مشاهدة النسخة كاملة : تفسير الربع الأول من سورة القصص


ضامية الشوق
06-20-2019, 06:12 PM
• الآية 1: ﴿ طسم ﴾ سبق الكلام على الحروف المُقطَّعة في أول سورة البقرة، واعلم أنّ هذه الحروف تُقرأ هكذا: (طا سين ميم).

• الآية 2: ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾ أي: هذه هي آياتُ الكتاب المُوَضِّح لكل ما يحتاجه العباد في دُنياهم وأُخراهم.

• الآية 3: ﴿ نَتْلُوا عَلَيْكَ ﴾ أيها الرسول - في هذه السورة - ﴿ مِنْ نَبَإِ ﴾ أي مِن خَبَر ﴿ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ ﴾ أي بالصدق ﴿ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ أي يُصَدِّقون بهذا القرآن ويعملون بهُداه.

• الآية 4: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا ﴾ أي تَكَبَّر وطغى ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ أي في أرض مصر ﴿ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ﴾ أي طوائف متفرقة، يُعادي بعضها بعضاً، وكانَ فرعون ﴿ يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ﴾ - وهُم بنو إسرائيل - إذ كان ﴿ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ ﴾ الذكور (حتى لا يأتي منهم مَن يَستولي على مُلْكه)، ﴿ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ﴾ أي يَترك بناتهم أحياءً ذليلات للخِدمة والإهانة ﴿ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ الذين ارتكبوا الجرائم العظيمة، حتى ادَّعى الألوهية من دون الله تعالى.

• الآية 5، والآية 6: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ ﴾ أي نُنعِم ﴿ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ﴾ فنُنَجِّيهم من ذلك العذاب والأسْر ﴿ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾ أي قادةً في الخير ودُعاةً إليه ﴿ وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ أي يرثون الأرض بعد هلاك فرعون وقومه، ﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ ﴾ أي نُهَيّئ لهم - من الأسباب الدنيوية - ما يُصبحون به متمكنينَ ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ ﴿ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾: أي نجعل فرعون وهامان وجنودهما يرون من هذه الطائفة المُستضعَفة ما كانوا يخافونه مِن ذهاب مُلكهم على يد مولودٍ منهم (وهو موسى عليه السلام).

• الآية 7، والآية 8: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ﴾ أي ألْهمناها حين ولدتْ موسى ﴿ أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ وأنتِ مطمئنة، ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ ﴾ أن يذبحه فرعون - كما يُذَبِّح أبناء بني إسرائيل -: ﴿ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾ أي ضعيه في صندوقٍ وألقيه في النيل ﴿ وَلَا تَخَافِي ﴾ من فرعون وقومه أن يقتلوه، ﴿ وَلَا تَحْزَنِي ﴾ على فِراقه، فـ ﴿ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾، فوضعته في صندوق وألقته في النيل ﴿ فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ ﴾ أي عثر عليه أعوان فرعون وأخذوه ﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ ﴾ أي: ليصير موسى لهم ﴿ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾ لأنّ إهلاكهم سيكون على يده، (واعلم أنّ اللام التي في قوله تعالى: (لِيَكُونَ لَهُمْ) تُسَمَّى لام العاقبة)، ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾ أي كانوا ظالمينَ آثمين.

• الآية 9: ﴿ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ﴾ لفرعون: هذا الطفل ﴿ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ﴾ أي سيكون مصدر سرور لي ولك، ﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا ﴾ أي لعلنا نستفيدُ مِن خِدمته، ﴿ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾: يعني أو نُقيمه عندنا مقام الولد (وقد قالت ذلك لأنه لم يكن لها ولد)، ﴿ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾: أي لا يُدرك فرعون وأعوانه أنّ هلاكهم سيكون على يد هذا الطفل.

• الآية 10: ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ﴾ يعني أصبح قلبها خاليًا من كل شيء في الدنيا إلا مِن هَمِّ موسى وذِكره، ﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ ﴾ أي لقد قاربت أن تُظهِر للناس أنها ألقته في النيل (وذلك من شدة الحزن عليه) ﴿ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ﴾ يعني لولا أننا ثبتناها فصبرتْ ﴿ لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ أي لتكون من الموقنين بوعد الله لها.

• الآية 11: ﴿ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ ﴾ - حين ألقته في النيل -: ﴿ قُصِّيهِ ﴾ أي تَتَبَّعي أثر الصندوق الذي فيه موسى، فسارت أخته على شاطئ النهر وهي تنظر إلى الصندوق، حتى انتهى إلى قصر فرعون ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ ﴾ أي أبصرتْ موسى عن بُعْد وهو في يد الجنود ﴿ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ أي لا يعرفون أنّ هذه البنت التي تنظر إليه من بعيد هي أخته.

• الآية 12: ﴿ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ ﴾ أي منعناه من قبول جميع المُرضِعات اللاتي أحضرهُنّ له فرعون، وذلك ﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾ أي مِن قبل أن نردَّه إلى أمه ﴿ فَقَالَتْ ﴾ لهم أخته - وكانت تأتي وتقف قريباً من القصر لتتابع أخباره -: ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ ﴾ أي يُحسنون تربيته وإرضاعه؟ ﴿ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ أي مُشفقون عليه، لا يَمنعون عنه ما ينفعه، فوافقوها على ذلك.

• الآية 13: ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ ﴾ ووَفينا إليها بالوعد ﴿ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا ﴾ أي حتى تفرح بنجاته من الغرق والقتل ﴿ وَلَا تَحْزَنَ ﴾ على فراقه ﴿ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ ﴾ أي أكثر الناس ﴿ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ أن الله لا يخلف الميعاد.

• الآية 14: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾ يعني: ولمَّا وَصَلَ موسى إلى مُنتهى قوته في شبابه ﴿ وَاسْتَوَى ﴾ أي كَمُلَ عقله: ﴿ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا ﴾ أي عَلَّمناهُ كيف يَحكم بين الناس، وأعطيناه الحِكمة في القول والعمل، ﴿ وَعِلْمًا ﴾ وهو الفِقه في دين إبراهيم عليه السلام (وهو الإسلام)، ﴿ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ يعني: وكما أعطينا موسى هذا العطاء (جزاءً له على إحسانه)، فكذلك نُعطي المحسنين عِلماً نافعاً جزاءً لهم على إحسانهم، كما قال تعالى: ﴿ إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾ أي عِلماً ونوراً تُفرِّقون بهِ بين الحق والباطل والحلال والحرام.

• الآية 15: ﴿ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ ﴾ أي دخل موسى مدينة فرعون، (والظاهر أنه كان غائباً عن المدينة لأمرٍ اقتضى ذلك)، فدخلها ﴿ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ أي دخلها في وقت الظهيرة (الذي كان ينام فيه الناس)، ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ ﴾: ﴿ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ﴾: يعني أحدهما من قوم موسى (من بني إسرائيل)، والآخر (مصري) من قوم فرعون، (وقد كانَ فرعون وقومه أعداءً لبني إسرائيل، لأنهم كانوا يُذيقونهم أشد العذاب) ﴿ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ﴾ أي طلب الرجل الإسرائيلي أن ينصره موسى على القبطي ﴿ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ﴾ أي: فضرب موسى القبطي بقبضة يده فمات، فحينئذٍ ﴿ قَالَ ﴾ موسى: ﴿ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾ لأنه هو الذي هيَّج غضبي، حتى ضربتُ الرجل فمات، ﴿ إِنَّهُ ﴾ أي الشيطان ﴿ عَدُوٌّ ﴾ لابن آدم، ﴿ مُضِلٌّ ﴾ عن سبيل الرشاد، ﴿ مُبِينٌ ﴾ أي عداوته واضحة للإنسان، (وقد حدث ذلك القتل الخطأ قبل أن يكون موسى عليه السلام نبياً).

• الآية 16: ﴿ قَالَ ﴾ موسى - داعياً ربه -: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ بقتل النفس التي حَرّمتَ قتْلها ﴿ فَاغْفِرْ لِي ﴾ ذلك الذنب، ﴿ فَغَفَرَ ﴾ اللهُ ﴿ لَهُ ﴾ ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ ﴾ لذنوب عباده التائبين، ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ بهم، فلا يُعذبهم بذنبٍ تابوا منه.

• الآية 17: ﴿ قَالَ ﴾ موسى: ﴿ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ﴾ أي: بسبب إنعامك عليَّ بالتوبة والهداية والعلم: ﴿ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ ﴾ أي لن أكون مُعينًا لأحد على معصيته وإجرامه بعد ذلك، (ومِن ذلك أيضاً أنه سيَعتزل فرعون وملئه، لأنهم ظالمونَ مجرمون).

• الآية 18: ﴿ فَأَصْبَحَ ﴾ موسى ﴿ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ أي يُراقب الأخبار التي يتحدث بها الناس في أمْره وأمْر قتيله، ﴿ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ﴾ أي: فرأى صاحبه بالأمس يُقاتل قبطيًا آخر، ويَستغيثه بأعلى صوته، فـ ﴿ قَالَ لَهُ مُوسَى ﴾: ﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ﴾: يعني إنك ضالٌ واضح الضَلالة (لأنك قاتلتَ بالأمس، واليوم تقاتل أيضاً).

• الآية 19: ﴿ فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ ﴾ أي موسى ﴿ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا ﴾ - وهو القبطي - بسبب كثرة استغاثة الإسرائيلي بموسى: ﴿ قَالَ ﴾ له القبطي: ﴿ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ﴾؟ ﴿ إِنْ تُرِيدُ ﴾ أي: ما تريد ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا ﴾ أي طاغية، تضرب وتقتل كما تشاءُ ﴿ فِي الْأَرْضِ ﴾ ﴿ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ﴾ الذين يُصلحون بين المتخاصمين.

♦ وقد قال بعض المُفَسِّرين: (إنّ الذي قال هذه الجملة: (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ) هو الإسرائيلي وليس القبطي، لأنه خاف مِن هجمة موسى - ظانّاً أنه يريده هو - وذلك بعد أن قال له: ﴿ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ﴾، فلمّا سمع القبطي مَقالة الإسرائيلي نَقَلها إلى القصر، لأنه كان من عُمّال القصر)، واللهُ أعلم.

• الآية 20، والآية 21: ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ ﴾ أي مِن آخر المدينة ﴿ يَسْعَى ﴾ أي يَمشي مُسرِعاً، فـ ﴿ قَالَ ﴾: ﴿ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ ﴾ وهُم أشراف قوم فرعون ﴿ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ﴾ أي يَتشاورون في أمْرك، ويُطالب بعضهم بقتلك ﴿ فَاخْرُجْ ﴾ من هذه المدينة ﴿ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ ﴿ فَخَرَجَ ﴾ موسى ﴿ مِنْهَا ﴾ أي من مدينة فرعون ﴿ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ أي ينتظر أن يُدركه جنود فرعون ليأخذوه، فـ ﴿ قَالَ ﴾ - داعياً ربه -: ﴿ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ (وقد وَصَفهم موسى بالظلم لأنهم مُشركون، ولأنهم أرادوا قتله قِصاصاً عن قتلٍ خطأ، وهذا ظلم).

• الآية 22: ﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَن ﴾ يعني: ولمّا قَصَدَ موسى بلاد "مَدْيَن" وخرج مِن مُلك فرعون وسلطانه: ﴿ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ يعني: أرجو ربي أن يرشدني إلى خير طريق إلى بلاد "مَدْيَن" حتى لا أَضِلّ فأهلَك، (فاستجاب اللهُ له، وهَداه الطريق السَوِيّ، الذي أوصله إلى بلاد مَدْيَن سالماً).

• الآية 23، والآية 24: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ ﴾ أي عندما وَصَلَ ﴿ مَاءَ مَدْيَن ﴾ - وهي بئرٍ يَسقي منها أهل مَدْيَن -﴿ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً ﴾ أي جماعة ﴿ مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ بهائمهم، ﴿ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ ﴾ أي وجد امرأتين - منفردتين عن الناس - ﴿ تَذُودَانِ ﴾ أي تمنعان غنمهما عن الماء لعَجزهما عن مزاحمة الرجال، فلمّا رآهما موسى عليه السلام رَقَّ لهما، و﴿ قَالَ ﴾: ﴿ مَا خَطْبُكُمَا ﴾ يعني: ما شأنكما؟ ﴿ قَالَتَا ﴾: ﴿ لَا نَسْقِي ﴾ مَواشينا ﴿ حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ﴾ يعني حتى يَصرف الرُعاة مَواشيَهم عن الماء، ويَبقى الماء لنا وحدنا، ﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ لا يستطيع أن يَسقي ماشِيَته.

﴿ فَسَقَى لَهُمَا ﴾ ماشِيَتهما، ﴿ ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ ﴾ أي ذهب إلى ظل شجرة ليَستظلَّ بها ﴿ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾: يعني إني مُحتاجٌ إلى الخير الذي اعتدتُ أن تُنزِله إليّ (والمقصود: إنني مُحتاجٌ إلى أيّ خيرٍ تسوقه إليَّ - كالطعام وغيره - وكان قد اشتد به الجوع).

• الآية 25: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا ﴾ أي إحدى المرأتين اللتين سقى لهما، وكانت ﴿ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾ أي تسير إليه في حياء، فـ ﴿ قَالَتْ ﴾ له: ﴿ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ ﴾ أي حَكى له قصصه مع فرعون وقومه: ﴿ قَالَ ﴾ له أبوها: ﴿ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ إذ لا سُلطانَ لهم بأرضنا.

• الآية 26: ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ﴾ لأبيها: ﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ﴾ أي اجعله أجيراً عندك ليَرعى ماشيتك (بالأجرة)، فـ ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ ﴾ على حِفظ ماشِيَتك، ﴿ الْأَمِينُ ﴾ الذي لا تخافُ خيانته.
♦ وقد قيل إنها وَصَفته بالقوة لأنه رفع صخرةً كانت على البئر - لا يرفعها إلا عدد من الناس - فرفعها موسى وحده، ووَصَفته بالأمانة لأنه كان يغض بصره عن النظر إليها.

• الآية 27: ﴿ قَالَ ﴾ الشيخ لموسى: ﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ ﴾ أي أزوِّجك ﴿ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ﴾ ﴿ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ﴾: يعني على أن تكون أجيرًا لي في رَعْي ماشِيَتي ثماني سنين مقابل زواجك لها، ﴿ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾ يعني: فإنْ أكملتَ عشر سنين، فهذا إحسانٌ من عندك، ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ﴾ بجَعْل الشرط عشر سنين، و﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ في حُسن الصحبة والوفاء بما قلتُ.
♦ واعلم أنّ لفظ "الحِجَج" (المذكور في الآية) مُشتَقّ من "الحج"، لأن الحج يقع كل سنة، فأراد بالثماني حِجَج: ثماني سنوات.

• الآية 28: ﴿ قَالَ ﴾ له موسى: ﴿ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ﴾ يعني: ذلك الذي قلتَه قائمٌ بيني وبينك (فأنا أوفي بشرطي وأنت توفي بشرطك)، ﴿ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ ﴾ يعني أيّ المدتين قضيتُها في العمل: ﴿ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ﴾: أي لا أُطالَب بزيادة عليها، ﴿ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ أي يُراقبنا سبحانه، ويَعلم ما تعاقدنا عليه، وهو خير الشاهدين، (واعلم أنّ الوكيل: هو الذي يُوَكَّل إليه الأمر، وقد أراد موسى هنا أنه وَكَّلَ إليه سبحانه الوفاء بما تعاقدا عليه، حتى إذا أخَلَّ أحدهما بشيءٍ كان اللهُ مؤاخذه).

نبضها حربي
06-20-2019, 08:43 PM
طرح رائع
يعطيك العافية

نجم الجدي
06-20-2019, 10:34 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

مجنون قصايد
06-20-2019, 11:11 PM
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

ضامية الشوق
06-21-2019, 10:23 PM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
نبضها حربي

ضامية الشوق
06-21-2019, 10:24 PM
حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
نجم الجدي

ضامية الشوق
06-21-2019, 10:27 PM
حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
مجنون قصايد

طهر الغيم
06-21-2019, 11:28 PM
سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنه
مودتي

البرنسيسه فاتنة
06-22-2019, 02:15 AM
جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك

ملكة الجوري
06-22-2019, 05:39 AM
اسأل الله العظيم
أن يرزقك الفردوس الأعلى من الجنان
وأن يثيبك البارئ خير الثواب
دمت برضى الرحمن
http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/155242769290281.gif

ضامية الشوق
06-22-2019, 05:47 AM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
ارتواء نبض

ضامية الشوق
06-22-2019, 05:47 AM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
البرنسيسه فاتنة

ضامية الشوق
06-22-2019, 05:47 AM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
ملكة الجوري

الغنــــــد
06-23-2019, 07:57 AM
طرح راقي وجميل

سلمت الأيااادي وماجاابت لنا من أفااااده

يعطيك العااافيه

شاكره لك

ضامية الشوق
06-23-2019, 08:36 AM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
الغند

عازفة القيثار
06-24-2019, 06:32 AM
جزاك الله خير الْجزاء*
وشكرا لَطـــرحك الْهادف وإختيارِك الْقَيِم*
رِزقك الْمولَى الْجِنـــــــــــــة ونعيمها*
وجعل ما كتب في موازِين حســــنَاك

ضامية الشوق
06-24-2019, 06:38 AM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
عازفة القيثار

عـــودالليل
06-24-2019, 03:26 PM
أناقة طرح وجاذبيه
إهتمام و..

اجتهاد واضح في الطرح
وذائقة عالية المستوى

استمعت النفس بما مرت عليه هنا،،،
فبهذا العطاء سنرقي

من أعماق القلب أشكرك

اخوك
محمد الحريري

لا أشبه احد ّ!
06-24-2019, 11:05 PM
- أنتقآؤكْ رَبيعٌ فاتِنْ ..
أروتني معرفتٌك حد الإكتفاء
لقلبك بياض لا ينتهي

ضامية الشوق
06-25-2019, 06:23 AM
حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
عود الليل

ضامية الشوق
06-25-2019, 06:26 AM
حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
أول أطيافي