جنــــون
09-06-2022, 02:28 AM
عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتْني مِسكينةٌ تَحمِلُ ابنتين لها فأطعمتُها ثلاثَ تمرات، فأعطتْ كلَّ واحدة منهما تمرةً
ورفعتْ إلى فيها تمرةً لتأكلها، فاستطعمتْها ابنتاها، فشقَّتِ التمرةَ التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجَبَني شأنُها، فذكَرتُ الذي صنعتْ
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إن الله قد أوجَبَ لها بها الجنة، أو أعتَقَها بها من النار))؛ رواه مسلم.
وعن أبي شُرَيح خويلد بن عمرو الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أُحرِّجُ
حقَّ الضعيفينِ: اليتيمِ والمرأةِ))؛ حديث حسن، رواه النسائي بإسناد جيد.
ومعنى: ((أُحرِّج)): أُلحِقُ الحرَجَ - وهو الإثم - بمن ضيَّع حقَّهما، وأحذِّر من ذلك تحذيرًا بليغًا، وأزجُر عنه زجرًا أكيدًا.
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: رأى سعدٌ أنَّ له فضلًا على مَن دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضُعفائِكم))؛ رواه البخاري هكذا مرسلًا؛ فإن مصعب بن سعد تابعيٌّ، ورواه الحافظ
أبو بكر البرقاني في صحيحه متصلًا عن مصعب عن أبيه رضي الله عنه.
وعن أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ابغُوني الضُّعفاء
فإنما تُنصَرون وتُرزَقون بضُعفائِكم))؛ رواه أبو داود بإسناد جيد.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث كلُّها تدل على مضمونِ ما سبق من الرِّفق بالضعفاء واليتامى والبنات وما أشبَهَ ذلك، وفي حديث عائشة الأول
قصةٌ كحديثها السابق، لكن الحديث السابق أن عائشة رضي الله عنها أعطتْها تمرةً واحدة فشقَّتْها بين ابنتيها.
أما هذا الحديث، فأعطتْها ثلاثَ تمرات، فأعطتْ إحدى البنتين واحدةً، والثانيةَ التمرةَ الأخرى، ثم رفعَتِ الثالثةَ
إلى فيها لتأكلها، فاستطعمتاها - يعني أن البنتين نظرتا إلى التمرة التي رفعتْها الأم - فلم تَطعَمْها الأمُّ، بل شقَّتْها
بينهما نصفين، فأكلتْ كلُّ بنتٍ تمرةً ونصفًا، والأمُّ لم تأكل شيئًا.
فذكَرتْ ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبَرتْه بما صنعَتِ المرأة، فقال: ((إن الله أوجَبَ لها بها الجنةَ
أو أعتَقَها بها من النار))؛ يعني: لأنها لما رحمتْهما هذه الرحمةَ العظيمة، أوجَبَ الله لها بذلك الجنة.
فدلَّ ذلك على أن ملاطفة الصِّبيان، والرحمة بهم، مِن أسباب دخول الجنة والنجاةِ من النار، نسأل الله أن يكتُبَ لنا ولكم ذلك.
وفي الأحاديث الثلاثة التالية لهذا الحديثِ ما يدلُّ على أن الضعفاء سببٌ للنصر وسبب للرِّزق، فإذا حنَّ عليهم الإنسان وعطف عليهم
وآتاهم مما آتاه الله عز وجل، كان ذلك سببًا للنصر على الأعداء، وكان سببًا للرزق؛ لأن الله تعالى أخبَرَ أنه إذا أنفَقَ الإنسان لربِّه نفقةً
فإن الله تعالى يُخلِفُها عليه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، يُخلِفُه: أي يأتي بخَلَفِه وبدَلِه.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 111- 113)
_ سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
ورفعتْ إلى فيها تمرةً لتأكلها، فاستطعمتْها ابنتاها، فشقَّتِ التمرةَ التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجَبَني شأنُها، فذكَرتُ الذي صنعتْ
لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((إن الله قد أوجَبَ لها بها الجنة، أو أعتَقَها بها من النار))؛ رواه مسلم.
وعن أبي شُرَيح خويلد بن عمرو الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أُحرِّجُ
حقَّ الضعيفينِ: اليتيمِ والمرأةِ))؛ حديث حسن، رواه النسائي بإسناد جيد.
ومعنى: ((أُحرِّج)): أُلحِقُ الحرَجَ - وهو الإثم - بمن ضيَّع حقَّهما، وأحذِّر من ذلك تحذيرًا بليغًا، وأزجُر عنه زجرًا أكيدًا.
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: رأى سعدٌ أنَّ له فضلًا على مَن دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
((هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضُعفائِكم))؛ رواه البخاري هكذا مرسلًا؛ فإن مصعب بن سعد تابعيٌّ، ورواه الحافظ
أبو بكر البرقاني في صحيحه متصلًا عن مصعب عن أبيه رضي الله عنه.
وعن أبي الدرداء عويمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ابغُوني الضُّعفاء
فإنما تُنصَرون وتُرزَقون بضُعفائِكم))؛ رواه أبو داود بإسناد جيد.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
هذه الأحاديث كلُّها تدل على مضمونِ ما سبق من الرِّفق بالضعفاء واليتامى والبنات وما أشبَهَ ذلك، وفي حديث عائشة الأول
قصةٌ كحديثها السابق، لكن الحديث السابق أن عائشة رضي الله عنها أعطتْها تمرةً واحدة فشقَّتْها بين ابنتيها.
أما هذا الحديث، فأعطتْها ثلاثَ تمرات، فأعطتْ إحدى البنتين واحدةً، والثانيةَ التمرةَ الأخرى، ثم رفعَتِ الثالثةَ
إلى فيها لتأكلها، فاستطعمتاها - يعني أن البنتين نظرتا إلى التمرة التي رفعتْها الأم - فلم تَطعَمْها الأمُّ، بل شقَّتْها
بينهما نصفين، فأكلتْ كلُّ بنتٍ تمرةً ونصفًا، والأمُّ لم تأكل شيئًا.
فذكَرتْ ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبَرتْه بما صنعَتِ المرأة، فقال: ((إن الله أوجَبَ لها بها الجنةَ
أو أعتَقَها بها من النار))؛ يعني: لأنها لما رحمتْهما هذه الرحمةَ العظيمة، أوجَبَ الله لها بذلك الجنة.
فدلَّ ذلك على أن ملاطفة الصِّبيان، والرحمة بهم، مِن أسباب دخول الجنة والنجاةِ من النار، نسأل الله أن يكتُبَ لنا ولكم ذلك.
وفي الأحاديث الثلاثة التالية لهذا الحديثِ ما يدلُّ على أن الضعفاء سببٌ للنصر وسبب للرِّزق، فإذا حنَّ عليهم الإنسان وعطف عليهم
وآتاهم مما آتاه الله عز وجل، كان ذلك سببًا للنصر على الأعداء، وكان سببًا للرزق؛ لأن الله تعالى أخبَرَ أنه إذا أنفَقَ الإنسان لربِّه نفقةً
فإن الله تعالى يُخلِفُها عليه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، يُخلِفُه: أي يأتي بخَلَفِه وبدَلِه.
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 111- 113)
_ سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.