مشاهدة النسخة كاملة : مثل المؤمن كالخامة


إرتواء نبض
05-17-2018, 10:34 PM
المصائب تكشف معادن الناس، وتظهر خبايا النفوس، ولا عاصم من السقوط في امتحانها مثل الإيمان بالله، فالمؤمن مع الابتلاء ثابت القلب، مصون اللسان، يلين للابتلاء، فيبتلى مرة، ويعافى مرةة، فهو بين عافية من ابتلاء وواقع في آخر، إما في نفسه وإما في ماله وإما في بدنه، وهو يعلم أنها طريق له إلى النقاء من الذنوب ورفع الدرجات، لأجل ذلك يصبر ويصابر، وأما غير المؤمن فإنه يستمتع بحسناته في الدنيا ليوفر له العذاب في الآخرة، فيقل ابتلاؤه استدراجا وإمهالا.
وبكلمات موجزات يضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلا بليغا أوصل من خلاله المعنى، وقرب المعقول في صورة المحسوس، وأبرز الخفي بشكل الجلي، وكذلك شأن من أوتي جوامع الكلم، وملكه الله سلطان البلاغة والفصاحة.

في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، من حيث أتتها الريح كفأتها، فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء، والفاجر كالأرزة، صماء معتدلة، حتى يقصمها الله إذا شاء»
ولفظ مسلم عن كعب بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تفيئها الريح، تصرعها مرة وتعدلها أخرى، حتى تهيج، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على أصلها، لا يفيئها شيء، حتى يكون انجعافها مرة واحدة»
قال ابن الأثير: : الْخَامَةِ: الغصنة اللينة. الانجعاف: الانقلاع، الْأَرْزَة الْمُجْذِيَة: الثابتة المنتصبة، والأرزة صل شديد ثابت في الأرض، وهو من الشجر الذي يُعمَّر طويلاً ويكثر وجوده في جبال لبنان.

وهذا من أبلغ التشبيهات النبوية التي صور فيها حال المؤمن حال تلقيه المصائب، ومعاناته البلاء، حيث شبهه بالنبتة اللينة التي تتلقاها الريح، واختار التعبير بالريح لا الرياح؛ لأن الريح لا تكون إلا في التمحيص والفتنة، فالنبتة اللينة تميل مع الريح مطاوِعة غير معانِدة، فلا تنكسر ولا تتفتت، ثم تعاودها الريح مرة أخرى فتميل معها، حتى إذا انتهت عاصفة الريح عادت إلى اعتدالها، وهكذا يكون حال المؤمن مستسلما لقضاء الله، متوافقا مع مراد الله، غير معاند ولا متسخط، بل يصبر ويحتسب، وهذا مقتضى الإيمان بالقدر خيره وشره، وهو يعلم أن الله إنما يبتليه ليعلي في الآخرة مقامه، فيهون عليه كل بلاء، بل قد يصل بعض الخلص إلى منزلة الالتذاذ بالمصائب لأنه يرى من خلالها الرضا الإلهي، والاختصاص الرباني. بخلاف الأشجار القاسية التي تعاند الريح فتنكسر وتتساقط أغصانها، وتتناثر أوراقها.
قال أبو عبيد: شبه المؤمن بالخامة التي تميلها الرياح؛ لأنه مُرزَّأٌ أي: (مصاب) في نفسه وأهله وماله، وأما الكافر فمثل الأرزة التى لا تميلها الرياح، والكافر لا يرزأ شيئاً حتى يموت، وإن رزئ لم يؤجر عليه، فشبه موته بالانجعاف تلك، حتى يلقى الله بذنوب جمة.
يقول الطيبي: وفيه إشارة إلي أن المؤمن ينبغي له أن يرى نفسه في الدنيا عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات، معروضة للحوادث والمصيبات، مخلوقة للآخرة؛ لأنها جنته، ودار خلوده وثباته.
والحاصل أن المؤمن لا يخلو من علة أو قلة أو ذلة، كما روي، وكل ذلك من علامة السعادة، بشرط الصبر والرضا والشكر، كما قال أبو عبيد.
وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي بن كعب مرفوعا: «مثل المؤمن مثل الخامة تحمَرُّ مرة وتصْفَرُّ أخرى».
قوله: «حتى يستحصد» الحصاد إنما يستعمل في الزروع والكلأ، واستعماله في الشجر إما استعارة لفظية، كالمشفر للشفة، أو معنوية، فشبه قلع شجر الصنوبر أو الأرز في سهولته بحصاد الزرع، فدل علي سوء خاتمة الكافر.
قوله: «حتى يكون انجعافها مرة واحدة» وجه التشبيه أن المنافق لا يتفقده الله باختياره بل يحصل له التيسير في الدنيا ليتعسر عليه الحال في المعاد حتى إذا أراد الله إهلاكه قصمة فيكون موته أشد عذاباً وعليه أكثر ألماً في خروج نفسه.

وهكذا يكون المؤمن بإيمانه راضٍ عن أقدار ربه، لا يهلكه الابتلاء، بل يزيده قربا من الله، كالنبتة الغضة الطرية لا تقتلعها الرياح لرطوبتها ولينها، بل تتمايل مع الريح، متعايشة مع ظروف الحياة من حولها، تميل لكنها لا تسقط، وكذلك المؤمن يبتلى ويمتحن لكنه لا يسقط، والمنافق يجمع له المتعة والعافية في الدنيا، فإذا أخذه الله كانت أخذة غضب، فيهلكه الله مرة واحدة.

نجم الجدي
05-18-2018, 12:19 AM
يعطيك العافية على اختيار الموضوع
وحرصك على اختيارك مادة مفيدة

الله يكثر من أمثالك
وشكرا

نجم

كـــآدي
05-18-2018, 12:20 AM
طرح جميل
عوافي

ضامية الشوق
05-18-2018, 01:55 AM
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

فزولهآ
05-18-2018, 02:18 AM
طرح جميل

لا أشبه احد ّ!
05-18-2018, 04:47 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

RioO
05-18-2018, 05:10 AM
بوركت

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:41 PM
نجم
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:41 PM
ضاميه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:41 PM
كادي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:41 PM
فزولها
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:42 PM
اطيافي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:42 PM
اطلال
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

مجنون قصايد
05-18-2018, 10:30 PM
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

محـمــــود
05-22-2018, 01:50 AM
اِنتقاء في غاية النفع والجمال

دمت وسلمت مع الود والتقدير



https://dc716.4shared.com/img/FAmdSz6Aee/s24/1630fef0df8/0f64cac6a1?async&rand=0.013145419718681328

إرتواء نبض
05-26-2018, 10:56 PM
مجنون
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-26-2018, 10:57 PM
محمود
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

الغنــــــد
05-28-2018, 05:40 AM
جزاااك الله خير
وبااارك الله فيك

ملكة الجوري
05-28-2018, 04:00 PM
http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/152330048675282.png

إرتواء نبض
06-18-2018, 06:11 PM
الغند
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
06-18-2018, 06:11 PM
ملاك
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥