مشاهدة النسخة كاملة : رواية وبي شوق إليك أعلّ قلبي/البارت السادس
ضامية الشوق
12-24-2019, 08:06 PM
الفصل السادس
______
قبل عشر سنوات ..
لم يتمكن عايض من تحمل الأمر أكثر , كل ما اضطر للذهاب إلى عمه لسبب أو آخر , قابلها بالصدفة .
كانت تبدوا مختلفة كل مرة .
البريق في عينيها , اختفى تماما .
ليحلّ محله غموض لم يتمكن من فهمه إطلاقا .
حتى النور غاب عن وجهها .
بعد أن كانت تقابله بابتسامة واسعة , صارت لا تبتسم إلا قليلا .
من فتاة تحب التحدث كثيرا , والبوح عما تشعر به .
صارت فتاة انطوائية , صامتة .
تشغل نفسها بأعمال المنزل .
بالرغم من كونها طفلة !
أصبح عاجزا , وبين نارين .
لا يستطيع أن يمنحها المزيد من الاهتمام , كي لا تتعلق به .
فهو لم يقتنع يوما , بفكرة الزواج بها .. أبدا .
ولا يستطيع أيضا أن يتجاهل هذا الحزن العميق بعينيها .
لذا ..
قرر أن يبتعد .
عنها , وعن المشاعر المضطربة التي تراوده كل ما لمح ظلها .
ليستقر في المدينة .
بعد أن كان يذهب إليها يوميا ويعود منها , من أجل الجامعة .
لم يخبر يمنى بالأمر , ولم يكن لديها أي معرفة .
حتى غاب أسبوعا كاملا , ولم يمر من أجل مساعد حتى .
استغربت ذلك , وظلت مرتبكة .
حتى أتت نجد ذات يوم , وسألتها عنه
لتجيبها وهي مستغربة / تمزحين يُمنى ؟ عايض له أكثر من أسبوع راح للمدينة ولا رجع , استقر هناك خلاص , ما راح يرجع إلا بعد ما يتخرج إن شاء الله .
نظرت إليها يُمنى بذهول , بعينين متسعتين , لتزدرد نجد ريقها بخوف من هذه الملامح / لا صدق ما تعرفين ؟
هزت يُمنى رأسها نفيا , وأكملت ما بيدها بصمت , حيث كانت تصنع شيئا ما بالصوف .
دون أن تعلق على ما سمعت .
تنهدت نجد بضيق وأمسكت بكف يُمنى / معليش يمنى , هو أساسا راح مستعجل , وما قرر إلا قبل لا يروح بكم ساعة , تدرين الطريق من المدينة للديرة قد إيش يخوف ومو ممهد أبد , يعني صعب يجي و ……
قاطعتها يُمنى / طيب خلاص يسوي اللي يبيه بكفيه , ليش قاعدة تبررين نجد ؟
نجد باستغراب / يعني مو زعلانة ؟
هزت كتفيها بلا مبالاة / لا .
نجد براحة / كويس أجل .
ساد الصمت لفترة , قبل أن تسأل يُمنى بهدوء .
بعد أن حاولت أن ترغم نفسها على السكوت ولم تتمكن / ما راح يجي حتى بالإجازات ؟
نجد / إلا أكيد راح يجي .
ابتلعت يُمنى الغصة الحارقة بحلقها , وأرغمت نفسها على التحمل .
ولا تبكي .
نجحت في ذلك .
لدرجة أنها فقدت القدرة على الشعور بأي ألم .
الصدمات بسنها الصغير , كانت كافية لجعلها تفهم الأمور بوعي أكثر .
وتصبح أكثر نضجا من عمرها الحقيقي .
حتى أنها كلما قدِم عايض من المدينة , تختفي تماما .
تحبس نفسها في حجرتها , ولا تنزل منها أبدا .
حتى تسمع عن مغادرته .
لم يكن ذلك الشيء جيدا بالنسبة لعايض بالتأكيد , كان يبحث عنها دائما ولا يجدها .
حتى أصبح يتضايق من ذلك الشيء .
إلا أنه لم يسأل عنها أبدا .
يُمنى كانت أكثر قوة منه , لم تفكر يوما بالنظر إليه ولو من بعيد .
لم تكن تلك المصيبة العظمى بالنسبة لعايض .
بل معرفته بحقيقة أحرقته قهرا وغيظا .
لم تكن تلك الحقيقة سوى تكرار سلمان الذهاب إلى منزل عمه , وعلى الدوام .
حتى أنه يلازمهم لأوقات وساعات طويلة ..
ويُمنى بالتأكيد , تأمن جانبه !
فهو بطلها , ومنقذها من مصيبتها العظمى !
_______
الآن ..
استيقظت يُمنى من نومها منزعجة من صوت شيء قوي .
ربطت شعرها بمطاط , لتتجه إلى الخارج .
فتحت الباب , لتتسع عيناها باستغراب وهي ترى هذه الفوضى .
ألواح خشبية في كل مكان , وحسناء هناك تجلس متربعة , تنظر إلى ورقة على الأرض .
بيدها مسمار ومفك , بجانبها مطرقة !
اتجهت إليها متسائلة / وش قاعدة تسوين ؟
حسناء / يا أهلا صباح الخير , أبد شوفة عينك , قاعدة أحاول أركب هالطاولة .
يُمنى / بهالوقت ؟ ما دام اليوم إجازتك ريحي شوي ونامي بدال هالشغلات , بعدين ليش ما خليتي اللي جابوا يركبون ؟
حسناء وهي تحاول التركيز على ما بالورقة / هذي طلبية والمندوب جابها , تخيلي أدخله عشان يركبها .
اقتربت يُمنى لتنظر إلى الكرتون / يا ويلي هذي طاولة كبيرة المفروض إنه شغل رجال , سيبيه وخلي مساعد يركبها إذا جا .
حسناء / لا والله ما طلبتها بسرعة عشان أنتظر مساعد , بموت وأشوف الطاولة كاملة .
ابتسمت يُمنى وهي تجلس / بساعدك .
حسناء تصطنع الصدمة / إيه صدق ؟ لو مو الطاولة هي اللي تركبك !
يُمنى بغضب / يا الله يا حسناء , خلاص لا عاد تحسسيني طفلة .
وضعت حسناء كتيب التعليمات جانبا ثم أمسكت بالمفك مجددا / تمام مانتي طفلة , يلا وريني إيش تقدرين تسوين .
نظرت إليها يُمنى بحنق , لتمسك بأحد أعمدة الطاولة .
مر وقت طويل , قبل أن تتكتف وتنظر إلى الطاولة .
بينما يُمنى تكاد تموت من الضحك على الأرض وهي تمسك ببطنها , تقول بصعوبة / يا الله مو قادرة أوقف , كيف صارت العواميد فوق ؟ ههههههههه وتقولين أنا ما أعرف ؟ إنتي سويتي كذا ؟
صرخت حسناء بغيظ , وجلست على الأرض بتعب / والله بموت ظهري انكسر في الأخير يطلع الشغل كله غلط .
يُمنى بعد أن هدأت / مو مشكلة حسناء , خلاص انتي الحين مضطرة تنتظرين مساعد .
استلقت في مكانها بوهن , وأخرجت هاتفها من جيب بنطالها , وضعته على اذنها بعد اتصلت به / هلا مساعد , متى بتجي هنا ؟ … طيب .
تأففت وهي تقفل الخط / ما راح يجي قريب , وبشرى بيوصلها أبوي هالأسبوع , وانتي تدرين مستحيل أخلي أبوي يسويها , أنا مصرة أتعشى على هالطاولة في أقرب وقت .
ابتسمت يُمنى وهي تقف وتمد يدها حتى تنهض / تمام نشوف عامل يسويها , قومي خلينا نسوي الفطور مع بعض .
نهضت حسناء بمساعدتها وهي تتنهد .
دخلتا إلى المطبخ وبدأتا بإحضار الفطور .
وعلى السفرة , قالت حسناء بتردد / يُمنى , أبي أسألك سؤال وجاوبيني بصراحة , إجابة طالعة من قلبك مو كذب , مافي غيرنا هنا أنا وانتي وربي شاهد علينا لذك قولي الصدق , وأنا أوعدك بيكون هالكلام بيننا .
نظرت إليها يُمنى باستغراب / خوفتيني وش هالمقدمة ؟ إيه اسألي وإن شاء الله أقول الصدق .
حسناء بهدوء / أبد ما عندك نية ترجعين لعايض ؟ لو رجع وطلب يدك ؟
رفعت يُمنى عيناها إليها بذهول , وبعد صمت قصير / ليش تسألين ؟
تأففت حسناء / يووه يا يُمنى , أنا أكثر شيء أكرهه لما أحد يجاوب على سؤالي بسؤال , بس بكون أحسن منك وبجاوب .. لأني سمعت شيء عن عايض , وتضايقت حيل .. حابة أعرف رأيك .
يُمنى بشيء من الضيق / إيش سمعتي يا حسنا ؟
عضت حسناء شفتها بإنزعاج / عمك راشد يبيه يتزوج , وفي أقرب وقت .
شعرت يُمنى بقلبها يهوي ويسقط على الأرض من هول الصدمة .
ولم تجب على سؤال الأخرى .
نظرت إليها حسناء بحزن / إيش اللي يخليك تأذين نفسك وتأذينه يا يُمنى ؟ ما دام تحبينه ومجرد ما تسمعين أو تفكرين إنه ممكن يرتبط بغيرك تنزعجين لهالدرجة ؟ صارحيني .
أكملت يُمنى تناول ما بيدها بصمت .
وظلت حسناء ترقب إجابتها .
إلا أنها استغربت حين رأت الأخرى تقف وتدخل إلى حجرتها , لتغلق الباب خلفها بهدوء .
صرخت حسناء بغيظ / والله يا يُمنى بعلمك كيف تحترمين الكبار ولا تعطيهم ظهرك وهم يكلموك .
بداخل الحجرة ..
جلست يُمنى على السرير بغير تصديق .
هل حقا , سيتزوج غيرها ؟
ألم يقُل سابقا أنه إن طلقها , فسيكون ذلك رغما عنه , وأنها سيحاول إعادتها إليه يوما ما , فقط . لتنسى ما حصل , وليشفى من جراحها ولو القليل , حينها سيعود لأخذها بالتأكيد .
صحيح .. لم تنسَ ما حصل , ولم يشفى جراحها أبدا .
إلا أنها تمنت عودته دائما , في كل لحظة وكل حين .
لكَم أوجعها غيابه طيلة الخمس سنوات !
نعم طلبت الطلاق , ورغبت بالإنفصال بشدة
إلا أنها كانت أيضا ترغب ببقائه بالقرب منها
يا له من قاسِ .
ألم تأتِ إلى المدينة ؟
ألم تنسى ( القليل ) ..!
لذا تمكنت من مواصلة حياتها .
تحدث إليها مرتين , لم يقل في أيّ من تلك المرات أنها يريد أن يعيدها إليه .
فقط أخبرها أنه مشتاق , وأنه لا زال يحبها .. ثم لامها وعاتبها.
أين وعودك يا عايض ؟ أنا لا زلت أنتظر .
قلبي الملتاع ينتظر منك كلمة واحدة فقط ( عودي ) .
وعمي راشد , ما باله هو الآخر ؟
ألا يعرف غير هذا الأسلوب لتزويج عايض ؟
أرغمه بالزواج منها , فاضطر الآخر أن يتقبل الأمر رغما عنه .
ليجرحها , دن وعي وقصد ربما , أو متعمد !
لا يهم , طالما كانت تلك الكلمات خارجة من فاه عايض .
فهي أشد وقعا من السهم على قلبها .
ظلت عبارة عايض تتردد بأذنها على حين غرة ( هالعقد تم غصبا عني وأنا مو راضي , يعني لا تتوقعين إني بتزوجك بيوم من الأيام , وافقت غصبا عني عشان أبوي وأبوك اللي خايف عليك من بعد اللي صار العام الماضي , بس ينسون السالفة بتركك , فاهمة ؟ )
أغمضت عيناها بألم , لتنحدر على وجنتها دمعة يتيمة .
أوجعت قلبها بشدة .
ثم ما لبثت أن صارت تشهق وتبكي بقوة , وهي تتدثر ببطانيتها .
ضامية الشوق
12-24-2019, 08:09 PM
خرجت نوف من حجرتها , ونزلت إلى الأسفل بصعوبة .
للمرة الأولى بعد ما حصل .
حتى وصلت إلى حجرة أمها , لتجد عمر يستلقي على الأريكة الطويلة , يتحدث إلى والدته التي تجلس على أريكة أخرى .
يبدوا متعبا وواهنا .
لا بد من أنه عاد من العمل للتو .
ابتسمت وهي تلقي السلام .
ردت عليها أمها , وجلس عمر عاقدا حاجبيه باستغراب / ليش نزلتي ؟
نوف وهي تقترب من والدتها / اختنقت بالغرفة , صباح الخير أمي .
أمها وهي تمسح على ذراعها بحنان / صباح النور يا قرة عيني , تعشيتي ؟
هزت رأسها نفيا / لا , ما لي نفس .
جلست بجانبها , ورفعت نظرها إلى عمر بتردد , وكأنها لا تعرف شيئا عن فكرة الإنفصال / عمر , هيفاء متى راح ترجع , صار لها أسبوعين في بيت أهلها .
ابتسم / ما ادري , بس خليها متى بغت ترجع تكلمني وأروح أخذها .
استغربت نوف من إجابته , ونظرت إلى أمها بغرابة , ثم إليه .
لتبتلع ريقها وتسأل بارتباك / بس أنا … كأني سمعت إنها , تبي تتطلق .
اتسعت عينا عمر بصدمة / مين قال لك ؟
هزت كتفيها / أنا سمعت ذاك اليوم , لما طاح عليّ الشاي .
فغر عمر فاهه بذهول , ثم تنهد بضيق .
ولم يرد .
لتخفض نوف بصرها بحزن / أنا آسفة عمر , كل اللي قاعد يصير لك بسببي .
وقف عمر وابتسم رغما عنه / ما صار ولا راح يصير إلا اللي ربي كاتبه , تصبحون على خير .
قالها وابتعد خارجا من غرفة والدته .
لتعض نوف شفتها تمنع خروج تنهيدة الضيق من أجل أمها .
إلا أن الأخرى شعرت بها , لتمسح على ذراعها بحنان وتقول / لا تقولين إنه بسببك يا نوف , كل شيء مكتوب ومقدر , وعمر ربي يعوضه خير .
أومأت برأسها موافقة , وعلى محياها إبتسامة باهتة .
لتقف / يلا بطلع , صار وقت نومك أساسا , تصبحين على خير .
قالته وقبلت يدها وجبينها , ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها .
لتصعد بصعوبة كما نزلت .
حين استقرت داخل غرفتها , وأغلقت الباب بالمفتاح .
جلست على السرير وصدرها ضائق بشدة .
عمر أصبح شخص غير مباليا بعلاقته مع هيفاء , سابقا تمسك بها بشدة .
وهي أيضا فعلت المثل .
تمسكت به رغم عيبه , وبعد أن علمت أن فرصتهما في الإنجاب ضعيفة للغاية .
والآن ..
يتخليان عن بعضهما بهذه السهولة ؟
إذا لا بد أن الشعور بعد فقد رند أبدا غير عاديا أو معقولا .
بالتأكيد , مؤلم إلى حد لا حد له .
عضّت شفتها بقوة , وهي تتذكر منظر عمر مجددا .
يبدوا أنها عليها أن تتحمل ذنب موت رند إلى الآبد .
عليها أن تحمل ذلك الذنب على عاتقها حتى تموت .
ستتحمل ذلك , نعم .
أخطأت , عليها التحمل .
ولكن رؤية عمر بذلك المنظر , لا يرضيها أبدا .
سقطت عيناها على هاتفها , لتواتيها فكرة غريبة على حين غرة .
مدت يدها نحوه بتردد , لتأخذه وهي تبتلع ريقها .
صار قلبها يخفق بشدة , وهي تدخل إلى قائمة الأسماء وتكتب إسم هيفاء .
أغمضت عيناها من الإرتباك , ثم فتحتهما .. لتسحب إلى رئتيها هواء عميقا , وتضع الهاتف على أذنها بعد ان طلبت رقمها .
رنّ لبعض الوقت , قبل أن يصلها صوت هيفاء الهاديء / مرحبا .
ارتبكت نوف أكثر , كأنها غريبة عنها / السلام عليكم .
هيفاء / وعليكم السلام .
نوف / شخبارك هيفاء ؟
هيفاء / بخير الحمدلله , إيش اللي ذكرك فيني وخلاكِ تتصلين بهالوقت .
نوف / بس كذا .. حبيت أتطمن عليك .
هيفاء بسخرية / والله ! ويوم كنتي تحبسين نفسك في غرفتك أربع وعشرين ساعة , ولا تعرفين عني ولا عن عمتي ولا عمر .
تنهدت نوف بضيق / ما كنت أبي أضايق أمي , ولا أضايقكم .. قلتوا إنه وجهي يذكركم برند .
هيفاء / ما كنا محتاجين نشوف وجهك عشان نتذكر رند , لأنها في بالنا على طول يا نوف .
عضت شفتها بألم / ما قدرت أتحمل نظراتكم , اللي تخليني أفكر إني كنت متعمدة أسوي الحادث , وإنها ما ماتت منه وأنا قتلتها .
صرخت هيفاء بغيظ / كان لا زم تتحملين , تتحملين وتسكتين لأنك إيه , حتى لو متعمدة إنتي السبب في إني فقدت البنت الوحيدة اللي انتظرناها أنا وعمر عشر سنين .
بكت نوف / وأنا بعد انتظرتها مثلكم , أنا أتوجع أكثر منكم , لأني السبب زي ما تقولين , بس إيش بيدي أسوي يا هيفاء ؟ إيش أقدر أسوي لكم عشان تسامحوني وتريحوني شوي من هالذنب .
لم تجب هيفاء إلا بعد عدة دقائق , يبدوا أنها هي أيضا بكت / رجعي لي بنتي , هالشيء الوحيد اللي راح يخليني أسامحك .
نوف / إيش هالكلام يا هيفاء ؟
هيفاء / أقصد بكلامي إنه مثل ما رجعتها للحياة مستحيل , مسامحتي لك بعد مستحيلة .
تأوهت نوف بألم / هيفاء تكفين , بسوي أي شيء عشانك والله أي شيء , بس تكفين .. ارجعي , عمر ما هو عمر من دونك , لا تتطلقين منه .
ضحكت هيفاء بسخرية / أنانية يا نوف , تبين أسامحك عشان ترتاحين من الذنب , وتبين أرجع لأخوك بعد عشان ترتاحين ؟ وأنا ؟ ما فكرتي فيني صح ؟ لا أنا ولا أخوك .. إذا رجعت له عمري ما راح أرجع أصير أم , وما راح أحضن أي طفل غير رند ينسيني الوجع , يعني عادي أنا لوحدي أبقى الخسرانة في هالعلاقة ؟
نوف / لا والله يا هيفاء ما فكرت بهالطريقة أبد .
هيفاء بقهر / أجل اسمعيني يا نوف , إذا كنتي فعلا تبين تشوفين أخوك مبسوط , وتبيني أرجع له , سوي اللي أقول لك عليه .
نوف بلهفة / وشوو ؟
صعقت بعد ذلك تماما , وهي تستمع إلى طلب هيفاء الغريب والصادم .
لتقفل الخط بعد أن ودعتها بكلمات قصيرة مقتضبة .
وأنزلت الهاتف من أذنها بصدمة .
_____
دخل إلى صفحته على أحد مواقع التواصل .
بعد أن تركها لفترة طويلة جدا , بعد أن حصل ذلك الحادث .
ليجد كمّا هائلا من الرسائل , والتعليقات المطالبة بعودته .
والسؤال عن سبب غيابه بالطبع .
حيث غاب ما يقارب السنة !
أخذ يقرأ بعضها , ويتجاهل الكثير .
إلا أن تلك الرسائل حركت فيه شيئا .
ليتنهد بضيق , ويغمض عيناه بألم .
كيف له أن يعود بهذه السهولة ؟
كيف سيتمكن من نسيانه .
من كان السبب في شهرته أصلا ؟
صديقه العزيز , والذي مات قبل سنة .
بسبب حادثة حريق حصلت داخل الإستراحة التي كانوا يتجمعون بها .
كان صديقه المقرب , والذي لا يفارقه إلا قليلا .
حين دعاه ذات مرة , هو وباقي أصدقائه .
وسبقهم جميعا , ليعد لهم ما يحبونه من الطعام .
ومن المفترض أيضا أن يذهب عاطف برفقته ليساعده , إلا أن الآخر نام ولم يستيقظ , إلا بعد مرور نصف ساعة على ذهاب صديقه ( فايز ) .
والذي اتصل به مرارا وتكرارا , ولكن عاطف نومه ثقيل جدا .
فلم ينتبه إلى هاتفه .
حتى أيقظته إحدى شقيقاته بعد أن ظلّ الهاتف يرن دون توقف .
تأفف وهو يقوم بسرعة , ويبدل ملابسه وينزل .
ليركب سيارته ويتجه إلى الإستراحة , يحاول الإتصال بفايز .
ليعتذر على التأخير .
إلا أنه لم يرد .
كان مستغربا بذات الوقت من اتصال أصدقائه الآخرين , ولكنه لم يعاود الإتصال بهم حتى يصل بسرعة .
رمى عاطف الهاتف على المقعد الآخر متذمرا .
خشية أن يكون فايز قد غضب منه !
ولكنه ما إن اقترب من الإستراحة , استغرب من التجمهر بالقرب من منطقة الإستراحات .
اتسعت عيناه بخوف ودهشة , وهو يرى بعض الدخان يتصاعد من جهة إستراحتهم .
أسرع بسيارته حتى تمكن من إيقافها على بعد عدة أمتار من المبنى .
ترجل بسرعة , ليركض ناحيتها .
وجد جميع أصدقائه هناك .
مذعورين وخائفين , على أوجههم الهم والضيق الشديد .
أحدهم كان يبكي بالفعل .
ورجال الإطفاء يدخلون ويحاولون إطفاء النيران .
ابتلع ريقه وهو يقترب من أصدقائه , ويبحث بعينيه عنه .
عن فايز .
شعر بقلبه يهوي ويسقط على الأرض , حين لم يجده !
وقف أمام واحد منهم , وسأل بهلع / وين فايز ؟
ظلوا صامتين وهم ينظرون إليه بحزن , ليصرخ بهم مرة أخرى / قلت لكم وين فايز .
هز أحدهم رأسه بأسى / سمعنا صوته داخل .
اتسعت عيناه أقصى اتساع .
وصار قلبه يخفق بشدة .
ليرفع كفه ويمسك برأسه من هول الصدمة .
قبل أن يلتفت عنهم , ويركض ناحية المدخل .
أوقفوه بقوة , وهو يصرخ بهم ويشتمهم بغضب .
منهارا بشدة , لا يعرف الفرق بين الخطأ والصواب .
إلا حين ضربه أحد أصدقائه على كفه بقوة , وهدر فيه / يعني الحين لو دخلت بتقدر تنقذه ؟ جوة في ناس يحاولون يا عاطف , لا تتهور وتصير إنت الثاني بمصيبة .
أعادته تلك الضربة إلى وعيه فعلا .
لينهار على الأرض جالسا .
عيناه على مدخل الإستراحة .
ينتظر خروج صديقه وأخ قلبه .
متأكد أنه بخير , وأنه لم يصبه أي أذى .
نعم بالتأكيد سيكون بخير .
انتظروا لبعض الوقت , قبل أن يروا صديقهم محمل على النقالة .
وقف عاطف بلهفة , وهرع ناحيتهم .
ليقف بذهول , هو والآخرين .
تسمرت أعينهم على هذا المنظر الذي لم يتخيلوه ولم يتمنوه أبدا .
لم يكن ذلك صديقهم فايز , بل ( جثة ) محترقة .
عاطف الذي كاد أن يفقد وعيه من الصدمة , أمسكوا به بسرعة .
ثم ساعدوه ليركب معهم , ويلحقوا بسيارة الإسعاف .
فهو بالتأكيد لن يتمكن من القيادة بحاله هذا .
وصلوا إلى المستشفى , الجميع يدعوا له ويتمنى أن يكون بخير .
ولكن للأسف , ما إن وصلوا حتى أفجعهم خبر وفاته , في طريقهم إلى المستشفى !
وكان سبب الوفاة الأساسي , استنشاقه الغاز , وتضرر جهازه التنفسي بشدة .
والحروق بجميع أجزاء جسده , لم تكن سوى ( أسباب ثانوية ) !
ما حصل بداخل الإستراحة , أنه ما إن بدأ فايز بالطبخ , اكتشف أن اسطوانة الغاز كانت خالية .
لذا اتصل بأحد العمال ليأتي بأخرى .
لم يكن المحل بعيدا , لذا وصل الآخر سريعا .
وركبها ثم ذهب .
دون أن يكتشف أن هناك تسرب , بسبب ربط الخرطوم بقوة .
مما أدى إلى تلفه , فبالتالي تسرب الغاز .
واستمر فايز بالعمل , لتنفجر الإسطوانة .. وهو قريب من الموقد !
اشتعلت النار به , فلم يتمكن من التصرف .
منذ ذلك اليوم , أصبح عاطف شخصا آخر .
غير الذي عرفه أصدقائه وعائلته .
منطويا داخل حجرته , صامتا على الدوام .
أخذ إجازة طويلة , حتى تمكن من الوقوف على رجليه مجددا .
ونسيان القليل من ألمه على صديقه .
يلوم نفسه على تأخيره في الذهاب إليه .
يعني لو أنه ذهب في الوقت المحدد , لم يكن فايز ليتألم بمفرده .
ولم يمت لوحده أيضا .
اللهم لا إعتراض على حكمك .
تنهد بضيق وهو يمسح وجهه بقوة .
قبل أن تقوده أشواقه إلى حساب ( فايز ) .
ابتلع ريقه وهو يضغط على ملفه الشخصي .
كانت هناك صور مليئة لفايز برفقة أصدقائه , أكثرها برفقته هو بالطبع .
ومقاطع فيديو قصيرة , لإنشاد عاطف !
كون فايز الممنتج والمصور له .
أي وجع ذلك الذي شعر به وهو يتذكر كل تلك المواقف التي جمعتهما !
لم يشعر إلا بضحى تجلس بجانبه بقوة .
ليلتفت إليها عاقدا حاجبيه بتساؤل .
ضحى / ممكن أسألك سؤال ؟
لفتت نظرها الصفحة على هاتفه , وصمتت بحزن .
تنحنح عاطف وهو يغلق الشاشة ويضع الهاتف على الطاولة أمامه / إسألي .
زمت ضحى شفتيها , الوقت غير مناسب / خلاص ولا شيء , بسألك بعدين .
عاطف بابتسامة / لا عادي اسألي .
سرعان ما عاد إليها حماسها وهي تلتفت إليه بكامل جسدها / الحين انت ليش تحب نوف ؟
اتسعت عيناه بغرابة / نعم ؟
ضحى بمكر / أهاا بتحاول تلف وتدور وتقول لا ما أحبها ومن هالكلام , تقدر تخدع الكل إلا أنا , تعرف ولا لا .
ضحك عاطف / إلا أعرف .
تكتفت ضحى تحرك حاجبها / هيا جاوب , ليش تحبها ؟
ابتسم عاطف / يعني لازم يكون في سبب يا ضحى ؟ الحب يجي من الله .
ضحى / أهاا ؟ يعني صراحة مستغربة منك , نوف صح جميلة وكذا ومعروف عنها هادية وطيبة , بس والله يا ما تحت السواهي والدواهي يا عاطف .
عقد حاجبيه باستغراب / وش قصدك ؟
تنهدت ضحى / شوف يا حبيبي ياخوي والله إني ما أبي أخرب عليك , بس .. يعني , والله ما تناسبك .
وضع عاطف قبضته تحت ذقنه يمثل التركيز / أهاا وليش ؟
ضحى / شوف أنا بكون صريحة , انت إنسان طيب جدا ودايم عسل وذوق مع الناس , لكن نوف عكسك تماما , جريئة وما تعرف تجامل وتعطي في الوجه من دون ما تفكر .
عاطف / إيه عادي , ليش تشوفين هالشيء مشكلة ؟ بالعكس أحب الإنسان الواضح والصريح أنا .
ضحى بغيظ / حتى لو كانت هالصراحة تجرح الناس ؟
هز عاطف رأسه نفيا / ما أتوقع نوف صريحة لهالدرجة ؟
تكتفت ضحى / والله ؟ وإنت من متى تعرفها يا عاطف ؟ أقصد متى آخر مرة شفتها ولا تعاملت معاها ؟ أكيد قبل لا تتغطى عنك , تدري حتى وهي تعبانة وبتموت أطلقت السم الزعاف على يُمنى أمس , وذكرتها بموت عمتي , وانت تعرف قد إيش الموضوع حساس بالنسبة ليُمنى .
اتسعت عينا عاطف بصدمة / لا مو من جدك , كيف يعني ؟ وش قالت لها ؟
تنهدت ضحى بضيق , لا تحب أن تنقل كلام أحدهم إلى آخر .
ولم تكن لتتحدث عن نوف بالسوء أبدا .
ولكن لمعرفتها أن عاطف يحبها بصدق , وأنه سيصرّ على الإرتباط بها دون معرفة شخصيتها الحقيقية أجبرتها على ذلك .
لا تريد من أخيها ( الغيمة ) أن ينجرح من فتاة مثل نوف .
عضت شفتها لتخبره بالحرف , عما قالته نوف .
فغر الآخر فمه بذهول وغير تصديق .
لم تكن نوف هكذا .
نعم عهدها صريحة وواضحة منذ الصغر .
إلا أنها لم تجرح يوما أحدا قط .
هل تغيرت إلى هذه الدرجة بعد أن كبرت ؟
كيف استكطاعت أن تؤذي تلك النسمة الرقيقة ( يُمنى ) !
وقفت ضحى بعد أن رأت تلك الملامح على وجهه / عاطف يا حبيبي والله إني أحبك أكثر مما تتخيل , وأتمنى لك الخير , صح يمكن تشوفني أصغر من إني أقدم مثل هالنصيحة , بس صدق .. ما ودي قلبك ينكسر ومن البنت الوحيدة اللي حبيتها بحياتك , عشان كذا رجاء حاول تفكر أكثر قبل لا تقرر تخطبها مثلا .
غادرت بعد أن أنهت عبارتها , وتركت خلفها عاطف حائرا .
نعم ..
ضحى أصغر من أن تقدم مثل هذه النصيحة .
إلا أنها محقة بالفعل
ولو لم يكن عليه أن يحكم على نوف من مجرد كلام .
أو بسبب خطأ واحد .
إلا أن شعوره لا يوصف , وهو يتخيلها تنطق بمثل تلك العبارات الجارحة , والقاتلة لإبنة عمه يُمنى .
ضامية الشوق
12-24-2019, 08:11 PM
عضّت شفتها بقوة وقهر , وهي تنظر إلى شريط إختبار الحمل .
وتأوهت بيأس وحزن وهي تجد خطا واحدا فقط .
قبل أن ترميه بقسوة داخل حاوية النفايات .
أمسكت حافتي المغسلة الصغيرة بداخل الحمام , وقبضت عليهما بقوة .
مغمضة عينيها , رأسها إلى الأسفل .
حتى شعرت بملوحة دموعها بداخل فمها .
غطت فمها بكفها بقوة , حتى تكتم شهقاتها , ولا يسمعها زوجها إن أتى من الخارج فجأة .
رفعت شعرها بيديها بعدة عدة دقائق , وغسلت وجهها بقوة .
حتى لا تتضح آثار البكاء .
لتخرج من دورة المياه , وتتجه إلى سريرها .
تستلقِ وتتدثر بغطاءها بحزن .
في صدرها ضيق لا يعلمه إلا الله .
هي ليست معترضة أبدا على قضاءه , بل راضية تماما .
ولكن أحيانا , تمر بها حالات يأس وضيق .
لا تتمكن حينها من السيطرة على نفسها .
فمدة زواجها بسعود قد طالت فعلا , ويبدوا أنه لا توجد أي فرصة للإنجاب بالفعل !
ولكن لا , لن تيأس أبدا .
تعرضت للكثير من الإنتقادات , وكثير من الطعن بشرفها حين تزوجت ابن خالتها سعود , الذي يكبرها بكثير .
حين تزوجته كانت في السابعة والعشرون تقريبا , وهو في الخامسة والأربعون .
أرمل , لديه من الأبناء ثلاثة .. من زوجته الأولى .
حسناء البالغة 22 سنة , مساعد 20 سنة , أما هديل فكانت تبلغ 9 سنوات .
تشبث يُمنى الشديد بها بعد حادثة التحرش , جعلها تقضي أكثر أوقاتها في منزل خالتها .
مما جعل الناس تتحدث عنها بالسوء .
تحسنت يُمنى قليلا , وصارت حالتها النفسية أفضل .
إلا أن صدمتها من عايض , جعلها تتنكس مرة أخرى .
حزنت على الصغيرة كثيرا .
تجاهلت أحاديث الناس , وصارت تتردد إلى بيت خالتها على الدوام .
فعادت الناس تتحدث مرة أخرى , لأن سعود الأرمل وأبناءه يسكنون في منزل والده .
يعني ..
ما الذي يجعل فتاة عزباء , متأخرة في الزواج , ( عانس ) في نظر الجاهلين , تتردد إلى منزل به رجل أرمل !
بالطبع , ليست لديهم أي معرفة بالظروف داخل المنزل .
لذا لم يتوقفوا يوما عن الخوض في عرضها , حتى وصلت تلك الأحاديث والأقاويل إلى أسماع أهلها .
فغضبوا بشدة , وحاولوا منعها من الذهاب .
يُمنى كانت أنانية , أو ربما لا تفهم تلك الأشياء .
يهمها فقط أن يكون لديها أحدا بجانبها يساندها ويساعدها , ويبعد أعين والدتها القوية عنها .
لذا كانت تغضب كثيرا إن غابت بشرى يوما أو تأخرت عليها .
فلم يكن من سعود إلا أن يرشح لنفسه هذه الفتاة , الطيبة والجميلة والمثقفة بذات الآن .
لم يكن متأكدا من رأيها تجاهه , إلا أنه حاول .
لتوافق بشرى منذ المرة الأولى .
ويتم الزواج .
لم تندم أبدا .
رغم معارضة الكثيرون , ورغم الأقاويل والإشاعات التي تعمقت أكثر وأكثر , حتى وصلت إلى الطعن في شرفها , قائلين أنها ربما كانت على علاقة مع حمود !
وإلا لماذا قد تتزوج شابة عزباء برجل أرمل لديه ابنة لا تصغرها إلا بعدة سنوات !
يا للعجب , كانت عزباء عانس , والآن أصبحت شابة عزباء فقط ؟
صبرت على ذلك الأذى , حتى نسيَ الناس ما حصل .
كانت العائلة بأكملها سعيدة بهذا الزواج .
إلا حسناء التي لم ترغب أبدا أن يتزوج والدها بأخرى غير أمها .
كيف إن كانت شابة وجميلة وملفتة للنظر مثل بشرى !
أرغمت نفسها على تقبلها , وسرعان ما انتقلت من الديرة إلى المدينة , واستقرت في سكن الطالبات .
حتى لا يحزن والدها على معارضتها للأمر .
ولا تجبر نفسها على تقبل بشرى .
مرت الأيام والسنين , أصبحت فيها أم وأكثر .. ليُمنى وهديل الصغيرة .
وأخت كبرى لمساعد ..
زوجة صالحة لسعود .
وكنة مطيعة لخالتها وزوجها , حتى توفيا .
بيدَ أنها لم تتمكن يوما من كسب ودّ حسناء .
وهذا ما يجعلها تحزن كثيرا , ويشعرها بشيء من الذنب .
سعود حملها على كفوف الراحة , جعل منها إنسانة سعيدة .
رغم فارق العمر بينهما .
إلا أنها لم تشعر بذلك أبدا .
ولكن مع مرور السنوات بعدم حملها طوال تلك الفترة , أصبحت تتضايق شيئا فشيئا .
خاصة حين تسمع نغزات من حولها بين الحين والآخر .
حتى سعود يحاول معها , ولكن دون جدوى .
تحزن كثيرا نعم , ولكن الأمر كله بيد الله .
إن كتب لها الحمل ستحمل بالتأكيد , والقلب يحزن .. الأمر ليس بيد البشر !
تنتظر قدوم مولود هديل بفارغ الصبر , لن يكون ابن هديل فقط .
سيكون إبنها هي أيضا .
متشوقة جدا لرؤيته .
تنهدت وهي تجلس , بعد أن اكتفت من الإستلقاء .
لتجمع شعرها فوق رأسها .
ثم تخرج .
صادف خروجها دخول مساعد , وهو يحمل بيده أكياسا بها عصيرات وبعض الشوكولاتات , ضحكت بشرى / باين مبسوط بزيادة يا مساعد , أمس واليوم جايب لنا شوكولاتات .
ضحك مساعد وهو يضع الأكياس على الطاولة / إيه والله يا بشرى , أحس إني حبيتها من أول نظرة .
بشرى / الله يسعدك ويوفقك يارب .
مساعد / بالله كلمي نجد مرة ثانية , شوفي البنت صدق موافقة ولا لا .
استغربت بشرى / هذي المرة الرابعة اللي تخليني أتصل فيها عشان أسأل , فيك شيء ؟
تنهد مساعد / ما فيني شيء , بس مدري ليش خايف تكون مغصوبة مثلا ؟
بشرى بضحكة / مين هالمجنونة اللي تلقى مساعد وما توافق ؟ مغصوبة ؟
هههههههههه .
ابتسم / يمكن الناس ما تشوفني مثل ما تشوفوني إنتوا .
بشرى / صدقني البنت محظوظة كثير , لو دارت الدنيا ما لقت واحد زيك , وين أبوك ؟
مساعد / برة الحين يدخل , يتكلم مع واحد من الجيران , بس تكفين بشرى خليها تسأل , أبي أتطمن .
أومأت له بشرة بإيجاب / أبشر بسألها إن شاء الله بعد ما أحط لكم العشا .
دخلت إلى المطبخ وهي تدعوا الله من قلبها أن يوفق ويسعد ابن زوجها المحبوب .
الذي يبر بها كما لو أنه ليس قريبا من عمرها أبدا .
يحترمها ويقدرها كثيرا .
بالرغم من عيشه خارج منزل والده حتى لا يضايق بشرى , إلا أنه يمر عليها دائما ويسألها إن كانت بحاجة إلى شيء , هي أو والده .
حقا , الفتاة ( طيف ) ستكون محظوظة جدا إن تمّ هذا الزواج .
مساعد شخص نادر بالفعل .
______
استيقظت من نومها على صوت المطرقة على الخشب مثل الأمس .
الساعة تشير إلى الحادية عشر إلا ربع مساء , وهي تحب أن تنام مبكرا .
خاصة وأن الغد أحد .
تجاهلت الأمر لعدة دقائق , إلا أنها لم تتمكن من التحمل أكثر من 5 دقائق .
لتقوم من سريرها بغضب , تضرب الأرض برجلها بغيظ , وهي تتجه ناحية الباب .
لتفتحه بشعرها الأشعث , وتصرخ بغيظ / حسون وبعدين معك , أنا توني ………
تطايرت باقي الكلمات من لسانها , وهي تراه واقفا أمامها .
بعد أن كان منحنيا يعمل على الطاولة الخاصة بحسناء .
وقف بعينين متسعتين مذهولتين .
شعرها الطويل من الجانبين , يغطي معظم جسدها .
ووجهها المحمر من الغضب , وعيناها المصدومتين منه .
استطاع أن يلمح كل تلك الأشياء خلال الدقيقة التي وقفت فيها تنظر إليه متفاجئة .
قبل أن تختفي وراء الباب وتغلقه بقوة .
أغمضت عيناها تستند بظهرها على الباب , تضع يدها فوق قلبها الذي يخفق بقوة .
ثم تعض شفتها بحرج .
فتحت الأنوار لتركض ناحية المرآة , تنظر إلى نفسها .
تعلم أنها إن نامت تتحرك كثيرا , ويصبح مظهرها في فوضى تامة .
تأوهت بإحراج , وهي ترفع كفيها وتلطم خديها بقوة , تقفز في مكانها ووجهها يحمر أكثر في أكثر / يارب ليش شافني ليش ؟ لا وكمان وأنا توني قايمة من النوم , مالت عليك يا حسناء مالت عليك وعليه .
أطفأت الأنوار لتتجه إلى السرير وتسقط جسدها عليه , ثم تغطي وجهها بالمخدة وتصرخ من الإحراج .
في الخارج ..
كان عايض لا زال واقفا في مكانه مذهولا , عيناه على الباب حيث اختفت يُمنى قبل قليل .
هذه الفتاة , يبدوا أنها لا تكبر إطلاقا .
بقيت كما تركها قبل خمس سنوات !
لم يتغير بها أي شيء ’ سوى شعرها الذي طال أكثر بالطبع .
وبدت أكثر جمالا وفتنة .
ابتسم وهو يتذكر ملامحها مجددا , قبل أن تفاجئه نجد من الخلف / عايض .
التفت إليها / هااه .
نجد / وش هااه ؟ إيش فيك تناظر هناك ؟ لحظة .. أنا كأني سمعت صوت صراخ من شوي , لا تقول يُمنى خرجت وشفتها .
ابتسم عايض وهو يضع يده على قلبه / إيه شفتها .
اتسعت عيناها بصدمة , قبل أن تضربه على كتفه / لا ومبسوط كمان يا قليل الحيا ؟
عايض بضحكة / اللي يسمعك يقول أنا دخلت عندها مو هي اللي طلعت لي .
نجد / يا فشلتي , اسكت يا عايض اسكت .
ابتسم عايض أكثر , وهو يرفع صوته مغنيا بأبيات فصيحة :
وَبَديعِ الحُسنِ قَد فاقَ الرَشا حُسناً وَلينا
تَحسَبُ الوَردَ بِخَدَّيهِ يُناغي الياسَمينا
كُلَّما اِزدَدتُ إِلَيهِ نَظَراً زِدتُ جُنونا
عضّت نجد شفتها تمنع نفسها من الضحك وهي تهز رأسها بأسى , ثم مدت له كأس العصير الذي أتت به / خذ أشغلتني حتى نسيت أعطيك إياه , والله يعين قلبك .
ضحك وهو يشرب من العصير , ثم يكمل عمله ومزاجه عالِ جدا .
يغني بين اللحظة والأخرى .
ويُمنى تستمتع إليه من الداخل , تضحك حينا .. وتعبس حينا آخر .
وقلبها يؤلمها .
لم لا يقولها ؟ لم لا يطلب منها العودة ؟
حقا هذا ما يشغل بالها , وتريد أن تعرف الإجابة حتى ترتاح .
نعم قالت له تلك المرة حين أتاها وهي في سيارة حسناء أن ينساها لأنه يستحق من هي أفضل منها .
كانت تقصد ذلك بالفعل , إلا أنها تتمنى وبشدة .. أن تعود إليه .
ياااه .. ما هذا التناقض يُمنى .
في غرفة حسناء ..
حين كانت تتحدث حسناء إلى نجد في وقت مبكر من مساء اليوم , وأخبرتها بأمر الطاولة .
اقترحت نجد أن تأتي إليها برفقة عايض لكي يساعدها .
بما أن لديهما الكثير من الأحاديث .
جلست نجد أمام حسناء بعد أن عادت من عند عايض وهي تضحك , لتسأل / ما سألتيها يا حسنا ؟
تنهدت حسناء وهي تعتدل بجلستها / مو أنا من حاولت أفتح الموضوع تركتني ودخلت الغرفة , خرجت سوت لها أكل ودخلت مرة ثانية .
نجد / إيش قلتي لها بالضبط ؟
حسناء / قلت لها ما عندك نية ترجعين لعايض أبد لو طلب يدك .
اتسعت عينا نجد / يا حمارة وش هالسؤال الغبي ؟ يعني بتقول إلا خليه يجي ؟ أنا قلت لك تسأليها إذا في شيء ثاني صار ذاك الوقت ولا إيش اللي مخليها تتغير لهالدرجة ؟
هزت كتفيها / كنت أعتقد إني أقدر أستدرجها بالكلام لين نوصل للنقطة اللي ذكرتيها .
تأففت نجد / آآآخ منك يا غبية , المفروض يكون هو آخر سؤال .
حسناء / والله ما الغبي غيرك , يعني لو في شيء مخبيته من خمس سنين بتجي تقوله لي باردة مبردة وبسهولة ماشاء الله .
نجد بيأس / شكله أصلا ما في أمل , حاولت أفهم هالشيء لعايض وعصب عليّ , الولد مصر يرجعها والله .
حسناء بلا مبالاة / الكلام لوحده مو كافي , وأنا بالنسبة لي بعد ما شفت ردود أفعال يُمنى على الموضوع , أحس تبي ترجع له .
تفاجئت نجد / صدق ! والله يا ليت , محزنني هالعايض حيل وكاسر خاطري , يارب أسألك في هالوقت الفضيل إنك ترجعهم لبعض وتوفقهم وتسعدهم يارب .
حسناء / آمين .
أخذت نجد هاتفها حين وصلتها رسالة بشرى , لتتذمر / أخوك إنسان غريب صراحة , الحين هذي المرة الرابعة اللي يخليني فيها أسأل طيف إذا صدق موافقة ولا لا .
ضحكت حسناء / لا تلوميه , الولد سامع قصص غريبة من أصحابه عن الزواج , وشاف نماذج حقيقية قدام عيونه , صار يخاف على نفسه من الصدمة .
زمت نجد شفتيها , وهي تكتب لطيف / طيف يا بنت إنتي موفقة على مساعد ؟ يعني مرتاحة تماما ولا ؟
أرسلتها لتقول /بتحظرني البنت بعد شوي بتشوفين .
____
انتهى الفصل
جنــــون
12-24-2019, 08:44 PM
يعطيك الف عافيه
سلمت يداك ع النقل
١٠٠
إرتواء نبض
12-25-2019, 01:28 AM
سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنه
مودتي
نجم الجدي
12-25-2019, 01:29 AM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع
حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك
اخوك
نجم الجدي
البرنسيسه فاتنة
12-25-2019, 02:26 AM
راقني انتقائك الماسي
تسلم يمينك
ودام عطائك العذب
پآقة ورد
http://www.hamsatq.com/vb/images/fac/14.gifhttp://www.hamsatq.com/vb/images/fac/14.gif
مجنون قصايد
12-25-2019, 02:32 AM
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد
لا أشبه احد ّ!
12-25-2019, 04:03 AM
*،
آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك
ضامية الشوق
12-27-2019, 07:18 PM
يسلمو على المرور
ملكة الجوري
12-28-2019, 01:55 AM
سلم ذوقك واختيارك
ربي يعطيك العافيه
وما ننحرم من جمال طرحك
لروحك الجوري
ضامية الشوق
12-29-2019, 07:30 PM
سلم ذوقك واختيارك
ربي يعطيك العافيه
وما ننحرم من جمال طرحك
لروحك الجوري
كل الشكر لكـِ ولهذا المرور الجميل الله يعطيكـِ العافيه يارب خالص مودتى لكـِ وتقبلي ودي واحترامي
الغنــــــد
01-04-2020, 04:23 AM
سلمت الأناااامل
طرح جميل وممتع
وننتظر القاادم المميز
يعطيك العااافيه
ضامية الشوق
01-04-2020, 06:11 PM
سلمت الأناااامل
طرح جميل وممتع
وننتظر القاادم المميز
يعطيك العااافيه
كل الشكر لكـِ ولهذا المرور الجميل الله يعطيكـِ العافيه يارب خالص مودتى لكـِ وتقبلي ودي واحترامي