هدوء
07-08-2016, 02:37 AM
لم تبرد حرارة الحروف بين أناملي وقد رسمتها هنا منذ عام؟ قلتها وقد حملتها المشاعر والتساؤلات ذاتها حين كتبت:
مَن سرق عيدنا؟
حدثتكم عن صباحات الأعياد المميزة عندما كانت تشرق في النفوس أولاً، وتعانق رائحة البخور، والثوب الجديد، وخضاب الحناء في أيادي الأمهات الطيبات.. وسألتكم تحديدًا إذا كنتم تفتقدون لذتها؟ وهل يبكيكم غياب تفاصيلها، وتناقص ذاك الشعور اللذيذ فيكم؟ وغياب اللهفة التي تنتظر العيد أيامًا وليالي، وهي ترسم خطط الفرح به، وتصورها كأجمل ما يكون؟
أذكر أنني سألتكم بحرقة: مَن سرق هذا الفرح وقد صار العيد همًّا على البعض! همّ السهر في صباحات العيد التي اعتاد أن ينامها ملء جفنيه؟! همّ السلام والتهاني وزيارات الأقرباء التي لم تعد مجدولة.. همّ التكلف والبذخ والمظاهر الزائفة في اللباس والتأنق، وأصناف الحلوى والطعام الذي لا يؤكل؟ ورسائل الهواتف الذكية الجاهزة الصامت منها والمتحرك! لا تزال الكلمات ذاتها تتربص بنا، تكتب نفسها مرات ومرات دون أن تغير معاني تحملها ومشاهد تصفها، بعد عدم جفاف حبرها إن كان لها حبر، ولا يزال ضجيجها يخيل لي كيف يكتب، وعلى أية صورة تلد الحروف؟!
يا الله!
هكذا ينطوي عام بكل ما فيه؟! ويقترب عيد جديد، بهذه السرعة، وكأنه كان بيننا بالأمس؛ بل كأنه لم يرحل؛ فالمسافة بين العيدين قصيرة فيما نشعر! لا جديد إذن سوى أنه عيد جديد يقدم من جديد! ويعيد التفاصيل ذاتها.. يهطل بكل ما فيه من جمال وجديد وحلوى وبخور، وأياد تصافح مهنئة، وعيون ناعسة أيضًا.. أكاد أسمع الأصوات والتكبيرات ذاتها، وحتى مفرقعات الأطفال.
كل الأشياء حاضرة في الذاكرة كما هي تتكرر، هذا التكرار المبرر الذي حتمًا يحدث في زمن الأعياد؛ ولهذا سُمِّي عيدًا، غير أن الأيام بأحداثها تتسارع وتتوالى، وكأنك تفيق من حلم إلى الحلم نفسه، تعيده مجددًا! ومن عيد إلى عيد دون أن تشعر بلذتهما حقيقة.
يا لهذه الأيام التي تمضي سريعًا، وتسرقنا في غفلة منا! وقد أخبرنا الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - عن تسارع الأيام، نسأل الله تعالى حسن الختام.
ويقتحمك الخاطر الموجع حين يبقى في هاتفك رقم تعلقت الكلمات عنده، ووقف أصبعك عن تمرير صورة تومض بالتهنئة له وأنت تستعجل التهنئة الليلية له حتى تعانقه صباح العيد؛ لتفجع بأن يديك هذه المرة قد فرغت من عناقه وقد واريته التراب! فكم الذين فقدناهم من أقرباء وأصدقاء وأحبه خلال العام بين العيدين؟ رحمهم الله تعالى، وأسكنهم فسيح جناته.
وبين تلك الخواطر وقول الشاعر الذي يتربص بنا كل عيد (عيد بأي حال عدت يا عيد)، وقد غدا أكثر وقعًا مع حال الأمة وجراحاتها التي لا تندمل.
هل يمكننا أن نتساءل: مَن سرق فرحتنا بالعيد؟ ويولد من رحمه السؤال الأهم: كيف نستعيده ونستعيد فرحتنا به وفيه؟ فنشعر بذاك البياض واللهفة في انتظار العيد، ثم حين نعيشه حقيقة، يستحق العيد أن نفرح به، ويستحق الصائمون القائمون أن يفرحوا بتمام طاعاتهم.
إن ذلك يتعلق بمشاعر أكثر منها بسلوك وتحضيرات، وفهم لحقيقة العيد، وأنه من شعائر الله تعالى، لا بد أن نُظهر فيه الفرح شكرًا لله تعالى على تمام الطاعة وتوفيقه سبحانه لنا، ورجاء أن نكون ممن قُبل عمله وغُفر له.. فهل نُظهر الفرح في العيد، ونتبادل التهاني من قلب؟ ونعيد الابتسامة التي تغيب عادة؟! ونرفع درجات التفاؤل وحسن الظن بالله تعالى؟
بقي أن أقول: ها هو إسلامنا لا يُحارِب الفرح بل يأمر به، ويرغب فيه!
وعيدكم مبارك .. جعل الله تعالى أيامكم كلها أعيادًا.
مَن سرق عيدنا؟
حدثتكم عن صباحات الأعياد المميزة عندما كانت تشرق في النفوس أولاً، وتعانق رائحة البخور، والثوب الجديد، وخضاب الحناء في أيادي الأمهات الطيبات.. وسألتكم تحديدًا إذا كنتم تفتقدون لذتها؟ وهل يبكيكم غياب تفاصيلها، وتناقص ذاك الشعور اللذيذ فيكم؟ وغياب اللهفة التي تنتظر العيد أيامًا وليالي، وهي ترسم خطط الفرح به، وتصورها كأجمل ما يكون؟
أذكر أنني سألتكم بحرقة: مَن سرق هذا الفرح وقد صار العيد همًّا على البعض! همّ السهر في صباحات العيد التي اعتاد أن ينامها ملء جفنيه؟! همّ السلام والتهاني وزيارات الأقرباء التي لم تعد مجدولة.. همّ التكلف والبذخ والمظاهر الزائفة في اللباس والتأنق، وأصناف الحلوى والطعام الذي لا يؤكل؟ ورسائل الهواتف الذكية الجاهزة الصامت منها والمتحرك! لا تزال الكلمات ذاتها تتربص بنا، تكتب نفسها مرات ومرات دون أن تغير معاني تحملها ومشاهد تصفها، بعد عدم جفاف حبرها إن كان لها حبر، ولا يزال ضجيجها يخيل لي كيف يكتب، وعلى أية صورة تلد الحروف؟!
يا الله!
هكذا ينطوي عام بكل ما فيه؟! ويقترب عيد جديد، بهذه السرعة، وكأنه كان بيننا بالأمس؛ بل كأنه لم يرحل؛ فالمسافة بين العيدين قصيرة فيما نشعر! لا جديد إذن سوى أنه عيد جديد يقدم من جديد! ويعيد التفاصيل ذاتها.. يهطل بكل ما فيه من جمال وجديد وحلوى وبخور، وأياد تصافح مهنئة، وعيون ناعسة أيضًا.. أكاد أسمع الأصوات والتكبيرات ذاتها، وحتى مفرقعات الأطفال.
كل الأشياء حاضرة في الذاكرة كما هي تتكرر، هذا التكرار المبرر الذي حتمًا يحدث في زمن الأعياد؛ ولهذا سُمِّي عيدًا، غير أن الأيام بأحداثها تتسارع وتتوالى، وكأنك تفيق من حلم إلى الحلم نفسه، تعيده مجددًا! ومن عيد إلى عيد دون أن تشعر بلذتهما حقيقة.
يا لهذه الأيام التي تمضي سريعًا، وتسرقنا في غفلة منا! وقد أخبرنا الرسول الكريم - عليه الصلاة والسلام - عن تسارع الأيام، نسأل الله تعالى حسن الختام.
ويقتحمك الخاطر الموجع حين يبقى في هاتفك رقم تعلقت الكلمات عنده، ووقف أصبعك عن تمرير صورة تومض بالتهنئة له وأنت تستعجل التهنئة الليلية له حتى تعانقه صباح العيد؛ لتفجع بأن يديك هذه المرة قد فرغت من عناقه وقد واريته التراب! فكم الذين فقدناهم من أقرباء وأصدقاء وأحبه خلال العام بين العيدين؟ رحمهم الله تعالى، وأسكنهم فسيح جناته.
وبين تلك الخواطر وقول الشاعر الذي يتربص بنا كل عيد (عيد بأي حال عدت يا عيد)، وقد غدا أكثر وقعًا مع حال الأمة وجراحاتها التي لا تندمل.
هل يمكننا أن نتساءل: مَن سرق فرحتنا بالعيد؟ ويولد من رحمه السؤال الأهم: كيف نستعيده ونستعيد فرحتنا به وفيه؟ فنشعر بذاك البياض واللهفة في انتظار العيد، ثم حين نعيشه حقيقة، يستحق العيد أن نفرح به، ويستحق الصائمون القائمون أن يفرحوا بتمام طاعاتهم.
إن ذلك يتعلق بمشاعر أكثر منها بسلوك وتحضيرات، وفهم لحقيقة العيد، وأنه من شعائر الله تعالى، لا بد أن نُظهر فيه الفرح شكرًا لله تعالى على تمام الطاعة وتوفيقه سبحانه لنا، ورجاء أن نكون ممن قُبل عمله وغُفر له.. فهل نُظهر الفرح في العيد، ونتبادل التهاني من قلب؟ ونعيد الابتسامة التي تغيب عادة؟! ونرفع درجات التفاؤل وحسن الظن بالله تعالى؟
بقي أن أقول: ها هو إسلامنا لا يُحارِب الفرح بل يأمر به، ويرغب فيه!
وعيدكم مبارك .. جعل الله تعالى أيامكم كلها أعيادًا.