مشاهدة النسخة كاملة : رواية قيد القمر الفصل التاسع


جنــــون
06-16-2017, 07:53 AM
رواية قيد القمر .. الفصل التاسع

ضغط رؤوف على مفتاح نور المكتب الجانبي فسبحت الغرفة في ظلام لم يكسره إلا ضوء
القمر المنبعث من النافذة وأخذ يدور بكرسي مكتبه يمنة ويسرة.. يحاول أن يفرغ أ رسه من
الأفكار التي تدور بها.. يشعر أنه دخل بقدميه في دوامة ولا يعرف الطريق للخروج منها..
لطالما تجاهل حديث المشاعر والأحاسيس وظنه للم ا رهقين والصبية أو لمن يريدون التسلية
فحسب, لكنه وجد نفسه الآن يتساءل عن صحه تفكيره.. وهل ما يربطه بنو ا ر هو عقد زواج
تم بناء على تفكير عقلي فحسب؟.. سخر من نفسه أي عقل وأي تفكير؟.. لقد انطلق
اسمها على لسانه بدون أي إ ا ردة من عقله عندما عرض جده عليه الأمر؟.. هل هذا هو
الحب الذي لطالما سخر منه؟.. أنه لا يدري.. فقط يعلم أن حياته تغيرت من اللحظة التي
ارتبط فيها بها.. أصبح لحياته نكهة مختلفة.. نكهة يكاد يجزم أنه أدمن عليها مثل إدمانه
على ا رئحة التوت البري التي تنبعث من شعرها أو إدمانه لرؤية توترها الذي يدفعها لتقوم
بتلك الحركة الفاتنة بشفتيها.. بل أنه يدفعها للعصبية أحياناً حتى تقوم بتلك الحركة فقط..
كما اكتشف أنه يهوى صوت الموسيقى الذي ينبعث مع ضحكاتها.. والطريقة التي تغني بها
وهي تدور مثل الف ا رشة في المنزل وخاصة عند اعدادها للقهوة التي أضحى يدمنها من
يديها..
مسح وجهه بكفيه.. وهو يدرك أنه يغرق أكثر وأكثر.. يغرق في بحور لم يعرفها من قبل..
ينغمس في أحاسيس كان يظن نفسه لا يمتلكها.. فحياته مع جده ومن بعده نعمات لم تؤهله
ليتعامل مع فيض هذه المشاعر.. لقد عاش لسنوات حياة أشبه بمياه هادئة لم تؤثر فيها أي
رياح أو أعاصير.. باستثناء المحاولات الحثيثة للإنجاب إذا اعتبرت تلك المحاولات أزمات
من أزمات الحياة.. أما بخلاف ذلك فكانت حياة روتينية هادئة لم تعترضها أي عواصف..
حاول أن يخرج ما بنفسه في صور هزلية كعادته ولكن لأول مرة تفشل الأو ا رق والألوان في
مساعدته على تصفية أفكاره التي تعصف بشدة..

رمق دفتر الرسم الكبير على المكتب وكأنه يناجيه.. يتوسله أن يفسر له ماذا يجري معه؟..
ما تلك الأحاسيس والمشاعر التي تموج بداخله؟.. لأول مرة يشعر أنه فاقد السيطرة على ما
يدور حوله.. فاقد للسيطرة على أفكاره وأحاسيسه ومشاعره.. إنه يفقد أعصابه وينطلق
غضبه بسرعة شديدة وخاصة عليها.. على نو ا ر.. كلا ليست نو ا ر.. إنها قمر.. قمره هو..
نهر نفسه بغضب.. ما هذا اللغو الذي تتفوه به؟.. إنها فتاة متمردة لا تستطيع تنفيذ ما
يطلب منها.. تتعمد دائماً إثارة غضبه وفعل كل ما يثير الحنق..
عاد يرمق دفتره مرة أخرى وهو يتساءل عن أ ريها في هوايته تلك.. لقد رفض جده الإعت ا رف
بها تماماً مبدياً أ ريه أنها مجرد شخبطات... أما نعمات فثارت ثائرتها عندما لمحتها وظنته
يسخر منها.. ولم تستطع استيعاب أهمية تلك الهواية في حياته فهي ت ا رها سخرية وقحة من
البشر...
ترى ماذا يكون أ ريك يا قمري؟... هل ستعتبرينها شخبطة أم وقاحة؟.. أم ربما يكون أ ريك
اقسى من ذلك؟..
أرجع أ رسه للخلف وأغمض عينيه يحاول تجميع شتات نفسه.. وظل على هذا الوضع لفترة
وهو يسترجع ذوبانها بين يديه منذ قليل.. لقد استجابت له ولعاطفته ب رغم غضبها منه.. وهو
كان مستعد للإستم ا رر رغم إد ا ركه لذلك الغضب.. لقد احتاج سيطرة عنيفة على مشاعره
حتى يبتعد عنها.. فهو لم يصدق لسانه الذي اندفع ليخبرها أنها تحرمه من حقوقه.. وأن
الملائكة ستلعنها.. لم يصدق أنه وصل لهذه الدرجة من اليأس حتى يقنعها بأن تفتح له
بابها وذ ا رعيها...
فتح عينيه ورمق الأريكة القابعة أمامه.. وابتسم بسخرية من نفسه.. يست رجع ليالي طويلة
قضاها على أريكة مماثلة في بداية زواجه من نعمات..

نعمات.. إنه في حاجة إلى حوار مطول مع نعمات.. قد يستوعب الغيرة النسائية العادية
بينهما.. وليس بخافي عليه محاولات نعمات لاستف ا زز قمر, ولكن ما حدث الي وم كان أكبر
مما يتوقع..فهو لم يتخيل ام أ رة في عقلها ورصانتها تسجل حفل لفتيات صغي ا رت ثم طريقتها
في إخباره عن ما حدث كانت كفيلة باخ ا رجه عن شعوره.. وكاد أن يفعل بالفعل لولا دموع
نو ا ر التي لمعت في مآقيها ومنحته شعور بالعجز أمامها..... تباً إن أفكاره تعود به إليها
دائماً.. ترى ماذا تفعل الآن؟..
لف بصره ناحية نافذة المكتب المواجهة لنافذة جناحها لعله يلمح أي ما تفعله.. ولكن
وياللعجب لمح طيف يحاول الدخول عبر نافذة مكتبه.. أغمض عينيه وفتحها مرة أخرى في
محاولة منه لإجلاء نظره, إلا أن الشبح الذي يحاول اقتحام النافذة كان قد أدخل نفسه
بالفعل داخل الغرفة..
انتفض رؤوف وهو يصيح:
من؟... من أنت؟..
جاءه صوت نو ا ر وهي تهمس:
من تعتقد؟... أنا نو ا ر.. إن الحديقة الداخلية بين نافذتينا مغلقة.. فمن تنتظر أن يأتي عبر
النافذة؟.
قال لها وهو يبتسم:
صحيح.. مَن مِن الممكن أن يتصرف بهذه الطريقة المجنونة سواكِ؟!!
وضعت يديها في خصرها كعادتها وهي تقول بغضب:
ماذا تقصد بمجنونة؟..

أجابها وما ا زلت الابتسامة معلقة على شفتيه وهو يشير للباب:
لماذا لم تستخدمي الباب؟..
أخذت ترمقه بمكر ثم دارت حول نفسها وهي تتمسك بأط ا رف الروب السفلية وتفردها حولها
مثل جناحين:
لقد خشيت أن يلمحني أحد وأنا بمثل ذلك الرداء؟..
لم يتمالك نفسه فتعالت ضحكاته.. فتوقفت هي عن الدو ا رن وهي تحكم لف نفسها بالرداء..
فأبرز تفاصيلها الأنثوية الخلابة.. فتوقفت ضحكاته بينما أظلمت نظ ا رته وهي تتأملها....
وحين لمحت هي تغيير نظ ا رته ابتسمت بب ا رءة وهي تسأله:
ما الذي كنت تفعله؟..
أجاب بسرعة:
كنت أ ا رجع بعض أو ا رق العمل المتأخر
ابتسمت بسخرية:
في الظلام!!!
أعاد اجابته:
أعني أنني انتهيت من م ا رجعتهم بالفعل..
عادت تبتسم له بب ا رءة وهي ترفرف بأهدابها:
وماذا كنت تنوي أن تفعل بعد ذلك؟..
تنهد بح ا ررة وهو يقول:

حسناً يا قمر.. فلنكف عن الادعاء.. أنا لم أكن أعمل.. وأنتِ؟.. لم أنتِ هنا؟..
علمت أنه متأثر بها مهما حاول ادعاء اللامبالاة فهو يناديها بقمر ثانية.. اقت ربت منه بهدوء
وهي ترفع عينيها متسائلة:
قمر؟...
شدها إليه يلصقها به وهمس لها:
نو ا ر.. ماذا تريدين؟..
أجابته بخفوت:
أنت!
سألها مشدوهاً:
أنا!!!
تملصت من بين ذ ا رعيه برقة وهي تتجول في الغرفة وتقول:
أنت أخبرتني في السيارة أنك تعد لي مفاجأة, ولم تخبرني ما هي؟..
نظر إليها مصدوماً بينما ظلت ترمقه بب ا رءة وهي تكمل جولتها في الغرفة حتى وصلت إلى
مصباح المكتب فضغط على مفتاحه لينير الغرفة ضوء خافت عكس ظلاله على ردائها مما
ا زدها روعة وهي تجلس على كرسي مكتبه فتغوص فيه..
فكر في نفسه أنها أكبر من الدمية بقليل.. كيف يتركها تتلاعب به هكذا؟..
لمحها وهي تمد يدها لدفتره.. وبدأت تتصفحه بالفعل.. فتحرك ليسترده منها.. إلا أن عينيها
كانتا لمحتا واحدة من رسوماته.. والتي تمثل ليلة زفافهما بالذات..

حيث رسم نو ا ر بثوب زفافها وهي تركله ككرة القدم خارج جناحهما إلى ذ ا رعي نعمات التي
عبر عنها كحارس للمرمى وهي تتلقاه وتسحبه خلفها وهي تلقي بالتحية لنو ا ر!
كان ي ا رقبها وهو يشعر بنفسه مثل التلميذ الذي ضبط بالجرم.. وكان ذلك يشعره بالغضب..
لكنها أخذت تتأمل الرسمة للحظة... ثم تعالت ضحكاتها تلك ذات الجرس الموسيقي الذي
يطربه..
وقالت من وسط ضحكاتها:
رؤوف إنك تذهلني!!
سألها بقلق:
ماذا تعنين؟..
أجابته بص ا رحة:
أعني.. أنني لم أظن أنك تهوى الفن الساخر.. إنك حقاً ملئ بالمفاجآت..
ثم تحركت من على الكرسي لتواجهه:
إنك تمتلك موهبة ا رئعة.. أتعجب كيف لم تحاول د ا رسة الفنون لتصقل تلك الموهبة!!
أمسك كفيها برقة وهو يسألها:
هل هذا ما تظنينه حقاً؟.. ألا تشعرين بالغضب من عرضي لذلك الموقف بتلك الطريقة؟
ابتسمت وهي تجاوبه بهدوء:
حسناً.. من الممكن أن يغضبني ذلك.. ولكن قليلاً فقط.. لكني لا أستطيع أن أخدع
نفسي.. إن الموقف كان مضحكاً فعلاً.

ثم سألته بغضب مصطنع:
إذاً هذا ما تفعله في مكتبك طوال الوقت, وأنا التي تظن أنك مطحون بأعمال العائلة!!..
جذبها لصدره بحسم وهو يقول:
قمر.. لماذا أتيتِ الآن؟.. لقد ابتعدت حتى لا أفرض عليكِ وضعاً لا ترغبينه.. فلما تزيدين
من صعوبة الوضع علي؟..
رفعت ذ ا رعيها لتعقدهما حول عنقه وهي تهمس:
بالعكس.. أنا لا أفعل.. أنا لا أزيد الوضع صعوبة.. لقد ابتعدت أنت, وأنا جئت إليك..
أعتقد أن هذا يوضح كل شيء..
بعد سماعه لكلامها لم يستطع إلا أن يضمها بقوة وهو يرفعها عن الأرض حتى يستطيع
بثها قبلاته كما يرغب.. همست أمام شفتيه:
أنت تعلم أنني كنت لأقتلك لو كنت صعدت للطابق الأعلى!!
سألها بهمس:
هل تغارين يا قمري؟..
أجابته وعينيها تنضح هياماً:
بجنون.. أغار بجنون.
عاد ليتناول شفتيها مرة أخرى وهو يضغطها بقوة لجسده ويديه تتحرك بسرعة ليخلصها من
الروب الذي يخفي جسدها عنه ولكنها كانت عاقدة لذ ا رعيها خلف عنقه, تسند نفسها إليه فلم
يجد بديل عن تمزيق الروب الذي استجاب نسيجه الرقيق لجذب رؤوف له فتمزق إلى
قطعتين ألقاهما بعيداً ليرفعها بين ذ ا رعيه ويتجه إلى الأريكة وهي ما ا زلت بين أحضانه

تبادله جنون بجنون.. وتوق بتوق.. فلم يشع ا ر بالباب الذي فتحته نعمات بهدوء شديد وهي
تظن أن رؤوف وحيداً في الغرفة, فأ ا ردت أن تفاجئه بدخولها عليه... ولكن كانت المفاجأة
من نصيبها هي... وهي ترى نو ا ر بين ذ ا رعي رؤوف على الأريكة يتبادلان القبل وهما
غائبان عن ما حولهما..
استدارت نعمات لتعود من حيث أتت, فيبدو أن الصغيرة هي من كسبت معركة الليلة على
أي حال.. ويجب عليها الإعت ا رف بالهزيمة أمامها.. إلا أن شيطانها أبى عليها أن تتركهما
بدون أن تترك ظلالا رمادية على سهرتهما, فعادت لتدخل الغرفة وهي ترمق الجسدان
الملتحمان بحقد, ثم أغلقت الباب بقوة فأصدر صوتٍ عالٍ انتفض على إثره رؤوف بينما
تجمدت نو ا ر بين ذ ا رعيه.. وهي تسمعه يصيح بغضب:
ما هذااااااااا!!
تظاهرت نعمات بالأسف وهي تقول بحرج مفتعل:
آسفة.. لقد ظننتك وحيداً.. ويبدو أن الباب أفلت من يدي فأُغلق بصوت عالٍ
رمقها رؤوف بعدم تصديق وهو يحرك جسده بسرعة كي تحتمي نو ا ر خلفه ويمد يده ليلتقط
ثوب نومها من على الأرض ويعطيه لها.. ثم رفع بصره لنعمات وهو يسألها بغضب
واضح:
حسناً لقد أتيتِ لهنا وتأكدتِ أنني لست وحيداً.. فهل تحتاجين شيئاً؟..
لاحظت نعمات لهجته العدوانية والطريقة الغاضبة التي يحدثها بها للمرة الأ ولى فهمست
بصوت مجروح:
رؤوف!!

همسها المجروح أشعل غضب نو ا ر التي كانت ارتدت ثوبها وأخذت ترمقها من تحت أهدابها
بغيظ وهي تركتز على كتف رؤوف من الخلف.. فهبت واقفة فجأة مما لفت انتباه رؤوف
فقال لها بصوت مسموع:
معذرة يا نو ا ر.. اذهبي الآن وسوف ألحق بكِ بعد قليل..
رمقته بغضب قاتل, فرفع يده ليمسد وجنتها وهو يقول برقة:
لن أتأخر.. فقط أريد نعمات في حديث قصير..
تحركت نو ا ر باتجاه الباب لتعود إلى حجرتها إلا أنها عندما وصلت بالقرب من نعمات
التفتت لرؤوف وهي تقول:
رو ؤف.. لقد نسيت الروب.. هل تتذكر أين ألقيت به؟..
كتم رؤوف ضحكته بصعوبة وهو يتناول سترة بذلته من على ظهر كرسي المكتب ويقترب
منها ليلفها بها وهو يقول:
أعتقد أن هذه ستفي بالغرض.. والآن اذهبي..
تحركت نو ا ر بخفة لتذهب إلا أنه استوقفها:
نو ا ر.. أعدي نفسك للسفر إلى الاسكندرية بعد زواج سهير..
رمقته نو ا ر بعدم تصديق وهي تنظر لنعمات بتساؤل.. ففهم ما تريد قوله وأردف:
نحن الاثنان فقط..
قفزت نو ا ر بسعادة وهي تعود لتلقي نفسها بين ذ ا رعي رؤوف وتصرخ بابتهاج.. بينما تجمدت
نعمات تماماً وهي ترى المشهد أمامها وتتساءل

"وماذا بعد يا رؤوف؟... هل تعمدت ذكر ذلك أمامي كي تعاقبني؟.. أم حتى أصمت ولا
أعترض؟"...
انتبهت أنها اصبحت بمفردها مع رؤوف الذي كان يغلق أز ا رر قميصه بتكاسل, فقررت
الهجوم مباشرة:
لماذا ستصطحبها إلى الأسكندرية؟..
أجاب رؤوف سؤالها بسؤال:
ولماذا لا أصطحبها؟.. لقد ذهبتِ معي م ا ر ا رً..
أجابته بتلعثم:
نعم.. ولكن ألن يكون هناك الكثير من الأعمال التي عليك متابعتها في الش ركة, وخاصة
الآن بعد زواج منذر؟..
أجابها في هدوء:
نعم.. وهناك بعض الصفقات التي يجب عقدها بالأسكندرية لذا.. سأضرب عصفورين
بحجر واحد..
كم ستغيب؟..
رد بحزم:
نعمات.. ليس هذا ما أردت الحديث معكِ بشأنه.. وأنتِ تعلمين ذلك..
قاطعته بتوسل:
رؤوف..

أسكتها بإشارة من يده وهو يقول:
أنتِ تعلمين جيداً أنه ما كان يصح أن تسجلي ما يحدث في جلسة كلها فتيات وسيدات
على هاتفك... تلك أشياء بديهية ولست في حاجة للفت نظرك إليها.
سألته بذهول:
هل أ ريت مقطع الفيديو؟
أجاب بحدة:
وهل هذا يهم؟... أم أنه كان من الممكن أن يشاهده أي شخص غيري.. أوحتى أي واحدة
من الخدم.. أنتِ أخطأتِ بشدة.. لقد كنتِ ضيفة في بيتهم وهم استأمنوكِ, وأنتِ صورتِ ما
يحدث بدون أن تخبريهم, أين كان عقلك؟
كم تمنت أن تصرخ في وجهه..
" كان عقلي معك.. أنت وأحوالك التي تبدلت... ومشاعرك التي أصبحت تجرفك نحو ابنه
عمك الصغيرة لتجعلك تفقد احساسك بالمكان والزمان لتتبادل معها المشاعر في غرفة
مكتبك حيث من الممكن أن يفاجئكما أي شخص.. يا إلهي كم تغيرت في غضون أسابيع
قليلة.. لقد أصبحت أشعر أنك غريب أعرفه للمرة الأولى وليس زوجي للخمسة عشر سنة
الماضية"
عادت من حديثها لنفسها على صوته وهو ينهي الحوار:
أرجو أن تنتهي تلك المشاحنات والمشاكسات بينك وبين نو ا ر.. أريد أن يعم الهدوء مرة
أخرى... تصبحين على خير..

ثم خرج وتركها وحدها.. تحترق وسط غيرتها وغضبها من تلك الصغيرة اللعوب الذي
استطاعت طويه تحت جناحها في غضون أسابيع قليلة..
********************
دخل إلى جناح نو ا ر التي كانت تذرع الغرفة جيئة وذهاباً.. قلقة أن يتسبب احساسه بالذنب
الدائم نحو نعمات لأن يصعد معها.. ويتركها هي.. وعند سماعها لصوت باب الجناح
الخارجي يغلق.. التفتت بسرعة لتواجهه وهي تهمس:
لقد أتيت!..
رمقها بدهشة:
بالطبع.. لقد أخبرتك أنني سوف ألحق بكِ
كانت تفرك بيديها كعادتها عندما تتوتر... فتقدم منها ليمسك بهما ويرفع ذ ا رعيها حول عنقه
وهو يضمها:
والآن.. ماذا كنا نقول قبل أن يتم مقاطعتنا!!
وافقته:
نعم.. قوطعنا بوقاحة..
تمتم بقلة حيلة وهو يميل ليقبلها:
لا حل في لسانك أبد اً
*******************

لم يكن حفل زفاف سهير أقل روعة وفخامة عن زفاف نو ا ر.. وكانت العروس كالملاك
الناعم بزينتها الهادئة التي تتناسب مع فتنتها الطبيعية وثوب زفافها المذهل بتنورته الواسعة
جداً التي تناثرت عليها اللآلئ والماسات الصغيرة في تناغم فني بديع.. وكانت تبدو في أوج
سعادتها وهي متعلقة بذ ا رع منذر الذي كان الحب والعشق ينساب مع نظ ا رته لها..
أخذت شموس تتمتم بآيات من القرآن خوفاً عليهما من العين والحسد.. وكذلك قمر وهي
ترمق ابنها الأصغر وهو يجلس بجوار عروسه الفاتنة.. فجاءت نو ا ر من خلفهما وهي تقول:
ماذا تفعل أجمل سيدتين في الحفل؟..
التفتت لها عمتها قمر وهي تقول:
نو ا ر.. هل أشرفتِ على كل شيء في جناح العروسين؟
طمأنتها نو ا ر وهي تقول:
لا تقلقي.. لقد رتبت كل شيء تبعاً لأوامرك وأوامر أمي..
تحركت شموس وهي تقول:
يبدو أن سهير تشير لي.. سأذهب لها
تحركت نو ا ر لتذهب مع أمها.. فأوقفتها يد عمتها:
انتظري يا نو ا ر..
سألتها نو ا ر:
هل تحتاجين شيئاً يا عمتي؟..
أجابتها عمتها وهي ترمق معدتها بنظرة ذات مغزى:

هل من أخبار سعيدة؟
توردت وجنتي نو ا ر:
عمتي!!!
سألتها عمتها بتعجب:
لماذا الخجل... إن نظ ا رت ابن أخي تأكلك أكلاً.. وأنتِ أيضاً عينيكِ تتبعانه طوال الحفل..
فمن الطبيعي أن أسأل!!
برمت نو ا ر شفتيها وهي تقول:
عمتي.. ليس هذا وقته.. إنه زفاف منذر وسهير
تحركت عمتها لتذهب لولدها ولكنها همست لها قبل ذهابها:
إذا كنتِ تحملين لابن أخي مشاعر قوية, فلا تترددي في إخباره.. كوني أنتِ البادئة..
أشعريه أنه محبوب لذاته.. لنفسه.. ليس لأنه رجل العائلة اللامع في إدارة شئونها.. وليس
لأنه سيحقق حلم ام أ رة لتكون أماً.. أو من سيوفر وريث للعائلة.. تعلمي من أمك يا ابنة
شموس.. إن أباكِ وقف لأول مرة في حياته أمام جدك ورفض تنفيذ أمره من أجل عشقه
لأمك... تعلمي كيف تمتلكين مشاعر زوجك..
ثم أردفت وهي تمط شفتيها:
أتمنى أن تكون شقيقتك في مثل بلاهتك والا ستستحوذ على ولدي الحبيب منذر!!!
بعد أن تركتها عمتها تسمرت نو ا ر في مكانها وهي مذهولة مما سمعته منها..
وأخذت تتمتم:

ما بهم جميعاً يلقوم بنصائحهم فوق أ رسي!!!
التفتت لتذهب لسهير ولكنها التقت بعينين يتأملانها بخبث.. فتعرفت على قاسم ابن عمتها
قمر وشقيق منذر الأكبر.. الذي شعرت بعينيه تتابعنها منذ بداية الحفل.. أصابتها نظ ا رته
بالقشعريرة والخوف فتحركت عينيها تلقائياً تبحث عن رؤوف حتى وجدته بجانب جدهما..
فتوجهت نحوه مسرعة تحتمي بوجوده بجانبها من تلك النظ ا رت الشريرة..
أحاطها رؤوف بذ ا رعه ما أن خطت بجواره.. فنهره جده بحزم:
رؤوف.. إنك في مكان عام ولست في غرفة نومك!!
كادت نو ا ر أن تلقي ملاحظة لاذعة عن تفكير جدها العتيق إلا أن ذ ا رع رؤوف التي اشتدت
حول خصرها قبل أن تتركه حذرتها بأن تحتفظ بلسانها داخل فمها.. فابتلعت كلماتها وآثرت
الصمت وهي تسمعه يهمس:
سوف نضطر للسفر بعد الزفاف مباش رة..
سألته بدهشة:
مباشرة!!.. لقد ظننت أننا سنسافر غداً مساء
لقد تغيرت بعض الظروف.. سأخبرك بها لاحق اً
سكتت على مضض لوجود جدهما بجوارهما وهي تقول:
حسن اً
********************
أخذت سهير ترتجف بشدة وهي تودع نو ا ر أمام منزل عمتها قمر.. وأمسكت نو ا ر بكفي
شقيقتها فوجدتهما قطعتين من الثلج.. فأخذت تفركهما بشدة حتى يسري بعض الدفء فيهما
وهي تطمئنها:
ما بكِ يا سهير؟.. اطمئني .

الغنــــــد
06-16-2017, 07:58 AM
سعدت بــ المشاااركة وياااك

سلمت أناااملك
ع الجهووود الرائعة

نشكرك لتميزك

لا أشبه احد ّ!
06-16-2017, 08:27 AM





آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

نجم الجدي
06-16-2017, 03:28 PM
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

RioO
06-16-2017, 07:37 PM
طرح متميز
راقي برقي روحك وجمال انتقائك
سلمت على مجهوداتك الجميله
وعلى كل ما يقدم منك بـ قصائد
لا خلا ولا عدم ي نقااء
كل الود

ضامية الشوق
06-16-2017, 10:53 PM
سلمت يمنــآك
طرح جميل جدا

دلع
06-17-2017, 04:22 AM
سلمت أنــآآملكـ ع الطرح الرائع.........

إرتواء نبض
06-18-2017, 01:29 AM
لا جديد سوى رائحة التميز
تثور من هنا ومن خلال هذا المتصفح
الجميل والمتميز ورقي الذائقه
في استقطاب ما هو جميل ومتميز
تقديري وودي

مجنون قصايد
06-18-2017, 03:25 AM
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

عـــودالليل
06-19-2017, 03:08 AM
١٠٠

‏جمال الاختيار
خلفه ذآئقة جميله جدا

تعرف ماذا تقدم

‏محتوى الطرح اكثر من راقي

من الاعماق
اقدم لك شكري واحترامي




‏ليل المواجع
محمد الحريري

هدوء
06-19-2017, 08:03 PM
طرح جميــــــــــــل
ومجهود رآئع ومفعم بآلجمال وآلرقي..
يعطيك آلعافيه على هذآ آلتميز ..
وسلمت آناملك آلمتألقه لروعة طرحهآ..
ودي لك ولروحك

فزولهآ
06-22-2017, 02:19 AM
طرح جميل

كـــآدي
06-24-2017, 12:12 AM
مجهود يستحق الثنآء
شكرا من القلب لعطآئك
وبانتظآر المزيد من ابداعك

لروحك الكآدي
http://vb.skon-s.com/images/smilies/ww6ww.gifhttp://vb.skon-s.com/images/smilies/ww6ww.gifhttp://vb.skon-s.com/images/smilies/ww6ww.gif
http://vb.skon-s.com/images/smilies/ww6ww.gifhttp://vb.skon-s.com/images/smilies/ww6ww.gif

جنــــون
07-01-2017, 08:55 AM
يسلمو ع المرور

ملكة الجوري
07-02-2017, 04:21 AM
طرح رآئع وراقي
تحية عطرة ل روحك الجميلة
شكراً لك من القلب على هذآ العطاء

عازفة القيثار
07-08-2017, 01:28 PM
طرح راقي
يعطيك الف عافية
لك تقديري وودي
دمتم برائحة المسك

جنــــون
08-02-2017, 11:22 AM
نورتو