دلع
12-05-2021, 09:39 PM
قسما سيأتيني الصباح... فالحق ظاهر، والفجر لاح.
ونور كالبدر، كفانا أغلال الأرواح.
أنا طير حر يهفو... لعلو وطن، من أجله المر يجتر.
أنا حنين مشتعل... لأمطار غد أفضل.
لأحلام مزدهرة... وقلوب بالحب والنقاء نابضة
لود وإخاء... لدفء وطن واحتواء.
لزوال الجراح... وإبدال الأنين بالأفراح.
******************************
نظرت إليه بعيون تتوسل الحماية. وكان هذا خطؤها القاتل... مد يده لها مصطنعا ابتسامة، من الصدق خالية، قائلا، ' أنا فارسك وحارسك. لن يفزعك شيئ، وأنت معي.'
أعطته يدها. وبدلا من إنفاذ وعوده، أعمل نصله بقلبها ممزقا.
قالت له وهي تهوي، ' إضغط على جرحي النازف أكثر. أنت لم تعرفني حقا... أنا عشق لأسمى المعاني. أنا شهيدة الحق. أنا ينبوع ماء رقراق، في صحراء جرداء. لست بسراب أبدا. أنا من إرادتي، إرادة بناة الأهرامات. لقد رواني نفس النيل الذي ارتوت منه ماريا القبطية. ووطئت نفس التراب الذي خطا عليه عمرو بن العاص. وفي جسدي جينات صلاح الدين. أنا غصن زيتون... وفرحة ستكون. أنا شعلة عدل، ونور حق. وأنت مظهر خادع، وشجاعة زائفة ، ورجولة كاذبة تختبئ وراء السلاح. لن أعدم الأبطال البواسل الشرفاء. ولكن حظي أوقعني، معك أنت. لقد أنزلتك من نفسي منزلة، لا تستحقها. لقد رضيت لنفسك التدني يارفيق الكفاح... وأنا من سيكتب لي النجاح. أقسم لك سأتخطى مرارة نكستي. وستعرف بمن استهنت. وسأتخطى كل الجراح. والآن الأنين غير مباح، حتى يأتيني الصباح... وتنقشع ظلمة ليل. وأنسى نواح الجراح. '
قال لها، ' أنت غبار يطيره الهواء. ضعيفة أنت. أنت لا شيئ. أنت خارج الزمان، والمكان... أنت ظل باهت. وأنا أريد رونق الحياة وتألقها. أريد الرفاهية، والمظاهر والطموح والمجد بأي ثمن، ولو على نعوش ترابط وبر.
قالت وهي في النزع الأخير، ' لست نادمة على ثقتي بك، ولا حزينة على مافعلته بي. فكل قدر الله خير. وكلي يقين بأنك ستكابد جحيمك الخاص لما فعلته بي. ولو قدرت لي النجاة سأدعو لك بالهداية. '
قهقه بسخرية شديدة، ' أنا بغنى عن كلماتك العاجزة.
ردت، ' إن الإيمان سلاح لا يضاهى. وقوة لا تعلو عليها، أي قوة تعرفها أنت. والحرية هي غايتي ومطلبي. ' خفت صوتها، وتلاشى الوجود من حولها.
ونظر هو إليها، بدون شفقة. أو وازع من ضمير. وشعر بأنه حر، وبأن ثقلا انزاح عن كاهله. وأخيرا لقد قسمها. وأخذ يهنئ نفسه.
وبعد مرور السنين، تذكر بمرارة شديدة، شعور التحرر الذي اجتاحه لحظة إجهازه عليها. كم كانت خيرة. وكم يحتاج حنانها واحتوائها. لقد أضحى أسير سجن نفسي كبير، وطئه بذاته. أية لعنة حلت به، وجعلته يئد الحق، ويجتث هويته. لقد افتقدها حقا. لقد أضحى بعدها جسدا بلا روح. خشب يابس يتلظى. لقد كان بطلها، وهي كانت كالأم الحنون الشفوق. لقد أضحى إنسانا منزوع الحياة والنبضات الآدمية، كشجرة يابسة منع عنها ماؤها، وهو، هو بنفسه، لا أحد غيره، من حرم نفسه الماء.
ولكنه لم يدري بأنها لم تمت. وبأنها انتعشت من جديد، وقويت، ودائما تتذكره بلا ندم. وبأنها دائمة الدعاء له بالهدابة والرشاد والسداد.
وفجأة استيقظ من منامه. وأخذيسائل نفسه، ما هذا المنام الغريب الذي رآه. إنه الشرف يمشي على قدمين . إنه الشهامة والنبل والرجولة والحماية في أبهى صورها وأروعها، وهو شديد الحرص على حمل الأمانة التي حمله الله إياها. أبدا لن يخون. أي جنون رآه للتو في منامه. ربما هذه رسالة له، ليحث الجميع على أن يتمسكوا بما يتمسك به ويحرص عليه ، ويفديه بعمره. فالحياة رخيصة أمام مثله العليا وعقيدته.
وتزامنا مع منامه الغريب، كانت هي أيضا تكابد نفس الكابوس، وفجأة انتفضت مستيقظه من هذا الكابوس البشع. وحمدت ربها، بأن مارأته ليس حقيقيا. وعاهدت نفسها بأن تظل الحضن الدافئ للجميع. والسماء المظلة من قيظ الهجير. الإختلاف وارد ومقبول وصحي ومطلوب. ولكن الخلاف و الظلم لا. لن ترضى أبدا بالخلافات، والنزاعات والشقاقات ولن تبارك ذلك أبدا. فالإتحاد قوة. والعاقل من اعتبر بغيره، لا أن يجعل من نفسه عبرة لغيره. والخير موجود، والأمل غير مفقود...
ودائما الصلح خير.
ونور كالبدر، كفانا أغلال الأرواح.
أنا طير حر يهفو... لعلو وطن، من أجله المر يجتر.
أنا حنين مشتعل... لأمطار غد أفضل.
لأحلام مزدهرة... وقلوب بالحب والنقاء نابضة
لود وإخاء... لدفء وطن واحتواء.
لزوال الجراح... وإبدال الأنين بالأفراح.
******************************
نظرت إليه بعيون تتوسل الحماية. وكان هذا خطؤها القاتل... مد يده لها مصطنعا ابتسامة، من الصدق خالية، قائلا، ' أنا فارسك وحارسك. لن يفزعك شيئ، وأنت معي.'
أعطته يدها. وبدلا من إنفاذ وعوده، أعمل نصله بقلبها ممزقا.
قالت له وهي تهوي، ' إضغط على جرحي النازف أكثر. أنت لم تعرفني حقا... أنا عشق لأسمى المعاني. أنا شهيدة الحق. أنا ينبوع ماء رقراق، في صحراء جرداء. لست بسراب أبدا. أنا من إرادتي، إرادة بناة الأهرامات. لقد رواني نفس النيل الذي ارتوت منه ماريا القبطية. ووطئت نفس التراب الذي خطا عليه عمرو بن العاص. وفي جسدي جينات صلاح الدين. أنا غصن زيتون... وفرحة ستكون. أنا شعلة عدل، ونور حق. وأنت مظهر خادع، وشجاعة زائفة ، ورجولة كاذبة تختبئ وراء السلاح. لن أعدم الأبطال البواسل الشرفاء. ولكن حظي أوقعني، معك أنت. لقد أنزلتك من نفسي منزلة، لا تستحقها. لقد رضيت لنفسك التدني يارفيق الكفاح... وأنا من سيكتب لي النجاح. أقسم لك سأتخطى مرارة نكستي. وستعرف بمن استهنت. وسأتخطى كل الجراح. والآن الأنين غير مباح، حتى يأتيني الصباح... وتنقشع ظلمة ليل. وأنسى نواح الجراح. '
قال لها، ' أنت غبار يطيره الهواء. ضعيفة أنت. أنت لا شيئ. أنت خارج الزمان، والمكان... أنت ظل باهت. وأنا أريد رونق الحياة وتألقها. أريد الرفاهية، والمظاهر والطموح والمجد بأي ثمن، ولو على نعوش ترابط وبر.
قالت وهي في النزع الأخير، ' لست نادمة على ثقتي بك، ولا حزينة على مافعلته بي. فكل قدر الله خير. وكلي يقين بأنك ستكابد جحيمك الخاص لما فعلته بي. ولو قدرت لي النجاة سأدعو لك بالهداية. '
قهقه بسخرية شديدة، ' أنا بغنى عن كلماتك العاجزة.
ردت، ' إن الإيمان سلاح لا يضاهى. وقوة لا تعلو عليها، أي قوة تعرفها أنت. والحرية هي غايتي ومطلبي. ' خفت صوتها، وتلاشى الوجود من حولها.
ونظر هو إليها، بدون شفقة. أو وازع من ضمير. وشعر بأنه حر، وبأن ثقلا انزاح عن كاهله. وأخيرا لقد قسمها. وأخذ يهنئ نفسه.
وبعد مرور السنين، تذكر بمرارة شديدة، شعور التحرر الذي اجتاحه لحظة إجهازه عليها. كم كانت خيرة. وكم يحتاج حنانها واحتوائها. لقد أضحى أسير سجن نفسي كبير، وطئه بذاته. أية لعنة حلت به، وجعلته يئد الحق، ويجتث هويته. لقد افتقدها حقا. لقد أضحى بعدها جسدا بلا روح. خشب يابس يتلظى. لقد كان بطلها، وهي كانت كالأم الحنون الشفوق. لقد أضحى إنسانا منزوع الحياة والنبضات الآدمية، كشجرة يابسة منع عنها ماؤها، وهو، هو بنفسه، لا أحد غيره، من حرم نفسه الماء.
ولكنه لم يدري بأنها لم تمت. وبأنها انتعشت من جديد، وقويت، ودائما تتذكره بلا ندم. وبأنها دائمة الدعاء له بالهدابة والرشاد والسداد.
وفجأة استيقظ من منامه. وأخذيسائل نفسه، ما هذا المنام الغريب الذي رآه. إنه الشرف يمشي على قدمين . إنه الشهامة والنبل والرجولة والحماية في أبهى صورها وأروعها، وهو شديد الحرص على حمل الأمانة التي حمله الله إياها. أبدا لن يخون. أي جنون رآه للتو في منامه. ربما هذه رسالة له، ليحث الجميع على أن يتمسكوا بما يتمسك به ويحرص عليه ، ويفديه بعمره. فالحياة رخيصة أمام مثله العليا وعقيدته.
وتزامنا مع منامه الغريب، كانت هي أيضا تكابد نفس الكابوس، وفجأة انتفضت مستيقظه من هذا الكابوس البشع. وحمدت ربها، بأن مارأته ليس حقيقيا. وعاهدت نفسها بأن تظل الحضن الدافئ للجميع. والسماء المظلة من قيظ الهجير. الإختلاف وارد ومقبول وصحي ومطلوب. ولكن الخلاف و الظلم لا. لن ترضى أبدا بالخلافات، والنزاعات والشقاقات ولن تبارك ذلك أبدا. فالإتحاد قوة. والعاقل من اعتبر بغيره، لا أن يجعل من نفسه عبرة لغيره. والخير موجود، والأمل غير مفقود...
ودائما الصلح خير.