مشاهدة النسخة كاملة : من هدايات السنة النبوية حديث الفتن


إرتواء نبض
01-16-2020, 09:25 PM
من هدايات السنة النبوية

حديث الفتن

الحمد لله، نحمده ونستعينُه ونستغْفِرُه، ونعوذُ بِالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ مُحمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين..


أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونَفْسي بتقوى الله تعالى؛ فإن التقوى مَنْجَاة من الفتن وغلوائها، وعاصم من الشيطان وحبائله. من اتقى الله تعالى في سره وعلانيته، وفي سرائه وضرائه نجا في الدنيا من أكدارها، وفاز في الآخرة بسرائها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء:1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

وطاعة الله تعالى لا تكون إلا بطاعة الرسولِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].

والنبي صلى الله عليه وسلم أبان الدين، وأوْضَح المَحَجَّة، وذكر الفتن وما يكون سببًا للوقوع فيها، وما يَعصِمُ منها: ﴿ لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 42].

فقد روى حُذَيْفَة بن اليَمَان رضي الله عنهما قال: "كنَّا عند عمر، فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن؟ فقال قومٌ: نحن سمعناه، فقال: لعلكم تعْنُونَ فِتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة؛ ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن التي تموجُ موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القومُ، فقلت: أنا، قال: أنت، لله أبوك! قال حذيفة: سمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعْرَضُ الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا؛كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هواه))، قال حذيفة: "وحدَّثته أنَّ بينك وبينها بابًا مغلقًا يوشك أن يُكسر، قال عمر: أكسرًا لا أبا لك، فلو فُتح لعله كان يعاد، قلت: لا، بل يكسر، وحدثته أن ذلك الباب رجلٌ يُقتل أو يموت، حديثًا ليس بالأغاليط"؛ أخرجه مسلم[1].

لقد حرص عمر رضي الله عنه على معرفة أخبار الفتن حتى يتوقاها، وأخبرهم أنه لا يريد معرفة فتنة الرجل الخاصة في أهله؛ وإنما يريد معرفة الفتنة العامة.

وقد أثبت الحديث أن أهل الرجل فتنةٌ له، وفتنته في أهله وماله وولده على ضروب عدة: من فرط محبته لهم، وشحه عليهم، وشغله بهم عن كثير من الخير، وفي هذه المعاني قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [التغابن: 15]، وفي الحديث الصحيح قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((الولد مبخلة مجبنة))؛ أخرجه أحمد[2]، فهذا وجه من الفِتْنَة بهم.

ووجه آخر: وهو تفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم، وتأديبهم وتعليمهم؛ فإنه راعٍ لهم ومسؤول عن رعيته، وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا.

فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة، ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات والأعمال الصالحة[3]؛ كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، وقال عمر عن هذا النوع من الفتن: "تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة".

إن عمر رضي الله عنه كان يريد معرفة الفتن الكبرى التي تموج موج البحر؛ فأخبره حذيفة رضي الله عنه. وحذيفة هو أحفظ الصحابة لحديث الفتن، وهو أمين سِرِّ النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين؛ فأخبره حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعرض الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا))؛ أي: كما ينسج الحصير عودًا عودًا، وشطبة بعد أخرى؛ ذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودًا أخذ آخر ونسجه، فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدًا بعد واحد[4].

إذًا فالفتن تَرِدُ على القلب شيئًا شيئًا، وبما أن الإنسان قابل للخير والشر؛ إذ فيه عقلٌ وشهوة، فإنَّ شهوته إذا غَلَبَتْ عَقْلَهُ وَلِجَتِ الفِتْنَةُ قلبه، وإذا غلب عقله شهوته رفض الفتنة وأنكرها.

قال: ((فأيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها))؛ أي: أيُّ قلب تَمَكَّنَتِ الفِتْنَةُ منه، وحلَّتْ مَحَلَّ الشراب من مَحَبَّتِها وتعلُّقه بها كما قال الله تعالى عن بني إسرائيل: ﴿ وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ﴾ [البقرة: 93][5]، فَمَنْ كان كذلك ((نُكِتَ في قلبه نُكْتة سوداء)) قال ابن دُرَيْد: "كلُّ نُقْطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت"[6]، وهذا هو القلب الذي يخشى عليه من الفساد، ويخشى على صاحبه الهلاك.

وأمَّا القلب الآخر فهو المنكر لها، المعرض عنها، الذي يرفضها ويأباها: ((وأي قلب أُنْكِرَها نُكِتَ فيه نكتة بيضاء)) وهذا هو القلب الصالح السليمُ، الذي سلم من أوضار الشرك والبدعة، وأدران الموبقات والكبائر.

وحينئذ ((تَصيرُ على قَلْبَيْنِ)): قلب صالح سليم طيب ((أبيض مثل الصفا)) والصفا: هو الحجر الأملس الذي لا يَعْلَقُ به شَيْءٌ، وكذلك القلب السليم لا تَعْلَقُ به فِتْنَةٌ[7]؛ ولذا قال: ((فلا تَضُرُّه فِتنةٌ ما دامت السموات والأرض)).

وأما الآخر فداخلته الفتنة وأُشربها؛ حتى امتلأ بها، وتراكمت عليه فسودته آثارها، قال: ((والآخر أسود مُرْبَادًّا؛ كالكوز مُجَخيًا))؛ أي: كالكأس المائل أو المنكوس[8]، يسكب ما في داخله من الإيمان بقدر ميوله إلى الهوى، وانتكاسه عن الحق، كما يسكب الكأس ما فيه من ماء بقدر ميوله وانتكاسه.

قال المنذري - رحمه الله تعالى -: "ومعنى الحديث: أن القلب إذا افتتن وخرجت منه حرمة المعاصي والمنكرات خرج منه نور الإيمان؛ كما يخرج الماء من الكوز إذا مال وانتكس"[9].

وصاحب هذا القلب المائل عن الحق المنتكس عن الفطرة تجده: ((لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه)) الذي يَهواه قلبه الفاسد.

ورضي الله عن عمر وأرضاه، لقد كان بابًا دون الفتنة مغلقًا، وسدًّا يمنعها حصينًا، ففي رواية أخرى لما سمِع عمر حديث الفتنة رفع يديه وقال: "اللهم لا تدركني" فقال حذيفة: "لا تخف"[10]، إن عمر رضي الله عنه ما أدرك الفتن؛ لأنه كان بابها الذي يُكسر، قال حذيفة: "إن بينك وبينها بابًا مغلقًا يوشك أن يكسر، قال عُمَر: أكسرًا لا أبا لك، فلو أنه فتح لعله كان يُعاد، قلت: بل يكسر، وحدثته أن ذلك الباب رجل يُقتل أو يموت، حديثًا ليس بالأغاليط"؛ أي: حدثته حديثًا صدقًا محققًا ليس من صحف الكتابيين، ولا من اجتهاد ذي رأي؛ بل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم[11].

والمعنى: أن الحائل بين الفتن والإسلام عمر رضي الله عنه، وهو الباب، فما دام حيًّا لا تدخل الفتن، فإذا ماتَ دخلتِ الفِتَنُ، وكذا كان[12]؛ إذ قتل عمر رضي الله عنه، فانكسر الباب، وانثلم الإسلام ثلمة بقتله، صار من جرائها الاختلاف والاقتتال بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك عبر بكسر الباب ولم يعبر بالفتح؛ لأن الباب المفتوح يُرجى إغلاقه بخلاف الباب المنكسر[13].


وقد كان بعض الصحابة يعلم أن عمرَ هو الباب الذي بينهم وبين الفتنة؛ فقد لقي عمرُ أبا ذر فأخذ بيده فغمزها وكان عمر رجلاً شديدًا، فقال له أبو ذر: "أرسل يدي يا قفل الفتنة"، فقال عمر: وما قفل الفتنة؟ قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ورسول الله جالس وقدِ اجتمع عليه الناس، فجلست في آخرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصيبكم فتنة ما دام هذا فيكم))[14]، ومرة قال عثمان بن مظعون مخاطبًا عمر: "يا غُلْق الفتنة"[15]، وصدقوا فيما قالوا إذ قتل عمر؛ فظهرت الفتن وتفشت، فصار بعض الأمة يلعن بعضًا، ويقتل بعضها بعضًا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنعام: 65].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

عـــودالليل
01-16-2020, 10:02 PM
من متابعيك وسآكون كذلك باذن الله
قد لا أوفيك حقك بالرد
فأتمنى قبوله


يعطيك العافيه

دووم هالتميز ماشاء الله عليك
ربي يحفظك

إرتواء نبض
01-16-2020, 11:48 PM
عود
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

البرنسيسه فاتنة
01-17-2020, 01:44 AM
جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك

إرتواء نبض
01-17-2020, 02:13 AM
البرنسيسه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

لا أشبه احد ّ!
01-18-2020, 10:53 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

نجم الجدي
01-18-2020, 01:41 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

ملكة الجوري
01-18-2020, 08:01 PM
الله يجزاك الجنه
و
ينورقلبك
بارك الله فيك
و
فقك الله لمايحبه
و
يرضاه

ضامية الشوق
01-18-2020, 08:21 PM
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

إرتواء نبض
01-19-2020, 12:06 AM
ملكه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
01-19-2020, 12:06 AM
نجم
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
01-19-2020, 12:06 AM
اطيافي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
01-19-2020, 12:07 AM
ضاميه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

عازفة القيثار
01-20-2020, 01:38 PM
جِزًآكًٍ آللهُ خيرًٍ آلجزًٍآءُ
وُجَعَلَ حياتگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحور

إرتواء نبض
01-20-2020, 08:44 PM
عازفه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

مجنون قصايد
01-20-2020, 09:52 PM
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

إرتواء نبض
01-24-2020, 03:18 AM
مجنون
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

روح الندى
01-26-2020, 03:11 AM
جزاك الله خير الجزاء ونفع بك
على الطرح القيم
وجعله في ميزان حسناتك

صمت القمر
01-26-2020, 11:47 PM
جزاك الله خيرا
وبارك فيك

الغنــــــد
01-29-2020, 01:15 AM
يسعدك ربي


يعطيك العااافيه

إرتواء نبض
02-02-2020, 01:44 AM
روح
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
02-02-2020, 01:45 AM
صمت
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
02-02-2020, 01:45 AM
الغند
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥