إرتواء نبض
10-18-2020, 08:59 AM
هناك من يزعم أنه أحب مئة مرة!!.. وهذا ليس حباً ولكنه نزوات.. فهذا لم يعرف الحب ولا مرة واحدة.. المسألة بالكيف لا بالكم.. وبالصدق لا بالادعاء.
؟ لمّا عُيَّن خالد القسري والياً على البصرة، دخلها في موكب فخم من الخيول المطهمة، ووقف الناس يستقبلونه، فقال حاسدٌ له كان ينتظر أن يُعَيَّن مكانه:
سحابة صيف عمّا قليلٍ تقشَّع!
وسمعها خالد فوقف وقال:
أما والله لا تَقَشَّع حتى يصيبك منها شؤبوب!
ثم أمر جنده فبطحوه وضربوه بالسياط حتى كادت تزهق روحه!..
قلت:
و(سحابة صيف) مثل عربي بليغ، يرمز لسرعة الزوال، فإن السحاب إن جاء في الصيف يزول بسرعة ولا يمطر في الغالب، ومن هذا القبيل (الحماسة الفائرة) لدى بعض الناس، وخاصة الشباب، لمشروعٍ لم يدرسوه جيداً، فإن تلك الحماسة الفائرة قبل التنفيذ سرعان ما تتحول إلى (همة فاترة) بعد التنفيذ، لعدم وجود دراسة جدوى علمية، ولاعتماد الشاب على الخيال - بعض الشباب - ووضعهم أرقاماً على الورق، يظنون أنها تتحقق في الواقع، فيتحمسون في البداية لأن الأرباح التي قدروها كبيرة، والعقبات التي تصوروها قليلة، وبدون دراسة جدوى واقعية تنقلب المعادلة، فالعقبات تزداد، والأرباح تتضاءل إن لم تتحول إلى خسائر، وهو الغالب..
حماسة من هذا النوع تُعءتُبر سحابة صيف.
طبائع
وطبائع الناس تختلف
فيهم الذي يعمل بانتظام وينظم وقته فيعطي كل شيء حقه، فإن لربه عليه حقاً، ولجسده، ولأهله، ولمرحه ولعبه.. وبعضهم مزاجي الطبع، متقلب، يريد أن ينجز الكثير في الوقت القليل، ثم لا يكاد يشرع في العمل حتى (يزهق) ويغلبه الملل فيترك ما شرع فيه، ويؤجله إلى أجلٍ غير مسمى، فهذا أيضاً كسحابة الصيف تخرج في السماء أحياناً ثم تتبخر بدون قطرة مطر واحدة، أو تمطر نزراً وتنقشع..
وفي الحديث الشريف "خير أعمالكم أدومها وإن قلّ".
الطبع يغلب التطبع
النهر لا يغير مجراه، وإن جاءه فيضان فقد يتفرع هنا وهناك ولكنه يعود لمجراه الأصلي الذي لم يتركه أساساً، كما أن شجرة الصندل رائحتها طيبة دائماً وتعطر حتى من يقطعها ويضربها بالفأس، وبالمقابل فإن الثعبان يغيّر جلده لا طبعه، وهكذا معظم البشر أسرى طباعهم، والمحمود منهم من يجاهد نفسه لكي يتغير نحو الأفضل، وهذا هو الجهاد الأكبر: جهاد النفس، ولهذا نرى أن الذي اعتاد الفراغ والكسل وعاشر الملل والضجر (قد) تمر به أوقات قليلة ينشط فيها بشكل عجيب كأنه النهر الذي فاض ولكنه سرعان ما يعود لمجراه الأصلي مسترخياً في وادي الكسل، فنشاطه (كشخطة عود الكبريت) ومثل سحابة صيف..
وفي الحب
وهناك من يزعم أنه أحب مئة مرة!!.. وهذا ليس حباً ولكنه نزوات.. فهذا لم يعرف الحب ولا مرة واحدة.. المسألة بالكيف لا بالكم.. وبالصدق لا بالإدعاء.
وفي القراءة
الكتب الجيدة تحتاج قراءتها - في العادة - إلى تمعن وصبر، وهذا ما يفقده بعض عشاق القراءة فلا يقرأون إلا الكتب السطحية، ومع أن القراءة كلها جيدة إلا أنه شتان بين سحاب يروي أعماق الأرض العطشى وينبت الكلأ ويملأ الأرض بالزهر والعطر ويروي أصول النخيل والشجر وبين سحابة صيف تمر عابرة كأن لم تكن..
وفي الصداقة
وكما في الحب هناك من يزعم أن له ثلاثين صديقاً - مثلاً.. وفي الغالب لا يكون لمثل هذا ولا صديق واحد بالمعنى الحقيقي (للصداقة) والمشتقة من (الصدق).. وإنما هم معارف وسمَّار وجلساء.. وصداقته لهم لا تعدو أن تكون سحابة صيف..
البِرّ في رجب
والسحاب المعطاء هو الذي يأتي في وقته (الوسمي عندنا) حيث يُنءبِتُ العشب وتكون الأرض مهيأة له..
وفي علاقاتنا البشرية الأمر كذلك، من النواحي المعنوية والمادية، فالشيء الذي يأتي في وقته والإنسان أحوج ما يكون له.. هو الأكثر نفعاً.. كما أن التفكير المبكر هو سر النجاح والوصول إلى الهدف..
وفي نجد مثل يقول (البِرُّ في رجب) وذلك حين كان الحجاج يذهبون إلى مكة المكرمة على ظهور المطايا لأداء فريضة الحج، أو تطوُّعاً، فإن الحازمين منهم يقومون بإعداد مطاياهم للرحلة الطويلة في وقت مبكر، فيغذونها جيداً ابتداءً من شهر رجب على الأقل، أي قبل الرحلة بأكثر من ثلاثة أشهر... أما المتهاون والذي لا يُقدِّر الأمور حق قدرها ولا يُعِدُّ لها عدتها، فإنه لا يهتم لراحلته حتى تبدأ رحلة القافلة، فتنقطع به راحلته في الطريق فيقدم لها العلف الوفير بعد أن انقطعت أو أوشكت على الانقطاع أي بعد فوات الأوان،فيقول له أصحابه الحازمون:
"البِرّ في رجب".
ومثله الطالب الذي لا يذاكر دروسه إلا قبل الامتحان بأيام قليلة وقد فرَّط بقية العام..
الرأي
وأول ما يخطر للإنسان الرأي في أمرٍ هام أو مشكلة فإن هذا الخاطر الأول (سحابة صيف) في الغالب، والعرب يسمونه (الرأي الفطير) ويكرهونه لأنه لم يختمر، فهو مثل الرغيف الذي يوجع البطن ولا له طعم..
والرأي يحتاج إلى تغليب من عدة وجوه، وتمعُّن، وتصفية، فإن الرأي يشبه الماء أول ما يظهر من البئر المحفورة يكون كدرا، والإنسان وهو يبحث عن الرأي كمن يحفر بئراً يبحث عن الماء، فبعد أن يجده يصبر عليه حتى يصفو ثم يذوقه هل هو صالح للشرب أم هو ملح أجاج يقطع الحبل..
كما أن الرأي أول ما يخطر على البال، يشبه (زول) إنسان تراه من بعيد جداً، فأنت لا تعرف أهو رجل أم امرأة، أهو جميل أم قبيح، حتى تقترب منه بما يكفي لوضوح الرؤية..
والرأي السريع بدون مراجعة ولا تفكير - إلا من الخبير جداً - هو سحابة صيف.
الرأي والجمل الهائج
وفي مأثورنا يقولون (الرأي كالجمل الهائج) يحده الرجال من كل جانب حتى يمسكوا به، فمشاورة أهل العقول والخبرة في الأمور الهامة تجعلك تقبض الرأي السليم كما تقبض الجمل الهائج حين يساعدك الرجال، فإن الرأي السديد عازب غائب.
؟ لمّا عُيَّن خالد القسري والياً على البصرة، دخلها في موكب فخم من الخيول المطهمة، ووقف الناس يستقبلونه، فقال حاسدٌ له كان ينتظر أن يُعَيَّن مكانه:
سحابة صيف عمّا قليلٍ تقشَّع!
وسمعها خالد فوقف وقال:
أما والله لا تَقَشَّع حتى يصيبك منها شؤبوب!
ثم أمر جنده فبطحوه وضربوه بالسياط حتى كادت تزهق روحه!..
قلت:
و(سحابة صيف) مثل عربي بليغ، يرمز لسرعة الزوال، فإن السحاب إن جاء في الصيف يزول بسرعة ولا يمطر في الغالب، ومن هذا القبيل (الحماسة الفائرة) لدى بعض الناس، وخاصة الشباب، لمشروعٍ لم يدرسوه جيداً، فإن تلك الحماسة الفائرة قبل التنفيذ سرعان ما تتحول إلى (همة فاترة) بعد التنفيذ، لعدم وجود دراسة جدوى علمية، ولاعتماد الشاب على الخيال - بعض الشباب - ووضعهم أرقاماً على الورق، يظنون أنها تتحقق في الواقع، فيتحمسون في البداية لأن الأرباح التي قدروها كبيرة، والعقبات التي تصوروها قليلة، وبدون دراسة جدوى واقعية تنقلب المعادلة، فالعقبات تزداد، والأرباح تتضاءل إن لم تتحول إلى خسائر، وهو الغالب..
حماسة من هذا النوع تُعءتُبر سحابة صيف.
طبائع
وطبائع الناس تختلف
فيهم الذي يعمل بانتظام وينظم وقته فيعطي كل شيء حقه، فإن لربه عليه حقاً، ولجسده، ولأهله، ولمرحه ولعبه.. وبعضهم مزاجي الطبع، متقلب، يريد أن ينجز الكثير في الوقت القليل، ثم لا يكاد يشرع في العمل حتى (يزهق) ويغلبه الملل فيترك ما شرع فيه، ويؤجله إلى أجلٍ غير مسمى، فهذا أيضاً كسحابة الصيف تخرج في السماء أحياناً ثم تتبخر بدون قطرة مطر واحدة، أو تمطر نزراً وتنقشع..
وفي الحديث الشريف "خير أعمالكم أدومها وإن قلّ".
الطبع يغلب التطبع
النهر لا يغير مجراه، وإن جاءه فيضان فقد يتفرع هنا وهناك ولكنه يعود لمجراه الأصلي الذي لم يتركه أساساً، كما أن شجرة الصندل رائحتها طيبة دائماً وتعطر حتى من يقطعها ويضربها بالفأس، وبالمقابل فإن الثعبان يغيّر جلده لا طبعه، وهكذا معظم البشر أسرى طباعهم، والمحمود منهم من يجاهد نفسه لكي يتغير نحو الأفضل، وهذا هو الجهاد الأكبر: جهاد النفس، ولهذا نرى أن الذي اعتاد الفراغ والكسل وعاشر الملل والضجر (قد) تمر به أوقات قليلة ينشط فيها بشكل عجيب كأنه النهر الذي فاض ولكنه سرعان ما يعود لمجراه الأصلي مسترخياً في وادي الكسل، فنشاطه (كشخطة عود الكبريت) ومثل سحابة صيف..
وفي الحب
وهناك من يزعم أنه أحب مئة مرة!!.. وهذا ليس حباً ولكنه نزوات.. فهذا لم يعرف الحب ولا مرة واحدة.. المسألة بالكيف لا بالكم.. وبالصدق لا بالإدعاء.
وفي القراءة
الكتب الجيدة تحتاج قراءتها - في العادة - إلى تمعن وصبر، وهذا ما يفقده بعض عشاق القراءة فلا يقرأون إلا الكتب السطحية، ومع أن القراءة كلها جيدة إلا أنه شتان بين سحاب يروي أعماق الأرض العطشى وينبت الكلأ ويملأ الأرض بالزهر والعطر ويروي أصول النخيل والشجر وبين سحابة صيف تمر عابرة كأن لم تكن..
وفي الصداقة
وكما في الحب هناك من يزعم أن له ثلاثين صديقاً - مثلاً.. وفي الغالب لا يكون لمثل هذا ولا صديق واحد بالمعنى الحقيقي (للصداقة) والمشتقة من (الصدق).. وإنما هم معارف وسمَّار وجلساء.. وصداقته لهم لا تعدو أن تكون سحابة صيف..
البِرّ في رجب
والسحاب المعطاء هو الذي يأتي في وقته (الوسمي عندنا) حيث يُنءبِتُ العشب وتكون الأرض مهيأة له..
وفي علاقاتنا البشرية الأمر كذلك، من النواحي المعنوية والمادية، فالشيء الذي يأتي في وقته والإنسان أحوج ما يكون له.. هو الأكثر نفعاً.. كما أن التفكير المبكر هو سر النجاح والوصول إلى الهدف..
وفي نجد مثل يقول (البِرُّ في رجب) وذلك حين كان الحجاج يذهبون إلى مكة المكرمة على ظهور المطايا لأداء فريضة الحج، أو تطوُّعاً، فإن الحازمين منهم يقومون بإعداد مطاياهم للرحلة الطويلة في وقت مبكر، فيغذونها جيداً ابتداءً من شهر رجب على الأقل، أي قبل الرحلة بأكثر من ثلاثة أشهر... أما المتهاون والذي لا يُقدِّر الأمور حق قدرها ولا يُعِدُّ لها عدتها، فإنه لا يهتم لراحلته حتى تبدأ رحلة القافلة، فتنقطع به راحلته في الطريق فيقدم لها العلف الوفير بعد أن انقطعت أو أوشكت على الانقطاع أي بعد فوات الأوان،فيقول له أصحابه الحازمون:
"البِرّ في رجب".
ومثله الطالب الذي لا يذاكر دروسه إلا قبل الامتحان بأيام قليلة وقد فرَّط بقية العام..
الرأي
وأول ما يخطر للإنسان الرأي في أمرٍ هام أو مشكلة فإن هذا الخاطر الأول (سحابة صيف) في الغالب، والعرب يسمونه (الرأي الفطير) ويكرهونه لأنه لم يختمر، فهو مثل الرغيف الذي يوجع البطن ولا له طعم..
والرأي يحتاج إلى تغليب من عدة وجوه، وتمعُّن، وتصفية، فإن الرأي يشبه الماء أول ما يظهر من البئر المحفورة يكون كدرا، والإنسان وهو يبحث عن الرأي كمن يحفر بئراً يبحث عن الماء، فبعد أن يجده يصبر عليه حتى يصفو ثم يذوقه هل هو صالح للشرب أم هو ملح أجاج يقطع الحبل..
كما أن الرأي أول ما يخطر على البال، يشبه (زول) إنسان تراه من بعيد جداً، فأنت لا تعرف أهو رجل أم امرأة، أهو جميل أم قبيح، حتى تقترب منه بما يكفي لوضوح الرؤية..
والرأي السريع بدون مراجعة ولا تفكير - إلا من الخبير جداً - هو سحابة صيف.
الرأي والجمل الهائج
وفي مأثورنا يقولون (الرأي كالجمل الهائج) يحده الرجال من كل جانب حتى يمسكوا به، فمشاورة أهل العقول والخبرة في الأمور الهامة تجعلك تقبض الرأي السليم كما تقبض الجمل الهائج حين يساعدك الرجال، فإن الرأي السديد عازب غائب.