مشاهدة النسخة كاملة : خطبة: الوصية ببر الوالدين


ضامية الشوق
11-04-2023, 03:18 PM
خطبة: الوصية ببر الوالدين

إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وقال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، أما بعدُ:
جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: ((أُمُّكَ))، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((ثُمَّ أُمُّكَ))، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((ثُمَّ أُمُّكَ))، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((ثُمَّ أَبُوكَ))؛ رواه البخاري، وعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ- ثَلَاثًا- إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ))؛ رواه البخاري.

يا عباد الله، الوالدان هما أحق الناس بالشكر والتقدير؛ لما قدما من عطاء وتفانٍ وحب لأولادهما، وهذه التضحيات العظيمة التي يقدمها الآباء لا بُدَّ أن يقابلها حقوق من الأبناء؛ كالإحسان الدائم لهما، والإنفاق عليهما في حال كانا محتاجين إلى مَن يُنفق عليهما، والسمع والطاعة لهما بالمعروف، واحترامهما، وخفض الجناح لهما، والامتناع عن رفع الصوت عليهما، والدِّفاع عنهما، ودفع الضر عنهما أو أي مكروه قد يصيبهما، والحرص على جلب الخير لهما في كل أحوالهما، ودفع الشر عنهما؛ نظرًا لما قدَّماه إليك من إحسان ورعاية منذ صغرك.

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَرَأَى رَجُلًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ حَامِلًا أُمَّهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
إِنِّي لَهَا بَعِيرُهَا الْمُذَلَّلُ
إِنْ ذَعِرَتْ رِكَابُهَا لَمْ أذْعَر



أَتُرَانِي يَا بْنَ عُمَرَ جَزَيْتُهَا؟ قَالَ: "لَا وَلَا زَفْرَةً وَاحِدَةً"، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُمَدَّ لَهُ فِي عُمُرِهِ، وَأَنْ يُزَادَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَبَرَّ وَالِدَيْهِ، وَلْيَصِلْ رَحِمَهُ))؛ رواه أحمد، وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ))؛ رواه الترمذي.

يا عباد الله، وَالأَمْرُ بِالإِحْسَانِ إلى الْوَالِدَيْنِ عَامٌّ مُطْلَقٌ، يَنْطَوِي تَحْتَهُ على مَا يُرْضِي الابْنَ وَمَا لا يُرْضِيهِ، مِنْ غَيْرِ احْتِجَاجٍ، وَلا جِدَالٍ، وَلا مُنَاقَشَةٍ، وَهَذَا أَمْرٌ مُهِمٌّ جِدًّا، يَجِبُ الانْتِبَاهُ إِلَيْهِ؛ لأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَبْنَاءِ يَغْفلُونَ عَنْهُ؛ إِذْ يَحْسَبُونَ أَنَّ الْبِرَّ فِيمَا يُعْجِبُهُمْ وَيُوَافِقُ رَغَبَاتِهِمْ، وَالْحَقِيقَةُ عَلَى خِلافِ ذَلِكَ وَعَكْسِهِ، فَالْبِرُّ لا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا يُخَالِفُ هَوَى الابْنِ، وَمُيُولَهُ، وَلَوْ كَانَ فِيمَا يُوَافِقُ هَوَاهُ لَمْ يُسَمَّ بَارًّا؛ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمَانِ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ لَهُ وَالِدَانِ مُسْلِمَانِ، يُصْبِحُ إِلَيْهِمَا مُحْتَسِبًا، إِلَّا فَتَحَ الله لَهُ بَابَيْنِ -يَعْنِي مِنَ الْجَنَّةِ- وَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ فَوَاحِدٌ، وَإِنْ أَغْضَبَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ، قِيلَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ، قَالَ: وَإِنْ ظَلَمَاهُ".

نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- أقول قُولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36]، أما بعد:
الوالدان بابان للخير مفتوحان أمامك، فاغتنم الفرصة قبل أن يُغْلقا، واعلم أنَّك مهما فعلتَ من أنواع البِرِّ بوالديك؛ فلن تردَّ شيئًا من جميلهما عليك، ولما ماتت أم إياس بن معاوية بكى عليها، فقيل لهُ: ما يبكيك، فقال: كان لي بابان مفتوحان إلى الجنة، وأُغلِقَ أحدُهما.

لكن مع الأسف بعض الناس سلَكَ مَسْلك أهل الجحود والإنكار، وتناسى أمر الله هذا بالإحسان إليهما، ووقع في العقوق المؤدِّي للخسران، وأدنى درجات العقوق "إظهار التأفُّف" وقد نهى الله عنه وحرَّمه، فقال: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا ﴾ [الإسراء: 23]، فإياك إياك من التضجُّر والتسخُّط عليهما، أو إدخال الحزن عليهما أو إتعابهما أو التعالي عليهما أو إثارة المشاكل مع الإخوة أو الزوجة معهما، فكل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة، إلا العقوق؛ فإنَّه يُعجَّل له في الدنيا، وكما تُدين تُدان.

هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأعلِ بفضلكَ كلمةَ الحق والدين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وَفِّقْه لِمَا تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه وولي عهده إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، وإلى ما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم ارزقهما البطانة الصالحة، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائمًا حائزة للخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عَنَّا شر الأشرار وكيد الفجار، وشرَّ طوارق الليل والنهار، رُدَّ عَنَّا كيدَ الكائدين، وعدوانَ المعتدين، ومكرَ الماكرين، وحقدَ الحاقدينَ، وحسدَ الحاسدينَ، وحسبُنا اللهُ ونِعمَ الوكيلُ.

اللهم أبرم لأمة الإسلام أمرًا رشدًا، يُعَز فيه أهل طاعتك، ويُهدَى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألِّف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة.

اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبل شهداءهم، اللهم اشفِ مرضاهم، وعافِ جرحاهم، وردهم سالمين غانمين.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201] ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127] ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].

شموخ
11-04-2023, 05:44 PM
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

نظرة الحب
11-04-2023, 09:33 PM
اختيار روعه للموضوع اشكرك واقدرك عليه مودتي

المهرة
11-05-2023, 05:50 AM
https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/132.png



بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير



https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/132.png

نجم الجدي
11-05-2023, 01:43 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

مجنون قصايد
11-05-2023, 01:51 PM
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

ضامية الشوق
11-06-2023, 11:08 AM
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

يسلمو على المرور

ضامية الشوق
11-06-2023, 11:09 AM
اختيار روعه للموضوع اشكرك واقدرك عليه مودتي

يسلمو على المرور

ضامية الشوق
11-06-2023, 11:09 AM
https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/132.png



بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير



https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/132.png












































































يسلمو على المرور

ضامية الشوق
11-06-2023, 11:09 AM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

يسلمو على المرور

ضامية الشوق
11-06-2023, 11:10 AM
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

يسلمو على المرور

لا أشبه احد ّ!
11-07-2023, 11:05 PM
:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ

ضامية الشوق
11-08-2023, 10:54 AM
:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ

يسلمو على المرور

ملكة الجوري
11-18-2023, 08:30 PM
جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان

ضامية الشوق
11-19-2023, 01:17 PM
جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان



يسلمو على المرور