مشاهدة النسخة كاملة : المناسبة في قوله تعالى: ومن أظلم ممن منع مساجد الله


إرتواء نبض
05-17-2018, 10:32 PM
أوضحنا في مقال سابق، أن أهل العلم عمومًا وأهل التفسير على وجه أخص، قد اعتنوا بعلم المناسبات القرآنية، سواء في ذلك التناسب بين السور بعضها مع بعض، أم التناسب بين الآيات؛ وبنوا على هذا قاعدة مفادها: أن الأصل في آيات القرآن الكريم، أن يكون بينها تناسب وترابط، يظهر في أغلب الأحيان، ويخفى في أحيان أخرى، لكن يمكن كشفه بمزيد تأمل وتفكر.

وفي هذا المقال، نتابع حديثنا حول هذا الموضوع، ونتوقف عند بيان وجه المناسبة في قوله تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم} (البقرة:114).

بعد الرجوع إلى أهم كتب التفسير، نجد أنها ذكرت عدة أقوال لأسباب نزول هذه الآية؛ فبعضهم يرى أنها نزلت في قريش، مستدلاً بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن قريشًا منعوا النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام، في ابتداء الإسلام؛ ومن قائل: إنها نزلت في خراب بيت المقدس على يد الروم النصارى، وقيل: إنها نزلت في مشركي العرب الذين صدوا المسلمين عن البيت الحرام يوم الحديبية؛ وقيل غير ذلك في سبب نزول هذه الآية.

وقد رجح الطبري القول الذي يقول: إن النصارى هم الذين سعوا في خراب بيت المقدس، بدليل أن مشركي العرب لم يسعوا في خراب البيت الحرام، إذ كانوا يعظمونه ويتعبدون به، لكنهم منعوا المسلمين من أداء عبادتهم فيه. وعلى هذا القول، فإنه يظهر وجه المناسبة بين هذه الآية، والآيات التي قبلها.

وبيان ذلك؛ أن الآيات السابقة وردت في سياق كشف دسائس أهل الكتاب وكيدهم للإسلام والمسلمين، فقبل هذه الآية نطالع موقف أهل الكتاب من دعوة الإسلام، إذ أخبر سبحانه وتعالى عن موقفهم بقوله: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّن لهم الحق} (البقرة:109) ونقرأ أيضًا قولهم: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى} (البقرة:111) فرد عليهم سبحانه بقوله: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (البقرة:112)، فبيَّن القرآن أن العبرة بالإخلاص والعمل، وليس بالأقوال والمسميات. ثم جاء ادعاء كل فريق منهم أنه على الحق، وأن غيره ليس على شيء: {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} (البقرة:113) وجاء الرد القرآني مبينًا أن الحكم في هذا مرده إلى الله، إذ هو وحده سبحانه من يفصل بين عباده يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون.

ورجح الشيخ ابن عاشور قول من قال: إن الآية نزلت في مشركي العرب، وبنى على هذا الاختيار وجه مناسبة الآية، فقال: "فالمناسبة أنه بعد أن وفَّى أهل الكتاب حقهم من فضح نواياهم في دين الإسلام وأهله، وبيان أن تلك خصلة متأصلة فيهم مع كل من جاءهم بما يخالف هواهم، وكان قد أشار قبلُ إلى أن المشركين شابهوهم في ذلك عند قولهم: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} (البقرة:105) عطف الكلام إلى بيان ما تفرع عن عدم وِدادة المشركين نزول القرآن، فبيَّن أن ظلمهم في ذلك لم يبلغه أحد ممن قبلهم، إذ منعوا مساجد الله، وسدوا طريق الهدى، وحالوا بين الناس وبين زيارة المسجد الحرام، الذي هو فخرهم وسبب مكانتهم، وليس هذا شأن طالب صلاح الخلق، بل هذا شأن الحاسد المغتاظ".

على أنه لا يبعد هنا أن يكون وجه المناسبة مسألة تحويل القبلة، وهذا الذي مال إليه سيد قطب رحمه الله، إذ إن أهل الكتاب - واليهود منهم خاصة - سعوا لصد المسلمين عن التوجه إلى القبلة، أول بيت وُضع للناس. ويرشح هذه المناسبة الآيتان التاليتان لهذه الآية، وهما قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثَمَّ وجه الله إن الله واسع عليم * وقالوا اتخذ الله ولدًا سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له قانتون} (البقرة:115-116) فهاتان الآيتان توحيان بأنهما جاءتا ردًا على تضليل اليهود في ادعائهم، إن صلاة المسلمين إلى بيت المقدس كانت باطلة، وضائعة، ولا حساب لها عند الله، والآية ترد عليهم زعمهم وادعاءهم، وتقرر أن كل اتجاه قبلة، فثَمَّ وجه الله حيثما توجه إليه عابد، وإنما تخصيص قبلة معينة هو توجيه من عند الله فيه طاعة.

ومن أوجه مناسبة هذه الآية لما قبلها، أنه جرى ذكر النصارى، في قوله تعالى: {وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} (البقرة:113) وجرى ذكر المشركين في الآية نفسها، في قوله تعالى: {كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم} (البقرة:113) وعليه، فسواء قلنا: إن الآية نزلت في حق النصارى، الذين سعوا في خراب المسجد الأقصى الذي باركه الله؛ أم قلنا: إن الآية نزلت في حق المشركين الذين منعوا المسلمين من المسجد الحرام، نقول: إن كان سبب النزول هذا أو ذاك فإن وجه المناسبة بين هذه الآية، والآية التي قبلها ظاهر كما لا يخفى.

وبغضِّ النظر عما قيل في أسباب نزول هذه الآية، فإن إطلاق النص يوحي بأنه حكم عام في ذم من منع مساجد الله أن يُتَعَبَّد فيها، وأن يُذكر اسم الله فيها؛ وأن الظلم كل الظلم في هذا المنع، الذي يعادل في حقيقته خرابها ودمارها وإزالتها، وهو ما تشهده كثير من مساجد الله اليوم، على أيدي كثير من الحاقدين على هذا الدين وأهله.

نجم الجدي
05-18-2018, 12:19 AM
يعطيك العافية على اختيار الموضوع
وحرصك على اختيارك مادة مفيدة

الله يكثر من أمثالك
وشكرا

نجم

كـــآدي
05-18-2018, 12:21 AM
طرح جميل
عوافي

ضامية الشوق
05-18-2018, 01:55 AM
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

فزولهآ
05-18-2018, 02:19 AM
طرح جميل

لا أشبه احد ّ!
05-18-2018, 04:46 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

RioO
05-18-2018, 05:10 AM
بوركت

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:39 PM
نجم
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:40 PM
ضاميه
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:40 PM
كادي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:40 PM
فزولها
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:40 PM
اطيافي
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-18-2018, 09:40 PM
اطلال
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

مجنون قصايد
05-18-2018, 10:29 PM
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

محـمــــود
05-22-2018, 01:50 AM
اِنتقاء في غاية النفع والجمال

دمت وسلمت مع الود والتقدير



https://dc716.4shared.com/img/FAmdSz6Aee/s24/1630fef0df8/0f64cac6a1?async&rand=0.013145419718681328

ملكة الجوري
05-22-2018, 03:39 PM
http://www.hamsatq.com/kleeja/uploads/152330048675282.png

إرتواء نبض
05-26-2018, 10:47 PM
مجنون
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-26-2018, 10:47 PM
محمود
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

إرتواء نبض
05-26-2018, 10:47 PM
ملاك
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥

الغنــــــد
05-28-2018, 03:42 AM
جزاااك الله خير
وبااارك الله فيك

إرتواء نبض
06-18-2018, 05:38 PM
الغند
لِرُوحكْ وَردْ مُخْمَلِي’..يَ عَبقِ البَسآتِين ...’♥