مشاهدة النسخة كاملة : إياك أن تظن أن الله تعالى ضَيَّقَ عليك واسعًا


جنــــون
09-20-2023, 03:01 PM
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ..... ﴾ [النساء: 24].



تأمل قول الله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ ﴾، بعد تحريم تلك الأصناف المذكورة لتعلم أن دائرة الحلال أوسعُ بكثير جدًّا من دائرة الحرام! وأظهر من هذا أنَّ الحصرَ دائمًا يفيد القلة، ومثال ذلك ما ثبت عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: «لاَ يَلْبَسِ القَمِيصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البُرْنُسَ، وَلاَ ثَوْبًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ وَرْسٌ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ»[1].



فحصرُ المحرماتِ في هاتين الآيتين يفيدُ أنها قليلةٌ وأنها محدودةٌ، فإياك أن تظن أن الله تعالى ضَيَّقَ عليك واسعًا، لذلك لا تتعجب إذا رأيت شدةً في العقوبةِ على مَنْ ترك الحلال الواسع، وولغ في الحرام الضيق، فعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَمَعَهُ لِوَاءٌ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ آتِيَهُ بِرَأْسِهِ»[2].



ليس كل رضى بين طرفين يكون مباحًا؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ﴾ [النساء: 24].



تأملْ قولَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ﴾، لتعلم أنَّ الرضا يفتقر إلى إذن الشارع ولو كان بين الزوجين، وليس كل رضا بين طرفين يكون مباحًا في الشرع، فقد يرضى الطرفان، ويسخط الرحمن تعالى لاتفاقهما على الحرام، ورضاهما به، وصور ذلك الرضا الذي لا يقيم له الشرع وزنًا أكثر من أن تحصى، ويكفي في التدليل على ذلك الربا يكون بين الدائن والمدين، وكلاهما راضٍ وهو من الموبقات، والزنا يكون بين اثنين وكلاهما راضٍ وهو من الكبائر.



ومن الرضا الذي لا اعتبار له، ولا يقيم له الشارع وزنًا: أن يتراضى رجل وامرأة على الزواج بلا ولي، وهو من أقبح القبائح، وأعظم الذنوب؛ فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ»[3].



وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا»[4].



والتراضي هنا أن يزيد الزوج امرأته على ما فرض لها من المهر إكرامًا لها، وأن تضع المرأة عن زوجها من المهرِ تقديرًا له، فلا جناح عليهما فيما تراضَيَا به من الزيادة والنقصان.



ومن الرضا المأذون فيه أن ترضى المرأة بأقل من مهر المثلِ، بل ترضى بما لا ترضى به أغلب النساء عادةً؛ فعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَضِيتِ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَجَازَهُ[5].

---------------------------------------------------------------
[1] رواه البخاري، كتَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ، بَابُ لُبْسِ الخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ، حديث رقم: 1842، ومسلم-كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ مَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَمَا لَا يُبَاحُ وَبَيَانِ تَحْرِيمِ الطِّيبِ عَلَيْهِ، حديث رقم: 1177.

[2] رواه أحمد، حديث رقم: 18626، والترمذي، أَبْوَابُ الْأَحْكَامِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابٌ فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ، حديث رقم: 1362، والنسائي، كِتَابُ النِّكَاحِ، نِكَاحُ مَا نَكَحَ الْآبَاءُ، حديث رقم: 3331، وابن ماجه، كِتَابُ الْحُدُودِ، بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ، حديث رقم: 2607، بسند صحيح.

[3] رواه أحمد- حديث رقم: 19746، وأبو داود- كِتَاب النِّكَاحِ، ‌‌بَابٌ فِي الْوَلِيِّ، حديث رقم: 2085، والترمذي- أَبْوَابُ النِّكَاحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ ‌لَا ‌نِكَاحَ ‌إِلَّا ‌بِوَلِي، حديث رقم: 1101، وابن ماجه، كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ ‌لَا ‌نِكَاحَ ‌إِلَّا ‌بِوَلِي، حديث رقم: 1881، بسند صحيح.

[4] رواه ابن ماجه، كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ ‌لَا ‌نِكَاحَ ‌إِلَّا ‌بِوَلِي، حديث رقم: 1882، بسند صحيح.

[5] رواه أحمد- حديث رقم: 15679، والترمذي- أَبْوَابُ النِّكَاحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ‌‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُهُورِ النِّسَاءِ، حديث رقم: 1113، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

RioO
09-20-2023, 03:12 PM
سلمت يمنآك
لآ خلآ ولآ عدم ننتظر جديدك بشوق
الله يعطيك الف الف عافيـــــه

مجنون قصايد
09-20-2023, 03:31 PM
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

شموخ
09-20-2023, 03:49 PM
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

ضامية الشوق
09-20-2023, 11:29 PM
جزاك الله خيرا

نجم الجدي
09-20-2023, 11:30 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

هذيان قلب
09-21-2023, 05:24 AM
جزيتي خيرا

طرح متميز

ودي وشكري

عـــودالليل
09-21-2023, 12:55 PM
قيمه جيده لمحتها من خلال هذا
الجلب المميز في
محتواه
ونال الاستحسان
والاعجاب التام والرضى

وكل هذا دليل ذائقه راقيه جدا أدت
لظهور هذا الطرح بهذا الشكل

اتمنى تقديم المزيد والاستمرار عل
نفس المنوال


ولك كل احترامي وتقديري
واسعدك المولى

محمد الحريري

إرتواء نبض
09-22-2023, 03:45 AM
ع ــناقيد من الجمال
تحيط بروعة الحروف
سلم حسك وبيانكـ
دمت بتميز

المهرة
09-22-2023, 05:00 AM
https://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1415669231_450.gif




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير




https://forum.hwaml.com/imgcache2/hwaml.com_1415669231_450.gif

عازفة القيثار
09-24-2023, 12:09 AM
جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن

جنــــون
10-01-2023, 03:37 AM
يسلمو ع المرور