مشاهدة النسخة كاملة : هل تسجد الأرواح عند النوم ، إذا بات العبد طاهرا ؟!


عفوكـ يارب
01-24-2010, 06:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السؤال : انتشرت في بعض المنتديات ، والرسائل البريدية رسالة تقول : " هل تعلم أين تذهب روحك وأنت نائم ؟ وفي هذه الرسالة ذكر هذا الأثر : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :' الأرواح تعرج في منامها إلى السماء ، فتؤمر بالسجود عند العرش ؛ فمن كان طاهرا سجد عند العرش ، ومن ليس بطاهر سجد بعيدا عن العرش ' رواه البخاري . وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من بات طاهراً بات في شعاره ملك ؛ فلم يستيقظ إلا قال الملك : 'اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهراً' ) . رواه الطبراني . فهل ما ورد في هذه الرسالة صحيح ؟



الجواب : الحمد لله
أولا : ليس من شك في أن من حسنات المراسلة ، ودخول المنتديات والمواقع الحوارية : أن يشغل المستخدم الزمان والمكان الذي يشارك فيه بما ينفعه وينفع غيره في أمر الدين والدنيا ، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لنا في كل أمر : ( احرص على ما ينفعك ) [ رواه مسلم ] .

غير أن النية الصادقة الصالحة لا تكفي وحدها في نجاة العبد ، وبلوغه الخير الذي يؤمله ، حتى يضم إلى ذلك عملا صالحا موافقة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وشرعه .
وهنا فيما يتعلق بالمسائل الدينية والمعلومات الشرعية ، والأحاديث النبوية المتداولة في المنتديات والرسائل الإلكترونية ، يحدث خلل كبير في تداوله وتبادلها ؛ وذلك حين يكون في الرسالة معلومة مغلوطة أحيانا ، وأحيانا لم نتثبت منها ، ثم نسارع إلى تبادلها ، ودعوة الناس إلى ذلك : ( انشر تؤجر ) قبل أن نتأكد من دقة هذه المعلومة ، وصحة ما ورد في الرسالة أو المشاركة .
وتزداد المسألة خطرا حين تتعلق بنسبة حديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أو حكم إلى الشرع المطهر ، قبل التأكد من صحة هذه النسبة ، ودقتها . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتَّقُوا الْحَدِيثَ عَنِّي إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ ؛ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه الترمذي وحسنه ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع ؛ وآخر الحديث : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) متفق عليه ، بل ذكر بعض أهل العلم أنه من جملة الأحاديث المتواترة . ينظر : "نظم المتناثر" ، للكتاني (28) .

وروى مسلم في مقدمة صحيحه (5) : ( كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ) .

والواجب على المرأ أن يتثبت من المعلومة قبل نشرها ، ودعوة الناس إليها ، إما بأن يراجعها بنفسه في كتب أهل العلم ، ومظان ورودها ، إن كان عنده مقدرة على ذلك ، أو بأن يسأل أهل العلم بذلك الباب ( التخصص ) الذي تنتمي إليه المعلومة ، فيسأل أهل الحديث عن صحة الحديث ، وأهل الفقه عن صحة الحكم ودقة الفتوى ، وهكذا . إلا أن تكون الرسالة قد وردته عن طريق من يثق بعلمه في هذا التخصص ، ويعلم دقته فيه ، فهنا لا بأس عليه أن ينتفع بها في نفسه ، ويرسلها إلى غيره ، بناء على أنه تلقاها من أهل الذكر في هذا الباب ، وقد أدى ما عليه .

ثانيًا : النص الأول المروي عن ابن عمر في هذه الرسالة هو من هذا الباب :
فالقول إن البخاري رواه ، ليس بصحيح ، لأن المراد بذلك أن يكون رواه في صحيحه ، والبخاري إنما رواه في كتاب " التاريخ " ، وكتاب التاريخ ليس من كتب السنن والمسانيد ، بل هو من كتب العلل ، ولذلك لم يقتصر فيه على " الصحيح " كما فعل في "صحيحه" المشهور ، بل كثيرا ما يروي الحديث فيه لبيان علته ، أو التنبيه على ضعفه ، وهو الأمر الذي فعله في هذا الحديث ، فقد قال بعد أن رواه (6/292) : "ولا أراه يصح" اهـ ؛ فتأمل كيف أن البخاري ذكر أنه لا يصح ، وكيف أن الرسالة أوهمت أنه في صحيح البخاري ؟!

وقد عزاه الحكيم الترمذي إلى أبي الدرداء ، من قوله ، موقوفا عليه ، أيضا ، لكن لم نقف على إسناده .

ثم إن هذا الأثر ، لو صح : فليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في رواية البخاري في تاريخه ، بل هو من كلام عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد صرح بذلك البيهقي بعد روايته له في شعب الإيمان (3/29) : "هكذا جاء موقوفا " . انتهى . يعني : أن الرواية إنما وردت عن عبد الله بن عمرو بن العاص من كلامه ، ولم ترد على أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا مع ما سبق من أن الإمام البخاري رحمه الله أشار إلى عدم صحة الرواية الموقوفة أيضا .
وأمر غيبي لا يحكم فيه بمجرد الرأي والاجتهاد ، بل لا بد من أن يكون مبينا على سنة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم .

وأما الحديث الآخر : ( من بات طاهراً بات في شعاره ملك ؛ فلم يستيقظ إلا قال الملك : 'اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهراً' ) .
وهذا الحديث رواه أبو عبيد القاسم في " الطهور" ـ ط مشهور ـ (رقم/70) وابن المبارك في "المسند" (رقم/64) وابن حبان في "صحيحه" (1051) والطبراني في " الكبير" (12/446) من حديث ابن عمر .
ورواه ابن المبارك في "الزهد" (1244) ومن طريقه : البيهقي في "الشعب" (2780) و"الدعوات" (375) من حديث أبي هريرة .
ورواه الطبراني في "الأوسط" (5087) من حديث ابن عباس .
وقد ذكره العقيلي في ترجمة عباس بن عتبة ، وقال : " لا يصح حديثه " ، ثم قال : " وقد روي هذا بغير هذا الإسناد بإسناد لين أيضا " انتهى . " الضعفاء الكبير" للعقيلي (3/362) .
وقد خرجه الشيخ أبو إسحاق الحويني في " الفتاوى الحديثية" له (1/456ـ ترقيم الشاملة) ورجح ضعفه .
وينظر : " السلسلة الصحيحة " للشيخ الألباني رحمه الله (2395) .

ثالثًا : يغنينا عما سبق في فضل الوضوء عند النوم ما رواه البخاري (247) ومسلم (2710) عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ؛ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ ) .
قَالَ : فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ : اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، قُلْتُ : وَرَسُولِكَ . قَالَ : ( لَا ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ) .
قال الإمام الترمذي رحمه الله ، عقب روايته لهذا الحديث في "سننه" (3574) : " ولا نعلم في شيء من الروايات ذكر الوضوء [ يعني : عند النوم ] إلا في هذا الحديث" انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
قَوْله ( فَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ ) الْأَمْر فِيهِ لِلنَّدَبِ .
وَلَهُ فَوَائِد : مِنْهَا أَنْ يَبِيت عَلَى طَهَارَة لِئَلَّا يَبْغَتهُ الْمَوْت فَيَكُون عَلَى هَيْئَة كَامِلَة , وَيُؤْخَذ مِنْهُ النَّدْب إِلَى الِاسْتِعْدَاد لِلْمَوْتِ بِطَهَارَةِ الْقَلْب لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ طَهَارَة الْبَدَن .. ، وَيَتَأَكَّد ذَلِكَ فِي حَقّ الْمُحْدِث وَلَا سِيَّمَا الْجُنُب وَهُوَ أَنْشَط لِلْعَوْدِ , وَقَدْ يَكُون مُنَشِّطًا لِلْغُسْلِ ، فَيَبِيت عَلَى طَهَارَة كَامِلَة . وَمِنْهَا أَنْ يَكُون أَصْدَق لِرُؤْيَاهُ وَأَبْعَد مِنْ تَلَعُّب الشَّيْطَان بِهِ " . انتهى .

والله أعلم



الإسلام سؤال وجواب

ليتني طفلة
01-24-2010, 06:56 PM
جزاك الله خير

نظرة الحب
01-24-2010, 07:22 PM
جزااااااااااااكي الله الف خير

عفوكـ يارب
01-25-2010, 03:52 PM
ولمن قااااااااااااااااااال

~يقولون غير البشر~
01-25-2010, 07:04 PM
الله يجزاك الجنه ..

ويرضى عليك بما قدمتٍ من توضيح ..

اخـــراحساس
01-25-2010, 07:23 PM
http://umans.jeeran.com/27.gif

βrėŚtige dŁ3
01-25-2010, 07:42 PM
جزيت الجنه

بارك الله فيك اختي

عـــودالليل
01-25-2010, 08:06 PM
ألف شكر

مروري شكر وتقدير للمجهود الراقي
http://abeermahmoud07.jeeran.com/619-welldone-AbeerMahmoud.gif

المشعـل
01-30-2010, 08:24 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ..... وبعد:
جزاك الله الفردوس الاعلى
وجعل ماقدمته بموازين حسناتك
واثابك الله على النقل المفيد

سعودي وافتخر
01-30-2010, 08:26 AM
جزاك الله خير على الطرح القيم