روح الندى
08-14-2024, 05:48 AM
الحياة الطيبة والسعادة، والعِيشة الهنية الرضية؛ مطلب مهم، ومقصد أسمى، يسعى إلى تحقيقه البشر، وتشرئب إلى سماعه النفوس، وتطمح إلى تحقيقه وبلوغه الأفئدة، السعادة عباد الله: هدف سامي يَنشده كل الناس، ولكن تعددت مشارب الناس في طلبها، وتنوعت أساليبهم في البحث عنها.
فمن الناس من يبحث عن السعادة في جمع الأموال، فيراها في تحصيل القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ومن الناس من يبحث عن السعادة في المناصب والوجاهات والرئاسة وحب الاستعلاء، ومنهم من ينشد السعادة في كثرة الأولاد، وصحة الأجساد، وشبع الأبدان، والمظاهر والشكليات. ومنهم من يبحث عنها في اللهو واللعب وتقطيع الأوقات، وإمضاء الساعات في المقاهي والاستراحات والمتنزهات، والعكوف على مشاهدة القنوات، وغيرها من مُتع الدنيا الزائفة.
عباد الله:
لقد طلب السعادة أقوام على مر العصور بطرق متعددة ليست على هدي الله وهدي رسله عليهم السلام فكانت بعض هذه الطرق سبب لدمارهم وهلاكهم، وإن لنا فيما قصه الله علينا في كتابه الكريم من قصص أقوام طلبوا السعادة في غير مظانها الحقيقية فانقلبت سعادتهم شقاوة أبدية في الدنيا والآخرة؛ إن لنا في ذلك لآية وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمعَ وهو شهيد.
هذا فرعون أَعتى من عرفته البشرية تكبرًا وتجبرًا، يُنعم الله عليه بأعظم النعم، ويعطيه مُلكُ مِصرَ، ويجمع له الناس، ويُجري له الأرزاق والأنهار، فيخاطب الملايين الذين استعبدهم عقودًا من الزمان ويقول: ﴿ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]، وقال: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، فكان عاقبة هذا العتو والتكبر أن أَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى وكما قال تعالى عنهم: ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46].
وهذا قارون منحه الله تعالى كنوزًا عظيمة تنوءُ بحملِ مفاتحها الأثقال، ما جمعها بجهده ولا بكده، بل بفضل الله ونعمته، ولكنهُ أَبى إلا الفساد في الأرض، والتكبر على العباد، فحُرم السعادة في الدنيا والآخرة: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].
وهذا الوليد بن المغيرة يرى أن السعادة في تكثير الأموال والأولاد، ويرزقه الله مالًا ممدودًا، وعشرة من الأبناء عن يمينه وشماله، فيكفر بنعمة الله عليه، ويعصي رَسُولَهُ، ويَهزأ به، فيُحرم السعادة، ويُكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 11 - 17].
وغيره وغيرهم أمم وأقوام في الماضي والحاضر انتكست أفهامهم في طلب السعادة، فطلبوها في غير طرقها الصحيحة، فما لبثوا أن انقلبت عليهم حسرة وندامة وشقاوة وتعاسة.
والحقُ يا عباد الله:
أن السعادة ليست في وفرة المال، ولا كثرة الولد، ولا سطوة الجاه، ولا رفعة المنصب، السعادة أمر معنوي ملموس لا يقاس بالنوع والكم، ولا يشترى بالدينار والدرهم، لا يملكها أحد من البشر فيعطيها من حُرمها، ولا أن ينتزعها ممن أوتيها.
السعادة الحقيقة والحياة الهانئة المطمئنة إنما تكون في الإيمان والعمل الصالح، يقول ربنا -عز وجل- ومن أصدق من الله قيلًا: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] الحياة الطيبة هي السعادة بكل معانيها: ﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾؛ أي: في الدنيا، أما في الآخرة: ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وذلك في جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين. وضدُ ذلك من أعرض عن طاعة مولاه، وسَلك سبيلَ الأشقياء فإنه أبعد الناس عن السعادة الحقيقية، والحياة الهنية فقد أخبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 124 - 127].
الحياة الطيبة والسعادة، والعِيشة الهنية الرضية؛ مطلب مهم، ومقصد أسمى، يسعى إلى تحقيقه البشر، وتشرئب إلى سماعه النفوس، وتطمح إلى تحقيقه وبلوغه الأفئدة، السعادة عباد الله: هدف سامي يَنشده كل الناس، ولكن تعددت مشارب الناس في طلبها، وتنوعت أساليبهم في البحث عنها.
فمن الناس من يبحث عن السعادة في جمع الأموال، فيراها في تحصيل القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ومن الناس من يبحث عن السعادة في المناصب والوجاهات والرئاسة وحب الاستعلاء، ومنهم من ينشد السعادة في كثرة الأولاد، وصحة الأجساد، وشبع الأبدان، والمظاهر والشكليات. ومنهم من يبحث عنها في اللهو واللعب وتقطيع الأوقات، وإمضاء الساعات في المقاهي والاستراحات والمتنزهات، والعكوف على مشاهدة القنوات، وغيرها من مُتع الدنيا الزائفة.
عباد الله:
لقد طلب السعادة أقوام على مر العصور بطرق متعددة ليست على هدي الله وهدي رسله عليهم السلام فكانت بعض هذه الطرق سبب لدمارهم وهلاكهم، وإن لنا فيما قصه الله علينا في كتابه الكريم من قصص أقوام طلبوا السعادة في غير مظانها الحقيقية فانقلبت سعادتهم شقاوة أبدية في الدنيا والآخرة؛ إن لنا في ذلك لآية وعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمعَ وهو شهيد.
هذا فرعون أَعتى من عرفته البشرية تكبرًا وتجبرًا، يُنعم الله عليه بأعظم النعم، ويعطيه مُلكُ مِصرَ، ويجمع له الناس، ويُجري له الأرزاق والأنهار، فيخاطب الملايين الذين استعبدهم عقودًا من الزمان ويقول: ﴿ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الزخرف: 51]، وقال: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]، فكان عاقبة هذا العتو والتكبر أن أَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى وكما قال تعالى عنهم: ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46].
وهذا قارون منحه الله تعالى كنوزًا عظيمة تنوءُ بحملِ مفاتحها الأثقال، ما جمعها بجهده ولا بكده، بل بفضل الله ونعمته، ولكنهُ أَبى إلا الفساد في الأرض، والتكبر على العباد، فحُرم السعادة في الدنيا والآخرة: ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81].
وهذا الوليد بن المغيرة يرى أن السعادة في تكثير الأموال والأولاد، ويرزقه الله مالًا ممدودًا، وعشرة من الأبناء عن يمينه وشماله، فيكفر بنعمة الله عليه، ويعصي رَسُولَهُ، ويَهزأ به، فيُحرم السعادة، ويُكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 11 - 17].
وغيره وغيرهم أمم وأقوام في الماضي والحاضر انتكست أفهامهم في طلب السعادة، فطلبوها في غير طرقها الصحيحة، فما لبثوا أن انقلبت عليهم حسرة وندامة وشقاوة وتعاسة.
والحقُ يا عباد الله:
أن السعادة ليست في وفرة المال، ولا كثرة الولد، ولا سطوة الجاه، ولا رفعة المنصب، السعادة أمر معنوي ملموس لا يقاس بالنوع والكم، ولا يشترى بالدينار والدرهم، لا يملكها أحد من البشر فيعطيها من حُرمها، ولا أن ينتزعها ممن أوتيها.
السعادة الحقيقة والحياة الهانئة المطمئنة إنما تكون في الإيمان والعمل الصالح، يقول ربنا -عز وجل- ومن أصدق من الله قيلًا: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] الحياة الطيبة هي السعادة بكل معانيها: ﴿ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾؛ أي: في الدنيا، أما في الآخرة: ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، وذلك في جنة عرضها السموات والأرض، فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين. وضدُ ذلك من أعرض عن طاعة مولاه، وسَلك سبيلَ الأشقياء فإنه أبعد الناس عن السعادة الحقيقية، والحياة الهنية فقد أخبر سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 124 - 127].