهاتف وعينها تتأمل دقائق المُكالمة

ثم رفعت نظرها لكُل هذه الضوضاء المُحيطَة بها

أعتادت النوم بين هذه الأصوات .. بين صُراخ الممرضين

وأنين الجرحى .. تُقسم ان الحياة هُنا غيّرتها كثيراً

حتى أن لباس الممرضات لم تُبدّله منذ أن قدمت إلى هُنا

لكَن الحياة قاسيّة جداً .. بما يكفيها أن تقول حتى المؤن نفذ الكثير منها .. الطعام تجده يوماً وتفقده لأيام

لا تهتم لنفسها أبداً .. وهي تشاهد الأطفال يبكون جوعاً .. و العجائز يواسونهم بدموعهم

زفرت بتعَب وهي تنهض من الغٌرفة الجديدة الضّيقة التي أنتقل لها طاقم التمريض مُؤخراً بأمر من فيصَل

الغائب في مُهمة جلب موؤن

فتحت الباب المُطل على المدخَل الرئيسي مُباشرة

لتصَدم عينيها بذلك المشَهد ففغرت فاهها بصَدمة

جسَد إحدى الممرضات يطلق نحوها بُسرعة لتدفعها عن موقعها

وتأمر كُل ذلك الكم من النساء والأطفال بالدخول إلى حُجرتهم الصغيرة

تلتفت بإرتباك و ذلك الفوج يدافع للدخول

أنسّلت بجسَدها وهي تحاول ترتيب حجابها أكثر

و تقترب من " مُدبرة المنزلة "

../ أستاذة نعمَة .. وش صاير ؟؟؟

تبتسم بإبتسامة لا تُغادر شفاهها أبداً و هي تقول بود

../ مش صاير إلا كُل خير .. أنت روئي يا بنتي

عقَدت حاجبيها بغضب وهي تهمس

../ شف وش أقولها .. و وش تقولي

ثم رفعت صوتها وهي تقف أمام وجهها مُباشرة

../ لييش كُل الحريم و العيال ذولي جوا هنا .. ما فيه مكان .. يالله نقدر نحشَر المرضى هنا .

أزدرت الأولى .. ريقها بصعوبة وهي تهمس لها

../ لك يا بنتي .. النااس مرعوبه .. و اليوم راح يصير ئصف .. فبيكونوا هيك ئريبين من الطائم الطّبي .. و اغلبيتون بيوتون أنهدمت بوسط بيت لاهيا

ذهول خيّم على كيانها فأطَبع على ملامحها أصفراراً

وهي تهمس ب

../ و ... وش بنسّوي بالمرضى وين بنخليهم ؟

أمسكت بمعصَمها و أبعدتها عن أعيّن النساء المتلصصات على حديثَهن

وفِي رُكِن المكان

../ راح نغير طريئتنا.. و بما إني خبرتك فأنتِ المسؤولة .. راح توجهي بئيه الممرضات التانيين .. لأني لازم فل بعد يومين من هون

لمْ تجد وقَت لتعّلق على جملتها الأخيرة

جنــــون
05-16-2012, 12:25 PM
لتزفَر الأُخرى وهي تتابع
../ الي بتمرضوهن طلعوهن من هون على طول .. إذا كانوا رجال من 15 وما فوئ ..
بِذهُول لا يقل عن سابقه
../ حتى لو بوه جروح عميقة ولا كسّور..؟
زفَرت الأخُرى بتعب وهي ترد بصَبر
../ لو جروح ضّمتيها و ئوميه .. ولو كسَور جبّريا
ثم استدارت قليلاً وهي ترفَع سبابتها نحو الباب
../ وبعدا .. خلّيه يفل من هونيك
غصّة كبيرة متكّورة و مسننة في منتصَف حنجرتها
جعَلت دمعَة تنفَر من طرف عينها اليُمنى وهي تهّز
رأسها بالأيجاب
فربتت الأُخرى على كتفيها وهي تتنهد بصبر لا يفرغ أبداً
../ لازم نخّلي المكان للحريم و الأطفال .. ولو زاد عددهن .. بنطّر نغيّر المكان
../ كُلنا بنروح من هنا ؟
../ لاآ .. بس نحنا الطائم الطّبي .. و بنتروك معهن ممرضَة وحدة أو تنتين .. ما بعرف على حسب مابيؤمر الدكتور فيصل .. ماتخافي ..
الله معنا ..

أمسكَت بطرف أكمام ثوبها وهي ترفعها لأستعدادها للوضوء ..
أبتعَدت عنها ومازالت هُناك دمعَة نافرة
و إبتسامة مُعلّقَة

*
و أحياناً .. تتنبأ عقولنا بأمر ما .. قبل حدوثه
ربما بسنة , أو شهر ، يوم ، وربما ثواني
وهذا ما حدث فعلاً .. ثواني فقط
حين أضيئت شاشة هاتفها من جديد
برسالة جديدة من ....................." وافي"
لكَنها لمن تكَن رسالة نصية قصيرة ... بل رسالة وسائط
تحمَل مقطع فيديو قصير جداً ..
و ما يحويه .... جعلها تصَرخ
بذهول ................................. وصدمة
كاملين

,

حقيقة ما تُكّنه مشاعرها اتجاه من يرونه زوج لها هي
من أسود للأكثر اسودادا ..
تتحامل على رُوحها لتُبقي على القليل من الصبر المُتبقي
داخلها ..
أنفاسها لاهثَة دائماً .. حتى حين استيقاظها من نومها
كُل ما حولها يُعَلن أن لا مَفر من نهاية .. قاومتها
كثيراً ..
إنتقَل بصَرها لصغيرتها الراقَدة على ذراعها
فقد تسّرب الحليب .. من شفاهها .. وبدأت برفضَه
أبعدته عنها ووضَعتها أمامها
أسندَت يدها على خدّها و سَرحَت بألمها من جديد
عينان ضّيقتان لفّهما الإهتمام لحال بكَرها
و عقَلها ينطِق بألف شك .. لا تستطيع إبعادهُ عنها
نطَقت بعد صَمت طَال
../ وش فيك يمّه ..؟ .. كُل ما تجلسين كّنك تهوجسين .. ولا بوه شيء شاغل مخّك .. وافي قال شيء
رفعَت رأسها لها .. و هي تلمح القلق جلياً على مُحياها
الحَبيب على روُحها ..
علّقت ابتسامة صفراء بتَعب على شِفاهها .. من أجَلها
../ لا .. سلامتك يمّه .. خايفَة على بنتَي
ضاقت عيناها أكثّر وهي تتفرسّ ملامحها .. وصوتها ينطَق بشَك أشبَه باليقين
../ بنّتك مسكتها الحُمى أول أمس .. و اليوم زينة وما عليها باس .. ادري بك تمشّيني بالكلام هذا بس
أتسعَت عيناها بألم .. وهي تنهَض سريعاً لتٌقبّل رأسها تقديراً و أحتراماً لذاتها
../ حشّى علّي .. و الله إنها في بالي و مازلت قلقانة .. لكَن صح عليك .. فيه مويضيع صغّير شغالن بالي معه
أتكَئتْ على يمينها وهي تسألها بأهتمام
../ وش هو هالمويضيع ؟
زفرت .. وهي تَشْتُم روحها .. على كذَبة ارتجالية
لمْ تَحسُب حِسابها
ضغطَت على جميع مشَاعرها .. وهي تشعَل بثقَل السَر داخلها .. فلا سبيل أمامها سوى أن تُصّرح بما خبأته
../ سحر ..
عقدُت الُأخرى حاجبيها و علامة إستفهام كَبيرة تُحلّق على ملامحها
لتزدرد بُجرعة أكَبر ريقها و تَقُول
../ ز زوجَة وافـ
قاطعتها بقّوة ووهي تعَتدل في جلستها
../ إيييييييه .. وش فيهاا ؟
زاد الارتباك داخلها لسبب تجَهله .. وشيء ما صَلب
بدأ ينهار داخلها ..
أخفضت بصَرها وهي تعضّ على شفتيها
../ أحسّ ما يصَير أقووول .. بس
اتسعت عينا الام بذهول .. فإبنتها تخُفضَ رأسها خجلاً
لذِكَر أمر ما لا تَعَلمه .. زاد قلقها
وهي تقترب منها و تسألها
../ وش إلي صار ..؟ قلقتيني يا يمه .. تكّلمي بسَرعة
رفعَت رأسها بينمَا لازَال بصَرها خاضعاً .. وهي تُلطّف عباراتها .. و تحاول أزاحت الغشوة التي غطّت عينيها
../ سَحر أرسلت لي مقطَع فديو .. مّرة ... يعني مّرة
رفعَت رأسها عالياً وهي تطَلق أنفاسها و تبحَث عن
عبارة ما لائقة لتذكرها أمام والدتها
التي راحت تنظَر إلى وجهها بقلق شديد .. ،
جعَل الأولى تَختم حديثها
../ مّــرة .. قليل أدَب
ظّلت الأٌم تتأملها لدقائق
أخفضَت نظَرها هي .. ويدها تمسَح دموع انهارت أخيراً
فهي لمَ تَبكي طوال الفتَرة السابقَة
تماسكت بصعوبَـة .. لتنهار أمام والدتها من جديد
رفعَت نظَرها لها عندما شعرت بنهوضَها
و أصطدم بصَرها بملامحها التي تحولت لغضَب هائل
وصوتها يصَرخ عالياً
../ عـــــــــلي ... علــــــي ..
قفزت دُعاء معها وهي تقول بتوتر شديد
../ يمّه .. أذكري الله .. وش ناوية عليه ؟؟؟
لكَنها تجاهلتها وهي تتجه إلى الأعلى بخطوات قّوية
وتصَرخ على أبنها ..
لتظَهر بعدها سُمية وهي تُمسك بكتابها و تقول بخوف
../ وش فيكم ..؟ يمه علي خارج له ساعة ..
وصَلت والدتها إلى جوارها وهي تقول بحدّة
../ دُقّي على السواق خلّيه يجّهز السيارة أجل .. عندي
حساب .. أقســــم لا أصفّيه مع أم وافي .. يا يطّلق بنيّتي يـــآ تخَلعَه
لتهتز أكُفهم برعُب حقيقي لكلماتها القويّة
بينما هوى قلب دُعاء أسفَل منها
فهي تقف لتَشهد مسرحية النهاية .. صنعتها هي
و ستُقنع نفسها بها تَماماً

جنــــون
05-16-2012, 12:25 PM
*

الساعة هي الثانية بعد مُنتصَف الليل .. لا سُكُون هنا

لكَن هذه الضوضاء تراها سكُوناً بحتاً .. أمام ضجّة الذروة

الدائمَة تقف هي و " نسرين " في الفناء .. ؛ ففيصَل و الأخرين سيصلون اليوم من المقَر الرئيسي

لا تدري لم تقف في هذه العُتمَة الشديدة

تشعُر أنها تود أن ترى فيصَل .. ففي عينيه يقبع حُسام

تبرئ تَفكيرها من كُل نقصَ أو عيب

فالوضَع هُنا لا يسَمح لها بمُتابعة مُسلسل الحُب التي كانت تُجيد تمثيله ..

أو رُبما أنها أصبحت تُحِب نسرين حقاً .. فهي لم تُبارح عادتها في إنتظار كُل من ذهب .. من أجل مقّرها

تلتفت لها و تتأمل جانب وجهها الهادئ ..

و على ذلك البصيص كان يفكيها لترى ملامحها المُنيرة

سيدة أربعينّية .. تُحّرك شفتيها بِذكَر الله في كُل حين

حتى وسط هذا المكَان .. صَبرها و مُثابرتها

جعَلها تشعُر حقيقة بانها تود تقبيل يدها كوالدتها

شيء ما كالجاذبيّة فيها .. جَعل سلمَى تتكأ براسها على كتفها

لتَبتسم الأخرى لها .. بإبتسامة لا تُغادرها مُطلقاً

دافئَة حنونة ..

قسَراً أحاطتها بذراعيها فمسَحت " نسرين " بيدها على ظهرها

لتقول سَلمى بهدوء .. وملامح ساهمة

../ تذكّريني بأمّي ..

لمْ تُعّلق الأخرى .. لكَنها أكتفت فقط بأنه مُجرد تبرير

لفعَلتها .. لكَن سلَمى لم تصمُت .. لأنها تفتقد جُزء كبير من روحها .. تَركته هُناك في موطنها ورحَلت عنه

باستسلام كامَل .. مِنها

../ بس أمي .. ما تشَبهك .. ولا في شّيء ..

بس يمَكن هذا هو حنان ألام إلي يتكلمون عنّه .. كأني حسّيته فيك ..

ثُم ابتسمت بلا داعي .. ابتسامة شَبه مقّوسَة

مؤلمَـة جداً

وصَلتها كلمات نسرين .. بفَخرها أن لها إبنة مَثلها

و لكّنها تركت عينيها تسَرح في الفضااء البعيد .. وهي

تَشعر أن بضَعاً من السعادة .. حلّق إلى قلبها

سمَعت نسرين تنطَق ب

../ كأنوا في صــــوت ..

رفعَت رأسها المُرهق وهي تسأل ببطء

../ وين ...؟

ثُم ظهَرت أجسَاد ثلاث رجَال من عُتمة فجأة

جعَلت سلمَى تشَهق بفجعَة .. وهي تقفز من مكانها

أبتعَدت و نسرين تتبعها

دخَلن لحيث المَقر الصّحي .. و هُم خلفها

الإثنين جُدد لا تعرفهم و الثالث فيصَل بالطَبع

وقف هو ونسرين .. و الأخريين وبدأ بتعريفهم

بها .. فعَلمت سَلمى أنهم أطبّاء مصريين أتوا كبعثَة طبيّة إلى هُنا ..

أبتسَمت بحُب وهي ترى السعادة تُشرق على وجه نسرين

المُحبب إلى روحها

فأبتسم قلبها قسراً لهذه الإنسانة المُتفانية في العطاء

رفعَت يدها لتدٌخل خصلات من شعرها النافر بجانب وجهها

وعينيها مُنخفَضة عل موطئ قدميها

لكَن شخصَ ما وقف أمامها ليخفّض جسَده

من الحِزم الضوء الساقط عليها ..

وقَدمه و قفت قريبة جداً من قدمها ..

رفعَت عينيها ببطء وهي تحفظ تضاريس هذا الشخص عن ظهر قلب ..

لتصَطدم عيناها بعينيه .. رغبَة حمقاء إنتفضَت داخلها

جعَلت شفتيها تميل بإبتسامة مٌرتبكَة وهي تلتصق في الجدار خلفها و تردد بإرتباك

../ أ أي .. أيي خـ ـدمة ؟؟؟

بقيت عيناه تأكل ملامحها بِجُرأة لم تعتادها

فأستيقظ شعور آخر مٌختلف داخلها .. جعَلها تحاول الزحف إلى الخلف مُبتعدة عن مُحيط أنفاسه القريب منها

لكَن يده التي إحتضَنت مفصَلها

كانت كالكقشة التي قصَمت ظهر البعير ..

فأنتفضَت بعنف و هي تحاول الإبتعاد ليعود ويسمك بها

بقّوة و هو يقول بهمس

../ أصَبري .. بعطيك شيء .. أرسَله حُسام لكَ

بَرودة سرت على كُل جسَدها .. لذكِر اخيها

لتعود لحيث هُو بهدوء .. و قلبها يُقسم

أن شيئاً ما يحدُث .. إحتضَنت يدها اُختها

وهي تقترب منه وتسأله بقلق

../ أسألك بالله ... حُسااام فيه شيء ؟؟

في تِلك اللحظَة كانت عينيها تجول في بحر عينيه

كانت الأخيرة مُختلفة جداً .. مُختلفة كما لو أن هذه الرجُل قد ارتدى اُخرى ..

أخفضَ بصَره اخيراً .. وهو يمّد كيس كبير تلاحظَه

الآن لأول مرة .. إلتقطَته بَسُرعة وهي تفتح

وكأنها تبحث عن إجابة لسؤالها داخله

ثياب .. وكُتب .. وساعتها .. "

إحتضَنتها بلا وعي منها .. و هي تهمس ب الحمد لله

إرتفع بصَرها مجدداً للذي بقّي هُناك يتأملها

عقدت حاجبيها وهي تبتعد بخجَل مُفرط .. من نظراته

الغريبة .. فالمذي أصابه ؟؟

وقبل أن تبتعد سَمعت أو يخّيل لها أنه قال

../ سلـــمى

ليهبّط الظلام على المكَان فجأة ..

إقتربت من الجدار سريعاً وهي تتحسس طريقها

لكَنها وقفت وهي تحاول أن تعتاد الظلام .. حتى تتمكن من المُتابعة ..

إرتفعت الأصوااات في المكَـــآن بحدَة

و ألتقطت إذناها صوت نسرين .. " يصَرخ " على الطَاقم الطبـــي

.. / فتـــحت الأبوآآآآآب .. يالله أنزلوا للقبـــو يالله ..

فهَمت ما يجب عليها فَعَله فتركت كيسها و أنطَلقت بإتجاه مصَدر الصوت ..

رأت مجموعة من الأطفال ملتمين حول أنفسهم بخوف

فنطَقت بسًرعة .. ولطَف لكي لا تُخيفهم

../ يالله يا ماما .. انزلوا .. يالله قوموا ..

تحّرك الأطفال .. فبدأت في جمَع أكبر قدر منهم

ثم أتجهت لـ حيثما تعتقد أن " القبو " قد يكون

فهي لم تحفظ الطريق إليه أبداً ..

صَرخت بقّوة

../ نــــسريــــن ..

ليظَهر صوته من خلفَهــآ

../ وش فيــــــك ؟

قفزت برعُب وهي تقول

../ بســـم الله .. إنت هنا ؟؟

بقي واقفاً في مكانه و هي ترى ملامحه بصعوبة الظَلام

بدآ مُمسكاً بيد طفلتين بجواره ..

فزفرت هي بهدوء

../ مو عارفة .. وين القبو أصلاً

بدآ وكأنه أبتسَم .. وهو يقول بحَزم

../ ما شيّة بالعيال .. و إنتي ما تدري وين موديَتهم .. هه و الله حالة

رفعَت حاجبيها بإستغراب ..

فغروره .. جم ْ .. كما ترى

وصَلوا للإنحناء الأخير حيث درجات للقبو بالأسفل و نسرين تقف عند المدخَل ..

لكَن صوت ما جعَلها تقف .. ثم تكرر فتأكدت منه

سمعت نسرين تصَرخ عليهم

../ يالله يا دكتور إنتوا آخر نااااس يالله ..

لكَنهّا دفعَت الأطفال أمامها وهي تعود أدراجها

سَمعته يسأل

../ على وين ؟؟؟

../ خذهم .. باقي أحد ما أخذناااه .. أنتظروني

و غَرقت في الظَلام

بدأت إذناها تلتقط الصوت .. و عندما يهدأ تصَرخ هيا

../ يـآ ولــد ... ويـــنك ؟؟

ليجيبها

../ فيــــن ماما .. ؟ أنا هوووون .. إنتي ميـــن؟؟

و على صوته وصَلت للغُرفة الضيقَة ..

حيث رأته يجَلس على إحدى الكَراسي المُتحركة

على جانب الغُرفة .. وصَلت إليه و هي تدَفعَه سريعاً أمامها

وهو يسألها بهدوء

.. /إنتي ميـن ؟؟ الدكتورة ..

../ إيييه ..

../ فين ماما راحت ؟؟

تأملت جسَده الضئيل .. حتى وزنه الخفيف على كُرسي فهي ليست على يقين من أنها تدفع إنسان ما على كُرسي مُتحرك من خفّته

وصَلت للممر المُحاذي .. للبهو الرئيسي

حينما دوى صوت مُرتفَع يصّم الأذآآآن ..

و هّز أركان المكان جعَلها تتعثّر و تسقطَ و تشعَر

بالكُرسي يسقُط بجوارها

بقيت في حالة صَدمة لدقائق .. أختنقت فيها بالغُبار الذي

أعتلى المكَان وهو يتقول

../ ياربي .. سَترك

سعَلت بشّدة .. محاولة إخراج التُراب الذي علّق في

حُنجرتها .. ثم تذّكرت الصغير

فالتفتت حولها تبحَث كالمجنونة .. عنه

و أذهلها تحّول جُغرافيا المكان ..أصبَح مُهدّم من جانب ..

و تحطّم زُجاج الشُرفة الأمامية

سمَعت صوته خلفها يقول ببراءة عذبة

../ تدري وش هاد ؟؟ .. قُـــنبَلــة

أقتربت منه حيث كُان مٌلقى على جانبه الأيمن حمَلت بخفّة وأنطَلقت خطواتها إتجاه القبو ..

لكّن الصدمَة لم تُمهلها طويلاً حتى عاد لها من جديد

فالممر مَسدود بحجر تساقط من السقف ..

فتحَة في الأعلى صغيرة تستطيع أن تتسلّق إلى الأعلى

و تنحَشر منها لكَن وحدها دون ما تحمَله بين

يديها

أخفظَت رأسها و تأملته وهو يقضّم أظافره بنهم

عقَدت حاجبيها وهي تسأله

.../ كم عمرك ..؟؟؟

ليجيبها بإبتسامة فَخر

../ عُمري .. ميّــــة ..

إتكأت على الصخور خلفها وهي تتخذ قرارها

ستبقى هُنا من أجله .. وستدعوا الله أن يلطُف بها و به

إبتسمت من اجله و هي تقول بحنان

.../ ميّــة .. يا فرحتك

لكَن فرحته ناقصَة كفرحتها تماماً ..

عندما أعتلى المكان وميــض أبيض

تلاه صوت حــآد أقوى .. و أكثر حدّة و حرارة

إهتزّ المكان عن بكَرة أبيـه و اهتزت الصخور خلفها و

و الأرض أسفل منها ..

و أختنقت بالغُبار من حولها ..

آلمها أصطدام بعض الحصَى الكبير بيدها .. لكَن

شيء ثابت تلقفّها فالتصقت به

شعرت بالصغير يُفلت من بين يديها ..

فدعت الله أن يحفظَه .. أما هيا فتشبّثت بالجدار القريب منها

سكَن كُل شيء حولها فجأة .. و عادت ذرات الغُبار

تنخفضَ نحو الأرض كما كانت .. سعَلت لمَرة أو أثنتين

ودمَعة تنزلق رغُما عنها من عينيها

فقلبها حَدث ولا حرج قدّ وزع نبضَه على كُل أعضائها

و بقي هو مُتفّرج على خوفها

شيئاً فشيئاً .. عاد لها إستيعابها .. و صوت

نبضات مُختلفَة و مؤاتيّة يتصدر مما تظُنه عموداً فأمسكت به هكذا

صوت الطفَل يقول مكرراً ..

../ تعرف إش هذا ... بوووووووم .. هههه ههه

وضَحك ..

فتحت عينيها وهي ترفع بصَرها للأعلى

لتصطَدم بوجهه هو .. إرتجفَت بقّوة وهي تحاول

السيطَرة على السيل الجارف .. القادم نحو عينيها

تكَره شعور كونها مُرهفة لهذا الحد ..

لا تُريد أن تبكي أمام أياً كان ..

ولكن هُنا كانت مُضطَرة .. فقد أحرجها وبشّدة

راقب هو وجومها .. و من ثم إنهيارها

فأبتسم بسعادة رغُم كُل ما يحيط بهما

فقّربها إليه مُجدداً وهو يهمس في إذنها

../ تراي زوجك .. لاتصـيــحيــــن

جنــــون
05-16-2012, 12:26 PM
،



أحياناً



و عندما نتمنى أمنية فإنها لن تتحقق لأننا نركض خلفها



و بمجرد أن نستدير نجدها قد التصقت بنا ..



،







الليلُ عادلٌ



لا يفرِّقُ



بينَ بحرٍ



،وسماء



بينَ عصفورٍ غريبٍ عن الشرفةِ



.وإنسانٍ غريبٍ عن البلادْ







الليلُ عادلٌ



.في السوادْ *







بداخلِ كُلٍّ منَّا



عصفورٌ



يبحثُ



عن مقهاه



ويضيعُ العمرُ



.ولا يلقاه



* سوزان







اللذة الخامسة والعشرين







../ وش فيكم ..؟ يمه علي خارج له ساعة ..







وصَلت والدتها إلى جوارها وهي تقول بحدّة







../ دُقّي على السواق خلّيه يجّهز السيارة أجل .. عندي



حساب .. أقســــم لا أصفّيه مع أم وافي .. يا يطّلق بنيّتي يـــآ تخَلعَه







لتهتز أكُفهم برعُب حقيقي لكلماتها القويّة



بينما هوى قلب دُعاء أسفَل منها



فهي تقف لتَشهد مسرحية النهاية .. صنعتها هي



و ستُقنع نفسها بها تَماماً



دارت مشاعرها حول حلقَة مُفرغَة كحيّة تراقب نهاية جَسدها النحيل ..



سُميّة تتأمل ملامحها بحُزن رُغم إنها لا تعلم بتفاصيل القضّية ..



لكَن يكفيها كُل ذلك الألم المُتفجر في وجهها الواهَن بإفراط



ترى أن ما تفعَلهُ والدتها ليس حلاً ..



فهي تَجُزم بكُل ما أوتيت من قوة أن " دُعاء " تُحِبه ..



و فرصتها الأخيرة للبقاء مَعه بعيداً عن هذه الأضواء و الأعين ..



ثم ستقسم هي أنها تعيش بسعادة مُدّوية



إلتفتت على والدتها التي تحاملت على ذاتها حتى بلغَت



نهاية السًلم أخيراً



ترتدي عبائتها و تلفّ نقابها العتيق على مُحيّاها الغاضب



وهي تزفر بغضب يتعاظَم كُل ثانية



../ سميّة تحّركي من قدّام وقربي لي التليفون ..







أما هي فقد وقفت بقوى خائرة تحاول الطبطبة على ما يُسمى قلبها



تهدّلت يداها إلي جوارها وهي تسمع لقفل الباب يٌفتح



و يدخَل " علي " بطوله الفارع .. ليتوسط المكان



ثم يستوى أمام والدته



كلمات قليلة نطقها بهدوء شديد و إحترام



../ يمّه و ين رايحة .. عسى ما شر ؟؟







لتجيب تلك بقّوة عجيبة







../ إلا الشر و أهله كُلهم .. بروح لأم وافي .. و بخلّي وافي يطّلق بنيّتي غصب عنّهم .. و لا أنا



خارجة من عنّدهم إلا بورقتها







كلماتها قّوية تخدّشها بعُنف في الصميم



حتى حق الصُراخ بكرامة لا تُجيده .. و لذا هو ليس لها بتاتا



شكَل الأخير وهو يقترب من والدته و يجلس أمام قدميها



وهو يطَلب برجاء حار و نبرة حنونة



مٌرهق لأبعد الحدود



.../ الله يهديك يمّه .. مو كذا يحلّون المشاكل ..







رمقَته بنظَرة .. فحّول حديثَه بعدها بذكاء محاولاً إمتصاص غضبها



../ لكَن كلمّيهم بالتليفون اللحيـن .. و بعدين يصير خير







رفعت كفّها أمام وجهه وهي تحّركها بالنفي القاطع



../ لا .. ذي سالفة ما ينسكِت عنها .. ما ينسكت عنها أبد .. ولازم أروح لها وأكلمها وجهي بوجهها هي وولدها







عقد حاجبيه وهو يلتفت نحو دُعاء



التي إستندت على الحائط بجوارها ، ليألمه وجهها الغارق في الدموع



قفّز إلى حيث تقف بسُرعة وهو يهتف بقلق مجنون



../ أفا يـا أم معاذ تبكين وأنا هنا .. وش إلي صاير ؟ .. قولي لي .. ثم أبشري بعّزك ..







أكتفت بترك عينيها مُسبلتان بألم



فأخر ما توده هو أن تنطَق بما رأته من قذارة



أمام أخيها الأصغر ..



لكَن والدتها أدركت حرجها فوراً .. فزداد غضَبها



وهي تهتف بعنف



../ سميــــة .. وين راحت ذي هذا كُله تقّرب التليفون .. ؟؟؟ .. سميــــة يــآ بنــــت







إزداد إنعقاد حاجبّي الأخير وهو يهمس بغضَب مُتفاقم



../ وبعديـن يعني .. بتطّلعوني مثل الأطرش بالزفة .. وش إلي صاااايـــر..؟؟؟؟؟؟؟؟







هٌنا .. آثرت هي أن ترحل لـمكمنها



وتترك لوالدتها مهمة إنهاء هذا الأمر



فهي لا تستطيع الآن سوى الأستلقاء على وجهها



و الدٌعاء أن يُيسر الله هذا الألم ويخففه



على روحها ..



ثم تركت أمها تشرح القضّية بإختصار



على مسامع أخيها .. الغـآضٍـب



بقوة







*



على الذكَرى القديمَة .. حُفرت على ملامح وجهها حُزن مًستطير ..



تجلس وحيدة في الغُرفَة الكبيرة .. و التي لا تحمل سواها



تتنهد بألم بين الفينة و الأخرى .. و هي تُقول بصوت



لا يسمعه سواها



../ يالله محد فيهم .. مفرّحني .. محد فيهم أبد







أرتشفت من فنجان القهوة المُر .. كطعم الذكريات في قلبها



و عقلها يعود للوراء بِسُرعة خرافية



مصّوراً لها المشَهد وكانها تعيشه من جديد







(







../ وش ذا .. من ذي إلي جايبها معك ..

جنــــون
05-16-2012, 12:26 PM
عيناها المُتسعتان تحاول أن تفكَر بأي شيء عدا ما يُلح أن يكون هو السبب ..
ولأنه مُتوقع أجابها بصوت ثقيل
../ هذي زوجتي يمّه ..

طيف أسود قصير يختبأ خلف طوله الشامخ .. و كأنها لا تود لهذه العجوز المحملقَة ان تراها
إقترب إبنها وجلس والطيف يتبعه كظله و جلست بقربه
ضَربت خدّها بألم وهي تهمس بصوت حزين

../ زين يا ولدي .. دّلها على غرفتها . ثم تعال لي أبيك بكلمة

لا تحمل كُل تلك القسوة لـ تعاتبه أمامها .. لكَن أبنها الغائب
بإستمرار أمامها الآن ..و لن تجعله يغيب بعدها
وأوصلها و عاد بملامح جامدة كئيبة تماماً
وهو يراها تميل نحوه وتهمس له بألم

../ وشوله تتزوج كذا .. مهوب حرام عليك نفسك وبنت الناس ذي .. من وين جايبها ؟

قال وكأنه يتلذذ بقوله
../ هاذي تقرب لأبوعدنان ..

اتسعت عيناها بصَدمة مُطلقَة
../ تقرب للمُزراع يا حسن .. يعني مهيب سعودّية ..

بذات الجمود
../ لا .. بس عاشت هنا فترة طويلة .. و انا مختارها بكيفي وراضي عنها ..

إطلاقه للجملة الأخيرة .. تعني لها " أن أصمتي "
فصمتت قليلاً ليشتعل قلبها بألم من جديد

../ و الله يا ولدي ودّي براحتك قبل كُل شيء .. لكَن إنت إلي تبي الشقا .. بكيفك روح لها اللحين الله يوفقك .. ويجعلها بنت حلال ..
نهض وهو يبتعد عنها بهدوء و يقول بصوت واثق بارد

../ منّا قاعدين هنا .. بروح لبيتي ..
و بلهفًة لا تخلو من الدهشَة
../ بيت .. أي بيــــت .. ؟؟

إلتفت قليلاً ليظهر جُزء من وجهه
../ بيتي .. حيث آمر وأنهى بكيفي ..
قضَمت شفتيها بقّوة تقاوم الألم المُنتفض في روحها
و تدعه يرحل بطَيفه أمام عينيه .. دون أن تدعوه حتّى
لكي يودّعها ..

......... )

هكذا كان هو .. بطبعه يعشَق التسّلط بشتّى و سائله
و لأن الطبع يغلب التطَبع ..
تركته ..

فودّعها .. طالبها بالسمح .. و قد سامحته أصلاً
ورحل أمام عينيها .. بكَت لفراقه طويلاً .. لكَنه ترك بين يديها صغيرة تُربيّها .. لا تٌشبهه أبداً
جميلة في كُل حركتها
ربّتها كما كانت تُريد .. ثم رحَلت عنها بضَربة
أشَد أيلاَماً من غيريها

عضّت طرف جلالها .. كعادة لا تتركُها
وقلبها يهتز شوقاً للأخيرة ..
و منّت نفسها برجاء في إبنها التالي ..
أسعدها طويلاً .. بثقَته .. و بّره .. رجولته ..
لكَـن هو الأخر أراد أن يكُدّرها .. و يظَلم إبنت عمَه
أمام عينيها

زفرت في محاولة منها لتزيح كُل ذلك الكم من السواد
الذي غشّى كيانها
../ يالله .. إنــك تهــديــه

إرتفَع رنين الهاتف بجوارها ..
فأنحنت و للأتقاطه
وقبل أن تهمس بشيء بعد السلام
حتّى عالجها صوتها الغاضَب

../ و عليـــكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أم وافي
أنا بقَصر الهرج معك ... و بختصَره بكلمتين .. بنتي ما عاد تبي ولدكم .. خلاآآآآص عافته .. أبيك تكّلمينه أنتي وهو أكيد إنه بيسمع كلامك ويجيك .. و قوليله يطّلقها


عقدت حاجبيه فأخر ما تتمناه " هي " هذا
../ آفـــآ يا أم علي يعني خـ
قاطعتها بصرامة مٌفرطَة

../ خلاص يا ختي فُضّيها من سيرة .. و بنتي ما عااااد تباااه ..ولا ترديني يا أم وافي

قّوية كلامتها .. تسحقها أكثر و أكثر
قلبها العجوز لم يعُد يتحمّل كُل تلك الضغوط
ألم تنميل ينحر قلبها ببطء يجعلها تختنق شيئاً فشيئاً

وصوتها المخنوق يقول بوهن
../ والله ما أردك يا أم علي .. بس الشور براس وافي .. لو عنّد ما بقدر عليه

صوتها المتعَب أذاب شيء كبير من الغضَب في قلبها
لتهدئ نبرتها وهي تجيبها
../ إيـــه .. لا سمعها منّك بيليــن وبيطّلق .. و لدك تزوج من مرة ما ربّوها أهلها ولا هاذي سواة تسّويها ببنتي ..

لا تقوى على سؤالها عن ما قامت به زوجة أبنها
الطفَلة في نظَرها ..

../ أبــشري .. بكّلمه اللحيـن أنا .. ما يصير خاطرك إلا طيب ..

أغلقت الهاتف .. و برودة تعتري أطرافها
عرق بارد و همي يتصّفد من جبينها المُجعّد ..
و قلبها يشتعل ناراً في جوفها ..

هو الأخر يريد أن ينهيها .. نادت بصوت واهن
../ وعــــــد ..

كّررت النداء علّها تسمعها .. فقد تركتها على مُقربة منها
تعب شديد يتسلل لأطرافها
نهضت بتعب فزاد ألمها

دارت الدُنيا في عينيها .. و أختلطت الألوان
والصور في عقلها
وسقطَت أرضاً

تقضُم أظافرها .. و رائحة الجزنبيل الأخضَر
تخنقها .. لكَنها ألفت تلك الرائحَة حتى أدمنتها
وقفت وهي تنظَر من خلال النافذة
إختفائه المُفاجأة هذا .. أدهشها ..... و أسعدها قليلاً
تتذكَر منظَر عينيه المُرهقَة ويده المُجبرة
ثم منظَر الغارق في القذارة .. عند أول لقاء لها معه
يستفّز داخلها شعور كريه إتجاهه ..
و رغبَة عارمَة بمقاومته مهما حصَل لها ..
لكَن أي تعاسَة ستستمر هي بمقاومتها .. فهي ضعيفَة

أشبه بميّتة في نظَر الجميع .. وهو على النقيض منها
معادلة مخروقة إحدى الأطراف ..
ومسألة حّلها مُستحيلة .. فلا تكافئ بينهما أبداً
رأت خيال أسود لشخص ما يقترب من المكان

إرتجّ قلبها في داخلها و هي تتفرس في ذلك الظَل
القادم من الظلام لـ كوخها .. هذا العرض و تلك الخطوة
ذلك الشيء الملفوف داخل قبضَته المحررة

إبتعدت سريعاً وعيناها تتأمل أنحاء الغٌرفَة بهلع
إقترب من " الدولاب " الخشبي الكبير فتحت إحدى أبوبه
وأغلقته خلفها
خنقتها رائحة الخشب .. و أغمضَت عينيها

ترتجف من رأسها و حتى أخمص قدميها
و قلبها ينتفض في داخلها بخوف مدّوي لا تقَدر على إسكاته
صوت مقبض الباب وهو ينزلق سامحاً له بالدخول
وصوته يهمس
../ صبــــــــآ

إبتعد .. و كانت على يقين أنه ذهب يبحث عنها
بالحمّام أو المطَبخ لا غيرهم
ثم سمعت خطواته الحديديّة .. تعود
و تفتش في أنحاء الغُرفَة .. أنفاسه المُرتفعَة .. تتناهى إلى أذنيها
إرتفع رنين هاتفه بشكَل مزعج أخافها أكثر
وأجاب وهو مازال يبحث عنها بعينيه

../ هلا بندر .... لييييش ؟؟؟؟؟ ..... وش فيــــها ؟؟
بنبرة قّوية جداً و مرتفعَة
أدركت هي أنه قد إقترب منها ..
و أوشكَت على السقوط مُغمى عليها
وهي تسمعه يفتَح إحدى الأبواب المجاورة لها
صوته يتحدث بقوة .. وأمام بابها مُباشرة
ليمسك به و يفتحه قليلاً
وهو مازال يقف خلفه

ويستطع الضوء على جُزء من وجهها
../ وااااافي الكـــلــ*** .. ما يجيب لنا إلا المصايب .. أصبر شغله معااااياااا ..... و علي خلّه عليّ

كتمت أنفاسها .. شدّت على قبضَتيها المُمسكة بموضع
قلبها ..

وتركت رأسها يتكأ على الخشب خلفها
عندما هدأ كُل شيء .. لـفترة
عاد الشعور فيها لقلبها اللاهث
و أدركت أن رائحة الخشب ما زالت حولها
و أن المكان هادئ تماماً ..

جنــــون
05-16-2012, 12:26 PM
فقد رحَل وتركها ..
تستعيد أنفاسها في مخبئها

*
يداه مكّورة بغضب مجنون .. يحاول كبته
وهو يجلَس بجوار " صقر " بتحفّز للهجوم
إلتفت له الأخير وهو يربّت على ركَبته بيده السليمة

../ هدّي نفســك .. يا بو حسن .. و إلي تبيه بيجيك ..

بس أصبر إنت .. حرمة عمّك تعبانة .. و هالعصبية مو وقتها أبد
لو لم يكُن المُتحدث " صقر " لـضَربه من فرط غضَبه
لكَن لعلمه بهيبة الأخير في قلب
كُل فرد من أفراد هذه العائلة .. أزاح رغبتَه جانباً
و حّفز الاحترام في داخله

وهو يصّر على أسنانه بقلّة صبر
../ ما عاد فيني صبر .. أشوف أختي تبكي بذا الطريقَة قدّامي وأسكت .. و الله ما تشوف الظيم وأنا حي ..

عقد الأول حاجبيه وهو يسأل بحزم ..
../ وش عرفك إنها مظيومة .. يمكن مشكلَة بسيطة بينها وبينه .. و إنت مكبّرها و لا إنت فاهم
إلتفت له وهو يرمقَه بسخريّة
../ إنت إلي وش عرفّك .. إختي ما تبكي كذا عبث إلا وبوه شي كايد .. وأمي معصّبة .. بشكَل أول مرة أشوف عليها ..

فسأله بذات الحزم
../ و قالولك وش إلي صار .

.
أجابه بهمس غاضب أشبه بالفحيح
../ لا السالفة ما تنقاااال .. من عيبها .. ما تنقااال

إتسعت عينا الأول بصَدمة وكل التخمينات
تُحلل في رأسه بقَوة وهو يتابع " علي " الذي ينطق بغضب
../ يا أختي يا البزر ..

ظهَر " وافي" أخيراً في الساحة ..
و القلق يعتري ملامحه .. وفكّه موصَد بقّوة
يخبأ خلفها قهره ..
إذاً فقد عَلم بتفاصيل القضيّة
إقترب منه ليصافحه
فلم يبادله الأخر المصافحة .. ليكمَل هو مصافحَته لـ صقر الذي نطَق

../ علي .. أستهدي بالله .. اجلــس
عقد وافي حاجبيه وقلقه يتعاظَم .. داخله
وطرح سؤاله
../ وش فيــــه يا علــــي .. العيال فيهم شيء دعاء فيها شيء ؟؟
إذاً .. هو لا يعَلم بالأمر جيداً .. أو ربما يتغابى

رفع " علي " إحدى حاجبيه وهو يعقد ذراعيه أمام صدره
في محاولة منه ليكبت رغبته في صفعه
... / لا والله .. دامك خاااايف على العيال و أمهم .. تكون هاذي سواتك .. بالله عليك إنت ما تستحي على وجهك .. تارك جوالك بيد البزر .. و إلي ترسل رسايل عوجا
لأختي ..

أعتلت الدهشَة ملامحه بقّوة .. و الصدق يخَرج صادقاً
بنفسَه هذه المَرة ..
و بدون أن يتحدث

رفع هاتفه .. و عبث به قليلاً .. ثم ناوله له وهو يقول بحزم
.../ ويــــن إلي تقـــــول عنّه .. خذ و فتشّ الجوال .. ما فيــــه شيء .. أكيـــد إنك فاهم السالفة غلط ..

لكَن الثقة لم تُبارح صوته وهو يجيبه
../ وافي ... أنـآ مو جاي أضاربك .. لكَن هي كلمة .. وخلال أسبوع .. وكثيرة عليك .. ورقة أختي توصَلها .. لو ظّلت البزر على ذمّتك ..

و تجاوز بعد أن دفع بإصبعيه أعلى كتفه
و غـــآدر ..

ألــقَــى " وافي " بهاتفه الممدود أمامه وهو يزفر بغضَب
../ يـــــآ ذي السالـــفة إلي موب خــالصيـن منها ..

*
وافي بعد ذلك بدقائق
بالداخل جلس هو بجوارها .. بينما
وقف الأخرين خلفه يُتابعانها وهي ترتشف كوب الماء
وتمسح بيدها الأخرى دموعها
إقترب منها وقبّل رأسها وهو يقول برجاء حار

../ يمّه سامحيني .. إن كان أنا السبب ..
بس إنتي هدّي نفسك مو زيـن لك .. الغضب

حّركت رأسها لتنطَق أخيراً
../ ما نيب غضبانة عليك يا ولدي .. بس عتبانة .. حييييل عتبانة ..
عاد ليقبّل رأسها ويديها .. وهو يهمس مجدداً
../ إلا تبينه بيصير .. أبشري

" طلق دٌعاء يا وافي ... "

نطَقتها بزفرة .. وكأنها بذلت جُهداً خرافياً
لتقولها .. شهقَة وعد من خلفهَم و صَلتهم
فأرهقتها أكثر
تُعيدها على مسامعه .. كما قال ذلك المُتأجج في الخارج قبلاً
لكَنه لن يفعَلها .. لن يحررها .. ويتركها
لن تبقى بعيدة عنه

كأمل لا يستطيع أن يناله
../ لك إلي تبــين يمّه .. بطّلق سحـــر

حّركت رأسها بنفي وهي تعود لتكررها
../ " دُعاااء " .. كلامي واضَح

بل هو يريد أن تكون سحَر ..
فالأخرى أحبها كأمنيَة يستطيع أن يعبث بها
فيخرق بذلك قانون الأمنيات ويمارس قوته عليها

نظَرت لملامحه المُصّرة .. و عندها نطق بحزم وصرامَة كامليـن
../ موافق بس أول أعرف .. وش إلي خلاّها تطَلبه ؟علي يقول إن لسحر يد في السالفة .. و أنا بعرفها من دعاء نفسها ..

إسندت رأسها وأذنها تلتقط نبرة الثقة و الجمود
ذاتها .. " حســن " .. يعود
لتسلق سقف عقلها ..

نطَقت بتعب و الدواء يقوم بفعاليتَه
../ روح لها .. بس خذ معك وعد ..

فخرج الاثنان وبقي هو يتأملها .. حتى تيقّن أنها رقَدت
تماماً

ونهض لحيث الباب .. و عقله يفكك كُل التفاصيل

,

../ وشــووووووو .. المزرعة .. لاآآ مُستحيـــل
عقدت ذراعيها امام صدرها وهي تَرد بهدوء
../ وليـــش .. لاآ .. أمي تعبانة .. وهي تحب إنها تروح المزرعَة .. عشان تّروح عن نفسها شوي
إزدرد ريقَه بصعوبة وهو يحّرك رأسه بالنفي

../ لاآآ .. لاآآآ المرزعة فيهااا مشاكل .. آآآ قصدي ..
../ مشــآكل إيـــش ؟

وأخذ يبحث عن عُذر .. ليجد شيئاً
قاله فوراً

../ إيــه .. فيها تصليحااات .. وكذا

مطت شفتيها بملل وهي تُدرك سبب رفضَه
../ تصليحات أكيـد مو في الفيلاً .. و أسمع يا بندر .. لو ما تبي توديها أنا بخّلي أمجد .. يودّينـآ بُكرا لها
تفهَم ولا لا ..

نفذت الخيوط من يديه .. وتبقّت والدته فقط
لترفض الذهاب إلى هُناك

فهي تعَلم .. ما المُصيبة التي ألقت بها هناك بلا قلب
../ لاآ .. تروحين كُل ذا المشوار مع أمي والسواق لوحدكم لاآ .. خلاص بكرا إنتي قولي لها .. ولو رضَت
بوديكم أنــآ
تركتَه هي ورحلَت من حيث ظَهرت أمامه

و أتجه هو لمنزله .. وعقَله يعمَل
بسرعة خارقَــة
من المؤكد أن ترفض والدته للفكَرة ..
بل من الواجب عليها أن تفعَل ..

*

جنــــون
05-16-2012, 12:26 PM
إستلقَت على البلاط البارد .. براحَة
وهي تتلذذ ببرودته التي تتوغَل .. لـ قدميها المُلتهبين بحرارة .. بعد " جلَدها "
مُتألمَة بشَدة .. لم تكن تلك الراحَة التي تنالها تسوي شيئاً
يسيراً .. أمام حجم الندم التي يأكُل ضميرها
بينما جَلست الأخرى تتأملها بحُزن من على
سريرها المُهترئ من طول المكوث عليَه
و خرج صوت الأخيرة بسؤال

فجّر الألم المُنهمر أكثر في قَلب الأخرى
../ نويّر .. وش هي حكايتك ..؟.

لم تُجبها الأخرى .. بل عضّت شفتيها المُتشققة بقّوة
تُخرج فيها حرارة البراكين المُستعرة داخلها
ولم تُعلَق ..

فتُكمَل الأخرى بإصرار .. خططت له طويلاً
../ يعني .. أحسّك لغز ... مو أنا بس .. كِلنـآ .. يعني إلي يعرفوك .. مدري ليه تتهربين و ما تبين تقولين لنا .. مع إننا في الهوا سوا .. وأكيــد قضيّتك مو
أهون عننا

عقَدت حاجبيها .. و تحولت ملامحها لـ غضَب
لكَنه ليس غضباً على الأطلاق .. بل أحياناً
نستمد القوة من ملامحنا فقط
بذلت مجهود خارق و هي تستدير بصعوبَة
للجانب الأخر بحيث تُعطي ظهرها المُنسَلخ
لـ " نور "
وهي تقول بصوت أجش ..

../ تدريــن .. وش هي قضّية رجسَة ؟

وما شأن رجسَة .. ؟
سألتها عن نفسها .. فلم علّقت الأخيرة في الحوار
هذا ما دار في عقَل نور وهي تعقَد حاجبيها
وتلتقط الوسادة المُهترئَة وتحتضَنها
لم تُمانع في مواصَلة الحديث ..
لأنها أحرزت إنجازاً .. لأن نويّر ستتكَلم بالقرب من موضوعها رٌبما
../ لاآ .. والله .. ما أعرف .. ما سألت .. بس وش دخّل رجسة بسؤالي ..؟
وصورة " رجسة " تلك الفتاة المولعة بالتنظيف تطال عقلها
حجمها الصغير .. يعطيها منظَر طفلَة في أواسط العقد الثاني من العمُر
نطَقت " نويّر " أخيراً

../ تدري وش جريمتها .. قتَـــــل .. رجسَة قتلت واحد رجّال يفوق حجمها بأضعاف .. و هو صاحي وواعي ..

الذهول كان سيّد المشاعر في أنحاء " نور "
لتقول بنبرة مُندهش

../ وشووووووووو .. رجسَة قتلت .. مو معقَوووول

ابتسمت الأخرى ابتسامة في غير محلّها
ولأنها كذلك .. بدت ميّتة وواهنة بشكَل كبير

../ تخيّلــــي .. مسكوها تنّظف الدم .. ببرود

صَرخت بذهوووووول شديد
و أناملها غطّت فاها المفتوح على آخره بصدمة
وهي تقول
../ عشـــآن كـــذآ .. هي بس تنــ

اومئـت لها الأخرى بهدوء
وعيناها تَسرح لمكان بعيـــد .. لا تعَلمه
بينما بقيت الأخرى تُلملم شتات أفكارها .. و مشاعرها
فالحكاية صَدمتها .. كثيــــراً ..

لـ وقت أنقضَـــى بينهَم
ثُم سألت نور بحَزم .. كدليل على أنها لم تنَسى سؤالها الأول
../ بــــس ما قلتي لي .. وش هي قضّيتَك يا نوير؟

حينها
إستدارت بوجهها المُصفّر تعباً
لها .. وهي تقول بحُزن مٌبطَن في حروفها الواثقة
.../ هه .. إذا قضّيـت رجسَـــة سوت بك كذا .. أجل قضّيتي وش بتسوي بـــك

هكذا نحن دائماً
نتهَكم بألمنـآ أو نبحث عن مُتهكمون
لنشعر أنها أصغر حجما ً
مما نتخيّل

,’
مسگيّن منْ هُو لآ نوى " يضحَـگ "
.................................منْ أحزآنُـه شرَقّ ..
حتَى إقتنَـع بإنْ [ الفرَح ]
..........................لُه شَيء لآ يُمگـن يليّق ..!؟

اللذة السادسة و العشرين

و ابتسامة مقوسَة علت شفتيها حينما أعلنوا أن العريسين سيدلفان معاً
وكان ذلك مع تفرق جموع النساء للعشاء ... وبقاء القليل منهن ..
نظَرت بتوتر نحو الريم .. وهي تهمس ب

../ مو هذا إلي أتفقنا عليه
فتحولت ابتسامتها لضَحك
وهي تقول بمرحْ

../ هذي المفاجأة إلي قلت لك عنها ..؟

../ ريييم أنطقي وش إلي بيصير ؟؟؟؟؟؟؟؟

../ هديل .. كِل إلي داخلييين محارمك
و غرق عقلها في ظَلام الجملة الأخيرة
لم تُكمل إستيعابها .. حين تغيّرت النغمات المُرسَلة في الهواء
وحينما بدأت ريم في الإبتعاد عن المَنصَة والهبوط لـمنتصف الممر ..
و دخَل شخص ما .. لا يشبهها أبداً

وعدا أن أسيل تسير ممسكَة بيده .. لفّرت هاربَة من المكان
بقيت مُتجمَدة في مكانها وهي تتأملهما سوياً
إبتسامَة أسيل وإبتسامته .. لم تعتد عيناها النظَر إلى وجهه بعد ..
بل بقيّت في أكثر نظرها لـ أسيل الضاحَكة .. و ريم الخجولة

أخذَها .. و أستدار .. للخارج تاركيـن الجميع في تصفيقهم الحار .. وسعادتهم من أجلهم
أمّا أسيل فقد أختفت عن ناظريها بين الجموع

لأنها تعَلم أن عين " هديل " كسيرة ؛ لا تتقن بها النظَر المُتمّلق في وجوه الجميع ..؛ للبحث عنها
أرخَت نظَرها وهي تحاول تهدأت أنفاسها ..

جنــــون
05-16-2012, 12:26 PM
ثم سمعَت إسمها بصوت تًحبَه ..
../ سّمـــي يمّه ..!

إقتربت منها جدّتها و أمسكَت بيدها وهي تقول بصوت خفيض
.../ يمّه .. تركي ما وده يدخَل .. بأخذك له اللحيـن
إزدردت ريقها بصعوبَـة وهي تومئ لها
../ إيه .. يالله
و أخذَتها نحو " والدة تركي " التي وقفت كبديل عن إبنها في مُنتصَف الطريق
لـتقودها هي .. نحو الخارج

و أختفت الضوضاء .. إلا من أثارها
و بدأت تمشي في زوايا الفيلا التي تحفظَها عن ظهَر قلب

تنهَدت بيأس من أفكارها المٌتأججة و زوجة عمّها تمسك بأطراف أناملها .. لتقودها نحو زوجها
تلك الطريقة في إمساك يدها هي دليل على مدى تَقزز الأخيرة منها
وليست نعومة تتبعها أبداً

وصلوا للغرفة .. و هي تدَخل بخُطَى وئيدة جداً
فلا حاجة لكّي تتعجّل مقابلته
أشارت إليها بالجلوس على إحدى المقاعد البعيدة ؛ وكأنها تأمُرها

فجَلست

بينما طرف عينها تلمح خيالاً لشخَص حفظت تضاريس وجهه سابقاً عن ظهر قلب
خرجت والدته و هي تصَفق الباب خلفها بقوة مُدّوية
جعلتها تلتفت نحوه لا أرادياً
فرأت ملامح لم تتوقع رؤيتها .. نظَرة لا تستطيع تفسيرها أبداً

أشاحت بوجهها عنه وعبرة تَعلوا حنجرتها

شعَرت به يجلس بجوارها و ملاصق لها
ضاقت أنفاسها برائحة العود القوية التي ألتصقت بها

حتى هذه الأخيرة تعرفها مُسبقاً عنه
صوت خرج بهدوء ليصَلها
../ مبـروك لك يا عرووس
ألتمعَت عيناها وهي تتأمل يدها الخالية فوقها
بينما عيناه تتفَرس في ملامحها بأريحية عجيبة
الاحمرار الذي ألتهم وجنتيها أستّفزه

ليمد يده لذقنها و يعّر ض وجهها لعينيه وهو يقول بنبرة حانية
../ وش فيك ؟
رغَم خشوع عينيها نحو الأرض .. لمعَت الدموع ظهرت بقّوة لم تلبث بالإنسكاب

ليمسحها بيده الأخرى وهو يكرر بجدّية و حزم
../ ما تسمعين .. وش فيــك ؟؟
صوت عالي مُرتفَع يصَرخ في قلبها بشّدة تُزلزلها
فسَرت قشعريرة قّوية في كُل أطرافها ليصَله إرتجافها
لن تصَنع أملاً بحياة سعيدة بعيداً حتى عن سواد ماضيها
خاصَة مع رجُل كهذا
رفعَت عينيها له وهي تراه ينهض
ليجلب صندوقاً صغيراً
ينطَق بكلمتين لم تسمعهما جيداً
ثم يُلبسها خاتمها وهي مُستسلمة لكُل ما يفعَل
يقبّل رأسها و خدّيها ثم يطَلب منها أن تُلبسَه
خاتمه
بقيت لدقائق تتأمل الأخير بتشَتت بعدها
حاولت رفع يدها اليُمنى لكَنّها خانتها
فأمسكت الصندوق بيسرى ترتجف
أخرجت الخاتم .. ليطَير عقَلها لذكَرى ليست في موعدها أبداً
" ملابس تكَشف عن أطراف بطَنها شعرها الأسود القصير مُحرر إلي رقبتها و طلاء الأظافر يعكَس بقوة على بياض أصابعها ..
تُمرر لسانها على شفتيها وهي تضَحك بإستفزاز
أمام منظَر " ناصر" الهائم من بعيد
وهي تعَلم أن جلوسها هُنا يُطلَ وبوضوح على مجلس الرجّال .. تراه يقطَف من أوراق الشجيرات المسّورة للمكان و يقذفها من بعيد لها
ليشَعرها أنها يراها

فتلتفت نحوه بغرور ثم تشيح بنظَرها بتقَزز تتعمدَه لتغيظه فقط
نهضت مُبتعدة للداخل .. فقد ملت الأخير ونظراته الحمقاء
مررت أطراف أصابعها على يدها .. ثم استدارت سريعاً وعيناها تتأمل الأرضية فقد فقدت خاتمها

تتأمل بخوف دون أن تعي إلى أين أخذتها أقدامها
فيصطدم رأسها المُنحني بصَدر أحدهم

فيترتفع رأسها وهي تهُم بالصراخ
.../ عمــــى مـ ـ
حينها عاجلتها صفعة أخرسها

تأملت ملامحه التي تشَتعل غضباً فتزيده اسمرارا وهو يصّر بين أسنانه
../ أنقلعي داااخل يا كلبة .. بتفضَحينا عند الرجال
و لكَن هديل وقتها لم تكُن كما الآن أبداً

فقد أستيقظت من ألم الصفعة سريعاً وهي تنطَق بإستهتار تعمدته
../ ليش يا حبيب الهنوووف .. ؟ خااايف على سُمعتك .. و إنت أصلاً بكبرك مـ ....
ليمسك بشعرها بقوة و يجرها نحو الداخل يلقيها في ظُلمة الحديقة الخلفيّة
ثم يبتعد عنها و أخيراً ليتفتت لها و الشرر يتطاير من عينيه
../ أُقسم بالله .. لو شفت وجهك ولا لمحتك قدّام أي واحد من الرجال هنا .. أقسم لا أقتلك تفهميييين

"

لا تَدري كيف أنتهت من هذا كُله
فخاتمه قد أستقر في يده .. لا تَعلم إن كانت قد ألبسته هو حقاً أو قد ملّ منها و أرتداه بنفسَه
هاهي تشِيح بوجهها بعيداً عنه
و تتمنى بحق أن يختفي كٌل هذا و تعود لغرفتها المُظلمة بلا ضوء برتقالي حتّى
نهض هو الأخر وأبتعد عنها

و من ثم نطَق بهدوء دون أن يلتفت لها
../ جّهزتي شنطَتك وأغراضْك ..

عقدَت حاجبيها لوهلة بعدها أغمضَت عينيها وهي تُدرك وأخيراً
أنها سترحل معه
حّركت رأسها بلإيجاب بصعوبة مٌفرطَة

حينما طُرق الباب و دخَلت " خديجة" سّلمت على أخيها وضَحكت معه قليلاً
ثم جلست بجوار هديل وأمسكت بيدها

حينها دخَلت الجَدة وباركت لتُركي ولهديل مّرة أخرى
وهي تتأمل ملامح الأخيرة بحُزن يعتصر قلبها

فحبيبتها تعيش وحيدة رغُم فرح الجميع
وهاهي سترحل عن عينيها فلا تُدرك أي أسى ستتذوقه بعيداً عنها
جُلبت الحقائب و اُحضَرت عبائتها

أرتدتها ببطء وصمت .. ولم تُعٌلق أو تطَلب أي شيء
تشعر بشَدة أن هُناك شبه عميق بين اليوم و يوم تقييدها سجينَة .. عدا أنها دخَلت للأخيرة بشيء من السعادة ... تحتفظ بها
وصَلت للسيّارة و أجلسوها
أختفى الجميع .. و هي تتذكر كلمات جدّتها المُصّبرة
المُعّزية لحالها

أستوى الأول بجوارها و والده يحادثه من نافذته
وأخيراً .. يوصّيه عليها
مطّت شفتيها وكأنها تبتسم و دمعَة حمقاء تُمر من خلالها .. لتثَبت دائماً بأن السعادة ليست سوى حُزن
خرق القاعدة

لم تقابل أي من ذاك المدعو خالها
ولا حتى ريم .. ولا خديجة حتى ..
هل فرحوا وأخيراً لرحيلها ؟
هل هم سعداء لتحررهم منها ؟
رٌبما إذاً ليست في حاجة لتسأل عنهم بعد الآن ... أبداً
أراحت رأسها على المقعد خلفها

و السيارة تحمَلها بسوادها و بياضها
لتلقيها بعيداً .. في مَزبلة
تُقسم أنها ستصنعها بنفسها

*

../ حجرة ورقة مقص .. حجرة ورقة مقص
كّورت قبضَتها .. بينما فّرق هو أصابعَه
فضَحكت بخفة
../ ههههههه .. فُزت

../ لاآآ . أنا إللي فُزت .. الورقَـة تغلب الحجرة ..
عَقدت حاجبيها و الإبتسامة ما زالت معلقة على شفتيها و كّورت قبضَتها
وهي تقول
../ خطأ .. الحجر يسَحق الورقَة ..

../ زيـن .. أختلفوا العلماااء ..

اعتدلت في جلستها و عيناها تجولان في المكان

قبو متهالك .. لكَن كبيــر .. مكتوم و معبأ بالغبار و الأتربة

عدا أن هُناك فتحات تهويّـة .. قليلة قد نُسجت عليها خيوط العنكبوت ..

بينما جَلسـت هي و الطفَل ابن الست سنوات

بالقرب من الباب الحديدي المُفضَي إلى الطابق الأعلى المُتهدّم

و نسرين قد أرخَت رأسها على ذراعها و ربما نامت

أصوات همهمات خافتَة تصَدر من عُتمة القبو

و التي تضيئها بعض فوانيس زيتية قديـمَة

همّها أن تضيئ فجوة الفراغ حولها فقط ..

وتترك الأخرين غارقين في ظُلمَـة

أسندت رأسها إلى الجدار المًتشقق خلفها

و أسنانها تَلمَع إثر إبتسامَة طالتها قسَراً

لأن قلبها مضيئ/ متلئلئ كما لم تشعر في حياتها من قبل .. و تخجَل من أن تبدو هكذا أمامه

فقد تصّنعَت الصَدمة .. و الزعَل

لكَن الحقيقة أن قلبها يتراقص من شدة سعادته

رغُم أنه تركها و الصغير بعدها هُنا ورحَل

شعرت أنها تود اللحاق به .. و البقاء معَه بالخارج

أو حتى تسأله أن يبقى بخير
من أجلها على الأقل
لكَن حيائها يُحسِن إليها لأول مرة في تاريخَه
و يتركها تتقَلب هُنا شوقاً .. و تبتسم
لمَحها ذلك القريب منها فقال بنبرة مُرتفعَة نوعاً ما
../ شو بكي عَم تتضّحكي ؟؟

لملمت ابتسامتها و نحّتها جانباً
وهي تقول بهدوء
../ لييش فيها شيء ؟ ؟

أتكأ عليها وهو ينظَر للباب ..
../ إِمتى بيرجعو الرجال .. أبا كرسيّ ..

حزنت من أجلَه .. فبدا جلياً .. أنه يبذل مجهود خرافي ليبقَى مُستلقي على هذه الأرض الصلبَـة
أسندته إليها وهي تُربّت على كتفِه
../ راجعــيـن .. بإذن الله راجعيــن

و كأنها كانت مع موعِد بهِم .. إذ فُتح الباب بقّوة

وهبّت نسرين بُسرعة من مكانها

و وقفت هي الأخرى خلفها

لكَن القادم .. لم يكُن أياً من رجالهم

بل مُجَرد .. جُنود

إسرائليين

*

جنــــون
05-16-2012, 12:27 PM
تماماً .. كَ أسوأ إحتمال قد تصَفه لنا عُقولنا
أستندت للجدار خلفها .. وسمحت لقدميها المسلوختين
بالإسترخاء قليلاً أمامها
عينها تتأمل تجاويف الجدار المُتأكِل أمامها
و صوت الأخرى يخترق ضجّة رهيبة قائمة
داخل فؤادها
../ بس أكــــيـــد مـــو قتل

أستغرقت بضع من الوقت لكّي تعيد ترتيب أفكارها
وهي تحاول ان تبّسط الأمر على روحها اولاً
../ لا مو قتل ..

جيّد جداً ..، دائماً هُناك ما هو أقسَى من الآمِنا
لدى أشخاص نعشق أن نقارن أنفسنا بهم
علّنا نحرر شيء من الخواء الذي يحتضَننا
.../ بس أنا ... دخَلت بُتهمة .. ههههه . بلاش ما أقول تُهمة لأنني ما اٌتهمت في شيء .. أنا سلّمت نفسي بنفسي

لفّت أناملها الطويلّة محاول احتضان فكّها لكي لا تفغره من دهشَتها
وهي تُردد بذهول خرج في صوتها قسراً
../ إنتي سّلمتي نفـــسـك ..!!
و كأنها لم تَنتبه لـ تعجّب الأخرى
لتُتابع بجُهد
../ كان لازم آخِذْ جزاي ...

رٌبما هي تواسي نفسها .. أو هكذا شعرت " نور" الذاهلة
فقالت تَحُثّها
../ طّيب .. إنتي دخَلتي عشان قضية زنـ .. قصدي يعني قضّية أخلاقيّة ..
إلتفتت نحوها ببطء وشبه إبتسامة متهدلة على طرف
شفتييها

مما حثّ الأخرى على المواصَلة وهي تقترب منها
../ كان زين .. سكتّي على نفسِك .. و

قاطعَتها بحَزم مُرهق
../ لاآآآ .. أنا قٌلت كان لازم أخذ جزاي

../ أنا قصدي لو كان غصَب إلي صار لك فـ..

../ مــــوغصـــب .. مــآ كان غصــب .. كان بكيفي .. أنا رحت له برجليني .. محد منعني .. محــد وقفّني .. حتى بعد ما رجعَت .. محد أفتقدني .. وحــتى لمّا دريـــت
بحملـي .. وسكَت عليــه محد حسّ فيني أو فِ تعبي ..
سكتت لأن شهقَة كبيّرة خَرجت منَها ويدها تمسَح الدموع بقسوة من على خدّيها

../ بس ... بس أنـ ـا .. قلت مادام إنها بتكون فضيحَة ف فضيحَة .. خليني أتعاقب و أنجَلد ..
حتّى ... حتّي لما دخَلت السجن .. بعد 3 أيام خّرجوني لغرفة الإدارة .. فرحت .. قلت يمكن أحد تذّكرني .. بس طلع أبوي .. أكلمه بس ما يرد عليّ
أطلَبه يسامحني .. ما يرد عليّ .. صارخت عليه إنه هو والسبب .. سكّر الخط بوجهي ..
هههههههههههههه

فجأة إخترق حديثها الأليم ضَحك
ضَحكت بهستريا .. فأمسكت بكتفيها نور
تحاول تهدئتها .. وصوت الأولى يتابع
../ هههههههههههه .. تدرين هههه .. كان متصَل ليه .. هههههههههه .. موب داري وش هي فعَلتي .. و بيعرف ينفع أطلع بكفالة أو لا ههههههههههههه.... تعرفي ليــه
.. هههههههه
عشـــآن يســتر على نـفسـه .. و ما تنهزّ سمعَتـه
ثم تقّوست شفتيها بـألم قّوي .. و ملامحها تتمعّر
لعِظَم الخطيـئة !
../ وأنـــآ .. وأنـــــآ .. محـــد لــي
لكن لا .. الله فوووق و هو معـي .. عارف إنّي تُبت
و هّو بيقبلها منّي
و أنخرطَت في بُكاء مرير مُوجَع .. لسامعَـه
و ضّجت العنابر الأخرى بصداه
حتّى تعالي نحيب الآخرين لنشيجها
و بكَـت نور .. حكاية صديقتَـها
هكـذا هُم بعضُهم .. يُكّلف على نفسَه قليلاً
حينما يُقرر أن يُنجب أبناء
و يتكّلف كثيراً .. حينما يتركهُم ,
بلا تَربية !

*
... / لا والله .. دامك خاااايف على العيال و أمهم .. تكون هاذي سواتك .. بالله عليك إنت ما تستحي على وجهك .. تارك جوالك بيد البزر .. و إلي ترسل رسايل عوجا
لأختي ..

أعتلت الدهشَة ملامحه بقّوة .. و الصدق يخَرج صادقاً
بنفسَه هذه المَرة ..
و بدون أن يتحدث
رفع هاتفه .. و عبث به قليلاً .. ثم ناوله له وهو يقول بحزم
.../ ويــــن إلي تقـــــول عنّه .. خذ و فتشّ الجوال .. ما فيــــه شيء .. أكيـــد إنك فاهم السالفة غلط ..
لكَن الثقة لم تُبارح صوته وهو يجيبه
../ وافي ... أنـآ مو جاي أضاربك .. لكَن هي كلمة .. وخلال أسبوع .. وكثيرة عليك .. ورقة أختي توصَلها .. لو ظّلت البزر على ذمّتك ..
و تجاوز بعد أن دفع بإصبعيه أعلى كتفه
و غـــآدر ..
ألــقَــى " وافي " بهاتفه الممدود أمامه وهو يزفر بغضَب
../ يـــــآ ذي السالـــفة إلي موب خــالصيـن منها ..

ثم دلف " بندر " للمكان وهو يهمِس
../ وط صوتك .. صاير ما تستحي ...

أمسك بكوب الشاهي الساخَن و أخذ يشَربه بقّوة
../ بنَدر أقصر الشر .. و أنقلع من وجهي .. و لا بيجيك إلي ما يسَرك

صّر الأول على أسنانه ليكتُم غيظَه و جلس بجوار
صقِر الذي قال
../ و متى بتروح لهم .. ؟؟
../ بكُرة إن شاء الله
تدخّل بندر
../ و سحـر .. وش بتسّوي فيها ؟

../ بضَربها و أرميها من الشباك

ثم نظَر نحوه بقّوة .. جعَلت الأول يعقد حاجبيه
والأخر يكمل
../ مو هذا إلي تبونه .. هه .. المتهم برئ حتى تثبت إدانته

زفر " بندر " بغيظ
../ أعوذ بالله منّك

فتدخّل هنا صقر
../ المهم لا تخلّي السالفة معلقة ولا تعقّدها .. وشف لك حّل مرت الأولى .. إذا هي إلى منها الإزعاج طّلقها .. وتذكّر العيال إلي بينكم .. و لا أقول لك خذهم
وخليهم عند
الثانيّـة ..

عقد " وافي " حاجبيه وهو يرد على الأخر بقوة
../ لاآآآ .. خلّك إنت وحلولك .. أنا بتصّرف مع دعاء

ثم إلتفت بندر نحو صقر وهو يقول
وهو يلتفت نحو صقر ويهمس له

../ أقول .. ترا بحط علم في راسك .. يمكن أمّي تقرر تروح للمزرعـة
أسّود وجهه " صقر " و أختلفت تعابيره
ليتابع الأخر
../ هي عارفَة إنها حاطّـه البنيّـة .. هناك .. بس إلي ما تعرفه .. ويـن وش حالها .؟؟؟

نظَر له بقّوة وهو يحاول أن يبدو طبيعياً
../ وش قصَدك ؟؟

../ إنت فاهم قصدي ..؟ ترا ما تعرف إنك تزوجتها ..

شَرق الأخر بشرابه .. و أخذ يسعُل بشِدة ..
و الآخران ينظران نحوه ببرود
و كُل منهك غارق بأفكاره .. ليقطعها عليهم

../ يا ذا العِلم إلي نسيته .. بتقَتل أمي لو دَرت عن سواتك .. إنت قلت لـأبوك ؟؟

حّرك " صقر " بعد بٌرهَة .. رأسه نافياً وهو يقول ببطء
../ لا .. بس أبـوي حاس يعني لو قلت له ما بيتفاجأ إن تـ

قاطعَه " بندر "

../ لاآ .. بيتفـآجأ لو عِرف من هي إلي ما خذها ... بتجَلطَه .. بس لازم ينتشَر الخبر .. و عمّي إلي هو أبوك .. خلّي إختك تقول له ..و شوي شوي ... نجلس كلنا
مع أمي و نفهمها

زفر " صقر " بقوة
../ زيـن .. تكفى يا بندر .. حاول إنها ما تجي .. على الأقل في هذه الفترة .. صبا بحاجَـة لتأديب .. و إعادة تأهيل قبل ما نطَلقها للناس .. فـــآهم قصدي إنت


حّرك رأسه بالإيجاب بينما ألتزم وافي الصمت
و خرج سامحاً لهُم بالرحيـل
و ترك لأفكاره الفوضَى
على أمل أن يُرتبها بعد حين

،

في الطريق نحو المزرعَة
إنطَلق صوته حازماً في غمرة الهدوء المحيط به
../ مهوب شغَلي .. أكيـد بعد ما بصكّ الخط منّك .. بيسألك عنّي .. قولي له .. إني تزوجَت صبا

أشتدّت قبضَتها هي على هاتفها .. و عينا والدها سارحَة للبعيـد

../ ماشاء الله عليك .. إنت إلي تسّوي المصيبة وأنا إلي أوقف في وجهه المدفَع .. تدري .. منيب قايلــة له و لا شيء .. لين توعدني إنك تأخذني لها ..

لا يُريد هو أن يفعَل .. الكُل يطَلب مشاركته
وهو يتمنّى أن يستفرد بها .. حتى ولو لأيام
نطق بحزم
../ أوعدك .. بس قولي له بأسلوب هادئ .. وعادي

كأنك تفتنّين علي .. مو كأني مرسـلك .. يعني أ
قاطعَته بسُرعة
../ فااهمَـــة .. وأعرف أتصَرف

و أغلقت الخط على وجهه
ألقى هاتفه إلى جواره .. وهو يشعل سجارته الخامسَة لهذا المساء ..
و يداه تقودانه نحوها .. ليتابع
ما بدأه .. سريعاً
قبل أن يكُشف كٌل شيء

*

حتى في السجن الإنفرادي .. لم تكُن وحيدَة أبداً
لكَن هنا .. تعذيب من نوع مُختلف ..
تستلقي بملل في كُل مكان .. حتى تشعَر بالغثيان
من كُل ما يحدث حولها .. وقفت لساعات طويلة
أمام النافذَة تنتظَره .. و تعود بنظَرها
نحو الحبل الذي تركه أرضاً
أمسكت به .. وربطَت يديها به

ووقفت أمام المَرايا تتأمل نفسها
ابتسمت وهو تحدّث نفسها بصوت مسموع
../ لــو ربطَني .. بأقتله
مع علمها أنها أكثر ضعفاً من أن تفعَل ذلك ..

ثم داهم عقَلها صوت ..
وكأنها تتوهم خطواته الصَلبة .. و التي تُهشّم الحشائش
من تحتها
و عندما زادت إرتفع الصوت .. و سمعَت صوت الباب الخارجي
يُفتَح .. أيقنت بقدومَـه ..

عاد نظَرها بإتجاه الدولاب .. الذي أحتضناها قبلاً
تركت الحبَل و أبتعَدت بهدوء عن الباب
حينما ظَهر أمام عينيها الآن

شعرت بصوت قلبها يجلجل بصراخته داخلها
لكَن جّربت كُل الطُرق .. ولا شيء سيمنعه
شعرت به يقترب .. وعيناها عاجزة عن قرأت ما يدور في ملامحه ..
يدَه السليمَة أحاطَت بها .. و أنفها يشَتم رائحة السجائر الفاخرة التي يقتاتها ..

خارت قواها فأمسك بها بقّوة
و جّرها نحو السرير .. هو الأخر مُرتبك لأخر قطَرة
من العرق الذي راح يتساقط منه
ثبّتها على السرير .. و أبدأ في ربطَها
وهي مُستسلمَـة .. لكُل حركة يصَدرها
شيء ما أشبه ببرودة تتسرب إلى قلبها

وعيناها تشتتان النظَر في كُل ما حولها
في الجٌزء البارز من خلفيّة السرير راح يربطَها
وهو يجلس خلفها ليثبّتها بقربه
هكذآ .. يريد أن تمارس هي الحُب أيضاً ولو بتمثيلية
حتى لو قيّداها .. لينال مطَلبَه
لكَن إستسلامها .. أخافَه ..

نطَق بصوت قاسي بارد عكَس ما يُكَن في جوفَه تماماً
../ وش فيــك .. ما ترافسيـن مثل العادَة
و ما فـآجأة هو إجابتها الساخرة .. بصوتها المُحبب
../ وش وله المرافس مع .. حقيـر مثَلك

أغمض عينيه بقّوة .. مُبتلعاً الأهانـة فهو يستَحق ما هو
أكثر .. لكَن يبدو انها فطَنت انها لا تقوى
عليه .. إذاً لا حاجَة لتقييدها
لكَن لرغبَة في نفسَه
قيّدها ..

وأشعَل سجارته وهو يجَلس على الأريكَة أمامها
أمتلئت الغُرفَة بالدُخان المُلوث .. إثر ما يحَرقه
و أما هي فقد أدركت أنها تصّنعت التجاهل كثيراً
فبدأت تسعَل وهي تقول
../ كتمتني الله يأخ*** .. أنقلع من هنا ..

جنــــون
05-16-2012, 12:27 PM
لا تستطيع الآن .. سوى ترقيع كرامتها
من مُنطَلق " قوة العبارة "
أما هو فلَـم يصدَره منـه سوى برود مُطلق
أسندت رأسها بتعب من وضعيتها
التي بدأت تؤلمها

وشعرت بالظَلام ينتشَر بالغُرفَـة
يبدو أن الوحش .. قرر النوم أو الرحيـل
لكَن ثُقل جثَم على السرير .. جعَل الخيار الأول هو الراجح
وإن كان ذلك حقاً .. فهو يقوم به مُبكراً
إذ أن عقارب الساعَة لم تتخطّى التاسعَـة بعد

أنفاسَـه المُلتهبَـة الساخنَـة .. تزيد من حرارة الجو حولها ..
تتمنى أن تتلاشى في هذه الظَلمَة وتختفي .. لتستيقظ تحت وقع .. المياه الباردة هُنـا
يدُه تُحّرك شعرها الطويل الراقد بجوارها ..

فيجتذبه بقّوة حيناً .. و يمسّد عليه و على رأسها في حين أخرى ..
حاوولت ترك كُل ما حلوها أصَم أخرس من هذه ا لضجّة الذي تعتمل داخلها ..
شعَرت به يهدأ .. فبدأ قلبها بالتراجع من جريانه اللاهث
إستدارت بصعوبَـة .. وهي تخشَى أن تحُرك السرير
بما قد يوقظَه
ومع إستدارتها
سقطَت دمعَة إختزنتها منذ البدايَـة .. و أطلقتها حيث لا يراها سوى خالقها
تمتمت بأذكار النوم .. وهي تدعو الله أن لا يجافيها
فعاجلها ربنا الرحيـم .. بنومَـة أخرسَت حواسَها



إستيقظَت بسبب الألم الذي طال ذراعها كُلها
قلَبت نفسها بصعوبـة .. و تنفست بصعوبَـة
فلا أحد هُنـا .. رحل وترك الباب موارياً
نظَرت للساعَـة فوجَدتها الحادية عشرة و نصف زائد عنها
لم ينم طويلاً .. لما رحَل مًبكراً إذاً
صدرت منها آه حارقَــة .. حينما حّركت إحدى قبضَتيها
فقد وثّق رباطها ..
تركت كُل هذا ..
ففي داخل هذه غرفة غارقة في العتمة
تمدد جسدها الضئيل
وأنفاسها المضَطربة جاهدت للالتقاط الهواء
سُحبْ بيضَاء تحومْ حولها
بسمفونيّة مُخيفَة وكأن ذرات الدخان
نور يضيء جوانب الشر
ليكشف هالات الألم بعمق موغر في روحها
يداها المزرقتان من قوة التقييد راحت تؤلمانها بشَدة
وكل ذلك البرد يكـآد يقتلها
فُتحَ الباب ببطْئ شديد
لينتج عنه صرير عالٍ جداً
وتتحرك قدمانْ بوهنْ نحو سريرها
ويد معروقَة تُدخَل وعاءً من الطعامْ
وتلقيه بهدوء بالقرب منها
وصوته المهتزْ يزحف نحوها
فتحشرج في حلقها تنهيَدة ملتاعة
- هذا عشاش يا بنت ... باييش غدوة ( بَ أجيك بكرا ) ،
فتحَت عيناها تراقب رحيله
ورائحة الزنجبيل
تسللت لأنفها بعُنف جعّدت على إثره ملامحها
وكأنهم بدأو بتعذيبها بشكل مختلف
هو ليس وحده المسؤول عن ما ألمّ بها .. حتّى جدتها أو من ربتها لـ كأمها ..
لا تستحق كٌل الـألم المُترع بجذل داخلها
يدها تئنّان تحت وطأة قيدها !
ابتسمت بجذل ميّت ،
../ آكل .... ويدّي ..!
إذاً .. ستنتظَر حتّى يعود الأسد لعرينَـه
ليفكّ أسرهـآ

ذلكَ البحر الممتد
من جرحِكَ البعيد
إلى دمعِ عيوني
تراهُ يبكي
في الليلِ
.مثلنا؟ *
* سوزان

ووآتنفّس رغم هذا الضيق في صدر المدينة ..!
*. . . . وآتبـسّم حتى ـآ لو مابه : عصا ا ا ا ا فير وألوان !

* بتصرف

جنــــون
05-16-2012, 12:27 PM
اللذة السابعة و العشرون

وقفت وهي تجّره لـحضُنها و تستشعر بألم فزعَه
الذي تحّول لإرتجافة قّويـة سَرت إليها
لأول مرة تراهُم من هذا القُرب شيء
أقرب للسعادة جعل قلبها يسترق نفساً عندما رأته هو و أخر يقفان خَلفهُم
رأت نسرين تقف أمامهم بثبات و تسألٌهم بعربية فصَحى
../ ماذا تُريـدون منا .. هذا ملجأ للمرضى وليس ثكنة عسكرية
عينا " فيصل " تُحذرها بأن تبقى على جانب
و علّقت هي نظرها به بودّ غير ظاهر
لكَنّه تشتت حالما سمعت تلك النبرة العربية الركيكة
../ نعلم هذا .. لكن جاءناكم تُداوون .. العسكريين هنا
ثم ألتفت لمساعديه وهو يصَرخ بصوت مُرتفع
ليفهم الجميع
../ أخلوهم من هُنـآ .. و أفصلوا الأطباء منهم عن المرضى
أصوات الذعُر من النساء تنتشر في المكان
صيحات الخُوف من عواقب خروج في هذا الوقت المُتأخر مع حالة المبنى فوق .. أي مكان سيسعُهم
لكَن الناس هُناك ليسوا عاديين فالإحتلال حكاية طويلة لم تُطويها الأيام لكَنها صنعت في دواخل
الأطفال ثبات يجزع منها كبيرنا
بيد مُرتجفَة من نظرات ذلك اليهودي التي يتأملها بإشمئزاز شديد
حمَلت " عمر" ضامر الجسد بين يديها فتشبَثت ذراعاه النحيلتان بعُنقها ، و عينا الصغير تلمح والدته تقترب منهم من الخلف
تَحركت سلمى بدورها حيث الباب
ولسانها يلهج بالدعاء أن يحفظُهم من بطش هؤلاء
لكَن طرف البُندقية أوقفتها من أحدهم
إلتفتت له بعينان شبه مُغمضتان من الخوف
لتسمع صوته الذي يٌغلفه نفس كريه من هذا القُرب
../ إنتي مريــــضـة ؟؟
تلعثَمت و أرتبكت لتسمع صوته هو من على بٌعد
../ نعـــم هي مريـضَـة .. دعها تتحرك
أبعد وجهه عنها و رفعه نحو " فيصل " الذي يقف أعلى الدرج و أعطاه جانبه ليكُمل ترتيبه لهذا الأمر الذي لم يتوقعه بتاتاً
تنفس براحة حين وجدها و قد أصبحت أمامه
همس لها
../ معك أوراق الإثبات ..
حّركت رأسها سريعاً وهي تجيبه بذات الهمس
../ نرجع للمركز
هذا ما تتمنى سماع الإجابة عليه في هذه اللحظة ..
تفتقد أخوها وبشدة .. وهاهم تشّردوا قسراً
لا مأوى لهُم سوى هُناك
رأته يأخذ نفساً عميقاً وهو يدفعها أمامه بلُطف
../ روحي اللحيـن معاهم .. وبعديـن بنتفاهم
لو كان الموقف أكثر إعتيادية بالنسبة لها
لتسّمرت في مكانها بدون أن تتزحزح حتى
تحصل على جواب مُطمئن
لكَنها أبتعدت وكم هائل من الخوف يتسلّق جوفها
ليضيق بها .. و تستشعر ثقُل عمّر رغُم خفّة وزنه
لحقت بالسيدات و عيناها تتابعه من خلف كتفها
و ابتسامة مُحرجة تظهر فجأة ثم تختفي
حتى أختفت أجسادهم في الظلال يقودهم أحد المُمرضيـن
لمأوى أكثر بُعداً
عن بيت لآهيا .. وعن حُسام
تعود بأنظارها للوراء لتجد كُل ماخلفها موحش مٌظلم تعودوه
وصلو لمنزل صغير جداً وقفت صاحبته لدى الباب
دخلت و جلست عند أول زاوية تُصادفها أراحت عُمر في حُضن والدته و دمعَة تنزلق على خدّها المُتسخ
لتشٌق طريقها نحو الهبوط
إتخذت ركُن لها وعقلها يتحرك بسُرعة قصوى مُحللاً كُل تلك الأحداث التي مّرت بها
لوكانت تُدرك من أشهر قليلة سابقـة أنها ستمُر
في كُل هذا الألم و الحُزن والخوف
و الجوع أيضاً
لما تكبّدت عنائه .. لكَـن سعادتها بزواجها لا تقاوم
ابتسمت بحرج في وسط الإضائة الخافتة للمكان
وهي تسترق النظر للوجه علّ أحدهم رآها
ثم عادت لـ عالمها وعقلها يطير لتلك اللحظَـة
"
ترتدي عباءة ضيقة تكشف أكثر مما تستر و يخرج من بين فتحتها الطويلة ساقيها الدقيقين يخرجان بإغراء
واضَح مع بنطالها الـ " سكيني " التي ترتديه
ومما ساعد على بروزه أكثر هي
خطواتها السريعة المُتعجّلة و صوتها ينطَق بتوتر كبير
لـ صديقتها أمامها
../ لولو .. ياويلي .. شكله شافني
لتنطَق الأخرى على عجل وهي تنحرف يميناً
../ إنتي خبلة .. ورطّتينا مع ذا الغبي .. قلت لك لا تورينه وجهك ..
إعتصرت هاتفها وهي تبحث بسُرعة عن رقم السائق
الذي تركته بإنتظارهم أمام البوابة
لقد اختفت " صديقتها " وتركتها .. تباطأت خطواتها تبحث عنها بعينيها
لكَن صوت حديدي مُستعر من خلفها نطق
../ إنتي ما تستحين على وجهك ..
بقيت مُتصنّمة على وضعيتها و الأخر يكمَل بقوة و صرامة
../ خارجة بهالمنظَر للشارع ... وهذا وأخوك حاطك فوق راسه .. أجل لو هو مهوب معّبر لك حال .. وش كان سويتي
إزدردت ريقها حينما لاحظَت أنظار المارة لهُم
إلتفتت نص إلفتاتة
../ لو سمحــت .. مالك حُكـم عليّ .. فلا تجلس تقرقر
كثير
وأنجدها صوت الهاتف .. حيث صديقتها
تنتظرها بجوار السيارة

*
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

مررت أناملها الرقيقة على شفتيها و ذكرى مُحاولتها
حينئذ مسَح أكبر قدر من مُلمع الشفاه
و لتقليل من حجَم الكارثة التي أحدثتها
تتذكَر جيداً ليالي الخوف التي حاصرتها
فقط لكي لا تسٌقط من عيني شقيقها
لكَنها تعلّقت بالأول مع مرور الأيام
لأنه صمَت ولم يُخبره بها .. تدُرك بحاسَة أنثوية
أنه ربمُا مازال غاضب منها مع أن الحكاية قد مر عليها ما يقارب السنتين ..
و متأكدة أنه ما زال يتذكرها
رفعت عينيها لباب الحُجرة الصغيرة التي تحتويهم
لتجد صاحبة المنزل وزوجها العجوز يناولون النساء و الأطفال القليلين الذين لحقت بهم خُبزاً ليأكلوا
أيدي الجميع تتناوشه لكي ينالوا حصصهم
وصَلت لها قطَع صغيرة أنحنت و وضعتها بجانب " عمر " النائم بجوارها
و صوت إنفجار بعيد يُسبب إهتزاز ضعيف لجدران المكان
يعود ليثير خوفها الذي لم يتبدد للحظَة أبداً
أسندت رأسها وهي تتنفس أكبر قدر من الهواء
الملوث برائحة البارود
و تدعو الله بصدق .. أن يلطُف بهم
و ينُهي خوفها

*
أستغفر الله العظيم

بالخارج نام الليل بكآبة و أضواء حمراء تُنغّص منامه
أثار نيران مُتفرقة بين هُنا وهناك
صيحات مكتومَـة و أهات نازفة ..
أعينُهم تفيض من الدمع و قلوبهم ترتجف بشدة
فقدوا الكثيرين مع آخر غارة
و بات المكان مُظلماً كئيباً بلا كهرباء أو أي وسيلة
تُذكر بالحياة
هو ترجّل من دراجته النارية
و تركها لفتى في السابعة عشر من عُمره
أسّر إليه حديثاً , فبدت أماراه الحماسة على الأخر
ركبه وأنطلق به مُبتعداً صوب " بيت لاهيا "
بينما أنطلق خالي الوفاض لا يحمل معه سوى بضعاً من حاجيته .. و عقُله المُثقل بالتفكير
مع أي فوج رحلت هي .. ؟
أي ركب أقّلها بين جنباته ..؟
ساعات قليلة تفصَلهم عن إنفجار آخر ..
هل سيدركُها قبل فوات الأوان
لمَا يشُعر بكُل هذا القلق الرهيب عليها
هل لأنها أمانة أخيها ..
أو رُبما لأنـهـآ
قًطع تسُلسل أفكاره صوت حاد يعرفه
../ دكتور فيـــصل ..
رفع بصره نحوه و تقدم بخطوات سريعة باتجاهه
حيث وقف الأخر خلف كُتلة مُحطمة من بقايا منزل مُتهدم
أمسك الأول بذراعه و بقوة سأل
../ ويـن أخذتوهم ..؟
شد المُمرض يده من بين قبضَتيه
وهو يُجيب بصوت هامس ونبرة خافته
../ معرفش يا دكتور .. بس أتفرئنا لنُصين ..
زمجر القلق بشدة في روحه
فأغمض عينه بقّوة وهو يسأل بمُباشرة
../ إيـه .. ويــن " المُمرضة " و نسرين .. مع أيهُم ؟
ثم بدت علامات الحيرة على الأخر
ليشد الأول قبضَته من جديد ثم دفعه أمامه وهو يهتف
../ أقول .. تحّرك .. ودنّي عند إلي تعرف مكانهم
تحرك الأخر سريعاً امامه
و عقل " فيصل " يحُلل في جُزء من الثانية مُوقفه
فلربما أحدُهم يعلم بأي طريق سلك أولئك الأخرين
لم يكُن مع تقسيهم لكَنه امر لا بُد منه
لا مكان يسعُهم
أجتاز به الأخر الأزقة .. ومّر بالعديد من المناظر المؤلمة
من الصعب جداً .. أن يكون الرجل عاجزاً بذاته
لكَنه طبيب يعشق الوقوف على مداوة الأخرين ويرجواراحتهم
وها هو يراهم دون أن يساعدهم .. عاجز تمام
لا يحمل سوى أمتعته التي عليه و القليل الأخر
وصَل لمنزل صغير
توسطَ ساحة مُشجرة بأشجار الزيتون المُنتشرة في هذه المنطقة
وقف بالخارج حيث نُصبت خيام بلاستيكية صغيرة
لحالات كهذه ..
خرجت " نسرين " مُسرعة من المنزل وهي تتجه نحوه
فأبتسم براحة مُطلقة وهي تٌبادره
../ الحمدلله على السلامة .. دكتور فيصــل
حّرك رأسه بالإيجاب وهو يجيبها مع شبه إبتسامة
../ الله يسلمك .. " سلمـــى " داخِـل ؟؟
حّركت رأسها بإبتسامة كبيرة وهي تجيب بنبرة دافئة
../ إي .. نايمة .. أناديها إلك ؟
لوح براحته نافياً وهو يجلس على الأرض
../ لاآ .. خلّيها ..
تركتُه .. وهو يحمد الله على سلامتهم جميعاً
ثم تمدد و رقد فوراً .. دون أن يعي
فجسَده المُرهق لم يتذوق النوم ليومين أو يزيد
بينما قلب آخر أشد براءة يرقَد بالداخل
ويحُلم بأماني
تقع بالقُرب منه
مُباشرة

*
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

../ الســـلام عُليكم .. !!
نهضَ بسرعة وهو يصافحه ثم أحتضَنه بشدة
../ وعليــكم السلام .. مرحبــآ بك في ملجأنا الثاني
إبتسم الأخر بتعب و مشاق السفر تلوح على وجهه
../ هههه يا ثقل دمّك .. وين تجلس بس ؟ .. و شّيل ذي الشنط كسرن متوني ..
حمَل حقيبته " الإسعافية " سريعاً و فتح باب الخيمة و ألقاها بداخلها
ليبتسم الأخر
../ الله .. تنام في هالخيمـة .. و الله أيـآم يـآ فيصل
ثم إزدادت إبتسامته وهو يقول بهمس
../ أقول إلا ويـن أختي .. ؟ لا تقـول لي إنك أكلتها
ابتسم الأخر بصفاء و أريحية
../ هههههههه .. غول قالولك .. أختك داخل و ترا درت بالسالفة
اتسعت عيناه بصدمة
../ مـــسرع ..
حكّ شعره بسخُريـة
../ وش نســـوي عـــآد كــآن لازم
قاطعه صوت الأخر وهو ينهض
../ أقول قم .. شف أحد ينادها لي .. أشتقت لها
*
أستغفر الله العظيم

بدآخل وصَلها الخَبر الذي تلقّفته بهجَة و فرح
رغُم كُل هالات الحُزن التي تُحيط بها .. تفتقد جُزء ما في روحها ..
بعيدة عن موطنها حتى لو لم يكُن هناك من ينتظرها
غُرفتها .. نومها .. وراحتها
تفقد الأمن هُنا
أصبحت أمامه تراه كيف هزُل و أنحسرت وجنتاه على خدّيه
إقتربت منه بسُرعة و فزع مُحب همست بعُمق
../ الحمـــد لله على سلامـتك يا خوي ..
تلمست وجهه حينما أحتضَنها إليه وفزعها ينتشَي في صوتها أكثر
../ وش به وجهك صاير كذا .. ما تأكل وأنا أختك ..
تأملها بحُب أخوي كـعسل مُصّفى على قلبه المُشتعل
../ و الله إنتي إلي ضعفــآنـة .. و شكلك مو عاجبني أبد
أنخرطت في بُكاء لا تدري ما سببه .. لكَنها
تلتمس بضعاً من الأمان هُنا بين يديه
أمّا الأخر وقف بعيداً بعد أن ناله من حوارهم جُلّه
و أستفّزه بقّوة منظرها الأليم .. ثيابها الرثَة و الدماء في مُعظمها
حتى حجابها هشّ رغُم تماسكُه
لم يستطع أن يفُرق بينها و بين سيدات من هُنا
لكَنه تذكر أن ملابسها التي أحضرها من أجلها
طُحنت تحت ذلك الملجأ المُنهار
قطَع سيل مشاعره رنين الهاتف
الذي ألتقطه بلهفه وهو يقول لـنفسه
../ زيــن جات فيه شبكة هنا
تحدثّ مع الطرف الأخر قليلاً و بصعوبـة
أستمر الحديث لضعف الإشارة
ثم أغلقه و الوجوم يعلو ملامحه
صوت آخر نطق بقوة من خلفه
../ وش فيــه .. عسى ما شر
عاد إلى السور المنخفض و أتكئ عليه بذراعيه
وهو يحاول أن يشتت نظره عن منظر تلك التي تختبئ برأسها فقط خلف أخيها
لعينيّ الأخير و أشار بإشارة ما
ليلتفت " حُسام " لـأخته وهو ينطق بحزم
../ أدخلي داخل .. شوي بناديك مّرة ثانية
لفّت طرف جلالها الأبيض حول سبابتها وهي تقول بحرج لموقفها
../ بــس أنـ
قاطعها وهو يضَع يديه على كتفيها و يدفعها بلطف أمامه
../ لو سمـحتي شّـوي بس .. و برجع وأناديك
دخلت بالقوة وعاد الأخر ل"فيصل " وهو ينطق بقلق
../ هاه .. وش كُنت بتقول لي ؟
إلتفت له الأخر و الوجوم يخيم على ملامحه
../ ما لنـآ قعدة هنا
حّرك الأخر يده وهو يقول
../ كلنا
حّرك رأسه بالنفي وهو يجيب
../ لاآ بس حنا الرياجيل .. يقلون إنهم بيجتاحون المنطقة هاذي .. وجودنا خطر على النسوان
عقد الأخر حاجبيه بقوة من خطر الموقف وهو ينطق بحزم
../ أجل نختفي من هنـآ .. بس وش إلي يضمن لنا إنهم ما يأذوهم
ازداد طنين موجع في إذن الأخر وقلبه يخفق بتوتر كبير
../ و لا شــــي ..
ضّرب كفيّه ببعضِهما وهو يلتفت حوله بسُرعة كعادة يتبّعها عند خوفه و تفكيره
../ أجل قم .. خلّنا نقّدم بالنسوان قدّام .. و حنّا نبدّل ملابسنا ونلبس مثل أي مواطـن ..
عقد الأول حاجبيه من غرابة الفكرة
../ لاآ بـــس حنّا عندنا أوراق تثبت إننا أطـ..
../ إنــسـى الأوراق وسالفتها .. هذآ إجتيــــآح
*

جنــــون
05-16-2012, 12:27 PM
أستغفر الله العظيم

فٌلول النساء تتقدم ببطء بسبب الأطفال و العجائز بينهم
بينما تتحرك خطوات الشابيـن
تتبعهم " سلمى " كـظّلهم ..
يتفرّقوا و يتوقف كٌل منهم على حدى أمام أي منزل كبير
قد يستوعب العدد القادم منهم
لكَن الرفض القاطع كان إجابة الجميع
لكَن فيصَل و حسام لم ييأسا أبداً
رغُم اليأس الذي حّل على سلمى .. حتى خشيت أن يبقى الجميع مُفترشاً الأرضا ومتوسداً الحجرة هذه الليلة
لكَنهم توقفوا آخيراً أمام منزل كبير
و طَرق فيصل الباب عدة طرقات
فتأخر الجواب
حسرة انتابت الجميع .. و الدموع فاضَت من عينّي " سلمى "
تألم حُسام كثيراً
فهمّ بكسَر القُفل .. لكَن صوت حركة صدرت من داخل المنزل
تبعها إستدارة لقفل الباب
ثم ظهر رجُل مُســن يرتدي ثوب أبيض مُشع
تفّرس فيه " فيصل " الصلاح و التُقى
فبادره بالمُصافحة وهو يقول
../ نبيـك تضُف ذولي المساكيـن و أنا و خويي موب معاهم
تأمل الأخر العجزاء الذين استلقين على الأرض بإنهاك من طول المسير
ثم و بعد بٌرهة .. وافق على ذلك
و أدخلهم إلى المنزل .. شرط أن لا يدخلوا معهم
فوجود رجال قد يُلحق المصيبة بهم جميعاً
و لدى الباب بكَت بشكْل موجع
وهي تحَلف يميناً مغلظاً أنها ستتبعه و لن تتركه مرة أخرى
../ خلاآآص .. أرجوووك .. تراني حلفـــت .. لا تنكَث بيميني يا خوي وتقهرني .. خذني معك
غضب و ألم نفَى ذلك وهو يقول
../ و يــن أخذك مالــك مكــآن أجلسي هنا .. و أنا بخليـك المسؤولة عن المكان
مسحت وجنيتها بظاهر كفّها وحجابها ينزلق من مقدمة
شعرها .. لتتساقط خصلات وفيرة من شعرها الكستنائي
وهي تعود لتمسح عينيها بقوة
../ إييييه .. بزرر أنــآ تقصّ عليّ
لكَن لم تستوعب للحظَة لتلك اليد التي حجبـت حُسام عن ناظريها
فجّرها هو بقربه .. أدخَل شعرها الظاهر تحت حجابها
المُهلهل وهو يقول بحزم
../ لاآ منّب مخلّينك هنا .. بتجين معنا .. بس ها تسمعيـن الكلام ..؟
مع الجملة الأخيرة رفع سبابته مهدداً
فأنكوى وجهها بحمرة خجّل تبخّرت من حرارتها دموعها
هُناك وهي تخفض نظرها و تقول بإصرار رغُم خجلها
../ بسمـع كلام ..
إلتفت وهو يلتقط قبضَتها في حُضَن راحتيه
و رحل وشيء ما لا يكنهه يتحّرك بسعادة في قلبها
زجره مراراً لكَنه أقوى منه
ابتسم لذلك بشّدة .. و أخفاها
و هذه الابتسامة لأن عينا " حُسام " الهازئة تلحق بهما
قارب خطاه وهمس بخفّة
../ أفااا .. طحت و محد سمى عليك ..
حّرك يدها للأمام ليقربها أكثر .. ثم أحتضَن ذراعها
وهو يشعر بإرتجافتها .. فشّد عليها
ليبثّها شيئاً من الطمأنينة
و غرقت أجسادهم في ظلام الليل
وعقلها هي يتذكُر دمعتين ذرفتها " نسرين "
و إبتسامة خالصة لـ " عمر "

*
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

وصلوا لنقطَة مخيفة .. وتوغّلوا في الأنحاء بعُمق خطير
غرضُهم الخروج من بيت لاهيا .. و الذهاب لـغزّة تحديداً فالناحية هُناك أكثر أمانا ..
و بإمكانهم بعدها العودة إلى الوطن ..
توقف " حًسام " عن المسير فجأة .. ثم تراجع خطوات إلى الوراء وهو يشير للأخر
ويقول بهمس خافت
../ فيه صوت سيّارة .. شكَلهم جنود ..
عقد الأخر حاجبيه وهو يقترب بالأخرى نحو الحائط القريب
../ أصبروا هنا .. أنا بقّرب من ناحيتُهم وأشوف
غُصّت هي .. أما الأخر فقفز أمامه وهو يتبعه بتهّور
../ لا والله إني سابقك .. إنت إلي خلّك معها
رفع سبابته أمام الأخر وهو يصّر أسنانه بقوة
../ أقول مهو وقتك .. خلّيني أقّرب وأشوف ..
إختفى لدقائق
زادت قليلاً فأثارت القلق في قلبيهما
وصلوا لحيث أزداد الصوت وأعتلى
و رأوا طيفه يقف على الجادة المُقابلة لهُم
فهناك في الوسط وقف الجنود يمشّطون المنطَقة وأتخذوها مقّراً مؤقتا يحشون به أسلحتهم
الشارع ضيّق بإمكانهم الإسراع فقط في خطواتهم
شرط أن لا ينتبه إليهم أحد
و في وسط الطريق حُطام المنزل في الناصية الأخرى حيث " فيصل "
إزدردت " سلمى " ريقها وهي تحاول إستيعاب
صعوبة الموقف
../ بنروح لـه .. هناك
حّرك الأخر رأسه بالإيجاب وهو يمسح العرق الذي تصّفد على جبينه من شدة توتره
أشار له " فيصل " بيده بمعنى أنتظَر
و بدأ بالعد
لكَن الأخر لم يُلاحظ ذلك أبداً إنشغل " بسلمى " التي تفّوهت بشيء ما مُعربة فيه عن قلقها
فدفعها أمامه بقّوة ولحق بها ليحميها بجسده
ولم ينتبه للصخرة التي تعثّر بها
قفزت بسرعة لحيث كومة الصخور
ولم تشعر إلا بيدان حديدتان تُطبقان عليها
و تدفعها بشدة بعيداً عن للناحية الأخرى
لهثَت بشَدة حين تناهى لها صوت صيحات
المُتفرقة و إطلاق نار .. فسقطت من شِدة الخوف
مُغمى عليها ..
أما هٌناك لدى حُسام
فالمفاجئَة شَلت حركتَه بينما تحركت يداه
بتلقائيّة ليغلق أذنيَه ويحمي صَدره
وأرتمى جسَده بقوة نحو صَخرة كبيرة
أفلتت منه آهه في وسطْ الظلام وعيناه تتأمل أسَنة اللهبْ
هُنـآك على بُعدْ مسافَة منه
زحف الأخر بإعياء شديد وهو يشعر أنه يفقد التوزان شيئاً فشيئاً
وما أن وصَل لذلك الحاجز من الحجارة وألتف حوله
حتَى قال بضَعف
حسام ... ياغبي مو قلت لك أنتظَر لين ما أعدْ ../
لكَن عينا حسام النادمَة أقتربت منَه
تأمله
والأخر يشَعر بسائل بارد ثخين الذي راح يغطي عينه اليمنى
آخر ما سمعه هو صرخة حُسام المنفعَلة
سلمى .... سلمى.. ../
وثم أختفى كُل شييء
وأغلق عينيه هو على أبتسامَة
وخيالاتْ

الدفء الحقيقي موجود
لدى القلوب الأكثر إشتعالاً

أشره على الزفرة
لا باحت بالألم

جنــــون
05-16-2012, 12:28 PM
اللذة الثامنة و العشرين

عندما نتحسس بحرارة
مشاعرنا الجليدية
فأن الجليد هو ما سيحّول تلك الحرارة لبرودة مُستعرة
على هذه الكلمات أغلقت كتَاب " كيف تقّوي ثقتك بنفسك "
المُهدى لها من قبل مركز رعاية خريجات السجون و أسُرهم

مسحت كفيها ببعضهما .. بملامح لا تحمل " هديل " الأولى
و لا تلك الهديل السابقة
ملامح جديدة لا تندرج سوى تحت البرود و الذُل
أسندت رأسها على حافة الأريكة الفخمة التي ترقد عليها بنصف جسدها
وهي تتأمل السقف المُزيّن بزخارف جبسيّة
أسرف كثيراً .. في إكرامها
رغُم أنها مُجرد حثالة لا تستحق أن يبتسم في وجهها حتى
الأخير لم يكُن هنا أبداً .. بل فقط على بُعد أمتار منها
لكَن الوضَع هذا يريحها
نهضَت بجرأة صنعتها بعض من تأثير الكلمات التي قرأتها قبل دقائق
رتبت الجلابية البنفسجية التي ترتديها
تأكدت من سلامة شعرها المجّدل و المُلقي بإهمال على كتفها
و خرجت من محبَسها

خطوات مترددة تتخذها بشكل مغاير نحو
الصالة الكبيَرة
حيث توزّع في المكان المُعتقّ بالبني الغامق
كنب جلدي بٌنيّ و إضاءة صفراء خافتة
مما أضاف على المكان طابع رجولي بحت
نظرت حلوها برهبة واضَحة كهذا منظر
يجعلها تختنق بوجوده حولها رغم يقينها بغيابه
جلست على إحداها لدقيقة أو يزيد
بعدها نهضَت وهي تقول لـنفسها
../ بسم الله عليّ .. أنهبلت جلست بتصّور مع المكان
أنشغلت بفتح الشاشة التلفاز الكبيرة و
ففتحته كما أرادت فهي ماهرة في مُشاهدته سابقاً
عادت نحو الأريكة جلست على طرفها
ثم نهضَت وهي تهمس بضجَر
../ أوووف .. أحد يحطّ كنب بعيد عن التلفزيون ..
التقطت إحدى الوسائد و ألقتها أمام الشاشة
استلقت و بدأت في تقليب القنوات

ثقل ما راح يزحف نحو قلبها .. ويجثم على صدرها
كل تلك المشاهد والأفلام هوسها السابق
يمُر من عينيها بعد أن يجفف حلقها بمرارة غريبة
لأول مرة تشاهد التلفاز منذ خروجها
أو بالأصح منذ أعلنت قيام الحدْ ..
و أضأت ظُلمات السجن بعبادتها
تحولت حتى أنفاسها لإمراءة أخرى
لا يصَح منها كما السابق سوى اسمها
زفرت بخفوت تبدد به أكوام الأفكار من رأسها

للحظَة أنتفضَت بعنف حينما دوى رنين رنة إعتيادية في أرجاء المكان الخالي
ليصَدح صداه في قلبها
توجهت بعشوائية وإرتباك لكُل صوب
فقد نسيت أمر هاتفها تماماً
ذلك الذي أُعطّي لها كهدية من " خدوج"
لكَنها في الحقيقة رأته قبل ذلك بأسبوع مُخبأ
في حُجرة جدّتها

عبثَت بحقيبة يدوية اُعدت لها مُسبقاً
فوجدته
و أجابت
../ هلاآآ
خرج صوته صافياً عذباً يحمل إبتسامتها
../ هلاآآآآآآ والله بالعروووس .. ها طمنيني بس مبسوطة .. قولي لي إنه شيء حلو .. ؟
ابتسامة استهزاء مريرة فرجت بها عن أسنانها الأمامية
وهي تُبعد غُرتها عن وجهها وتجيب بسخرية
../ إييييييييييييييه مّرة

وصَل للأخرى صوتها .. لتجيبها بهدوء
../ زيـن بقولك ... أنا جد منحرجة من نفسي .. كُنّا على أساس إنه نخلّص وهو قال بعدها بيخرج يسلّم عليك .. بس ما أمدانا نخلّص إلاّ و لقيناكم رحتوا
حتى إنا ندمت إننا طولنا ولا لحقنا عليكم

بللت شفتيها بهدوء وهي تلمح إنعكاسها الباهت على المراءة أمامها
../ إذا على الخال ف ما عليه شره .. رجّال ما شفته في حياتي .. ف حاله حال الغريب .. وإنت مسموحة يا قلبي ما قصّرتي طول الأيام إلي قبل معاي

ألمَها قولها عن " زوجها "أولاً وخالها هي ثانياً
تكَلمت عنه بطريقة باردة جداً جعلتها تهمس بعدها بوجع

../ يمكن كلامك صح .. على العموم .. أمّي وحنّا مفتقدينك .. فمسّوين حفلة صغيرة هنا بالبيت على شرفكم .. أبيك تتكشّخيـن و تتظبطّيـن بنات شادية أختي جايين من
الشرقية .. يعني أبيك وآآآو .
.
../ زيـــن ..

../ طيّب منتظريـنك يا الغلا .. سلاآم

تركته بجوارها ونهضَت بتثاقل لـ سُجّادتها
لم تُكبر للصلاة
وإنما عقدت يديها أمام صدرها ووقفت تتأمل النافذة أمامها بصمت مُطبَق
عقلها يُحلل مُليـون حدث .. و خالها التي كادت أن تنساه يعود لذاكرتها
لا تريد منه أن يراها بل ترجو فقط أن تراه هي من بعيـد تتأمل فيه أمّها
ثم تَرحل ببقايا صورة .. لها

صوت خطوات و اصطكاك المفاتيح يرٌن بقوة في الأنحاء
ثم إتسع الباب الموارب بصرير خافت
و دخل
عندها أغمضَت عينها لدقيقة ثم كبّرت للصلاة
صلّت طويلاً .. بسكون لا تؤديه
لكَن عند هذه الآية انحنى رأسها
و تساقطت دموعها
حاولت التهام الأنفاس لتُكمَلها
"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
* ولا يأتَلِ أولو الفضِل منكُم و السعة أن يؤتو أولي القربى و المساكين و المهاجِرينَ في سبيل لله و ليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكُم
تحبون أن يغفر الله لكُم
تحبون أن يغفر الله لكُم و الله غفور رحيم "

إبتلعت في حلقها الكم الباقي من ألمها وسجدت إلى الله ترجو عفوه هو ومغفرته لها
أنتهت من الصلاة وهي تتذكر أنه هُنا

صوت ثُقله المُتحرك على السرير يصلُها ربما هي المرة الثانية
أو الثالثـة التي ياتي إلى هُنا
../ تقبــــل الله ..

رفعَت يديها و مسحت وجهها عموماً ثم إلتفتت له وهي تحمل سُجّادتها بيدها الأخرى
../ منّا ومنـك .. تعشيـــــت ..!

لم تكُن ملامحه تشي بشيء فهي زوجة تقوم بكُل واجبتها
لكَنه كُتلة جليدية مُتحركة .. ربمُا شتم نفسه مراراً على تهوره
وأخذها .. لكَن رغبة حمقاء جعلته يتمنى أن يراها بعد السجـن
كيف أصبح منظرها .. كان يود أن يستلذ بذلك فلطالما حذّرها
ضربها و أهانها لكَنها كانت غبيّة مُتعجرفة
ومنحرفة قذرة ليس إلاّ
أما الأن فهي كُتلة البياض الروحي .. النور الربّاني المُغطي لملامحها
قٌربها الشديد من ربها .. جعلها تتشبّث بمنطقَة جديدة
يتحسسها لأول مرة في قلبه
شيء جديد إسمُه الحُب .. حُب لم يعتده قبلاً
حُب إنحرف هو الأخر ليبحث عنه .. لكَن هي أعادته لمنزله و لسكُنى الديار
التي هجرها طويلاً

حركّت كفّها أمام ملامحه السارحة وهي تعود لتقول بجدّيـة
../ هلاآآآ .. معااااي ..
وعندما انتبه لعينيها الزجاجتين أمامه أكملت هي وهي تصد عنه
../ أقـولك تعشيـــت
إسترخى في وضعيته أكثر وهو يجيبها ب برود
../ لاآ ..
فقط يُريدها أن ترحل في هذه اللحظَة عن عينيه
يكبُت رغبـة في جذبها لداخل قلبه .. في تأمل عينيها اللامعتين
و خدّها الندي دائماً ..
إلتقط بفضول إحدة الكُتب المُلقى على السرير
ووقع بين يده " اسعد امراءة في العالم " للشيخ عائض القرني
فتح صفحة بحذر صفحة مطويّة يبدو وكأنه وصلت إلى هُنا
و وقعت عيناه على هذه الحروف

العقد الثاني : قليل يسعدك ولا كثير يشقيك
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت ، أتاح لها لسان حسود

عمرك المحسوب هو عمر السرور والفرح والرضا والسكينة والقناعة ، أما الجشع والطمع والهلع فليس من عمرك أصلا ؛ فهو ضد صحتك وعافيتك وجمالك ، فحافظي على الرضى
عن الله ، والقناعة بالمقسوم ، والإيمان بالقدر ، والتفاؤل بالمستقبل ، وكوني كالفراشة خفيفة الظل ، بهيجة المنظر ، قليلة التعلق بالأشياء ، تطير من زهرة إلى
زهرة ، ومن تل إلى تل ، ومن روضة إلى روضة ، أو كوني كالنحلة ، تأكل طيباً وتضع طيبا ، وإذا سقطت على عود لم تكسره ، تمس الرحيق ولا تلسع ، تضع العسل ولا تلدغ
، تطير بالمحبة ، وتقع بالمودة ، لها طنين بالبشرى ، وأنين بالرضوان ، كأنها من ملكوت السماوات هبطت ، ومن عالم الخلود وقعت .

إشراقة : الله يحب التوابين ؛ لأنهم رجعا إليه وشكوا الحال عليه
ومضة : الحمد لله الذي أذهب عني الحزن

أغلقَه ليرى المُلصَق الكبير
كُتب فيه " كتاب من سلسة الكُتب المختارة من دار رعاية الفتيات
و حدة خريجات السجون و أسرهم "

لوهلة أدرك حجم ذلك البؤس الذي تُحاربه داخلها
لكَنه رجُل عاقل .. هل سترضَى له نفسه يتزوج إمراءة تزوجت
حراماً قبله .. ؟
عند هذه النقطَة أشمئّز بشدة وهو يلتفت لها
وهي تقول بهدوء
../ العشاء جـآهز ..
نهضَ وهو يشير لها بسبابته " أن أتبعيني "
ففعَلت ما أرد
وصَلت حيث وصَل قبلها وآشر لها بالجلوس .. ففعلت أيضاً
و بدأ في الأكل دون أن يدعوها لمشاركته
لأنه يعلم مُسبقاً أنها ستفعَل
قاطعه صوتها الخافت يقول بحرص

../ اتصلت علي عمتي " الريم " تقول على عزيمة غدا مسوينه في بيت جدتي

أجابها وهو يتأمل ملامحها و بذات عينيها الخاشعتان نحو الأرض
../ داري .. ولجَل كذا قومي هاتي لي الكيس الأسود من برا
خليته عند المدخل
نهضَت مُلبيّه لطَلبه ومازلت يداها تداعب طرف الجلابيّة بقلق
لا تُدرك كُنهه
وصَلت للكيـس الكبير .. إرتابت لوهلة
وكانها بدأت فهم أمراً ما
أوصَلت له و تركته إلى جواره
ثم همّت بالخروج فلا داعي لبقائها
لكَن صوت الأمر نفذ لـقلبها الواهن بقّوة
../ مــآ قلت لك روحـــي .. أجلسي مكانك أشـوف
جلست حيث أمرها بجواره مُباشرة
بقيت تتأمل الفراغ إلى حين
وهو يأكل ببطء شديد .. أخيراً دفع الكُرسي و أبتعد عن الطاولة
نهضَت سريعاً وهي تحمل الأطباق من أمامها
فتكّورت قبضَته حول معصمها
وزفر بغيظ مكبوت
../ وبـعديــن معك يعني .. أنثبري بمكانك ..
تركت ما بيدها وتُلبس ملامحها جموود
رفع الكيس الأسود جواره
و أخرج ما به .. فُستان ليلكي
متلألئ بشدة ..
اتسعت عيناها بذهول وهي تراقبه
وهو يرفعه أمامها ويقول بنبرة آمـرة
../ هـذآ إلي بتلسينه بكرة .. و ما أبا أسمع إعتراض
لفّه مُجدداً وألقاه نحوها
نظَرت نحوه وقد أستقر فوق حجرها وعلى ذراعيها التي رقدت هُناك مُسبقاً
فردته مُجدداً ببطء
ثم رفعَت بصراها نحوه وهي تقول بقوة عجيبة لم تعيها هي نفسها
../ ما تبي تسمع إعتراض .. يعني كُنت متوقع إني أعترض .. جايب لي
أفصخ فستان في السوق عشان ألبسه قدام خلق الله يا تُركي
النبرة الجديدة في صوتها خلقت شعوراً بالمفاجئة لديه
لم يبدو أياً منها على ملامحه وهو ينهض ليقف أمامها ويشير نحوها بسبابته
../ علموك بالسجــن كيــف تصليـن و تبكيـن .. لكَن شكلهم نسوا يعلموك كيف تتطعيـن زوجك
أستفزها .. بشدة
أنقضَت عليه كـليث جامح بإجابتها وهي تصَر بأسنانها
../ لا يا سيد .. علموني كيف أعرف ربي زيـن .. و إن هالزبالة إلي أنت جايبها .. و تبيني أفّرج الناس عليّ متخلّعة كأني بهيمة ف هاذي موب تربيتي

قهقه بإستلذاذ لـمتسوى الحوارا لمتدهور وهو يتكأ بكتفه على الجدار الذي وقف بجواره
../ ههههههه .. تربيــتك صــآر .. والله وعرفولك راعيـن الجرايم .. أدبوووك ها
عقدت حاجبيها وهي تدفعَه بإطراف أناملها وتجيبه
../ إنت الكلام معك ضايع .. وهالفستان ما ألبسه قدآم الناس لو على قص رقبتي
مّر طيفه من جواره لكَن ذراعه الطويلة أحطت كتفيها من المقدمة وهو يقول بنبرة ساخرة
../ والله .. أجل ألبسيــه قدامي يا .....شريفة مكة
دفعت ذراعه و هرولت نحو الغرفة أوصَدت الباب
و أنحنت عنده تبكِي
هذه هي أول مأسيها .. حتى حينما قررت أن تبدو كخادمة
أبا هو أن يكون السيّد ..
لم تتحمل فكرة أن ترتدي فستان كهذه .. ليس لأنه هو من أحضره
فالفستان مُريع بحق ..
أحتضَنت جسدها المُرتجف بذراعيها
هدّأت من روع نفسها .. بذكر الله
وأستلقـت على سريرها و راحت في سُبات
عميـق

،

جنــــون
05-16-2012, 12:28 PM
أستغفر الله العظيــم و أتوب إليه

صّلت الفجر مُتأخرة .. و قد خطّت الشمس خيوطها في السماء
في نسيج غير مُكتمل ..
قاومت رغبـة مُلحة في نفسها أن تفتح الباب
و تبحث عنه لكن من المؤكد انه قد غادر المكان
تود أن تعتذر عن سوء أدبها
إبتسمت بحنق عن ذاتها
.../ بــس ما يســتاهـل أعتذر .. بس يااااربي .. أخاف ربي يغضب عليّ بسببه ..
عندما فتحت الباب تابعت همسها الذي تواسي به نفسها
.. / بس هو بعد غلطان ولا ذاك فستان يلبّس .. يعني المفروض يغار ع الأقل
توقفت في نصف الردهَة الموازية لغُرفتها
وهي تضرب جبهتها بقوة و تكُمل
../ أوووووه .. يمكن يختبرني .. ههههههه ..
تنفّست الصعدآء حينما تأكدت أن الشقة خالية تماماً
أكلت فطورها براحة ..
ثم عادت حيث كانت .. جهّزت نفسها من أجل الحفلة
لكَن بقي شيء ما مُعطلاً بالنسبة إليها ..
من سيأخذها إلى هُنـآك ..
بقيت تُراود نفسها وهي تقول
../ أدق .. ولا موب لازم .. لاآآآ أخاف ينسى .. ويزعلون عليّ ..
ثم تتراجع أصابعها وحدها عن الاتصال به
فجأة ومضَت الشاشة باسمه المُجرد " تُركي "
أجابته ليقول لها كلمة بدون زيادة عليها
../ أنـــــزلــــي ..
نزلت من فورها .. وأستقلت السيارة بجواره
راحت تختنق بحضوره .. الذي ملئ جوانب السيارة المُرتبة
كما أنه بدآ مُرتباً أكثر .. " كعريس " تماماً
وصلوا لحيث يجب .. قابلتها العديد من الوجوه فأبتسمت للجميع
لم تكُن تريد أن تتأمل ملامح أي ممن حولها بدقّــة فقط
لأنها لا تُريــد أن تبكي الأن ..
وصَلتها زفرات " خدوج" و همهمات " ريم الغاضبة عليها
و الأخيرة تقول
../ أووووف منّك .. عنيدة وراسك يابس ..و لا فيه عروس تجي لابسة جلابية بعد أسبوع من زواجها .. بتجلطيني إنتي ..
لم تكُن إجابتها على كُل الأسئلة .. سوى حمد وثناء على الله
حتى تلك التي تُشبهها جلست على زاوية بعيــدة
تختلس النظر لملامح توأمها المُتألقـة بإستمرار
تحاول كبح جماح رغبــتها المُلــحة التي تدعوها للقيام بأمر ما .. لكَن أخيراً لم تستطع أن تصبر أكثر
أشارت لـخديجة فأتت لها ..
همست لها بكليمات بسيطة ..
فأومأت لها الأخرى بحماس و عادت لحيث مقعدها بجوار هديل
ثم انحنت لها وهي تقول بسعادة
../ أقول هدووولة .. وش رايك نطلع فوووق .. بنأخذ راحتنا أكثر ..
نعم ، هذا ما كنت تحتاجه في هذه الحظـة
بنات أعمامها لا يعتبرون لوجودها .. لا أحد يلتفت لكونها هُنا
حتى صمتها يزيد من مدى اختفائها في أعينهم ..
لكَن سيكون هذا الخيار هو الأمثل في نظرها
../ والله ياريــت .. بس
و أشارت بسبابتها لمقعد " أسيل " الفارغ
../ أ أسيـ ل طلعت فوق .. أخاف أضايقها
سحبتها من يدها ترد بحماس غريب
../ لا لا .. لا تخافيــن .. ما بتفتح فمّها
و جّرتها إلى الأعلى مالت بها نحو الزاويــة مظَلمة قليلاً
عدا من ضوء الشمس المُتسلل لها
تركتها أمام باب بحجم ذكرياتها الأليمة هُناك
سمعت خديجة تتحدث بشيء ما يخص ذهابها عنها
و أصبحت وحيدة أمام باب حُجرتها القديـمة
إنفتح الباب الموصد لـسنة وأشهر و يزيد عليها القليل
و كأنه يدعوها للدخول ..
أنقادت نحو ألمها بهدوء .. وهي تتبع أطايفها
ضحكاتها .. قذارتها
وشرّها
هُنا وهناك ..
وقفت في مُنتصف الحُجرة حيث أنهار كُل ذلك فجأة
حينما اُوصد الباب من خلفها .. و اُشتعلت الإنارة
إستدارت خلفها وهي تسوعب ببطأ ما يجري حولها
نُسختها الأخرى تقف هُناك و يداها مُعلقَة على زر الإضاءة
و على ملامحها ألف تعبير و تعبير
هي الأخرى مُستنزفة إلى حد كبير .. تهرب بأعباءها عن
ما هو مزروع في داخلها .. فلا مفْر منه
ابتسمت لها " هديل" بكل بساطـة وهي تجلس على
السرير العاري
لم تتكّلم أي منهما
لكَـن للعيـون لغـة يمكُن للجميع إتقانها .. فقط عندما يجربها لمرة واحدة ..
تحدثت الأخيرة بصوت بارد
../ ما توقعَـتها منّك ..!
إتكأت هديل على الطاولة المغبّرة و ضعَت يدها تحت خدّها
لينكشف للأخرى منظَر الأسوار الامع و خاتم " الدبلة "
في يد واحدة
نزلت بنظرها ليدها الأخرى لتجدها عارية من أي شيء
شدّها إبتسامتها الهادئـة مع وجهها المُنير
تمنَت أن ترمي كُل ما يحدث في الواقع خلفها
وتركض لتحتضِن أختها
قطعها صوتها يقول
../ وقت الاعتراف إذاً .. و إلي تبينه أنا مًستعدة أقوله ..
ازدردت أسيل ريقها بصعوبة سيطرت على أعصابها
وهي تقول ببرود أكبر
../ ليييش ؟ .. ليييش سويتي إلي سويتيه ..
رغُم ما تمثّله من برود إلا أن هديل أذكَى
فقد راحت تلتهم كُل خلجة من خلجاتها وتدُرك أن
في جوف توأمها الكثير والكثير
لم تُعلّق مُطلقـة لتكُمل الأخرى ببرود أقل فأقل
../ يعني .. أنا رحت وإنتي بخيــر .. رجعت وإنتي خريجة سجون .. تعرفيـن .. لاآ قصدي تحسـين ..
أقتربت منها جلست على ركُبتيها أمامها و وضَعت راحتيها على ركُتبي الأخرى
../ وششش كان ناقص عليييك .. وششش باقي شيء ما عطناك هو ..., ما ما كُنّا مجتمع متشدد و لا ضيّقنا عليك في شيء .. لكــــن ليـــش .. جاوبيــني ليـــش
أنزلت يدها وضعَتها على حجرها
سكتت لبرهُـة تحاول ان تختزل الكلمات
لكَن خطئيتها لا شافع لها
../ أنا غبيـة .. و عقلي صغيــر .. كُنت .. كُنت أشوف وش كثر هُم يحبونك .. لأنك مُتميزة في كُل شيء .. بس أنا كُنت لا .. كُنت أشطَر منّي و تخرجتي من المدرسـة
قبلي .. أما أنا رسبت سنة وسنتين وثلاث .. ما أحد عبّرني محد أهتم لي .. لاآ كُنت أسمع يا ليتك مثل أسيل لو في شيء .. كرروه كثير .. ضجرت .. كُـنــت أبي ألفت
النظَر لكَن .. كرهوني أكثر .. عاندت .. بس محد حوووولي .. كرهت حياتي كرهتها
تدريـن ليه .. لأني كُنت ما أعرف ربي .. ما أعرفــه ..
ما كُنت قد سمعت قوله في كتابه الكريم " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ"
بس أنا أخذت جزاء أنـآ شوفي شـــوفي
دفعَت بغلظَة يديها الباردتيـن
رفعَت جلبابها لتُريها
كُل تلك الضربات على أقدامها .. و الأخرى في حالة ذهول
../ شفـت .. شقتي هذا هُم .. أقموا الحد .. هذا جلدهُم .. أثاره بتذكرني .. بندمي .. بكِ .. بجدتي و طيحته يوم رجعتي

دمعَت عيونها ببساطَـة وهي تختنق بألم
إستعادت ذكرى مريرة
شعرت أنها سُتنهك نفسها بحديث لا طآئل منه
لتنُهي كُل شيء
ومن بين شهقاتها
../ بس ... بس .. لا تندمي .. أنا أنـآ أستحق هالمُعاملة و أسوء ..
رفعَت قبضَتيها وهي تضرب رأسها بقّوة أمدّت في عُرقها
إثر ملاحظَتها لدموع غطّت ملامح أسيــل
أما الأخرى فقد غَرقت في نحيبها الصامت
دون حتّى أن تمنعَها ..
لكَن تلك لم تتوقف .. بل بدت هديل وكأنها قد أصيبت بحالة
نفسيَـة راحت على أثرها تضرب رأسها و جسدها بقوة
وهي ترجو من أسيل أن تصمـت ..
لترحمها
مشاعر مُتأججـة من اُخوة ليست كأي اخوة
أخوة بطَن واحدة ظُلمـة واحدة
مشاعر واحدة
لا يستطيع أي كائن حي من كان
أن يفصَل بينهمـآ .. لذا فالمشهَد مزدوج من كُل حيثيته
عدآ أنه تجاوز الحد .. فالدماء راحت تنتشر في وجهه
هديل .. وأسيل تمنعها بضَعف شديد
لكَنها أخيراً خّارت قواها .. و سقطَت في حجر اُختها
رفعَتها أسيل إلي حجرها إحتضَنت جسدها
لتتماسك الأخرى بلا جدوى ..
بيد مجروحـة بالزجاج المُتناثر في كُل مكان
رفعَتها وهي تمسَح على وجه الأخرى
على ملامح مُشابه لملامحها .. لتشوهه بدمائها
و من وسطَ سواد سرمدّي راحت تقاومه
همست بصعوبــة
../ ساامـ ـحيـ ني يا اُختـ ـي الله يخـ ليـ
ثم اختلطت صرخــة الأُخرى
بسقوط يدها

لأنَّ الصباحَ فقدَ لهفَتَهُ
لأنَّني تجاوزتُ رغبتي
وأفرغتُ الكلامَ من كراكيبِهِ الكثيرة
لأنَّني بلا أصدقاء
قلبي وردةُ ظِلٍّ
جسدي شجرةُ غياب
لأنَّ الحبرَ ليسَ دمًا
لأنَّ صوري لا تشبهُني
والقمرَ المعلَّقَ في الخزانةِ لا يصلحُ قميصًا لروحي
لأنَّني أحْبَبْتُ بصدقٍ لا قيمةَ لَهُ على الإطلاقْ
وفقطْ حينَ انكسرتُ
أدركتُ حجمَ المأساةِ
لأنَّ هذه المدينةَ تذكِّرُني
بصوتِ امرأةٍ أعجزُ عن نسيانِ انكسارِها
لأنَّ اللهَ واحدٌ والموت لا يُحْصَى
ولأنَّنا لم نَعُدْ نتبادلُ الرسائلْ
يُحْدِثُ المطرُ
في الفراغِ الذي بينَ قطرةٍ وأخرى
هذا الدويَّ الهائل.*
* سوزان

و بيدي حلم غنَّاه الزمان

جنــــون
05-16-2012, 12:28 PM
. وطار به عصفور !
يزفه للغمام اللي تهجا رحلته فيني!
واتمتم "هي هنا كانت"
وينبت للحنين شعـور
وأتمتم "ليت ما كانت"
وأضيـع ولا ألاقينـي!
وادورني ورى جرحي
وتزهر في حشاي قبور
وأكفن عورة همومي
- وأدور منهو يرثيني!

اللذة التاسعة و العشرين

و بيدي حلم غنَّاه الزمان
. . . وطار به عصفور !
يزفه للغمام اللي تهجا رحلته فيني!
واتمتم "هي هنا كانت"
وينبت للحنين شعـور
وأتمتم "ليت ما كانت"
وأضيـع ولا ألاقينـي!
وادورني ورى جرحي
وتزهر في حشاي قبور
وأكفن عورة همومي
- وأدور منهو يرثيني!

اللذة التاسعة و العشرين

أبعدت ناظريها عن عينيه المصدومتـين وهي تقول بتعب
../ لا تجلس تطالع كذآ .. وافي أقّوله روح طّلق الحرمـة يختفي عن الاثنين من أمس ادق عليه ولا يرد عليّ .. و أم سحر اتصلت تخاصـم على الولد .. إلي تارك بنّية
صغيرة بشقَة لحالها .. هو تعبان ومتّعبني معاه

دارت بيدها دمعَة صغيرة سقطَت من ركُن عينيها
لتقول بعدها وعد
../ هّونيها يمّه .. مصيره يّرد و يحّل مشاكله .. بس إنتي لا تزعلين نفسك مو زين لك

ثم ألتفتت نحو " بندر" و رمقته بجدّية
../ خلاآص .. جّهز البيت .. بكرة الفجر بنمشَي لها
عادت صورة صبا التي لم تفارقها طويلاً تُعّذب قلبها
لتقول بذات الوهــن
../ إيــه .. أكّلم أبو عدنان

و عندما أستمّرت عيناه تحدّقان بها بذات الدهشة
../ و لا أقول لك ... خلاآص هات رقمـه بكلّمه أنـآ
../ وش فيه ذا متنّح كذا ؟
زفر بقّوة وهو يقول لها بغلظَة
../ وعــد .. أطلعي .. بقّول لأمي شيء
عقدت حاجبيها وهي تراقب تحّول ملامحه نحو الجدّية المطلقَـة
فهمّت بالنهوض
إلا أن يد والدتها اعترضتها وهي تقول لها بجدية أكبر
../ لا تقوميـن .. أدري باللي تبي تقوله .. و بروح حتى لو ..

نهضّ وهو يكتم غضباً مُتجلجاً في داخله .. ويهتف بصرامة
../ خيـــر أجل .. جهّزوا أنفسكُم .. بكرة الصباح بنمشي
و خرج تتبعه زوبعَة من أنفاسه الحارة
و عينا وعد تلتهم كُل تلك التفاصيل بإستغراب واضح
../ ليش عصّب كذا ..؟ كُل إلي قلناه مزرعة ..
لكَن يعيناها أصطدمت بعينيّ والدتها المغرورقتين بالدموع
وانكسار عجيب يلوح فيهما من بعيد

*

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

حياتها لم تكُن أليمة بقدر ذلك الألم الذي ينهش
بكفّيها الملتويتن بشَدة .. حتى ذلك
المُسِن الذي وضع لها طبق الزنجبيل لم يرأف لحالها
رٌبما لأنه لم ينُظر لها أصلاً
لكَن الألم و حرارة المكان ، الظلام و رائحة الزنجبيل
كُلها أضرمت في داخلها نار لم تُطفئَه دموعها
إستجداء خافت
زآد من وهنها وهي تلهَث بشَدة
تصّلبت عضَلاتها و أستنفرت آخر فلول
قوتها عندما سمعَت صرير الباب الخشبي
أخيراً ..
شعرت بخطواته الحديدية تقترب منها
سجائره الأثيـره تصَل لأنفها
فتزيدها إحتراقاً
نطَقت وهي تغُمض عينيها و شفتيها تنكمَش بألم
../ مبســوط الحيـــن ..
حاولت أن تنقَلب لكَن الحبل مشدود
تُريد أن تبتعد عن مجال الحرارة التي
تكّون بجبروت هالة تحيط به
جلس بجوارها و بدأ
يداعب شعرها المُنسدل بجديلة مُبعثَر بجوارها
زادت عصبيتها المُتخامدة
فصَرخت بشدة
../ صقققققققققر .. يا كلــ*** خل شعري وافتح الحبل
ثم تباطأ صوتها وأنكسَر عندما التقت عينيها اللامعتين
بعينيه الجليديتين
وأكملت بوهن
../ تكفــى .. حتّى صلاة ربّي ما صليتها
هو لا يستطيع أن يقسو أكثر مما يفعل الآن
أن يكُمل قُربها جنونها حتى حبّات العرق المتراكمة
دموعها التي لا تقوى على حجبها
ضعفها بجانبه هكذا
حّرك شيء ما في صدره
جعَله ينهض بجٌزئه العلوي
وقّربها نحوه بينما عيناه تراقب عينيها المُغمضَتين وأنفاسها
المكتومـة
شفتيها المتشققة المُرتجفَة
أزال الرباط فتحررت يدها
أمسكَـت بهما بألم وهي تتجاوز السرير بقدميها وقفت مُعرضَة عنه
لوهلة تلتقط أنفاسها
يديها أحاطَت كتفيها من الخلف وصوته يخترق أذنيها
../ ســـآمحيـــني ..
ليست في مجال يسمح بالرد أو حتى البكُاء لأن الجملة التي أطلقها لا تستحقها مُجردة هكذا
عذّبها طويلاً .. و صمتت عن الحقيقة
ثم " سامحيني " تافه بجانب كُل عذاباتها
كتفيها الذين انكمشا تحت وطأت ذراعيه
لاحظَت تحرر يدَه الأخرى .. و لاحظَ
هو ضعَفها
نطَقت بحُزم مُشتت القوى
../ فكّني .. أقولك مـــآ صليــت

وبصوت خافت
../ خّرج الأكل بّرا ..
و خرجت من الغُرفـة .. أرتطَم بوجهها الذابل من شّدة العرق برودة الصالة الصغيرة
و إلي الخلاء لـسبَح في المياه العذبـّة
علّها تخفف ببرودتها وطئت الألم على روحها
هناك
تأمَلت معصماها الذي اُحيطان بسوار من الأحمرار الشديد
فقد تمّزقت أنسجتها العلوية بوحشيّة
صنعتها محاولاتها اليائسة لفتَح الرباط
أنتهت من كُل شيء و عقلها يفكَر بسرعة
حمَدت الله كثيراً .. لأنه أستجاب لها دُعائها
و لأنه لم يؤذها ..
تعلم أن ضميره القاسي يأنبه
و الآن تيقنت من ذلك .. ستصَبح ذكية قليلاً
و ستحاول أن تستخدمها كورقـة رابحـة في يدها

*

أستغفر الله العظيـم ..

../ طيّب .. عطيني أسمها ؟
../ نـور العيـن منصور الـ::
../ بجي ع الساعة 8 قولوا لها قبل أحب البنات إلي أجلس معاهم يكونوا عارفين قبل الموعد بيوم .. عشان يتجابوا معاي
../ على أمرك .. توصين بشيء ثاني ؟
../ لا شكراً .. مع السلامة
أطبقت هاتفها المحمول وهي تلقه على المكتب بعصبية مُفرطَة
أزعجت ذلك الجسد الصغير القابع بجوارها
فانحنت عليها وقبلت رأسها الصغير بهدوء حنان
زفرت بتعب وهي ترفع نظرها لبندر الذي راح يتأمل شاشة جهازه المحمول باندماج .. تُدرك أنه يُمثَله
نطَقت بهمس
../ لا تخلي عقدة تأنيب الضمير تستولي عليك .. وتنسّيك الأهم .. إذا تبي تصّلح غلطك من جد .. سوي إلي يرح قلبك وقلبي وقلوبنا .. والله إني ما أنام في الليل
إلا و أتحلم بها أحس إننا كُلنا ظالمينها .. ودي أروح لها اليوم قبل بكرة .. وإلي سواه صقر مو أسلوب أبد
أغلق الجهاز بهدوء وهو يتكأ على الكُرسي و عيناه تتأمل ملامح زوجته الحزينة
../ تعرفي قد وش كثر أخطيت .. أمي أمّي إلي أمرتنا أمر إننا نرميها في المزرعة و رفضَت تعترف فيها
صارت فجأة تبي تزورها .. وش بيكون شكلي قدّامها ؟
إقتربت منه و مسحت بيدها على ذراعه برفق
تُلطّف عنه
../ الوقت مازال معك وقدامك .. خذهم الصبح .. و دخلهم على الفيلا .. تذكر إن وعد ما تدري بالموضوع .. لذا روح لها إنت و خذها لأمك بنفسك .. بعدها لو تقبّلتها
كان بها لو لا .. بتكون كسبتها
عقد حاجبيه بتفكير
../ زين لو رفضَت تجي معي ..
اشتدت قبضَتها على يده أكثر
../ ما بترفض .. صبا إلي أعرفها ما بترفض أبد .. و أنا بروح معك
نظَر لعينيها مُباشرة و بحدة أجابها
../ لالا تعب عليك .. خليّكِ هنا .. أنا بحطَهم و بسوي ذا الشغلة وبرجع
إبتسمت له بود وهي تجيبه
../ يا حبيبي ما يصلح .. الموضوع مو بسيط لذا الدرجة .. وبعدين أنا بروح معك و بجلس في الفيلا .. يعني لا تخاف

*

جنــــون
05-16-2012, 12:28 PM
أستغفر الله العظيم

عند ساعة الفجر الأولى .. قبل أن تنشق عُتمة
الليل و تلد الشمس خيوطها
تركت الباب مُوارباً عليه
في ما يبدو لها وكأنه نائم
رغبة مُتتالية بالخروج .. و تحثّها رآئحة الزرع
المبلول

وصَلت لباب سجنها الصغير و فتحته برقَه لم يصَدر
معه أي أزيز كعادته
حتى هو الأخر بدا رقيقاً معها للغاية
لمست أقدامها الحافية بساط أخضر من الحشائش
القصيرة
فتُداعب قدميها بحُب
تتسع ابتسامتها براحة وهي تلتقط أكبر قدر من الهواء
النقّي .. بعيداً عن كُل تلك الحرارة المُوجعَة
تخال الفصَل شتاءاً لما تجده هُنا من تضاد
لم تمنعها عُتمة ما حولها من المُضّي قُدماً في المكان
تتبع رائحَة مُنعشَة
واصلت خطواتها الباحثة حتى ابتعدت عن موقعها الأول
خطوات وخطوات
مشتل مُربع الشكَل مُحاط بشبك قصير لكَن يمنعها من المُضي
بداخله تفوح رائحة الياسمين بقوة
تجعل في داخلها رغبة عارمَــة بالصراخ
بقيت تلك الأخيرة تزداد مع كُل لحظَة و مع كُل نسيم
بارد خاص بعُتمة السحر تلك
لكَن كما تتذكَر دائماً
" حظ الأعوج أعوج "
رائحَـة أخرى تقتحم كُل شيء
حرارة تكبت من جديد على أنفاسها
وقفت على بعد خطوة فقط منها
زفرت بتعب مُضنّي وكُل قرارتها السابقَة تتبخر مع النسيم
../ ليـــــش جيـــت؟
../ تبيـــن تدخليـــن ؟
تكره كلماته القليلة .. و دائماً خارج إطار الموضوع
مُذنب .. و نادمْ
لكَنها ستغفر له .. فقط إن تركها وشأنها
لكَن يبقَى هو الأخر عاجز أمام طوفان حُبها المُتربّع داخل
قلبه
حُب نبت من بذرة خطئيَة .. ثم ظُلم و جبروت
و الأن ينقَلب كُل شيء
و بمسمع ومرأى من الجنون
لحُب بحت لا تشوبه شائبَة
مع كُل ما يعتمل في داخله
مع هذا الجو المحيط ما تمناه هو
أن يغرسها في داخل أحضانه
وأن يطلَب منها الغٌفران
وفعَل .. أخفى وجهها عن عينيه
لأنه لا يريد أن يتألم من الإشمئزاز الساكن في أعماقها
فقط يريد من قلبه أن يُقبّل قلبها على أنفراد
ويعتذَر
صوتها خرج هادئاً بارداً
../ ندمان ؟
ذُهل من وقع السؤال على مسامعه فأبعدها وهي مازالت قريبة من عينيه
../ وشّ تقوليــــن ؟ إيه ... إيه ... والله والله ندمان قبّل يديها الراقدة في كفّه وهو يعتصرها
بشَدة لا يُدرك مع فرط حماسته
أنه يؤلمها
../ ســـآمـحيـني يالغلاً .. عطيني فرصة أخيرة .. ولك إلتي تبيــنه .. أقســم لك
الصدق يلمع بإنكسار داخل عينيه
تعَلم أن كُل ذلك هو شفقَة لا حُب
تركت يدها تنسَل من داخل يده .. وهو أعطاها حُريّة الإبتعاد
زفرت بحرارة موجعَـة خرجت من أعماق أعماق
الظَلام السرمدّي داخل روحها
../ وش يفيد السماح الحيـن .. بعد ما طاح الفاس في الرآس
التفتت نحوه أخيراً .. وهي ترفع سبابتها مُلوّحة بيدها أمام وجهه
../ لكّني بس أبيك تتذكَر شيء واحد بس .. إنّي شريفة و إلي سويته فيني مُركّب فيك .. أنا أنسجنت ظُلم ..
و إنت السبب .. جاي الحيـن تطلب السماح

لا يستطيع أن يتحرك من مكانه .. حتى خلجات ملامحه جامدة بجمود قلبه .. عندما همّ ب " إعادة تأهيليها "
ظنّها أكثر ضعفاً و سلبيّة .. لكَن تلك التي
تقف أمامه اُنثى تختلف عن الماضي بكثير
أنثى دقّها الألم حتّى شدّ عودها
لم يهمس بكَلمة وهو يشعَر بوقع كلماتها عليه
لكَنه نطق بالقليل قائلاً
../ بس إلي صار من الماضي
تراجعت ويدها تسقُط إلى جوارها وصوتها الساخر يقول
../ متوقع .. هالتفكير المتخلف كان متوقع .. إنت قتلتني .. نزعت منّي شَرفي .. و سجَنتني بكُل قسوة ..
ثم تقولها بكل بساطة .. لا تعيدين الماضي
صعب .. صعب
أتقبلك بكُل أشكالك .. صعب شعوري الحين وأنا أطالع بوجهك .. وأتنفس نفس الهوا إلي تتنفسه
بس تدري .. أبي منّك طلب واحد بس
صوت ضجّة في المكان دامت لدقائق صمتهما
الذي لم يُعرها أي أهتمام
ليقترب هو بحب و يركع أمامها برجاء حار
../ ذنّبك في رقبــتي .. والله إني كُنت طايــش
لكَني .. تبت أقسم بالله إنـــي تبت .. صبـآ
غصّ الرجل البارد أمام عينيها وألتمعت عيناه أمامها
خضَع الرجل المذنب لامرأة مُنتهكة
ليجعها تبتسم إبتسامة مُقّوسـة قليلاً إلى الأعلى
وبكاء مُسعور يركض في داخلها
صوته اليائس يهمس لها
../ صبــآ .. كُنت سكران .. ما أدري الله وين حاطّني .. لكَن تُبت .. والله الشاهد .. إنتي لو تبين مسامحتي مقابل إنك ما تشوفين وجهي أنا قــآبل بس
سامحيني
قالها بعد أن بذل مجهود كبير في نطقها كاملة
لتقول بسخرية غير مُتناسبة مع رنّة الألم في صوتها
../ حتَى لمَا ركبت التهمة عليّ .. كُنت سكران
../ كنـــــت مجنون و مستهتر وحقيـــر .. قولي إلي تبينه .. بس كُنــت حيـــوآن
حّركت رأسها بنفي وهي تراه يقترب نحوها أكثر
../ ب سامحـــك بس رجّع لي سمعتي
و أعلت خشخشة مفاتيح ببعضها
و ليقول أحدهم بجدّيـة وصرامة
../ خلـــصّت يــآ صقــر

*

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

تداعب بيدها ملامحها النائمة في حُضنها بسكون
عُمرها راح يخوض الشهر الرابع من ولادتها
بدأت تكُبر ... وملامحها تبرز
يآآه كم تعشق صغيرتها الجميلة هذه
شخص آخر أثارته غيرة هذا القرب
فراح يمّرغ وجهه على ذراعها ببكاء مُصطنع
دفعَته برفق وهي تقول
../ براء ..خلاآص .. قلت لاء يعني لاء
أخذ يضربها بقبضتيه الصغرتين
../ إلآآآآآآآآ .. أنا بروووح أنااا برووووووح
تجاهلته وهو يشّدها بقّوة .. و سمفونيّة بكائها
تنخفض مع مرور الوقت ..
حاولت والدتها إعطائه حلوى لتسكَته لكَن
أمه لا تريده أن يعتاد على السكوت بجائزة
../ شف معاذ ويــن ؟
بذات العصبيّة
../ مـآآآبــآآآآآ ..
../ عيب .. لما ماما تقول شيء تسويّه .. ولا ما بأخذك لأي مكان .. بأخذ معاذ بس
صرخ بها مجدداً
../ ماااااااابااا .. أنااا ما با
وعاد للنحيب من جديد زفرت بتعب شديد
فصغيرها هذا عصبي جداً .. و حاد الطباع
لا تستطيع السيطرة عليه إلا بتنفيذ أوامره
أمها و سمية يراقبان الموقف عن كثب
و عتب و حُزن يغطيهما ..
ألمها يتمّخض في قلبها من حال إبنها
لكَن كُل قواها اُستنفذَت .. و وافي غائب عن الساحة إلى حين
عينا بكرها الغائرتان وجهها الأصفر
أكلها القليل
لا تلومها على كُل هذا .. فهي تُدرك
أي ألم .. بل أي موقف مريـع وقفت
ابنتها في قلبه
أخيراً رنّ الهاتف .. قفّز " براء " بسرعة وهو يصرخ لجدته
../ أناااااا .. أنااااااااا .. أشوف
تركت له المجال و أبعدت يدها التي همّت بالإجابة
وهو ألتقط الهاتف ..
../ طيــــّب ..
وألقى الهاتف فصطّك بالأرض وأنطلق مسرعاً
نحو الباب الكبير
نهضَت " دعاء " خلفه بسرعة وهي تصرخ عليه
../ برآآآآآآآء .. ولــــد ..
لكَنه وجدته يفتح الباب ويقف خلفه يحادث أحدهم
ثم حمله ذلك الشخص و أختفــى
عيناها لم تلتقط أياً منه سوى أن أبنها أختفى
أرتفعت دقات قلبها بشَدة وعنف
تجمّد ساقاها على وقفتها
لكَن يداها احتضنت رأسها الذي دار بشَدة
ليرتاح جسدها الواهن على الجدار الرخاميّ
البارد بجوارها

لو كانت روحُها سجَّادةً
لنفضَتْ عنها هذا الغبار
لتركتْها في الهواءِ قليلاً
تتنفَّسُ... *
* سوزان
ولمَّا أبتْ عينايَ أنْ تستُرا الهوَى ,,
وأنْ تقِفا فيضُ الدُّموعِ السَّواكبِ .. !

تثاءبتُ كَيْلا ينكرَ الدَّمعُ منكرٌ ,,
......... ولكنْ قليلٌ ما بقاءُ التَّثاؤبِ ..

نظرة الحب
05-16-2012, 12:28 PM
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13176693133.gif (http://center.jeddahbikers.com/)

جنــــون
05-16-2012, 12:28 PM
اللذة الثلاثين

أنفاسها تختنق وعينها تنفرج ببطء ..
جفنيها مثقلين و كُتلة رابضَة بجوارها
و جهها مشدود و كفيها المقبوضة متعرقتين

همست بصوت قادم من عمق روحها
متحشّرج بشدة
../ م مـوي ـة

دقائق و أسبلت جفنيها على صورة مشوشة لإنسان
و على ريقها المُبتّل

*

عيناها تراقب بصمَت آثار الحرب التي لم تنتهي
كقلبها المُحطم تماماً
ربّاها الألم على مشاقِه حتى نسيت خلاصها
تشّردت بما يكفيّ لكّي يُربيها هو
على جميع عذاباته
احتضنت جسدها وهي تُسند رأسها إلي الزجاج بجوارها
و دمعَة قاصرة مُعلّقة على جفنها لا تملك أحقية الخروج
بكَت كثيراً .. حتّى ملّت نفسها
الجميع هُنا يُشفق عليها يواسيها ثم تجاهلوها لطول حُزنها
كُل من هُنا أعتاد الألم حتى بات لذيذاً
بصوت الزغاريد
حيث يتّهيج قلبها بمزيد من اليأس
طالت الأيام و تمدد تشّردها ولم يأتِ منهما أحد
هل تخّلى عنها ؟
أم أنها هي من رحلت عنهم ؟
صورة خرقاء لشخصها تتمثّل أمامها
و هي سيّدة مُجتمع ناعمة القدّ
صارت ترقد ليلها مٌفترشَة المساء
و متوسَدة للحصى ..
تعيش يومها القادم مع قلّة من نساء و مُسن مُقعد
لا حول لهم ولا قّوة .. يشبهونها كثيراً
كُل تجاعيد وجوههم تعيسَة كوجهها الذي
اشتاقت لتأمله حتى لو على مرءاة مكسورة
ضائعَة و مرهَقة لأبعَد حد .. و أخيراً قررت الرحيل
راقبت أطيافهُم طويلاً
أنتظَرت عودتهم ، لكَن لا أخبار و لا تنبوءات سوى ذكريات
ليلة سوداويّة .. و إنفجار
اليوم فقط لملمت ثقتها و قوة عزيمتها
و اتخذت طريقها نحو شارع كبير
رافقتها سيّدة بدينة وهي تواسيها و تُناشدها البقاء
و تستضيفها في منزلها
لكَنها كانت مُصَرة بشَدة على أن تفعَل
أرادته منذ البداية

إزدردت ريقها بصعوبَة .. وخوف متأصّلين
وهي تجتاز الطريق بالسيّارة نحو
هدفها

بضُع قليل من الناس الذين جلسوا بكّأبَة في هذه الحافَلة
مُمتلئين بالهدوء و الخرس .. الذين اعتادتهما
توقفت بها و هبطَت منها

صارت خطوات قليلة تفصَلها عن المركز
و عند بابه الرئيسي وقفت لتوّثق قلبها
و تُخمد آمالها ..

ستعُلن الحداد عليهم وسترحل تاركَة الأرض
لهُم .. هل سيفقدونها كما تفتقدهم
أم أنهم رحلوا .. و تركوها في
نصف المعركَة وحدها
من دونهم

صوت المرضَى و أنينهم يُعيد لها الألم مراراً
المركز مزدحم ولكَنها لا تٌبالي
تسير بآليّة نحو غُرفة سكنتها منذ يومها الأول هنا
صوت لشخص ما لم تُحاول تمييزه حتّى
فهي مُرهقَة بما يكفي لأن تسقط في غيبوبة لا تنتهي
لكَن وجهها الذي أقترب من الباب
ويدها التي طالت مقبضَه توقفا
وتراجعت للخلف بقّوة , وهي تشعر بتلك الذراعين
التي تحتضَنها من الخلف
و صوت متألم ينطَق بوجع

../ وحـــــــــشيـــني
*

تداركوا الموقف سريعاً .. تركوها ترقد على السرير بإسترخاء قسريّ ..
صوت سميّة الذي خرج عصبياً بشكل كبير
وهي تقبض على هاتفها بقوة كبيرة
../ أفهم يا علي .. أمّي ساكتة و لا علّقت على إلّي صار . . و أخت مغمى عليها من الخوف.. تكفى خايفة ألحق عليه قبل
ما يأخذه ويسّوي فيه شيء

صوته القوّي أجابها و هو يركض مبتعداً عن أصدقاءه نحو سيارته
../ جااايكُم .. اللحيـن .. خليكُم بمكان واحد .. دقايق و أنا عندكم

أغلقت الهاتف وعادت لدخول .. حيث رمقت والدتها
تراقب أختها بصَمت و حنان فيّاض نابع من عينيها
و تمسَح بالماء على وجهها و شفتياها تتم بذكَر لله
مّرت الدقائق بثُقل شديد .. و دُعاء تهذي بإستمرار

عينا إبنها الأكبر تُراقب حركاتها بخوف
و هو يتمّسك بسُميّة
../ مااااماااا تعبااانة .. عشان براءة راح .. مو ؟

أحتضَنت رأسه بحُزن وقلبها يتفطّر خوفاً

جنــــون
05-16-2012, 12:29 PM
../ إيوة حبيبي .. بس هّو شوي وجاي

حاول الإبتعاد عنها
../ بروح أناديه يمكن أخذه الحارس

أحتضَنته بقوة أكبر وهي تقول هامسة
../ ياليـت ..

مضّى الوقت و دقائق تُحصي نفسها .. بطء شديد تخضع له ساعات الإنتظار .. لكَن قلبهُا هي
مُختلف ..
تتحّرق ألمَا و لا تستطيع الصُراخ .. عليها أن تفتح
عينيها .. ليخُبروها الحقيقة .. حقيقة دموعها الراقدة على وجنتيها
صوت همهات طفلها على مقربـة منها

والدتها التي تُتمت على رأسه
كُل ما يحدث الآن حقيقة .. يجب أن تخضع لها
صوته الدافئ عانق أسماعها
../ يمّه .. صحيتي
فتحت عينيها لتصطدم بغبَش الرؤيا
الدموع كثيرة .. بحجم المصيبة التي طالتها

../ يمّه .. أخذه أحد .. شفت يدّ نزعته من الأرض وشالته
.. ما صّرخ .. ما ماسمعت صوته

هدّئتها وهي تمسح على كتفيها
../ لا تخافي .. علّي جاي و أكيد بيجيبه معه

بأمَل رغُم إنعدامه في قلبها
../ والله .. كلّميـه .. قولوا له يبّلغ الشرطَة ..

../ إيه .. إيه .. كلميه يا سُميّـة

أشارت لها بحركَة فهمتها ..
خرجت و هي تُمسك بقبضَة معاذ ..
مّرت ساعة .. وهم على حالهم

دقائق اٌخرى تحركَت إلى الأمام .. حين رنّ هاتفها بقّوة
دخلت الأولى .. لتجد أٌختها الكُبرى تُمسك بهاتفها بقّوة
يدها ترتجف بشده وعينها تحترقان من إحمرارها
و شفتها المصّفرتين تنطق بشحوب

../ أبــــوه .. أكيــد عرف .. أكيـــد قلتوا له

عضّت الأم على شفتيها وهي تدفعاها بقوة للهدوء
../ أستهدي بالله يا بنتي محد كّلمه .. ردي عليه شوفي شفيه ..

تحفّزت في جلستها على منتصَف السرير وهي تتأمل الشاشة التي ما زالت تخفق بإسمه ..

../ لا هو ما أتصَل الأيام إلي فاتت .. يتصّل وقت .. أنخطف الولد ..

نطقت الأخرى أخيراً
../ ردّي .. عليـــه .. و لا تقوليله شيء

ألقت بهاتفها أمامها وهي تهّز رأسها بخوف وإعتراض
../ لا موب راده لين يرجع براءة .. موب رادة ..

أخذت الأم هاتفها وهي تجيب عليه بحزم
../ وعلـــيكم السلام .. الله يعافيــك .. إيـــه موجودة ..

ناولتها الهاتف و ملامحها تحمل جموداً كبيراً
../ خذي يبي يكّلمك

همست الأخرى من بين ضروسها وشهقاتها تتوالي
../ قلت لك ما با أكلــــــمه ..

ألصَقت الهاتف في إذنها ونطَقت بصوت متحشرج
وقلبها يخفق بقّوة كبيرة
../ نـعــم ..

../ ويـــنه ؟
لسوء حظها .. !
أنها تبتلع غصّتها دوماً
وتشرق بها ......
ثُم تبكي

كثير فيه اشياء تشعرك بالظلم
وهي السبب , لامن تردى مصيرك

اشدّها انك تراهن على حلم
ويصير واقع .. ويتحقق لغيرك ..!

> الحمدلله

اللذة الواحدة والثلاثين
يغرس بقّوة يديه في شعره .. و ظُلمة من حوله تتلاشي بنور الفجَر .. صوت العصافير صاخب
كضجيج الندم في روحه
لوثتها يداه .. و زجّها في السجن بمفردها
بلا ذنب ولا رحمة
هو من أثبت إدانتها .. وبيده أزال الأدلة عنه
هو الذي رشا أعيُنهم لكّي تنطق بالظُلم
في حقّها
و أخيراً .. يود من عينيها أن تنظُر له
يُريد من قلبها .. أن يحتضَن قلبه
فالأخير مُنهك لأقصَى حد
و رغم كُل شيء
فقد أتى العم ليكَشف المستور .. و لتنجَلي الفضَيحة أمام العلن
لتبدو أكثر بريقاً .. مما أرآد
كبرياءه يمنعه من اللحاق بهما
فهذا يكفي .. لن يهُرب كالنعامة من هذا المأزق
لكَنه سيبقى ..
ليس لكّي يُبرر لخالته أو أيهّم .. بل لكّي يرضَى
قلبها عنه
فهو زوجها .. و قسراً سترضَى ..
وبظاهر يده مسح على شفتيه بقهر
وهو يكاد يُقسم أنه لن يدعها
تذهب بعيداً
عنه

أستغفر الله العظيم

*

وقفت تتأمل الحقيبة الصغير بصَمت لدقائق فقط
و صوته النادم يُردد بجوارها
../ صبـآ أرجوووك .. خلّي إلي تسّوينه هذا .. وأسمعيني .. و خلينا نحّل المشكلة ولا تزيدين النار حطب
هادئة أكثر مما يجَب ..
و الأول يزيد هدوئها بكلماته التائها تسمع الكثير
لكنها لا تفهم الأغلب
تضَع أمام عيناها هدف واحد الآن ستنتهي
ترتيب الحقيبة وسترحل من هُنا
أغلقتها بعد أن وضَعت كُتيّباتها الصغيرة
و نهضَت تبحث عن عباءتها
../ أمّي ما تدري عن شيء ... لا.. إلا كُلنا ما ما توقّعني إن ممكن يكون هالكلام صح .. عمانا الغضب و القهر وقتها .. و ما فكّرنا نسمعك .. و أكيد أي أحد في
مكانا بيّسوي نفس إلي سويناه .. قصدي قدّري موقفنا
لم تهتم أبداً فهي تعَلم أن عمها أحمق حتى في إزالة الأخطاء عنه ..
توقفت خطواتها أمام المرآة حيث
ذلك الصندوق الخشبي الفخم ..
ابتسامة صغيرة جداً لا تكاد تُرى لاحت على زاوية شفتيها
وسخرية مريرة .. تُقهقهت في أرجاء قلبها الضعيف
عبث بالمكان لُيخرج هدّيته
فيستنطق مشاعرها
لكّنه زادها حُرقَة .. و زيدَت ألماً
../ عمّي ..
صمت الأخر و أقترب منها بأمل
ليتُتابع هي بذات النبرة
../ لا تتعب نفسك وتتكلّم كثير .. أنا محكوم عليّ بالموت من كُنت بالسجن .. وش قلتوا للناس إلي أستفسروا عن غيابي .. ماتت . .هذا أفضَل خيار .. ولا قلتوا مريضة
و أنشّلت .. خلاآص حتى معرفتكم للحقيقة ما بتغير من إلي صار شيء .. و إنتم ما صرتوا أهلي .. شكراً لأنكُم أستضفتوني لأيام .. ثقلت عليكُم .. و اللحين
إذا تقدّر وصّلني
كانت تعابير الذهول على ملامحه تزداد .. لكَن تلعثم لسانه في قوله
../ أوصلك ويـن .. وش ذي إلي ما عدنا أهلك .. إلا حنا أهلك و غصب عنّا .. و الذنب إلي شلتيه مهوب ذنبك
و الكُل لازم يعرف الحقيقة
لا تٌريد هي أن تُستنزف أكثر من ذلك
فعقلها و قلبها لا يقدران على المزيد
../ لا .. مو لازم .. مو لازم يعشون عُقدة الندم على الفاضي .. لأنهم حتى لو عرفوا مستحيل يفتحوا قلوبهم
لي .. ويرحبوا بعودتي .. بظّل وحدة ميّتة .. و عار عليكُم .. صدّقني مكاني مو هنا
هاتفه بدأ بالرنين و يده ارتفعت لجيب ثوبه
فتحه وهو يحاول أن يُزيح ذلك الكم الهائم من الاختناق
الذي جثم على صدره
حّرك رأسه بإصرار متخافت
../ بــــس
رفعت يده أمام وجهه وهي تشير بالإكتفاء
وعيناها تلتمعان أخيراً
../ جدّتي مريضَة بالضغط .. يكّفي إلي صار لها من البداية لا تزيدها
خلّيهم كذا .. أريح لي و لهم
أراد أن يبكي كطفل صغير أن ينهار و قبض الأرض من تحت كفّه بقّوة يحطم ملامحها
فقد حمل ذنبها هو .. شارك بظُلمها ..
عيناه تراقبها وهي ترتدي عباءتها و تعطيه جانب من وجهها
طُهر و نورانيّة تعتنقان ملامحها .. لم يرهمّا إلا الآن
لو تأملها من قبل و لو قليلاً .. لأدرك الحقيقة
لكّن كُل شيء كان في ضلال
وصلت إليه و هي تقول بهمس خافت
../ مشّينا ..
تحّركت أمامه و تبعها بصَمت كالآلة المُسيّرة
عقله توقف عن التفكير سوى أنه سيتبعها
و سيضَعها حيث تُريد .. كالسحر تماماً
خرجت من المنزل الضيق
لتهجم عليها ذات الرائحة العُشبيّة
السماء زرقاااء بصفاء .. و الأرض أمامها تتألق خُضرةً و نقاءاً ..
التقطت نفس عميق .. بارد على قلبها
أزال شربكات الألم داخل كيانها
و ابتسامة حقيقة طالت شفتيها
وهي تراقب ذالك الجسد الذي أقترب منها بُسرعة
../ ياااااهلاآآ و الله بصبّـــــــوي
إحتضَنتها بإحدى ذراعيها وهي بالأخرى تحمل صغيرتها
و صبا تُجيب بذات السعادة
../ هلاآبك زوود .. شلوونك ؟
../بخييير يا جعل لك الخير .. شـــوفــي صبــآ الصغيرة صاحيّة عشان تشوفك
أنخفض بصرها وهي تتأمل ذلك الوجه الصغير الغائص
في بياض اللفافة
أرتعد قلبها لمرأى هذا النقاء .. و الطُهر
أخفضَت رأسها و قبلّت ما بين عينيها
../ الله يحفظــــهااا .. ماشاء الله تبارك الله
مدّتها لها وهي تهتف لها
../ شيليها .. اليوم خذيها هدّيــه
ازدردت ريقها بخوف وهي تبتعد
../ لاآآ لاآآ .. ويـن أشيلها بعد .. مقدَر
../ هههههههههه .. يالخوافة أثاريك مثل عمّك خوافيـن .. صح ولا لا يا بندر ؟
رفعت نظرها أخيراً لجسده هو الواقف على بُعد خطوات منهم فقط
قطّبت ما بين حاجبيها وهي تقول بقلق
../ بندر وش فيـــك ؟
التفتت نحوه صبا فوراً .. لتجده يزفر مُبتعداً عن المكان للخارج
ثم انحنت هي بدورها لتُقبّل صبا الصغيرة مُجدداً
وهي قبل أن تبتعد قالت لميسون بهمس
../ حطيها بعيونك ..
لتتبعها الأخرى لخطوات فقط
../ هاا.. وش وش فيكُــم ؟
سارت مُبتعَدة عن المكان بخطوات واهنة مقتولة
ستقتل تلك الحُرية الزائفة التي تمنّتها طويلاً
و تعود للحَبس حيث حُريتها الحقيقة
بقّي " صقر " عقبة وحيدة في طريقها يجب أن تختفي
و بعدها ستُحرر من كُل القيود
و ستدفن بعيداً و بصمت تام
لدى الباب الصغير المُفضي لبقية المزرعة
و قبل أن يُحجب عنها ما خلفها توقفت
تُريد أن تلتقط صورة أخيرة للمكان في مخيلتها
ميسون و صبا الصغيرة يُجملونها
إلتفتت إلتفاته جانبية
لترتطم عيناها ب
جدّتها تقف مٌتكأه على عصاها .. و بجوارها
وعد لدى باب الفيلا
لم تستطيع قراءة ملامحها من شدة سعادتها
إلتفتت بكامل جسدها ليتضَح لها الجُزء الأخر من الصورة حيث وقف صقر بجوار الفيلا في ذات المكان
يتأملها هو أيضاً من خلف الجميع
أصبحت الصورة مُزدحمة أكثر مما يجب
إكتفت بإبتسامة صادقة ودموعها تجتمع أمام عينيها
ستنسى الجميع
و سترحل من هُنا ..

أستغفر الله العظيم

*

جنــــون
05-16-2012, 12:29 PM
توقفت السيارة أمام المبنى الكبيرالمسّور بأسوار عاليّة
و محاط بحراسَة مُشددة
التفتت نحوه وهي تشعر بالامتنان العميق
استجمعت شجاعتها وهي تحُرك كفّها وتمسك بذراعه
الراقدة على المقود
../ شكُراً لك يا عمّي .. لولا الله ثم انتم كان نمت الأيام إلي فاتت بالشارع .. و شكراً على هالخدمة .. إلي مانيب ناسيتها أبد .. صدقني أنا هنا بكون مرتاحة
أكثر
أبعدت كفّها .. بينما راحت الأخرى تفتح
مقبض الباب
أنزلت إحدى قدميها و الأخرى تقف على الحافة
و من وضعها ذلك قالت وهي تغالب دموعها
../ و أبيك تقول لجدّتي و لوعد .. إنّي لسه أحبــهم
و أبتعدت قدماها حتى ذلك الباب الكبير
و عيناها تلتهم من بين دموعها
حروف اللوحة التي كُتب عليها
" دار الرعاية الاجتماعية"
*
ألم قوي ينخر في يدها اليمنى و ضعف كامل
يجثم على مفاصلها
تستعيد وعيها ببطء شديد .. أو ربما تستفيق من خدر
شّل أطرافها
أنفاس لشخص تتحّرك بالقٌرب منها
بينما ظّلت هي مُغلقة عينيها بذات الهدوء
أما هو فراح عقُله يستعيد ذكرى تلك المحادثة
بينه وبين الطبيب عندما سأله بعصبيّة
../ ممكن تقّولي مين إلي بيعذّبها بالضرب ؟ و أنا كلّمت الشرطة و تراهم بالطريق أتمنى إنكم تكونوا مستعدين
صوت والده يخترق الصورة الرمادية
../ أعوذ بالله منها فضَحتنا يوم خلتنا و باقي تفضَحنا للحين
عيناه غائمتان و ملامح يلويها الجمود
../ أقول .. ردّهَم.. هي توها خرجت من السجن .. وإذا تبينا نجيب لك الورقة ب نجيبها
بذات الإشمئزاز أجابه
../ لاآ .. وريها لهُم
و الآن وهو يجلس أمامها يراقب قدميها و جزء من ساقها المكشوف ..
أثار الضَرب واضَحة بجلاء .. بالسوط أو بالخيزران
لا فرق .. المهم أنا تبدو غائرة على نحو عجيب
منظرها مؤلم لأقصَى درجة
لم يتأمل قديمها قط .. لأنه أدرك حقيقة إخفائها لها بإستمرار
مدّ يده و لمسها .. بنعومَـة أوصلها لباطِن
قدمها
أوشكَت على الصراخ .. و دفعها بعيداً
لكّنها تماسكت بقوة حين شعرت بكفّه تبتعد عنها
لا تٌريد أن ترى ملامحه الأن
تكفيها زفراته المُسموعة .. وسمومها تصَل إلى أنفاسها
شعرت به يقترب أكثر
و من ثم راحت حرارة أنفاسه ترتطم بجبينها
و أرقد عليه قُبلة ..
تمالكت نفسها لكي تبكي فأي شفقة تلك التي
أوصلته إلى هنا
أي شفقة تلك التي أزالت اشمئزازه منها
بُرهة من الزمَن مّر .. تخاله دهراً
بعدها رحَل
فتحت عينيها ببطء و نظرها يجول فيما حولها
يدها الثقيلة الراقدة بجوارها .. ملفوفة بشاش أبيض
و أشكال متعددة من اللصق الطبي مُنتشرة في أجزاء جسدها
تذكَرت ما حدث بهدوء شديد .. تذكّرت إعتذارها
و الزجاج الكسور .. تذكرت الجروح التي صنعتها بلا وعي في جسدها .. و آخرها كان أكثرها دماً
كانت تنوي أن تنتحر .. لكَنّها كانت مؤمنة أكثر من أن تفعل ذلك .. تعلم أين تضَع الزجاج لكّي لا تصنع لنفسها
هلاكاً
تقّوست شفتيها وعيناها ترتطم بالسقف
وتعيد المشهد في عقلها مراراً
تتماسك لكي لا تستمطر عيناها
و هي تهمس بتعب و وهن شديدين
../ يـــآرب .. سامحني .. و تكون اسيل سامحتني

أستغفر الله العظيم
*

*
../ وينه ؟
صوته كان قاسياً فظاً و صارماً بما يكفي لدّك حصونها
الواهنة
منذ البداية تشعر أن ذنب ما يُلاحقها .. ظّنته لوهلة ضعفها و سلبيتها ..
لكَن كُل الأمور كانت تُثبت لها العكس .. ظُلمَت منه
ذلّها كثيراً .. لكَنها حمقاء لا تستطيع أن تُردها بالشكَل الصحيح
كًل ما يحدث بينها هي وهو يجب أن لا يتعدّى ليصل
لأي أحد خاصة .. فلذات أكبادها
صغارُها و من هُم قطٌع منها لذا و منذ البداية عزمت أمرها
في ثانية واحدة مّر كُل ما سبق على عقلها لتجيبه
بذات الصوت الحزيـن
../ مدري .. تكفى تكفى يا وافي .. تعال شوفه ولدي وينه ؟
زفر بقّوة زفرة طالتها زادت إصرارها على أمرها
لتسمعه بعدها يقول
../ خلّي أحد يفتح الباب .. الحارس بيقربه لعندكُم
بقيّت مُسمّرة على حركتها لثانية أو يزيد
بعدها إستدارت بسرعة وهي تقول
../ بنزل أنا أشووووفه
أغلقت الخط قبل أن تسمع الإجابة فالمهم
عندها في هذه اللحظة سلامة إبنها
وصَلت للباب الخشبي لمدخل الفيلا
فتحته ليدُلف براءة وهو يبكي و يقول بعصبية
../ ماما .. بابا ....
و من بين نشيجّه تابع
../ قال لا ما أروح البقاااااااااااااااااااااااااااااااااااالة
احتضنته بين يديها بقّوة وهي تبكي بصمت معه
../ ليييش رحت يا ماما .. .ميـــــن أخذك هاااا قولي مع مين رحت هاااا يا ماما ؟
و صلها صوت سميّة المتفاجئ يقول
.../ راح مع أبـــوه مـا سمعتيه من البدايـة يقول بابا .. يعني هّوا إلي ما خذه و يفجعنا ..
توقف الهواء عن الحركة حولها ..
" وصَلت رسالتك ... "
هذا ما تّوسط عقلها فقط
فأحكَمت قبضَتها بقّوة على الهاتف
وهي ترفعه نحو إذنها بتلقائية عجيبة
و لتقول بعدها بصوت مُختلف جداً
../ أسمع .. تعالي خذني أنا و عيالي من هنا

*
*
../ يقولون .. إنه ما عاد يبيها ..
../ لا أنا إلي فهمته إنها هي إلي ما تبيـه
صوت مميز آخر يخترق الحديث ويقول بعنجهَية
../ ما فرق مين إلي ما يبي الثاني .. أصلاً من البداية و أنا حاسة إن السالفة لعب بزران
الصوت الأول يقٌول
../ و إنتي الصادقَـة .. بس كاسرة خاطري البنيّة ..
هُنا شدّت من قبضَتها الملفوفة على الفراش الذي ترقُد عليه
فأنتشر ألم مُستطير كشيء ما يتفتّق في يدها
عضَّت شفتيها وهي تُزيح ألم روحها أولاً
قبل أن تطُلق آه قصيرة
تحلّق على إثرها الجميع حولها
أما أكثرهُم قُرباً فقد كانت قريبة منها منذ البادية
صامتة تتأملها من اللحظَة الأولى
هذا ما كانت تفعله كُل الأيام الماضيّة
فتحت عينيها مُجدداً .. لترتطم بوجه مُحبب
لا يُشبه إلا وجهها
ابتسمت بتعب لتبادلها ذات الابتسامة لكَنّها مليئَة بالدموع
تناست ما سمعته قبلاً .. لتنشّغل
بالأخرى التي وضَعت رأسها على بطَن توأمها الراقدة
أمامها وهي تهمس بصوت لها فقط
../ الحمــد لله على سلامـــتك ..
ربتت على ظهرها بيدها السليمة وهي تجيبها بنفس النبرة
../ الله يسلمك .. و خري راسك عنّي تراني لسه تعبانه
أبعدت راسها عنها وهي تبتسم لها من بين دموعها
عندما شعرت بيد أخرى تربّت عليها وتقول بود مصطنع
../ الحمدلله على السلامة يا بنت عمي
../ إيه .. الحمد لله على سلامتك .. ما تشوفين شر
ذات الصوت الرزين يقول ببرود :
../ الحمد لله سلامتك .. جعله في عدوينك .. يالله أنا أترخّص .. قومن معي يا بنات
خرجن بُسرعة .. فزفرت بإرتياح و حديثهم الهامس
قد وصلها كاملاً ..
نظَرت لأختها التي راحت تتأملها بصَمت
ثم قالت بصوت خافت ضعيف
../ سامحتيني ..
../ خلاآآآآآآآآآآص و الله قلت لك إني سامحتك .. لا عاد تذكريني بإلي صار .. إنسّي بنخرج .. وبنعيش زي زمان
أنا وإنتي .. طيّب ..
إبتسمت هديل لها بوهن .. فبأدلتها الأخرى بالمثَل
ثم نهضَت وهي تقول
../ يالله أنا لازم أروح .. عندي موعد .. أشوفك على خير
سلّمت على جبينها وهي تجيب بصوت حنون
../ يالله .. شوي بعد و بيّرخصونك من هنا .. شُدِّي حيلك
تحّركت نحو الخارج مُبتعدة عنها
و بعيت عيناها تتبعها حتى توارات خلف الباب
زفرت بتعب و هي ترا المُمرضَة تدخل و تبتسم لها
تضَع مزيداً من الأدوية داخل جسمها و تذهب
هل قليلاً من الزجاج سبب كُل هذا الألم
لما لم تمرض بشّدة داخل السجن .؟
هل لأنها أستسملت لعقابها أم لأنها لم تتألم
أصلاً
أغمضَت عينيها وذهنها يستعيد ذلك الحوار القصير
الذي ذكُراً آنفاً
لم تتوقع أن تكون نهايتها معه سريعة إلى هذا الحد
لكّنها لن تحزن .. أبداً رٌبما هي أرادت أن تتأقلم في حياتها
مع أحدهم .. شخص مجبور على تحمّلها .. لكّنها قالت
منذ البادية أنها لن تحرمه حقه في غيرها
و يبدو أن آمالها المعقودة بيأس ستنحّل
و ستعود لتلك الحجرة من جديد

أستغفر الله العظيم
*
.../ وحشــــتيني !؟
بقيت متسمّرة في ذلك .... قليلاً
بعدها التفتت وهي تقول بإعياء شديد
../ نشــــوى .. حسام و و فيصل جوا هنا
نظَرت الأخرى لملامحها الذابلة بقلق وهي تقول بخوف متفاقم
../ لاءّ ما شفتهمش .. لييه .. فيه إيـــه ؟
أرخت أهدابها المُبتلّة وهي تُزيح حجابها عن شعرها داخل الغُرفة و تقول بصوت متذبذب
../ ما فيه شيء .. بس أنا راجعَـــة ..
اقتربت منها الأخرى بقلق وهي تقول
../ كُلنّا راجعيــن للمقر الرئيســـي ..
حّركت رأسها بيأس و هي تقترب من حقيبتها
../ لاآ .. أنا راجعة للسعوديـــــــة
*

*
وجهها مُحتقن تماماً .. تجمع تبعثُرها الحاصَل بالضغط على شفتيها
استدارت لها وهي ترفع ملّف قضيتها في وجهها :
../ نور العيـن منصور الـ **** .. بعد يومين تكلمين الست شهور إلي هي مُدة حكمك .. سبب دخولك للسجن .." خلوة محرمة مع سبق إصرار و ترصّد " صح هالكلام ؟
../ إيه ..
../ ودكّ تقولين شيء ؟
../ إيه ..
../ تفضَلي
تركت ميسون الملف و أسندت ظهرها برفق على الكُرسي الجلدي .. و تركت عينياها تجول
في ملامح " نور " التي قالت بخجل قليل
../ أنا .. أقصد إن إلي صار لي بالظبط هو إنّي .. فيه واحد كان ساكن بحارتنا .. كان دايم يلاحقني و و كذا .. و دايم يتريق هو أصدقاه عليّنا وعلى شغلتنا ...
حنّا كُنّا نبيع عند الحرم ملابس و من هالأشياء

إلتقطت نفس عميق وهي تحاول أن تُرتب أفكارها فيما تقول
../ بــس .. كُل شيء كان يسويه يضايقني بقّوة .. ولأني كُنت وحدة ما أحب أسكت على المذلة كُنت أرد عليهم بالكلام ..

ملامحها تدّل على أنها فتاة مُشاكســة ..
أكمام يدها المرفوعة دائماً .. ومشيتها
أيضاً
هذا ما دار في عقل ميسون التي همست ب
../ إيـــه و بعديــن ؟

ازدردت الأخرى ريقها بقوة وهي تتابع
../ بــس و سمعتهم قالوا كم كلمة أزعجتني فهددتهم
كانوا 3 ..

جنــــون
05-16-2012, 12:29 PM
قاطعتها
../ واحد منهم إلي كان يتابعك دايماً ..

أومأت بالإيجاب وهي تتابع
../ رعــد .. إيه .. رديت على كلامهم بالمثَل .. واحد فيهم من أصاحبه راددّني .. ورديـت عليه و جيت أطلع ما حسيت برجلي يوم زلقت عن الدرج
و طحت لأسفل

قاطعتها بإستغراب
../ درج ؟

../ إيه حنّا بيوتنا على الجبل و إلي طلّعنا لها درج

.. /يعني المكان ما فيه سيارات .. محد كان هناك وسمعكم

أرخت رأسها وهي تجيب بحُزن
../ لا للأسف ..

../ وبعدها ..

../ من يد ليد ما حسيت بنفسي إلا وأنا هنا ..

عقدت ميسون حاجبيها بشّدة
../ طيب وين الخلوة في الموضوع ؟

رفعت الأخرى ناظريها إليها و هي تقول بصعوبة شديدة
../ مو .. لـ لأني صحيت و أنا ف شقّة .. وبعدها ...........

أومأت لها ميسون بتفهّم وهي تقول
../ أممممم ... المهم الحمدلله إنه ما صار عليك شيء ولحقوك ... طّيب انتهينا من هالموضوع .. بعد ما دخَلت هنا .. كلمتِ أحد من أهلك ؟

../ إيــه كلمت أبوي .. أو ما كلمته .. آآآآآ .. بس كان ساكت وكنت أنا إلي أتكلم بالأخير صك الخط بوجهي و ما عاد رد مرة ثانية

حاولت ميسون جاهدة أن تبتسم في وجهها
رغُم كُل الشتات المتراكم داخلها
فقالت وهي تضغط على عينيها بإصبعيها :
../ أحمدي الله إن قضيّتك جات على كذا .. لكَن لازم تنتبهي على نفسك وحركات مجاراة الرجال خطيرة لأنك مو قدّهم أبد .. غير كذا أنتبهي من رعد هذا لأن إلي يبغاك
.. يجيك من باب بيتك مهوب من الشباك .. فاهمتني ؟
حّركت رأسها بخجل لتتابع الأخرى على مضض من التعب الذي يحيط بها
وبنبرة مٌترقبّ سألتها :
../ إذا خرجتي تتوقعي تصير لك مشاكل مع أهلك ..؟ مثل إنهم ما يستقبلونك ..
أنفرجت ملامحها و إبتسامة تتوسط وجهها
../ لا .. أنا واثقة إن أمي وأخواتي .. عارفيــن إني موب من هالنوع من البنات .. بس يمكن أبوي شوي ..

كتبت ميسون ما قلت نور ثم نهضَت وصافحتها بهدوء
../ الله يحفظك .. أتمنى ما نشوفك هنا مرة ثانيـة
ابتسمت نور العين ابتسامة حزينة وهي تقول بقلق بسيط
../ إن شاء الله .. بس أبي منك شيء إذا ما عليك أمر ؟
../ تفضلي ..؟
../ عندك رقم صبا .. قصدي يعني أنا قلت أخذه من الإدارة عشان ودّي لا خرجت أشوفها ..
هوت على كُرسي الوثير خلفا وغاص جسدها فيه
وهي تقول بحزن شفاف
../ و الله لو أعرفه أنا كان جبته لك ..
بأسف سألت :
../ يعني ما تعرفيــه .. ، ولا رقم أحد من أهلها ..
حّركت رأسها بتفكير وهي تُسند رأسها على يديها
../ مدري .. يمكن هي اللحيـن مرتاحة أكثر من قبَل .. خذي رقمي أنا بصفتي أحد من أهلها ..

عقدُت الأخرى حاجبيها و علامة تعجّب كبيرة تُرسم فوق رأسها
أرادت أن الأولى أن تطمئنها
لكّنها أشعلت القلق في داخلها على صديقتها
هكذا هي مساراتُهم .. كعجلات مُتفاقمة السُرعة
تدور بهم في كٌل الإتجاهات
لكَن إذ ما حافظَنا على ثباتنا
سنبقى حيثُما نُريد

"مَنْ بعثرَ ملامحي
دموعًا
على رصيف؟
مَنْ مِنَّا
خذلَ الآخر؟"

اللذة الثانية و الثلاثيـــن

مّر على كُل ما فات يوميـن فقط
كانت فاصَلة في حياة أحدهم .. رحلت بعيداً عن السجَن
تحمل في روحها مُتضادين هُما سعادة وحزن
حُزن لأنها فارقت " نويّر " دون أن تودعها .. أبعدوها عنها في سجن إنفرادي .. بسبب كثرة انهياراتها
فلم تستطيع عند الرحيل أن تودعها أو حتى تراها
و سعادة تبعث في نفسها الإنتشاء أمام القادم الذي خططت له طويلاً داخل القضبان
عيناها تلتهم كُل التفاصيل خارج النافذة
التي بدأت تضيق شيئاً فشيئاً .. كدليل بإقترابها من منزلها
وقفت على عتبات الجبل و بدأت في صعوده على مهل
حتّى وصَلت إلى باب صغير ..
نقرته بطرقات متتالية .. مميزة تخّصها هي فقط
و قلبها يخفق بحنين متعاظم لكُل ما حولها
بالداخل .. أرتفع صوت نورة التي زفرت بيأس من
أخواتها المتحلقات حول التلفاز وهي تقول
.../ وحدة تفتح البااااااااااب ..
حّركت البتول يدها بلا مُبالة وهي تقول
../ أبوي هذا .. شكله نسي إن معاه مفتاح ..
عادت الطرقات للأرتفاع .. من جديد ولكَن هذه المرة
ارهفوا أسماعهم... تلك النغمة المميزة
شخصَت أبصارهم نحـو الباب
و زهرة تهمس بإرتياب
../ مهوب وقت رجعت أبــوي .. وهاذي الدقّــة آآآآآآآآآآ
وصَلت نورة بخطواتها المتسارعة وفتحته
حينما فوجأت بذلم الجسد الذي أحتضَنها بقّوة كبيرة
جعلتها تشهق وهي تصرخ بشّدة
../ نـــــــــــــــــووور
الأخوة أعظم رابطَة .. لأنه مهما كان الطرف الأخر مقصَراً
فسيجد الطرف الأول له العُذر لكّي يحبه باستمرار

أستغفر الله العظيم
*
جو رطب جداً .. و عند ساعات الفجر الأولى
أصابع تُعقد و تُحَل .. ثم ينقر " الدركسون " بإصابعه
توتر شديد .. يرتسم على ملامحه وعينه تعود لتنظر نحو ذلك الباب الكبير .. زفر بقوة حينما شاهد
طيفها الواهن الذي خرج من الباب نحو سيارته
التي تقف وحدها هناك
جلست بجواره وهي تشّد عباءتها على رأسها وتنطق بتوتر شديد
../ خيــــــــر .. حنّا ما قلنااااااااا إناااا خلصنااا من هالسالفة .. أرمي عليّ يميييين الطلاق وأعتقني ياخي
قالتها وهي تنظَر في الناحيّة الأخرى .. بتعب
../ قووووووووووولها وفكّني
لكن صدمتها كانت قّويـة حينما شعرت بالسيارة
تتحّرك بسرعة من أمام البوابـة و تتخذ طريقها من الشارع
الفرعي للشارع الرئيسي .. خارت قواها و ألقت برأسها على المقعد خلفها
و شفتيها تنفرجان ببطء
../ ويـــن موديـــني ؟
توقعت أن
لا يجيبها وفعلاً أنسَلت يده للعُلبة السجائر و أستّل واحدة منها .. دسّها بين شفتيه
مُطفئة .. هكذا .. يعَلم يقيناً انه لو أشعلها
سيضايقها .. روحه تبتسم لذاتها .. فقد
أصبح يُحبها بلا شك ..حتّى أبعد نفسه عما يُحب
من اجل قلبها
صوتها المُحبط يمّزقه .. و كلاماتها الفائتة تصيبه
في مقتَله .. لكّن في شرع العُشاق
أمّا السعادة أو الموت ..
و هو سيقف بينهما بعد دقائق .. نطَق بنبرة جامدة
لكّنها مُرهفة في قلبه يُصبّرها
../ أبي أوريـــك هالشيء .. و بعدها سّوي إلي يريحك
زفرت زفرة مٌلتهبة جداً أحرقت جانبه تماماً
لينطَق صوت من جديد
../ هاااذي أمــآنــة أبوووووكِ ولزوووم أوريك
إياها .. وبعدها لو تبيني أرجعك برجعّك
لم تنظَر لعينيه لتدرك حقيقة أنه صادق .. بل
صوته التي أصبحت تتقن معرفة تفاصيله
مستسلمة منذ البداية .. فلم يعد لديها شيء تُخبأه عنه ..
تماماً ك أرجوحة قالتها سوزان
أعرفُ الألمَ
وأعلمُ
أنَّني في أملي تماديت.
أخذَني الهوى
أبعدَ من خطوتي رُبَّما.
أجلسُ الآنَ على حافَّةٍ
كأرجوحةٍ أدلِّي ساقيَّ
أغمضُ
ولا ألوِّحُ لأحد.
الهاويةُ ورائي،
وليسَ الغناءُ طريقاً
لأتوقَّفَ
أغمضَت عينيها وهي و قلبها يراقب تعّرجات الطريق
لاحت فلول نور من بعيـد يقف شامخاَ في منطَقة حولها جبال مُتعددة الإرتفعات الخضار ينشر مساحاته هُنا وهناك .. و قُطعان من الأنعام
بيئّة قرويّة منازل من طابق واحد تقتحم سيارة " صقر "
الجمس اللؤلؤيّ المكان ..
و اقتحم قلبها هي رعشَة قّويـة فطرية
لمرأى ما حولها رعشَة ذكرى قديمَة أو مشاهد رماديّة مُفككة .. رعشَة لا تعني سوى
أن رائحة إحتواء تبَع من هنا .. رائحة الأصل قّوية دائماً
شعر هو بذلك .. فأعين من بالخارج راحت تتأمل سيارته .. يعرفون من هو .. لكّنه كان يدخل إلى هنا دوماً على قدميه ..و يترك سيارته بعيداً
وقف أمام باب منزل مُعيّن احتوت شارع الرصيف كاملاً
خرج هو وبقيت تتأمل ما حولها بذهول وصمت مطبقين
وقف يطرق على الباب بهدوء .. دقيقة تتلوها أخرى
حتّى وصلهُما صوتها
../ يـــآآآآالله خيـــر من عند الباب ؟
أشار لها بيَده " أن اتبعيني "
أخرج من جيبه المُفتاح و دخَل .. تفاقم القلق في داخلها .. فهو يملك مفتاح منزل هذا الشخص
لمَا لم يفتح الباب منذ البداية إذاً ؟
قليل من التساؤلات كهذه دارت في عقلها
بعدها
سمعته يرفع صوته لـ أحدهم بالداخل
.../ الســلآم عليــكم يا أم محمد ..
../ وعليــكم السلام ورحمة الله وبركاته .. يالله إنك تحييه و تبقيه .. و ترزقه من حيث ما يعلم ولا يدري .. حيّاك الرحيم يمّه أقرب أقرب
../ قريـــب جعلني فدا راسك .. بس ترا جايب معي هدّيــة ...
وقفت بالقُرب منه على عتبة الباب الذي يقف هو في أوله .. يحجب بجسَده المكان ..
ويشكّل بهيبة كلامتـه حضور طاغي .. أصّم قلبَها
تعلّقت أسماعها بهذا الصوت الرخيم الذي أنبعث من زوايا الفناء يقول بحنان عظيم
../ الله يكثّر رزقك .. وخيرك إنت وهداياك معك
إلتفّ نحوها .. أزاح نقابها عن ملامحها
ليكَشف عن عينين تائهتين و شفتين مُنفرجتيـن
بإستفهام كبير ..
إرتفعت أنظارها نحو ذلك الجسـد
و قلبها يخفق بسُرعة جنونية ..
تشعر بشيء ما لا تفهمه .. تفاصيل هذه المرأة تحفظها عن ظهر قلب .. لكَنها تبدو واهنة أكثر مما يجب
قّربها منها بينما بقيّت الأخرى تتحسس حركاتهم
تنتظره يتابع ..
لكّنه هو أنشغل بتأمل ملامح صبا المذهولة
رفعت عيناها إليه كأنها تبحث عن تأكيـد لما توصَلت إليه
فأحتضَن كتفيها وهو يحّرك رأسه بإبتسامـة
لتنطِق بانبهار
../ أمـــــــي
اختلفت ملامح الأخرى .. و غامت عينيها المُطفأتيـن
وهي تقول بنبرة مُرتجّة
../ ميــن .. صقر يا بوي ميــن ؟
سمعتها جيداً .. لكّنها لن تصدق أبداً .. عاشت وحيدة
طويلاً .. حُرمت من أبنتها منذ أن كانت طفلة
لا تُمّني نفسها بأن تراها من جديد
الان تسمع صوت أخترق قلبها بقّوة شتت
فيها حواسها .. وتطلُب تأكيد
فما كان من الآخر .. إلا أن قّربها إليها
دفع صبا لتقف أمامها وهو يهمس للأخيرة
../ أمسكي يدّها .. أكـــدي لها
لكَنّها بقيت تلتهم تلك التفاصيل عن قُرب
أما الآخرى فقد شعرت بها .. و بأنفاسها
رفعت يدها تحسس ملامحها .. و شدّه أناملها
على شعرها بعد أن سقط الغطاء
نطقت بحُب فاق الحدود و امتلاء به الفضاء من حولهم
../ ص ص صـــبـــآ
نعَم ف للأبناء رائحَــة لا يعرفها سوى أمهاتهم
لهُم ملامح لا يدركها سواهم مُنجبوهم
اقتربت منها ببطء .. وقلبها يصَرخ بفرحه مُتناهية
عظَم المفاجأة أثقل عليها .. فأرهق التعبير
وضَعت رأسها على كتفيها .. و عينيها تُستمطر من
بحيّرة السعـــآدة .. وهي تقول
../ أ أم مــ ي
وقف هو بعيداً يتأمل المنظَر بفرح مهدود الزاويا في قلبه المُعتّل .. أرهقها كثيراً ..
و آن له أن يتأملها سعيدة .. رغُم أنها مازالت تبكي
أنسحب ببساطة .. و لم يَره أيٌ منهم
ف قد انشغلن بهمسات باكيّة لا يفهمها سواهم
و ترك السيارة أمام بابهم
وصعد هو إلى الجبل

جنــــون
05-16-2012, 12:29 PM
> الفصل الثاني

*
في الشوارعِ التي تشبهُ الرغباتِ القديمة

بينَ البيوتِ والبناياتِ المائلة

حولَ سورِ الحديقةِ عبرَ الضباب

معَ ضوءِ المصابيح الأزرقْ

خطواتي خيطُ أسى

كأنَّما الأمطار تسيلُ بي حينَ أسيرُ

كأنَّها دَمْعُ حذائي.

ترجّلت من الطائرة .. و بيدها تمسح ملامحها الرطَبة
من تحت الغطاء الذي يحجب عن الأنظار توهجّ وجنتيها
و بلل عينيها
تسحب خلفها حقيبة متوسطَة الحجم بكفهّا الحُرة .. و
تنفضَ عن عقلها كُل ذلك التشوش الذي لحق به
تُسرع الخطى وهي تصطدم بالمارة عن غير قصَد
فالمكان مُزدحم .. لاآآ
بل هي تترنح في مشيتها و بحاجة لفضاء فارغ
ترقد على وجهها فيه .. تنشج بصوت مرتفع
إلتقطت سيارة بيضاء بخط " أسود و أصفر " قصير و كلمة .. " أُجرة " إمتلئت في عينيها
ركبت دون أن تتحدث أو تفاوض .. فقط
قالت العنوان
وبعدها اتكأت وأسدلت جفنيها .. مُتجاهلة كُل تلك المخاطر .. يكفيها ما يحدث حتّى
لا حاجَة لكّي تثقل روحها بالمزيد
وصَلت بعد نصف ساعة لـ مُرادها
منزل واسع بحديقة متوسطَـة .. ممتلئة بالسيارات
التي ليست لأحد ..
ترجلت إلى البوابـة بعد أن ألقت بالمبلغ للأول .. بل ما يزيد ..
ثم دخلت للمنزل .. وجدته منيراً بارداً
تحتضَن زواياه كآبَـة تشابه أثاثه العتيق
المتراكم في كُل زاويـة
صدى خطواتها على الأرض الرخاميّـة
تتابعت
وصولاً للسُلم ..
صوت انبعث من خلفها .. جعلها تستدير ببرود لا مثيل له قائل بفرح
../ ااااااااااالحمد لله على الســـــلامـة .. ما قلتي لي كان أرسلت لكم السوووواق
أحتضَنتها بشَدة ولم تبادلها أبداً
إرتابت الأخرى منها فأبعدتها عنها ..
../ وووووش فيييك مبوووزة كذاااا .. عسسسسى ما ششششر
الأصباغ التي احتوت وجهها المشدود .. عيناها اللتان توهجّتا بالعدسات الزرقاء .. حاجبيها الناعمين
و انعقادهما كان ما رأته
قبل أن تقول ببطء
../ رجـــعـــت لووووحـــدي .. تعبااانة وبطلع أناااام ..
لم تنتظر منها جواباً .. استدارت و هي تشّد حقيبتها معها صعوداً إلى الأعلى ..
أوقفها صوتها القائل بحرارة
../ طّيب خلي الشنطَة تشيلها الخداااامـــة .. خليها مكاااانها
بطرف عينيها رأتها تتحدّث بحماس تنوي به
أن تُريها كُل تلك الأساور الذهبية المرصوصة على ذراعها .. بخشخشة عالية تصدرها وقد اختبأ نصفها تحت
كُم تلك الجلابيّـة الفيروزيّة ..
قالت بسخرية
../ لاآ شكراًً .. و مبـــروك كوم الذهب إلي في يدّك ..
تركتها و هي تجّر خلفها حقيبتها الخفيفة
لكّنها تشعر بثقل روحها على جسدها
وصَلت لـ غُرفتها
لكّنها تركتها .. و وصَلت إلى حُجرته
دخَلتها وهي تنفض .. عن المكان غُباره
و تستنشق بقّوة كُل ذكَرى ..
وقفت عند النافذَة لكّي تتنفسّ قليلاً
ف كما قال عليوان
سُورٌ بقامةِ العتمة

تحفُّهُ إثرَ عبورِها الغيومُ

ليعلو بعزلتِهِ بلا أشجارٍ

بدموعي المعلَّقة لوحاتٍ مائيَّة تسيلُ بألوانِها على أحجارِهِ.

في ظلِّهِ فقدْتُ ظلِّي

هُناكَ حيثُ البوَّابةُ السوداء

والحارسُ الوحيدُ ذو العينِ الواحدة

هُنا حيثُ البئرُ بيتي

حيثُ المطرُ جمالٌ دونَما جدْوَى.

*
تستقل السيارة بجواره .. تجلس بالقٌرب منه
وهي.. تهّذب أنفاسها المُضطربة من أن تكشفها
تُرتب ما تنوي أن تقوله له .. لتنهي هذا الأمر بكرامة أكثر .. و فضيحة أقل ..
لن تطُلب منه ما هو صعب .. فقط ستقول كلمتان ..
ستُذل حينها نعَم .. لكّنها ستصفها بعناية كبيرة
وصلوا للمنزل .. فتحت الباب بيدها السليمة
و هي تراقب حركاته السريعة .. حيث أغلق السيارة
وتوجه لناحيتها.. مدّ يده لتضَع يدها في يده وهو يقول
../ شوي شّوي .. بعدها يدّك ضعيفة ..
يجاملها .. و ينافقها بشدّة .. يجرحها
هذا الاهتمام الكاذب و تلك النظرة المُشفقة
وصلت للـ حجرة وهي تكاد تلتقط أنفاسها
كان يمشي بُسرعة ولم يُراعي روحها المُرهقة
تركها هناك .. وهو يقّرب كُل شيء يخصّها لها
باهتمام كبير .. لدرجة أنها جلست كالتمثال
أمام كُل ما يفعَل ..
تود الصراخ .. تريد أن تطالبه بالتوقف عن ما يفعل
تريد أن يتركُها ويرحَل ..
قاطع خيالها صوته القريب منها
../ وش فيـــك ؟ .. موب معي أبد ..
عادت من كُل أفكارها المُبعثرة على ملامحه القريبة
ذات الأهتمام الكاذب يتراقص هناك ..
يستلّذ بألمها .. هيّ
أرخت عينيها عن ملامحه وهي تقول بكآبـة مُفرطَة
../ لاآ .. مافي شيء .. بس جيعانَـة
صوته أقترب أكثر من أذنها وهو يقول بنبرة مُحبّ
../ يخسسسسى الجوع .. اللحيـن أروح أجيب لك أحلىىىى عشااا .. عطيني 10 دقائق بس
إنتي تمددي ليـن أرجع
و قبلة طُبعت على حاجبها من ناحيته .. وبعدها
خرج
و عيناها مٌعلقّة بطيفه الراحل ..
وألم مُريـــع يُمّزق روحها ... يحيلها
فقط في تلك الـ "10 " دقائق لشخص
آخر .. شخص
يجب أن تكونه .. ومنذ زمــن
*
../ مهوب بكيفها كُل ذا المدة أمي تدافع عنها و في الأخير بارد مبرد ترجع له .. كأنه ما صار شيء ..
تحادث نفسها بغضَب .. و هي تقف في المطبخ
و هي تساعد في ترتيب اغراض أختها هُنا
و من ثم تركتها وصعدت تبحث عن والدتها ..
التي تركتها و الوجوم يعتلي ملامحها و لم
تسمع منها سوى

../ أكيد إنها شافت خيرة في الروحة .. المهم اللحيـن روحـــي ساعديها في ترتيب أغراضها..
أغلقت باب حجرتها وتركتها تذهب تحمل ذنب سلبيتها المستمرة .. دون حتّى أن تودعها
و هي في داخلها غاضبة على " علي " وبروده المدقع
في مكان آخر .. داخل السيارة .. حيث جلست تحتضَن صغيرتها فوقها .. و في الخلف كان أصوات
معاذ و براءة ترتفع حيناً .. تهدأ حيناً اَخر
قلبها يخفق بقّوة .. خطوة جريئة جداً .. بدأتها
و التراجع محظور الآن .. يجب أن تمضَي قدماً
وأن تتغييّر كثيراً .. ستعود لكّنها ستكون
مختلفة تماماً عما سبق
التي لا تشبه دعاء الأولى سوى في الإسم
أمّا هو فعظَم المٌفاجأة أربكه بدرجة كبيرة .. خطوة لم يتوقعها منها أبداً
و طول المسافة لم يتحدثا أبداً .. هو مشغول بالسبب
وهي مشغولـة بالإجابة عن ذلك السبب الذي ستختلقه من أجله
لكّنَها بدأت تُدرك أن حياتها معه على المَحك
بمقدورها أن تتحمل الآلام لو كانت بمفردها
لكّنهم معها ولن تكون أنانيّـة .. من أجلهم فقط
سترضَى قسراً .. و ستنزف روحها بألآمها
وستأخذ منها مشجباً تُعلق فيه كُل رغباتها
ستقبل بفتاة تشترك معاها فيه ..و سترضى
من أجلهم ..
ف ما فعله عفوياً في نظر الجميع فهمته جيداً
لا أحد سيحميهم كوالدهم .. لذا ستعود
من أجلهم
وصلت للمنزل .. دخَلته باعتيادية عجيبـة
و كأنها لم تغادره لـ أيام كثيرة
و ضعت صغيرتها على الأريكَة .. تأكدت من وضعية نومها
ثم أنزلت حجابها وتركته بجوارها
و خرجت لتساعده في إحضار الحقائب هي وخادمتها
إلتفّ لها وهو يقول بجدّيـة
../ خلّيهم .. انا بنزلهم .. أنتو ادخلوا
حّركت رأسها بالنفي وهي تقول
../ لا معليــه بأخذ الشنطة ذي .. و قّرب الخضرا .. فيهم حاجات ضروريّـة
إرتفع حاجبيه بذهول وأستغراب .. قّوة عجيبة تنبثق من عمق كامن
في حدقتيها
أيـن .. " دعاء " .. " النعم " فقط
الموافقة و المنفذة لكُل طلباته
عبث بها طويلاً .. لكّنها كانت ذليلة .. فأمتهنها فقط
ليقّويها .. لكَن لعبته كانت أكبر منه .. بكثير
تجاوزت مبتغاه .. و وصلَت لموارد لم يُردها
أختار " أن " يتزوج بطفلَة .. لكّي يتركها بسهولة بعد ذلك ..
و بالفعَل .. " ها هي " سحر تطالبه بطلاق
خسر كُل ما أراد و فشَلت خطته فشلاً ذريعاً
ها هي تعود بقّوة لـ تصتغر جُزء عظيم من روحه
ليبدو أحمق .. ك مُراهق آراد أن يُحب .
أختفت عن ناظريـه .. هو تابع
انتهى من التنزيل و دخل وهو يجَر بعضها معه
بالصالة الداخليّة سمع صرختها
إقترب على عجَل و خطواته تلتهم المسافة إلتهماً
وصَل لها وهو ينظَر لحيث تشير و كُل ملامح الخوف والارتياع تستكين على ملامحها
حيث وقفت " براءة " لدى الباب يحمل بشكَل مُتدلّي
" جنى " التي بدت مُتألمة من تلك الوضعيّـة
الأول راقب ملامح والده بقلق وهو يقول بتهديد طفيف
عندما قالت والدته بصراخ .. وهي تقترب منه
../ حـــطــهااااااااااااا .. ولاآآآآآآ اجلللللس مكاااااانك ..
تراجع للوراء بقلق .. وهو يشد الصغيرة أكثر لـتبكي
../ لييييييييييييييش ... م م مااابااااا .. ابا ح حلا وة
../ لاآآآآآآآآآآآآآ .. حطططططططهااا بسسسسسرعة
تراجع للوراء بخوف من ملامح والدته .. التي لم تدرك بأن دموعها سقطت .. و كأنها كانت تنتظر موقف هكذا لتنفجر ..
تراجع وهو يصَعد بها لدرجات عدّة وهو يقول بخوف أكثر
../ بروووح أحطططططها ف الســريييير طيب ؟
بدأت تتحرك بسرعة نحوه .. فخطوة أخرى
منه .. قد تقع الصغيرة أرضاً
لكَن يده دخلّت أخيراً .. وهو يجذبها للخلف و يقول
../ وش فيـــك مو كذآ ؟؟؟؟
ثم إلتفت لبراءة وهو يقترب منه ببطء
و يقول بإبتسامة كبيرة
../ براءة حبيبي ..أعطي جنى عند ماما.. و انا بعطيك حلاوة ..
إرتسم الفرح على تقاسيمه البريئة .. وهو يقول
../ والله ...
ثم التفت لوالدته وهو يقول بخوف هامس لوالده الذي اقترب منه كثيراً
../ بس خلي ماما ماتضربني ...
إلتقط جنى من بين ذراعيه الصغيرة .. وهو يمسك بيده
.../ لاآآآ ما تضربـــك .. بس ثاني مرة لا تشيل جنى .. عشان هيّ نونو و هبلة و مسكينة
.../ هبلة و مسكينَـة ..
إبتسم له أكثر بسبب النقطَة التي أرتكز عليها
../ إيــوة
وصَل للأسفل و مّر من عند والدته وهو يهرول
نحو معاذ الجالس أمام شاشة التلفاز بصمت
../ بابا .. جيب ليييي حلاوتيـــن ليّا ولمعاذ طيب ؟
... / طيّب يا بابا
و قف أمامها وهو يمدّ .. جنى لها
و عيناه تتابع ملامحها التي تجمّدت فجأة و جفت على أثرها
دموعها سريعاً ..
../ دُعاء ...
ضغطت على عينيها بأناملها بإرهاق وهي تهمس
../ عارفة وش بتقول ... لا تنسى الحلاوة بس .. خذها من شنطتي و لا يشوفك براءة ..
و صعدت تتبعها عيناه ..
شعّور غريب .. يستّلذه
بات يُعلقّ بين جنبات قلبه
في الأعلى .. في غُرفتها الأثيرية
حيث احتوتها أياماً طويلاً بل سنيناً عديدة
احتوت همساتها و حركاتها .. جنونها
وهدوءها ..
دارت عيناها المكان بألم لا تعرف معناه
و قلبها يُتمتم لروحها ..بأن كُل ما حولها أصبح لا يخصّها .. و كأنه لـ أحد آخر لا تعرفه
و كأن تلك الطفلة .. عبثت حتّى بحُجرتها خاصتها
ابتسامة مُرهقة تتهدّل على طرف شفتيها
وهي تضَع طفلتها على السرير و
ترقد بكامل هيئتها بجوارها .. تُداعب شعرها

جنــــون
05-16-2012, 12:29 PM
و هي تجول بنظرها للأشياء حولها
تود إحتضان كُل ما هُنا ..
وشيء أشبه بالنكُران يعتصرها
و سأترك لـسوزان حقّ الوصَف
وجهٌ أنْكَرَتْهُ المرايا، العيونُ، البلادْ

أحدِّقُ في أمطارٍ تعرفُني

أكثر من دموعي

ينابيعُها البعيدة

لعلَّني في انهمارِها أُبْصِرُ حُبِّيَ القديم

وألتقطُهُ

بنظرةٍ على الأقلّ

قبلَ أن يرتطمَ بالأسفلتِ صرخةَ طائرٍ

أو يَعْلَقَ مثلَ قفلٍ صغيرٍ بغُصْنِ شجرةٍ مُغْلقةِ الأبواب.

ضحك لهم يوم آواجهم وانا خابر
اطيبهم اللي لوبكيفه (شرب دمي)
وأمشي وانا آرفع يديني للسماء صابر
(يالله لاتجعلهم آكبر همي وغمي)

اللذة الثالثة و الثلاثين

اللذة الثالثة و الثلاثين

قد تختصَر سنين العذاب الطويلة .. بلمسَة

أو كلمة .. أو حتّى دمعة عابرة
و يالـضُعف قلوب البشَر مُجرد إبتسامة كفيلة
بأن تزيح كٌل تلك المعاناة .. وتبدّل الحياة لـ ألوان مختلفَة مضيئة تلتقطها عيونهم
التي تشبّعت الظلام .. و الألم طويلاً وقفت عفاف وهي تمسح دموعها بينهنّ .. وتصرخ بمرح
مُفتعَل

.../ خلاآآصً يا جماعة خلّصتوا لنا دموعنا .. وعيناها تستقر على المشّهد الحيّ أمامها

حيث تمسح أمّها بود وحب بالغين رأس نور المنكّس ../ الله يستر عليك .. ويحفظك من عيال الحرام.... بسّك بكى .. قطعتي قلوبنا

تطالبها بالاكتفاء وهي تبكي .. و ستتحمل كُل ما هو قادم من الألم من أجلها

بادلتها ابتسامة صافيَة وهي تهمس لها هي فقط

../ يمّه إنتِ عارفة إنّي مظلومـ ـة بدخلتي للسـ
قاطعتها وهي تُربت على إحدى كفيها وبالأخرى تمسح عينيها و من بين شهقاتها الموجوعة

../ أدري .. أدري ق قلـ ت لهم إن بـ نـتي ما تسوي يها ..
ضمّتها وهي تغرق رأسها في صدرها
و تقبّل يديها مُستنشَقة بجوع عبق كفيّها
أنستها أيام السجن و وحشَته رائحتها
../ الحمدلله ... على كُل حااااال .. الحمدلله
استلقت بينهّن و كُل واحدة منهن تأخذ ساعة من وقتها أو يزيد .. تحكي كُل ما جرى في غيابها .. وبأدق تفصيل

استمعت لهم بحب .. رغُم التعب المُفرط الذي يكتنف روحها و الخوف الكامن في قلبها فأبيها لم يصَل بعد

صوت " نورة " أنتشلها من غيبوبة أفكارها وهو يقول بود../ شايله هم شوفت أبوي لك ..؟

ابتسامة مُهملة علقتها على طرف شفتيها وهي تُعدّل من جلستها المُسترخيّة

لتنتبه للتو أن الغُرفة أصبحت فارغة من الجميع عداهما.../ أبوي عارف إنّي هنا ..
شهقة قصيرة كتعبير عن الدهشَة انطلقت من عُمق نورة التي همست بذات النبرة../ كيــــــــف ؟

زفرت الأخرى و هي تجيب ../ أتصلوا عليه .. هناك ...

نظرت لعينيها مُباشرة وهي تتابع ../ بس ... ما وافق يجي يأخذني ..

اتسعت عينا الأخرى بأسى .. وذهووول لتتابع الأخرى ببطء و شبه لا مُبالاة وهي أبعد ما تكون عن ذلك

../ أظّن .. قال لهم إنه مشغول أو شيء
أعتلى الوجوم ملامح الأخرى و بإرتباك قالت../ ب بـس .. ما توقعت ردة فعله بتـك...

قاطعتها وهي تلّوح أمامها بهدوء ../ ما علينا ما علينا .. أصلاً كنت متوقعة هالشيء لكَني خايفة اللحين من ردة فعله لا شافني هنا ..

همست لها ../ هم قالوا له إنهم بيجيبونك .. صح ؟

../ أظن ..
../ إحتمال كبير .. إنهم قالوا له .. بس خليها على ربنا لا تخافي حنّا معك كُلنا .. وأكيد ما بيسوي شيء يضّرك .. تراه أبوكِ

لمعت عيناها وهي تهمس .../ يارب .. يارب .. ما ابغاه يعصّب و يهوج .. موع شاني عشان قلبه هو ..

إبتسمت وهي تتأمل ملامحها .. أو الجُزء المعطى لها نور العين مختلفة جداً .. حساسة و ودودة
تغيّرت جذرياً حتى عينيها تحملان بريقاً خاصاً

لكّن يبدو أن الجميع أحبها هكذا .. أحبها أكثر ../ سوووووويت لك حاااجة بسيطة .. تعبيراً منّي على

قاطعتها الأخرى .../ شفففففف .. النصاااابــة .. أنا إلي مسويه الحلا

../ ما أنصب منّك إلا إختك .. أنا إلي مسويته تعبانة فيه .. و بعدين أكبر دليل على إنّي أنا إلي مس
قاطعتهم نورة ../ ببببببس حسبيّ الله على أباليسكُم .. ما صار حلا
غضبَ عقد حاجبيها بشَدة و ابتسامة علقت على شفاه " نور " .. .
./ و الله أشتقت لهبالكُم لتتحول إبتسامات حقيقية على وجوههم الممتنة بحق لكُل شيء
و اجتمعت رؤوسهم على صحن حلا صغير .. و مُبارك .. لـما في قلوبهم من حُبو ما تحمله أرواحهم من رضى مّرت الساعة تجّر أختها حتى جاء طلال وهمس لهُن
../ أبـــوي جّاااااااااااااااااا نهضَن بسرعة و نورة تمسك بيد نور
وصَلن لحيث جلس تجاوره شروق .. بينما عيناه كانت مُعلقة بأداة حديدة صغيرة بين يديه

جنــــون
05-16-2012, 12:30 PM
صوت " نور العين " المميز أنطلق يقول
../ الســــلآآآآآآآآآم عليـــكُم
لتتبعه أصواتهُن المختلفة
../ السلاآآم عليكم ورحمة الله
توقفت عن العبث بما في يديه .. عندما شعر بإقتراب
إحداهن منه .. و قبلة دافئة استراحت على رأسه
عيناه راقبت رأسها الذي أنتكَس أكثر ليصل ليده المعلقة في الهواء ..
وعندما أستقرت ملامحها كاملة أمام محيّاه ماعدا جبينها الذي غطّته خصلات " قذلتها " الطويلة لتتحول عيناه و تتأمل الفراغ
وهو يشعر بأخوتها يقومون بذات الفعل
و الجلوس إلى جواره .. في عُمق نفسه التي تحمل الأبوّة الرحيمة سعيدة بوجودها

أمامه يتمنَى أن يحتَضنها بقوة و لا يدع أحدهم يلمسَها من جديد

لكّن كُل تلك الأمنيات صغيرة جداً واهنة ضعيفَة أمام تلك القسوة التي تحجّرت حولها لتشّكلها هي كما تريد
و زعل عميق عميق عميق يحفر خطوطه بجلاء على ملامح وجهه التي تهجّمت لتلك الذكرى فوراً

صوتها القادم من حيث لا يرى ../ أبوي سامحني .. تكفـــي سامحني .. والله ما كان لي يد في إلي صااااار ... بنـــتِك مظلووووومة
هذا ما نال سمعه من حديث ظنّه طويلاً بما يكفي لإستمالة عواطِفَه .. يصَدقها و يكّذبها
لكَن للقانون إحترامه في ظنّه .. أنهى كُل ذلك بوقوفه .. ثم تحّركت خطواته
نحو الباب بسرعة لا حاجة إليها .. وهو يقول بأمر

../ نورة .. جيبي .. العشاااااا لحجرتي

أستغفر الله العظيم
*

مرت أيام وأيام وهي تقبع في ذات المكان

كُل ما حولها يتغير بإستمرار .. و تأخذ خلفيات جديدة
لحياتها الكئيبة الرتيبة
موجوعة حد إنسكاب الألم من بين حناياها بلا توقف
ندم لا مُبرر له ينهش فؤادها ..
وهو صوتها الواهن يُكرر

.../ لو ما طحــــت .. لو ما طحت وقتها كان عرفت عنهم .. هم أحيا .. ولاآآآآ مـآتـ ـ ـ

و تشهق بالكلمة الأخيرة
.. باستمرار لا تملك القوة التي تكفي لجعلها تصرخ بكُل ما حولها
كذبة بسيطة لفقَتها ..

لتُسكت بها أبيها الصامت أصلاً رٌبما من أجل السؤال الذي علقَه في عينيه ..

سبحان الله العظيم وبحمده
*
إنتهت صلاة المغرب و خرج هو بقامته المديدة و ملابسه
المميزة بفخامتها من بين سكان هذه القرية الصغيرة
طفلان يعبثان بأكوام الرمل على زاوية المسجد و تناهى لمسامعه هذا الحوار
../ تعال بيتنا اليوم ..
../ لاآ مقدر ... أمي تقول صرت كبير عيب أدخل عندكم .. و أخواتك موجوديـن
../ طيب نلعب قرب المزارع و ننادي صلاح و فهيدان
نبرة مٌرتعبة ../ لاآآآ .. بيطلع لي الوحش
صوت الأخر كان أكثر هدوءاً وهو يقول ../ يا خواااااف .. ما فيه شيء .. الشرطة ذيك المرة يوم جت مسكوه و أخذوه
../ يعني ما عاد بوه وحش؟
إبتعد ولم يسمع الإجابـة .. و عقله يتذكر ما حدث للعصابة بينما
تتابعت خطواته صعوداً إلى الأعلى .. و حذائه
المصنوع من الجلّد البني و قد أحاطت مقدمته أكوام الأتربَة يدوس بقّوة على أجزاء الحجارة الجبليّة الصلبة
و عيناه لا تُفارق الكرتون الصغير الذي يحمله بين يديه
وصَل لأعلى الجبل حيث يقبع كهف متوسط العمق سقفه منخفضَ فلا يستطيع هو الوقوف بإستقامة تامة داخله
بقايا رماد في منتصف المساحة خارجه و شيء ما أشبه بالفرو الصوفي مُلقى في الطرف البعيد
هبّ النسيم عليلاً في تلك البقعَة حيث غطا ظلام المغرب فأوقد النار .. و بقيّ صامتاً و غارقاً في فكره
سارحاً ف مستقبل مُكبّل بين أناملها تركها بالأسفل تقاسم الفرح سعادته
بلقائها بأمها .. و تاركاً قلبه موجوع .. مُخطئ حتى النخاع
لكَن على الرغم من أنه عاشق حتى الإمتلاء فهذا لا يبرر ذلك أبداً
أنتبه من أفكاره على صرخات هاتفه ليجدها ندى
../ هلاآ .. صقر وينك إنت ..؟ أنا جيت عند باب المزرعة
عقد حاجبيه وهو يجيبها بحزم
../ وشو ..؟ ليش جيتي المزرعة
خفت صوتها وهي تهمس له
../ أبوي معي و متحلّف فيك .. و جيت هنا على أساس إنك داخل
زفر بشَدة و عقله يلتفت للمصيبة الأخرى المعلقة في رقبته
../ لاآ أنا برا .. عندي شغل مهم و جايكم للبيت بكرة
إرتفع صوتها وهي تقول بتمثيل
.../ آهاااا .. طيب متى بتجينا للبيـــــت ؟ خلاآآآص ننتظرك لا تتأخر
أغلقت الخط .. ثم عادت بعدها بدقائق تتصل
وصله صوتها متلهف
../ صقر .. أنا قلت لأبوي وخلاص هو راجع البيت يحطه السواق ويرجع لي .. بشوف صبا شويّ ممكن ؟
لفظت كلمتها الأخيرة برجاء هزّ شيء ما داخل روحه ليقول بنبرة هادئة
../ صبا مهيب داخل .. أدخلي للفيلا في خالتي و بنتها أجلسي معاهم ولا تتأخرين برجعتك للبيـت
نبرة مُتسائلة
../ لييييييش وينهااااااا ؟
../ بعدين أفهّمك ...
../ صقر بليـ
../ قلت لك بعديـن .. و لا أقولك لا ترجعين مع السواق ..
أخلص أنا و أرجعك
بيأس قالت
../ طيّب ..

ابتسامة حزينة نالت من ركُن شفتيه وهو يقول
../ قلت لك بفهّمك .. و بدق لك من رقم ثاني .. مع السلامة
أغلق الخط .. وأنزلت هي الهاتف لتضَعه أمام عينيها المذهولتين .. صوتها خرج هامساً
../ صقر .. متغير .. حتّى ما صك بوجهي الخط .. و بعد
قال مع السلامة
لم يطُل ذهولها إذ قطعه عليها دخول أحد عُمال المزرعة .. لتنتطلق
بخطوات سريعة نحو الفيلاً .. حيث أمرها أمّا هو .. فقد ترك الهاتف بجواره وعيناه تجول
في المنظر من الأسفل من هنا يستطيع أن يرى
القرية بكاملها .. الجُزء المقسم إلى أراضي متعددة و نخيل شامخة ..
و الجزء الأخر حيث تناثرت بانتظام بيوت شعبيّة بسيطة .. و على بعد أمتار مجمع مدارس صغير
في الناحيّة الأخرى منزل أخذ زاوية إستراتجيّة تناسب أصحاب الأعمال المحرمة
و اللصوصيّة .. و قد اتخذوا من هذه القرية أرضاً خصبة لدفن جرائمهم .. و نهب خيراتها من أجل مصالحِهم
و يعللون ذلك بالجِن و ما شاءوا من تسميات
فقط لأخافتهم وإبعادهم .. عن المكان
إبّان عملهم
يتذكَر بصورة متسلسلة رتيبة ذكرى حديثه مع خالد
و مدح الأخير له لمعرفته الجيدة بتفاصيل المكان
و لخطَته المحكُمة
جلس وهو يهمس بصوت لا يسمعه سواه
.../ أكيد .. مو كُنت منهم بيوم
إنطلق رنين الهاتف من جديد .. فأجزْم أنها ندى
لكَن إنعقاد حاجبيه وهو يلمح الإسم
الذي يومض على الشاشة بإصرار و تعنّت
و ذل كصاحبته
" سارة " ..
ترك الهاتف و علّق عينيه في ذرات الهواء
أو بالأصح في بقايا زفرته الحارقَـة
رجَل شرقي أحمق يبحث عن الحب كتسلية
حتى لو كان ما يفعله خطأً فادحاً
لأن من يحبها بحق لا تنظر له
و مع ذلك .. لن يتراجع عن هذه وتلك
هو الآن يفعَل العكَس تماماً
رفع الهاتف أغلقه .. وأزال الشريحة
كسرها لـ نصفيـن و ألقى بها بعيداً
في جوف الكهف وهو يهمس لذاته مجدداً
../ و ذي بعد .. ما عْدت أحتاجها

سبحان الله العظيم و بحمده

*

في مكان آخر .. مفعم برائحة الحنين
يتغّنى بالبكاء كطفل يهدهده الأمل
تغفو على عتبات المكان رائحة الماضي الأسود
حيث جلست بالقُرب منها وهي تحتضَن كفيّها
وتتأمل ملامحها بنهم لن تكفي أي منهما
من الأخرى .. وساعات حوارهم تمتد طويلاً
صلين المغرب جماعة بعدها أستمرت أحاديثهم
و وصلوا لوقت العشاء و مّرت عليه ساعة
حين وصَل الحديث لهذه النقطَة
../ بس يمّه أمهم ماتت من زمان .. و خالتهم إلي هي جدتي
.. ربتهم هو وندى .. وقايمة فيهم
عقدت الأخرى حاجبيها وهو تقول بإستغراب
../ غريبة ما كان هذا كلامه لي .. مدري .. أذكر بعد إنه
متزوج صحيح
ابتلعت غصَة كبيرة استوطنت بلعومها منذ بداية الحديث عنه
وهي تراقب أمها تتابع
../ ولا أنا إلي قلت من راسي .. بس كم مرة طلب منّي
أدعيله لأنه ظالمها .. بس منهي مدري
قلت يمكن مرته ..
بماذا تجيب .. و بماذا تبرر
لم تهتم لكُل مشاعرها التي غرزت أشواكها في قلبها
المُرهق وهي تقول
.../ إيه ... متزوج ... وأنا مرتـه
تود أن تصَرخ .. لتلك الحقيقة بألم ..
و زاد ثقل مشاعرها .. عندما رأت كُل تلك السعادة
التي رُسمت على ملامح والدتها .. التي تلقفّتها
بين أحضانها وهي تهمس لها بنبرة مُتحشرجة
../ ونـــعم .. ونعــــم فيه .. ياااااا فرحت قلبي
فيييييييييكم ... الله يسعدكــــم
بكَت الأولى و بكَت الأخرى معها
لذات السبب لكَن كُل منهما تحمل مشاعر مضادة
قصّت لها بسعادة مُفرطة عن كُل ما فعله
من أجلها .. و من أجل سُكان هذه القرية البسيطة
عن بطولاته .. و عن العصابـة ..
عن كُل ما تعرف عنه .. و الأخرى تستمع
بذهول وهي تهمس لوالدتها
../ يمّه متأكدة إن إلي كانه صقر ما غيره ..
../ إيه يمّه ولا به شك
تُركت تتخبط في تيه فكرة و شعورحتى بهدوء ..قالت والدتها أخيراً
../ يمّه .. الليل بينتصف .. ورجلك ما رجع .. قومي شوفيه
..
انكمشت في موقعها و أنزمت شفتيها تعبر عن مشاعرها بملامحها .. و تحمد الله أن والدتها لا ترى كُل ذلك ..
../ ويــن أشوفه .. معرف لـ هالمكان أخاف لا خرجت أضيع .. خليه أكيد راح لشغله و بيرجع
.. / زيـن يمّه أنا بقوم أتجدد بصلي ..
نهضَت وراحت تتلمّس طريقها بيد و بالأخرى تعانق راحة "
صبا " التي تركتها تسير في الطريق الذي اعتادته
و خرجت للفناء الصغير حتى " دورة المياه "
تركتها ..
ووقفت هناك
تراقب السماء من فوقها و تبتسم
أحياناً نُضطَر أن نسعد و نحن في عمق آلامنا
لأن السعادة حينئذ تكون فرض
لكّنها تحمل جميل لا تستطيع ردّه لـه
ربما هو تكفير عن الذنب .. لكّنه فاز بفرصته
هذا
ما كان يجول في عقلها وهي تقف قرب
الباب ... و تنتظر

من يصدق إنه في ذكرياتها
بس المواقف بعضها كانت
كبيرة
كبيرة
كبيرة

أستغفر الله العظيم

جنــــون
05-16-2012, 12:30 PM
*

في المطبخ مكان عملهم الأول ..
و قفن وهن يسَرد عليها كُل ما حدث في غيابها ..
لم تمّل هي الحديث فقد جلست على الكُرسي و بجوارها يجلس " طلال" أرضاً ..
تقبض بيدها شعره و تمّسده برفق ..
رغم أن الوضعّية غير مريحة لـرقبته إلا أنه يبدو مستمتع لأبعَــد حدّ ..
و نورة تتكَلم بإسترسال دلفَت زهرة سريعاً وهي تمسَك بيد نور
تجذبها لتنهض وهي تقول بهمس .. مرح

../ قـــوووومي شكَل أبـــوي مّروق .. شيلي الشاي ودخليه .. بسسسرعة

قفّزت على إثَر قولها حملتَه و أنطلقت به

يلحقنها أخواتها على مهل
ويترقبَـن ما سيحدث لها دخَلت الحجرة الصغيرة التي تُسمّى مجلس

حيث يجلس والدها هناك يتصّفح جريدته ..
و على بعد تتكّئ والدتها لـتخيط قّربت الشاي ..
و وضَعته أمامه سّلمت على رأسه و هي تقول

../ صبّحك الله بالخيـــر يبه ..
و من ثم لأمها بالمثل

ابتسمت لها والدتها بفرح تحثّها على المواصلة

فجلست هناك وهي تفرك يديها بإرتباك ..

أرهقت كثيراً .. في أول يوم لكّنها لم يعرها سوى إذن مسدودة عن كُل ما تتفوه به من اعتذارات و ألتزم الصمت حيال كُل شيء ..
لكّنه تكّلم فجأة وقد وجهه حديثه لـ " زوجته "

../ إيه يا أم طلال .. أنا بكّلم مزنة تجّي عشان نشوف ترتيبات الملكة و كذا ..
إبتسمت ..
لـذلك لكّنها ما لبثت تلك الإبتسامة أن تتنفس ..
حتى قال
../ و أم رعــد .. كأنهم مازالوا معزّميـن قربيهم اليوم .. فوئدت ..

و ماتت اختناقا في قلبها

عن أخطائهِم عن خسائري
عن أشجارِ الدَّمْعِ وعصافير العَدَمْ
عن قمرٍ صغيرٍ من الصَلصالِ الأسود
عن المدينةِ المُبَعْثَرَةِ في مرايا المطر
عن آخرِ خرائطِها في خطوطِ كفِّي
تُحدِّثُني الأوراقُ
في حفيفٍ خافتٍ
لا يقودُ إلى أفُق.
*( سوزان )

وأتنهد وأقول : تزين ؛
مع أن الوضع متأزم وصاير طين .،
واتنهد واقول : تزين ..،
واحرث الليل .. في " رجوى صباح " من وراه يبين
وأقول : تزين ..
أقول : تزين ،
وأشوف ( أحلامي البيضاء ) غدت قدام عيني .. عين ،
تناظرني تناظرني تناظرني
وانا ما أملك لها يدين ..
.................. وأقول تزين !

اللذة الرابعة و الثلاثين

على عتبات باب منزله .. حين أغلقه خلفه بهدوء
و يدّه الأولى تضَع على الطاولة
الطعام السريع
الذي أحضره معه
استدار لحيث نوى أن يذهب ..
لترتطم عيناه بجسَدها الذي وقف بوضعيّة مائلة لدى
الباب ..
ابتسامة حنونة رُسمت على شفتيه وهو يقول بنبرة هامسة
../ تعالي .. جبت العشا . .أكيد إنك جيعانة الحين
لم تُعّقب على ما قال بشيء ..
و لم يَرى أي اختلاجة من ملامحها ..
اقترب منها أكثر رفع رأسها و أزاح خصلات شعرها
المُنسدَلة على جانبي وجهها ..
../ وش فيـــه ؟
صوته القلق .. أحرق ما تبقّى من شعور داخلها
عزمها على الصراخ تبدد عند نبرته تلك
لكَن البقايا القليلة أستمطرت دموعها
و دموعها فقط ..
تعاظْم القلق في نفسه وخوف جديد يتسلل إلى نفسه خشية أن يصيبها انهيار مماثل لسابقه .. و هي التي لم يمضي على خروجها من المشفى ساعات
../ هديل .. لا تخّوفيني ... وش فيك تصيحين ؟
شعور مشابه لوخز الإبر ينال من حلقها
المُمتلئ بغصَة كبيرة ترفضَ الإنزياح
يزيد عذابها بشعورها واقفة بين ذراعيه
ذُل ..لا يستحقه إلا منهم أمثالها
يعذّبها بطريقة مُختلفة .. يُشفق عليها
و هي التي مارست الحرمان لكي لا يفعل
قاومته بضَعف مُتفشّي
وهي تهمس بنبرة كسيرة
../ لا تنافق .. طلقّني خلاص ..
أبعدها وهو ينظَر لملامحها بإستغراب كبير ..
صوته المُستفهم .. سألها بتعجّب كبير
../ أنااافق .. ؟ وأطّلقك ؟ .. و ش فيه ؟
تراجعت للوراء و جرعات غضبَها تتزايد
صوتها عاد أقوى من ذي قبل وهي تقول
../ تسّوي نفسك ما تدري .. وإنت إلي قلت إنك تبي تطلقني .. تركي ... إنت تزوجتني و إنت عارف إنّي كنت وكنت .. و عارف إني خارجة من السجن .. و إنسانة مو ممكن
تكون أم أو حتى زوجة .. و مع ذلك أصريت .. أنا ما أقدر أرفض قرار أخذوه هم ... لكَن إنت ليييييش وافقت ؟
شهقّت بشَدة وهي تتابع
../ ماعاد يهمني شيء بعد ماقالوا أول حشرة و اتزوجت الحين بيقولوا حشرة و اتطلقت أنا ماتفرق معاي .. وإلي يبغى يتكلم يتكلم و يقول إلي يبغى .. أنا كلام الناس
ماعاد يهمني في شيء كفاية إلي شفته منهم
إلتفتت وهي تضغط على راسها بقوة .. و بيديها
تجذب شعرها للأعلى

جنــــون
05-16-2012, 12:30 PM
../ آآآآآآآآآآآآآآه .. ياربي ريحيني من الدنيا ذي تعبت أنااااااااااااا تعبت
التقطَها بين ذراعيه
و روحه العاشقَة تجاوزت
سيل كلماتها لخوفه من انهيارها
أخذها حيث يجب أن تهدئ و تسكُن روحها
العرق الذي بدا مواسياً لدموعها راح يتصبب من جبينها ..
تكّلم بهدوء و روّية
../ مين قال إني حطّلقك ..
كانت ترتجف بشَدة نطقت بعدّة جمل مٌفككة لا معنى لها
أبعدها قليلاً ثم أمسك بكتفيها وهو يهمس
../ قومي .. توضي وصّلي و هدّي نفسك .. ثم فهميني السالفة
مازالت كفيّها تعبث بمسارات دموعها .. و لا تود
أن تزيحها عن وجهها حتى لا يرى ملامحها المُحمرة
أمسك بيديها ثم شعر بها تزيد تصَلُبا ً
تابع
../ أنا بقعد برا .. أهدي ... ثم تعالي.. ولو ما قدرتي
إرسلي إلي تبين تقولينه لي كرسالة
لم تستعد أنفاسها إلا حينما أصبح الأوكسجين
أكثر حريّة من حولها ..
شتمت نفسها لضعفها .. و تركت جسَدها يسترخي
تلقائياً على
وضعيتها
مّرت الدقائق بطيئَة تجُر إحداهُما الأخرى ..
حتّى مرت ساعة .. تلتها أخرى بذات البُطء
لم يقطع صوت دقات العقارب إلا أنفاسها
التي أخذت طريقها للهدوء
بينما أستعاد عقلها صفائه
تود أن تنهض و تحادثه لكَنها تخشى
أن تنهار من جديد .. عُذبت طويلاً في غياهب السجن
لكَن كُل عذابها كان جُزءاً بسيطاً من
ألمها الداخليّ .. ندمها ... وخوفها
ماضيها الأسود يُشكَل كابوساً يؤرقها
جُزء مٌعتم من كُل صورة جميلَة تتأملها
إستفاضت بها أفكارها فجعَلتها تصَل
لتلك النقطَـة .. حيث وقفت خلفه
وهي تدعو أن لا يلتفت و ينظر إليها
عيناه تجبرها على البكاء فما تحويه من حنان
حُرمت منه طويلاً
هكذا نحن .. عندما نُحرم من أي شيء نبحث عنه
حتى في غياهب ما لا ينبغي .. فقط لنتذوقه
وحينما نقف داخله نرفض العودة للوراء
أمّا هي فتمارس حق العودة قسراً
فقد
بدآ جلياً أنه من الصعب عليها أن تنطَق بعد كُل هذا
بما تُريد
لكّنها قالت بصوت جاهدت لكّي يخرج طبيعياً واضحاً
.../ أنا سمعتهم في المُستشفى يقولون إنك تبي تط
خفضت بصرها إلى الأرض وحشرت الكلمة ولم تخرج .. لأن صوتها بدأ
يتهدّج .. مُجرد تذكُرها أنها ستعود منسّية
في " غُرفة الخدم " فكرة تؤرقها
و أن يبقى هو صامتاً حيال شعورها تزيدها أرقاً
رفعت عينيها لملامحه و صمته حيال كلاماتها و مشاعرها يؤرقها
تابعت متجاوزة ما مضى
../ ف ما يحتاج تعذبني معاك .. لو سمــحت
لم ينطِق بشيء .. وكأنه يُريد منها إتمام حديث
مُنتهي أصلاً
../ خلصتي ؟
أخفضَت رأسها بشَدة و تراجعت حتى الحائط
الموازي للباب ..
و على بُعد ... نهضَ هو و إلتفت لها
اقترب خطوتين وهو يقول
../طّيب .. خلينا نتجاوز الموضوع هذا اللحين ... و أبيك تتجهّزيـن بعد ربع ساعة بيجونّ ضيوف .. وبعدها أوعدك إننا نتفاهم
تعانقت أصابعها وهي تشّدها بقّوة لبعضَها
تلتمس ثباتاً زائفاً ..
لم يُعلّق أكثر مما نطَق .. وبقي صامتاً
تُجزم أنه الآن يتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها
نظَرت لثيابها .. والآن فقد بدأت تُدرك
أنها ترتدي ثوباً مُهلهلاً .. باهت اللون
لا يشبه ثوب عروس
إطلاقاً ..
تود أن ترفع رأسها و تنظر إلى ما يُدقق النظَر فيه
لكنها تذكَرت قضيتها الأساسيّة
فنحّت كُل مشاعرها الخرقاء جانباً
والتفتت لتخرج من الباب القريب منها لتجد صوته يوقفها
../ هديل .. أنا أحبــك
تصَلبت رقبتها لحيث تنظَر نحو الممر
تشعر أن كُل شيء تجمّد حولها حتّى الهواء
وأنفاسها .. لا شيء سوى قلبها الذي يخفق بقّوة
و يوشك على القفز خارجاً
وأخيراً خطواتها التي أسرعت لخارج المكان
ثم أوصَدت الباب وهي تلتقط أنفاسها بشَدة
و كأنما كانت في سباق مع نبضاتها
أمسكَت بموضع قلبها وهي تقول
../ ياربي .. وش يصير فيني .. بسم الله
هو قال شيء ولا أنا أتخيل
*
أستغفر الله العظيم

*
أدارت قُفل الباب .. وهي تتنفس بصعوبة
ألقت بجسدها على السرير وهي تهمهم
بجمل مُختلفـة
../ " ليش ما صرخت عليه وقلت كذاااب " .. ليش هربت لييييش .. وش أسوي ؟ وش لازم أســـــوي
و أشياء أخرى مُتشابهه
تذكَرت ما قاله عن ضيوف .. هي لا تعرف سوى أهلها فلا تظَن انه سيستضيف أخرين
لا تعلم بأي ملامح ستقابله مُجدداً ..
تبدو خائفة من كلمة قالها وهي التي تمنت سماعها من كُل شخص تقع عيناها عليه ..
لم هي ترتجف بشَدة ؟ .. أصبحت واهنة بما يكفي
شيء ما بدآ كنور مختلف .. مصباح يشبه ما يُنير على رأس الأذكياء أنار في عقلها
وفكرة .. بدأت تُلملم شتاتها حالاً .. لتصَلح ما أفسَدته
وها هي تٌلقي باللوم على نفسها أيضاً .. لحياتها التافهة في نظرها .. لأنها بدأت تؤذي الأخرين
*
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

*
فُستان " فوشي " من الحرير ينسدل على جانبي خصرها بتناسق عجيب .. ليُبرز تفاصيل أخفتها دائماً لسنة وشهور
شعرها الطويل و الذي تركته يجف طبيعياً ليبدو هادئاً على جانبيّ وجهها
بينما تٌمسك شريطة صغيرة ب " قذلتها " من الأمام ..
رغُم بساطَة منظرها .. إلا أنها راحت تتأمل نفسها بذهول .. وكأنها تراها لأول مرة
ذهول لا يخالطَه سوى حُزن على ماضي أسرفته بالمعصيّة فلا تحِن له أبداً
إنخفضَ بصرها لقدميها المكشوفتين .. وجُزء من ساقيها
علامات مُنتشرة على كُل منهما .. بعضَها محفور ة متمسكْ بشَدة .. و البعض الأخر مُجرد خطوط باهته
هذا ما تركه لها ذلك الماضي .. صوت جَرس تنبض له جدران الشُقة كُلها
جعلها تقفز من تأملاتها لحقيبتها بحث عن جورب لحمي يُغطي عاهتها
وجدته أخيراً ..
صوت ضحكات مُختلطَة بترحيب .. لـ إمراءة ..
هذا ما أستطاعات تخمينه وهي تقف لدى الباب
فتحت ببطء وخشيت الخروج .. لكَن جسَد ما برز في وجهها
جعلها تشهَق بسعادة .. وهي تقول
../ خدوووووووووج .. يا هلا والله .. وحشــتيني يا دُبــــة
أحاطَت الأخرى بذراعيها رقبتها وهي تقُول بسعادة لا مثيل لها
../ و أنتي أكثثثثثثثثثثثثثثثثثر .. من تزوجتي ما سألتي ولا دورتي كأنك أستغنيتي عنّي
عقدت حاجبيها .. فكما يبدو " خديجة " لا تدري بأمر دخولها للمشفَى
و ليتأكد شكّها جاءها سؤال خديجة
../ و كيــف شهر العســـل إن شاء الله انبسطوا ؟
../ آآآ .. إيـــوة مّرة
../ هديييييييييييييييييييييييييييييل .. يا بعديّ
ضحكت بخفة وهي تقول بذات السعادة
../ هههههههههههه .. يا الله إنك تحيّييها ..
إحتضنتها بشِدة و الأخرى تهمس بفرح
../ وآآآآآآآآآآآآآو و الله طالعة عروســة .. و حلوووة بعد .. لفي لفي كذا .. وآآآآآآآآآي الفستان روعة .. بالله وش رايك ف ذوقي خدوج مو يهبّل ..
../ لا بالله إن هي إلي تهبّل و محليّه الفستان بعد
احمرت وجنتيها وهي تحّر كفّها أمامهنّ
../ هي هي .. إنت وهي صدقتوا أنفسكُم .. تعالوا نجلس
كانت تتحاشى النظَر لوجهه الذي راح يتأملها عن بُعد .. و لكّنها تُقسم يقيناً أنه يبتسم
طُرق الباب من جديد
و سمعت صوته .. يحادث رجُل ما .. إخترق إذنها صوت خديجة التي قالت
../ تنتظرون أحد إنتم ؟
حّركت رأسها بالنفي و هي تقف و تقرب من الباب فتحته ببطء و خرجت
لتلقط عيناها " تُركي " الخارج من الصالة إلى الممر حيث تقف في آخره
يُحادث شخص ما بالداخل
../ كثر منها ههههههههههههههههههههههههههه
إنتبه لوجودها .. ف توقفت شفتيها هي عند إنفراجها .. شيء ما جعلها تتوقف عن المُتابعة
عيناه و تلك النظرة التي تحملها ..
أخفضَت بصَرها عندما دوى صوت خافت" غلاية الماء " لتقترب هي من المطَبخ
قبل أن يُصبح هُناك قبلها .. يده التي ارتفعت في الهواء أمامها تمنعها من المُتابعة
يهمس
../ أرجعي عندي ضيف .. و نادي لي خديجة ..
مازالت تلك تصَرخ هل من أحد لأطفاء النار المُتقدة تحتها ؟
نظَرت هي لكُل شيء عبثاً و أشارت نحوها .. ودّت أن تقول " طيّب .. بسّوي الشاي أنا ؟ "
لكَن الكلمات ماتت كغيرها في حلقها
وهو يقترب لها أكثر ويقول
../ خلاآص روحي إنتي بس .. أنا بسّويـه
تراجعت سريعاً وهي تلتقط أنفاسها .. و صَلت إليهَن فتهادى إليها صوت " ريم " تقول بمُداعبة
../ يا ويلي .. شوفي وجهها وش لووووونه ..هههههه .. أعترفي وش رحتي سويتي هاااا
../ يا حبيله أخوي الرومنسي
قاطعتهن بنبرة مُتجهّمة خجلا
../ أقول جب إنتي وهي .. و خدوج قومي كلمّي أخوك
ذهبت خديجة و طال غيابها ..
تنّوعت الأحاديث .. لكَن ريم بدآ جلياً أنها تتهرب من ذكر شيء ما لذا
لمَست " هديل " السؤال الصائب حين قالت
../ و أسيــــــل وش وضعها ؟
بقليل من الإرتباك
../ في وش ؟
../ يعني متى زواجها ..؟ يوم شفتها بالمُستشفى حسيت إن ما ودها تقول شيء .. شكلها كان مضايق حيل .. وأنا مارضيت أزيدها
بتهّرب واضَح
../ خير خير .. أظَن بيجلسون أكثر ..؟ ولا مدري عنهم كيف مرتبين أمورهم
عقدت الأخرى يديها أمام صدرها وهي تقول بنبرة هادئة
../ فيه شيء صح ؟ ..
زفرت الأخرى و هي تقترب منها .. و عيناها تتعلّق على الباب بقلق
../ إيه ...
صمتت لتتركها تتابع .. فقالت الأخرى بهمس خافت
../ أظن إنهم بيطّلقوا .. بصراحة مدري وش السبب بس تدرين إنها مالكَة عليه من رجعت من كندا .. على أساس إنه يروح معها .. ف الملكة كانت صغيرة مرة لأنها كانت
ذيك الأيام حزينة لفقدكم .. بس والله من وقتها وأنا حاسه إنها مو راضية عليه و ما تبيه .. و الحيـن من رجعتي قالت لهم إنها تبيه يطّلقها .. و أمه و خواته معذبينها
بالكلام والدق .. و هي تعبت وتبي تفتك من هالموال كله
تجمدت ملامحها للحظة وهي تقول
../ يدقونها بالكلام .. إيه .. أنا سمعتهم بالمستشفى يتكلمون عن شيء له علاقة بالطلاق .. بس كان إلي يتكلم أم تركي .. و أخوات " سعود " يعني قصدهم على أسيل
؟
إتكئت الأخرى وهي تنظَر للفراغ أمامها وتضيف بحُزن
../ أكيـــد .. لأن هالخبر أنتشر .. و صار كُل مين يأذيها .. بس من تحت لتحت .. ليش إنها سكتت كُل المدة ذي و الحين جاية تقول ما ابا .. هه على أساس أصلاً كانت
تقابله .. وحتى لما قابلته ما كانت تعامله في المرات إلي يتقابلوا فيها بشكَل جيّد .. أبداً
لم تستمع لمجمل الحوار .. فقط الجملة الأولى كانت تكفي
الآن عادت ذاكرتها للوراء
الآن فسرت هروب أختها .. و الآن فسرت ملامحها .. و الآن فهمت كُل شيء
عدا أن تُركي لن يُطلقَها
الأمر الأخير بدآ بحاجَة لكّي تصَرخ بسعادة حقيقية لتصَدقُه .. إبتسمت رغُماً عنها .. لتسقط على إبتسامتها عيني " ريم " وهي تقول بصوت مستغرب
../ قلت شيء يضّحك .. ؟
../ لاآآآآآ .. بس تذكرت شيء ..
حّركت رأسها بلا مُبالاة وهي تقول بنبرة جادة
../ تحتاج وجودك بجنبها تراها ..
زفرت الأخرى وهي تهمهم بالإيجاب ..
دخَلت بعدها بدقائق خديجة وملامحها تحمل غضباً
../ إيييييييييييييييه آخر زمن .. ضيفة وأقوم أسوي الشاي و أرتب الأشياء .. صدق بنات آخر زمن
ابتسمت هديل بحرج و هي تقول
../ كنت بروح أسويه لكَن أخـ ....
قاطعتها الأخرى وهي تلقي بجسدها على الأريكة
../ ما عليك .. ما عليك .. بس ريم أنت ممنوعة من الخروج من الغُرفة ..
ضربت شفتيها بأصابعها وهي تقول بنبرة خوف مصطنعة
../ يووووووووووه قالي ما أقووولك .. نسيييييت .. هع
رفعت الأخرى إحدى حاجبيها
../ و ليه .. إن شاء الله ؟
../ لأن زوجك المصون برا .. و زواجك بعد أسبوعين في مشكلة خخخخخخ ؟
إعتدلت في جلستها سريعاً كالملدوغ
../ كذااااااااااااااااااااااااااااااااااااابة ..
بملل
../ تؤ .. والله ..
نظرت بطرف عينيها لهديل و التي بدت وكأنها لا تفهم ما يُقال أمامها ..
../ هديل
قفزت الأخرى للخلف بخوف
../ ها .. خير ..
../ فيه شيء .. أظنك تجاهلتيه بما فيه الكفاية .. ويبدو إن زوجك مستعجل عليه ...
بقلق
../ شيء ؟ .. وش فيه ؟
../ خالك برا ما ودّك تسلمي عليه
*
أستغفر الله العظيم وأتوب إليه

جنــــون
05-16-2012, 12:30 PM
>
تجمدت حركتها لثانية أو يزيد

لكّنها عادت تسترخي في جلستها وهي تنطق بنبرة مُحايدة

../ لاآ .. ما أبا

عقدت ريم حاجبيها وهي تنظَر لـخديجة .. التي رفعت يديها بإستسلام

لتقول الأولى بغضب متخامد

../ هديل .. هالكلام ما يصير .. تراه خااااالك ..

بسُخريّة

../ من متى ؟ .. من تزوجك مو ؟

إرتفعت نبرة صوتها .. وهي تقول بحدة

../ لاآآآآآآ .. من زمااااان .. من قبل ما يأخذني بس إنت أيامها كُنت لاهية ولا يهمك في الدنيا إلا نفسك .. وبعدين هو إلا دور عليكم و بالقوة لقاكُم .. إنتِ
وأسيل ..

بلا مُبالاة

../ و ليه أسيل ما قالت لي عنه ؟

إقتربت منها أكثر همست بصوت مختنق

../ تراه جا اللحين عشان يشوفك .. هو قالي يوم الملكة .. إنه يبي يشوفك بس إنتو رحتوا بسرعـ

قاطعتها وهي تسترخي أكثر و تنطق بتعب من كُل

أكوام المشاعر المُؤلمة الملقاة بداخلها .. فقط تود أن تسترخي الآن و تغمض عينيها

و حكاية " الخال " الأخيرة تلك توترها أكثر .. و لكّنها تتعمد التجاهل

../ إيه إيه .. فهمت عليكِ

تدخّلت خديجة

../ هديل .. ترا أخر مرة شاف فيها أسيل كان الأسبوع الماضي ... و كان مبسوط ..

لتقول هي

../ و أسيل كانت مبسوطة ...

تلعثمَت " خديجة " و أعتلى الوجوم ملامح ريم .. ليقطَع كُل هذا المشَهد

دخول تُركي ..

الذي أشار لها بسبابته ... بحزم

../ تعالي ..

*

رُبما من البلاهة أن تتحرك خلفه بطاعة مُطلقة هكذا .. وهي تعلم حقيقة ما ينتظرها ف المجلس

لكَن سُرعة البديهة أنقذتها من طيش الموقف .. و أوصلتها عند هذه النقطَة

إذ امتدت يدها نحو ذلك الشخص و الذي صافحها بحرارة مُطلقَة .. أربكتها قليلاً

لكّنها قالت بنبرة باردة رغُم تصّنعها البرود

../ أهلاً ..

ثم عادت إدراجها بخطوات مُتراجعة نحو تُركي خلفها

و الأخر يقول

.../ وشلـــونك ؟

الوضَع ككل مُربك لأقصَى حد .. تود الآن الهرب و لعَن انسياقها خلف " تركي "

بصوت مختنق

../ زيـنة

لم ترفع عينيها .. عن ركبتيها و لون ما ترتديه يطبع في عينيها .. فيتفشّى خجل على وجتنتيها بحمرة

ف ما ترتديه لا يناسب رؤيتها لرجل لأول مرة ..

نهض تركي ليبدد ارتباك الموقف

../ أنا خارج خذوا راحتكم .. على ما أرجع

رغم أنها لم ترفع عينيها و ترتجي " تركي " أن يبقى .. لكّنها شعرت به يقوم بحركات لـ " خالها "

و بعدها اختفى ..

نهض الأخر .. و أقترب منها أكثر .. و قال

../ ما أعرف وش أقول .. بس أنا فرحان لأني لقيتكم أخيراً .. و صرت اللحين قريب منكم أكثر من قبل .. أختي وصتني فيكم .. بس أنا كنت وقتها صغير .. و ما كنت في
البلد أساساً

و عندما لم يجد جواباً وضع إحدى راحتيه على كتفها و هو يقول

../ المهم إني شفتكم .. و عرفت إنك بخير .. ما يهم إلي صار قبل .. إنتي اللحين معنا و بخير ..صح ؟

../ بدري .. توك تفتكر إن عندك عيال أخت .. توك تسأل ..

../ حفيّت رجولي و أنا أدوركم .. من عرفت عن السالفة و أنا ما خليت أحد ما سألت عنكم عنده وبعدها عرفت إنكم نقلتوا .. و دورت

ودورت عليكم .. بس أرتحت يوم عرفت إنكم ف بيت جدتّكم .. و حولكم أعمامكم .. أكيد إنكم كنتوا مرتااحيـن

فاجأتها دموعها التي أصبحت تبلل خدّيها .. لم تكُن تود أن تبكي أبداً

لكّن في الأخير خانتها دموعها و أخذت طريقها للخارج .. دون أن تألمها سوى بقايا الكلمات التي نطقتها

شهقة صدرت بلا رغبة منها ..

لم تلاحظ شيء سوى " ورق المحارم " الذي أقترب من منها .. تناولته و غطّت وجهها .. هذا ما تحتاجه لثواني فقط

رتّب عقلها أوراقه .. و هدأت أنفاسها مع تربيتات كفّه لقلبها ..

وجدت ما كانت تبحث عنه طويلاً .. الآن هي ليست في حاجة تركي أو أي شخص آخر

ربما جاء متأخراً .. وكثيراً

لكّن لا يهم .. هو بحث عنهم على الأقل ..

أزالت المناديل عن ملامحها وهي تراه يحتضَنها بخفة

و تجد قلبها يستكين لكل هذا

و صوت يتسرب بدفء لأذنيها

../ أقسم بالله إني بكون لكم سند .. طول ما أنا حيّ .. ما بيظلمكم و لا يهينكم أحد .. بس إنتي إهدي ..

وقف تركي لدى الباب بحيث لا تتمكن هديل من رؤيته لكّن الأخر إبتسم حال رؤيته هو التعبير الذي يحمله

../ تركي أذاك ؟

سألها بصوت هامس لكّنه وصل الأخر .. لتقول هي بهمس مماثل

../ لا .. بس محتاجة للبكاء ف بكيـت

تقدّم الأخر حتى أصبح في مجال رؤيتها .. أبتعدت هي عن خالها بخجل

ليقول أحمد ممازحاُ

../ إييييه متأكدة . أخاف مهددك و لا شيء

صفّق له تركي وهو يقول بنبرة مُستفّزة

../ لاآ .. أقول يلا يلاً .. روح بيتكم .. لو عرفت جدتي إني جايبكم بمكان واحد بيجيبون خبري

حكّ الأخر عارضَه وهو يقول بنبرة رجاء أخيرة

../ يعني ما بقدر أشوفها ..

../ أقول أذلف أذلف بس .. يالله

نهضَ و نهضت معه و يده ما زالت تحتضَن يديّ .. و عينا الأخر تترصدنا

وعندما أصبحنا لدّى الباب إنحنى على أذني وهو يقول

../ أصبري بغيظـه .. ف المهم إن شاء الله أجي المرات الجايّة و نجلس نسولف أكثر .. و صَح تراك تشبهين أسيل بس فيه فرق بينكم .. إنتي أنحف و عيونك أوسع

يد سمراء أمسكت بكتفيه و و الأخرى فتحت باب الشقة أخرجه وهو يقول

../ أقوووووووووووول مع السلامة محد يعطيك وجه

ضحكاتهم علقت في ذاكرتها للأبد كلقطة لن تنساها أبداً

جنــــون
05-16-2012, 12:30 PM
و عيناها تعيد مشهد ملامحه .. عن قرب هو يشبه والدته ربما عينيه هي ذاتها عينيها .. لكّنها أحبته

و لم تمضي على معرفتهم سوى دقائق

../ ألووووووووووووووووووووو ..

استفاقت من أفكارها على صوته و الذي كان قريباً منها .. لتجده يقف أمامها و يمسك بيديها

و إبتسامة صادقة تعلو شفتيه قال بها

../ الحمدلله على السلامة شكلك طرتي بعيد.. أرتحتي ؟

عيناها تستفيضان شُكراً .. و قلبها يخفق بجنون

تتمنى لو تعود لها جرأتها القديمة .. لتقفز بجنون نحوه ترتمي بين ذراعيه وتصرخ

بصوت شاكر يصّم أذنيه ..

لكّنها تخجل الآن حتى من أن تلتقي عينيها بعينيه مباشرة ..

قرأ ما يدور في عينيها المُنكسرتين و نطق بحزم خافت

../ أدخلي للضيوف .. و حنّا باقين على موضوعنا

تجمدت ملامحها لثواني .. و ابتعد من أمامها

تاركاً فراغاً بحجم لا تعيه في عقلها

سيطَرت على أنفاسها المضطربة خليها

لتقول له بعد إن استدارت نصف إستدارة

../ تــــــركــــي

توقف لثانية و أرهف السمع وهو يعض على شفتيه

..؛ مانعاً ابتسامة ما من أن تحلق على وجهه فيفشَل كل شيء

عاد صوتها يقول بارتباك واضَح

../ خلاآص مو لازم نتكلم ف .. قصَدي عن سالفـــ

بدآ صعب عليها أن تلتقط أنفاسها و تتابع الحديث

ف ابتسم لكّنه جعلها صغيرة وهو يدخّل لغرفتهما .. مقاطعاً إياها

../ زيــن .. قولي للبنات يعجلون بالروحة .. عشان ما يرجعون مع السواق متأخر

مّرت نصف ساعة بين أحاديثهن المختلفة .. لكّنها سعيدة

لدرجة أنها تود أن تبكي ..

سعيدة بقدر ما لا تستطيع أن تصف .. ودعتهم و أعينهم ترصَد فرحها برضى كامل

دخلت للغرفة .. فوجدتها شبه مظلمة .. ما عدا ضوء الأبجورة حيث جلس تركي وهو يقرأ كتاباً مغطياً

بذلك ملامحه ..

بدلّت ثيابها .. و أقتربت من موقعها .. نطَقت بعد جهد

../ تركي أنا ..

لم يتحّرك .. أو يبدي أي دليل على أنه يستمع .. فتابعت بجهد أكبر

../ شكراً .. كنت بقول شكراً على الي سويته

أرخى الكتاب وهو يقول لها بحب .. تفشّى في جنباته حتّى حرضّه على ما لم يكن يريد

../ شكراً .. زين .. وبــــس

إبتسمت له برضى ..

كسعادة شتمتها الغيوم

سعادة تداعبها برفق لتصّدق بوجودها على الأرض

بعد أن كذّبها المطَر .. و صدقّته الدموع

يكفيها أنها تبتسم

*

جنــــون
05-16-2012, 12:31 PM
مُترعة بجُرح عميق لا قاع له .. و لكّنها تنزف بدماء لا تملكها و يتألم شخص آخر و هي لا تدري

هذا ما كان لسان حاله ينطَق به .. و عينها تجول في شخص الواقف أمامه

بفستانها القصير و الهادئ للغاية

نطَق وهو يطوي الجريدة المفتوحة أمامه

../ على ويــــــــــــن ؟

نظرت إليه بحدة وهي ترفع إحدى حاجبيها

../ مو لمــكـــآن .. ليييش فيه شيء ؟

و كأنه بدأ يشتم مُصارعة جديدة تود بدأها

../ لاآ .. بس شفتك لابسة

../ يعني الواحد ما يلبس في بيته .. لازم يكون خارج

إتكأ على المقعد الجلدي خلفه وهو يقول

../ طيب ألبسي عباتك ... بنتعشا برا

فتحت إحدى المجلات التي قرأتها مراراً وهي تقول بلا مُبالاة

../ العشا جاهز .. و الأولاد مو هنا ..

../ أدري .. بنروح سوا أنا وإنتي

رفعت نظرها إليه وعيناها تقع على عينيه مباشرة

../ و جنى ؟

ببساطة

../ خليها مع الشغالة

عدلت من وضعية جلوسها في مكانها وقالت بنفس النبرة

../ لا أسمحلي مقدر ..

هذه إحدى المواقف التي تصف بجلاء " دعاء " الجديدة

حيث أنها كانت تخضَع لكل أوامره تلبي كل رغباته .. و قد تتخلى عن من تحب من أجله .. لذا فقد لعب بكل مشاعرها

جهلاً منه .. و ظناّ منه بخنوعها .. استثارها مراراً لكنها كانت حكيمة في كل ردودها و ترضي جميع الأطراف

و الآن عادت له استقلالية بشكل استفزازي .. لكّن ربما هذا الذي سعى من أجله

وهذه هي حصيلة ما زرعته يداه قبلاً

نطق بحزم لم يكُن ليتعب نفسه فيه سابقاً

../ أقولك قومي ألبسي عباتك بنأخذ جنى معانا.. نخلّص ونمر الأولاد و نأخذهم من بيت جدتهم .. بسرعة

لهجته الآمرة كانت أكثر من أن تمثّل الرفض أمامها

لذا نهضَت من أمامه وهي ترسم ملامح جامدة على

ملامحها

../ زيــن .. بس مو لازم تصّرخ أنا قدامك ..

رحلتهم كانت هادئَة وعادّيـة ..

نام أطفالها بينما عادت هي لحجرتها وحديث " وعد " الذي سُكب على أذنها منذ قليل يرهق تفكيرها

دلفت للحجرة لتجده جالساً أمام " جهازه "

بينما جلست هي في أبعد نُقطَة

بصوت خافت قالت

../ وافي

أرهف لها سمعه

فتابعت هي

../ صبا خرجت من السجن ..!

شرق بأنفاسه و سعل حتّى احمرّت ملامحه أحضرت كأس ماء

و اقتربت منه وناولته إياه

و هي تنظَر له بلوم حقيقي

../ كنت مخبّي الموضوع عن الكل .. هذا وإنت ولي أمرها .. لا و مخلين المسكينة ف مخزن الحشيش ..

قاطعها بحدة

../ وش عرفك إنت ؟

زفرت بهدوء وهي تتراجع للوارء

../ وعد .. و عمتي بعد كانت تدري .. تقول راحوا المزرعة وشافوها ..

عقد حاجبيه وهو يقول بنبرة صارمة

../ يعني اللحين لازم نغّير مكانها قبل ما ننفضَح عند النـ

قاطعته هي هذه المرة

../ رآآآآآآآآآآآآحــت ... صبا راحت مع صقر بس لـ وين ؟

هذا إلي ما أعرفه

طريقة كلامها استفزته قليلاً ليقول

../ ترى صقر زوجها

../ أدري .. لكَن وين أخذها .. حتى أخته ما تدري .. وعد تقول إنه بندر يدق عليه يعطيه إن الجوال مغلق .. يعني وشو يا ولي الأمر الأرض أنشقت و أبلعتهم

تزيد من عيار التهكم حتى تخمد نار

القهر المتصاعدة في جوفها

و كأنه ثأر تود إرجاعه بكلماتها

بينما هو يشتعل غضباً وهو يصّك على أسنانه بحدة

../ لا تبطنين كلامك .. ولا تجلسين تدقّين بالحكي .. أنا موكل بندر بكل شيء يخصّها

../ ليش ؟ إيييييييييييييييه عشانها خريجة سجون بقضّية كبيرة تسود الوجه .. لكّن ما همكم كأنها تابت أو لا .. ما همكم إلا أنكم تدفنونها من تخرج عشان ما تسود
و جيهكم .. واثقيـن بصقر ثقة عميا .. ما يكون قتلها وهارب بدمها

نهضَت مبتعدة عنه لدولابها

../ تراها أخذت جزاها .. و الله على إليّ يظلمها بعد ..

رغم كُل ما يشعر به إلى أن يده أطبقت على شاشة الحاسب أمامه

و يده الأخرى تعتصر جبينه .. و كأنه يحاول أن يلتقط كُل تلك الخيوط

التي ألقتها في عقله

إبتعدت من الدولاب .. نحو سجّادتها تنوي أن تصلي القيام

و قبل أن تبدأ جلست

تراقب ملامحه المخفيّة عنها بين يديه

لتقول بجدّية

../ أنا حاسه فيها .. يمكن لأني كنت بيوم مكانها .. بس الفرق بيني وبينها .. أنا خرجت ولقيت مين يضفّني .. لقيت ناس تسمعني و أساساً تعرف أخلاقي .. و تعرف إني
بريئة من كل التهم إلي توجهت لي ..

و إنهم مجرد أصدقاء سوء خلوني شماعة لهم .. أما هي فمالها أحد

صمتت لثواني .. ثم تابعت

../ و دام إني صرت في الصورة .. بقولها لك .. أنا مو ندمانة لأني دخلت السجن فيوم .. بغض النظر عن القضيّة .. بالعكس استفدت كثير من دخلتي فوائد بربي عيالي
عليها .. و أشياء بعلمهم يجتنبوها

لكّن مشكلتنا الأساسية هي أن مجتمعنا للآن مو ناضج

و صمت مرت فيه ثواني أخرجت بعدها ما تود قوله

../ مثلك إنت مثلاً ..تزوجت عليّ عشان تثيرني .. تزوجت علي ّ عشان تصنع منّي إمراءة تحب إنها تحرق دمها و أعصابها من أجلك و بعدها بكل بساطة تطلّق " الثانية
" .. هه و معروفة إنت ماهتميت لشعور الأولى من البداية كيف كنت بتقدر الثانية .. هذا دليل

على إنك إنت بعد مو ناضَج ..

وكأنه كان ينتظر أن تقولها .. لينقض عليها ..

عقله مشوش تماماً .. و ما تقوله يزيده على ما هو عليه

هشّم كُل معنى لشعور سعيد .. لا يعلم إن كان قد أحتضَنها أو ضربها

أو........... أو .......... أو ............

لكّنه يجزم أنها باتت تلك الليلة تبكي .. هيجانه رغم كُل ما كانت تقوله

من حق و صدق .. كان لذاته , لغفلته

لكّنه كبَر الحق .. أعمى بصيرته

وجعله يجعل من اللاشيء أمرا يستحق الغضَب

*

*

جنــــون
05-16-2012, 12:31 PM
ضوء الشمس يتسلل عبر النوافذ الكبيرة بخفّة سببتها الغيوم القليلة العالقة هناك
بينما برودة عالية تسيطر على جزيئات المكان ..
عقارب الساعة تقف عند السابعة و النصف صباحاً ..
بينما الأخرى
تتسكّع بنظرها بين زوايا البهو الكبير .. استلقت على إحدى الأرائك
وغاصت بجسدها فيها .. قدم معكوفة تحتها و أخرى ممدة ترتفع أمامها على ذراع المقعد .. يدّها المتهدّلة إلى الأرض تقبض " جهاز التحكم " بإهمال ..
عيناها تتلّون بكل البهجة المُتقَدة على الصورة .. ف مشاهدة الرسوم المتحركة بلا صوت .. دليل
لكآبة لا مُتناهيّة
تتذكَر محادثَتها لجدتها .. و عمها .. يدعونها لحفل صغير هُم بصدده
لكّنهم يتحججون بأنها على شرف عودتها ..
أصبحت أكثر نضجاً لتدرك كذبتهم الصغيرة تلك
جميعُهم لا يحبونها .. و يرونها " متكبرة ، ساخرة " .. يتجنبون الحديث معها
و الآن و بعد عودتها ب مُدة قاربت الشهرين .. قرروا ذلك
زفرت بتعب وهي تقول لنفسها " حسناً ، تبدو جدتي أكثر صدقاً ..
و يبدو بجلاء أنني لن أذهب .. فلست بحاجة للمزيد من الضيق "
انتقل عقلها لصوت آخر مختلف .. قريب
أصبح من اللازم عودتها .. و إلا فقد يقرروا فصَلها
داومت لأسبوع .. لكّنه كان شنيعاً بلا ريب .. غيابها زاد
لكَنّها لا تلوم قلبها
كُل ما هناك يذكَرها بهما الأشخاص .. و المكان .. الضجّيج
و الأحاديث دائماً تتخلل إسميهما .. و يبدو أن هذا الصباح
لا يختلف كثيراً عن صباحاتها الباقيّة
الصمت الذي يحيط بها .. مطبق تماماً
حتّى الأشياء المحيطة بها .. كأنها تتمطى أمام كُل تلك الرتابة مصدرة تكّات خفيفة من باب التسليّة
تفكيرها يحوم حول نقطَة معينة .. و هي تنهض من مكانها تّرتب
" معطفها " الطويل على غير " عادة "
و تلّف طرحتها و نقابها .. سارت نحو حقيبتها القابعة على بُعد
ثم ذهبت لمقّر عملها ..
تفكَر بغباء أحياناً ف تظن .. بأنها لو
سمعت خبر موتهما لكَان هذا أقل ألماً من بقائها مُعلقة تحمل بداخلها
شمعتان متنافرتان للأمل و اليأس
عملت حتّى أصابها إجهاد حقيقي .. لكّنها تستلذ بكُل ما يشغل جوارحها
و اليوم كان صباحها مختلفاً لكَن في المساء
كانت تقف أمام " الاستقبال " و تحمل بين يديها ملفاً تحدّق في صفحاته بتعب محاولة التركيز فيه
لكَنّها سمعت صوت وصوت مألوف جداً
../ سستر ..
إلتفتت نحوه فوجدته بدأ في محادثة ممرضة آخرى
بقيت عيناها تأكل ملامحه بشراهة عجيبة تشتم وجوده بفضول أعمى
تبحث عن ضالتها خلفه أو بين يديه في معطفه .. أو
بخبر ما داخل عينيه
و كأنه أنتبه لوجودها .. ف اصطدمت نظراتهما للحظَة
قبل أن يحّولها هو و يقول بنبرة شك
../ سلمــــى .. ؟
أقترب منها وهو يبتسم و يقول
../ توقعتك ما تجي اليـوم
لمْ تكُن في مزاج يُتيح لها أن تبادله ذلك الإبتسام .. أو حتى سؤاله " لماذا "
لذا تركت ذلك معلق في ذهنها لدقائق قبل أن تشعر بذلك الشخص يتجاوزها و يشّدها من يدها نحو ممر قريب
يُفضَي لـ غرفة الممرضات
و تركت الأول و وقوفه و السعادة الرابضَة في عيناه هكذا
زفرت بغضَب وهي تتوقف عن المتابعة
../ نجوى لو سمحتي .. صدق مو بمزاج لك .. وراااااي شغَل أخلصَه بعدين
قاطعتها الأخرى وهي تقول
../ لاآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ .. هالمرة مرة بس .. فيه وحدة بتشوووفك
قليل من الفضول داعب أعماقها الغارقة في السواد
لأن الأخير غلب القليل ذاك
استدارت و هي تلّوح بيدها ب لا مُبالاة مًصطنعة
../ موب وقته .. بعدين بعدين
لكَن صوت جديد إستنفر آخر خلاياها الميّتة يأساً ..
إستفزّ حزنها ليقتلها فوخزها بشَدة في حنجرتها
إستدارت تتصَنع إبتسامة تجبرها على التقوسّ للأعلى

جنــــون
05-16-2012, 12:31 PM
لكنها تريد العكَس
../ هلاآ نشوى ..
وجه الأخيرة يصَرخ بسعادة غامرة .. لا توازيها سعادة
صحيح أنها رحلت من هناك دون توديع أي منهم
لكّنها سعيدة هي أيضاُ و في أعماقها لأنها عادت بالسلامة من جديد
../ الحمدلله على السلامَة
نطَقتها بين ذراعيّ الأخرى التي تشّدها بقّوة .. و تهمس لها
../ الله يسلمك .. و مبروووك ليكي على رجعتهم
زفرت بشّدة .. و هي تدفعها عنها و تهمّ بالتحرك لحيث تُكمَل عملها
لكَن يد " نشوى " أحاطَت برسخها
../ سلمى .. مالك يا بنت .. متئولي الحمدلله .. ما يهمش هما رجعوا كيف .. المهم إنهم جنبك دحين ..
فغرت فاهها لثواني قليلة .. أو ربما طغت لدقائق معدودة قبل
أن تستوعب ببطء سُلحفاة
ما تقوله " نشوى " هل عادوا فعَلن
.../ إنتوا متى رجعتوا ؟
صوتها كان خافتاً بل و متحشرج بشَدة
قبل أن تجيبه الأخرى بدهشَة
../ أمس .. هوا المفروض عندنا إجازة بس أنا جيت آخد بعض الأوراق .. بس أخوك وجوزك جو مع الدفعة التانية اليوم الصُبح
و لتكمَل " نجوى " بصوت ساخر
../ إيييه .. و أنا إلي قلت ما بتجينا سلمى اليوم إلا و معاها هدايا رجعتهم سالميــن .. بس مالت علينا
*

أستغفر الله العظيم
*

لاآ تعَلم كيف أصبحت تقف في منتصَف الطريق المقابل
للمشفى ..
وهذه هي المرة الأولى التي تقف فيها في الشارع
ب هذا الزي بينما ترقد عباءتها بسلام في قاع حقيبتها
لا تعلم كيف تركت نشوى ذاهلة في ذلك الممر و بجوارها
لا يهمها كُل ذلك المهم أن تصَل إلى منزلها بأسرع ما يمكن
تركتها سيارة الأجرة على بعد خطوات من بوابة المنزل الرئيسية
بعد أن ألقت له ما لا تدري مقداره لكَن السعادة على ملامحه كفتها
إلتهمت خطواتها الواسعَة الأرض من تحتها بسُرعة عالية
حتى وصَلت لباب الفلّة الرئيسي
لكَنها توقفت هناك لدى الباب
تتأمل البهو الأمامي الكبيــــر .. و خادمَة التي راحت تمسح الأرضيّة في منتصَفه
و المكان يعصف فيه هدوء لا يختلف تماماً عمّا تركته صباحاً
سألتها بصوت خافت لكَن رنّان
../ جا أحد اليوم ؟
لتحّرك الأخرى رأسها بهدوء وهي تجيب
../ لا
هكذا أوقَدت شمعَة أمل محترقَة منذ البداية
شيء ما جعلها تركض متلهَفة مغادة كُل ذلك السواد
شيء ما " آخر " جعلها تتحّرك بيأس مُفرط نحو حجرتها
لا أحد هنا فالخدم يخدمون أنفسهم .. و هي تقبع وحدها
لا حاجَة لكّي تبكي بعد الآن
فيأس في داخلها أستحال لظُلمة متفشّية
ظلمة حقيقيّة لا مادّية فيها
استلقت على سريرها
وهي تتذكَر شيئاً ..
ثم تمتمت بشيء من قبيل
أن عليها أن تشكُر نشوى ..، لأنها جعلتها تبتسم بفرحة ولو لدقائق
أحلمُ أحيانًا بتحطيمِ الحوائطِ الحائمةِ كأشباحٍ من حولي
بإلقاءِ النافذةِ جُثَّةً من النافذة
بالركضِ بلا معطفٍ أو مظلَّة في طُرُقاتٍ عارية
بإذلالِهِ، هذا المطر، وَحْلاً تحتَ حذائي
بالصراخِ عاليًا
عاليًا
حيثُ تسخرُ من وجودي جمجمةُ القمر.

2

يَ ذآ آلطـِريق !
آلدِنيـآ بِ عُيونيّ تِضييييقْ
تدري وش آفقدْ لِ آوصلِكْ ؟
آفقدْ خِطـآ
آفقدْ سنينٍ من عطـآ
عنْهآ , سنينٍ من : عذآبْ !
آفقدْ صوآبْ
فآضتْ مسآحآتيّ / خَطا !
فآضت حيآتي بِ آلنْدمْ
مخنوووقـَه
وآِحسَآسي عَدمْ ،
محتآجْ آوقَف يَ طِريق
لكِنّ , مآعندي قِدمْ !

...........
.... مآعِنديّ قدمْ !

اللذة الخامسة و الثلاثيـن

" الأخيرة "

أصابعها تطَرق على النافذة بإيقاع بطيء جداً
بينما دمعَة حُلوة تنسكَب على خدّها حتى نهاية وجهها
لتترك نفسها تسقَط من ذلك العلو ثم ترتطم بالأرض و تتلاشى تماماً
الغرفة غارقَة في ظلام دامس
ضوء خفيف تركه القمر يتسلل لـملامحها الغريبة
حُزن قاسي حُفرت فيه علائَم فرح
حدقتيها مثبتان على نقطَة ما في الخارج .. على الملحق بالتحديد
لم يختبئون هناك .. لم قتلوا فرحتها و أحيوها من جديد ؟
حركتها مجمدة تماماً .. لا تقوى على الركض
لتجد الضوء قد أنطفأ و الطيف الذي لمحته
قد أختفى
و يعود المكان مغبراً ساكناً سكون الأموات
إتسعت عيناها عندما شاهدت الباب يُفتح
ويخرج هو
يأخذ طريقه نحو باب الفيلا مُباشرةً

همست بنبرة متقطَة تعلوها شهقَة
../ حُ سـآم .. !

تراجعت إلى الوراء خطوات فقط
قطعت بها المسافة نحو الباب .. هبطَت السُلم
وأستقر نظرها عليه يقف متلهفاً في منتصَف البهو
كل شيء يحيط بهما حتى هو نفسه
لقائهما هكذا يشبه أحد أحلامها الكثيرة
بكَت بلا وعي بين ذراعيه بينما يعانقها الأخر

بود عميق رفعت نظَرها إليه بعد وقت ليس بالقليل
../ وين كُنتوا ؟

إبتسم رغُم سواد الذكرى و غُبارها وهو يربتّ على وجنتها
المبللتين
../ قصَة طويلة .. بـس مـ

قطع حديثه وهو يراها تمسح على ندبَة مؤلمة غائرة
تشي بجُرح عميق نزف صاحبَه طويلاً

يمتد من منتصف جبينه ويتدحرج نزولاً لأذنه اليُمنى
../ وش ... وش هذا؟؟؟

صوتها خائر القوى .. محشَرج بغصَة كبيرة
../ آآآآآآه .. جرح .. الحمدلله جات على كذا

بهمس خافت قَلق
../ ذاك اليوم ؟

أومأ إيجاباً
فكّأنه خطَر على عقلها خاطِر جديد
جعَل بصَرها يمتد بحريّة
للفراغ خلفه

قبَل أن تعود به لإبتسامته الجانبية وهو يقول
../ بالقوة أقنعته يجي معي لهنا..

خفق قلبها بعنف وهي تزفَر بقلق حقيقي
.../ خااايفـة .. أكون أحلم و أنا مدري

ارتفعت ضَحكته الصافيّة وهو يضَرب كفّه في ظاهر يدها
رفعَت يدها و هيّ تمسح بيدها الأخرى بقايا دموعها
../ آآآح .. بشويش .. و الله فرحانننننه إنكم بخير
و إنتوا ما تسألون عنّي .. ما قلقتوا عليّ ؟

أجابها بحب
../ لاآ حنا عرفنا من وصَلنا المركز إنك رجعتي .. و بعدين أتصَلت على البيت .. و تأكدت إنك هناك

شهقَت و أتسعت حدقتيها
../ ماااااااااشاااء الله .. و ما تقولهم عطوني سلمى على الأقل أطمنها ..و لا بالكذب قولهم يطمنوني ..
../ ما لحقَت ... تو سألتها سلمى موجودة و هي تقول إيه.. و يقطَع الخط عليّ
ضَربت كتفه القريب و هي تقول بذات الحُزن

../ مالك عذر ..

أبعدها قليلاً عنه وهو يقول
../ طّيب ممكن أطلع أبدّل ملابسي .. مشتاااق لدوش طووووويل ..
أفسحت له الطريق
لتتابع خطواته إلى أعلى الدرج

وصوته يخرج جاد و هادئ
../ خففي من صدمتك .. و ساعديه .. لأنه بيروح ل أهله بعد الصلاة

بإستغراب ..
../ صدمة وش ؟

لكَن سؤالها ظَل معلقاً في الهواء .. و لن يجيب نفسها إلا هي
تحركت بخطوات مُترددة قصيرة
مدّت في المسافة الفاصَلة أمتار وأمتار
حتى أصبحت تقف على الباب المفتوح جزئياً
حدقتيها تدور بهدوء في المكان
مُظَلم .. و بارد
لوهلة عزمت على الرجوع
قبل أن يصَلها صوت مستفهم

../ سلمـى

تجمّدة لثواني بعدها تحركت خطواتها للداخل وهي ترى جسَد
لشخص يجلس قرب النافذَة الكبيرة المُطلة على الفناء المُظلم
عدا من ضوء القمر المتسلل إليها بقوته في ليلة منتصَف الشهر
جعَلها ذلك ترى بوضوح جزء من صورة
كادت أن توقف نبضَاتها السريعة
كتمت شهقتها بقّوة غريبة عليها
و هي تراه يدّور بعجلات كرسيّه ليواجهها

نطَقت بخجَل .. و توتر بعثَرته في تحريك " جلابيتها "
../ الحمد ل له على السلامَة

ملامحه غارقَة في الظلام أو جُزء كبير منها .. تحتاج
لتفحَصه طويلاً لكّي تعَي خلجاته جيداً

نطَق بصوت مشوب بنبرة غريبة
../ الله يسلمَك ..

ثواني كانت لا تسمع فيها سوى تنفسها المضطرب بحدة
عقلها توقف عن التفكير في الخطوة التاليّة
و صمت جثم بثقله على قلبها
رجفَة خرجت من أصل أنفاسها
و عيناها تراقب الشخص الذي أقتحم الفناء خلفه
الموقف محتدم ، و مبعثر
آلمها منظَره .. و هي ترى ساق واحدة فقط مُتدلّية
و زاد كُل هذا رؤيتها لملامح شخص يشبهها قليلاً
تختفي داخل المنزل

دمعَة لم تتحكم في نزولها تلتها أخرى وأخرى
ثم شهقَة
../ وش فيـــك ؟

بم تجُيب .. هل تجلس أمامه الآن لتحكي كُل حكاية
وحدتها الأليمة .. غُربتها و حُزن الحَرب
كأبتها المُستفحَلة وعودتهم التي زادتها ألماً
ساقُه المبتورة أم ..

../ أ أبــوي .. ج جـآ
تحرك بكرسيه فور قولها للخلف وهو ينظر للفناء .. شعر بعينيها تتأمل شخصاً ما خلفه
لكّنه ظنّ أنه تهّرب من منظره المُحبط
فأي عاجز هذا الذي ستبدأ معه حياتها

عقد حاجبيه و هو يضغط على مشاعره بقّوة و يقول بجمود
../ هذا بيته .. أكيد بيجي له

زفرت بقوة و هي تقترب منه بتردد كبير ..
../ حرمته مو هنا .. أكيد جاي يدور عليّ أنا و لا حسام

جلسَت على وسادة الكبيرة بالقُرب منه ..
و هي تمسح بيدها المُرتجفَة عرق وهمي على جبينها

وعيناها تنظَر لساقه المبتورة من هذا القُرب بوضوح
../ راحت وراح معاها الشَر .. بس وشلون ؟

أجابها بدون أن ينظر إليها .. وهو يعلم يقيناً أنها تكتم
شفقتها

../ أنفجرت القنبلة قريب منها .. و

وكأنه أفاق فجأة .. على سؤال ما .. فسأل

../ إنتي وين كنتِ ؟

تجمّع عقلها ... وترتب أفكارها .. تترك قلقها على حُسام
و عيناها لم تنسَى ملامح والدها " الغاضَبة "
ثم حديثها مع ....." زوجها "

و الذكريات المُرة التي يعيد إستجلابها من سطح ذاكرتها
../ ما حسيت بنفسي .. و طَحت ظنيّت إني فقدتكُم ... و من الروعَة طحت .. و ما وعيت بنفسي إلا ف بيت عجوز قامت فيني أنا و غيري .. ظلّيت عندها لين قدّرت أرجع
للمركز .. و إنت تعرف الباقي

بهدوء وهي تتنهد محاولة إعادة الصفاء لذهنها
../ توقع أبوي .. ليش جا ..؟ يكون عرف بسفرنا .. بس هو ما يهمه أي موضوع له صلة فينا أبداً
نظر إليها وفي داخله يكبت فرحة ميّتة ..
و كأن الوقت يبدو مبكراً عليها .. هي لم تقل شيء يؤذيه
و أيضاً لا تبدو منزعجة لمّا حلّ به .. هل يشغَل والدها تفكيرها
الآن .. فلم تُعلّق على إثر ذلك
إلتفتت إليه حين شعرت به يتأملها.. فخفضَت عينيها وهي تقول بخجل فطري
../ وش فيه ؟
همّ بالإجابَة .. لكَن خروج حُسام وأبيه من الباب الرئيسي

أوقفه .. و إنشغالها السريع بالمشَهد .. جعَله يتابع بصَمت
هو على علم مُسبق بشتات هذه العائلة ..
لكَن سلوكياتها السابقة كانت تقتله
حُسام بالنسبة له صديق بل أكثر من صديق .. يُحبه كما لو كان توأم لروحه .. بل أكثر من ذلك بكثير
يراه يبذل ما في وسعَه وأكثر من أجل إسعادها
بينما كانت تبدو نزقَة حمقاء .. غبيّة لأقصَى حد
كان يتتبعها من أجل أخيها .. بحيث لا يعلم الأخير ذلك
و يبدو أنه كان غافلاً عن ماضيها بالكامل

* أستغفر الله العظيـم *

جنــــون
05-16-2012, 12:31 PM
بهمس
../ رآح ؟

ابتسم لها بصفاء و بهمس مشابه
../ وش تشوفين ؟

ابتسامته أراحت جُزء منها .. لكَن بالجزء الأخر نطقَت
../ وش يبي ؟

حّرك كتفيه وهو يقول بلا مُبالاة
../ وش بيكون مثلاً .. يدّور حرمته رقم كم أممممم ؟.. ذكريني

إبتسمت بصَدق خالص
../ عشر طعش .. زيـن ريحتني و الله إني أنخضيت

إنتقل بصَره للقابع خلفها وهو يشير بسابته
../ كشفتك كشفتك .. كِنت سارح .. يا خي إستح على وجهك .. في رجّال يسرح و هالمزيونة بوجهه ..

إبتسم له " فيصل " بمداعبه وهو يقول
../ لا بالله .. و أنــآ أشـهد

إنتفض وجهها بحمرة الخجل وهي تتراجع
.../ أروح أجيب لكُم شي تاكلونه أحسن

خرجت و تركت الباب يغلق خلفها بشَدة يتمازج صوته مع ضحكاتهم العابثة
بعض من الراحَة جال في خاطَر
مّر كطيف يشبه في وصفه ضحكاتهم
و لـ سوزان قولها
نحنُ الآنَ أكثرَ قدرةً على استيعابِ قسوتِهِمْ
وعلى افتعالِ الحنانِ
دونَ نفورٍ
كلَّما احتكَّ جلدُهُمْ بيُتْمِنا
وكلَّما عبرتْنا أحضانُهُمْ
مُسْرِعَةً
كأنَّها تهابُ ظلالَنا
تذكَّرْنا الحانةَ التي احتوتْنا
وليلاً كانَ يُرَبِّتُ على أكتافِنا المتكلِّسةِ
كلَّما أحنيْنا على الخشبِ ظهورَنا
مُثقلينَ بهم
.أجنحةً دونَ وظيفة

على الجدار قُرب الباب اتكأت بجلابيتها القديمة النظيفة
أصبح منظرها العتيق هذا جٌزء من الصورة المحيطة بها
بسُرعة فائقَة تأقلمت مع الجو المحيط
شعرها المرتب بعناية .. و الجديلتين الساقطة بإهمال على كتفيها
عيناها الواسعة السارحة لوطَن لا يعرفه
كُل هذا ظّل يتأمله لوقت غير قصير
حتى أصدرت تلك الإيماءة
لتلفت عينيها وترتطم بذلك الجسد المائل في إنتصابه
استفاقت بفزع .. و نهضَت تنفض عنها الغُبار
و هي تصارع مشاعر غريبة جداً تدفعها عنها بقوة
و تلفظ بتوتر كبير

../ متى جيت إنت ؟ ... آآآآآ .. كنت أنتظرك .. آآقصدي .. أمي تقول إذا بتبات الليلة هنا أو لا ؟

لم ترفع عينيها نحوه لثانية و أخرى لكَن صمته طال
فاستجمعت أنفاسها بسٌرعة وهي تراه يقترب منها
فتتراجع هي آلياً
بدآ مُستمتعاً لأقصَى حد .. أعجبته بشكَلها الجديد المُرتبك هذا
هل نجحت ورقته الأخيرة هل جعلت له فُسحة في قلبها

ليقول بعدها بهمس
../ كُنتِ تنتظريني أجل ؟

سأل هو .. بينما هي ترتب أنفاسها بعيداً .. تنظر لجزء المعاكس
ليكمَل هو

../ أمممم .. و إذا تبيني أبات هنا ببات .. بعد إذنك طبعاً

إلتفتت إليه بعد دقيقة .. بملامح خالية من أي تعبير
وصوت جامد لا مُبالي
../ مافي مكان .. لأنه أمي بتبات في الحوش عشان حضَرتك تكون بالغرفة .. ما أدري إذا ترضاها لنفسك ف

قاطعها
../ أوووه فكرة حلوة ..

نظرت له بحدة ليتابع بهمس متراجع و بصوت عميق
../ لاآ أنا بنام بره

../ أمي ما بترضَى

../ خلي عمتي علّي .. بس

أمسك بيدها فنظَرت إليه ليقول بنبرة محملّة بشوق كبير
../ وش رأيك بالمفاجأة .. ؟

تعثّر بشعور مختلف .. لكَن كُل ما مضى لها من ألم يعود لينطبع في عقلها ..
سرت رعشَة برودة على كامل جسَدها وصلَت

لأطرافها القابعة في عُمق يده ليضغط عليها وهو يقول
../ وصَلني ردّك ..

تركت يدها وهي تغادره .. لكَنه يمنعها
فأمله هذه الليلة معلّق بها
../ مالي شيء ..

ذراعه التي أحاطت بكتفها .. جسَده الذي صار أمامها
../ تبيني أنسى كُل الألم .. أنســى سجَن .. سنة هي .. بس كانت بالنسبة لي قرون ..

بغصّة أجابت
.. /أنسى البكاء .. طعم الدموع .. الجروح بعد الجلد .. الظلام و ريحة الرطوبة
هو هكذا .. يؤرجها ما بين يأسها .. و ظلمة .. عذاباتها و وجودة

تابعت بقسوة إجباريّة
... / مستحيـــــل

إلتقت عيناها بعينيه قسوة مُطلقَة تجسّدت في داخلها
لتقول بنبرة قّوية متابعَة
../ إلي سويته كان واجب عليك .. و لا جيت رايح بلّغ جدتي
إن بدعي لها دايم ..

دلفَت إلى الحُجرة حيث وقفت والدتها تصَلى بطُهر مطلق
بهالة بيضاء في وسط ظلام ..
كُل شيء بدآ في هذه المنزل حزيناً
حتى بعد عودتها .. يفقد شيئاً ما لا تلمسه هي
بل ربما أنشغَلت بآلامها عنه فلم تُدركه
صوتها المُحبب نطَق بهمس حنون
../ يمّه صبا .. فيكِ شيء ؟

كنتُ في أعماقي أبكي
دونَ أن يلحظَ انكساري أحدٌ
سواها.
كما لو أنَّ بيننا مطرًا
تفتَّحَتْ
كما لو أنَّها تبتسمُ
وأطمئنُّ. * سوزان

* سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم *

إستيقاظ مختلف .. مليئ بالنشاط .. و شيء من السعادة
لكَن هي كانت مُختلفَة .. صامتة
هادئة بشَدة كما لم تكُن منذ عودتها
تشتعل قلبها بصمَت .. ليحرقها هي فقط
و يذيبها هي فقط
كانت تستلقي وحيدة في غُرفتهم .. الكُل مشغول بالإعداد و الترتيب للقاء الليلة
لقاء لا يتضَمنها .. لقاء يجب أن تختفي هي فيه لحين إنتهائه
جرحها الغائر في داخلها يزيد وجعها تقرحاً
و فؤادها ألماً ..
قسوة أباها مقبولة منذ البداية فلم تكُن تتوقع أقل منها
لكَن هذه المرة بطلها .. أو من ظنّته كذلك

جنــــون
05-16-2012, 12:31 PM
سئمت أفكارها .. و استثقلت بغبائها
تذكرت نوير و كلماتها .. و استخفافها بمن وضَعته فارساً لأحلامها
صوت صرير الباب مُختلف الليلة ..
و جسدا أختاها يعبران من خلاله لـ حيث هي
جلست " نورة " أمامها وهي تقول بنبرة قلقة

../ وش فيك يا بنت .. ؟ مــرررة موب طبيعيّة .. قولي لي صار شيء .. تحسين بشيء ..؟

كتمت تنهيدة ساخنة تحرق جوفها
ف آخر ما كانت تتمنى هو أن تسمع هذه النبرة في يوم سعادة كهذا
نفَت سريعاً وهي تقول

../ لاآآ لاآآآ .. ما فيني شيء .. بس بأخذ وقت لين ما تعود على وضعي الجديد ..

أومأت " نورة " بعدم تصديق وهي تقول
../ بمشّي حالي بكلامك هذا اللحين .. بس بعدين بسمع كُل إلي يدور براسك ..

أشارت لها " زهرة " التي أستلقت على أحدى جانبي " نور "
وهي تقول
../ أمي تبيك ترا ..

../ سمعتها .. زين أجهزي إنتي ونزلي ملابسك .. تراك عروس

بملل
../ أوووف .. و صرت عروس بعد .. أجل إنتي وش ..

إبتسمت لها وهي تستدير عنهم
ثم خرجت وتركتهم .. تعبث إحداهُن بشيء في يدها
بينما الأخرى تعبث بها " مشاعرها "
مّرت دقائق من الصمت المُطبق على كَلا الطرفين
قبل أن تقطَعه " زهرة "

../ بقولك شيء .. بس مشكلتي ما أعرف أسوي مقدمات .. إنتي في ف قلبك أي شيء ناحية "رعد "

لم يفوت " زهرة " الذكيّة .. الصدمة المتجليّة على وجه شقيقتها
و التي أبتلعتها سريعاً وبمهارة فائقة مثَلت البرود

../ وش إلي تقولينه إنتي خبلة ولا خبلة ؟ .. ترا إلي تتكلمين عنه زوجك المستقبلي .. لا تحطين براسك هالأفكار .. و

قاطعتها عندما شعرت أنها ستبرر هكذا للأبد رُبما
../ طّيـــــب .. فهمنا .. أنسي إلي ممكن يصير اليوم و كلميني بوضوح و صراحة .. أنا عارفة إنه كان يلاحقك من قبل فترة موب طويلة .. يسدد ديونك إلي بدفتر البقالة
.. يراقبنا أقصدك .. يراقبك لا نزلنا ولا طلعنا من الحَرم .. دايماً موجود في المكان إلي تكونين فيه حتى لو كان واقف بعيد

زفرت نور بإعياء وهي تهمس
../ وش تبين تقولين بالضبط ؟ .. الكلام هذا ماله معنى اللحيـ

قاطعتها مُجدداً
../ لاآ له معنى ونص ... لأنهم من البداية خطوبك إنتي ..

قلب مُتشقق
تزيده الأفراح تفتُتاً

عقدت حاجبيه .. وصوتها يخرج من أعماق قلبها السحيق
../ وش تقولين ؟

أعتدلت زهرة في جلستها وهي تقول
.../ إيــه .. بس أبوي يبي يحطني أنا مكانك .. وإنتي عارفة ليه .. ؟

إزدردت ريقها بصعوبة مطلَقة وهي بالكاد تستوعب ما سمعته تواً
هل قوة الصدمة شّل تفكيرها لدرجة جعلَها تود أن تبكي
../ ليه هي السالفة لعِب .. ؟

حّركت زهرة كتفيها بلا مُبالاة وهي تقول بصوت يحمل شيئاً من غضب
../ جواب هالسؤال ب يتحدد اليوم .. حركات أبوي ما تعجبني بكيفه يشل ويحط فينا كأننا مدري
قاطعتها وهي تهمس بصوت قاسي غريب

../ بس أنا حتى لو أخـ..ـتـ..اروني .. موب موافقـة

إتسعت عينيها بذهول .. ثم لم تلبث أن أستعادت تركيزها
../ محد مستعجل على رأيك .. خليهم يجون وبعدين نتفاهم على الأشياء الثانية

فيضان مشاعرها يعميها عن التركيز في أي شيء
صوت نوير .. ما زال يصرخ في إذنها .. أصدقائه هو هل كان معهم
هل عاد لخرج ما تبقى من إنحرافه عليها؟ .. هل ترفض من البداية لتنفذ بجلدتها ؟
ضغطَت على جبينها بكلتا راحتيها ..

زفرت بشَدة وهي تعيد لتتذكر موقفها السابق
ما يُكدرها أنه كان من بينهم .. هي لم تُبصر سوى ملامح لبعضهم
لم يكُن أحدهم .. تكاد تُقسم بأنه لم يكُن من بينهم
أثقَل التفكير عقلها فأستلقت أرضاً
أغمَت عينيها لتمنع تفلّت دموعها .. ما الذي سيحدث اليوم
منذ دقائق كان همها أخف وزناً .. وعندما أصبحت الأمور في صالحها
زآد همها ..

* أستغفر الله العظيم *

جنــــون
05-16-2012, 12:31 PM
بعد مُضي ساعات النهار .. و بعد أن أنسّل الشفق تاركاً
ورائه ظلمة لا تشبه قلوبهم .. سعادة تُضئ زواياه
جميعهم الأبتسامة معقودة في ملامحهم طبيعياً .. ما عداها
تبتسم قسراً .. للجميع .. تقهقه بصوت مختلف لا يشبه ضحكها
و تألمها الأخيرة بشَدة
عمتها و عتابها الطويل لها .. و أسألتها المتكررة عن سبب عدم مقابلتها لها
منذ أول قدومها .. و إجابتها هي المدروسة و بإتقان .. عن انشغالها مرضها السابق .. ثم انشغالها بالبيع ..
لينقلب المشهد و تبدأ الأخرى بالإعتذار عن قلّة زياراتها
ثم أنهت كُل هذا بجملة صغيرة قلبت ملامحها

../ و الله لو يطَلب منّي سامر إني أزوجه .. ما أخطب له غيرك ..

تجمد تعابيرها .. وأصفّرت إبتسامتها بشَدة
ابتلعت جُرحها كما تفعل دائماً
هل تُشفق عليها .. ؟ .. ربما يبدو لهم منظرها مُحزناً .. فأختها الصغرى ستتزوج قبلها
مّرت الدقائق حينما وصَل الضيوف .. سلمّت على والدته التي بادلتها السلام بحرارة ..
تركت المكان فقد ضاق بها .. و أستثقل الأوكسجين الهواء فربض بقسوة
على صدرها
جلست في الردهة الصغيرة المفضية إلي غُرف النوم بعيداً عن ضوضاء الضيوف في كلا المجلسيـن ..

تتأمل " شروق " و هي ترسم شيئاً لا تعرف ما هو .. شيء بدت غارقة في رسمه حتى رأسها
اتكأت على إحدى يديها بينما تركت الأخرى تعبث بالمفرش الراقد تحتها
عندما تسلل إلي سمعها .. صوت " أم رعد " ذو البحة اللطيفة

../ ويـن نور .. عروستنا .. ولدي يبي الشوفة اليوم .. بعد إذنكُم

إرتجفت كافة أوصالها إبتعدت زحفاً نحو غرفتها القريبة .. أغلقت الباب بحدة نوعاً ما
وضعت يدها تُسكَن ضربات قلبها .. هل تصرخ فرحاً ؟
أم تبكي .. ؟
و لأول مرة في تاريخها تفعلها معاَ تبكي و على شفتيها إبتسامة حقيقة

دخَلت نورة وهي تبتسم لها بحب و ود عميقين
../ يالله قومي .. العريس بيشوفك ..

بصوت مازال يحمل حشرجة
.../ و الله يا هالعريس إلي لعبتوا به ..

../ من البداية مسمينك .. بس هذا أبوي الله يهديه .. وأنا و زهرة جلسنا نمثل قدامه .. و ماشيناه .. لين عطوه تو في الوجه .. نبي نووووووووووور العيـــن ..

* أستغفر الله العظيم *

وقفت أمام والدها الذي قادها بصمت لغرفة الجلوس .. و دخَل معها
ربما كانت تفضَل لوكانت والدته معها
فقد خشيت بشَدة أن يجرحها أبوها أمامه .. فلن تتامسك أمامها وستبكي فعلاً

لكَنه فاجأئها بأنه أمسك بيدها وهو يشَد على إرتعاشاتها
../ سمّي بالرحمن يا بنتي .. ما في شيء يخوف

جلس هو جلست بجواره .. بل إلتصقت به .. أي حنين هذا
الذي تأجج في قلبها ليبدو كبلسم يجبر جروحها و يوقف نزفها
تود لو يختفي كُل ما حولهما .. تقبل رأسه
و تحلف من جديد .. أن برائتها من التهمة
كبراءة الذئب من دم يوسف .. " عليه السلام "
لكَن حضور آخر مختلف بدد أفكارها .. و أبرز حضوره بشَده
عينها ألتقت خطأً من عمق افكارها بعينه ..
فأرخت عينها سريعاً ..

رأت وجهاً مختلفاً .. لا يشبه رعد السابق إلا قليلاً
صوته وهو يحادث والدها .. يبدو أعمق ثقلاً .... وأخشَن
تلك اللحية الصغيرة التي عزت عارضه .. تجعله لا يشبهه
لكَن مفعولها عجيب .. ربما ذلك الشعور بالارتياح
رغبة في الزفير بشَدة و النـــوم فاجأتها
نهضَت حينما شعرت بصمتهم .. و بنظراته المصوبة عليها
خجل لذيذ إعتراها قسراً .. حينما دخَلت و نظرات الجميع
تنظَر إليها .. و كأنهم ينتظروها لتبشرهم بشيء ما
هي لم تسمع لحديثهم هُناك هل قالا شيء يجب أن تنقله لهم
ابتسمت نور بشيء من " التناحة " ..
قبل أن تنطَلق .. زغاريــــد الفرح
لتحمل الأشياااء طرباً .. و قلبها
أيضاً

*سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم *

على عتبات درج منزوي مُفضي لحديقة الأثيرة
جلس عليه جسدين لفتاتين تحملان الملامح ذاتها .. إحداهما
إتكأت على السور .. و الأخرى إحتضَنت كفيها و تركتها على حجرها
../ يقهرني كُل شيء فيه ينرفزني .. مو مريح لأقصَى حد .. أسلوبه في الكلام .. طريقة تفكيره .. غير إنه مستواه التعليم يفرق مرة عنّي ..

بإستغراب نطقت الأخرى
../ مستواه التعليمي ..!!!

../ إيــــه .. بكرة يعاندني و يطلّع عيوني .. ليش إنّي أحسن منه وراتبي أكيد بيكون أكبر من راتبه .. و هاذي مشكلة كبيرة

نطَقت الأخيرة بهدوء مصححة مجرى الحديث
../ أسيل .. لازم يكون موقفك جاد من الموضوع كله .. هروبك هذا يخليهم يزدون الكلام عليك .. وأنا قمت أتضايق بقوة

../ لازم تقرري ..

لتجيب الأخرى بذات الهدوء
../ أنا مقررة و خالصة .. بس هم إلي يماطلون ..

نظَرت هديل لملامحها مُباشرة .. وبجدّية نطقَت
../ إنتي قررتي مع نفسك ... إذا تبي تحلّي المشكلة هاذي كلهّا .. روحي لجدتي .. وقولي لها رايك .. تراها تحاتيك و منقهرة على حالك
لا تأذيها أكثر

مسحَت براحتيها على وجهها و بشيء من الحُزن
../ مدري وش بيكون موقفها لو سمعت ردي

احتضنت هديل بذراعها كتفها وهي تقول بود
../ تراها تبي لكم الخير .. لو كان الخير في إنكم تنفصَلون .. ف ما بتزعل بقوة .. المهم إنتي أنبسطي و فرفشي

إبتسمت بصدق و نبرة سعادة حقيقة تخلل صوتها الهادئ
../ مبسوطة .. بشكَل ما تتخيلينه .. ربي أستجاب دعاي .. وصار عندي أهل

باستغراب سألتها
../ من زمان عندك أهل ؟

ابتسمت لها وهي تجيب ..
../ لاآ الناس إلي تحبيهم صدق .. من أهلك .. هذولا أهلك

أما البقيّة محسوبين عليكِ بس
تابعت بذات النبرة
../ ما قلتي لي .. وش مسوية مع أم زوجك ؟

نبهتها هديل بأدب
../ عمّتــــي .. إلي تعرفيه .. خصرااااان لأخر حد .. بس بشوف وش أخرتها معها .. أتبعتني والله
أمس كانت ببيتي .. و ما غير تطالع فيني من فوق لتحت شوي عيونها
بتخرج عليّ .. تضايقت في البداية .. بس بعدين مشّيتها
مدري تقولين خارجة من جوانتنامو .. مو حيـآ الله الس..

قاطعتها أسيل برجاء
../ تكفين .. يا هديل لا تتكلمي عن السجن بالبساطة إلي تقتلني ..
أدري ألمك .. وماضيك .. و ظروفنا .. كل شيء حولك أقوى من أنك تنسينه .. بس تناسيه .. تجاوزي كُل نقطَة ترجعك له
عشان نفسك .. وإلي حولك

إحتضَنت كفّها توأمها بحيث إلتفت أذرعهم وهي تقول
../ لا تخافي عليّ .. أيامي اللحين .. يمكن أسعد أيام حياتي
محتاج عقلي إنه يرجع لذيك الفترة بإستمرار .. أحس بكُل ألم ذقته
لذيذ على قلبي .. خفيف عليه .. لأني تبت بعده لأني بعده حسيت بالراحة الحقيقة .. محد ممكن يستلذ الألم إلا مجنون .. لكَن فعلاً
هالراحة هي إلي تخلي ذكرى الألم لذيذ
حمدلله إني تُبت .. و ما مُت على معصيّة .. الحمدلله إن أهلي كذآ
و الحمدلله إنك إنتِ إنتِ

مسحت" أسيل " بيدها الحُرة دمعة خرجت من عينيها قسراً
.../ الحمدلله .. و صـرتي شـآعرة والله

إبتسمت لها بصدقة
../ ويـن شاعرة الله يسلمك .. على هالكلمتيـن يعني

لا شيء يشبه الفرح في
الأصوات المُحشرجة
كأغنية ليلة .. فقد أهم نغماتها
و مع ذلك تبدو رخيمة .. جميلة
لأقصى حد

*أستغفر الله العظيم *

جنــــون
05-16-2012, 12:32 PM
- تمت بفضِل الله -

25 / 10 / 1431
2010/10/4

البدآيـــة
" لمن لا بداية له "

فتاة في أواسط العشرينات .. تحمل ملامح ناعمة جذآبـة
تربط حجابها على مهل أمام المرءاة .. بينما اُخرى تقول

../ طيّب .. أرسلي لي الرابط .. أول ما توصليني أتحمست أشوفه

أخذت كُتبها من بين يديّ الآخرى و أستدارت نحو الباب
وهي تقول على عجل
.../ إن شاء الله .. تامرين على شيء

نطَقت الأخرى بعتب
../ موب مغطّية وجهك ..

أجابتها وهي تغادر
../ رايــحة مع السواق لا تخافي

عقدت الأخرى حاجبيها وهي تقول بصوت خافت
.../ و ريحـة العطر بعد .. ! و الله جدتي مدلعتك لين خشَتك !

أغلقت ندى الباب خلفها .. و عادت ادراجها
بينما وقفت الأخرى على الجانب الأخر و هي تزفر بغضَب
و تتناول هاتفها لتعاود الإتصال بالسائق
../ ويـــنه هذا .. يقول برآ و هو عند الأشاارة ..

صوت غاضَب مُضطرب قاطعها وهو يقول بنبرة مُرتفعة
../ مين إلي تنتظريــه ؟

أهتزّ قلبها بعُنف .. تخشاه .. و تتحاشى وجوده المُخيف بإستمرار
و ها هو يقف أمامها الآن
لكَنها تلاحظ شيء ما مُختلف فيه ..
ثيابه تبدو مُتسخَة و نبرته المهزوزة أصابتها بالارتياب
نطَقت بقلق متصاعد
../ السو اق .. ا الحيـن ج جآي

لكَنه أقترب منها بسرُعة
فتح الباب الخلفي لسيارته الواقفة أمامها
و دفعها للداخل وهو يصَرخ بشيء لا تفهمه

قلبها يخفق بشَدة .. و حركته أصابتها بالشلل

حدقتيها مُتسعتان بقوة و جسَدها يرتجف صَرخت بقلق
حين تحّركت السيارة بسُرعة من أمام المنزل
../ وش تبــــي .. يـآ ****

إرتفع صوته الغاضَب .. المُتقطَع .. قليلاً
... / خ خـآرجة مع السايق يا الح*** بهالوقت .. و بهالمنظر .. و هالريحة .. ويـــن راااااايحـــة .. أكيد لـ مكان وسخ زيّك .. لكَن أ أنـآ بـ

تماسكت بوهن شديد و هي تزدرد ريقها بصعوبة
../ تـوريـــني وش يا ك*** .. وقف ونزلني برجع البيت

يُتابع و كأنه لا يعي وجودها
.../ أنا بربيـــك .. و جدتـــي بتحاسب معها بعدين

احتضنت حقيبتها بشَدة .. وهي تضَغط على وجهها
تكافح لكّي تمنع دموعها من الإنهمار
وقد بدأت فعلاً
الطريق راح يأخذ منحنى آخر .. و تغيّرت الشوارع فصارت لا تعرف أين هي
الخوف شلّ حركتها .. هدّ أركانها .. وجفاف ريقها اللاذع
جعلها تجّر لسانها بقوة وهي تقول بألم
../ و و ي يـن ب توديـ ني .. ويـ ـن ... و وقّف .. وقـــــف

لكَن بدآ وكأنها نسّي وجودها .. الليل حالك
و المسافة تتزايد
جسَده بدآ وكأنها يخور بشَكل .. غير طبيعي
قيادته تزداد سوءاً
حتى وقفت على عتبات مكان .. بدآ كمخزن مهجور ب باب
أكل الصدأ جوانبه
يده التي أنتزعتها من مكانها .. ضعفها الساحق
صوتها الميّت في حُنجرتها
و قلبها سيتوقف حالاً .. عقلها جاهد بتلقائيّة مُطلقة
للحفاظ على هذا الكيان .. دفعَته مرارة
لكَن محاولاتها بلا جدوى .. اُصد المكان عليها و هي تلهَث من مجهود لا يُذكر

آخر صورة و آخر مشَهد شيء رأته عينيها قبل أن تُغلقها على رآئحة الجَريمَة
لم يصفها أحد كسوزان

حينَ اقتربتَ
كانَ القمرُ البرتقاليُّ قد انخفضَ كثيرًا على سورِ الحديقةِ
كادَ يلامسُ النخيلَ ونُعاسَ المصابيح
وكنتُ أعي تمامًا
أنَّ المطرَ
أقوى منِّي.* سوزان
بدأت الحكايَة

؛

هذه الصورة عادت ببطْء كشريط مُتكاسل عناداُ في قلبها
و قطَرة من العرق المالح ينبعَث من جلد جبهتها نزولاً على أنفها من تحت نقابها ..
تقف مُشرفة على هواء أرض والدها الزراعيّة
ساخَن .. ك مشاعرها
يحادثها عن رغبة جدتها في رؤيتها أخيراُ .. و عن غضَب أبيه .. و من ثم سكونه التام وكأنه كان يتوقع منه ذلك ..

و ها هو يأخذها قسراً لجولة تفقدّيـة .. وحديثه الأخير عن عصابة و مجرميـن
يدور في ذهنها .. لا تُنكر أنها أوشكَت على الإنفجار ضحكاً
بل سُخرية على ما قال

بدآ ك جميس بوند بل أشجع في طريقة وصَفه لموقفه
و لمدى خطورتهم .. و هاهو يقف أمامها على بُعد خطوات
يحُادث أحد " المزارعيـن " هُنا

يقف و يلمحها بين الفينة و الأخرى و كأنها يتأكد من وجودها
بل و كأنه حارس عليه
هل ستظَل لبقيّة حياتها .. سجينة لجّلادها ..؟
هل من شِدة كُرهها له .. ستحبه فعلاً ؟
أسئلة بَدت لوهلة حمقاء خالصَة .. جعلتها تلتفت بنفور وهي تحّرك قدميها
بتثاقل في الإتجاه المعاكِس
صوته الحازم قاطعها
../ ويـن رايحَة ؟

لـ " الحريـقـة " .. "للي مالك دخَل فيه " تود قولها بقّوة
لكَنها قالت على نحو فاجأها بِشدة
../ البيـــت !

../ زيـن و أنـآ .. أكيد معزو....

قاطعته بحزم

../ صـــقــــر

../ عيــونه

إستدارت له وهي تضَع يدها على جبينها تُهدأ حرارة التي أشتعلت فيها
بقّوة
../ تصَدق لايق عليّ .. لأن الواحد ما يختار شكَل عيونه ولا لونها .. كذآ غصب هي كذآ .. و غصَب يتقبلّها بدون رأيها حتى

تجاوز كُل ما لا يُريده وهو يجاورها خطاها .. وينطِق بأريحية
../ يعني .. المقصود تبيني أغازلك كثيـــر

بغضَب مُشتعل
../ يعنــــــي كُل تـب***

لتصَدح ضحكته السعيدة بقوة .. وكأنها نطقت غزلاً صافياً بدورها
و في مكان ما خفّي من روحها .. مكان لا تشعر به هي
حتّى ..
يبعث بشهادته هذه شيء من الرضى .. شيء لن تُدرك كُنهه حتى حيـن

*

عملها الجديد .. يملئ أيامها بسعادة .. موعِد زفافها في إقتراب
و نشوة مختلفَة تجعلها تطَلق زفيراً عميقاً سعيداً
بشكَل مستمر
صديقاتها الجُدد .. أحبتهُم حقاً .. و خاصَة " حنان "
دقائق قبل أن يَصدح هاتفها بصَوت نغمة خاصَة
لتقول بإبتسامة جانبيّة

../ الطّيب .. عند ذكره .. السلا عليكم

../ هلا وغلا .. وعليكم السلام .. كيفك دودي?

../ تمام علومك إنتي ؟

.../ أسلّم عليــكِ ..
وبنبرة قلقة قالت
../ تصدقين متورطَــة .. ورطَة هالكُبر ..

عقدَت حاجبيها وهي تجلَس مُعتدلة
../ أي ورطَة .. عسى ما شر ؟

و بذآت النبرة ..
../ عندي أوراق و مذكرات حق داليا .. و أخوي خرج وأنا نايمة .. و اللحين متورطَة مدري مين .. بيوصلها هي .. وبكرة الإختبار
منحرجة منها .. يعني أخلي البنت ترسب ولا وش
ياربي .. مو عارفة وش أسوي

../ و أخوكِ متى بيرجع ؟

../ قبل الفجر

ضَربت على جبهتها وهي تقول بقلق مشابه
../ أووووووووووووبس .. أممم طّيب كلميه هالمرة خليه يرجع عشانك ثم يكمَل شغله

بحُزن شديد نطَقت الأخرى
../ موب جايّني لو إني واقف بالشارع أنتظَره .. أكيد البنت بتكرهني

زفرت دُعاء وهي تنطَق بنخوة
../ خلاآص .. أنا بروح مع السواق و أوصلها له .. شوي و أكون تحت بيتكُم

بصوت يحمل سعادة حقيقيّة
../ تســــلمــــين يا بعد عُمري ..ما في مثلك أثنين
بابتسامة ردّت
../ زيـن .. زين سلام

وبعد رُبع ساعة أصبحت بجوار منزل " داليا " حادثتها .. فنزلت الأخرى
لم تتوقع منها ذلك .. و قد أمرتها بشِدة أن تسلمها الكيـس بيدها
حملته و وقفت أمام بابهم الحديدي الخارجي
فخرجت الأخرى و أخذت الكيـس .. شكَرتها بصوت خافت
و ملامحها تحمل قلقاً أكثر منها سعادة

ثم صوت رجولي خشَن ينطَق بقوة
.../ وقفــــــــي إنـــتي و هي .. مكانكُم ... المكان حولكم محاصر .. وأي حركة من أي وحدة فيكم .. بنطَلق عليها النـــآر

شُلت حركتها و هي تشعر وكأن شيء ما خطأ في الصورة
و كأنها تحلم .. لكَن منظر سيارات الشرطَة التي طّوقت المكان بسرعة ..
أشكالهم و هم يهرعون إليهم .. أحدهم يقيّد يديها خلف ظهرها
وسوار من الحديد البارد يلمس وريدها النابض بشَدة
و من شِدة الخوف سقطَت في إغمائتها

؛

تُسجن على أنها مُشتبه بها لـ أشهر قبل أن يُخلوا سبيلها .. و مع ذلك لحقها الأذى و هي لا تستحق
تنهَدت بصوت مسموع وهي تمسح بيدها على وجه صغيرتها الراقدة بأمان في حُضنها
وهي تدعوا الله بصِدق .. وبنبرة خافتة

../ الله يرزقكُم الأصدقاء الصالحيـــن .. إلي دلوكم على الخير و يـ ...

قاطعها صوته الخامل
../ وش سبب هالتنهيدة هاذي ؟

نظَرت إلي وهو مُستلقي على الأريكة الطويلة و عيناه على الشاشة
ردّت بلا مُبالاة
../ بدون سبب ..!

../ مافي تنهيدة بدون سبب

../ شيء جا ف بالي

../ و شو ؟

بعد دقائق أجابت
../ ســــــر

../ بس أنا ودّي أعرف ..

نهضَت وهي تصّرخ بحزم ..
../ و أنا ما ودّي أقول شيء .. كيفي .. حتّى إلي يدور براسي بيدّخل فيه

../ إيـــه .. وليش ما أتدخَل مو إنـ..

قاطعتها وهي تنصَب سبابتها أمام شفتيها و تنتطَق بقّوة
../ إسكـــت لو صحت البنــت .. برميها عليك إنت تنومها .. و بتشوف

صمت وعاد لمتابعت برنامجه وهو يرقد برضى تام عن ما وصَلت إليه
هو رجَل من النوع النادر .. رجل يريد زوجة عنيدة تقف بالمرصاد أمام أي قرار تتُابع بحذر كُل تقلباته .. تُدرك خفايا تفكيره
و تصَرخ في وجهه عند إعتراضها .. هكذا يشَعر بأن لديه جُزء ثقَة
يعتمد عليه في جميع حالاته
يالا الرجِال

*

كنتُ أهربُ بدموعي نحوَ زُجاجِ النوافذ
علَّني خارجَ اللحظةِ أراكَ
في انعكاسٍ يضيءُ وجهَنا الآخر.

هل الحُبُّ، حقًّا، شرطُ الشقاء؟
وهل الأعماقُ، وحدَها، تُحَدِّدُ سقفَ محبَّتِنا؟