خواطر عاشق
09-17-2025, 12:16 PM
حقوق الجيران-(1)
د. أمير بن محمد المدري
الحمد لله على عظيم نعمه وجزيل إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله الناصر الحافظ لأوليائه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وخيرة خلقه وأنبيائه، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه.
وبعد:
اليوم الحديث عن حقوق الجيران في الإسلام.
نتكلم عن حقوق الجيران في زمن أصبحنا نسمع ـ ما يندى له الجبين مما يحدث بين بعض الجيران من تقاطع ومن تهاجر ومن تحاسد ومن بغضاء، وأمور ينبغي أن لا توجد في مجتمعات المسلمين، نتكلم عن حقوق الجيران يوم وصل التقصير والاستهانة بحق الجار إلى درجة أن الجار ـ في بعض الأحياء ـ لا يعرف جاره، نعم لا يعرف جاره الذي ليس بينه وبينه إلا جدار.
إن الروابط بين الناس كثيرة، والصلاتِ التي تصلُ بعضَهم ببعض متعددة، فهناك رابطةُ القرابة ورابطةُ النسب والمصاهرة ورابطةُ الصداقة ورابطةُ الجوار، وغيرها من الروابط التي تقوم الأمم بها وتقوى بسببها، فمتى سادت هذه الروابط بين الناس على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة عظمت الأمة وقوي شأنها، ومتى أُهملت هذه الحقوق وتفصّمت تلك الروابط شقيت الأمة وهانت وحل بها التفكك والدمار، من أجل ذلك جاء الإسلام بمراعاة هذه الروابط وتقويمها وتمكينها وإحاطتها بما يحفظ وجودها ويعلي منارها بين المسلمين.
ومن بين هذه الروابط العظيمة التي دعمها الإسلام وأوصى بمراعاتها وشدّد في التقصير في حقوقها وواجباتها رابطةُ الجوار، تلك الرابطةُ العظيمة التي فرّط كثير من الناس فيها ولم يرعوها حق رعايتها؛ إما جهلاً منهم بحقوق الجوار وإمّا تناسيًا لها، أو لا مبالاة بأذى الجار والاعتداء عليه، مما سبب التنافر والتباغض بين المسلمين، بل والعداء والكيد فيما بينهم، أفرادًا وجماعات، وحتى دُولاً مسلمةً متجاورة!!
إن حق الجار على جاره مؤكد بالآيات البينات والأحاديث الواضحة، فهو شريعة محكمة وسنة قائمة، ومن عظم حق الجار أن الله تعالى قرنه مع حقه جل وعلا وحق الوالدين والأرحام، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].
ففي الآية الوصية بالجيران كلهم قريبهم وبعيدهم، مسلمهم وكافرهم.
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلمحق الجار تأكيدًا عظيمًا، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». سبحان الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم ظن أن نهاية هذا الحرص وتلك الوصايا من جبريل عليه السلام أن يكون للجار نصيب من الميراث.
وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره».وفي رواية: «فليحسن إلى جاره» وفي رواية: «فليكرم جاره».
ولقد كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الأعراض، ويتفاخرون بحسن الجوار، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار.
اطلب لنفسك جيراناً تجاورهم
لا تصلح الدار حتى يصلح الجار
نعم والله إن الدار لا تصلح حتى يصلح الجار.
وها هو أحدهم يبيع داره بثمنٍ بخس فلامه الناس على ذلك فأجابهم شعراً بقوله:
يلومونني أن بعت بالرخص منزلي
ولم يعرفوا جاراً هناك ينغص
فقلت لهم كفوا الملام فإنها
بجيرانها تغلوا الديار وترخص
فاختيار الجار يكون قبل شراء الدار.
وها هي آسيا بنت مزاحم عليها السلام تقول كما قال تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾[التحريم: 11]، اختارت الجار قبل الدار.
د. أمير بن محمد المدري
الحمد لله على عظيم نعمه وجزيل إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله الناصر الحافظ لأوليائه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله وخيرة خلقه وأنبيائه، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه.
وبعد:
اليوم الحديث عن حقوق الجيران في الإسلام.
نتكلم عن حقوق الجيران في زمن أصبحنا نسمع ـ ما يندى له الجبين مما يحدث بين بعض الجيران من تقاطع ومن تهاجر ومن تحاسد ومن بغضاء، وأمور ينبغي أن لا توجد في مجتمعات المسلمين، نتكلم عن حقوق الجيران يوم وصل التقصير والاستهانة بحق الجار إلى درجة أن الجار ـ في بعض الأحياء ـ لا يعرف جاره، نعم لا يعرف جاره الذي ليس بينه وبينه إلا جدار.
إن الروابط بين الناس كثيرة، والصلاتِ التي تصلُ بعضَهم ببعض متعددة، فهناك رابطةُ القرابة ورابطةُ النسب والمصاهرة ورابطةُ الصداقة ورابطةُ الجوار، وغيرها من الروابط التي تقوم الأمم بها وتقوى بسببها، فمتى سادت هذه الروابط بين الناس على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة عظمت الأمة وقوي شأنها، ومتى أُهملت هذه الحقوق وتفصّمت تلك الروابط شقيت الأمة وهانت وحل بها التفكك والدمار، من أجل ذلك جاء الإسلام بمراعاة هذه الروابط وتقويمها وتمكينها وإحاطتها بما يحفظ وجودها ويعلي منارها بين المسلمين.
ومن بين هذه الروابط العظيمة التي دعمها الإسلام وأوصى بمراعاتها وشدّد في التقصير في حقوقها وواجباتها رابطةُ الجوار، تلك الرابطةُ العظيمة التي فرّط كثير من الناس فيها ولم يرعوها حق رعايتها؛ إما جهلاً منهم بحقوق الجوار وإمّا تناسيًا لها، أو لا مبالاة بأذى الجار والاعتداء عليه، مما سبب التنافر والتباغض بين المسلمين، بل والعداء والكيد فيما بينهم، أفرادًا وجماعات، وحتى دُولاً مسلمةً متجاورة!!
إن حق الجار على جاره مؤكد بالآيات البينات والأحاديث الواضحة، فهو شريعة محكمة وسنة قائمة، ومن عظم حق الجار أن الله تعالى قرنه مع حقه جل وعلا وحق الوالدين والأرحام، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾ [النساء: 36].
ففي الآية الوصية بالجيران كلهم قريبهم وبعيدهم، مسلمهم وكافرهم.
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلمحق الجار تأكيدًا عظيمًا، ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». سبحان الله فإن النبي صلى الله عليه وسلم ظن أن نهاية هذا الحرص وتلك الوصايا من جبريل عليه السلام أن يكون للجار نصيب من الميراث.
وجاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يؤذي جاره».وفي رواية: «فليحسن إلى جاره» وفي رواية: «فليكرم جاره».
ولقد كان العرب في الجاهلية والإسلام يحمون الأعراض، ويتفاخرون بحسن الجوار، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار.
اطلب لنفسك جيراناً تجاورهم
لا تصلح الدار حتى يصلح الجار
نعم والله إن الدار لا تصلح حتى يصلح الجار.
وها هو أحدهم يبيع داره بثمنٍ بخس فلامه الناس على ذلك فأجابهم شعراً بقوله:
يلومونني أن بعت بالرخص منزلي
ولم يعرفوا جاراً هناك ينغص
فقلت لهم كفوا الملام فإنها
بجيرانها تغلوا الديار وترخص
فاختيار الجار يكون قبل شراء الدار.
وها هي آسيا بنت مزاحم عليها السلام تقول كما قال تعالى:
﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾[التحريم: 11]، اختارت الجار قبل الدار.