ضامية الشوق
05-19-2025, 11:18 AM
روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأرض. (1/ 213).
ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (358)، من طريق شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأرض.
وأخرجه أحمد (8104) و (8105) و (9861)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (164)، وأبو داود (45)، والنسائي في «المجتبى» (50)، وفي «الكبرى» (48)، وابن حبان (1405)، والطبراني في «الأوسط» (604)، والبيهقي في «الكبير» (520)، من طريق شريك أيضًا، بألفاظ متقاربة، وفيها موضع الشاهد.
قلت: شريك بن عبد الله القاضي، ضعيف.
• وإبراهيم بن جرير، صدوق.
• وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، ثقة، روى له الجماعة.
وقد أنكر أحمد هذا الحديث.
قال ابن القيم في «بدائع الفوائد» (3/ 1156): «قال حنبل: قال أحمد في حديث حجاج المصيصي، عن شريك، عن إبراهيم بن جري[1]، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: كان النبي إذا دخل الخلاء أتيته بماء فاستنجى، ثم مسح بيده على الأرض، ثم توضأ. فقال أحمد: هذا حديث منكر؛ إنما هو عن أبي الأحوص عن عبد الله، ولم يرفعه»اهـ.
وأخرجه أحمد (8695)، والدارمي (705)، وأبو يعلى (6136)، وابن عدي في «الكامل» (2/ 282)، والبيهقي في «الكبير» (522)، من طريق أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي، عن مولى لأبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَضِّئْنِي»، فأتيته بوضوء، فاستنجى، ثم أدخل يده في التراب، فمسحها، ثم غسلها، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقلت: يا رسول الله، رجلاك لم تغسلهما، قال: «إِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ».
قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضًا؛ لجهالة مولى أبي هريرة، وضعف أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي، فقد وصف بأن له مناكير، ووثقه بعضهم.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 296): «أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إليَّ، قال: سمعت أبي يقول: أبان بن أبي حازم هو أبان بن عبد الله البجلي، صدوق صالح الحديث.
عن يحيى بن معين، أنه قال: أبان بن عبد الله البجلي، ثقة»اهـ.
وذكره العقيلي في «الضعفاء» (1/ 169)، وقال: «حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: كان عبد الرحمن يحدث عن سفيان, عن أبان بن أبي حازم، وهو أبان بن عبد الله البجلي، وما سمعت عبد الرحمن حدث عنه بشيء قط».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 94): «كان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير».
وقال الذهبي في «ديوان الضعفاء» (132): «أبان بن عبد الله البجلي، كوفي، صدوق، له مناكير».
وقال الحافظ في «التقريب»: «صدوق، في حفظه لين».
قلت: والظاهر أن الأقوال الواردة فيه ليست من باب الاختلاف؛ وإنما التوثيق راجع للعدالة فحسب، والله أعلم.
وهذا الحديث له شاهد.
أخرجه الدارمي (706)، وابن ماجه (359)، والنسائي (51)، وابن خزيمة (89)، والبيهقي في «الكبير» (521)، من طريق أبان بن عبد الله البجلي، عن إبراهيم بن جرير بن عبد الله، عن جرير بن عبد الله ﭭ، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فاستنجى، ثم دلك يده بالأرض، ثم توضأ، ومسح على خفيه، قلت: يا رسول الله، رجليك؟ قال: «إِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَينِ».
هذا لفظ البيهقي، وبينهما اختلاف في اللفظ، وفي جميعها موضع الشاهد.
قال النسائي: «هذا أشبه بالصواب من حديث شريك، والله سبحانه وتعالى أعلم».
قلت: وفيه انقطاع؛ لأن إبراهيم بن جرير لم يسمع من أبيه.
قال الدوري في «روايته» (3188): «سمعت يحيى يقول: إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يسمع من أبيه شيئًا».
وقال أبو حاتم في «العلل» (6/ 177): «إبراهيم بن جرير، لم يسمع من أبيه».
وقال أبو زرعة في «العلل» (1/ 629): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يلحق أباه».
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 91): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، روى عن أبيه، مرسل».
وقال الحافظ في «التقريب»: «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، صدوق، إلا أنه لم يسمع من أبيه، وقد روى عنه بالعنعنة، وجاءت رواية بصريح التحديث، لكن الذنب لغيره»اهـ.
وأبان بن عبد الله، ضعيف، كما تقدم.
وزيادة دلك اليدين بالأرض في هذا الحديث منكرة؛ لأن الحديث مشهور، ورواه الثقات، بدون هذه اللفظة.
قلت: ومع ضعف الروايات الواردة في دلك اليدين بالأرض بعد الاستنجاء، إلا أن هذا الفعل يشهد له ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من دلك يديه بالأرض والحائط في غسل الجنابة.
ولذلك قال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» (1/ 274)، بعد ذِكْره حديث دلك اليدين بعد غسل الجنابة: «فقد تضمن هذا الحديث أن المستنجي يدلك يده بالتراب، ثم يغسلها»اهـ.
وهذا تخريج آخر للحديث قد وقفت عليه عندي بعدما قمت بهذا التخريج المتقدم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأرض.
ضعيف.
أخرجه أحمد (8104) و (9861)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (164)، وأبو داود (45)، والنسائي في «المجتبى» (50)، وفي «الكبرى» (48)، وابن ماجه (358)، وابن حبان (1405)، والطبراني في «الأوسط» (604)، والبيهقي في «الكبير» (520)، من طرق، عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، به.
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن أبي زرعة إلا إبراهيم بن جرير، تفرد به شريك».
قلت: وهذا الحديث فيه علتان ذكرهما ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (4/ 102، 103)، فقال: «وهو لا يصح، وهو حديث له علتان:
إحداهما: شريك، فهو سيئ الحفظ، مشهور التدليس، وهو بسوء الحفظ، مثل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقيس بن الربيع، وثلاثتهم اعتراهم سوء الحفظ بما ولوا من القضاء، وتشاغلهم به.
والعلة الثانية: إبراهيم بن جرير بن عبد الله؛ فإنه لا تعرف حاله وهو كوفي، يروي عن أبيه مرسلًا، ومنهم من يقول: حدثني أبي. والله أعلم»اهـ.
قلت: إبراهيم بن جرير لم أجد من ذكره بجرح ولا تعديل غير ابن حبان حيث ذكره في «الثقات» (4/ 6)، وهذا لا يفيده؛ لأن ابن حبان يذكر فيه المجهولين.
وقول ابن عدي في «الكامل» (2/ 16): «ولم يضعَّف في نفسه؛ إنما قيل: لم يسمع من أبيه شيئًا، وأحاديثه مستقيمة تكتب».
وقول ابن حجر في «التقريب»: «صدوق، إلا أنه لم يسمع من أبيه».
وقد خالف أبانُ بن عبد الله البجلي شريكًا فرواه على وجه آخر.
فقد أخرجه الدارمي (706)، والنسائي (51)، وابن خزيمة (89)، والبيهقي في «الكبير» (521)، من أربعة طرق، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن إبراهيم بن جرير، عن أبيه، بألفاظ متقاربة، فيها موضع الشاهد.
فأبدل الإسناد بالكلية، وجعل الحديث من مسند جرير بن عبد الله بدلًا من مسند أبي هريرة.
قال النسائي: «هذا أشبه بالصواب من حديث شريك. والله سبحانه وتعالى أعلم».
قلت: هذا الطريق فيه علتان:
العلة الأولى: أبان بن عبد الله البجلي؛ وهو أبان بن أبي حازم؛ فإنه وإن وثقه ابن معين، وقال أحمد:«صدوق صالح الحديث».
وذكره ابن عدي في «الكامل» (2/ 281- 283)، ثم قال: «وأبان هذا عزيز الحديث، عزيز الروايات، ولم أجد له حديثًا منكر المتن فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به».
إلا أن بعضهم تكلم فيه من جهة حفظه.
فقد ذكره العقيلي في «الضعفاء» (1/ 169)، وروى عن عمرو بن علي الفلاس، قال: «كان عبد الرحمن يُحدِّث عن سفيان, عن أبان بن أبي حازم، وهو أبان بن عبد الله البجلي، وما سمعت عبد الرحمن حدَّث عنه بشيء قط».
وذكره ابن حبان في «المجروحين» (1/ 94)، وقال: «وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير».
وقال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق في حفظه لين».
العلة الثانية: الانقطاع بين إبراهيم بن جرير وأبيه.
قال ابن معين في «رواية الدوري» (3188): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يسمع من أبيه شيئًا».
وقال ابن ابي حاتم في «المراسيل» (26): «سمعت أبي يقول: لم يسمع إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي من أبيه».
وقال أبو زرعة في «العلل» (1/ 629): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يلحق أباه».
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (6/ 177): سألت أبي عن حديث رواه أبو معمر الهذلي؛ قال: حدثنا أبو سليمان؛ قال: أخبرني إبراهيم بن جرير بن عبد الله؛ قال: أخبرني أبي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى حية فلم يقتلها، فليس منا»؟ فقال أبي: «هذا حديث منكر، وأبو سليمان داود بن عبد الجبار منكر الحديث، وإبراهيم ابن جرير لم يسمع من أبيه».
وقال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (1/ 189): «قال الآجري: سألت أبا داود، فقلت: سمع من أبيه؟ قال: لا».
وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 16): «في بعض رواياته يقول: حدثني أبي. ولم يضعَّف في نفسه؛ إنما قيل: لم يسمع من أبيه شيئًا، وأحاديثه مستقيمة تكتب».
قال الحافظ في «التهذيب» (1/ 112): «إنما جاءت روايته عن أبيه بتصريح التحديث منه من طريق داود بن عبد الجبار عنه, وداود ضعيف، ونسبه بعضهم إلى الكذب».
وقال الحافظ في «التقريب»: «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، صدوق؛ إلا أنه لم يسمع من أبيه، وقد روى عنه بالعنعنة، وجاءت رواية بصريح التحديث، لكن الذنب لغيره».
قلت: ثم إن أبان بن عبد الله قد اضطرب في هذا الحديث؛ فقد روى الحديث على وجه آخر.
فقد أخرجه أحمد (8695)، والدارمي (705)، والبيهقي في «الكبير» (522)، وأبو يعلى (6136)، وابن عدي في «الكامل» (2479)، من طرق، عن أبان بن عبد الله البجلي، قال: حدثني مولى لأبي هريرة - زاد البيهقي: وأظنه قال: أبو وهب - قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَضِّئْنِي»، فأتيته بوضوء، فاستنجى، ثم أدخل يده في التراب، فمسحها، ثم غسلها، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقلت: يا رسول الله، رجلاك لم تغسلهما، قال: «إِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ».
قلت: وهذا اضطراب منه في الحديث، وهو راجع إلى سوء حفظه، ولا يقال: قد يكون له شيخان في هذا الحديث! لأن التنوع في الأسانيد لا يُقبل من مثل أبان. والله أعلم.
ثم إن هذا الطريق فيه علة أخرى؛ وهي جهالة مولى أبي هريرة، وقد جاء في رواية البيهقي: «وأظنه قال: أبو وهب»، على الشك، وأبو وهب هذا ذكره البخاري في «الكنى» (751)، قال: «أبو وهب، عن أبي هريرة، روى عنه حميد بن سعيد».
فلم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فتظل جهالته كما هي.
[1] حرفت في «بدائع الفوائد» طبعة دار عالم الفوائد، إلى: «بن حزم».
ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (358)، من طريق شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأرض.
وأخرجه أحمد (8104) و (8105) و (9861)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (164)، وأبو داود (45)، والنسائي في «المجتبى» (50)، وفي «الكبرى» (48)، وابن حبان (1405)، والطبراني في «الأوسط» (604)، والبيهقي في «الكبير» (520)، من طريق شريك أيضًا، بألفاظ متقاربة، وفيها موضع الشاهد.
قلت: شريك بن عبد الله القاضي، ضعيف.
• وإبراهيم بن جرير، صدوق.
• وأبو زرعة بن عمرو بن جرير، ثقة، روى له الجماعة.
وقد أنكر أحمد هذا الحديث.
قال ابن القيم في «بدائع الفوائد» (3/ 1156): «قال حنبل: قال أحمد في حديث حجاج المصيصي، عن شريك، عن إبراهيم بن جري[1]، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: كان النبي إذا دخل الخلاء أتيته بماء فاستنجى، ثم مسح بيده على الأرض، ثم توضأ. فقال أحمد: هذا حديث منكر؛ إنما هو عن أبي الأحوص عن عبد الله، ولم يرفعه»اهـ.
وأخرجه أحمد (8695)، والدارمي (705)، وأبو يعلى (6136)، وابن عدي في «الكامل» (2/ 282)، والبيهقي في «الكبير» (522)، من طريق أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي، عن مولى لأبي هريرة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَضِّئْنِي»، فأتيته بوضوء، فاستنجى، ثم أدخل يده في التراب، فمسحها، ثم غسلها، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقلت: يا رسول الله، رجلاك لم تغسلهما، قال: «إِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ».
قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضًا؛ لجهالة مولى أبي هريرة، وضعف أبان بن عبد الله بن أبي حازم البجلي، فقد وصف بأن له مناكير، ووثقه بعضهم.
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 296): «أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، فيما كتب إليَّ، قال: سمعت أبي يقول: أبان بن أبي حازم هو أبان بن عبد الله البجلي، صدوق صالح الحديث.
عن يحيى بن معين، أنه قال: أبان بن عبد الله البجلي، ثقة»اهـ.
وذكره العقيلي في «الضعفاء» (1/ 169)، وقال: «حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: كان عبد الرحمن يحدث عن سفيان, عن أبان بن أبي حازم، وهو أبان بن عبد الله البجلي، وما سمعت عبد الرحمن حدث عنه بشيء قط».
وقال ابن حبان في «المجروحين» (1/ 94): «كان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير».
وقال الذهبي في «ديوان الضعفاء» (132): «أبان بن عبد الله البجلي، كوفي، صدوق، له مناكير».
وقال الحافظ في «التقريب»: «صدوق، في حفظه لين».
قلت: والظاهر أن الأقوال الواردة فيه ليست من باب الاختلاف؛ وإنما التوثيق راجع للعدالة فحسب، والله أعلم.
وهذا الحديث له شاهد.
أخرجه الدارمي (706)، وابن ماجه (359)، والنسائي (51)، وابن خزيمة (89)، والبيهقي في «الكبير» (521)، من طريق أبان بن عبد الله البجلي، عن إبراهيم بن جرير بن عبد الله، عن جرير بن عبد الله ﭭ، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء، فاستنجى، ثم دلك يده بالأرض، ثم توضأ، ومسح على خفيه، قلت: يا رسول الله، رجليك؟ قال: «إِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَينِ».
هذا لفظ البيهقي، وبينهما اختلاف في اللفظ، وفي جميعها موضع الشاهد.
قال النسائي: «هذا أشبه بالصواب من حديث شريك، والله سبحانه وتعالى أعلم».
قلت: وفيه انقطاع؛ لأن إبراهيم بن جرير لم يسمع من أبيه.
قال الدوري في «روايته» (3188): «سمعت يحيى يقول: إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يسمع من أبيه شيئًا».
وقال أبو حاتم في «العلل» (6/ 177): «إبراهيم بن جرير، لم يسمع من أبيه».
وقال أبو زرعة في «العلل» (1/ 629): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يلحق أباه».
وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 91): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، روى عن أبيه، مرسل».
وقال الحافظ في «التقريب»: «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، صدوق، إلا أنه لم يسمع من أبيه، وقد روى عنه بالعنعنة، وجاءت رواية بصريح التحديث، لكن الذنب لغيره»اهـ.
وأبان بن عبد الله، ضعيف، كما تقدم.
وزيادة دلك اليدين بالأرض في هذا الحديث منكرة؛ لأن الحديث مشهور، ورواه الثقات، بدون هذه اللفظة.
قلت: ومع ضعف الروايات الواردة في دلك اليدين بالأرض بعد الاستنجاء، إلا أن هذا الفعل يشهد له ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من دلك يديه بالأرض والحائط في غسل الجنابة.
ولذلك قال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» (1/ 274)، بعد ذِكْره حديث دلك اليدين بعد غسل الجنابة: «فقد تضمن هذا الحديث أن المستنجي يدلك يده بالتراب، ثم يغسلها»اهـ.
وهذا تخريج آخر للحديث قد وقفت عليه عندي بعدما قمت بهذا التخريج المتقدم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأرض.
ضعيف.
أخرجه أحمد (8104) و (9861)، وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (164)، وأبو داود (45)، والنسائي في «المجتبى» (50)، وفي «الكبرى» (48)، وابن ماجه (358)، وابن حبان (1405)، والطبراني في «الأوسط» (604)، والبيهقي في «الكبير» (520)، من طرق، عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة رضي الله عنه، به.
قال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث عن أبي زرعة إلا إبراهيم بن جرير، تفرد به شريك».
قلت: وهذا الحديث فيه علتان ذكرهما ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (4/ 102، 103)، فقال: «وهو لا يصح، وهو حديث له علتان:
إحداهما: شريك، فهو سيئ الحفظ، مشهور التدليس، وهو بسوء الحفظ، مثل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقيس بن الربيع، وثلاثتهم اعتراهم سوء الحفظ بما ولوا من القضاء، وتشاغلهم به.
والعلة الثانية: إبراهيم بن جرير بن عبد الله؛ فإنه لا تعرف حاله وهو كوفي، يروي عن أبيه مرسلًا، ومنهم من يقول: حدثني أبي. والله أعلم»اهـ.
قلت: إبراهيم بن جرير لم أجد من ذكره بجرح ولا تعديل غير ابن حبان حيث ذكره في «الثقات» (4/ 6)، وهذا لا يفيده؛ لأن ابن حبان يذكر فيه المجهولين.
وقول ابن عدي في «الكامل» (2/ 16): «ولم يضعَّف في نفسه؛ إنما قيل: لم يسمع من أبيه شيئًا، وأحاديثه مستقيمة تكتب».
وقول ابن حجر في «التقريب»: «صدوق، إلا أنه لم يسمع من أبيه».
وقد خالف أبانُ بن عبد الله البجلي شريكًا فرواه على وجه آخر.
فقد أخرجه الدارمي (706)، والنسائي (51)، وابن خزيمة (89)، والبيهقي في «الكبير» (521)، من أربعة طرق، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن إبراهيم بن جرير، عن أبيه، بألفاظ متقاربة، فيها موضع الشاهد.
فأبدل الإسناد بالكلية، وجعل الحديث من مسند جرير بن عبد الله بدلًا من مسند أبي هريرة.
قال النسائي: «هذا أشبه بالصواب من حديث شريك. والله سبحانه وتعالى أعلم».
قلت: هذا الطريق فيه علتان:
العلة الأولى: أبان بن عبد الله البجلي؛ وهو أبان بن أبي حازم؛ فإنه وإن وثقه ابن معين، وقال أحمد:«صدوق صالح الحديث».
وذكره ابن عدي في «الكامل» (2/ 281- 283)، ثم قال: «وأبان هذا عزيز الحديث، عزيز الروايات، ولم أجد له حديثًا منكر المتن فأذكره، وأرجو أنه لا بأس به».
إلا أن بعضهم تكلم فيه من جهة حفظه.
فقد ذكره العقيلي في «الضعفاء» (1/ 169)، وروى عن عمرو بن علي الفلاس، قال: «كان عبد الرحمن يُحدِّث عن سفيان, عن أبان بن أبي حازم، وهو أبان بن عبد الله البجلي، وما سمعت عبد الرحمن حدَّث عنه بشيء قط».
وذكره ابن حبان في «المجروحين» (1/ 94)، وقال: «وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير».
وقال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق في حفظه لين».
العلة الثانية: الانقطاع بين إبراهيم بن جرير وأبيه.
قال ابن معين في «رواية الدوري» (3188): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يسمع من أبيه شيئًا».
وقال ابن ابي حاتم في «المراسيل» (26): «سمعت أبي يقول: لم يسمع إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي من أبيه».
وقال أبو زرعة في «العلل» (1/ 629): «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، لم يلحق أباه».
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (6/ 177): سألت أبي عن حديث رواه أبو معمر الهذلي؛ قال: حدثنا أبو سليمان؛ قال: أخبرني إبراهيم بن جرير بن عبد الله؛ قال: أخبرني أبي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى حية فلم يقتلها، فليس منا»؟ فقال أبي: «هذا حديث منكر، وأبو سليمان داود بن عبد الجبار منكر الحديث، وإبراهيم ابن جرير لم يسمع من أبيه».
وقال مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (1/ 189): «قال الآجري: سألت أبا داود، فقلت: سمع من أبيه؟ قال: لا».
وقال ابن عدي في «الكامل» (2/ 16): «في بعض رواياته يقول: حدثني أبي. ولم يضعَّف في نفسه؛ إنما قيل: لم يسمع من أبيه شيئًا، وأحاديثه مستقيمة تكتب».
قال الحافظ في «التهذيب» (1/ 112): «إنما جاءت روايته عن أبيه بتصريح التحديث منه من طريق داود بن عبد الجبار عنه, وداود ضعيف، ونسبه بعضهم إلى الكذب».
وقال الحافظ في «التقريب»: «إبراهيم بن جرير بن عبد الله البجلي، صدوق؛ إلا أنه لم يسمع من أبيه، وقد روى عنه بالعنعنة، وجاءت رواية بصريح التحديث، لكن الذنب لغيره».
قلت: ثم إن أبان بن عبد الله قد اضطرب في هذا الحديث؛ فقد روى الحديث على وجه آخر.
فقد أخرجه أحمد (8695)، والدارمي (705)، والبيهقي في «الكبير» (522)، وأبو يعلى (6136)، وابن عدي في «الكامل» (2479)، من طرق، عن أبان بن عبد الله البجلي، قال: حدثني مولى لأبي هريرة - زاد البيهقي: وأظنه قال: أبو وهب - قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَضِّئْنِي»، فأتيته بوضوء، فاستنجى، ثم أدخل يده في التراب، فمسحها، ثم غسلها، ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقلت: يا رسول الله، رجلاك لم تغسلهما، قال: «إِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ».
قلت: وهذا اضطراب منه في الحديث، وهو راجع إلى سوء حفظه، ولا يقال: قد يكون له شيخان في هذا الحديث! لأن التنوع في الأسانيد لا يُقبل من مثل أبان. والله أعلم.
ثم إن هذا الطريق فيه علة أخرى؛ وهي جهالة مولى أبي هريرة، وقد جاء في رواية البيهقي: «وأظنه قال: أبو وهب»، على الشك، وأبو وهب هذا ذكره البخاري في «الكنى» (751)، قال: «أبو وهب، عن أبي هريرة، روى عنه حميد بن سعيد».
فلم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فتظل جهالته كما هي.
[1] حرفت في «بدائع الفوائد» طبعة دار عالم الفوائد، إلى: «بن حزم».