ضامية الشوق
02-06-2024, 05:48 PM
تفسير سورة الأنعام الآيات (20: 23)
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 20 - 23].
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سُورَة الْأَنْعَام:20].
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ﴾ الْيَهُودَ والنصارى[1] ﴿ الْكِتَابَ ﴾ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ[2] ﴿ يَعْرِفُونَهُ ﴾ أيْ: مُحَمَّدًا ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ﴾ بِحَيْثُ لَا يَشُكُّونَ فِي رِسَالَتِهِ [3].
﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ مِنْ أَهْلِ الكِتابِ وَالْمُشْرِكينَ الجَاحِدِينَ لِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ[4] ﴿ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ بِرِسَالتِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
***
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾[سُورَة الْأَنْعَام:21].
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ أَي: لَا أَحَدَ أَعْظَمُ ظُلْمًا وَلَا أَكْبَرُ جُرْمًا[5] ﴿ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ أي: اخْتَلَقَ على اللهِ قولًا أَوْ حُكْمًا وَهُوَ تَعَالَى بَريءٌ مِنْهُ[6].
﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴾ القُرْآنِ[7] ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
وَالآيةُ فِيهَا أَنَّ الْقَائِلِينَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَالْمُفْتَرِينَ عَلَيهِ الْبَاطِلَ لَا يَظْفَرُونَ بِمَطالِبِهِمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، بَلْ يَبْقَوْنَ فِي الحِرْمانِ وَالخِذْلانِ[8].
***
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [سورة الأنعام:22].
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾ أي: وَيَومَ نَحْشُرُ هَؤلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَومَ الْقِيامَةِ[9].
﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ بِاللهِ: ﴿ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ ﴾ آلِهَتُكُمُ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا شُرَكاءَ اللهِ لِينْفَعُوكُمْ[10] ﴿ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ أيْ: تَزْعُمُونَهُمْ شُرَكَاءَ[11]، فَحُذِفَ المَفْعُولَانِ للعِلْمِ بِهِمَا[12].
وَهَذِهِ الآيةُ كَقولِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [سورة القصص 74][13].
***
﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [سورة الأنعام:23].
﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ ﴾ أيْ: مَعْذِرَتُهُمْ وحُجَّتُهُمْ[14] ﴿ إِلَّا أَنْ قَالُوا ﴾ كَذِبًا ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾. وَأَخرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بَنِ جُبَيرٍ قَالَ: «أتى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقالَ: سَمِعْتُ اللهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [سورة الأنعام:23]؛ وفي أُخْرى: ﴿ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [سورة النساء:42]؛ فَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لَمَّا رَأوا أنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ؛ قالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ؛ وَقَالُوا: ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [سورة الأنعام:23]؛ فَخَتَمَ اللهُ تَعالَى عَلى أفْواهِهِمْ؛ وتَكَلَّمَتْ جَوارِحُهُمْ؛ فَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا»[15][16].
وَالآيةُ فِيهَا أَنَّ هَؤلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْقَطَعَ أَمَلُهُمْ وَرَجَاؤُهُمْ فِي شُرَكَائِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَومِ بَادَرُوا بِالإِنْكَارِ، وَلَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ.
***
[1] ينظر: تفسير القرطبي (6/ 400)، تفسير النسفي (1/ 496).
[2] ينظر: تفسير البغوي (3/ 134)، تفسير النسفي (1/ 496).
[3] ينظر: تفسير السعدي (ص72).
[4] ينظر: تفسير الزمخشري (2/ 12)، تفسير النسفي (1/ 496).
[5] ينظر: تفسير السعدي (ص264).
[6] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 245)، تفسير السعدي (ص264).
[7] ينظر: تفسير البغوي (3/ 135)، تفسير القرطبي (6/ 401).
[8] ينظر: تفسير الرازي (12/ 501).
[9] ينظر: تفسير الماوردي (4/ 454)، تفسير ابن كثير (3/ 246).
[10] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 157).
[11] ينظر: زاد المسير (2/ 16).
[12] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 157)، فتح القدير (2/ 122).
[13] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 246).
[14] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 157)، تفسير ابن كثير (3/ 246).
[15] أخرجه الطبري في تفسيره (7/ 42).
[16] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 246).
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 20 - 23].
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [سُورَة الْأَنْعَام:20].
﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ﴾ الْيَهُودَ والنصارى[1] ﴿ الْكِتَابَ ﴾ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ[2] ﴿ يَعْرِفُونَهُ ﴾ أيْ: مُحَمَّدًا ﴿ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ ﴾ بِحَيْثُ لَا يَشُكُّونَ فِي رِسَالَتِهِ [3].
﴿ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ﴾ مِنْ أَهْلِ الكِتابِ وَالْمُشْرِكينَ الجَاحِدِينَ لِنُبُوَّتِهِ وَرِسَالَتِهِ[4] ﴿ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ بِرِسَالتِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
***
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾[سُورَة الْأَنْعَام:21].
﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ ﴾ أَي: لَا أَحَدَ أَعْظَمُ ظُلْمًا وَلَا أَكْبَرُ جُرْمًا[5] ﴿ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ أي: اخْتَلَقَ على اللهِ قولًا أَوْ حُكْمًا وَهُوَ تَعَالَى بَريءٌ مِنْهُ[6].
﴿ أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ﴾ القُرْآنِ[7] ﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾.
وَالآيةُ فِيهَا أَنَّ الْقَائِلِينَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَالْمُفْتَرِينَ عَلَيهِ الْبَاطِلَ لَا يَظْفَرُونَ بِمَطالِبِهِمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ، بَلْ يَبْقَوْنَ فِي الحِرْمانِ وَالخِذْلانِ[8].
***
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [سورة الأنعام:22].
﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾ أي: وَيَومَ نَحْشُرُ هَؤلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَومَ الْقِيامَةِ[9].
﴿ ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ بِاللهِ: ﴿ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ ﴾ آلِهَتُكُمُ الَّتِي جَعَلْتُمُوهَا شُرَكاءَ اللهِ لِينْفَعُوكُمْ[10] ﴿ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ أيْ: تَزْعُمُونَهُمْ شُرَكَاءَ[11]، فَحُذِفَ المَفْعُولَانِ للعِلْمِ بِهِمَا[12].
وَهَذِهِ الآيةُ كَقولِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [سورة القصص 74][13].
***
﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [سورة الأنعام:23].
﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ ﴾ أيْ: مَعْذِرَتُهُمْ وحُجَّتُهُمْ[14] ﴿ إِلَّا أَنْ قَالُوا ﴾ كَذِبًا ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾. وَأَخرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بَنِ جُبَيرٍ قَالَ: «أتى رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقالَ: سَمِعْتُ اللهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [سورة الأنعام:23]؛ وفي أُخْرى: ﴿ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [سورة النساء:42]؛ فَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لَمَّا رَأوا أنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ؛ قالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ؛ وَقَالُوا: ﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ﴾ [سورة الأنعام:23]؛ فَخَتَمَ اللهُ تَعالَى عَلى أفْواهِهِمْ؛ وتَكَلَّمَتْ جَوارِحُهُمْ؛ فَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا»[15][16].
وَالآيةُ فِيهَا أَنَّ هَؤلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْقَطَعَ أَمَلُهُمْ وَرَجَاؤُهُمْ فِي شُرَكَائِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَومِ بَادَرُوا بِالإِنْكَارِ، وَلَا يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ.
***
[1] ينظر: تفسير القرطبي (6/ 400)، تفسير النسفي (1/ 496).
[2] ينظر: تفسير البغوي (3/ 134)، تفسير النسفي (1/ 496).
[3] ينظر: تفسير السعدي (ص72).
[4] ينظر: تفسير الزمخشري (2/ 12)، تفسير النسفي (1/ 496).
[5] ينظر: تفسير السعدي (ص264).
[6] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 245)، تفسير السعدي (ص264).
[7] ينظر: تفسير البغوي (3/ 135)، تفسير القرطبي (6/ 401).
[8] ينظر: تفسير الرازي (12/ 501).
[9] ينظر: تفسير الماوردي (4/ 454)، تفسير ابن كثير (3/ 246).
[10] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 157).
[11] ينظر: زاد المسير (2/ 16).
[12] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 157)، فتح القدير (2/ 122).
[13] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 246).
[14] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 157)، تفسير ابن كثير (3/ 246).
[15] أخرجه الطبري في تفسيره (7/ 42).
[16] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 246).