مشاهدة النسخة كاملة : حال النبي صلى الله عليه وسلم عند رؤية السحب والغيوم


دلع
11-07-2021, 08:04 PM
حالُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عند رؤية السُّحُب والغُيوم وحالُنا


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1]، أحمده سبحانه على ما أسداه وأولاه من الإنعام والإكرام والخير الكثير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا وَلَدَ ولا ظهير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله السراج المنير والبشير النذير، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن على سبيله إلى الله يسير، وسلم تسليماً.



أما بعد:

فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه.

أيها المسلمون: كثيرٌ منَّا إذا رأى السُّحب والغُيوم مُقبلة فَرِحَ واستبشرَ قُربَ نُزول الْمَطَر، والبعضُ يتمنَّى أن يَخرُجَ إلى البرِّيَّةِ في هذه الأجواء الجميلة... هذا حالُ الكثيرِ منَّا، فما هو حالُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى السُّحب والغُيوم؟ عن عائشة رضي الله عنها: (كانَ صلى الله عليه وسلم إذا رأى غَيْماً أو رِيحاً عُرِفَ في وَجْهِهِ، قالت: يا رسولَ اللهِ إنَّ الناسَ إذا رأوا الغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أن يكُونَ فيهِ الْمَطَرُ، وأَراكَ إذا رأَيْتَهُ عُرِفَ في وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةُ، فقالَ: يا عائشةُ ما يُؤْمِنِّي أنْ يكونَ فيهِ عَذابٌ؟ عُذِّبَ قومٌ بالرِّيحِ، وقدْ رأَى قومٌ العذابَ فقالُوا: ﴿ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24]) رواه البخاري ومسلم.



وعنها رضيَ اللهُ عنها قالتْ: (كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا رَأَى مَخِيلَةً في السمَاءِ أَقْبَلَ وأَدْبَرَ، ودَخَلَ وخَرَجَ، وتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فإذا أَمْطَرَتِ السماءُ سُرِّيَ عنهُ، فعَرَّفَتْهُ عائشةُ ذلكَ، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «ما أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قالَ قَوْمٌ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ ﴾ [الأحقاف: 24]) رواه البخاري.



قال الخطابي: (الْمَخيلةُ: السحابةُ التي يُخالُ فيها الْمَطَرُ) انتهى، وقال ابن الجوزي: (الْمُخِيلةُ بالضمِّ: السماءُ الْمُغيَّمة) انتهى.

وعن عائشة رضيَ اللهُ عنها قالت: (كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا عَصَفَتِ الرِّيحُ قالَ: «اللهُمَّ إني أسألُكَ خَيْرَها وخَيْرَ ما فيهَا، وخَيْرَ ما أُرْسِلَتْ بهِ، وأعُوذُ بكَ منْ شَرِّها، وشَرِّ ما فيها، وشَرِّ ما أُرْسِلَتْ بهِ»، قالتْ: وإذا تخيَّلَتِ السماءُ تغَيَّرَ لَوْنُهُ، وخَرَجَ ودَخَلَ، وأَقْبَلَ وأَدْبَرَ، فإذا مَطَرَتْ سُرِّيَ عنهُ، فعَرَفْتُ ذلكَ في وجْهِهِ، قالتْ عائشةُ: فسأَلْتُهُ، فقالَ: لَعَلَّهُ يا عائشةُ كَمَا قالَ قَوْمُ عادٍ: ﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24]) رواه مسلم.



فنبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هو أعلمُ الخلقِ بالله تعالى وأشدُّهم له خشية، ومع ذلك فهذه حالُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عند رؤيتهِ للسَّحَاب والغيم في السماء، بل إنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يَترُكُ ما هو فيه من شُغُلٍ ولو كان صلاةً عند رؤية السحاب أو هبوب الريح، ويَتوجَّه إلى الله بالدُّعاء، قالت عائشةُ رضي الله عنها: (إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذا رأَى سَحَاباً مُقْبلاً مِنْ أُفُقٍ منَ الآفاقِ، تَرَكَ ما هُوَ فيهِ وإنْ كانَ في صَلاتِهِ حتى يَسْتَقْبلَهُ، فيَقُولُ: «اللهُمَّ إنَّا نعُوذُ بكَ من شَرِّ ما أُرْسِلَ بهِ»، فإنْ أَمْطَرَ قالَ: «اللَّهُمَّ سَيْباً نَافِعاً» مرَّتينِ أو ثلاثاً، وإنْ كَشَفَهُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ ولَمْ يُمْطِرْ حَمِدَ اللهَ على ذلكَ) رواه ابنُ ماجه وصحَّحه الألباني.



فهذا هديُ نبيِّنا صلَّى الله عليه وسلَّم، ونحنُ أولى بالخوف من عذاب الله عند رؤية مثل هذه الآيات، قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: (وخَوْفُهُ تعالى يُوجبُ فِعْلَ ما أَمَرَ بهِ وتَرْكَ ما نَهَى عنهُ، والاستغفَارَ من الذُّنوبِ، وحينئذٍ يَنْدَفِعُ البَلاءُ ويَنْتَصِرُ على الأعداءِ، فلهذا قالَ عليٌّ رضيَ اللهُ عنهُ: «لا يَخافَنَّ عبدٌ إلاَّ ذَنْبَهُ»، وإنْ سُلِّطَ عليهِ مخلُوقٌ فمَا سُلِّطَ عليهِ إلاَّ بذُنُوبهِ، فلْيَخَف اللهَ ولْيَتُبْ من ذُنوبهِ التي نالَهُ بها ما نَالَهُ) انتهى.



والخوفُ من الله تعالى وحدْهُ يَجلِبُ الأمنَ والطُّمأنينة، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، كما أن باعث الخوف من المخلوقين هو فسادٌ في القلب، قال الإمامُ ابنُ تيمية: (ولَنْ يَخافَ الرَّجُلُ غيرَ اللهِ إلاَّ لِمَرَضٍ في قَلْبهِ) انتهى، وقال أيضاً: (إنْ كَمُلَ خَوْفُ العَبْدِ منْ ربِّهِ لم يَخَفْ شيئاً سِوَاهُ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 39]، وإذا نَقَصَ خَوْفُهُ خافَ من المخلُوقِ) انتهى.



أيها المسلمون:

إذا غابَ الخوفُ من الله ظَهَرَ البغيُ والتظالمُ والعُدوان والتشاحن، قال ابنُ تيمية: (ومَنْ خافَ اللهَ فيهِمْ ولم يَخَفْهُمْ في اللهِ كانَ مُحسِناً إلى الخلْقِ وإلى نفْسِهِ، فإنَّ خَوْفَ اللهِ يَحملُهُ على أنْ يُعطِيَهُم حقَّهُم ويَكُفَّ عن ظُلْمهِم) انتهى.



وقد يعتريك ضعفُ الخوفِ من الله تعالى، فلا بُدَّ من تحريكه ومُعالجته وتعاهُده، قال ابنُ تيمية: (الخَوْفُ تُحرِّكُهُ مُطالَعَةُ آياتِ الوعيدِ والزَّجْرِ والعَرْضِ والحِسابِ ونحْوِهِ) انتهى.

رزقني الله وإياكم ووالدينا وأهلينا خوفه ورجاءه، آمين.

ملكة الجوري
11-07-2021, 10:05 PM
جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان

ضامية الشوق
11-07-2021, 11:32 PM
جزاك الله خيرا

مجنون قصايد
11-08-2021, 02:32 AM
بيض الله وجهك على اختيارك
للطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

‏http://i18.servimg.com/u/f18/12/38/24/05/4afakk10.jpg

زمرد
11-08-2021, 02:44 AM
طرح رائـع
يعطيك آلف عافيه
وسلمت الأنآمـل المتألقه
على روعة طرحها وانتقائها الراقي
بإنتظار روائعك القادمه بشوووق
~لـروحــك آلـــجوري~

دلع
11-08-2021, 03:28 PM
يسلمو على المرور

نجم الجدي
11-08-2021, 03:31 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

فزولهآ
11-08-2021, 05:43 PM
طرح جميل

عـــودالليل
11-08-2021, 10:31 PM
‏اختيار جميل جدا
يدل على ثقافه عاليه

‏شكرا من القب
على هكذا طرح




احترامي
‏محمد الحريري

عـــودالليل
11-08-2021, 10:32 PM
‏اختيار جميل جدا
يدل على ثقافه عاليه

‏شكرا من القب
على هكذا طرح




احترامي
‏محمد الحريري

دلع
11-08-2021, 10:56 PM
يسلمو على المرور

لا أشبه احد ّ!
11-09-2021, 12:33 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

دلع
11-09-2021, 01:50 AM
يسلمو على المرور

جنــــون
11-09-2021, 02:13 AM
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

دلع
11-09-2021, 02:33 AM
يسلمو على المرور

إرتواء نبض
11-09-2021, 05:35 PM
قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري

دلع
11-10-2021, 08:28 PM
يسلمو على المرور

عازفة القيثار
11-11-2021, 04:38 AM
جزاك الله خيرا
ونفع بك ع الطرح القيم والمفيد
وعلى طيب ماقدمت
اسعد الله قلبك بالأيمان
وسدد خطاك لكل خير وصلاح
وفي ميزان حسناتك ان شاء الله
دمت بطاعة الرحمن

دلع
11-12-2021, 12:16 AM
يسلمو على المرور

نظرة الحب
11-17-2021, 04:57 AM
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك

دلع
11-17-2021, 05:15 PM
يسلمو على المرور