مشاهدة النسخة كاملة : موسوعة أعمال نزار قباني . حصريا على قصائد ليل ..


البرق النجدي
02-02-2010, 12:37 PM
ملف التعريف

http://i113.photobucket.com/albums/n226/Medowbass/nizar_qabbani.jpg


نزار قباني دبلوماسي و شاعر عربي. ولد في دمشق (سوريا) عام 1923 من عائلة دمشقية عريقة هي أسرة قباني ، حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .

يقول نزار قباني عن نشأته "ولدت في دمشق في آذار (مارس) 1923 في بيت وسيع، كثير الماء والزهر، من منازل دمشق القديمة، والدي توفيق القباني، تاجر وجيه في حيه، عمل في الحركة الوطنية ووهب حياته وماله لها. تميز أبي بحساسية نادرة وبحبه للشعر ولكل ما هو جميل. ورث الحس الفني المرهف بدوره عن عمه أبي خليل القباني الشاعر والمؤلف والملحن والممثل وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري.

http://i113.photobucket.com/albums/n226/Medowbass/user3417_pic517_1225280919.jpg

امتازت طفولتي بحب عجيب للاكتشاف وتفكيك الأشياء وردها إلى أجزائها ومطاردة الأشكال النادرة وتحطيم الجميل من الألعاب بحثا عن المجهول الأجمل. عنيت في بداية حياتي بالرسم. فمن الخامسة إلى الثانية عشرة من عمري كنت أعيش في بحر من الألوان. أرسم على الأرض وعلى الجدران وألطخ كل ما تقع عليه يدي بحثا عن أشكال جديدة. ثم انتقلت بعدها إلى الموسيقى ولكن مشاكل الدراسة الثانوية أبعدتني عن هذه الهواية".


التحق بعد تخرجة بالعمل الدبلوماسي ، وتنقل خلاله بين القاهرة ، وأنقرة ، ولندن ، ومدريد ، وبكين ، ولندن. وفي ربيع 1966 ، ترك نزار العمل الدبلوماسي وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه ، وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية، كانت أولها " قالت لي السمراء " 1944 .


بدأ أولاً بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى الشعر العمودي، وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. يعتبر نزار مؤسس مدرسة شعريه و فكرية، تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. وكان ديوان "قصائد من نزار قباني" الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار، حيث تضمن هذا الديوان قصيدة "خبز وحشيش وقمر" التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. واثارت ضده عاصفة شديدة حتى أن طالب رجال الدين في سوريا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي. تميز قباني أيضاً بنقده السياسي القوي، من أشهر قصائده السياسية "هوامش على دفتر النكسة" 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعماله "حبيبتي" (1961)، "الرسم بالكلمات" (1966) و"قصائد حب عربية" (1993).



كان لانتحار شقيقته التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه، أثر كبير في حياته, قرر بعدها محاربة كل الاشياء التي تسببت في موتها. عندما سؤل نزار قبانى اذا كان يعتبر نفسة ثائراً, أجاب الشاعر :" ان الحب في العالم العربي سجين و أنا اريد تحريرة، اريد تحرير الحس و الجسد العربي بشعري، أن العلاقة بين الرجل و المرأة في مجتمعنا غير سليمة".



تزوّج نزار قباني مرتين، الأولى من ابنة عمه "زهراء آقبيق" وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية عراقية هي "بلقيس الراوي" و أنجب منها عُمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصاباً بمرض القلب و كانت وفاتة صدمة كبيرة لنزار، و قد رثاة في قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني. وفي عام 1982 قُتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها بلقيس ..



بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته . ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب؟؟ ، و المهرولون .



وافته المنية في لندن يوم 30/4/1998 عن عمر يناهز 75 عاما قضى منها اكثر من 50 عاماً في الحب و السياسة و الثوره .
كل الأساطير ماتت ….
بموتك … وانتحرت شهرزاد .


http://nizar.ealwan.com/img/nizar.png


هبدأ بالاعمال النثرية
لأنهم ليست كتير

أولا
في الشعر

حكاية الشعر آحكاية الوردة التي ترتجف على الرابية ، مخدة من العبير.. وقميصاً من الدم ..
إنك تحبها هذه الكتلة الملتهبة من الحرير التي تغمز إصبعك ، وأنفك ، وخيالك ، وقلبك ، دون أن يدور في خلدك أن تمزقها ، وتقطع قميصها الأحمر ، لتقف على سر هذا الجهاز الجميل الذي يحدث لك هذه الهزة العجيبة ، وهذه الحالة السمحة ، القريرة ، التي تغرق فيها .... وحين تفكر في هذا الإثم يوماً ، فتشق هذه اللفائف المعطورة ، وتذبح هذه الأوراق الصبية ، لتمد أنفك في هذا الوعاء الأنيق ، الذي يفرز لك العطر ، ويعصر لك قلبه لوناً ، حين تدور في رأسك هذه الفكرة المجرمة ، لا يبقى على راحتك غير جثة الجمال .. وجنازة العطر .
وفي الفن ، آما في الطبيعة ، وفي القصيدة آما في الوردة وآما في اللوحة البارعة ، يجب أن لا نعمد إلى تقطيع القصيدة ، هذا الشريط الباهر الندي من المعاني ، والأصباغ ، والصور ، والدندنة المنغومة . حرامٌ أن نمزق القصيدة لنحصي ( آمية ) المعاني التي تنضم عليها ، ونحصر عدد تفاعيلها ، وخفي زحافاتها ، ونقف على ( لون ) بحرها .. فالإحصاء ، والسحاب ، والتحليل ، والفكر المنطقي يجب أن تتوارى آلها ساعة التلقين المبدع .
لأن آل هذه الملكات العقلانية الحاسبة ، فاشلة في ميدان الروح .. فالقمر .. هذا الينبوع المفضض الذي بذر على الكون جدائل الياسمين .. يحدث لك ولي ولكل إنسان حالة حبيبة ملائمة . إنك تفتح قلبك له ، وتغمس أهدابك في سائله الزنبقي دون أن تعرف عن هذا ( الجميل ) أآثر من أنه قمر . ولو اتفق أن أوضح لك فلكيٍ سر القمر ، وأجواءه ، وجباله الجرداء ، وقممه المرعبة ، وأدار لك الحديث عن معادنه ، ودرجة حرارته ورطوبته، إذن لأشفقت على قلبك ، وأسدلت ستارتك .. إذن ، فلنقرأ آما ننظر إلى القمر .. بطفولة ، وعفوية ، واستغراق .
فالتذوق الفني آما قال الفيلسوف الايطالي آروتشه في آتابه ( المجمل في هو Intuition فلسفة الفن ) هو عبارة عن ( حدس غنائي ) . والحدس الصورة الأولى للمعرفة ، وسابق لكل معرفة ، وهو من شأن المخيلة ، وهو بتعبير آخر الإدراك الخالي من أي عنصر منطقي . إذن فكل أثر فني يجب أن يستقبل عن طريق ( الإدراك الحدسي ) لا ( المنطقي ) أو ( الذهني ) ، لأن هذا النوع الأخير من الإدراك ميدانه العلم والظواهر المادية . يقول آروتشه : " .. على الناقد أن يقف أمام مبدعات الفن موقف المتعبد لا موقف القاضي ، ولا موقف الناصح ، وما الناقد إلا فنانٌ آخر يحس ما أحسه الفنان الأول فيعيش حدسه مرة ثانية ، ولا يختلف عنه إلا في أنه يعيش بصورةٍ واعيةٍ ما عاشه الفنان بصورة غي واعيةٍ .. ". ومتى تم انتقال هذه السيالة الدافئة من الأصباغ ، والنغم ، والغريزة والإنفعال .. إليك ، تنتهي مهمة الشعر ، فهو ليس أآثر من (آهربةٍ جميلة) تصدم عصبك ، وتنقلك إلى واحاتٍ مضيئة مزروعة على أجفان السحاب . * مهمة القصيدة آمهمة الفراشة .. هذه تضع على فم الزهرة دفعة واحدة جميع ما جنته من عطر ورحيق ، منتقلة بين الجبل والحقل والسياج .. وتلك – أي القصيدة – تفرغ في قلب القارئ شحنة من الطاقة الروحية تحتوي على جميع أجزاء النفس ، وتنتظم الحياة آلها . يجب أن لا نطلب من الشعر أآثر من هذا . ويتجنى على الشعر الذين يريدون منه أن يغل غلة ، وينتج ريعاً .
فهو زينة وتحفة باذخة فحسب .. آآنية الورد التي تستريح على منضدتي ، لست أرجو منها أآثر من صحبة الأناقة .. وصداقة العطر .. لذلك نشأت على آره عنيد للشعر الذي يراد من نظمه إقامة ملجأ .. أو بناء تكية .. أو حصر قواعد اللغة العربية ، أو تأريخ ميلاد صبي ، أو تعداد مآثر الميت على رخامة قبره . قرأت في طفولتي تعاريف آثيرة للشعر ، وأهزل هذه التعاريف " الشعر هو الكلام الموزون المقفى ".
أليس من المخجل أن يلقن المعلمون العرب تلاميذهم في هذا العصر ، عصر فلق الذرة ، ومراودة القمر ، مثل هذه الأآذوبة البلهاء ؟ ماذا تقول للشاعر ، هذا الرجل الذي يحمل بين رئتيه قلب الله ، ويضطرب على أصابعه الجحيم ، وآيف نعتذر لهذا الإنسان الإله الذي تداعب أشواقه النجوم ، وتفزع تنهداته الليل ، ويتكئ على مخدته الصباح ، آيف نعتذر له بعد أن نقول له عن قصيدته التي حبكها من وهج شرايينه ، ونسجها من ريش أهدابه " إنها آلام " !. وآلمة ( آلام ) هذه .. تقف في قلبي يابسة آالشوآة ، لأن ما يدور بين الباعة على رصيف الشارع هو آلام . والضجة التي ترتفع في سوق البورصة هي مجموعة من الكلام الموزون .. أيضاً . فهل الشعر عند سادتنا العروضيون هو هذا النوع من الكلام ، دون أن يكون ثمة فرقٌ بين آلام ( ممتاز ) وآلام ( رخيص ) ؟ ويقال في تعريف ثانٍ للشعر إنه تصوير للطبيعة . وأنا أقول إن الفن هو صنع الطبيعة مرة ثانية ، على صورة أآمل ، نسق أروع . الطبيعة وحدها ، فقيرة ، عاجزة ، مقيدة بأبدية القوانين المفروضة عليها هذه الزهرة تنبت في شهر آذا .. وهذا النبع يتفجر إذا انعقدت السحب مطراً ، وهذا النوع من العصافير يرحل عن البيادر في أوائل الشتاء . أما في الفن فإنك تشم رائحة الأعشاب لمجرد تصفحك ديوان ابن زيدون ، وإنك لتستطيع أن تستمع إلى وشوشة الينابيع وأنت أمام الموقد ، تقرأ ما آتب البحتري واين المعتز .
أستطيع في أي موسم أن أغلق نافذتي ، وأمد يدي إلى مكتبي لأنعم بالورد والماء وبالعطر وبزقزقة العصافير المغنية ، وهي تتفجر من دواوين المتنبي ، وبولدير ، وبول فيرلين ، وأبي نواس ، وبشار ، فتحيل مخدعي إلى مزرعةٍ يصلي على ترابها الضوء والعبير . الوردة الحمراء على الرابية تموت . ولكن الوردة المزروعة في قصيدة فلان لا تزال توزع عطرها على الناس وتقطر دمعها على أصابعهم .
إذن فما هو الشعر ؟


آل ما قيل في هذا الموضوع لا يتعدى دراسة مظاهر التجربة الخارجية لا التجربة ذاتها ، آما يدرس العالم النفسي نتائج الغضب والانفعال والسرور على جسد الإنسان ، وآما يدرس علماء الفيزياء آثار التيار الكهربائي من ضوء وحرارة وحرآة . وجميع ما قرأته من نظريات المعنى ، والفكرة ، والصورة ، واللفظ ، والخيال ، ونسبة آل منها في البيت ، إنما تدرس آثار التجربة الشعرية في العالم الخارجي ، أي بعد انتقالها من جبين الشاعر إلى الورق .
لا أجرؤ على تحديد جوهر الشعر .. لأنه يهزأ بالحدود . ثم ماذا يضير الشعر إذا لم نجد له تعريفاً ؟ ألسنا نتقبل أآثر الأشياء التي تحيط بنا دون مناقشة ؟ فالروائح ، والألوان ، والأصوات التي يسبح آياننا فيها .. تبعث اللذة فينا دون أن نعرف شيئاً عن مادتها وترآيبها . وهل تخسر الوردة شيئاً من فتنتها إذا جهلنا تاريخ حياتها ؟ لنتواضع إذن على القول : إن الشعر آهربة جميلة ، لا تعمر طويلاً ، تكون النفس خلالها بجميع عناصرها من عاطفة ، وخيال ، وذاآرة ، وغريزةٍ ، مسربلة بالموسيقا . ومتى اآتست الهنيهة الشعرية ريش النغم ، آان الشعر . فهو بتعبير موجز ( النفس الملحنة ) . لا تعرف هذه الهنيهة الشاعرة موسماً ولا موعداً مضروباً ، فكأنها فوق المواسم والمواعيد . وأنا لا أعرف مهنة يجهل صاحبها ماهيتها أآثر من هذه المهنة التي تغزل النار .. ... والذي أقرره ، أن الشعر يصنع نفسه بنفسه ، وينسج ثوبه بيديه وراء ستائر النفس ، حتى إذا نمت له أسباب الوجود ، واآتسى رداء النغم ، ارتجف أحرفا تلهث على الورق .. ولقد اقتنعت أن جهدي لا يقدم ولا يؤخر في ميعاد ولادة القصيدة ، فأنا على العكس أعيق الولادة إذا حاولت أن أفعل شيئاً . آم مرةٍ .. ومرةٍ .. إتخذت لنفسي وضع من يريد أن ينظم ، وألقيت بنفسي في أحضان مقعدٍ وثير ، وأمسكت بالقلم ، وأحرقت أآثر من لفافة .. فلم يفتح الله علي بحرفٍ واحدٍ . حتى إذا آنت أعبر الطريق بين ألوف العابرين ، أو آنت في حلقة صاخبةٍ من الأصدقاء ، دغدغني ألف خاطر أشقر .. وحملتني ألف أرجوحةٍ إلى حيث تفنى المسافات .
والشعر يحيط بالوجود آله ، وينطلق في آل الاتجاهات ، فترسم ريشته المليح والقبيح ، وتتناول المترف والمبتذل ، والرفيع والوضيع . ويخطئ الذين يظنون أنه خط صاعدٌ دائماً ، لأن الدعوة إلى الفضيلة ليست مهمة الفن بل مهمة الأديان وعلم الأخلاق . وأنا أؤمن بجمال القبح ، ولذة الألم ، وطهارة الإثم . فهي آلها أشياء صحيحة في نظر الفنان . تصوير مخدع موسى ، واردٌ في منطق الفن ومعقول ، وهو من أسخى مواضيع الفن وأغزرها ألواناً . أما المومس من حيث آونها إناءً من الإثم ، خطأ من أخطاء المجتمع ، فهذا موضوع آخر تعالجه المذاهب الاجتماعية وعلم الأخلاق . يقول مروتشه في نقد المذهب الأخلاقي في الفن : " إن العمل الفني لا يمكن فعلاً نفعياً يتجه إلى بلوغ لذة أو استعباد ألم ، لأن الفن من حيث هو فن لا شأن له بالمنفعة . وقد لوحظ من قديم الأزمان أن الفن ليس ناشئاً عن الإرادة . ولئن آانت الإرادة قوام الإنسان الخير ، فليست قوام الإنسان الفنان . فقد تعبر الصورة عن فعل يحمد أو يذم من الناحية الخلقية ، ولكن الصورة من حيث هي صورة لا يمكن أن تحمد أو تذم من الناحية الأخلاقية؟ لأنه ليس ثمة حكمٌ أخلاقي يمكن أن يصدر عن عاقل ، ويكون موضوعه صورة . " إن الفنان فنان لا أآثر ، أي إنسان يحب ويعبر ، ليس الفنان من حيث هو فنان عالماً ، ولا فيلسوفاً ولا أخلاقياً . وقد تنصب عليه صفة التخلق من حيث هو إنسان ، أما من حيث هو فنان خلاق ، فلا نستطيع أن نطلب إليه إلا شيئاً واحداً ، هو التكافؤ التام بين ما ينتج وما بشعر به .. ". لو صح لنا أن نقبل ما زعمته المدرسة الأخلاقية في الفن لمات الفن مختنقاً بأبخرة المعابد ، ولوجب أن نحطم آل التماثيل العارية التي نحتها ميشيل أنجلو ، والصور البارعة التي رسمها رفائيل .. لأنها إثم يجب أن لا تقع فيه العين . لو ذهبنا مع أشياع هذه المدرسة إلى حيث يريدون ، لوجب أن نخرج من حظيرة الجيد قصيدة النابغة التي قالها في زوجة النعمان وقد انزلق مئزرها عن نهديها .. شابين .. مرتعشين : سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتفقنا باليد ... ولكان علينا أن نلعن النابغة ، ونعتبره ضالاً لا يستحق أن نقرأ سيرته وأشعاره .
وبعد .. وبعد .. ففي يد القارئ حروفٌ دافئة تتحرك على بياض الورق ، وتتسلق أصابعه لتعانق قلبه . هذه الأحرف لم أآتبها لفئةٍ خاصةٍ من الناس روضوا خيالهم على تذوق الشعر ، وهيأتهم ثقافاتهم لهذا . لا .. إنني أآتب لأي ( إنسان ) مثلي يشترك معي في الإنسانية ، وتوجد بين خلايا عقله ، خلية تهتز للعاطفة الصافية ، وللواحات المزروعة وراء مدى الظن .. أريد أن يكون الفن ملكاً لكل الناس آالهواء ، وآالماء ، وآغناء العصافير ، يجب أن لا يحرم منها أحد . إذن ، يجب أن نعمم الفن ، وأن نجعله بعيد الشمول . ومتى آان لنا ذلك استطعنا أن نجلب الجماهير المتهالكة على الشوك ، والطين ، والمادة الفارغة ، إلى عالم أسواره النجوم ، وأرضه مفروشة بالبريق . متى جذبنا الجماهير إلى قمتنا ، نبذوا أنانيتهم ، وتخلوا عن شهوة الدم ، وخلعوا أثواب ردائهم ، وهكذا يغمر السلام الأرض ، وينبت الريحان في مكان الشوك . إنني أحلم ( بالمدينة الشاعرة ) لتكون إلى جانب مدينة الفارابي (الفاضلة). وحينئذ فقط . يكتشف الإنسان نفسه ، ويعرف الله .. وفي سبيل هذه الفلسفة ، فلسفة الغناء العفوي ، حاولت فيما آتبت أن أرد قلبي إلا طفولته ، وأتخير ألفاظاً مبسطة ، مهموسة الرنين ، وأختار من أوزان الشعر ألطفها على الأذن . فإذا أحس القارئ بأن قلبي صار مكان قلبه ، وانتفض بين أضلاعه هو ، وأنه يعرفني قبل أن يعرفني ، وأنني صرت فماً له وحنجرة ، فلقد أدرآت غايتي ، وحققت حلمي الأبيض ، وهو أن اجعل الشعر يقوم في آل منزل إلى جانب الخبز والماء ...
1947






ــــــــــــــــــــــــ

الولادة على سرير أخضر

يوم ولدت في 21 آذار(مارس) 1923 في بيت من بيوت دمشق القديمة, كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة.. و كان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء.
الأرض و أمي حملتنا في وقت واحد..و وضعتنا في وقت واحد.
هل كانت مصادفة يا ترى أن تكون ولادتي هي الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها, و ترمي فيه الأشجار كل أثوابها القديمة؟ أم كان مكتوباً علي أن أكون كشهر آذر, شهر التغيير و التحولات؟.
كل الذي أعرفه أنني يوم ولدت, كانت الطبيعة تنفذ إنقلابها على الشتاء.. و تطلب من الحقول و الحشائش و الأزهار و العصافير أن تؤيدها في إنقلابها..على روتين الأرض.
هذا ما كان يجري في داخل التراب, أما في خارجه فقد كانت حركة المقاومة ضد الإنتداب الفرنسي تمتد من الأرياف السورية إلى المدن و الأحياء الشعبية. و كان حي (الشاغور), حيث كنا نسكن, معقلاً من معاقل المقاومة, و كان زعماء هذه الأحياء الدمشقية من تجار و مهنيين, و أصحاب حوانيت, يمولون الحركة الوطنية, و يقودونها من حوانيتهم و منازلهم.
أبي, توفيق القباني, كان واحداً من هؤلاء الرجال, و بيتنا واحداً من تلك البيوت.
و يا طالما جلست في باحة الدار الشرقية الفسيحة, أستمع بشغف طفولي غامر, إلى الزعماء السياسيين السوريين يقفون في إيوان منزلنا, و يخطبون في ألوف الناس, مطالبين بمقاومة الإحتلال الفرنسي, و محرضين الشعب على الثورة من أجل الحرية.
و في بيتنا في حي (مئذنة الشحم) كانت تعقد الإجتماعات السياسية ضمن أبواب مغلقة, و توضع خطط الإضرابات و المظاهرات و وسائل المقاومة. و كنا من وراء الأبواب نسترق الهمسات و لا نكاد نفهم منها شيئاً..
و لم تكن مخيلتي الصغيرة في تلك الأعوام من الثلاثينيات قادرة على وعي الأشياء بوضوح. و لكنني حين رأيت عساكر السنغال يدخلون في ساعات الفجر الأولى منزلنا بالبنادق و الحراب و يأخذون أبي معهم في سيارة مصفحة إلى معتقل (تدمر) الصحراوي..عرفت أن أبي كان يمتهن عملاً آخر غير صناعة الحلويات..كان يمتهن صناعة الحرية.
كان أبي إذن يصنع الحلوى و يصنع الثورة. و كنت أعجب بهذه الإزدواجية فيه, و أدهش كيف يستطيع أن يجمع بين الحلاوة و بين الضراوة..
1970


أسرتي و طفولتي

في التشكيل العائلي, كنت الولد الثاني بين أربعة صبيان و بنت, هم المعتز و رشيد و صباح و هيفاء.
أسرتنا من الأسر الدمشقية المتوسطة الحال. لم يكن أبي غنياً و لم يجمع ثروة, كل مدخول معمل الحلويات الذي كان يملكه, كان ينفق على إعاشتنا, و تعليمنا, و تمويل حركة المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين.
و إذا أردت تصنيف أبي أصنفه دون تردد بين الكادحين, لأنه أنفقخمسين عاماً من عمره, يستنشق روائح الفحم الحجري, و يتوسد أكياس السكر, و ألواح خشب السحاحير..
و كان يعود إلينا من معمله في زقاق (معاوية) كل مساء, تحت المزاريب الشتائية كأنه سفينة مثقوبة..
و إني لأتذكر وجه أبي المطلي بهباب الفحم, و ثيابه الملطخة بالبقع و الحروق, كلما قرأت كلام من يتهمونني بالبرجوازية و الأنتماء إلى الطبقة المرفهة, و السلالات ذات الدم الأزرق..
أي طبقة.. و أي دم أزرق.. هذا الذي يتحدثون عنه؟
إن دمي ليس ملكياً, و لا شاهانياً, و إنما هو دم عادي كدم آلاف الأسر الدمشقة الطيبة التي كانت تكسب رزقها بالشرف و الإستقامة و الخوف من الله..
وراثياً, في حديقة الأسرة شجرة كبيرة..كبيرة..إسمها أبو خليل القباني. إنه عم والدتي و شقيق جد والدي..
قليلون منكم_ربما_ من يعرفون هذا الرجل.
قليلون من يعرفون أنه هز مملكة, و هز باب (الباب العالي) و هز مفاصل الدولة العثمانية, في أواخر القرن التاسع عشر.
أعجوية كان هذا الرجل. تصورووا إنساناً أراد أن يحول خانات دمشق التي كانت تزرب فيها الدواب إلى مسارح..و يجعل من دمشق المحافظة, التقية, الورعة..(برودواي) ثانية..
خطيرة كانت أفكار أبي خليل.و أخطر ما فيها أنه نفذها.. و صلب من أجلها..
أبو خلبل القباني كان إنسكلوبيديا بمئة مجلد و مجلد.. يؤلف الروايات, و يخرجها, و يكتب السيناريو, و يضع الحوار الحوار, و يصمم الأزياء, و يغني و يمثل, و يرقص, و يلحن كلام المسرحيات, و يكتب الشعر بالعربية و الفارسية.
و حين كانت دمشق لا تعرف من الفن المسرحي غير خيمة (قره كوز) و لا تعرف من الأبطال, غير أبي زيد الهلالي, و عنترة, و الزير..كان أبو خليل يترجم لها راسين عن الفرنسية..
و في غياب العنصر النسائي, اضطر الشيخ إلى إلباس الصبية ملابس النساء, و إسناد الأدوار النسائية إليهم, تماماً مثلما فعل شكسبير في العصر الفيكتوري.
و طار صواب دمشق, و أصيب مشايخها, و رجال الدين فيها بإنهيار عصبي, فقاموا بكل ما يملكون من وسائل, و سلطوا الرعاع عليه ليشتموه في غدوه و رواحه, و هجوه بأقذر الشعر, و لكنه ظل صامداً, و ظلت مسرحياته تعرض في خانات دمشق, و يقبل عليها الجمهور الباحث عن الفن النظيف.
و حين يئس رجال الدين الدمشقيون من تحطيم أبي خليل, ألفوا وفداً ذهب إلى الأستانة و قابل الباب العالي, و أخبره أن أبا خليل القباني يشكل خطراً على مكارم الأخلاق, و الدين, و الدولة العلية, و أنه إذا لم يغلق مسرحه, فسوف تطير دمشق من يد آل عثمان..و تسقط الخلافة.
طبعاً خافت الخلافة على نفسها, و صدر فرمان سلطاني بإغلاق أول مسرح طليعي عرفه الشرق و غادر أبو خليل منزله الدمشقي إلى مصر, و ودعته دمشق كما تودع كل المدن المتجرة موهوبيها, أي بالحجارة, و البندورة, و البيض الفاسد..
و في مصر, التي كانت أكثر إنفتاحاً على الفن, و أكثر فهماً لطبيعة العمل الفني, أمضى أبو خليل بقية أيام حياته, و وضع الحجر الأول في بناء المسرح الغنائي المصري.
إن انقضاض الرجعية على أبي خليل, هو أول حادث استشهاد فني في تاريخ أسرتنا..و حين افكر في جراح أبي خليل, و في الصليب الذي حمله على كتفيه, و في ألوف المسامير المغروزة في لحمه, تبدو جراحي تافهة..و صليبي صغيراً صغيراً
فأنا أيضاً ضربتني دمشق بالحجارة, و البندورة, و البيض الفاسد..حين نشرت عام 1954 قصيدتي (خبز و حشيش و قمر)..
العمائم نفسها التي طالبت بشتق أبي خليل طالبت بشنقي..و الذقون المحشوة بغبار التاريخ التي طلبت رأسه طلبت رأسي..
(خبز و حشيش و قمر) كانت أول مواجهة بالسلاح الأبيض بيني و بين الخرافة..و بين التاريخين..
1970


دارنا الدمشقية

لا بد من العودة مرةً أخرى إلى الحديث عن دار (مئذنة الشحم) لأنها المفتاح إلى شعري, و المدخل الصحيح إليه.
و بغير الحديث عن هذه الدار تبقى الصورة غير مكتملة, و منتزعة من إطارها.
هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة.
إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ,و لكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر ..و إنما أظلم دارنا.
و الذين سكنوا دمشق, و تغلغلوا في حاراتها و زواريبها الضيقة, يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون...
بوابة صغيرة من الخشب تنفتح. و يبدأ الإسراء على الأخضر, و الأحمر, و الليلكي, و تبدء سمفونية الضوء و الظل و الرخام.
شجرة النارنج تحتضن ثمارها, و الدالية حامل, و الياسمينة ولدت ألف قمر أبيض و علقتهم على قضبان النوافذ..و أسراب السنونو لا تصطاف إلا عندنا..
أسود الرخام حول البركة الوسطى تملأ فمها بالماء.. و تنفخه.. و تستمر اللعبة المائية ليلاً و نهاراً..لا النوافير تتعب.. و لا ماء دمشق ينتهي..
الورد البلدي سجاد أحمر ممدود تحت أقدامك.. و الليلكة تمشط شعرها البنفسجي, و الشمشير, و الخبيزة, و الشاب الظريف,و المنثور, و الريحان, و الأضاليا.. و ألوف النباتات الدمشقية التي أتذكر ألوانها و لا أتذكر أسمائها.. لا تزال تتسلق على أصابعي كلما أرت أن أكتب..
القطط الشامية النظيفة الممتلئة صحةً و نضارة تصعد إلى مملكة الشمس لتمارس غزلها و رومانتيكيتها بحرية مطلقة, و حين تعود بعد هجر الحبيب و معها قطيع من صغارها ستجد من يستقبلها و يطعمها و يكفكف دموعها..
الأدراج الرخامية تصعد.. و تصعد..على كيفها..و الحمائم تهاجر و ترجع على كيفها.. لا أحد يسألها ماذا تفعل؟ و السمك الأحمر يسبح على كيفه.. و لا أحد يسأله إلى أين؟
و عشرون صحيفة فثل في صحن الدار هي كل ثروة أمي.
كل زر فلٍ عندها يسلوي صبياً من أولادها.. لذاك كلما غافلناها و سرقنا ولداً من أولادها..بكت..و شكتنا إلى الله..
***
ضمن نطاق هذا الحزام الأخضر.. و لدت, و حبون, و نطقت كلماتي الأولى.
كان إصطدامي بالجمال قدراً يومياً. كنت إذا تعثرت أتعثر بجناح حمامة.. و إذا سقطت أسقط على حضن وردة..
هذا البيت الدمشقي الجميل استحوذ على كل مشاعري و أفقدني شهية الخروج إلى الزقاق.. كما يفعل الصبيات في كل الحارات.. و من هنا نشأ عندي هذا الحس (البيتوتي) الذي رافقني في كل مراحل حياتي.
إنني أشعر حتى اليوم بنوع من الإكتفاء الذاتي, يجعل التسكع على أرصفة الشوارع, و اصطياد الذباب في المقاهي المكتظة بالرجال, عملاً ترفضه طبيعتي.
و إذا كان نصف أدباء العالم قد تخرج من أكادمية المقاهي, فإنني لم أكن من متخرجيها.
لقد كنت أؤمن أن العمل الأدبي عمل من أعمال العبادة, له طقوسه و مراسمه و طهارته, و كان من الصعب علي أن أفهم كيف يمكن أن يخرج الأدب الجاد من نرابيش النراجيل, و طقطقة أحجار النرد..
***
طفولتي قضيتها تحت (مظلة الفي و الرطوبة) التي هي بيتنا العتيق في (مئذنة الشحم).
كان هذا البيت هو نهاية حدود العالم عندي, كان الصديق, و الواحة, و المشتى, و المصيف..
أستطيع الآن, أن أغمض عيني و أعد مسامير أبوابه, و أستعيد آيات القرآن المحفورة على خشب قاعاته.
أستطيع الآن أن أعد بلاطاته واحدةً..واحدة.. و أسماك بركته واحدةً..واحدة.. و سلالمه الرخامية درجةً..درجة..
أستطيع أن أغمض عيني, و أستعيد, بعد ثلا ثيين سنة مجلس أبي في صحن الدار, و أمامه فنجان قهوته, و منقله, و علبة تبغه, و جريدته.. و على صفحات الجريدة تساقط كل خمس دقائق زهرة ياسمين بيضاء.. كأنها رسالة حب قادمة من السماء..
على السجادة الفارسية الممدودة على بلاط الدار ذاكرت دروسي, و كتبت فروضي, و حفظت قصائد عمر بن كلثوم, و زهير, و النابغة الذبياني, و طرفة بن العبد..
هذا البيت-المظلة ترك بصماته واضحة على شعري. تماماً كما تركت غرناطة و قرطبة و إشبيليا بصماتها على الشعر الأندلسي.
القصيدة العربية عندما وصلت إلى إسبانيا كانت مغطاةً بقشرة كثيفة من الغبار الصحراوي.. و حين دخلت منطقة الماء و البرودة في جبال (سييرا نيفادا) و شواطئ نهر الوادي الكبير..
و تغلغلت في بساتين الزيتون و كروم العنب في سهول قرطبة, خلعت ملابسها و ألقت نفسها في الماء.. و من هذا الإصطدام التاريخي بين الظمأ و الري..ولد الشعر الأندلسي..
هذا هو تفسيري الوحيد لهذا الإنقلاب الجذري في القصيدة العربية حين سافرت إلى إسبانيا في القرن السابع.
إنها بكل بساطة دخلت إلى قاعة مكيفة الهواء..
و الموشحات الأندلسية ليست سوى (قصائد مكيفة الهواء)..
و كما حدث للقصيدة العربية في إسبانيا حدث لي, امتلأت طفولتي رطوبة, و امتلأت دفاتري رطوبة, و امتلأت أبجديتي رطوبة..
هذه اللغة الشامية التي تتغلغل في مفاصل كلماتي, تعلمتها في البيت-المظلة الذي حدثتكم عنه..
و لقد سافرت كثيراً بعد ذلك, و ابتعدت عن دمشق موظفاً في السلك الديبلوماسي نحو عشرين عاماً و تعلمت لغاتً كثيرة أخرى, إلا أن أبجديتي الدمشقية ظلت متمسكة بأصابعي و حنجرتي, و ثيابي. و ظللت ذلك الطفل الذي يحمل في حقيبته كل ما في أحواض دمشق, من نعناعٍ, و فل, و ورد بلدي..
إلى كل فنادق العالم التي دخلتها..حملت معي دمشق, و نمت معها على سريرٍ واحد.

البرق النجدي
02-02-2010, 12:50 PM
بعض قصائد نزار قباني .........
أنا والحزن

1
أدمنت أحزاني
فصرت أخاف أن لا أحزنا
وطعنت ألافا من المرات
حتى صار يوجعني ، بأن لا أطعنا
ولُعِنْتُ في كل اللغات..
وصار يقلقني بأن لا ألعنا ...
ولقد شنقت على جدار قصائدي
ووصيتي كانت ..
بأن لا أدفنا.
وتشابهت كل البلاد..
فلا أرى نفسي هناك
ولا أرى نفسي هنا ..
وتشابهت كل النساء
فجسم مريم في الظلام .. كما مني ..
ما كان شعري لعبة عبثية
أو نزهة قمرية
إني أقول الشعر - سيدتي -
لأعرف من أنا ....
2
يا سادتي :
إني أسافر في قطار مدامعي
هل يركب الشعراء إلا في قطارات الضنى؟
إني أفكر باختراع الماء..
إن الشعر يجعل كل حلم ممكنا
وأنا أفكر باختراع النهد ..
حتى تطلع الصحراء ، بعدي سوسنا
وأنا أفكر باختراع الناي
حتى يأكل الفقراء، بعدي ، " الميجنا"
إن صادروا وطن الطفولة من يدي
فلقد جعلت من القصيدة موطنا..
3
يا سادتي :
إن السماء رحيبة جدا..
ولكن الصيارفة الذين تقاسموا ميراثنا ..
وتقاسموا أوطاننا..
وتقاسموا أجسادنا..
لم يتركوا شبرا لنا ..
يا سادتي :
قاتلت عصرا لا مثيل لقبحه
وفتحت جرح قبيلتي المتعفنا..
أنا لست مكترثا
بكل الباعة المتجولين..
وكل كتاب البلاط..
وكل من جعلوا الكتابة حرفة
مثل الزنى...
4
يا سادتي :
عفوا إذا أقلقتكم
أنا لست مضطرا لأعلن توبتي
هذا أنا ...
هذا أنا ...
هذا أنا ...

>>>>>>>>>>

قصيدة كلمات

يسمعني.. حـين يراقصني
كلماتٍ ليست كالكلمات
يأخذني من تحـت ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات
والمطـر الأسـود في عيني
يتساقـط زخاتٍ.. زخات
يحملـني معـه.. يحملـن
يلمسـاءٍ وردي الشـرفـات
وأنا.. كالطفلـة في يـده
كالريشة تحملها النسمـات
يحمـل لي سبعـة أقمـارٍ
بيديـه وحزمـة أغنيـات
يهديني شمسـاً.. يهـديني
صيفاً.. وقطيـع سنونوات
يخـبرني.. أني تحفتـه
وأساوي آلاف النجمات
و بأنـي كنـزٌ... وبأني
أجمل ما شاهد من لوحات
يروي أشيـاء تدوخـني
تنسيني المرقص والخطوات
كلماتٍ تقلـب تاريخي
تجعلني امرأةً في لحظـات
يبني لي قصـراً من وهـمٍ
لا أسكن فيه سوى لحظات
وأعود.. أعود لطـاولـتي
لا شيء معي.. إلا كلمات

>>>>>>>>>>>>


قطر الندى

لم أعد داريا إلى أين أنهب

كل يوم أحس أنك أقرب

كل يوم يصير وجهك جزءا

من … و يصبح العمر أخصب

و تصير الأشكال أجمل شكلا

و تصير الأشياء أحلى و أطيب

قد تسربت في مسامات جلدي

مثلما قطرة الندى تتسرب

اعتيادي على غيابك صعب

و اعتيادي على حضورك أصعب

كم أنا … كم أحبك … حتى

أن نفسي من نفسها تتعجب

يسكن الشعر في حدائق عينيك

فلولا عينيك لا شعر يكتب

منذ أحببتك الشموس استدارت

و السماوات صرن انقى و أرحب

منذ أحببتك … البحار جميعا

أصبحت من مياه عينيك تشرب

أتمنى لو كنت بؤبؤ عيني

أتراني طلبت ما ليس يطلب ؟


>>>>>>>>>>>>>>

القصيدة المتوحشة

أحبيني .. بلا عقد
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
أنا تشرين .. شهر الريح،
والأمطار .. والبرد..
كصاعقة على جسدي..
أحبيني ..
بكل توحش التتر..
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تذري..
ولا تتحصري أبدا..
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر
أحبيني..
كزلزال .. كموت غير منتظر..
وخلي نهدك المعجون..
بالكبريت والشرر..
يهاجمني .. كذئب جائع خطر
وينهشني .. ويضربني ..
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..
أنا رجل بلا قدر
فكوني .. أنت لي قدري
وأبقيني .. على نهديك..
مثل النقش في الحجر..
***
أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟
وكوني البحر والميناء..
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
كوني اللين والعنفاء..
أحبيني .. بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف..
إني أكره الصيفا..
أحبيني .. وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت
أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..
بعيدا عن تعصبها..
بعيدا عن تخشبها..
أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي..
إليها الله .. لا يأتي ..
***
أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
- سيدتي - من الماء
فلن تتعمدى امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
فنهدك .. بطة بيضاء ..
لا تحيا بلا ماء ..
أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي
بصحوي .. أو بأنوائي
وغطيني ..
أيا سقفا من الأزهار ..
يا غابات حناء ..
تعري ..
واسقطي مطرا
على عطشي وصحرائي ..
وذوبي في فمي .. كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري .. واشطري شفتي
إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..

>>>>>>>>>>

ماذا اقول له
غنتها الفنانة
نجاة


ماذا أقول له لو جاء يسألني..
إن كنت أكرهه أو كنت أهواه؟
ماذا أقول ، إذا راحت أصابعه
تلملم الليل عن شعري وترعاه؟
وكيف أسمح أن يدنو بمقعده؟
وأن تنام على خصري ذراعاه؟
غدا إذا جاء .. أعطيه رسائله
ونطعم النار أحلى ما كتبناه
حبيبتي! هل أنا حقا حبيبته؟
وهل أصدق بعد الهجر دعواه؟
أما انتهت من سنين قصتي معه؟
ألم تمت كخيوط الشمس ذكراه؟
أما كسرنا كؤوس الحب من زمن
فكيف نبكي على كأس كسرناه؟
رباه.. أشياؤه الصغرى تعذبني
فكيف أنجو من الأشياء رباه؟
هنا جريدته في الركن مهملة
هنا كتاب معا .. كنا قرأناه
على المقاعد بعض من سجائره
وفي الزوايا .. بقايا من بقاياه..
ما لي أحدق في المرآة .. أسألها
بأي ثوب من الأثواب ألقاه
أأدعي أنني أصبحت أكرهه؟
وكيف أكره من في الجفن سكناه؟
وكيف أهرب منه؟ إنه قدري
هل يملك النهر تغييرا لمجراه؟
أحبه .. لست أدري ما أحب به
حتى خطاياه ما عادت خطاياه


الحب في الأرض . بعض من تخلينا
لو لم نجده عليها .. لاخترعناه


ماذا أقول له لو جاء يسألني
إن كنت أهواه. إني ألف أهواه..

>>>>>>>>>>>>

قصيدة
حبيبتي تقرأ فنجانها

1

توقفي .. أرجوك .. عن قراءة الفنجان

حين تكونين معي..

لأنني أرفض هذا العبث السخيف،

في مشاعر الإنسان.

فما الذي تبغين، يا سيدتي ، أن تعرفي؟

وما الذي تبغين أن تكتشفي؟.

أنت التي كنت على رمال صدري..

تطلبين الدفء والأمان..

وتصهلين في براري الحب كالحصان...

ألم تقولي ذات يومٍ..

إن حبي لك من عجائب الزمان؟

ألم تقولي إنني ..

بحرٌ من الرقة والحنان؟

فكيف تسألين ، يا سيدتي،

عني .. ملوك الجان؟

حين أكون حاضراً..

وكيف لا تصدقين ما أنا أقوله؟

وتطلبين الرأي من صديقك الفنجان...

توقفي .. أرجوك .. عن قراءة الغيوب..

إن كان من بشارةٍ سعيدةٍ..

أو خبرٍ..

أو كان من حمامةٍ تحمل في منقارها مكتوب.

فإنني الشخص الذي سيطلق الحمامه..

وإنني الشخص الذي سيكتب المكتوب..

أو كان يا حبيبتي من سفرٍ..

فإنني أعرف من طفولتي .. خرائط الشمال والجنوب..

وأعرف المدائن التي تبيع للنساء أروع الطيوب..

وأعرف الشمس التي تنام تحت شرشف المحبوب..

وأعرف المطاعم الصغرى التي تشتبك الأيدي بها..

وتهمس القلوب للقلوب..

وأعرف الخمر التي تفتح يا حبيبتي نوافذ الغروب

وأعرف الفنادق الصغرى التي تعفو عن الذنوب

فكيف يا سيدتي؟

لا تقبلين دعوتي

إلى بلادٍ هربت من معجم البلدان..

قصائد الشعر بها..

تنبت كالعشب على الحيطان..

وبحرها..

يخرج منه القمح .. والنساء .. والمرجان..

فكيف يا سيدتي..

تركتني .. منكسر القلب على الإيوان

وكيف يا أميرة الزمان؟.

سافرت في فنجان...

3

فإني لست مهتماً بكشف الفال..

ولست مهتماً بأن أقيم أحلامي على رمال

ولا أرى معنى لكل هذه الرسوم ، والخطوط ، والظلال..

ما دام حبي لك يا حبيبتي..

يضربني كالبرق والزلزال..

فما الذي يفيدك الإسراف في الخيال؟

ما دام حبي كل لحظةٍ سنابلاً من ذهبٍ..

وأنهراً من عسلٍ.. وعطر برتقال..

فما الذي يفيدك السؤال؟

عن كل ما يأتيك من أطفال..

وكيف ، يا سيدتي ، يفكر الرجال..

***

توقفي فوراً..

فإني أرفض التزييف في مشاعر الإنسان

توقفي .. توقفي ..

من قبل أن أحطم الفنجان...

توقفي .. توقفي ..

من قبل أن أحطم الفنجان...

>>>>>>>>>

قارئة الفنجان
جَلَسَت والخوفُ بعينيها
تتأمَّلُ فنجاني المقلوب
قالت:
يا ولدي.. لا تَحزَن
فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
يا ولدي،
قد ماتَ شهيداً
من ماتَ على دينِ المحبوب
فنجانك دنيا مرعبةٌ
وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..
ستُحِبُّ كثيراً يا ولدي..
وتموتُ كثيراً يا ولدي
وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..
وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب
***
بحياتك يا ولدي امرأةٌ
عيناها، سبحانَ المعبود
فمُها مرسومٌ كالعنقود
ضحكتُها موسيقى و ورود
لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..
وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود
فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي
نائمةٌ في قصرٍ مرصود
والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود
وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..
من يدخُلُ حُجرتها مفقود..
من يطلبُ يَدَها..
من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود
من حاولَ فكَّ ضفائرها..
يا ولدي..
مفقودٌ.. مفقود
***
بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيراً
لكنّي.. لم أقرأ أبداً
فنجاناً يشبهُ فنجانك
لم أعرف أبداً يا ولدي..
أحزاناً تشبهُ أحزانك
مقدُورُكَ.. أن تمشي أبداً
في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
وتظلَّ حزيناً كالصفصاف
مقدوركَ أن تمضي أبداً..
في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ...
وترجعُ كالملكِ المخلوع..

>>>>>>>>>>>>

هــذهـ الخــوآطــر للــرآحــل نــزآر قبــــآنـــي

............................................

ما زلت تسألني عن عيد ميلادي

سجل لديك إذن .. ما أنت تجهله

تاريخ حبك لي .. تاريخ ميلادي

..........................................

لو خرج المارد من قمقمه

وقال لي : لبيك

دقيقة واحدة لديك

تختار فيها كل ما تريده

من قطع الياقوت والزمرد

لاخترت عينَيْكِ .. بلا تردد

.......................................

ذات العينين السوداوين

ذات العينين الصاحيتين الممطرتين

لا أطلب أبدا من ربي

إلا شيئين

أن يحفظ هاتين العينين

ويزيد بأيامي يومين

كي أكتب شعرا

في هاتين الؤلؤتين

.............................................

لأن كلام القواميس مات

لأن كلام المكاتيب مات

لأن كلام الروايات مات

أريد اكتشاف طريقة عشق

أحبك فيها .. بلا كلمات

............................................

إلى تلميذة


قل لي – ولو كذباً – كلاماً ناعماً

قد كادً يقتلني بك التمثال

مازلت في فن المحبة .. طفلةً

بيني وبينك أبحر وجبال

لم تستطيعي ، بعد ، أن تتفهمي

أن الرجال جميعهم أطفال

إني لأرفض أن أكون مهرجاً

قزماً .. على كلماته يحتال

فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً

فالصمت في حرم الجمال جمال

كلماتنا في الحب .. تقتل حبنا

إن الحروف تموت حين تقال..

قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها

غيبوبة .. وخرافةٌ .. وخيال

الحب ليس روايةً شرقيةً

بختامها يتزوج الأبطال

لكنه الإبحار دون سفينةٍ

وشعورنا ان الوصول محال

هو أن تظل على الأصابع رعشةٌ

وعلى الشفاه المطبقات سؤال

هو جدول الأحزان في أعماقنا

تنمو كروم حوله .. وغلال..

هو هذه الأزمات تسحقنا معاً ..

فنموت نحن .. وتزهر الآمال

هو أن نثور لأي شيءٍ تافهٍ

هو يأسنا .. هو شكنا القتال

هو هذه الكف التي تغتالنا

ونقبل الكف التي تغتال

*

لا تجرحي التمثال في إحساسه

فلكم بكى في صمته .. تمثال

قد يطلع الحجر الصغير براعماً

وتسيل منه جداولٌ وظلال

إني أحبك من خلال كآبتي

وجهاً كوجه الله ليس يطال

حسبي وحسبك .. أن تظلي دائماً

سراً يمزقني .. وليس يقال ..

>>>>>>>>>>>>>

رسالة حب صغيرة

حبيبتى , لدى شيء كثير أقوله
لدي شىء كثير
من أين ؟ ياغاليتى ابتدى
وكل ما فيك
أمير .. أمير
يا أنت يا جاعلة أحرفى
مما بها شرانقا للحرير
هذى أغاني وهذا أنا
يضمنا هذا الكتاب الصغير
غذا .. اذا قلبت أوراقه
واشتاق مصباح وغنى سرير
واخضوضرت من شوقها , أحرف
وأوشكت فواصل ان تطير
فلا تقولى : يالهذا الفتى
أخبر عنى المنحنى والغدير ..
واللوز والتوليب حتى أنا
تسير بى الدنيا اذا ما أسير
وقال ما قال فلا نجمة
الا عليها من عبيرى عبير
غدا يرانى الناس فى شعره
فما نبيذيا وشعرا قصير
دعى حكاية الناس .. لن تصبحى كبيرة
الا بحبى الكبير
ماذا تصير الأرض لو لم نكن
لو لم تكن عيناك
ماذا تصير ؟

>>>>>>>>>>>>>>

الرسائل المحترقة

أحقاً رسالاتي إليك تمزقت
وهن حبيباتي .. وهن روائعي
أأنكر ما فيهن ؟ لا يا صديقتي
عليهن أسلوبي .. عليهن طابعي
عليهن أحداقي ، وزرقة أعيني
وروعة أسحاري وسحر مطالعي
حروفي .. سفيراتي .. مرايا خواطري
وأطيب طيب في زوايا المخادع
وأجمل ما غنيت .. ما طرزت يد
وأكرم ما أعطت أنامل صانع
بأعصاب أعصابي .. رسمت حروفها
وأطعمتها من صحتي ، من مدامعي
وأنفقت أيامي .. أصوغ سطورها
بدقة مثال ، وأشواق راكع
أجيبي .. أجيبي .. ما مصير رسائلي
فإني مذ ضيعتها ألف ضائع ..
ألم تترك النيران منها بقية
ألم ينج حتى مقطع من مقاطعي ؟
حصيلة عام .. تنتهي في دقائق
وتلتهم النيران كل مزارعي
وتذهب أوراقي التي استهلكت دمي
فلا رجع موال .. ولا صوت زارع
أمطعمة النيران .. أحلى رسائلي
جمالك ماذا كان ؟ لولا روائعي
فثغرك بعض من أناقة أحرفي
وصدرك بعض من عويل زوابعي
أنا بعض هذا الحبر .. ما عدت ذاكراً
حدود حروفي من حدود أصابعي

>>>>>>>>>>>>

أكبر من كل الكلمات

سيدتي ! عندي في الدفتر

ترقص آلاف الكلمات

واحدةٌ في ثوبٍ أصفر

واحدةٌ في ثوبٍ أحمر

يحرق أطراف الصفحات

أنا لست وحيداً في الدنيا

عائلتي .. حزمة أبيات

أنا شاعر حبٍ جوالٌ

تعرفه كل الشرفات

تعرفه كل الحلوات

عندي للحب تعابيرٌ

ما مرت في بال دواة

الشمس فتحت نوافذها

و تركت هنالك مرساتي

و قطعت بحاراً .. و بحاراً

أنبش أعماق الموجات

أبحث في جوف الصدفات

عن حرفٍ كالقمر الأخضر

أهديه لعيني مولاتي

---

سيدتي ! في هذا الدفتر

تجدين ألوف الكلمات

الأبيض منها و .. و الأحمر

الأزرق منها و .. و الأصفر

لكنك .. يا قمري الأخضر

أحلى من كل الكلمات

أكبر من كل الكلمات

>>>>>>>>>>>>>

قصدة
أشهد أن لا أمرأه إلا أنت


أشهد أن لا امرأة ً

أتقنت اللعبة إلا أنت

واحتملت حماقتي

عشرة أعوام كما احتملت

واصطبرت على جنوني مثلما صبرت

وقلمت أظافري

ورتبت دفاتري

وأدخلتني روضة الأطفال

إلا أنت ..

2

أشهد أن لا امرأة ً

تشبهني كصورة زيتية

في الفكر والسلوك إلا أنت

والعقل والجنون إلا أنت

والملل السريع

والتعلق السريع

إلا أنت ..

أشهد أن لا امرأة ً

قد أخذت من اهتمامي

نصف ما أخذت

واستعمرتني مثلما فعلت

وحررتني مثلما فعلت

3

أشهد أن لا امرأة ً

تعاملت معي كطفل عمره شهران

إلا أنت ..

وقدمت لي لبن العصفور

والأزهار والألعاب

إلا أنت ..

أشهد أن لا امرأة ً

كانت معي كريمة كالبحر

راقية كالشعر

ودللتني مثلما فعلت

وأفسدتني مثلما فعلت

أشهد أن لا امرأة

قد جعلت طفولتي

تمتد للخمسين .. إلا أنت

4

أشهد أن لا امرأة ً

تقدرأن تقول إنها النساء .. إلا أنت

وإن في سرتها

مركز هذا الكون

أشهد أن لا امرأة ً

تتبعها الأشجار عندما تسير

إلا أنت ..

ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي

إلا أنت ..

وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي

إلا أنت

أشهد أن لا امرأة ً

إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة

وحرضت رجولتي علي

إلا أنت ..

5

أشهد أن لا امرأة ً

توقف الزمان عند نهدها الأيمن

إلا أنت ..

وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر

إلا أنت ..

أشهد أن لا امرأة ً

قد غيرت شرائع العالم إلا أنت

وغيرت

خريطة الحلال والحرام

إلا أنت ..

6

أشهد أن لا امرأة ً

تجتاحني في لحظات العشق كالزلزال

تحرقني .. تغرقني

تشعلني .. تطفئني

تكسرني نصفين كالهلال

أشهد أن لا امرأة ً

تحتل نفسي أطول احتلال

وأسعد احتلال

تزرعني

وردا دمشقيا

ونعناعا

وبرتقال

يا امرأة

اترك تحت شعرها أسئلتي

ولم تجب يوما على سؤال

يا امرأة هي اللغات كلها

لكنها

تلمس بالذهن ولا تقال

7

أيتها البحرية العينين

والشمعية اليدين

والرائعة الحضور

أيتها البيضاء كالفضة

والملساء كالبلور

أشهد أن لا امرأة ً

على محيط خصرها . .تجتمع العصور

وألف ألف كوكب يدور

أشهد أن لا امرأة ً .. غيرك يا حبيبتي

على ذراعيها تربى أول الذكور

وآخر الذكور
8

أيتها اللماحة الشفافة

العادلة الجميلة

أيتها الشهية البهية

الدائمة الطفوله

أشهد أن لا امرأة ً

تحررت من حكم أهل الكهف إلا أنت

وكسرت أصنامهم

وبددت أوهامهم

وأسقطت سلطة أهل الكهف إلا أنت

أشهد أن لا امرأة

إستقبلت بصدرها خناجر القبيلة

واعتبرت حبي لها

خلاصة الفضيله

9

أشهد أن لا امرأة ً

جاءت تماما مثلما انتظرت

وجاء طول شعرها أطول مما شئت أو حلمت

وجاء شكل نهدها

مطابقا لكل ما خططت أو رسمت

أشهد أن لا امرأة ً

تخرج من سحب الدخان .. إن دخنت

تطير كالحمامة البيضاء في فكري .. إذا فكرت

يا امرأة ..كتبت عنها كتبا بحالها

لكنها برغم شعري كله

قد بقيت .. أجمل من جميع ما كتبت

10

أشهد أن لا امرأة ً

مارست الحب معي بمنتهى الحضاره

وأخرجتني من غبار العالم الثالث

إلا أنت

أشهد أن لا امرأة ً

قبلك حلت عقدي

وثقفت لي جسدي

وحاورته مثلما تحاور القيثاره

أشهد أن لا امرأة ً

إلا أنت ..

إلا أنت ..

إلا أنت ..

>>>>>>>>>>>>>>

إغضب

إغضبْ كما تشاءُ..
واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
حطّم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا..
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ..
كلُّ ما تقولهُ سواءُ..
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا..

إغضبْ!

فأنتَ رائعٌ حقاً متى تثورُ

إغضب!

فلولا الموجُ ما تكوَّنت بحورُ..
كنْ عاصفاً.. كُنْ ممطراً..
فإنَّ قلبي دائماً غفورُ

إغضب!

فلنْ أجيبَ بالتحدّي
فأنتَ طفلٌ عابثٌ..
يملؤهُ الغرورُ..
وكيفَ من صغارها..
تنتقمُ الطيورُ؟

إذهبْ..

إذا يوماً مللتَ منّي..
واتهمِ الأقدارَ واتّهمني..
أما أنا فإني..
سأكتفي بدمعي وحزني..
فالصمتُ كبرياءُ
والحزنُ كبرياءُ

إذهبْ.

إذا أتعبكَ البقاءُ..
فالأرضُ فيها العطرُ والنساءُ..
وعندما تحتاجُ كالطفلِ إلى حناني..
فعُدْ إلى قلبي متى تشاءُ..
فأنتَ في حياتيَ الهواءُ..
وأنتَ.. عندي الأرضُ والسماءُ..

إغضبْ كما تشاءُ
واذهبْ كما تشاءُ
واذهبْ.. متى تشاءُ
لا بدَّ أن تعودَ ذاتَ يومٍ
وقد عرفتَ ما هوَ الوفاءُ...

>>>>>>>>>>>>
اكرهها

اكرهها واشتهي وصلها
وإنني أحب كرهي لها
أحب هذا المكر في عينها
وزورها إن زورت قولها
اكرهها عين كعين الذئب محتالة
طافت أكاذيب الهوى حولها
قد سكن الجنون أحداقها
وأطفأت ثورتها عقلها
اشك في شكي إذا أقبلت باكية
شارحة ذلها
فان ترفقت بها استكبرت
و جرت ضاحكة ذيلها
إن عانقتني كسرت أضلعي
و أفرغت على فمي غلها
يحبها حقدي ويا طالما وددت
إذ طوقتها قتلتها

>>>>>>>>>>>>

البحث عن سيدة اسمها


سيدتي الشورى :

ما أحوالك ؟

ما عنوانك ؟

ما صندوق بريدك ؟

هل يمكنني أن ألقاك لخمس دقائق

يا سيدتي الشورى ؟..

فتشنا عنك طويلاً

بين الماء .. وبين الماء ..

وبين الرمل .. وبين الرمل ..

وبين القتل .. وبين القتل ..

وبين قريشٍ .. وقريشٍ ..

فوجدنا أنقاض خيولٍ

ووجدنا أجزاء سيوفٍ

ووجدنا أشباه رجالٍ

ووجدنا جيشاً مدحوراً ...

سيدتي ..

سيدتي الشورى :

فتشنا عنك بأقسام البوليس ،

وقائمة السجناء ،

وطابور الغرباء ،

وفي غرف الإنعاش ،

وثلاجات الموتى ..

فتشنا ..

عن سيدةٍ فقدت منذ القرن الأول منا ،

تدعى الشورى .

فوجدنا رأساً مقطوعاً ..

ووجدنا جسداً مغتصباً ..

ووجدنا نهداً مبتورا ...

3

من يوم ولدنا

وبأن الشعب شريكٌ في التفكير ..

وفي التدبير ..

وفي التنظير ..

كما تقضي أنظمة الشورى

لكنا .. لم نسأل أبداً

إن كنا في الأصل إناثاً

أو كنا في الأصل ذكورا ...

أو كنا بشراً .. أو كنا

قططاً .. وكلاباً .. وطيورا ..

أو كنا نأكل فاكهةً

أو نأكل تبناً .. وشعيرا ..

وبقينا في رسم الإيجار

تحلبنا الدولة كالأبقار

لا نعرف من يستأجرنا .

لا نعرف من هو مالكنا .

لا نعرف من في اليوم التالي يركبنا ..

وبقينا نسأل أنفسنا

هل هي شوربةٌ ..

أم شورى ؟؟

4

لو أنت دخلت على فرعونٍ

في عزلته الأبديه

قطرات دماءٍ بشريه .

وتشاهد فوق وسادته

امرأةً دون ذراعيها ..

وقصائد دون ذراعيها ..

وخواتم ذهبٍ مرميه ..

وتشاهد تحت أظافره

قطعاً من لحم الحريه ..

5

من يوم ولدنا

نسمع عن حكم الشورى

لكن الحاكم في الشرق الأوسط

وبال على رأي الإنسان ..

وبال على حكم الشورى ..

واحترف الرقص على أجساد الشعب

وشيد للظلم قصورا ..

ورمانا في آتون الحرب

وأحرق أمماً وعصورا ..

فأفقنا في ذات صباحٍ

لنرى أنفسنا مكتوبين بقائمة الموتى .

ونرى الرايات ممزقةً .

ونرى الجدران مهدمةً .

ونرى الأجساد مفحمةً .

ونرى أكفاناً وقبورا .

وأفقنا في ذات صباحٍ

لنلملم وطناً مكسورا ..

وعرفنا – بعد سقوط البصرة –

ما معنى الشورى !!

6

ما زلنا منذ طفولتنا

نتفاءل باللون الكاكي

ونفرح بالعقداء ..

وبالنجمات على الأكتاف ..

وبالجزمات ..

وبالأزرار ..

ما زلنا ..

- منذ بدأنا نقرأ -

نتلو قرآن الثوار ..

ونغطي دبابات الجيش الظافر

بالقبلات .. وبالصلوات ..

وبالأزهار .

بمجيء الضباط الأحرار ..

7

لا لغةٌ ..

تجمع بين الحاكم والمحكوم لدينا

إلا لغة البلطة والمنشار ..

لا خيطٌ يجمع بينهما

إلا ما يجمع

بين القط .. وبين الفار ..

... وأتانا الضباط الأحرار .

وبدأنا ننسى ضوء الشمس ،

وصوت البحر ،

وألوان الأشجار ..

وبدأنا نسقط تحت نعال الخيل ،

ونصلب في غرف التعذيب ،

ونشوى في أفران النار ..

شكل الإنسان – الصرصار .

وبدأنا نسأل أنفسنا :

أهنالك ربٌ يسمعنا خلف الأسوار ؟؟

8

يتكسر وطني

مثل قوارير الفخار .

تنقرض الأمة بين الماء وبين الماء ..

تهاجر أسماكٌ وبحار .

تنهار بنايات التاريخ جداراً بعد جدار ..

وأنا أتأمل ما تعرضه الشاشة

من أخبار العار ..

ومذيع الدولة ، يعلن دون حياءٍ ،

"أنا قد حققنا النصر ..

بفضل نضال الحزب ..

وفضل الضباط الأحرار " !!

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

شكرا

شكرا لحبك..

فهو معجزتي الأخيره..
بعدما ولى زمان المعجزات.

شكرا لحبك..

فهو علمني القراءة، والكتابه،
وهو زودني بأروع مفرداتي..
وهو الذي شطب النساء جميعهن .. بلحظه
واغتال أجمل ذكرياتي..

شكرا من الأعماق..

يا من جئت من كتب العبادة والصلاه
شكرا لخصرك، كيف جاء بحجم أحلامي، وحجم تصوراتي
ولوجهك المندس كالعصفور،
بين دفاتري ومذكراتي..
شكرا لأنك تسكنين قصائدي..

شكرا...
لأنك تجلسين على جميع أصابعي
شكرا لأنك في حياتي..

شكرا لحبك..
فهو أعطاني البشارة قبل كل المؤمنين
واختارني ملكا..
وتوجني..
وعمدني بماء الياسمين..

شكرا لحبك..
فهو أكرمني، وأدبني ، وعلمني علوم الأولىن
واختصني، بسعادة الفردوس ، دون العالمين شكرا..
لأيام التسكع تحت أقواس الغمام، وماء تشرين الحزين
ولكل ساعات الضلال، وكل ساعات اليقين

شكرا لعينيك المسافرتين وحدهما..
إلى جزر البنفسج ، والحنين..

شكرا..
على كل السنين الذاهبات..
فإنها أحلى السنين..

شكرا لحبك..
فهو من أغلى وأوفى الأصدقاء
وهو الذي يبكي على صدري..
إذا بكت السماء

شكرا لحبك فهو مروحه..
وطاووس .. ونعناع .. وماء
وغمامة وردية مرت مصادفة بخط الاستواء...
وهو المفاجأة التي قد حار فيها الأنبياء..

شكرا لشعرك .. شاغل الدنيا ..
وسارق كل غابات النخيل

شكرا لكل دقيقه..
سمحت بها عيناك في العمر البخيل

شكرا لساعات التهور، والتحدي،
واقتطاف المستحيل..

شكرا على سنوات حبك كلها..
بخريفها، وشتائها
وبغيمها، وبصحوها،
وتناقضات سمائها..

شكرا على زمن البكاء ، ومواسم السهر الطويل

شكرا على الحزن الجميل ..

شكرا على الحزن الجميل

>>>>>>>>>>>>>


الشقيقتان


قلم الحمرة .. أختاه .. ففي شرفات الظن، ميعادي معه
أين أصباغي.. ومشطي .. والحلي؟ إن بي وجدا كوجد الزوبعة
ناوليني الثوب من مشجبه ومن الديباج هاتي أروعه
سرحيني .. جمليني .. لوني ظفري الشاحب إني مسرعة
جوربي نار .. فهل أنقذته؟ من يد موشكة أن تقطعه
ما كذبت الله .. فيما أدعي كاد أن يهجر قلبي موضعة
رحمة .. يا هند هل أمضى له وأنا مبهورة .. ممتقعة ..
إنه الآن .. إلى موعدنا جبهة .. باذخة .. مرتفعة
ورداء يحصد الشمس .. جوى وفم لون الفصول الأربعة
لا أسميه .. وإن كان اسمه نقرة العود .. وبوح المزرعة
لو سألت الريش من أجفانه أتقي البرد به .. لاقتلعه
ركزي يا هند شغلى .. فعلى سحبات الرصد ميعادي معه

>>>>>>>>>>>>


الحب المستحيل
أحبك جدا
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل
وأعرف أنك ست النساء
وليس لدي بديل
وأعرف أن زمان الحب انتهى
ومات الكلام الجميل
أحبك جداً ولست أعلم
لست النساء ماذا نقول..
احبك جدا..
احبك جدا وأعرف اني أعيش بمنفى
وأنت بمنفى..وبيني وبينك
ريح وبرق
وغيم ورعد وثلج ونار.
واعرف أن الوصول اليك.. انتحار
ويسعدني..
أن امزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية..
يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جدا
واعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورأيي وأركض..أركض..خلف جنوني
أيا امرأة..تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله ..لا تتركيني
لا تتركيني..
فما أكون أنا اذا لم تكوني
أحبك.
أحبك جدا ..وجدا وجدا
وأرفض من نار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالحب أن يستقيلا..
وما همني..إن خرجت من الحب حيا
وما همني ان خرجت قتيلا
أحبك جدا
وأعرف أني تورطت جدا
وأحرقت خلفي جميع المراكب
وأعرف أني سأهزم جدا
برغم ألوف النساء
ورغم ألوف التجارب
أحبك جدا ... !
وأعرف أني بغابات عينيك وحدي أحارب
وأني كـكل المجانين حاولت صيد الكواكب
وأبقى أحبك رغم اقتناعي
بأن بقائي إلى الآن حيا
أقاوم حبك إحدى العجائب
أحبك جدا ... !
وأعرف أني أغامر برأسي
وأن حصاني خاسر
وأن الطريق لبيت أبيك
محاصر بألوف العساكر
وأبقى أحبك رغم يقـيـني
بأن التلفظ باسمكِ كفر
وأني أحارب فوق الدفاتر
أحبك جدا ... !
وأعرف أن هواك انتحار
وأني حين سأكمل دوري
سيرخى علي الستار
وألقي برأسي على ساعديك
وأعرف أن لن يجـئ النهار
وأقنع نفسي بأن سقوطي
قـتيل على شفـتيك انتصار
أحبك جدا !
وأعرف منذ البداية بأني سأفشل
وأني خـلال فصول الرواية سأقـتل
ويحمل رأسي إليكِ
وأني سأبقى ثلاثين يوماً
مسجـى كطفل على ركبتيك
وأفرح جدا بروعة تلك النهاية
وأبقى أحبك
أحبك جدا ... !!!






حبّ بلا حُدُودْ..
يا سيِّدتي:
كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي
قبل رحيل العامْ.
أنتِ الآنَ.. أهمُّ امرأةٍ
بعد ولادة هذا العامْ..
أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ و بالأيَّامْ.
أنتِ امرأةٌ..
صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ..
و من ذهب الأحلامْ..
أنتِ امرأةٌ..كانت تسكن جسدي
قبل ملايين الأعوامْ..

>>>>>>>>>>>

روائع من خواطر نزار قباني
أنقل حبي لك من عام إلى عام...
كما ينقل التلميذ فروضه المدرسية...
إلى دفتر جديـــد...
أنقل صوتك..ورائحتك...
ورسائلك..ورقم هاتفك...
وأعلقها في خزانة العام الجديــد...
وأمنحك تذكرة إقامة دائمه في قلبي...

ـــــــــــــــــــــــــــــ

حاولت أن أهرب منك بالسفر..
ولكنك كنت معي..
في القطارات..في المطارات..
والمؤاني..والطرقات..
لم أكن أعلم أنني أحملك..
كماأحمل جواز سفري..

ـــــــــــــــــــــــــ

عندما ذهبت..بقيت..
رائحة عطرك تملأ المكان..
وأصبحت غرفتي حزينه..
وماأصعب أن تحزن الجدران..
وتحول كل شي للسواد..
حتى الأنوار..أصبحت دخان..

ـــــــــــــــــــــــ

حاولت أن أنساك..
وأنسى بقايا السنين..
حاولت غسل ذاكرتي..
من قصص العاشقين..
ولكنك بقيت كالوشم..
مسكين من يعشق..
جرحه..فعلا مسكين..

ــــــــــــــــــــــــ

عندما عرفتك..
ملكت العالم كله..
وعندما رحلت..
وتركت لي رساله..
لم أعد أملك سوى..أسمـــــــك

>>>>>>>>>>>>>

ماذا

أي انقلابٍ سوف يحدث في حياتي؟

لو أعشق امرأةً تكون بمستواك.

أي انقلابٍ سوف يحدث – لو أحبك –

في نظام الكائنات..

أي ارتجاجٍ في ضمير الكون..

لو مرت على رأسي يداك...

لو مثلك امرأةٌ تكون حبيبتي..

عمرت للعشاق ألف مدينةٍ

وبسطت سلطاني

على كل الممالك واللغات..

لو مثلك امرأةٌ.. تكون حبيبتي

ماذا سيحدث في الطبيعة من عجائب..

ماذا سيحدث للبحار، وللمراكب..

ماذا سيحدث للكواكب؟

ماذا سيحدث للحضارة..

للمدنية ، لو رأت عينيك ، أو سمعت خطاك..

ماذا سيحدث للفتون إذا تشكل ناهداك..

ماذا سيحدث للثقافة كلها؟

لو أعشق امرأةً تكون بمستواك..

>>>>>>>>>>>

إلى ممثلة فاشلة
1

في طبعك التمثيل

في طبعك التمثيل

ثيابك الغريبة الصارخة الألوان..

وصوتك المفرط في الحنان..

وشعرك الضائع في الزمان والمكان..

والحلق المغامر الطويل

جميعها .. جميعها..

من عدة التمثيل..

2

سيدتي:

إياك أن تستعملي قصائدي

في غرض التجميل

فإنني أكره كل امرأةٍ

تستعمل الرجال للتجميل

لست أنا .. لست أنا..

الشخص الذي تعلقين في الخزانه

ولا طموحي أن أسمى شاعر السلطانه

أو أن أكون قطةً تركيةً

تنام طول الليل تحت شعرك الطويل

فالدور مستحيل

لأنني أرفض كل امرأةٍ..

تحبني .. في غرض التجميل..

3

لا تسحبيني من يدي..

إلى مشاويرك مثل الحمل الوديع.

لا تحسبيني عاشقاً من جملة العشاق في القطيع.

ما عدت أستطيع أن أحتمل الإذلال يا سيدتي،

والريح .. والصقيع..

ما عدت أستطيع..

نصيحتي إليك .. أن لا تصبغي الشفاه من دمائي

نصيحتي إليك .. أن لا تقفزي من فوق كبريائي

نصيحتي إليك .. أن لا تعرضي

رسائلي التي كتبتها إليك كالإماء..

فإنني آخر من يعرض كالخيول في مجالس النساء..

4

نصيحةٌ برئيةٌ إليك .. يا عزيزتي

لا تحسبيني وصلةً شعريةً أكون فيها نجم حفلاتك.

أو تحسبيني بطلاً من ورق يموت في إحدى رواياتك

أو تشعليني شمعةً لتضمني نجاح سهراتك..

أو تلبسيني معطفاً لتعرفي رأي صديقاتك..

أو تجعليني عادةً يوميةً من بين عاداتك..

5

نصيحةٌ أخيرةٌ إليك .. يا عزيزتي

لا تستغلي الشعر حتى تشبعي إحدى هواياتك

فلن أكون راقصا محترفاً...

يسعى إلى إرضاء نزواتك

وها أنا أقدم استقالتي

من كل جناتك...

>>>>>>>>>>>>

الى رجل

متى ستعرف كم أهواك .. يا رجلاً
أبيع من أجله الدنيا .. وما فيها
يا من تحديت في حبي له .. مدناً
بحالها .. وسأمضي في تحديها
لو تطلب البحر .. في عينيك أسكبه
أو تطلب الشمس .. في كفيك أرميها
أنا أحبك . فوق الغيم أكتبها
وللعصافير ، والأشجار .. أحكيها
أنا أحبك . فوق الماء أنقشها
وللعناقيد .. والأقداح .. أسقيها
أنا أحبك ، يا سيفاً أسال دمي
يا قصة لست أدري ما أسميها
أنا أحبك . حاول أن تساعدني
فإن من بدأ المأساة .. ينهيها
وإن من فتح الأبواب .. يغلقها
وإن من أشعل النيران .. يطفيها
يا من يدخن في صمت .. ويتركني
في البحر .. أرفع مرساتي وألقيها
ألا تراني ببحر الحب .. غارقة
والموج يمضغ آمالي ويرميها
إنزل قليلاً عن الأهداب .. يا رجلاً
مازال يقتل أحلامي .. ويحييها
كفاك .. تلعب دور العاشقين معي
وتنتقي كلمات .. لست تعنيها
كم اخترعت مكاتيبا ً.. سترسلها
وأسعدتني ورود .. سوف تهديها
وكم ذهبت لوعد .. لا وجود له
وكم حلمت بأثواب سأشريها
وكم تمنيت لو للرقص تطلبني
وحيرتني ذراعي .. أين ألقيها ؟
إرجع إلي .. فإن الأرض واقفة
كأنما الأرض فرت من ثوانيها
إرجع .. فبعدك لا عقد أعلقه
ولا لمست عطوري في أوانيها
لمن جمالي ؟ لمن شال الحرير ؟ لمن ؟
ضفائري منذ أعوام أربيها ؟
إرجع كما أنت .. صحو كنت أم مطر
فما حياتي أنا .. إن لم تكن فيها
* * *

>>>>>>>>>>>

بلقيس



شُكْرَاً لَكُمْ
شُكْرَاً لَكُمْ
فحبيبتي قُتِلَتْ وصارَ بوسْعِكُم
أن تشربوا كأساً على قبرِ الشهيدة
وقصيدتي اغتيلت ..
وهَلْ من أُمَّةٍ في الأرضِ ..
- إلاَّ نحنُ - تغتالُ القصيدة ؟
بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
هل يا تُرى ..
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
يا نَيْنَوَى الخضراء ..
يا غجريَّتي الشقراء ..
يا أمواجَ دجلةَ . .
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
أحلى الخلاخِلْ ..
قتلوكِ يا بلقيسُ ..
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
تلكَ التي
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
أين السَّمَوْأَلُ ؟
والمُهَلْهَلُ ؟
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
وثعالبٌ قتلتْ ثعالبْ ..
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.
بلقيسُ
لا تتغيَّبِي عنّي
فإنَّ الشمسَ بعدكِ
لا تُضيءُ على السواحِلْ . .
سأقول في التحقيق :
إنَّ اللصَّ أصبحَ يرتدي ثوبَ المُقاتِلْ
وأقول في التحقيق :
إنَّ القائدَ الموهوبَ أصبحَ كالمُقَاوِلْ ..
وأقولُ :
إن حكايةَ الإشعاع ، أسخفُ نُكْتَةٍ قِيلَتْ ..
فنحنُ قبيلةٌ بين القبائِلْ
هذا هو التاريخُ . . يا بلقيسُ ..
كيف يُفَرِّقُ الإنسانُ ..
ما بين الحدائقِ والمزابلْ
بلقيسُ ..
أيَّتها الشهيدةُ .. والقصيدةُ ..
والمُطَهَّرَةُ النقيَّةْ ..
سبأٌ تفتِّشُ عن مَلِيكَتِهَا
فرُدِّي للجماهيرِ التحيَّةْ ..
يا أعظمَ المَلِكَاتِ ..
يا امرأةً تُجَسِّدُ كلَّ أمجادِ العصورِ السُومَرِيَّةْ
بلقيسُ ..
يا عصفورتي الأحلى ..
ويا أَيْقُونتي الأَغْلَى
ويا دَمْعَاً تناثرَ فوقَ خَدِّ المجدليَّةْ
أَتُرى ظَلَمْتُكِ إذْ نَقَلْتُكِ
ذاتَ يومٍ .. من ضفافِ الأعظميَّةْ
بيروتُ .. تقتُلُ كلَّ يومٍ واحداً مِنَّا ..
وتبحثُ كلَّ يومٍ عن ضحيَّةْ
والموتُ .. في فِنْجَانِ قَهْوَتِنَا ..
وفي مفتاح شِقَّتِنَا ..
وفي أزهارِ شُرْفَتِنَا ..
وفي وَرَقِ الجرائدِ ..
والحروفِ الأبجديَّةْ ...
ها نحنُ .. يا بلقيسُ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى لعصرِ الجاهليَّةْ ..
ها نحنُ ندخُلُ في التَوَحُّشِ ..
والتخلّفِ .. والبشاعةِ .. والوَضَاعةِ ..
ندخُلُ مرةً أُخرى .. عُصُورَ البربريَّةْ ..
حيثُ الكتابةُ رِحْلَةٌ
بينِ الشَّظيّةِ .. والشَّظيَّةْ
حيثُ اغتيالُ فراشةٍ في حقلِهَا ..
صارَ القضيَّةْ ..
هل تعرفونَ حبيبتي بلقيسَ ؟
فهي أهمُّ ما كَتَبُوهُ في كُتُبِ الغرامْ
كانتْ مزيجاً رائِعَاً
بين القَطِيفَةِ والرُّخَامْ ..
كان البَنَفْسَجُ بينَ عَيْنَيْهَا
ينامُ ولا ينامْ ..
بلقيسُ ..
يا عِطْرَاً بذاكرتي ..
ويا قبراً يسافرُ في الغمام ..
قتلوكِ ، في بيروتَ ، مثلَ أيِّ غزالةٍ
من بعدما .. قَتَلُوا الكلامْ ..
بلقيسُ ..
ليستْ هذهِ مرثيَّةً
لكنْ ..
على العَرَبِ السلامْ
بلقيسُ ..
مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ .. مُشْتَاقُونَ ..
والبيتُ الصغيرُ ..
يُسائِلُ عن أميرته المعطَّرةِ الذُيُولْ
نُصْغِي إلى الأخبار .. والأخبارُ غامضةٌ
ولا تروي فُضُولْ ..
بلقيسُ ..
مذبوحونَ حتى العَظْم ..
والأولادُ لا يدرونَ ما يجري ..
ولا أدري أنا .. ماذا أقُولْ ؟
هل تقرعينَ البابَ بعد دقائقٍ ؟
هل تخلعينَ المعطفَ الشَّتَوِيَّ ؟
هل تأتينَ باسمةً ..
وناضرةً ..
ومُشْرِقَةً كأزهارِ الحُقُولْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ زُرُوعَكِ الخضراءَ ..
ما زالتْ على الحيطانِ باكيةً ..
وَوَجْهَكِ لم يزلْ مُتَنَقِّلاً ..
بينَ المرايا والستائرْ
حتى سجارتُكِ التي أشعلتِها
لم تنطفئْ ..
ودخانُهَا
ما زالَ يرفضُ أن يسافرْ
بلقيسُ ..
مطعونونَ .. مطعونونَ في الأعماقِ ..
والأحداقُ يسكنُها الذُهُولْ
بلقيسُ ..
كيف أخذتِ أيَّامي .. وأحلامي ..
وألغيتِ الحدائقَ والفُصُولْ ..
يا زوجتي ..
وحبيبتي .. وقصيدتي .. وضياءَ عيني ..
قد كنتِ عصفوري الجميلَ ..
فكيف هربتِ يا بلقيسُ منّي ؟..
بلقيسُ ..
هذا موعدُ الشَاي العراقيِّ المُعَطَّرِ ..
والمُعَتَّق كالسُّلافَةْ ..
فَمَنِ الذي سيوزّعُ الأقداحَ .. أيّتها الزُرافَةْ ؟
ومَنِ الذي نَقَلَ الفراتَ لِبَيتنا ..
وورودَ دَجْلَةَ والرَّصَافَةْ ؟
بلقيسُ ..
إنَّ الحُزْنَ يثقُبُنِي ..
وبيروتُ التي قَتَلَتْكِ .. لا تدري جريمتَها
وبيروتُ التي عَشقَتْكِ ..
تجهلُ أنّها قَتَلَتْ عشيقتَها ..
وأطفأتِ القَمَرْ ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ ..
يا بلقيسُ
كلُّ غمامةٍ تبكي عليكِ ..
فَمَنْ تُرى يبكي عليَّا ..
بلقيسُ .. كيف رَحَلْتِ صامتةً
ولم تَضَعي يديْكِ .. على يَدَيَّا ؟
بلقيسُ ..
كيفَ تركتِنا في الريح ..
نرجِفُ مثلَ أوراق الشَّجَرْ ؟
وتركتِنا - نحنُ الثلاثةَ - ضائعينَ
كريشةٍ تحتَ المَطَرْ ..
أتُرَاكِ ما فَكَّرْتِ بي ؟
وأنا الذي يحتاجُ حبَّكِ .. مثلَ (زينبَ) أو (عُمَرْ)
بلقيسُ ..
يا كَنْزَاً خُرَافيّاً ..
ويا رُمْحَاً عِرَاقيّاً ..
وغابَةَ خَيْزُرَانْ ..
يا مَنْ تحدَّيتِ النجُومَ ترفُّعاً ..
مِنْ أينَ جئتِ بكلِّ هذا العُنْفُوانْ ؟
بلقيسُ ..
أيتها الصديقةُ .. والرفيقةُ ..
والرقيقةُ مثلَ زَهْرةِ أُقْحُوَانْ ..
ضاقتْ بنا بيروتُ .. ضاقَ البحرُ ..
ضاقَ بنا المكانْ ..
بلقيسُ : ما أنتِ التي تَتَكَرَّرِينَ ..
فما لبلقيسَ اثْنَتَانْ ..
بلقيسُ ..
تذبحُني التفاصيلُ الصغيرةُ في علاقتِنَا ..
وتجلُدني الدقائقُ والثواني ..
فلكُلِّ دبّوسٍ صغيرٍ .. قصَّةٌ
ولكُلِّ عِقْدٍ من عُقُودِكِ قِصَّتانِ
حتى ملاقطُ شَعْرِكِ الذَّهَبِيِّ ..
تغمُرُني ،كعادتِها ، بأمطار الحنانِ
ويُعَرِّشُ الصوتُ العراقيُّ الجميلُ ..
على الستائرِ ..
والمقاعدِ ..
والأوَاني ..
ومن المَرَايَا تطْلَعِينَ ..
من الخواتم تطْلَعِينَ ..
من القصيدة تطْلَعِينَ ..
من الشُّمُوعِ ..
من الكُؤُوسِ ..
من النبيذ الأُرْجُواني ..
بلقيسُ ..
يا بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
لو تدرينَ ما وَجَعُ المكانِ ..
في كُلِّ ركنٍ .. أنتِ حائمةٌ كعصفورٍ ..
وعابقةٌ كغابةِ بَيْلَسَانِ ..
فهناكَ .. كنتِ تُدَخِّنِينَ ..
هناكَ .. كنتِ تُطالعينَ ..
هناكَ .. كنتِ كنخلةٍ تَتَمَشَّطِينَ ..
وتدخُلينَ على الضيوفِ ..
كأنَّكِ السَّيْفُ اليَمَاني ..
بلقيسُ ..
أين زجَاجَةُ ( الغِيرلاَنِ ) ؟
والوَلاّعةُ الزرقاءُ ..
أينَ سِجَارةُ ال (الكَنْتِ ) التي
ما فارقَتْ شَفَتَيْكِ ؟
أين (الهاشميُّ ) مُغَنِّيَاً ..
فوقَ القوامِ المَهْرَجَانِ ..
تتذكَّرُ الأمْشَاطُ ماضيها ..
فَيَكْرُجُ دَمْعُهَا ..
هل يا تُرى الأمْشَاطُ من أشواقها أيضاً تُعاني ؟
بلقيسُ : صَعْبٌ أنْ أهاجرَ من دمي ..
وأنا المُحَاصَرُ بين ألسنَةِ اللهيبِ ..
وبين ألسنَةِ الدُخَانِ ...
بلقيسُ : أيتَّهُا الأميرَةْ
ها أنتِ تحترقينَ .. في حربِ العشيرةِ والعشيرَةْ
ماذا سأكتُبُ عن رحيل مليكتي ؟
إنَ الكلامَ فضيحتي ..
ها نحنُ نبحثُ بين أكوامِ الضحايا ..
عن نجمةٍ سَقَطَتْ ..
وعن جَسَدٍ تناثَرَ كالمَرَايَا ..
ها نحنُ نسألُ يا حَبِيبَةْ ..
إنْ كانَ هذا القبرُ قَبْرَكِ أنتِ
أم قَبْرَ العُرُوبَةْ ..
بلقيسُ :
يا صَفْصَافَةً أَرْخَتْ ضفائرَها عليَّ ..
ويا زُرَافَةَ كبرياءْ
بلقيسُ :
إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ ..
ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ ..
ويبقُرُ بطْنَنَا عَرَبٌ ..
ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ ..
فكيف نفُرُّ من هذا القَضَاءْ ؟
فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً
بين أعناقِ الرجالِ ..
وبين أعناقِ النساءْ ..
بلقيسُ :
إنْ هم فَجَّرُوكِ .. فعندنا
كلُّ الجنائزِ تبتدي في كَرْبَلاءَ ..
وتنتهي في كَرْبَلاءْ ..
لَنْ أقرأَ التاريخَ بعد اليوم
إنَّ أصابعي اشْتَعَلَتْ ..
وأثوابي تُغَطِّيها الدمَاءْ ..
ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ
نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ...
البحرُ في بيروتَ ..
بعد رحيل عَيْنَيْكِ اسْتَقَالْ ..
والشِّعْرُ .. يسألُ عن قصيدَتِهِ
التي لم تكتمِلْ كلماتُهَا ..
ولا أَحَدٌ .. يُجِيبُ على السؤالْ
الحُزْنُ يا بلقيسُ ..
يعصُرُ مهجتي كالبُرْتُقَالَةْ ..
الآنَ .. أَعرفُ مأزَقَ الكلماتِ
أعرفُ وَرْطَةَ اللغةِ المُحَالَةْ ..
وأنا الذي اخترعَ الرسائِلَ ..
لستُ أدري .. كيفَ أَبْتَدِئُ الرسالَةْ ..
السيف يدخُلُ لحم خاصِرَتي
وخاصِرَةِ العبارَةْ ..
كلُّ الحضارةِ ، أنتِ يا بلقيسُ ، والأُنثى حضارَةْ ..
بلقيسُ : أنتِ بشارتي الكُبرى ..
فَمَنْ سَرَق البِشَارَةْ ؟
أنتِ الكتابةُ قبْلَمَا كانَتْ كِتَابَةْ ..
أنتِ الجزيرةُ والمَنَارَةْ ..
بلقيسُ :
يا قَمَرِي الذي طَمَرُوهُ ما بين الحجارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارَةْ ..
الآنَ ترتفعُ الستارِةْ ..
سَأَقُولُ في التحقيقِ ..
إنّي أعرفُ الأسماءَ .. والأشياءَ .. والسُّجَنَاءَ ..
والشهداءَ .. والفُقَرَاءَ .. والمُسْتَضْعَفِينْ ..
وأقولُ إنّي أعرفُ السيَّافَ قاتِلَ زوجتي ..
ووجوهَ كُلِّ المُخْبِرِينْ ..
وأقول : إنَّ عفافَنا عُهْرٌ ..
وتَقْوَانَا قَذَارَةْ ..
وأقُولُ : إنَّ نِضالَنا كَذِبٌ
وأنْ لا فَرْقَ ..
ما بين السياسةِ والدَّعَارَةْ !!
سَأَقُولُ في التحقيق :
إنّي قد عَرَفْتُ القاتلينْ
وأقُولُ :
إنَّ زمانَنَا العربيَّ مُخْتَصٌّ بذَبْحِ الياسَمِينْ
وبقَتْلِ كُلِّ الأنبياءِ ..
وقَتْلِ كُلِّ المُرْسَلِينْ ..
حتّى العيونُ الخُضْرُ ..
يأكُلُهَا العَرَبْ
حتّى الضفائرُ .. والخواتمُ
والأساورُ .. والمرايا .. واللُّعَبْ ..
حتّى النجومُ تخافُ من وطني ..
ولا أدري السَّبَبْ ..
حتّى الطيورُ تفُرُّ من وطني ..
و لا أدري السَّبَبْ ..
حتى الكواكبُ .. والمراكبُ .. والسُّحُبْ
حتى الدفاترُ .. والكُتُبْ ..
وجميعُ أشياء الجمالِ ..
جميعُها .. ضِدَّ العَرَبْ ..
لَمَّا تناثَرَ جِسْمُكِ الضَّوْئِيُّ
يا بلقيسُ ،
لُؤْلُؤَةً كريمَةْ
فَكَّرْتُ : هل قَتْلُ النساء هوايةٌ عَربيَّةٌ
أم أنّنا في الأصل ، مُحْتَرِفُو جريمَةْ ؟
بلقيسُ ..
يا فَرَسِي الجميلةُ .. إنَّني
من كُلِّ تاريخي خَجُولْ
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
هذي بلادٌ يقتلُونَ بها الخُيُولْ ..
مِنْ يومِ أنْ نَحَرُوكِ ..
يا بلقيسُ ..
يا أَحْلَى وَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يعيشُ في هذا الوَطَنْ ..
لا يعرفُ الإنسانُ كيفَ يموتُ في هذا الوَطَنْ ..
ما زلتُ أدفعُ من دمي ..
أعلى جَزَاءْ ..
كي أُسْعِدَ الدُّنْيَا .. ولكنَّ السَّمَاءْ
شاءَتْ بأنْ أبقى وحيداً ..
مثلَ أوراق الشتاءْ
هل يُوْلَدُ الشُّعَرَاءُ من رَحِمِ الشقاءْ ؟
وهل القصيدةُ طَعْنَةٌ
في القلبِ .. ليس لها شِفَاءْ ؟
أم أنّني وحدي الذي
عَيْنَاهُ تختصرانِ تاريخَ البُكَاءْ ؟
سَأقُولُ في التحقيق :
كيف غَزَالتي ماتَتْ بسيف أبي لَهَبْ
كلُّ اللصوص من الخليجِ إلى المحيطِ ..
يُدَمِّرُونَ .. ويُحْرِقُونَ ..
ويَنْهَبُونَ .. ويَرْتَشُونَ ..
ويَعْتَدُونَ على النساءِ ..
كما يُرِيدُ أبو لَهَبْ ..
كُلُّ الكِلابِ مُوَظَّفُونَ ..
ويأكُلُونَ ..
ويَسْكَرُونَ ..
على حسابِ أبي لَهَبْ ..
لا قَمْحَةٌ في الأرض ..
تَنْبُتُ دونَ رأي أبي لَهَبْ
لا طفلَ يُوْلَدُ عندنا
إلا وزارتْ أُمُّهُ يوماً ..
فِراشَ أبي لَهَبْ !!...
لا سِجْنَ يُفْتَحُ ..
دونَ رأي أبي لَهَبْ ..
لا رأسَ يُقْطَعُ
دونَ أَمْر أبي لَهَبْ ..
سَأقُولُ في التحقيق :
كيفَ أميرتي اغْتُصِبَتْ
وكيفَ تقاسَمُوا فَيْرُوزَ عَيْنَيْهَا
وخاتَمَ عُرْسِهَا ..
وأقولُ كيفَ تقاسَمُوا الشَّعْرَ الذي
يجري كأنهارِ الذَّهَبْ ..
سَأَقُولُ في التحقيق :
كيفَ سَطَوْا على آيات مُصْحَفِهَا الشريفِ
وأضرمُوا فيه اللَّهَبْ ..
سَأقُولُ كيفَ اسْتَنْزَفُوا دَمَهَا ..
وكيفَ اسْتَمْلَكُوا فَمَهَا ..
فما تركُوا به وَرْدَاً .. ولا تركُوا عِنَبْ
هل مَوْتُ بلقيسٍ ...
هو النَّصْرُ الوحيدُ
بكُلِّ تاريخِ العَرَبْ ؟؟...
بلقيسُ ..
يا مَعْشُوقتي حتّى الثُّمَالَةْ ..
الأنبياءُ الكاذبُونَ ..
يُقَرْفِصُونَ ..
ويَرْكَبُونَ على الشعوبِ
ولا رِسَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من فلسطينَ الحزينةِ ..
نَجْمَةً ..
أو بُرْتُقَالَةْ ..
لو أَنَّهُمْ حَمَلُوا إلَيْنَا ..
من شواطئ غَزَّةٍ
حَجَرَاً صغيراً
أو محَاَرَةْ ..
لو أَنَّهُمْ من رُبْعِ قَرْنٍ حَرَّروا ..
زيتونةً ..
أو أَرْجَعُوا لَيْمُونَةً
ومَحوا عن التاريخ عَارَهْ
لَشَكَرْتُ مَنْ قَتَلُوكِ .. يا بلقيسُ ..
يا مَعْبُودَتي حتى الثُّمَالَةْ ..
لكنَّهُمْ تَرَكُوا فلسطيناً
ليغتالُوا غَزَالَةْ !!...
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ، يا بلقيسُ ..
في هذا الزَمَانِ ؟
ماذا يقولُ الشِّعْرُ ؟
في العَصْرِ الشُّعُوبيِّ ..
المَجُوسيِّ ..
الجَبَان
والعالمُ العربيُّ
مَسْحُوقٌ .. ومَقْمُوعٌ ..
ومَقْطُوعُ اللسانِ ..
نحنُ الجريمةُ في تَفَوُّقِها
فما ( العِقْدُ الفريدُ ) وما ( الأَغَاني ) ؟؟
أَخَذُوكِ أيَّتُهَا الحبيبةُ من يَدي ..
أخَذُوا القصيدةَ من فَمِي ..
أخَذُوا الكتابةَ .. والقراءةَ ..
والطُّفُولَةَ .. والأماني
بلقيسُ .. يا بلقيسُ ..
يا دَمْعَاً يُنَقِّطُ فوق أهداب الكَمَانِ ..
عَلَّمْتُ مَنْ قتلوكِ أسرارَ الهوى
لكنَّهُمْ .. قبلَ انتهاءِ الشَّوْطِ
قد قَتَلُوا حِصَاني
بلقيسُ :
أسألكِ السماحَ ، فربَّما
كانَتْ حياتُكِ فِدْيَةً لحياتي ..
إنّي لأعرفُ جَيّداً ..
أنَّ الذين تورَّطُوا في القَتْلِ ، كانَ مُرَادُهُمْ
أنْ يقتُلُوا كَلِمَاتي !!!
نامي بحفْظِ اللهِ .. أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ ..
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
سَتَظَلُّ أجيالٌ من الأطفالِ ..
تسألُ عن ضفائركِ الطويلَةْ ..
وتظلُّ أجيالٌ من العُشَّاقِ
تقرأُ عنكِ أيَّتُها المعلِّمَةُ الأصيلَةْ ...
وسيعرفُ الأعرابُ يوماً ..
أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
قَتَلُوا الرسُولَةْ ..
ق .. ت .. ل ..و .. ا
ال .. ر .. س .. و .. ل .. ة
*** ***

>>>>>>>>>>>>

قصيدة

لو إننا

لو اننا لم نفترق
لبقيت نجما في سمائك ساريا
و تركت عمري في لهبيك يحترق

لو انني سافرت في قمم السحاب

و عدت نهرا في ربوعك ينطلق

لكنها الاحلام تنثرلي سرابا في المدى

وتظل سرا في الجوانح يختنق

* * * *

لو اننا لم نفترق

كانت خطانا في ذهول تبتعد

وتشدنا اشواقنا

فنعود نمسك بالطريق المرتعد

تلقى بنا اللحظات

في صخب الزحام كأننا

جسد تناثر في جسد

جسدان في جسد نسير وحولنا

كانت وجوه الناس تجري كالرياح

فلا نرى منهم احد

* * * *

ما زلت اذكر عندما جاء الرحيل

وصاح في عيني الارق

و تعثرت انفاسنا بين الضلوع

وعاد يشطرنا القلق

ورأيت عمري في يديك

رياح صيف عابث

ورماد احلام وشيئا من ورق

هذا انا

عمري ورق

حلمي ورق

طفل صغير في جحيم الموج

حاصره الغرق

ضوء طريد في عيون الافق

يطويه الشفق

نجم اضاء الكون يوما و احترق

* * * *

لا تسألي العين الحزينة

كيف ادمتها المقل

لا تسألي النجم البعيد

بأي سر قد أفل

مهما توارى الحلم في عيني

و أرقني الاجل

ما زلت المح في رماد العمر

شيئا من أمل

فغدا ستنبت في جبين الافق

نجمات جديدة

وغدا ستورق في ليالي الحزن

أيام سعيدة

وغدا اراك في المدى

شمسا تضيء ظلام ايامي

وان كانت بعيدة

* * * *

لو اننا لم نفترق

حملتك في ضجر الشوارع

فرحتي

والخوف يلقيني على الطرقات

تتمايل الاحلام بين عيوننا

وتغيب في صمت اللقا نبضاتي

و الليل سكير يعانق كأسه

و يطوف منتشيا على الحانات

و الضوء يسكب في العيون بريقه

ويهيم بخجل على الشرفات

كنا نصلي في الطريق

وحولنا يتندر الكهان بالضحكات

كنا نعانق في الظلام دموعنا

و الدرب منفطر من العبرات

وتوقف الزمن المسافر في دمي

و تعثرت في لوعة خطواتي

و الوقت يرتع و الدقائق تختفي

فنطارد اللحظات باللحظات

ما كنت اعرف و الرحيل يشدنا

اني اودع مهجتي و حياتي

ما كان خوفي من فراق آتي

لم يبق شيء منذ كان وداعنا

غير الجرح تئن في كلماتي

لو اننا لم نفترق

لبقيت في زمن الخطيئة توبتي

وجعلت وجهك قبلتي و صلاتي

>>>>>>>>>>>>

من اجمل قصائد نزار قباني .... العاشق القاسي

اني عشقتك و اتخذت قراري
فلمن اقدم يا ترى اعذاري
لا سلطة في الحب تعلو سلطتي
فألرأي رأي و الخيار خياري
هذه احاسيسي فلا تتدخلي ارجوك
بين البحر و البحار
انا النساء جعلتهن خواتم باصابعي
و كواكب بمداري
اني احبك دون اي تحفظ
و اعيشل فيك ولادتي و دمار
ان كان عندي ما اقوله
فسأقوله للواحد القهار
ماذا اخاف و من اخاف انا الذي
نام الزمان على صدى اوتاري
سافرت من بحر النساء و لم ازل
من يومها مقطوعة اخباري
انا جيد جدا اذا احببتني
فتعلمي ان تفهمي اطواري
ما عاد ينفعك البكاء و لاسى
فلقد اتخذت قراري

>>>>>>>>>>>>>

هــذهـ الخــوآطــر للــرآحــل نــزآر قبــــآنـــي

............................................

ما زلت تسألني عن عيد ميلادي

سجل لديك إذن .. ما أنت تجهله

تاريخ حبك لي .. تاريخ ميلادي

..........................................

لو خرج المارد من قمقمه

وقال لي : لبيك

دقيقة واحدة لديك

تختار فيها كل ما تريده

من قطع الياقوت والزمرد

لاخترت عينَيْكِ .. بلا تردد

.......................................

ذات العينين السوداوين

ذات العينين الصاحيتين الممطرتين

لا أطلب أبدا من ربي

إلا شيئين

أن يحفظ هاتين العينين

ويزيد بأيامي يومين

كي أكتب شعرا

في هاتين الؤلؤتين

.............................................

لأن كلام القواميس مات

لأن كلام المكاتيب مات

لأن كلام الروايات مات

أريد اكتشاف طريقة عشق

أحبك فيها .. بلا كلمات

............................................

ذوبت في غرامك الأقلام

. . من أزرق .. وأحمر .. وأخضر

حتى انتهى الكلام

علقت حبي لك في أساور الحمام

ولم أكن أعرف يا حبيبتي

أن الهوى يطير كالحمام

...............................................

حبك يا عميقة العينين

تطرف

تصوف

عبادة

حبك مثل الموت والولادة

صعب بأن يعاد مرتين

........................................

أروع ما في حبنا أنه

ليس له عقل ولا منطق

أجمل ما في حبنا أنه

يمشي على الماء ولا يغرق

.......................................

عبثا ما أكتب سيدتي

إحساسي أكبر من لغتي

وشعوري نحوك يتخطى

صوتي .. يتخطى حنجرتي

عبثا ما أكتب .. ما دامت

كلماتي .. أوسع من شفتي

أكرهها كل كتاباتي

مشكلتي أنكِ مشكلتي

...................................

قد حجزت غرفة لاثنين في بيت القمر

نقضي بها نهاية الأسبوع يا حبيبتي

فنادق العالم لا تعجبني

الفندق الذي أحب أن أسكنه هو القمر

لكنهم هنالك يا حبيبتي

لا يقبلون زائرا يأتي بغير امرأة

فهل تجيئين معي

يا قمري . . إلى القمر


>>>>>>>>>>>>>>>>>

اتمنى يحوز على رضاكم احبتي........

عـــودالليل
02-02-2010, 12:56 PM
ألف شكر

مروري شكر وتقدير للمجهود الراقي
http://abeermahmoud07.jeeran.com/619-welldone-AbeerMahmoud.gif

البرق النجدي
02-02-2010, 02:33 PM
شاكره تواجدك خيو عود الليل