ضامية الشوق
12-22-2021, 01:18 AM
واليوم ؛ بعد إحدى وثلاثين عاماً على هذه الأرض ؛ لو كان لي أن أتمنى شيئاً لتمنّيتُ عودة أحدهم إلى الحياة .. ولكن ؛ وقد كبرتُ بما يكفي لأعلم أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة ؛ فإلى حيث ذهب ذلك الشخص ذاتَ حربٍ سأذهب بعد لحظة ؛ سأرتقي إلى السماء عندما يسقط عليّ منها وابلٌ رصاصيٌّ آخر قصدوا به بعضَ أصدقائي فمتُّ أنا به ..
ويحدث في بلادي شيءٌ كهذا ؛ أن تأمن العدو نفسه في أرضنا كل هذا الوقت وأموت أنا في الريف الذي زرعته لأُزرع أخيراً فيه ، وفاءٌ حتى الرمق الأخير .. وخدمة الحرب السريعة في التوصيل إلى العالم الآخر ، قبرك تماماً حيث هي الآن قدمك ؛ هذا إن تبقّى منك شيءٌ نصنع به قبراً لك ، ما يحدث عادةً أن ينتهي بك الأمر مع الرابضين معك في حفرةٍ واحدة ، يستدلُّ بها دُعاة الإنسانية على فظاعة ما يدعون إليه ، وتتحسّس بها أمهاتنا دروب دمعاتهنّ …
لا أدري لماذا الآن ؛ في لحظة الزوال الأخير ؛ أرى الحياة غاليةً في عيون من حولي وأراها هيّنةً عليّ ، كأن كل واحدٌ منهم يراجع نفسه في نفسه فتخذله فيراجعها مرّةً أخرى في عينيّ ؛ وفيهما يرى أن الموت في سبيل ما تحب أهونُ من الحياة في سبيله ؛ أن يكون الموت خلاصك الأوحد ودونه عذابٌ طويل ..
لم أكن لأحرّضهم على الموت لو لم يكن هو ما خرجوا لأجله ؛ لقد عرفتهم بما يكفي لأدرك أن الجهاد والبطولة والشهادة ليست غاياتٍ بحدّ ذاتها في نفوس بعضهم ، هي أشياء تأتي في سياق الخلاص ، نهايةٌ مشرّفةٌ لحياةٍ مقزّزة ؛ صنعها العدو لهم وبها صنع أعداءه ..
لم يكونوا كثراً على أي حال ؛ أولئك الذين تعثرت أقدارهم بمسيرتي التي توشك أن تنتهي ، فالحياة – ذلك الأمر البديهي الذي يُولد به الناس عادةً – هي في بلادي رفاهيةٌ لا تحدث للجميع ، وحقيقةُ أنني دخلتُ عقدي الثالث وأمي إلى جانبي هي استثناءٌ لكلينا – لها أن تكون معي ولي أن أموت قبلها –
وربما أكون قد أخطأت كثيراً في حقهم ؛ أعلم أنني فعلت ، وربما تجاوزت حدودي في كثيرٍ من الأحيان ، إلا أنني أستحق الشكر على كل ما فعلته ؛ فقد كان بإمكاني دائماً أن أخطئ في حقهم أكثر ؛ لكنني لم أفعل ..
ربما لأجلٍ منطقٍ كهذا يراجع أحدهم نفسه في عينيك ويفكّر أن يقتل نفسه ..
ويحدث في بلادي شيءٌ كهذا ؛ أن تأمن العدو نفسه في أرضنا كل هذا الوقت وأموت أنا في الريف الذي زرعته لأُزرع أخيراً فيه ، وفاءٌ حتى الرمق الأخير .. وخدمة الحرب السريعة في التوصيل إلى العالم الآخر ، قبرك تماماً حيث هي الآن قدمك ؛ هذا إن تبقّى منك شيءٌ نصنع به قبراً لك ، ما يحدث عادةً أن ينتهي بك الأمر مع الرابضين معك في حفرةٍ واحدة ، يستدلُّ بها دُعاة الإنسانية على فظاعة ما يدعون إليه ، وتتحسّس بها أمهاتنا دروب دمعاتهنّ …
لا أدري لماذا الآن ؛ في لحظة الزوال الأخير ؛ أرى الحياة غاليةً في عيون من حولي وأراها هيّنةً عليّ ، كأن كل واحدٌ منهم يراجع نفسه في نفسه فتخذله فيراجعها مرّةً أخرى في عينيّ ؛ وفيهما يرى أن الموت في سبيل ما تحب أهونُ من الحياة في سبيله ؛ أن يكون الموت خلاصك الأوحد ودونه عذابٌ طويل ..
لم أكن لأحرّضهم على الموت لو لم يكن هو ما خرجوا لأجله ؛ لقد عرفتهم بما يكفي لأدرك أن الجهاد والبطولة والشهادة ليست غاياتٍ بحدّ ذاتها في نفوس بعضهم ، هي أشياء تأتي في سياق الخلاص ، نهايةٌ مشرّفةٌ لحياةٍ مقزّزة ؛ صنعها العدو لهم وبها صنع أعداءه ..
لم يكونوا كثراً على أي حال ؛ أولئك الذين تعثرت أقدارهم بمسيرتي التي توشك أن تنتهي ، فالحياة – ذلك الأمر البديهي الذي يُولد به الناس عادةً – هي في بلادي رفاهيةٌ لا تحدث للجميع ، وحقيقةُ أنني دخلتُ عقدي الثالث وأمي إلى جانبي هي استثناءٌ لكلينا – لها أن تكون معي ولي أن أموت قبلها –
وربما أكون قد أخطأت كثيراً في حقهم ؛ أعلم أنني فعلت ، وربما تجاوزت حدودي في كثيرٍ من الأحيان ، إلا أنني أستحق الشكر على كل ما فعلته ؛ فقد كان بإمكاني دائماً أن أخطئ في حقهم أكثر ؛ لكنني لم أفعل ..
ربما لأجلٍ منطقٍ كهذا يراجع أحدهم نفسه في عينيك ويفكّر أن يقتل نفسه ..