مشاهدة النسخة كاملة : ديوان الشاعر السوري خلف علي الخلف
جنــــون
07-26-2011, 04:40 AM
وخزات كالحياة
1
يحدث احيانا أن تتحول الحياة إلى دبوس ... تتكثف الحياة كلها إلى دبوس لينغرز فجأة في شغاف القلب ، هكذا لحظة شيء يشبه الموت
عندها لن تكفي الشهقة ولن تكفي الاآآآآآآه مهما كانت عميقة وطويلة ، ولن يكفي ارتجاف القلب وهو يتلقى هذه الغرزة ، الامر سيكون استحضارا لكل ما سلف من العمر ولكل ما هو آت دفعة واحد
يمكن لنا ان نتخيل كيف يتكثف العمر في لحظة واحدة ، تلك اللحظة التي يتماس فيها هذا الدبوس مع شغاف القلب
يحدث هذا
فلا تعرف حينها انت تركض في الحياة، ام تركض في الغيب، انت على الارض ام اصبحت سحاب
أن يكون الغياب حياتك كيف ستواجه حضور الحياة كلها دفعة واحدة ، وكيف ستشعر في هذه اللحظة ؟
يمكن القول انك لن تشعر بشيء لان هذا اكبر من قدرة احساسيسك على الادراك يمكن القول أن شعورك بهذه اللحظة يضيع , فيضيع احساسك بها, إنه أمر مؤسف أن لا تستطيع ان تشعر بشيء في تلك اللحظة.. لانك تدخل في غيبوبة مطلقة : أعني أن الحواس كلها تغيب
غير قادر على الصراخ ولا على الالم ولا .... ويأتي تشبيه الموت من منطقة اللغة لانك لم تمت ، وعليه فأنت لا تعرف احساس لحظة الموت ، ولانك تريد ان تقول ان الامر مهول، فلاتجد غير توصيف مثل الموت
كانت اللحظة رغم تعطل الحواس هاااادئة ولا ادري إن كان توصيف الهدوء يتعارض مع توصيف هذه اللحظة السابق
لكن ... القلب لم ينفجر دما
بهدوء بهدوء شديد يشبه ان تضع يدك في ماء تسلل الدبوس / الحياة واخترق الشغاف ، وهكذا لن يكون هناك جرح ولن تترك ندبة لان الدبوس ذاب في دم القلب واعيد ضخه لباقي الجسد / الايام
لا يمكن لنا ان نجد اثرا له يوما ما ولا يمكن لنا ان نتحسسه يوما ولا يمكن حتى ان نعرف اين استقر
هكذا لن يكون هذا الدبوس الا مستمرا كما تستمر الحياة ذاتها ما يمكن ان تفعله امام هذا هو ان تظل تتأمله ، خارج التوصيف / خارج اللغة / داخل الحياة
وحين نكتب هذا الدبوس نحن نكتب شيء اخر غيره ، نكتب تأملنا له على أفضل تقدير
خارج الدبوس / داخل الحياة:
احيانا تقول انه ضوء قدم من مكان لا يمكن ان يحدده حتى الله
وتستلذ بهذا التوصيف لانه ضوء اولا ولان الضوء يزيد مساحة كتابته
إن الضوء له علاقة بلحظته ، لحظة أن يخترق هذا الدبوس / الضوء شغاف القلب يحدث ان تكون المصادفة اكبر من تخيلها حتى شعرا ... يحدث
كأن يكون هذا الضوء يخترقك في عيد مولدك مثلا او في عيد ميلاد الحب او...... اي زمن خاص جدا لك
حينها
حينها
ستتحول انت الى ضوء
وتختلط بالضوء
كيف يمكن حينها فصلك
عن الدبوس \ الضوء
وكيف يمكن حينها ان تقول هذا الضوء وانت فيه
وكيف تحس هذا الضوء وانت ضوء وهو ضوء
جنــــون
07-26-2011, 04:40 AM
وخزات
2
فجأة بعد قراءة شيء ما .... الخروج من صالة سينما بعد حضور فيلم .....تختلج داخلك باشياء كثيرة , تتيه , تريد ان تمشي فحسب , إذ يصبح الكلام هذرا لا معنى له وتريد ان تبكي ، ان تبكي وحيدا لا يعني هذا إنك تخجل من الدمع , لكن الدمع يثير الاخرين ويستفزهم وتصبح عرضة لكل تدخلاتهم ويكون السؤال الذي لاتحار جوابا له :
لمَ تبك ؟ بإلحاحه النابع من الحب والتعاطف, شيئا مربكا لك لكنه مقيت ايضا , إذ لا بد ان يقطع استرسالك في الحالة .. ويكون الرد حينها مقتضبا ولا يقول شيئا : مافي شي...
الذي تبدد ايامه القسوة
الذي يرحل وحيدا ويسافر وحيدا
الذي دائما بلا مودعين ومستقبلين
الذي يعلو صراخه
الذي....
يكون سريع العطب ايضا وسريع البكاء
السينما مثلاً مكانا اثيرا للبكاء ، ففي الصالة تكون وحيدا في سوادها ، الوحدة تغري بالغوص عميقا في بواطنك، الظلمة تحيلك الى داخلك ، الظلمة تجعلك مشدودا بكلك لتفاصيل هامشية في الفيلم... تتدحرج دموعك بصمت .... البكاء يجب ان يكون رفيقه الصمت ... او صدرا تلتصق به يهدهدك فقط ، ولا يقول لك لا تبك ، او لما تبك ، سواء كنت طفلا او في منتصف الحنين أو في آخر الحياة... البكاء يربك الاخر أيضاً فيجلعه يريد ان يتعاطف معه / معك ان يقول شيئا .. الارباك يجعله لا يعرف ما يقول ولا ما يتصرف ويربكك ايضا
قليلون اللذين يديرون ظهورهم ويمضون عندما يشاهدون احدا يبكي وهو تصرف ودود للتعاطف
والبكاء يغسل الحنين ولا يشفيه ولا يحضره , البكاء دواء المسافة ، القهر بكاءه دمعة واحدة تطفر دون صوت او شيء يتبعها ولا احساس يرافقها سوى احساس بلاختناق ، انها شيء مختلف عن البكاء لذا دمعة القهر جارحة حادة نزقة نافرة واضحة وتصيب عن بعد
أذكر حالة بعيدة انتابتني حين خروجي من فيلم " سينما براديسو "، يومها غادرت اصدقائي قبل ان يقوموا من مقاعدهم، كي امارس بكائي وحيدا، بعيدا عن اربكاي لهم وإرباكهم لي، وما دمنا في الحياة فإن حالة البكاء تتكرر، والبكاء حالة طقسية فأحيانا نعبر عن تعاطفنا مع الباكي بالبكاء ...
الخ
الخ
الخ
جنــــون
07-26-2011, 04:40 AM
وخزات
3
هكذا يبني الحنين اعشاشه على شجرة ايامك .. وأيامك لم تنبت بعد ، الفراغ ليس لغةً وليس جسدا وليس هواءً الفراغ هو انت
آآآه ياشجرا ينمو بلا جذور.. كيف لنا ان نسقيك من مائنا الذي بلا لون .. من قال ان الماء بلا لون ؟
والحياة تفاصيل .. تمضي في رؤاك ولستَ حالما ، تمضي في اللغة ولستَ شاعرا ، تمضي في الحياة وانت ميْت
كل ما نجمعه من الضوء يخطفه طير بلا اجنحة وبلا جسد ... كل ما نجمعه من مرور الحبيبة يخطفه هواء يمر سريعا ويتركنا مبهوتين ، لا نستطيع سوى تأمل ارواحنا الخاوية
الحياة تفاصيل الحياة ليست سرداً وانت تغني تغني :
" يما العمر وياي ما انصف وجار
وين ارحل بممشاي كل ساع الي دار"
الاغنية تحبسك .. تخنقك ... تتلبس جدران روحك وتهدمها ...
والروح ليست من علم ربي فقط ، نحن نرى الروح وهي تجف ، نراها وهي تغدو خضراء ونراها وهي تغادر وهي تعود ، ما لا نعلمه هو فقط اين تغادر هذه الروح ، وما ينفعنا ان نعلم اين تغادر؟ وما لنا اين تغادر ... ؟! انها تغادر فحسب
ويمكنك ان تجازف وتقول : الروح هي صناعة الكائن ، نحن نخلق ارواحنا بقدر ما .. ونحن لا نكون على هيئة الروح بل تكون ارواحنا على هيئتنا
اه
" ياطير البّرق اخذت حمائم روحي "
ياطير هب لي جناحا واحدا لأحاول أن أطير منكسرا ، اعلم أني لن أبعد عن الارض وأعلم ايضا ان من روحه مسفوحة في اراضٍ شتى لن يكون باستطاعته التفكير بالطيران حتى....
ألا من يجمع الروح
ليس سواك ايتها العاشقة ليس سواك..........
جنــــون
07-26-2011, 04:40 AM
وخزات
4
يبست يا أمي يبست \ اصبحت مثل عشب لازال في الشمس منذ قرون.... ولا ماء ولا غيم ... ليس سوى دمع ... والدمع مثل الشمس يزيد اليباس \ مدي يدك ياأمي لا ليخضر ضلعي بل اقطفيني .... اسحني هذا الجسد اليابس وانثريه للريح......
هل الصحراء بحر أم البحر صحراء
لو كانت الصحراء بحر لصرخت :
" وك تدري مرات السفن لو ضاق خاطرها
بجبن غبطانها تسيس
وحدها "
جنــــون
07-26-2011, 04:40 AM
هكذ يبدأ الاسبوع :
السبت
تتوالى الأيام خلفه راكضة دون سراويل:
الأحد - الأثنين - الثلاثاء - الإربعاء - الخميس
إلا أنه يحتضر كحمار مفخخ لعملية انتحارية:
الجمعة
وفي دول أخرى
يبدأ الاسبوع من الصرة التي علقت عليها الخلاخيل:
الاثنين
وتتوالى الأيام خلفه تجر نعاسها :
الثلاثاء - الاربعاء - الخميس - الجمعة - السبت
وينتهي كرقصة :
الاحد
الا انه في بلادنا يعود ليبدأ من جديد:
السبت
الاحد الاثنين الثلاثاء الاربعاء الخميس
وينتهي بالجمعة
وهكذا
تمضي أعمارنا كسلس بولي
دون أن ندري
جنــــون
07-26-2011, 04:41 AM
اليمامه
مالذي في اليمامة لابكيها كلَّ هذا البكاء المكتوم كمن يفارق موطنه الاول للمرة الاولى؟! ما الذي في اليمامة لأذكرها كمعشوقة فارقتها وهي في ثياب العرس؟ !
مالذي يجعل منفوحة الاعشى تكفنني بكل هذا الحنين ... ويجعل تلك البلاد تحتل روحي للابد
اليمامة ياعاشقين
من هنا تبدو كأنها الكون كله .. كلما وقفت فوق الاكروبوليس ونظرت... اراها فيتوهج جمرها على حواف القلب فيحرقني النشيد والنشيج
ليست اليمامة اجمل المدن
وليست احنَّ المدن
وليست عاشقة لا تنام مثل حلب
لكنها تأخذني من ليلي وتستبي وجدي فأطوف بذاكرتي حولها مثل عاشق يتسلل الى مخدع حبيبته ليلا
ها انا اكتبك باكيا ، انا الذي كنت دائما اردد : لا بد من الرحيل عن هذي البلاد .. انها تأخذ عمري وتنثره للسراب .....
لم تأخذني اليمامة بأحضانها كعاشقة .. كي اذكر دفء فراشها غير اني احس اني تركت روحي معلقة على جدران" ديرتها "
من يبلل ايامي الضامئة من مائها ؟
ويحمل لي خصلة من شمسها وحفنة من تراب " الديرة "، او نفسا من هوائها واعطيه هذه الايام التي تمضي هنا كلها مزينة بوهج مدينة افلاطون المثقلة بالتاريخ والاحلام وسكانها
حينما هجرتك وتركتُ اشيائي الصغيرة ... وحقيبتي وملابسي قلت ُ : لتذهب هذه للجحيم أيذكر تلك الاشياء من ييمم شطر أثينا
غير اني الان احس بفداحة الفقد ... من يقل لي عد لأترك كل شيء في مكانه هنا واحمل روحي التي تتوق لشمسها واعود اليها
يايمامة
ما كنت حضنا لعاشق
لكنك كنت ملفى الغريب
لو استطيع جعلت هذي البلاد قرطا يتوارى خلف حجابك
ايتها الوحدة والعزلة التي سكنت خطاي....
حين اتوسد اضلعي كي انام تحضريني اتهجى الاماكن من" منفوحة الاعشى " وحتى تخوم" الحديثة"
اتهجى ذاكرتي
من سينسى مطعما صغيراً في شارع الطيف في منفوحة الاعشى ... وينسى سمير القادم من " اللواء السليب "
من سينسى " الكبسة" ياسمير اليمامة؟؟
من سيصنع لي قهوة كنت اشربها في مقهى صغير ودافئ في " ابراج الخالدية "
اذكر هذا هنا فأحس ان النادل البنغلاديشي في المقهى الصغير كان من سلالتي او اهلي الطيبين
من لي بقراءة " الحياة " باكرا في صباح اليمامة
من سينسى خبزك وتمرك وقهوتك الجنوبية
من ينسى هذا لا يستطيع ان يذكر شيء
ها انا احلم من فوق الاكروبوليس ان اقف على ابواب " ديرتك" واسمع صوت مآذنك واسمع من ينادي " الصلاة ... الصلاة يا عباد الله " وما كنت مصلي
مالذي في اليمامة لتجعل قلبي يشفُّ ويرقُّ حينما اذكرها ...... وقد اخذت من العمر ما يكفي ولم تعطني غير روح مبللة بصحراء
اودعتك ماتبقى من الخلان وها انت تعيدي ولادتي سلالة من اسى وذريتي شجرا من نحيب
جنــــون
07-26-2011, 04:41 AM
اليمامه 2
ها انا اصرخ قدام وجهك يايمامة
اغفري لي كل هذا الغياب بكل هذا الحنين
اغمس لهفتي بصمت صحرائك / ارى نفسي في مرآة الساحرات / اشتل الخلان في وجدي وانظر للبعيد.....
ردائي لا يستر احزاني وقلبي ينفطر من من فرط النشيد
كيف توسدت قلبي وتركتني وحدي وحدي اهجس بالهوى واكتوي بالصبابة وتذكّر الخلان
كأني عاشق يا يمامة
وحيدا إلا من الحنين/ ارتل الخطى مزاميراً ولا اجد من أتلو عليه النشيد
تحفر سيول الايام أخاديدها على تربة العمر فأحرق أشجاري واستطيب طعم الرماد
كأني عاشق .....
وأثينا تحمي ريحها من نفس الغريب / تنام متكأة على خصرها .. تعبرها السنين ولا تبللها
ووحدي اواجه سيف الاحزان
ياسيدي ليس هذا دمي وليست هذه إبلي وليس في جعبتي غير هذا الحنين
وسادتي الريح
وحلمي التراب
وظلي البوح
ماذا جنيت من العمر والخلّان فارقوا موقدي
لم يتركوا حتى رائحتهم او نظراتهم تطوف المكان
من يأخذ قافلة المسافر أو يخطف سفينته لتهدأ روحه
ما كنت مغرماً بالسنين وهي تمضي.. لكن روحي تطوف حول قبورها .. وما بقي من العمر إلا أن نعد أصابع الرحيل
جنــــون
07-26-2011, 04:41 AM
اليمامه 3
ايها العابر حيث تمضي ...ماذا تبقى من هواك
تهجو الاماكن ... تهجرها صوب اماكن اخرى غير انك لا تهدأ
كم حزناً كتبت ... كم ارضاً عشقت ؟ وظل يطردك المكان او انت تهجرهَ وكنتَ كمن يشتم الصحراء او يبصق البحر
من يواسيك ؟ يحمل عنك ظل الدمع كي تنام .. او من يذرف عليك دمعاً حين ينام ؟
ليس غيرك ايتها العاشقة
وليس لكِ غير صلاة الغائب
ها انت تكتحلين بذكرى المفارق وتزرعين ايامك ورداً وعلى وسادة عمرك ينام الارق
تتوسدك الايام وتتهجين السنين مثل طفل يتعلم الابجدية .. مالذي اعطاك اياه الحبيب غير هجرته ايتها الحالمة بغصنه
تنتظرين الحبيب على جمر المودة وحين يجيء مبللا بخطاه تصفعين ايامه على وجهها بالعبوس
وقلت لك : اني لا انام الا على جمر الحروف
وقلت لك : " هي هجرة اخرى "
وقلت لك : "في سعينا نحو الحياة التي نحب نعيش الحياة"
وقلت لك " قد تمضي الحياة بنا هكذا هكذا حتى اخرها ونحن نرى ايامنا ماءا يسيل في ارض بوار
وقلت لك : أقدم اعتذاري لعمرك وشبابك ايتها العاشقة .. ان كان ذلك يكفي ؟
ايتها العاشقة مالذي يدفئ أيامك غير ظل الوحشة
لكننا نحيا الحياة فوق الحياة مع قليل أو كثير من الدمع والملح
جنــــون
07-26-2011, 04:41 AM
اليمامه 4
البلاد
البلاد التي نشيدها في النشيد ... تذوب على حواف الكتابة
أيها النسيان : لاتطوني مثل كتاب نسي على حافة نهر
بعد كل هذا الرحيل أريد لقبري شاهدةً كي يقرأ المارة اسمي ويتلفظوا به
لست غازياً ... ولست مدافعاً عن الاوطان غير اني اريد ايامي ...
اذرف السنين مثل بكاء عاشقٍ على حبيبة فارقته وتزوجت غيره / اندبها وانــــــــــــــــــــوح عليها
واقول عودي ... والميتُ لايعود
وها أنا انتظر المسيح كي يعيدها من قبورها
مامعنى ان تعود ؟! وهل ستكون هي حينئذ ! وهل الايام غير ظلٍ حياته معلقة بما هو خارج عنه...
حين يجبلني النشيد أتمتم " مثل عجوز حقود " متى ؟ كيف ؟ أين ؟
لكنها السنين تمضي ... تمضي ... ونحن نبحث عن الظل ونبحث في قعر كأس الحياة عن حثال انفسنا
انه الظل ولا شيء سواه / الظل الذي يحيا ويموت دون ان يدري ...دون ان يكون له في مصيره ميتاً ام حياً
هل نحن ظل الظل ... أم ظل الخرافة .. أم أناشيد نبتت في الظل ... و
مالذي في اثينا كي ننام على جمرها / مالذي يجعل الحياة قرب الاكروبول تشبه قصيدة كافافي بانتظار البرابرة
حين لانفهم المتن نخطف ابصارنا للهامش وقد نظل طويلا في الهماش وربما تمضي الحياة هناك دون ان نستطيع فهم المتن
مالذي في اثينا ... و antigoni تقطف أزهارها من ايدي العابرين وتزرعها على حواف الايام / ولا تحفل بالعابر وهو ينسج الاناشيد على سدو دنلوب ...
جرس الظل هي ... صوت ارتطام الموج بالقلب الكسير .. إنها الشجو إذ ينوء بمودة المنطفئ
أو رأفة الاشجار بالتائهين... تحمل العرش بخنصرها وتطوف حولها الأرواح كلّها مسبحةً:
تبارك الضوء إذ يسيل من حلمتكِ
أغصانك العارية مباركة
الريح التي تهب من أنفاسك على برِّ المحرومين
صوتها أنثى وخطاها رجفة الواصل سدرة المنتهى ...
إذ تمشي .. تمشي وراءها البساتين .. الرعاة يتركون اغنامهم .. العصاة يتوبون الى ربهم ويمشون وراءها
النهار يخفت ضوءه ويمشي وراءها .. البرابرة الذين انتظرهم كافافي يأتون مسرعين تلبس وجوههم البراءة ويمشون وراءها .... كافافي يقوم من قبره ممزقا قصاءده ليمشي وراءها..... إنها الطالعة من تاريخ هيرودوت
الأيام تذوي ... تذوي ولم نشم رائحتها بعد ... تسأل ُ : ماذا جنيتُ أنا الذي لم يراني الاعمى .. ماذا تبغي من الايام ؟
أشعر أني وجدت حروفاً وركبتُ كلاماً غير أني اضعت المعنى ..
هل المعنى هو ما تبغيه من شجر الأيام ...؟
جنــــون
07-26-2011, 04:41 AM
اليمامه
فلتتوسدي أضلعكِ او أضلعي - أيتها العاشقة - وتعدي نجوم السماء وكلما اخطأت في العد يبتعد الحبيب
هل كنا حبيبين فعلاً ؟ أم ان النسيان طوى رسائلنا
ليس وهماً ان اقول :
فقدتُ اصابعي
فقدت ُ لساني
فقدتُ بصري
كيف سيكون حبي ؟! ... كيف المسه.... اتذوقه ... احكي له ... عنه .. أراه ....
وما بقي لي سوى حاستين ضعيفتين .... لابد له من رائحة تشبه رائحة الموت كي أشمه ... لابد لصراخه ان يكون عالياُ كي اسمعه
هل هذا هو الحب ايتها العاشقة ؟ لا ادري .... غير اني بعت عمري بزنبيل حنطة وبعد سنيـــــــــن وجدته مرمي على الطريق
[ لمن لم يصله المعنى : لم ينتفع به من اشتراه فرماه ...]
مثلك كانت العاشقات في عصور المحبة / غير أنك تنامين قبل وصول الضوء الى اطرافك
أفتت الضوء / أعيد طلائه بالبصر / ألمه من اقاصي ذنوبه الى اطراف أصابعي كي اكتب الوجد وأمحوه مثل شعارٍ ماتت ثورته
الأنفاس الداكنة تطوف المدينة
ليلُها يهرب من ظلام الشوارع
الزمن ينزلق من أعالي اوهامه / تكسر ساقه ويتبعثر الصمت
الصمتُ ظل الصوت
صوتٌ ناء في العمر
صوت ُمالامسته يد الصحو فظل على سرير اللسان غرير العين
الصمتُ
قشعريرة المدى
رغوة اللحظات
نهارٌ معلق على اسطح نسيتها العيون فبهتت الوانه
مرآة الانفاس وهي تقطف العشب من فناء الريح
من يعرفه ينسى الايام الضريرة وينام يابساً بجانب الأحيان....
تنسى فكرة الضوء وتسّاءلُ مالضوء خارج العتمة ؟!
العتمة من يعرفها ... عندما تخرج من فراشها مجردة من ثيابها... لتكتشف فجأة أن :
اللحظاتُ تنام باكراً
وأنت تسحبُ من تحت رأسها وسادة الوقت كي تحصيه ... ماذا تحصي؟!
الأيام تمضي.........
لماذا تقول الأيام تمضي ؟ ولاتقول الايام تزول ... ربما لانها تدخل الذاكرة وتظل تستحظرها ... ربما ... ربما
أنه أمر آخر ايها المحموم
تسأل عن ريحٍ ما لتطعن قلبها بقلبك ... وترى أن هذه الصورة اكثر واقعية من الألم الأعمى
الأعمى
كلُّ يومٍ يمرُّ من النفق
يتحسس النهارَ بعصاه
ولا يرى الضوء يسيل من بهائها إذ تمرّ
بجانبه كل يومٍ
معلقةً جمجمة العاشق على جيدها الاخرس
هو ليس اعمى لكن
من يأبه لأشجاره وهي تذوي
من يأبه لنهاره الذابل مفرداً كحجرٍ في صحراء
من يأبه لروحه وهي تصطك من برد العزلة
من يأبه لقلبه وهو ينام مرتجفا دون غطاء
من يأبه لأيامه وهي تمضي مثل ظعون مستطرقة
من يأبه لناره المطفأة
من يأبه لخطاه التي ضللتها الدروب
من يأبه لحنينه الذي يورق في الوحدة كمأوى وحيد في هذه الارض التي تتسع
من يأبه لقلقه من الموت وحيداً ميتة الشبح
من يأبه لغربته التي تحش روحه كل مساء وتطعمها للخواء
من يأبه له
وهو الأعزل
اثينا 2002
جنــــون
07-26-2011, 04:42 AM
الملل
الملل خيط لا يوصل إلا الى نفسه وبنفسه ولنفسه.
الملل وقوف في مرور الزمان.. الأشياء تترمد وهو متوهج أبدا.
الملل رائحة ذكية تيقظ ذئاب الوحشة وتهديهم الى فتنتها الحائرة.
الملل حب الحزن للمواصلة، ووله الدمع للانسكاب على خدود الأيام.
الملل هو الملل، هو أصله وغيمه وأرضه وفصله وصبحه، وربما ظهره.
الملل دخول وخروج في اللحظة نفسها
الملل نشفان الريق وجفاف الروح
الملل دين العشاق المنتظرين وهو كتابه
الملل وردة ذابلة وعطر أعرج وقبلة نازفة.
الملل حرف متكاسل وحبر أزعر وورق يابس
الملل سيد يعرف سر "كن .."
الملل أنا وأنا اياه جسد بعشرة أصابع
أو
عشرة أصابع وجسد
جنــــون
07-26-2011, 04:42 AM
وسيظل هذا السؤال يؤرقني
هل الارض اوسع من كائني
هل الارض اوسع من شهوتي للمسير؟
لماذا كلما اسرجت روحي صهوتها للرحيل
هبت رمال الليل وانكسرت ظهور الخيل
وصارت الارض اضيق من دمعة واجفة ؟
وادرك ان الهوة تكبر وتكبر الى ان تصبح لا
وطني وحدي بل اوطان اقراني
الذين يحتسون نهارات اللوعة
تلك التي تكورهم بصاياتها في الدروب البعيدة
كما كانت تفعل الامهات بنا يوم كنا صغارا"
وجميلون كالله يالواسطي "
ولم يكن قد اصبح للاطفال دراجاتهم
والوم نفسي دائما على شهوة المسير
هذه لاني اعرف ان المدى هوة
لن ترحم خطاي وساءلت نفسي مرارا
يا حاملا عبء الخطى
اين تمضي في الخواء
ان الدروب مآتم شتى
وهذا البر اضيق من خطاك
جنــــون
07-26-2011, 04:42 AM
أعـمــى غـرنـاطـــة
نترك الاسماء على الابواب تأن من وحشة البرد ووهن اصواتها، ونحن نلتحف بيأس يتدفئ بمفردات عارية.
ماذا يفعل الغريب، حينما تتناوبه الاوطان، وهو بلا وطن وحيدا وعاريا يناشد الظلال، ان اتركي الغريب يتفيئ قليلا، ويناشد امه التي مثل غيم داكن.
يا ام ان الظما شرش في الروح
ماذا يفعل غير ان يتكئ على امرئ القيس معزيا نفسه بوجع قاله غيره "اجارتنا انا غريبان ههنا وكل غريب للغريب نسيب ".
ولا تتخذ الغربة هنا شكل الاغتراب الذي يلتحف به الكثيرون, بل الغربة بمعناها ليس المكاني فقط وليس غربة الروح كما المجاز الشعري، بل انها غربة الخلان، وهم الذين يبنون الذاكرة والمكان ويشجرونه ويسورونه ايضا.. غير انهم يرمونه بأسى الحنين.
في الغربة يأكل الغريب من ذاكرته، ويشرب منها ايضا، غير انه يفقد ما يمكن ان يسمى بهجة اللحظة.. لا بمعناها الخاطف، بل بمعناها المقيم, تلك البهجة التي لا يمكن لها ان تنمو في الغربة كنخلة صقر قريش.
واذا كان الغريب يهجس بغربته فان ذلك حتما سيقوده الى القسوة، لانه يفقد توازنه وادراكه الحسي لا الذهني، لما يسمى الحب عندها تبدو عبارة درويش
"انا لا احبك كم احبك "
ليست اشتغالا على اللغة وتأويلاتها، بل انها اشتقاق للمعنى من الحيرة التي يقع فيها الغريب تجاه ما يعرف باسم الحب.
كما ان نداء بيرس
"الا لا يموتن احدا قبل ان يحب "
يصبح سعيا يوميا لهذا الغريب.. غير انه لا يجد سوى الاسى والوحدة على مفارق المقاهي المترملة من الخلان.
وهنا يصبح لا مناص من تحويل هذا الفيض نحو جهات اخرى, اذ عندما تفرغ المخيلة من صورة محسوسة لمحبوب
(ولا يشترط هنا ان يكون بشرا )
حتى لو كان غائبا يرتد هذا السعي للحب الى احد شكلين (وهذه وجهة نظر بائسة لي لا تستند الى بطون الكتب )
اما حب الذات وتجلياتها.. ولا اريد ان اصفها بالنرجسية هنا- لانه يختلف عن ذلك- واما ان يتحول الى قسوة غير مبررة في كثير من الاحيان.
وهكذا تمضي الايام!! صحيح انه في بعض الاحيان يساورنا تساؤل نيرودا
"ترى احزن الذي ينتظر دائما اكبر من حزن الذي ماانتظر احدا ؟ " غير ان هذا التساؤل لا يأتي ليخفف الوحشة، بل ليزيدها ويحيلها الى ما فوق اليومي الذي يعتصر الغريب..
والغريب في وحشته.. وتشرده.. وتبعثر اجزائه في غربة لم تعد المسافة تعني شيئا لها، ولا في شروط هذه الغربة قسرية.. ام طوعية ولا في احالاتها على التوحد او العزلة لمن هم هناك.. ينسج الامكنة والحنين من سيرة الخلان ولا يفكر على طريقة السياب
" الشمس اجمل في بلادي من سواها "
بل في تجريد الحنين من مفهوم الوطن واحالته الى الوجوه / الامكنة
وهكذا نمضي هكذا بدون همزة على مفردة كالروح، وبدون نقطة على اول البوح، وبدون يد تخفف عن الجسد اساه.. اذ اعتدنا حينما نكتب عن مفردات ذهنية مثل الغربة والاسى والوحشة...الخ ان نحيلها الى الروح، واني ارى ان الجسد هو اول من يتحسس الاسى، واول من توهنه الوحشة فتصبح استجابته للحياة أوهن بانفعالاته وحركته وتعابيره.. وهذه تتلون من ايقاع تفرضه الوحشة والاسى.
هكذا اذن انها الحياة التي لا تنتظر احدا.. وستستمر سواء شعر كائن غريب بتبدده، او بيأسه، ام لم يشعر.. احس به انسباؤه الغرباء في بلاد غريبة اخرى ام لم يحسوا.
واذ يقول النواب
" رب كيف يشتاق الى خمر جناتك من لم يسكر ؟ "
فان هذا يمكن ان نحيله الى مفهوم الحب والقسوة.. اذ من هو شريد وغريب ويائس كيف لا تعرف القسوة طريقا اليه!
ومن تطارده لعنة القبر ويظل يسائل نفسه ترى باي ارض اموت..؟ وكيف ستنقل جثتي الى هوائها..؟
ومن يفتتح صبحه بخبز اكتافيو باث
" ايها الموت يا خبز الجميع "
ليس لنا ان نرتجي منه ان يوزع وردا على العابرين.. بل سينتظر وردهم على قبره.
فاغفروا للغريب اما يكفي هجران الامكنة له وذبول اسمه في سيرة الخلان , وهو " .... يبكي الرّّحل
وعيناه ترنو للقبور
انه اعمى في غرناطة، واعمى غرناطة هو ذلك الذي كتب عنه لوركا قائلا لامرأة اصطدم بها اعمى في مدينة غرناطة
فلنغفر له يا سيدتي
فلنغفر له
..........
اما يكفي انه اعمى في غرناطة
ايكفي كل هذا لتغفروا كل تلك القسوة بكل هذه العزلة والحب
انا الذي اعمى....... لكني لست في غرناطة