ملكة الجوري
05-25-2020, 11:12 PM
ونحن نعيش آخر أيام وليالي الشهر الكريم، ونرجو أن نعتق فيه من نار الجحيم، ونفوز فيه بجنات النعيم، نحتاج إلى ترتيب أمور حياتنا من جديد، نعيد غربلتها، وتصفيفها، وتقنين ما نحتاج إليه، وأول وآخر من نحتاج إليه ولا غنى لنا عنه هو ديننا..
في هذه الأيام نعيش أحداثًا يمكن أن نقول عنها (لأول مرّة)! فلأول مرة نعيش رمضان دون أن تتلى آيات الله في المحاريب، ولا ترتل آيات الذكر الحكيم في جنبات المساجد، ولا يتسابق الناس فيه إلى السواري ركعًا وسجدًا، ولا تقام فيه حلقات التحفيظ التي كانت تتسابق في تلاوة الكتاب المجيد وتجويده!
(لأول مرّة) يمرّ رمضان دون أن نرى الناس يتسابقون فيه لمدّ سفر الإفطار هنا وهناك، ويتنافس فيه المتنافسون في صدقاتهم وزكواتهم!
(لأول مرّة) لن نعيّد على جيراننا، بل لن نصلي فيه الصلاة التي اعتدنا أن نصليها فرحين مستبشرين، راجين عتقًا من النار وفوزًا بالجنان!
(لأول مرّة) يخلو العيد من بهجته، ورمضان من روحانيته، إذ تقطعت أوصال الصلة والزيارة!
(لأول مرّة) يمرض العزيز فلا تستطيع عيادته، ويموت القريب فلا تستطيع أن تمشي في جنازته، ولأول مرة يكون البعد رحمة وحبًا!
(لأول مرّة) نرى المسجد الحرام خاليًا من الطائفين والعاكفين والركع السجود، ولا يمرّ بقبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من يقرئه السلام، ويثني على صاحبيه.
(لأول مرة) يقف العالم كله على قدم واحدة، يعاني الأمَرَّين، عاجزًا عن فعل شيء، لا يدري ما النهاية، (خائفًا يترقب).
هذا وغيره يحدث لأول مرة، لكن الذي يحدث لأول مرة، وهو من الأهمية بمكان غفلة الناس عن مدبر الكون ومصرف الأحوال، وقد كان الأولون (إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين)! نعم هذا هو الذي ينذر بالعاقبة الوخيمة، أن تنصرف أنظار الناس وتتلهف قلوبهم تنتظر من مختبر غربي أن يفتح باب الأمل بلقاح، أو بدواء، أو بأي خبر يزيل الغمة، ويقضي على الوباء.
قد لا نلوم العالم غير المسلم، مع أنه أحس بالخطر فبدأ الصلاة، وفتح دور العبادة، ولكننا لا نستطيع ألا نلوم المؤمن المسلم يسير في طريق الغفلة، متناسيًا مولاه الذي أنزل البلاء، حتى لو كان مقتنعًا بأنه مؤامرة ومن صنع صانع له مآربه وأهدافه، فإن من مسلمات القرآن العظيم (إن الله لا يصلح عمل المفسدين)، فمهما عمل المفسد فإن عاقبته خيبة وندامة.
ولست أريد لبس ثوب الوعظ هنا، ولكني مضطر لأكشف غطاء الغفلة عن أعين كثيرين، تعلقت قلوبهم بالأسباب، وتناسوا مسببها، وغفلوا عن أن ما يواجهونه (لأول مرّة) لا يمكن أن يكون هكذا بلا سبب، فالقاعدة التي لا تنخرم (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم). وليس شرطًا أن نقتنع بأن هذا عذاب أليم، ولكن من الواجب أن نقتنع بأن علينا مراجعة النفس والحال، مراجعة علاقتنا بربنا، وما المفروض أن نفعله لكي يرفع البلاء بقدرته، ويُنزل العافية برحمته.
ولا ريب أن من يتابع الأخبار سيلحظ الفرق بين بلادنا وغيرها ممن هي أقوى منها وأعظم وأكثر تقدمًا في الطب وغيره، ومع ذلك فإن بلادنا بحمد الله تعيش مع الوباء سيرًا جميلاً، مفرحًا، ومطمئنًا! لا ننكر الأسباب المتخذة والجهود المبذولة، بل نثني عليها ونشكرها، ولكنها كانت وما زالت مسنودة بأكف الداعين، تتضرع إلى المولى بأن يسددها، ويعينها.
بقي أن نسند هذه الجهود المتخذة بتوبة نصوح، وتغيير حالنا ليس مما يظن أنه ذنب، وليس بإلقاء العتب واللوم على جهة أو مجموعة أو شخص، بل أن نتهم أنفسنا أولاً، قبل أن ننظر للآخرين ونحملهم تبعات الأزمة وأسبابها.
ونحن نعيش آخر أيام وليالي الشهر الكريم، ونرجو أن نعتق فيه من نار الجحيم، ونفوز فيه بجنات النعيم، نحتاج إلى ترتيب أمور حياتنا من جديد، نعيد غربلتها، وتصفيفها، وتقنين ما نحتاج إليه، وأول وآخر من نحتاج إليه ولا غنى لنا عنه هو ديننا، عصمة أمرنا، وطوق نجاتنا، فلنصحح المسار إن رأينا فيه اعوجاجًا، ولنحقق قوله جل في علاه (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). هذا، والله من وراء القصد.
http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/149141813628436.gif
في هذه الأيام نعيش أحداثًا يمكن أن نقول عنها (لأول مرّة)! فلأول مرة نعيش رمضان دون أن تتلى آيات الله في المحاريب، ولا ترتل آيات الذكر الحكيم في جنبات المساجد، ولا يتسابق الناس فيه إلى السواري ركعًا وسجدًا، ولا تقام فيه حلقات التحفيظ التي كانت تتسابق في تلاوة الكتاب المجيد وتجويده!
(لأول مرّة) يمرّ رمضان دون أن نرى الناس يتسابقون فيه لمدّ سفر الإفطار هنا وهناك، ويتنافس فيه المتنافسون في صدقاتهم وزكواتهم!
(لأول مرّة) لن نعيّد على جيراننا، بل لن نصلي فيه الصلاة التي اعتدنا أن نصليها فرحين مستبشرين، راجين عتقًا من النار وفوزًا بالجنان!
(لأول مرّة) يخلو العيد من بهجته، ورمضان من روحانيته، إذ تقطعت أوصال الصلة والزيارة!
(لأول مرّة) يمرض العزيز فلا تستطيع عيادته، ويموت القريب فلا تستطيع أن تمشي في جنازته، ولأول مرة يكون البعد رحمة وحبًا!
(لأول مرّة) نرى المسجد الحرام خاليًا من الطائفين والعاكفين والركع السجود، ولا يمرّ بقبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من يقرئه السلام، ويثني على صاحبيه.
(لأول مرة) يقف العالم كله على قدم واحدة، يعاني الأمَرَّين، عاجزًا عن فعل شيء، لا يدري ما النهاية، (خائفًا يترقب).
هذا وغيره يحدث لأول مرة، لكن الذي يحدث لأول مرة، وهو من الأهمية بمكان غفلة الناس عن مدبر الكون ومصرف الأحوال، وقد كان الأولون (إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين)! نعم هذا هو الذي ينذر بالعاقبة الوخيمة، أن تنصرف أنظار الناس وتتلهف قلوبهم تنتظر من مختبر غربي أن يفتح باب الأمل بلقاح، أو بدواء، أو بأي خبر يزيل الغمة، ويقضي على الوباء.
قد لا نلوم العالم غير المسلم، مع أنه أحس بالخطر فبدأ الصلاة، وفتح دور العبادة، ولكننا لا نستطيع ألا نلوم المؤمن المسلم يسير في طريق الغفلة، متناسيًا مولاه الذي أنزل البلاء، حتى لو كان مقتنعًا بأنه مؤامرة ومن صنع صانع له مآربه وأهدافه، فإن من مسلمات القرآن العظيم (إن الله لا يصلح عمل المفسدين)، فمهما عمل المفسد فإن عاقبته خيبة وندامة.
ولست أريد لبس ثوب الوعظ هنا، ولكني مضطر لأكشف غطاء الغفلة عن أعين كثيرين، تعلقت قلوبهم بالأسباب، وتناسوا مسببها، وغفلوا عن أن ما يواجهونه (لأول مرّة) لا يمكن أن يكون هكذا بلا سبب، فالقاعدة التي لا تنخرم (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم). وليس شرطًا أن نقتنع بأن هذا عذاب أليم، ولكن من الواجب أن نقتنع بأن علينا مراجعة النفس والحال، مراجعة علاقتنا بربنا، وما المفروض أن نفعله لكي يرفع البلاء بقدرته، ويُنزل العافية برحمته.
ولا ريب أن من يتابع الأخبار سيلحظ الفرق بين بلادنا وغيرها ممن هي أقوى منها وأعظم وأكثر تقدمًا في الطب وغيره، ومع ذلك فإن بلادنا بحمد الله تعيش مع الوباء سيرًا جميلاً، مفرحًا، ومطمئنًا! لا ننكر الأسباب المتخذة والجهود المبذولة، بل نثني عليها ونشكرها، ولكنها كانت وما زالت مسنودة بأكف الداعين، تتضرع إلى المولى بأن يسددها، ويعينها.
بقي أن نسند هذه الجهود المتخذة بتوبة نصوح، وتغيير حالنا ليس مما يظن أنه ذنب، وليس بإلقاء العتب واللوم على جهة أو مجموعة أو شخص، بل أن نتهم أنفسنا أولاً، قبل أن ننظر للآخرين ونحملهم تبعات الأزمة وأسبابها.
ونحن نعيش آخر أيام وليالي الشهر الكريم، ونرجو أن نعتق فيه من نار الجحيم، ونفوز فيه بجنات النعيم، نحتاج إلى ترتيب أمور حياتنا من جديد، نعيد غربلتها، وتصفيفها، وتقنين ما نحتاج إليه، وأول وآخر من نحتاج إليه ولا غنى لنا عنه هو ديننا، عصمة أمرنا، وطوق نجاتنا، فلنصحح المسار إن رأينا فيه اعوجاجًا، ولنحقق قوله جل في علاه (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر). هذا، والله من وراء القصد.
http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/149141813628436.gif