مشاهدة النسخة كاملة : الولاء والبراء في الإسلام


إرتواء نبض
07-14-2022, 08:36 PM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإنَّ الله افترض على المؤمنين عداوةَ المشركين وبُغْضَهُم، وهذه هي مِلَّةُ إبراهيم - عليه السَّلام - وهي مِلَّةُ نبيِّنا ومِلَّتُنا، وقُدْوَتُه وقُدْوَتُنا؛ قال - تعالى -: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 123]، وقال - تعالى -: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: 130].

وهو مبنيٌّ على أصلَيْن:
الأوَّل: إخلاصُ العبادة لله - سبحانه - قال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 161 - 163].

الثاني: البراءةُ مِن الشِّرْك والمشركين، وإظهارُ عداوتِهم؛ قال - تعالى -: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ} [الممتحنة: 4].

وإذا كان واجبًا على المسلم أن يقول هذا لقومه، الذين هو بين أَظْهُرِهِم، فكونُه واجبًا مع الكفار الأَبْعَدِينَ عنه، المُخالِفين له في جميع الأمور - أَبْيَنُ وأَبْيَنُ، فمَنْ لم يُحقِّق هذين الأصلَيْن، لا يَصِح له أن ينتسبَ إلى إبراهيمَ ومِلَّتِهِ.

قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءِ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة: 1].

بل لقد حُرِّم على المؤمن مُوالاةُ الكافرينَ، ولو كانوا مِن أَقْرَبِ النَّاس إليه؛ قال - تعالى -: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].

وذكر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهَّاب صُوَرًا لموالاة الكفَّار في رسالته: "أَوْثَقُ عُرَى الإيمان"، فقال:
"أحدها: التولِّي العامُّ.
الثاني: المودَّةُ والمحبَّةُ الخاصَّة.
الثالث: الرُّكُون القليل؛ قال - تعالى -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 74، 75]، فإذا كان هذا الخطاب لأَشْرَفِ مخلوقٍ - صلاة الله وسلامه عليه - فكيف بغيره؟

الرَّابع: مُدَاهَنَتُهُم ومُدارَاتُهم؛ قال - تعالى -: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9].

الخامس: طاعتُهم فيما يَقولون وفيما يُشِيرون، كما قال - تعالى -: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]، وقال - تعالى -: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} [القلم: 10].

السادس: تقريبُهم في الجلوس والدخول على أُمَراء الإسلام.
السابع: مشاورتُهم في الأمور.
الثامن: استعمالُهم في أمرٍ مِن أمور المسلمين؛ أيِّ أمرٍ كان؛ إمارة، أو عمالة، أو كتابة، أو غير ذلك.
التاسع: اتخاذُهم بطانةً مِن دُونِ المؤمنين.
العاشر: مجالستُهم، ومزاوَرَتُهم، والدُّخول إليهم.
الحادي عشر: البَشاشة لهم والطَّلاقَة.
الثاني عشر: الإكرام العامُّ لهم.
الثالث عشر: استئمانُهم وقد خوَّنهم اللهُ.
الرابع عشر: معاونتُهم في أمورهم، ولو بشيءٍ قليلٍ، كَبَرْيِ القلمِ، وتقريبِ الدواةِ لِيَكتبوا ظُلْمَهم.
الخامس عشر: مُناصَحتُهم.
السادس عشر: اتِّباع أهوائهم.
السابع عشر: مصاحبتُهم ومعاشرتُهم.
الثامن عشر: الرِّضا بأعمالهم، والتشبُّه بهم، والتَّزيِّي بزِيِّهم.
التاسع عشر: ذِكْرُ ما فيه تعظيمٌ لهم، كتسميتِهم ساداتٍ وحكماءَ، كما يُقال للطَّاغوت: السيِّد فلان، أو يُقال لمَنْ يدَّعي علمَ الطبِّ: الحكيم، ونحو ذلك.
العشرون: السَّكَنُ معهم في ديارهم، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جامَع المشرِكَ وسَكَنَ معه، فهو مثْلُه»[1]"[2].

وكما حَرَّمَ - سبحانه - مُوالاة الكفَّارِ أعداءِ الدِّين، فقدْ أوجَبَ مُوالاةَ المؤمنين ومحبَّتَهم؛ قال - تعالى -: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 55، 56]، وَقَالَ - تَعَالَى -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

ومِن مَظاهر مُوالاة المؤمنين:
أولًا: الهجرة مِن بلاد الكفَّار إلى بلاد المسلمين؛ لأجل الفرار بالدِّين، فقد تبرَّأ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن كلِّ مسلمٍ يُقيم بيْن أَظْهُرِ المشركين؛ قال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72].

ثانيًا: مُناصَرةُ المسلمين، ومعاونتُهم بالنَّفْس والمال فيما يَحتاجون إليه في دِينهم ودُنياهم؛ قال - تعالى -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71].

وقال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِم مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال: 72].

ثالثًا: النُّصْح ومَحبَّة الخيرِ لهم، وعدَم غِشِّهم؛ فعن أنسِ بن مالِك - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يحبُّ لنَفْسِه»[3].

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] "سُنن أبي داود"، (3/93)، برقم (2787)، وحسَّنه الشيخ الألباني - رحمه الله - في "صحيح الجامع الصغير"، (2/1046)، برقم (6186).

[2] "مجموعة التوحيد"، (ص: 170 - 172).
[3] "صحيح البخاري"، (1/21)، رقم (13)، و"صحيح مسلم"، (1/67)، برقم (45).
__________________________________________________ ______________

الكاتب: د. أمين بن عبدالله الشقاوي

كـــآدي
07-15-2022, 01:20 AM
أنرتم سَمانا بـ جَمال العَطاء
سَلمت الأنامل وَدام وهج التَألق
كل الود والإحترام

ملكة الجوري
07-16-2022, 11:05 PM
جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان

شموخ
07-17-2022, 12:59 AM
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

ضامية الشوق
07-17-2022, 11:43 AM
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

ضامية الشوق
07-17-2022, 02:38 PM
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

إرتواء نبض
08-01-2022, 12:14 AM
الاروع هو حضوركم الباذخ
اسعدني تواجدكم ونثر حروفكم العطره
مودتي التي لا تفنى

جنــــون
08-01-2022, 06:00 AM
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ
https://upload.3dlat.com/uploads/3dlat.com_17_19_ba83_fb0eb66adb0a14.gif

ترانيم عشق
08-03-2022, 11:11 AM
لجهودكم باقات من الشكر والتقدير
على المواضيع الرائعه والجميلة

إرتواء نبض
08-04-2022, 01:13 AM
الاروع هو حضوركم الباذخ
اسعدني تواجدكم ونثر حروفكم العطره
مودتي التي لا تفنى

نجم الجدي
08-04-2022, 03:10 AM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

مجنون قصايد
08-04-2022, 10:02 AM
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

‏http://i18.servimg.com/u/f18/12/38/24/05/4afakk10.jpg

المهرة
08-04-2022, 04:32 PM
https://img-fotki.yandex.ru/get/4133/196124618.a1/0_c3cd2_1acf3685_orig




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير



https://img-fotki.yandex.ru/get/4133/196124618.a1/0_c3cd2_1acf3685_orig

نظرة الحب
08-05-2022, 12:20 AM
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك

إرتواء نبض
08-18-2022, 04:55 AM
الاروع هو حضوركم الباذخ
اسعدني تواجدكم ونثر حروفكم العطره
مودتي التي لا تفنى

طاهرة القلب
08-19-2022, 09:58 PM
جَزآكـم الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـم وَفِي مِيزآنَ حَسنَآتكـم

صمت القمر
08-20-2022, 04:34 PM
جزاك الله حيرا وبارك الله فيك

عازفة القيثار
08-23-2022, 03:04 AM
جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن

نظرة الحب
08-23-2022, 05:08 AM
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك

لا أشبه احد ّ!
08-26-2022, 05:11 AM
:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ