كـــآدي
10-03-2022, 10:36 PM
التدليس لغة يعني الغش، ودلّس البائع أي أخفى عيوب بضاعته عن المشتري، واصطلاحا يعني الزيف والخداع، خاصة في مجال الفكر والرأي. أما المدلّسون، في هذا المقام، فهم نفر من أهل العلم والفكر والثقافة يستخدمون بضاعتهم ومهاراتهم وأحاديثهم في خداع الناس، وغشّهم، وتزييف عقولهم ووعيهم. وهم كالشعراء الذين تجدهم في كل واد يهيمون، ويقولون ما لا يفعلون. والتدليس لا يختلف، هنا، كثيرا عن التلبيس، الذي يعني إظهار الباطل في صورة الحق عبر التمويه والخداع، وكذلك إظهار الأول وكتمان الآخر عبر خلط الصدق بالكذب. ولبَّس عليه الحقائق، أي خلطها وستر حقيقتها وأظهر خلافها. وقد نهى الله، سبحانه وتعالى، اليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل، فقال في كتابه الكريم "ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون" (سورة البقرة: 42).
اليوم، لا يكاد يخلو مجتمع عربي من المدلسين والملبّسين، الذين يخلطون الحق بالباطل عبر التضليل والخداع، وكثير منهم يتخذ صفة العلماء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والمؤثرين، إلخ. ويصفهم البعض جهلا بـ"العلماء" ويسمّون أنفسهم، غرورا واستعلاء، بـ"النخبة"، التي تعرف كل شيء، وتفهم في كل شيء، وتتحدث عن أي شيء، وأنها إذا تحدثت يجب أن ينصت الناس، وإذا صمتت، فصمتها حكمة وإلهام.
خذ -على سبيل المثال- ذلك "العالم الجليل"، الذي يتعمد خلط الحق بالباطل، ويمارس التدليس على الناس، وذلك من أجل تبرير أفعال معينة لأصحاب السلطة والنفوذ، وهو شيخ كبير، صاحب علم ومؤلفات، كان سمته الوقار، أو على الأقل هذا ما تظهره لحيته البيضاء الكثّة. كان يصفه طلابه بـ"العالم" الفقيه، والشيخ المجدد، والعابد الصوفي الزاهد، الذي لا يُشق له غبار في مسائل الفقه والإفتاء، وهو ما جعله يجلس على عرش "الإفتاء" في مصر لعقد كامل من الزمان. وكان، وربما لا يزال، يمنّي النفس بأن يصبح شيخا للأزهر الشريف.
فجأة، سقط وقار الرجل، وتبددت هيبته، بعد أن ارتمى في أحضان السلطة، يمجدها ويداهنها ويبارك كل أفعالها، ويشن حربا ضروسا على مخالفيها. وتحوّل لسانه إلى مدفع رشاش تقفز من بين شفتيه عبارات الكراهية والتحريض على قتل المخالفين لها، بعد أن استحل دماءهم، ووصفهم بأنهم "أوباش" و"خوارج هذا العصر" و"كلاب أهل النار"؛ هكذا انقلب الشيخ الودود، ذو الوجه البشوش، والطلعة البهية، إلى وجه غاضب متجهم، ينفث كذبا وكراهية ضد مخالفيه، في حين يكيل لسانه المديح والنفاق للسلطة مهما أخطأت، وذلك في أكبر عملية "تدليس" و"تلبيس" تجري تحت عباءة من يوصفون "بالعلماء" ورجال الدين.
اليوم، لا يكاد يخلو مجتمع عربي من المدلسين والملبّسين، الذين يخلطون الحق بالباطل عبر التضليل والخداع، وكثير منهم يتخذ صفة العلماء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين والمؤثرين، إلخ. ويصفهم البعض جهلا بـ"العلماء" ويسمّون أنفسهم، غرورا واستعلاء، بـ"النخبة"، التي تعرف كل شيء، وتفهم في كل شيء، وتتحدث عن أي شيء، وأنها إذا تحدثت يجب أن ينصت الناس، وإذا صمتت، فصمتها حكمة وإلهام.
خذ -على سبيل المثال- ذلك "العالم الجليل"، الذي يتعمد خلط الحق بالباطل، ويمارس التدليس على الناس، وذلك من أجل تبرير أفعال معينة لأصحاب السلطة والنفوذ، وهو شيخ كبير، صاحب علم ومؤلفات، كان سمته الوقار، أو على الأقل هذا ما تظهره لحيته البيضاء الكثّة. كان يصفه طلابه بـ"العالم" الفقيه، والشيخ المجدد، والعابد الصوفي الزاهد، الذي لا يُشق له غبار في مسائل الفقه والإفتاء، وهو ما جعله يجلس على عرش "الإفتاء" في مصر لعقد كامل من الزمان. وكان، وربما لا يزال، يمنّي النفس بأن يصبح شيخا للأزهر الشريف.
فجأة، سقط وقار الرجل، وتبددت هيبته، بعد أن ارتمى في أحضان السلطة، يمجدها ويداهنها ويبارك كل أفعالها، ويشن حربا ضروسا على مخالفيها. وتحوّل لسانه إلى مدفع رشاش تقفز من بين شفتيه عبارات الكراهية والتحريض على قتل المخالفين لها، بعد أن استحل دماءهم، ووصفهم بأنهم "أوباش" و"خوارج هذا العصر" و"كلاب أهل النار"؛ هكذا انقلب الشيخ الودود، ذو الوجه البشوش، والطلعة البهية، إلى وجه غاضب متجهم، ينفث كذبا وكراهية ضد مخالفيه، في حين يكيل لسانه المديح والنفاق للسلطة مهما أخطأت، وذلك في أكبر عملية "تدليس" و"تلبيس" تجري تحت عباءة من يوصفون "بالعلماء" ورجال الدين.