ضامية الشوق
10-30-2018, 01:13 AM
قال ابن الأثير - رحمه الله تعالى -:
حدَّثني والدي - رحمه الله - قال: كنتُ أتولَّى جزيرة ابن عمر لقطبِ الدين كما علمتُم، فلما كان قبل موته بيسيرٍ أتانا كتابٌ من الديوان بالموصل، يأمرون بمساحة جميع بساتين العقيمة، وهذه العقيمة قرية تحاذي الجزيرة منها دجلة، ولها بساتين كثيرة، بعضها يمسح فيؤخذ منه على كل جريب شيء معلوم، وبعضها عليه خراج، وبعضها مطلق عن الجميع، قال: وكان لي فيها ملك كثير، فكنت أقول: إن المصلحة ألا يُغيَّر على الناس شيءٌ، وما أقول هذا لأجل ملكي، فإنني أنا أمسح ملكي، وإنما أريد أن يدوم الدعاء من الناس للدولة، فجاءني كتاب النائب يقول: لا بد من المساحة.
قال: فأظهرتُ الأمر، وكان بها قوم صالحون، لي بهم أنس، وبيننا مودة، فجاءني الناس كلهم، وأولئك معهم يطلبون المراجعة، فأعلمتُهم أني راجعتُ وما أُجِبت إلى ذلك، فجاءني منهم رجلان أعرفُ صلاحَهما، وطلبا مني المعاودة، ومخاطبةً ثانيةً، ففعلتُ فأصروا على المماسحة، فعرَّفتهما الحال.
قال: فما مضى إلا عدَّة أيام وإذا قد جاءني الرجلان، فلما رأيتُهما ظننتُ أنهما جاءا يطلبانِ المعاودة، فعَجِبتُ منهما، وأخذتُ أعتذر إليهما، فقالا: ما جئنا إليك في هذا، وإنما نعرفك أن حاجتنا قُضِيت، قال: فظننتُ أنهما قد أرسلا إلى الموصل إلى مَن يشفع لهما، فقلت: مَن الذي خاطب في هذا بالموصل؟ فقالا: إن حاجتنا قد قُضِيَت من السماء، ولكافة أهل العقيمة، قال: فظننتُ أن هذا مما قد حدَّثا به نفوسَهما، ثم قاما عني، فلم يمضِ غير عشرة أيام، وإذا قد جاءنا كتابٌ من الموصل يأمرون بإطلاق المساجين والمحبوسين والمكوس، ويأمرون بالصدقة، ويقال: إن السلطان - يعني: قطب الدين - مريض؛ يعني: على حالة شديدة، ثم بعد يومين أو ثلاثة جاءنا الكتاب بوفاته، فعجبتُ من قولهما، واعتقدتُه كرامة لهما.
حدَّثني والدي - رحمه الله - قال: كنتُ أتولَّى جزيرة ابن عمر لقطبِ الدين كما علمتُم، فلما كان قبل موته بيسيرٍ أتانا كتابٌ من الديوان بالموصل، يأمرون بمساحة جميع بساتين العقيمة، وهذه العقيمة قرية تحاذي الجزيرة منها دجلة، ولها بساتين كثيرة، بعضها يمسح فيؤخذ منه على كل جريب شيء معلوم، وبعضها عليه خراج، وبعضها مطلق عن الجميع، قال: وكان لي فيها ملك كثير، فكنت أقول: إن المصلحة ألا يُغيَّر على الناس شيءٌ، وما أقول هذا لأجل ملكي، فإنني أنا أمسح ملكي، وإنما أريد أن يدوم الدعاء من الناس للدولة، فجاءني كتاب النائب يقول: لا بد من المساحة.
قال: فأظهرتُ الأمر، وكان بها قوم صالحون، لي بهم أنس، وبيننا مودة، فجاءني الناس كلهم، وأولئك معهم يطلبون المراجعة، فأعلمتُهم أني راجعتُ وما أُجِبت إلى ذلك، فجاءني منهم رجلان أعرفُ صلاحَهما، وطلبا مني المعاودة، ومخاطبةً ثانيةً، ففعلتُ فأصروا على المماسحة، فعرَّفتهما الحال.
قال: فما مضى إلا عدَّة أيام وإذا قد جاءني الرجلان، فلما رأيتُهما ظننتُ أنهما جاءا يطلبانِ المعاودة، فعَجِبتُ منهما، وأخذتُ أعتذر إليهما، فقالا: ما جئنا إليك في هذا، وإنما نعرفك أن حاجتنا قُضِيت، قال: فظننتُ أنهما قد أرسلا إلى الموصل إلى مَن يشفع لهما، فقلت: مَن الذي خاطب في هذا بالموصل؟ فقالا: إن حاجتنا قد قُضِيَت من السماء، ولكافة أهل العقيمة، قال: فظننتُ أن هذا مما قد حدَّثا به نفوسَهما، ثم قاما عني، فلم يمضِ غير عشرة أيام، وإذا قد جاءنا كتابٌ من الموصل يأمرون بإطلاق المساجين والمحبوسين والمكوس، ويأمرون بالصدقة، ويقال: إن السلطان - يعني: قطب الدين - مريض؛ يعني: على حالة شديدة، ثم بعد يومين أو ثلاثة جاءنا الكتاب بوفاته، فعجبتُ من قولهما، واعتقدتُه كرامة لهما.