جنــــون
08-13-2017, 09:50 AM
https://www.zamanalwsl.net/GetCustomImage/770/438/eccd7974da630348e3decbaf.jpg
تتوزع أعماله فوق جدران البيوت والمدارس والأسقف المنهارة
أمام حائط لإحدى المدارس في مدينة "بنش" بريف إدلب بدا الفنان "عزيز الأسمر" محاطاً بعدد من الأطفال وهو يرسم بالريشة والألوان جدارية تٌضاف إلى جدارياته الكثيرة المنتشرة في كل مكان من المدينة التي اشتُهرت بلافتاتها المعبرة عن نبض الثورة.
وتتوزع أعماله فوق جدران البيوت والمدارس والأسقف المنهارة، في ثنائية تجمع بين مشاهد الدمار الرهيبة من جهة، ورغبة التشبث بالحياة من جهة أخرى ليوصل رسالة أن "الثورة فكر والفكر لا يُقتل".
"الأسمر" ابن "بنش" (44عاما) نال البكالوريا عام 1991، ولكنه لم يكمل بعدها لاضطراره إلى إعالة أسرته وذهب إلى بيروت بعد إنهاء خدمة العلم ليعمل في دار نشر للموسوعات لأكثر من 20 عاماً.
بعد أن اندلعت الثورات في تونس وليبيا ومصر وبدأت أحلام التغيير تدغدغ خيال السوريين وبدؤوا يرسمون لأطفالهم مستقبلاً أجمل لا يضطر المتعلمون فيه للعمل في ساحات بيروت والأردن ولا يتحكم فيهم نظام الكفيل في دول الخليج.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356686.gif
وروى إنه دأب على تدوين أسماء "شهداء بنش" تباعاً، ورسم لوحات تحاكي الثورة على أوراق وألوان وذات مرة –كما يقول– داهم الجيش اللبناني المنطقة التي يسكن فيها، وبدأ بتفتيش بيوت السوريين وموبايلاتهم فاضطر وقتها لإحراق اللوحات التي رسمها ليس خوفاً منهم، بقدر ما هو الخوف من تسليمه للنظام السوري كما حدث مع بعض الناشطين السوريين هناك كما قال.
آنذاك سمحت تركيا للسوريين بدخول أراضيها دون فيزا، فسافر إليها ومنها إلى "بنش" ليلتحق بالثورة، ولأن الثورة تشمل كل المجالات كان واجباً عليه -كما يقول- إيصال رسائل عن الأحداث التي ألمّت بسوريا عبر رسومات بسيطة تواكب التطورات على الجدران والأسقف المهدمة في الكثير من قرى ومدن الريف المحرر.
ودخل "الأسمر" إلى المدارس واستبدل بالتعاون مع التلاميذ الشعارات العسكرية بعبارات تربوية تحض على العلم، وأردف الفنان الإدلبي أن رسوماته لم تكن ثورية، فحسب بل تطرقت للأمور الاجتماعية.
وكان –كما يقول- يراعي خوف بعض الأهالي من قصف يطال منازلهم إن رسم قريبا منها.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356571.gif
كما واجه الفنان الشاب صعوبات لوجستية يفرضها السقف المهدم والآيل للسقوط فلجأ لاستخدام الاسفنج أكثر من الريشات لإيصال الألوان إلى مسامات الباطون، ولفت إلى أنه عشق الثورة واستخدم لأجل عيونها سلاح الريشة والألوان ولن يتوانى عن استبدالها بالبندقية والرصاص حين يقتضي الأمر.
ينتمي" عزيز" إلى عائلة فنية فوالده يجيد قواعد الخط العربي وإخوته منقسمون بين متقن للخط والرسم وبين متقن للعزف على الآلات الموسيقية وثلاثة من أخواله رسامون وكانوا يعملون ويقيمون معارض في السعودية، وشارك الأسمر في أكثر من فيلم يرصد تجارب الجداريات في المناطق المحررة ومنها فيلم "قاوم وابتسامة حرب" الذي يستعرض -كما يقول- عمل المقاتلين والأطباء والمهندسين والمزارعين والمدرسين والفنانين في مناطق القصف.
ويؤكد على أن الابتسامة والتفاؤل لم يموتا في المناطق التي تتعرض للدمار والقصف، وعُرض الفيلم -كما يقول- على الكثير من الإذاعات ووسائل التواصل وقنوات التلفزة.
وأشار محدثنا إلى أن لوحاته وجدارياته تناولت كل المفاصل والأحداث المهمة في مسيرة الثورة، حيث رسم عن ضرورة الصمود وعن التهجير والمعتقلات والكيماوي وازدواجية المعايير في السياسة الدولية، وعن القصف والأمل والمعاناة وخطر التشرذم وعن الاستهتار بقرارات الأمم المتحدة وجهود الدفاع المدني.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356624.gif
وحول اختياره الرسم على الجدران المهدمة وما مغزى ذلك على المستوى الفني والمعنوي أوضح الفنان "الأسمر" أنه أراد أن يوصل رسالة تحدٍ بلا رتوش ولا مكياجات لمن دمرها تقول "كسرتم قوائم البيوت ومحال أن تكسروا إرادة أهلها". ولفت محدثنا إلى أنه ركّز في رسوماته على إيصال الفكرة بتفاصيل بسيطة بعيدة عن التعقيد لتصل بشكل أسرع.
ومن خلال تجربته "الجدارية" أفسح "الأسمر" للأطفال فرصة مشاركته الرسوم للتعبير عن شخصيتهم وكينونتهم، وحول هذه التجربة أشار إلى أن مدينته الصغيرة تضم حوالي ألف شهيد ومائتي معتقل استشهد أغلبهم تحت التعذيب وكان من واجبه الاهتمام بأولادهم وإسعادهم بأي طريقة.
ولفت إلى أنه يشعر بفرحة كبيرة عندما يشاركه هؤلاء لأطفال رسوماته حتى ولو أفسدوها ويشعر بسعادة غامرة حين يكون في أي حارة أو زقاق ويسمع الأطفال ينادون "إجا عزيز الأسمر" ثم يتجمهرون حوله طالبين منه أن يرسم لهم أو يشركهم في رسوماته ودائماً ما تكون لديه ريشات احتياط وألوان فائضة عن الحاجة لهذا الغرض.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356715.gif
وحول عدم مقاومة جدارياته للزوال بفعل العوامل الطبيعية، أكد الفنان الشاب أن الغاية من أعماله إيصال الفكرة في وقتنا الحالي، والجداريات الثورية -حسب قوله-متجددة كالحياة ومواكبتها للأحداث يحافظ على أثرها في نفوس المتلقين.
وأضاف محدثنا أن "تأثير الفكرة يتفاوت من شخص لآخر تبعاً لملامستها قلبه ووجدانه".
وختم أن رسالته للعالم "أكمل نومك نعتذر إذا كان صراخ دمائنا قد أيقظك".
تتوزع أعماله فوق جدران البيوت والمدارس والأسقف المنهارة
أمام حائط لإحدى المدارس في مدينة "بنش" بريف إدلب بدا الفنان "عزيز الأسمر" محاطاً بعدد من الأطفال وهو يرسم بالريشة والألوان جدارية تٌضاف إلى جدارياته الكثيرة المنتشرة في كل مكان من المدينة التي اشتُهرت بلافتاتها المعبرة عن نبض الثورة.
وتتوزع أعماله فوق جدران البيوت والمدارس والأسقف المنهارة، في ثنائية تجمع بين مشاهد الدمار الرهيبة من جهة، ورغبة التشبث بالحياة من جهة أخرى ليوصل رسالة أن "الثورة فكر والفكر لا يُقتل".
"الأسمر" ابن "بنش" (44عاما) نال البكالوريا عام 1991، ولكنه لم يكمل بعدها لاضطراره إلى إعالة أسرته وذهب إلى بيروت بعد إنهاء خدمة العلم ليعمل في دار نشر للموسوعات لأكثر من 20 عاماً.
بعد أن اندلعت الثورات في تونس وليبيا ومصر وبدأت أحلام التغيير تدغدغ خيال السوريين وبدؤوا يرسمون لأطفالهم مستقبلاً أجمل لا يضطر المتعلمون فيه للعمل في ساحات بيروت والأردن ولا يتحكم فيهم نظام الكفيل في دول الخليج.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356686.gif
وروى إنه دأب على تدوين أسماء "شهداء بنش" تباعاً، ورسم لوحات تحاكي الثورة على أوراق وألوان وذات مرة –كما يقول– داهم الجيش اللبناني المنطقة التي يسكن فيها، وبدأ بتفتيش بيوت السوريين وموبايلاتهم فاضطر وقتها لإحراق اللوحات التي رسمها ليس خوفاً منهم، بقدر ما هو الخوف من تسليمه للنظام السوري كما حدث مع بعض الناشطين السوريين هناك كما قال.
آنذاك سمحت تركيا للسوريين بدخول أراضيها دون فيزا، فسافر إليها ومنها إلى "بنش" ليلتحق بالثورة، ولأن الثورة تشمل كل المجالات كان واجباً عليه -كما يقول- إيصال رسائل عن الأحداث التي ألمّت بسوريا عبر رسومات بسيطة تواكب التطورات على الجدران والأسقف المهدمة في الكثير من قرى ومدن الريف المحرر.
ودخل "الأسمر" إلى المدارس واستبدل بالتعاون مع التلاميذ الشعارات العسكرية بعبارات تربوية تحض على العلم، وأردف الفنان الإدلبي أن رسوماته لم تكن ثورية، فحسب بل تطرقت للأمور الاجتماعية.
وكان –كما يقول- يراعي خوف بعض الأهالي من قصف يطال منازلهم إن رسم قريبا منها.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356571.gif
كما واجه الفنان الشاب صعوبات لوجستية يفرضها السقف المهدم والآيل للسقوط فلجأ لاستخدام الاسفنج أكثر من الريشات لإيصال الألوان إلى مسامات الباطون، ولفت إلى أنه عشق الثورة واستخدم لأجل عيونها سلاح الريشة والألوان ولن يتوانى عن استبدالها بالبندقية والرصاص حين يقتضي الأمر.
ينتمي" عزيز" إلى عائلة فنية فوالده يجيد قواعد الخط العربي وإخوته منقسمون بين متقن للخط والرسم وبين متقن للعزف على الآلات الموسيقية وثلاثة من أخواله رسامون وكانوا يعملون ويقيمون معارض في السعودية، وشارك الأسمر في أكثر من فيلم يرصد تجارب الجداريات في المناطق المحررة ومنها فيلم "قاوم وابتسامة حرب" الذي يستعرض -كما يقول- عمل المقاتلين والأطباء والمهندسين والمزارعين والمدرسين والفنانين في مناطق القصف.
ويؤكد على أن الابتسامة والتفاؤل لم يموتا في المناطق التي تتعرض للدمار والقصف، وعُرض الفيلم -كما يقول- على الكثير من الإذاعات ووسائل التواصل وقنوات التلفزة.
وأشار محدثنا إلى أن لوحاته وجدارياته تناولت كل المفاصل والأحداث المهمة في مسيرة الثورة، حيث رسم عن ضرورة الصمود وعن التهجير والمعتقلات والكيماوي وازدواجية المعايير في السياسة الدولية، وعن القصف والأمل والمعاناة وخطر التشرذم وعن الاستهتار بقرارات الأمم المتحدة وجهود الدفاع المدني.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356624.gif
وحول اختياره الرسم على الجدران المهدمة وما مغزى ذلك على المستوى الفني والمعنوي أوضح الفنان "الأسمر" أنه أراد أن يوصل رسالة تحدٍ بلا رتوش ولا مكياجات لمن دمرها تقول "كسرتم قوائم البيوت ومحال أن تكسروا إرادة أهلها". ولفت محدثنا إلى أنه ركّز في رسوماته على إيصال الفكرة بتفاصيل بسيطة بعيدة عن التعقيد لتصل بشكل أسرع.
ومن خلال تجربته "الجدارية" أفسح "الأسمر" للأطفال فرصة مشاركته الرسوم للتعبير عن شخصيتهم وكينونتهم، وحول هذه التجربة أشار إلى أن مدينته الصغيرة تضم حوالي ألف شهيد ومائتي معتقل استشهد أغلبهم تحت التعذيب وكان من واجبه الاهتمام بأولادهم وإسعادهم بأي طريقة.
ولفت إلى أنه يشعر بفرحة كبيرة عندما يشاركه هؤلاء لأطفال رسوماته حتى ولو أفسدوها ويشعر بسعادة غامرة حين يكون في أي حارة أو زقاق ويسمع الأطفال ينادون "إجا عزيز الأسمر" ثم يتجمهرون حوله طالبين منه أن يرسم لهم أو يشركهم في رسوماته ودائماً ما تكون لديه ريشات احتياط وألوان فائضة عن الحاجة لهذا الغرض.
https://www.zamanalwsl.net//uploads/1502356715.gif
وحول عدم مقاومة جدارياته للزوال بفعل العوامل الطبيعية، أكد الفنان الشاب أن الغاية من أعماله إيصال الفكرة في وقتنا الحالي، والجداريات الثورية -حسب قوله-متجددة كالحياة ومواكبتها للأحداث يحافظ على أثرها في نفوس المتلقين.
وأضاف محدثنا أن "تأثير الفكرة يتفاوت من شخص لآخر تبعاً لملامستها قلبه ووجدانه".
وختم أن رسالته للعالم "أكمل نومك نعتذر إذا كان صراخ دمائنا قد أيقظك".