مشاهدة النسخة كاملة : الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم


لالاتناجي كفاك نضال
09-06-2024, 10:12 PM
معشر المسلمين، الرحمة صفة إلهية، نَعَتَ الله بها نفسه في مواضعَ من كتابه، فهو سبحانه رحمن رؤوف، غفور رحيم، بل أرحم الراحمين، وأخبر سبحانه عن نفسه بأنه واسع الرحمة، وأن رحمته وسعت كل شيء، وأنه خير الراحمين، وبالناس رؤوف رحيم.



وأعظم رحمة حظيَت بها البشرية من ربها: إرسال نبي الرحمة والهدى محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال سبحانه مبينًا هذه النعمة، وممتنًّا على عباده بها: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فما من مخلوق على هذه الأرض إلا وقد نال حظًّا من هذه الرحمة المهداة.



نالها المؤمن بهداية الله له، وأُعطيها الكافر بتأخير العذاب عنه في الدنيا، وحصَّلها المنافق بالأمن من القتل، وجريان أحكام الإسلام في الدنيا عليه؛ فجميع الخلق قد هنِئوا وسعدوا برسالته صلى الله عليه وسلم.



لقد حَبَا اللهُ نبيه بصفات الكمال البشري، فكل صفة حمد حد حاز كمالها، وإنك إن تأملت السجايا، وجدت أن الرحمة هي الأظهر فيها.



وإذا كانت بعثته صلى الله عليه وسلم ما هي إلا رحمة، فكيف كانت رحمة من هو في أصله رحمة؟! لقد تمثل نبي الهدى صلى الله عليه وسلم الرحمة في أكمل صورها، وأعظم معانيها، ومظاهر شريعته.



فرحِمَ الصغير والكبير، والقريب والبعيد، والعدو والصديق، بل شملت رحمته الحيوان والجماد، وما من سبيل يوصل إلى رحمة الله، إلا جلَّاه لأمته، وحضَّهم على سلوكه، وما من طريق يُبعد عن رحمة الله، إلا زجرهم عنها، وحذرهم منها؛ كل ذلك رحمةً بهم وشفقة عليهم.



إخوة الإيمان، لقد كان همه صلى الله عليه وسلم أمته: ((أمتي أمتي))، وكان دائمًا ما يقول: ((لولا أن أشقَّ على أمتي))، روى مسلم في صحيحه، عن عبدالله بن عمرو بن العاص: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقال عيسى عليه السلام: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فرفع يديه صلى الله عليه وسلم وقال: ((اللهم أمتي أمتي))، وبكى عليه الصلاة والسلام فقال الله عز وجل: ((يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسَلَهُ: ما يبكيك؟ فأتاه جبريل فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الله عز وجل: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)).



بل إن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد جعل دعوته المستجابة لأمته ولأجل أمته؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجَّل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا))؛ [متفق عليه].



ومن رحمته بأمته أنه عليه الصلاة والسلام كان يترك أحيانًا بعض السنن والمستحبات، والأعمال الصالحات، وقلبه معلَّق بها، ما يتركها إلا خشية أن تفرض على أمته، فلا يطيقونها؛ تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الخبيرة بأموره: ((إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ العمل، وهو يحب أن يعمل به؛ خشية أن يعمل به الناس، فيُفرض عليهم))؛ [رواه البخاري في صحيحه].



عباد الله: كانت الصلاة منتهى راحة النبي صلى الله عليه وسلم وغاية أنسه، جعلت قرة عينه في الصلاة، ومستراح قلبه ونفسه، حينما يقف فيها بين يدي ربه، كان يحب إطالتها، وكثرة المناجاة فيها، كان عليه الصلاة والسلام يدخل الصلاة وهو يريد إطالتها، فيسمع بكاء الصبي، فيتجوز في صلاته؛ رحمةً ورأفة بأمه؛ لِما يعلم من شدة وجدها عليه.



أما رأفته وتلطفه مع الصغار والأولاد، فما عرفت البشرية أحدًا أرأف بهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم".



يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيرى ابنه إبراهيم في سكرة الموت، وقد نازعته روحه، فجعلت عيناه تذرفان، فقال عبدالرحمن بن عوف متعجبًا: وأنت يا رسول الله؟ – يعني: تبكي - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ابن عوف، إنها رحمة))، ثم أتبع دمعاته تلك بأخرى، وقال: ((إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)).



كان عليه الصلاة والسلام كثيرًا ما يقبل الأطفال ويحملهم، ويلاعبهم ويواسيهم، ويمسح على رؤوسهم، رآه الأقرع بن حابس يُقبِّل الحسن بن علي، فقال في جفاء: إن لي عشرة من الولد، ما قبلت واحدًا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه من لا يَرْحم لا يُرحم)).



جاءت أم قيس بنت محصن بابنٍ لها صغير، لم يأكل الطعام، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم أجْلَسه في حجره، فبال الصبي على ثوبه صلى الله عليه وسلم، فلم يتذمر ولم يثرب، بل دعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله.



رأى محمود بن الربيع وهو ابن خمس سنين، فجعل يمازحه ويمج الماء عليه.



وأحد أطفال الصحابة لما مات طائره الذي يلاعبه، جعل النبي صلى الله عليه وسلم يمازحه ويواسيه، ويقول: ((يا أبا عمير، ما فعل النُّغير؟)).



بل إن رحمته بالأطفال لم تفارقه حتى وهو في عبادته، صلى مرة بأصحابه وهو حاملٌ أمامةَ بنت زينب، بعد وفاة أمها رضي الله عنها فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها، وكذلك فعل مع الحسن وهو صغير.



كان عليه الصلاة والسلام ينكسر قلبه على اليتامى والأرامل، والضعفة والمساكين، وكان دائمًا ما يوصي بهم، وبالعناية بشؤونهم، فقال: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى))، وقال أيضًا: ((الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله)).



قال سهل بن حنيف: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم)).



أما رحمته ورأفته بالنساء، فله معهن شأن - وأي شأن - فأوصى أمته بالإحسان إليهن؛ فقال: ((استوصوا بالنساء خيرًا))، وحرج على المسلمين حقهن، فقال: ((اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة)).



وكان يستمع لشكاوى النساء ويقضي حاجاتهن، وخصص لهن يومًا لأسئلتهن وحوائجهن، بل أبعد من ذلك أن الأمة من إماء أهل المدينة كانت تأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت.



أما مع أهله، فكان عطوفًا عليهم، خدومًا لهم، كان يكفي أهله بعض العمل، فكان يحلب الشاة، ويخيط الثوب، ويخصف النعل، ويخدم نفسه، وكان يقول: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي)).



إخوة الإيمان: هذه الرحمة المهداة شملت حتى العصاة والمقصرين ومن وقعوا في الكبائر، كان يعالج أخطاء المذنبين بألْيَنِ كلمة، وأرأف عبارة، ويسديهم من النصائح التي ملؤها الرحمة والشفقة، يغض الطرف عن زلَّات المخطئين وهفواتهم، حريصًا على الستر عليهم.



يأتي إليه ماعز الأسلمي، فيعترف له بالزنا، فيقول له: ((لعلك قبَّلت، أو غمزت، أو نظرت)).



هذه الرحمة العالية، قد وسِعت الكافر على كفره وعناده، يضرب أكرم الخلق عند الله، ويبصق في وجهه، ويُرمى سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، ويُخنق بثوب حتى ضاقت بذلك نفسه، ويُضرب أصحابه، ويُهانون أمام ناظريه، فعرض عليه ربه إهلاكهم؛ فقال في رحمة ورأفة وشفقة: ((بل أرجو أن يخرج الله من بين أصلابهم من يعبد الله وحده لا شريك له)).



وها هو رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة يقابل أعداءه الذين طردوه وحاربوه واتهموه في عقله، يقابلهم بالرحمة العظيمة التي مُلئ بها قلبه، فيقول: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)).



كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: ((استوصوا بالأسارى خيرًا))، قال أبو عزيز بن عمير: كنت في رهط من الأنصار، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا.



وحينما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أسرى بني قريظة موقوفين في قيظ النهار تحت الشمس، قال: ((لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح، قِيلوهم حتى يبردوا)).



إخوة الإيمان: لقد كانت حياة نبي الهدى تشع رحمةً لجميع فئات الناس، فكان بذلك رحمة من الرحمن يرحم الله بها عباده؛ وصدق الله: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].


منقول للفائدة

لالاتناجي كفاك نضال
09-06-2024, 10:33 PM
الوووو عود الليل

نعم لالاتناجي

انقل الموضوع هذا القسم العام


اتوقع اني كنت نعسان ههههههههه

تحيتي

عـــودالليل
09-06-2024, 11:11 PM
الله يجزاك خبر

وتم

مديونه
09-07-2024, 01:05 PM
لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


https://a3zz.net/upload/uploads/images/a3zz-7891e79eef.gif

مجنون قصايد
09-07-2024, 01:07 PM
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

جنــــون
09-07-2024, 01:11 PM
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_17_19_ba83_fb0eb66adb0a14.gif

نجم الجدي
09-07-2024, 05:59 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

المهرة
09-10-2024, 01:40 AM
https://www.st2.ac.th/home/images/186714680-member.jpg




اسلم وبااارك الله فيك
وفي جلبك وطرحك الطيب والمفيد
جزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
سلمت الايااادي ويعطيك ربي عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك
دمت وكون بخير



https://www.st2.ac.th/home/images/186714680-member.jpg

روح الندى
09-10-2024, 07:30 AM
جزاك الله خير

فزولهآ
09-14-2024, 06:08 PM
طرح كميل

ضامية الشوق
09-17-2024, 03:18 PM
جزاك الله خيرا

ضوى الليل
10-01-2024, 05:48 AM
جـزاك اللـــه خيـر الجـزاء
ونـور دربـك وأثابك الجنـة

ملكة الجوري
10-08-2024, 09:31 PM
جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان