مشاهدة النسخة كاملة : خطبة في وصف النار وأهلها


جنــــون
04-15-2021, 08:32 AM
وأملنا , النار , خطبة

خطبة في وصف النار وأهلها

خطبة في وصف النار وأهلها

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فإن أصـدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.


عباد الله، لقد أعدَّ الله سبحانه وتعالى للكفار ولأهل المعاصي ممن شاء أن يعذبهم نارًا عظيمة الأهوال، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى ورسولُه صلى الله عليه وسلم منها أشدَّ التحذير، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]. وروى الإمام أحمد بسند صحيح عنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه، قَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: «أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ»[1].وروى البخاري ومسلم عنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»[2].


ونار الدنيا جزء من سبعين جزءًا من نار الآخرة، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ»، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً قَالَ: «فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا»[3].


أيها المسلمون، ولو رأى المؤمن عذاب الله لَما أَمِنَ منه، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَوْ يَعْلَمُ المُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللهِ مِنَ العَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ»[4].


وعذاب الآخرة – وقانا الله منه – ينسي كل ما كان من نعيم، فقد روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً[5]، ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا[6] فِي الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَاللهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ»[7].


ولعظم النار يأتي بها يوم القيامة أعداد عظيمة من الملائكة يجرُّونها، فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مسعُودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا»[8].


وللنار سبعة أبواب، كل باب له جزء مقسوم، قال الله تعالى: ﴿ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 44].


وعمق النار مسيرة سبعين سنة، فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً[9]، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالَ: قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا[10]، فَهُوَ يَهْوِي[11] فِي النَّارِ الْآنَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَىقَعْرِهَا»[12].


عباد الله، والنار دركات بعضها أسفل من بعض، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 145].وروى مسلم عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ[13]»[14].


وللنار خزنة يقومون عليها، فقد قال الله تعالى: ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ﴾ [الملك: 8].


اللهم أجرنا من النار وجميعَ المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.. أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي، ولكم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..
أيها المسلمون، إن أهون أهل النار عذاباً من توضع تحت قدميه جمرتين تغلي منهما دماغه، فقد روى البخاري ومسلم عنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ، تُوضَعُ فِي أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ[15] جَمْرَةٌ، يَغْلِي مِنْهَا دِمَاغُهُ»[16].


فالحذر من النار، ومما يقرب إليها، ولنحاسب أنفسنا ونراقب أعمالَنا وحركاتِ جوارحِنا وألفاظَنا، فقد وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا[17]، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ»[18].


فالعاقل من يقي نفسه وأهلَه شرَّ هذه النار، فإن خطرها عظيم، وحرها شديد.
اللهم حرم النار على أجسادنا وأجساد والدينا وأهلينا وجميع المسلمين، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم تقبل منا أعمالنا وتجاوز عن سيئاتنا، اللهم أعتق رقابنا من النار، اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك. اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه، وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم. اللهم إني نسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، ونعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك. اللهم إنا نسألك الجنة، وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.


[1] صحيح: رواه أحمد (18360)، وصححه الألباني في المشكاة (5687).

[2] متفق عليه: رواه البخاري (6023)، ومسلم (1016).

[3] متفق عليه: رواه البخاري (3265)، ومسلم (2843).

[4] صحيح: رواه البخاري (6469).

[5] فيصبغ في النار صبغة:أي يغمس كما يغمس الثوب في الصبغ. [انظر: النهاية في غريب الحديث (3/ 10)].

[6]بؤساً: أي فقراً، وشدة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (1/ 89)].

[7] صحيح: رواه مسلم (2807).

[8] صحيح: رواه مسلم (2842).

[9]وجبة: أي سقطة. [انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (17/ 179)].

[10] خريفا: أي سنة. [انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 24)].

[11] يهوي: أي يسقط. [انظر: لسان العرب، مادة «هوي»].

[12] صحيح: رواه مسلم (2844).

[13] ترقوته:هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. [انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (17/ 180)].

[14] صحيح: رواه مسلم (2845).

[15]أخمص قدميه: هو المتجافي من الرجل عن الأرض. [انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (3/ 86)].

[16] متفق عليه: رواه البخاري (6561)، ومسلم (213).

[17] ما يتبين فيها: أي لا يتفكر فيها، ولا يتأملها. [انظر: فتح الباري، لابن حجر (11/ 310)].

[18] متفق عليه: رواه البخاري (6477)، ومسلم (2988).

نجم الجدي
04-15-2021, 09:00 AM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

زمرد
04-15-2021, 10:07 AM
طرح رائـع يعطيك العافيه
وسلمت الأنآمـل المتألقه
على روعة طرحها وذوقها الراقي
بإنتظار روائعك القادمه بشوووق

ضامية الشوق
04-15-2021, 10:31 AM
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

دلع
04-15-2021, 12:23 PM
كـــ العادة إبـداع رائـع
وطرح يـسـتـحـق المتـابـعـة
بـــــ انتظار الجديد القادم


:
مع التحية والتقدير ..

نغم
04-16-2021, 02:31 AM
؛

يعطيك العآفيه ع الطرح الجميل
لآعدمنآ العطآء ولآ المجهود الرائع

؛

دولآر ☆
04-16-2021, 02:34 AM
..
طرح يفوق الجمال
كعادتك إبداع في صفحآتك
يعطيك العافيه يارب
وبإنتظار المزيد من هذا الفيض
لقلبك السعادة والفرح
ـــ

نظرة الحب
04-16-2021, 04:32 AM
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك

إرتواء نبض
04-16-2021, 06:28 AM
قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء
لروحك الجوري

لا أشبه احد ّ!
04-18-2021, 02:35 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

ترانيم عشق
04-18-2021, 04:34 PM
تسسسلم دياتك يالغلا
وبانتظار جديدك
لك ودي..||

مجنون قصايد
04-18-2021, 09:04 PM
الله يعطيك العافيه
ويكثر من امثالك

اخترت الموضوع المناسب بمعلوماته
احترامي

مجنون

جنــــون
04-25-2021, 11:34 PM
يسلمو ع المرور

فزولهآ
04-26-2021, 12:51 AM
طرح جميل

جنــــون
05-05-2021, 04:06 AM
يسلمو ع المرور

ملكة الجوري
05-16-2021, 03:50 PM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان
وأن يثيبك البارئ خير الثواب
دمت برضى الرحمن