مشاهدة النسخة كاملة : تفسير قوله تعالى: ﴿ ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ﴾


ضامية الشوق
05-29-2021, 06:51 PM
تفسير قوله تعالى











﴿ ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ﴾





الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم




﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [البقرة: 3]: هذه الصفة الثانية من صفات المتقين، فبعد أن ذكر إيمانهم وتصديقهم بالغيب، أَتْبَعَ ذلك ببيان إتْباعِهم ذلك بالعمل؛ لأن الإيمان قول واعتقاد وعمل، فقال: ﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾.







أي: ويقيمون الصلاة إقامةً تامة بشروطها وأركانها، وواجباتها وسننها، ويأتي التعبير غالبًا في القرآن الكريم والسُّنة النبوية بإقامة الصلاة، دون أن يقال: (يصلُّون)؛ لأن المهم في الصلاة إقامتُها إقامة تامة كما شرَعَها الله عز وجل.







والمراد بالصلاة ما يعم الفرائض والنوافل.







والصلاة في اللغة:



الدعاء، كما قال تعالى: ﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 103]؛ أي: ادعُ لهم، وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 157].







وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم صلِّ على آل أبي أوفى))[1].







وفي الحديث: هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرُّهما به بعد موتهما؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((الصلاة عليهما، والاستغفار لهما))[2].







وقال الشاعر:






تقول بنتي وقد قرَّبْتُ مرتحلًا

يا ربِّ جنِّبْ أبي الأوصابَ والوجَعَا




عليكِ مِثلُ الذي صلَّيْتِ فاغتمضي

نومًا فإنَّ لِجَنْبِ المرء مضطجعَا[3]














والصلاة في الشرع:



التعبُّد لله عز وجل بأقوال وأفعال مخصوصة معلومة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.



وبدأ بذكر الصلاة؛ لأنها أعظم العبادات، وفيها كمال التعظيم لله عز وجل، والتذلُّل والخضوع له، وهي عمود الإسلام وقاعدته التي يدور عليها رحاه، فمن أقامها وحفظها حَفِظَه الله ووفَّقه في دينه ودنياه وأخراه، فلا تسأل عن سعادته، ومن ضيَّعها خَسِر دينه ودنياه وأخراه، فلا تسأل عن شقائه[4].







﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 3]: هذه هي الصفة الثالثة من صفات المتقين، وهي الإنفاق مما رزَقَهم الله، فوصفهم بإقام الصلاة، التي هي حق الله تعالى، وفيها يتجلى كمالُ الخضوع له، والإحسان في عبادته، ثم وصفهم بالإنفاق مما رزقهم، وفيه يتجلى كمالُ الإحسان إلى الخلق.







و((ما)) في قوله ﴿ وَمِمَّا ﴾ موصولة، أو مصدرية؛ أي: ومن الذي أعطيناهم، أو ومِن عطائنا يُنفِقون، والرزق هو العطاء؛ أي: ومن الذي أعطيناهم من الرزق والخير يُنفِقون.







والإنفاق:



إخراج المال وبذلُه، والمراد به هنا بذل المال في وجوهه المشروعة، ومن أعظم ذلك وأهمِّه الزكاةُ الواجبة، فهي أعظم العبادات بعد الصلاة، وأعظم العبادات المالية مطلقًا، وهما من أعظم أركان الإسلام ومبانيه العِظام؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((بُني الإسلام على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصومِ رمضان، وحجِّ البيت))[5].







وفي قوله: ﴿ رَزَقْنَاهُمْ ﴾ تذكير بأن ما لديهم من رزق وعطاء هو من الله عز وجل، وأن المال مال الله عز وجل، لا يجوز البخلُ به، ومنعُ حقوق الله فيه، بل يجب إخراج النفقات الواجبة فيه؛ كالزكاة، والنفقة على الأهل والأولاد، ونحو ذلك، كما ينبغي التصدُّقُ منه في الوجوه المستحبة؛ قال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [الحديد: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33].







وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله عز وجل: أَنفِقْ أُنفِقْ عليك))[6]، وقال صلى الله عليه وسلم لأسماءَ رضي الله عنها: ((أَنفِقي، ولا تُحصِي فيُحصيَ الله عليك، ولا تُوعي فيُوعيَ الله عليك))[7].







وقد أحسَنَ القائل:



وما المالُ والأهلُونَ إلا ودائعٌ = ولا بد يومًا أن تُرَدَّ الودائعُ[8]





وقال الآخر:



أصُونُ عِرضي بمالـي لا أدنِّسُهُ = لا بارَكَ الله بعد العِرضِ بالمالِ[9]







وقال الآخر:






المالُ كالماء إنْ تَحبِسْ سواقيَهُ

يَأسِنْ وإن يجرِ يعذُبْ منه سَلسالُ




اللهُ أعطاك فابذُلْ مِن عطيِته

فالمالُ عارية والعمرُ رحَّاُل




أحتالُ للمال إنْ أودى فأجمعه

ولست للعِرض إنْ أودى بمُحتالِ




البخلُ يودي بأقوامٍ ذوي حسَبٍ

ويقتدي بلئامِ الأصل أنذالُ
















[1] أخرجه البخاري في الزكاة (1498)، ومسلم في الزكاة (1078)، وأبو داود في الزكاة (1590)، والنسائي في الزكاة (2459)، وابن ماجه في الزكاة (1796)، وأحمد (4/ 353، 354) من حديث عبدالله بن أبي أوفى.




[2] أخرجه أبو داود في الأدب (5142)، وابن ماجه في الأدب (2664)، من حديث مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه.




[3] البيتان للأعشى، انظر "ديوانه" ص (151).




[4] انظر الكلام على قوله تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ﴾ [البقرة: 238].




[5] أخرجه البخاري في الإيمان (8)، ومسلم في الإيمان (16)، والنسائي في الإيمان وشرائعه (5001)، والترمذي في الإيمان (2609).




[6] أخرجه البخاري في تفسير سورة هود (4684)، ومسلم في الزكاة (993).




[7] أخرجه البخاري في الهبة (2591)، ومسلم في الزكاة (1029)، وأبو داود في الزكاة (1699)، والنسائي في الزكاة (2551)، والترمذي في البر والصلة (1960)، من حديث أسماء رضي الله عنها.




[8] البيت للبيد. انظر: "ديوانه" ص170.




[9] البيت لحسان رضي الله عنه. انظر: "ديوانه" ص 192.

دلع
05-29-2021, 07:37 PM
كـــ العادة إبـداع رائـع
وطرح يـسـتـحـق المتـابـعـة
بـــــ انتظار الجديد القادم


:
مع التحية والتقدير ..

ملكة الجوري
05-29-2021, 10:42 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان
وأن يثيبك البارئ خير الثواب
دمت برضى الرحمن

إرتواء نبض
05-29-2021, 10:46 PM
قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري

نجم الجدي
05-29-2021, 11:19 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

مجنون قصايد
05-29-2021, 11:34 PM
الله يعطيك العافيه
ويكثر من امثالك

اخترت الموضوع المناسب بمعلوماته
احترامي

مجنون

ضامية الشوق
05-30-2021, 12:00 AM
يسلمو على المرور

جنــــون
05-30-2021, 11:58 AM
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

ضامية الشوق
05-30-2021, 07:56 PM
يسلمو على المرور

لا أشبه احد ّ!
06-01-2021, 03:55 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

نظرة الحب
06-01-2021, 06:08 AM
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك

فزولهآ
06-01-2021, 01:04 PM
طرح جميل

ضامية الشوق
06-01-2021, 02:35 PM
يسلمو على المرور