ضامية الشوق
03-01-2017, 02:11 AM
http://i1294.photobucket.com/albums/b617/arabsbook_dz/6270644062806330645064406290_zps933b8f23.png
خاتم النبيين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، النبي الأميُّ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، قضيَّةٌ مُسلَّمة لدى المسلمين جميعًا، ليس فيها من شك، ومَن تردَّد فيها فهو خارج من حظيرة الملة، مناقض لإجماع الأمة، مكذِّب بصريح القرآن والسُّنة؛ فقد قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40]، وثبت في صحاح الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم: (العاقب الذي ليس بعده نبي).
وقضية أخرى مُسلَّمة لدى الناس جميعًا - مؤمنهم وكافرهم - أن بين محمد وعيسى، صلوات الله وسلامه عليهما، ستمائة عام إلا قليلًا، وكفى بالتاريخ المتواتر المتوالي شهيدًا، فليست القضيتان إذًا موضع بحث.
ولكن موضع البحث والجدل نبيٌّ بين النبيَّينِ؛ فزعمت طائفة أن بينهما أنبياء من العرب، أُرسلوا بشريعة إسماعيل، وأنبياء من بني إسرائيل أُرسلوا بشريعة عيسى عليهما السلام، وشبهة هؤلاء في فهم قوله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 13، 14]، وبعض آثار لا تنهض حجة، ولا يقوم عليها دليل.
أما الإرسال في الآية الكريمة، فهو من قِبل عيسى عليه السلام، أرسَل بعض حوارييه إلى أصحاب القرية بأمر الله عز وجل، فنُسِب الإرسال إليه تعالى من أجل ذلك.
وأما الهداة بعد إسماعيل، وقبل محمد صلوات الله وسلامه عليهما؛ كخالد بن سنان، وزيد بن عمرو بن نُفيل، وقُس بن ساعدة الإيادي - فأولئك قوم على الفطرة من بقايا المتمسِّكين بدين الخليل عليه السلام، وذلك أن العرب بعد إسماعيل غيَّروا وبدَّلوا، وعبَدوا الأحجار والأشجار، ومنهم مَن عبد الكواكب والنار، فافترقوا فِرَقًا كثيرة، وذهبوا مذاهبَ شتى، ولم يبقَ على دين الخليل إلا جمعٌ قليل، كانوا يخالفون السواد، ويرشدون العباد، ويتبرؤون من الضلالات والترهات، ومنتهى أمر هؤلاء أن يكونوا من أولي البقية الصالحين.
وفصل الخطاب في هذا البحث حديثُ الشيخين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا أَولى الناس بعيسي ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوةٌ لعَلَّات[1]؛ أمهاتُهم شتى، ودينُهم واحد، فليس بيني وبينه نبي))، فهو صريح في أن لا نبيَّ بينه وبين عيسى عليه السلام.
وإنما كان أَولى الناس بعيسى وأقربَهم إليه؛ لأنه آخر الأنبياء من قبله، ولأنه المبشِّر ببعثته، والممهِّد لقواعد ملَّته، كما حكى الله تعالى عنه: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، وهذا لا ينافي نزولَه عليه السلام آخر الزمان، حَكَمًا عدلًا، يكسر الصليب، ويقتُلُ الخنزير، ويريق الخمر، ويحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، تابعًا له، ومؤيدًا لشريعته؛ كما فُصِّل ذلك كلُّه في موضعه من الآيات الكبرى في أشراط الساعة آخرَ الزمان.
[1] العلات: الضرائر، شبَّه أصل الأديان - من التوحيد، والبعث، والجزاء، وما إلى ذلك - بالأب الواحد، وشبَّه الفروع المختلفة باختلاف الشرائع بالأمهات المتعددة.
والله اعلم
http://i1294.photobucket.com/albums/b617/arabsbook_dz/6270644062E0627062A064506290_zpse14cf22a.png
خاتم النبيين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، النبي الأميُّ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين، قضيَّةٌ مُسلَّمة لدى المسلمين جميعًا، ليس فيها من شك، ومَن تردَّد فيها فهو خارج من حظيرة الملة، مناقض لإجماع الأمة، مكذِّب بصريح القرآن والسُّنة؛ فقد قال تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40]، وثبت في صحاح الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم: (العاقب الذي ليس بعده نبي).
وقضية أخرى مُسلَّمة لدى الناس جميعًا - مؤمنهم وكافرهم - أن بين محمد وعيسى، صلوات الله وسلامه عليهما، ستمائة عام إلا قليلًا، وكفى بالتاريخ المتواتر المتوالي شهيدًا، فليست القضيتان إذًا موضع بحث.
ولكن موضع البحث والجدل نبيٌّ بين النبيَّينِ؛ فزعمت طائفة أن بينهما أنبياء من العرب، أُرسلوا بشريعة إسماعيل، وأنبياء من بني إسرائيل أُرسلوا بشريعة عيسى عليهما السلام، وشبهة هؤلاء في فهم قوله تعالى: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 13، 14]، وبعض آثار لا تنهض حجة، ولا يقوم عليها دليل.
أما الإرسال في الآية الكريمة، فهو من قِبل عيسى عليه السلام، أرسَل بعض حوارييه إلى أصحاب القرية بأمر الله عز وجل، فنُسِب الإرسال إليه تعالى من أجل ذلك.
وأما الهداة بعد إسماعيل، وقبل محمد صلوات الله وسلامه عليهما؛ كخالد بن سنان، وزيد بن عمرو بن نُفيل، وقُس بن ساعدة الإيادي - فأولئك قوم على الفطرة من بقايا المتمسِّكين بدين الخليل عليه السلام، وذلك أن العرب بعد إسماعيل غيَّروا وبدَّلوا، وعبَدوا الأحجار والأشجار، ومنهم مَن عبد الكواكب والنار، فافترقوا فِرَقًا كثيرة، وذهبوا مذاهبَ شتى، ولم يبقَ على دين الخليل إلا جمعٌ قليل، كانوا يخالفون السواد، ويرشدون العباد، ويتبرؤون من الضلالات والترهات، ومنتهى أمر هؤلاء أن يكونوا من أولي البقية الصالحين.
وفصل الخطاب في هذا البحث حديثُ الشيخين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنا أَولى الناس بعيسي ابن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوةٌ لعَلَّات[1]؛ أمهاتُهم شتى، ودينُهم واحد، فليس بيني وبينه نبي))، فهو صريح في أن لا نبيَّ بينه وبين عيسى عليه السلام.
وإنما كان أَولى الناس بعيسى وأقربَهم إليه؛ لأنه آخر الأنبياء من قبله، ولأنه المبشِّر ببعثته، والممهِّد لقواعد ملَّته، كما حكى الله تعالى عنه: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾ [الصف: 6]، وهذا لا ينافي نزولَه عليه السلام آخر الزمان، حَكَمًا عدلًا، يكسر الصليب، ويقتُلُ الخنزير، ويريق الخمر، ويحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، تابعًا له، ومؤيدًا لشريعته؛ كما فُصِّل ذلك كلُّه في موضعه من الآيات الكبرى في أشراط الساعة آخرَ الزمان.
[1] العلات: الضرائر، شبَّه أصل الأديان - من التوحيد، والبعث، والجزاء، وما إلى ذلك - بالأب الواحد، وشبَّه الفروع المختلفة باختلاف الشرائع بالأمهات المتعددة.
والله اعلم
http://i1294.photobucket.com/albums/b617/arabsbook_dz/6270644062E0627062A064506290_zpse14cf22a.png