فزولهآ
06-10-2016, 10:27 PM
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101328991.gif
في زمن قست فيه الظروف عليهن ..فتيات صغار في عمر الزهور فقدن الأب أو إلام .. وقد يكون كليهما .. من هنا كانت البداية !!
حيث بدأت الفكرة بتجميع هؤلاء الفتيات ممن فقدن أهلهن أو نزحن مع الأهل إلى المدن الكبيرة بحثاً عن لقمة تسد الرمق في مدرسة صغيرة .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
كان صاحب الفكرة هو المعتمد البريطاني آنذاك ( المستر انقرامز ) والتي على يده تم إنشاء مدرسة بنات البادية وبتمويل من الحكومة البريطانية وكان ذلك في بداية الأربعينات من القرن الماضي حيث بدأت ببيت صغير يدعى ( بيت بن عبده ) بجوار مقبرة الديس القديمة .. تجمعت فيه عدة فتيات مع مشرفتهن .. ثم انتقلت بعد ازدياد عدد الفتيات إلى بيت آخر على أطراف منطقة " حصن صنقور " أو المنورة في بيت يدعى بيت باعوم . تميز هذا البيت باتساعه النسبي ووجود ساحة أمامية وحوش خلفي , ضم هذا البيت بين جنباته ولسنين عديدة قلوباً خضراء صغيرة تحملها فتيات بعمر الزهور ذقن حرارة اليتم والجوع والخوف من المجهول .
وعشن فيه وتعلمن أصول الوفاء والمحبة والعرفان بالجميل قبل أن تحمل أصابعهن القلم لكتابة أحرف فتحت لهن نوافذ النور والأمل والأمان (( بنات البادية )) تجمع لفتيات صغيرات حملن مشاعل التنوير والعلم والمعرفة لسواحل ووديان وبوادي حضرموت .. زرعن أرضاً جدباء لنور العلم والمعرفة وحصدت بهن حضرموت أجيالاً من المتعلمات ورسخن أرضية التعليم في حضرموت .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
وبحديثنا عن مدرسة بنات البادية .. لابد أن يسبقه قائد هذه العملية .. العقل المسير لهذه المدرسة .. سان القوانين والأنظمة .. الحامي والراعي والحاني على تلميذاتها .. أنها السيدة الفاضلة والمربية القديرة / السعد سالم العامري كما جاء اسمها في البطاقة الشخصية , أو أمي السعد كما تناديها بنات البادية .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
السيدة الفاضلة والمربية القديرة / السعد سالم العامري
* من بداية الميلاد في عشرينيات قرن مضى وحتى الوفاة في العام 1995 م .
* ولدت في قرية مشطة نواحي جعمية المتاخمة لمدينة سيئون في عمق وادي حضرموت .
* نزحت مع من تبقى من أهلها ربما أوائل الأربعينات .. شابة جميلة في ريعان الشباب ..
* آثرت الرحيل عن هذه القرية بعد أن فقدت مع من فقد الأبناء والأحباب " على خلفية الحرب العالمية الثانية " فقد فقدت ابنتيها وبقي لها الابن الأصغر .. خوفاً على من تبقى وبحثاً عن عيشة كريمة رحلت مع بقي من الأهل .. لأيام وليالٍ مشياً على الأقدام حيناً وممتطية ظهر جمل حيناً آخر أوصلتهما خطواتها ساحل حضرموت تحديداً مدينة المكلا التي ربما بحكم ساحليتها يتوفر لديها شيئاً يريح هذه الشابة الملتاعة .
ولكن القدر أبى إلا أن يتم لعبته للنهاية .. ليمرض الوحيد .. وتدخله ملهوفة مستشفى المكلا آملة أن لا تفجع مرة أخرى .. ولكن يموت صغيرها بين ذراعيها داخل المستشفى .. و.. تجتاحها الأحزان .. تتوغل بشراهة إلى أعماقها تسربلها ولكن .. بحزن نبيل تغلف وتعتق حباً لجميع أطفال المستشفى لا بل لجميع مرضى المستشفى وأبت مغادرة المستشفى .. وبقيت تواسي المريض وتعين الممرض .. أياماً طويلة عاشتها هكذا ..
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
أمي السعد ربما تحمل قلباً كبيراً يتسع لجميع أطفال الأرض وربما هكذا أرادتها السماء أماً لفتيات حرمن أمهاتهن اللاتي ولدنهن .. كان اللقاء مصادفة السيدة ( دورين ) زوجة المعتمد البريطاني " في ذلك الوقت " السيد انقرامس .. تلفت انتباهها هذه المرأة التي تنتقل بخفة بين الأسرة تقدم لهذا كأس ماء ولذاك غيره ..أنها ليست ممرضة فهي لا تلبس زي الممرضات ولا يبدو أنها مرافقة لمريض .. شدت انتباهها .. بدأت أسئلة التعارف .. انتهى التعارف بموافقتها على الأشراف على مدرسة بنات البادية الحديثة الإنشاء
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
وهنا بدأت تجربة العمر .. بدأت عملها كمديرة لهذه المدرسة ومشرفة على هؤلاء الفتيات اللاتي يعيشن في هذه المدرسة " تعليم – سكن " مارست عملها بكل جدية وانضباط يصل أحياناً حد الصرامة كانت تعي حجم المسئولية الملقاة على عاتقها والأعجب أنها جلست على مقاعد الدراسة جنباً إلى جنب مع بناتها طالبة مثلهن تتلقى أساسيات التعليم من حروف وكتابة وأسس الفقه والقرآن الكريم ومع الوقت أدت دور المعلم في التوجيه والإرشاد وتعليم الأعمال اليدوية .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
ربما سمعت بعض الفتيات أمي السعد في بعض الأماسي وهي تغني بصوت رخيم أثناء اعدادها " للشاي البخاري " وربما وهي تنشد بعضاً من قصائد ذلك الزمان الشهيرة كيف لا وهي المتحدثة السلسة اللبقة الحادة اللسان عند اللزوم .. ربما يصدق في هذه البدوية القائدة قول أحد المستشرقين " أن البدوي عادة يبدأ من حيث انتهى الآخرون " .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
هذه هي أمي السعد عوضها الله عن بناتها بنات من كل قبائل حضرموت وأبناً هو ابن أخت لها تربى في كنفها وعاشت معه أواخر سنين العمر .
وهكذا ما بين الميلاد والرحيل الأخير انطوت سنين العمر تألمت فيها أمي السعد وفرحت .. وأختلط أحياناً حزنها بالفرح أو فرحها بالحزن .. ولكنها ربت أجيالاً من بنات البادية ترتعش أهدابهن وتفيض قطرات الدموع عندما يذكر اسمها بناتها اللاتي أضأن قناديل النور والعلم والمعرفة .. لذا فهي رائدة التعليم في حضرموت لا بل هي " الأم تيريزا " حضرموت .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
بعد استقلال شطر اليمن الجنوبي والدخول في مرحلة جديدة .. ومع تقدم العمر أثرت أمي السعد الانسحاب وترك القيادة لأحدى بناتها تواصل المسير لتنتهي رحلة العمر في العام 1995م بمدينة المكلا التي شهدت أجمل سنين العمر .. رحم الله أمي السعد رحمة الأبرار ..
في زمن قست فيه الظروف عليهن ..فتيات صغار في عمر الزهور فقدن الأب أو إلام .. وقد يكون كليهما .. من هنا كانت البداية !!
حيث بدأت الفكرة بتجميع هؤلاء الفتيات ممن فقدن أهلهن أو نزحن مع الأهل إلى المدن الكبيرة بحثاً عن لقمة تسد الرمق في مدرسة صغيرة .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
كان صاحب الفكرة هو المعتمد البريطاني آنذاك ( المستر انقرامز ) والتي على يده تم إنشاء مدرسة بنات البادية وبتمويل من الحكومة البريطانية وكان ذلك في بداية الأربعينات من القرن الماضي حيث بدأت ببيت صغير يدعى ( بيت بن عبده ) بجوار مقبرة الديس القديمة .. تجمعت فيه عدة فتيات مع مشرفتهن .. ثم انتقلت بعد ازدياد عدد الفتيات إلى بيت آخر على أطراف منطقة " حصن صنقور " أو المنورة في بيت يدعى بيت باعوم . تميز هذا البيت باتساعه النسبي ووجود ساحة أمامية وحوش خلفي , ضم هذا البيت بين جنباته ولسنين عديدة قلوباً خضراء صغيرة تحملها فتيات بعمر الزهور ذقن حرارة اليتم والجوع والخوف من المجهول .
وعشن فيه وتعلمن أصول الوفاء والمحبة والعرفان بالجميل قبل أن تحمل أصابعهن القلم لكتابة أحرف فتحت لهن نوافذ النور والأمل والأمان (( بنات البادية )) تجمع لفتيات صغيرات حملن مشاعل التنوير والعلم والمعرفة لسواحل ووديان وبوادي حضرموت .. زرعن أرضاً جدباء لنور العلم والمعرفة وحصدت بهن حضرموت أجيالاً من المتعلمات ورسخن أرضية التعليم في حضرموت .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
وبحديثنا عن مدرسة بنات البادية .. لابد أن يسبقه قائد هذه العملية .. العقل المسير لهذه المدرسة .. سان القوانين والأنظمة .. الحامي والراعي والحاني على تلميذاتها .. أنها السيدة الفاضلة والمربية القديرة / السعد سالم العامري كما جاء اسمها في البطاقة الشخصية , أو أمي السعد كما تناديها بنات البادية .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
السيدة الفاضلة والمربية القديرة / السعد سالم العامري
* من بداية الميلاد في عشرينيات قرن مضى وحتى الوفاة في العام 1995 م .
* ولدت في قرية مشطة نواحي جعمية المتاخمة لمدينة سيئون في عمق وادي حضرموت .
* نزحت مع من تبقى من أهلها ربما أوائل الأربعينات .. شابة جميلة في ريعان الشباب ..
* آثرت الرحيل عن هذه القرية بعد أن فقدت مع من فقد الأبناء والأحباب " على خلفية الحرب العالمية الثانية " فقد فقدت ابنتيها وبقي لها الابن الأصغر .. خوفاً على من تبقى وبحثاً عن عيشة كريمة رحلت مع بقي من الأهل .. لأيام وليالٍ مشياً على الأقدام حيناً وممتطية ظهر جمل حيناً آخر أوصلتهما خطواتها ساحل حضرموت تحديداً مدينة المكلا التي ربما بحكم ساحليتها يتوفر لديها شيئاً يريح هذه الشابة الملتاعة .
ولكن القدر أبى إلا أن يتم لعبته للنهاية .. ليمرض الوحيد .. وتدخله ملهوفة مستشفى المكلا آملة أن لا تفجع مرة أخرى .. ولكن يموت صغيرها بين ذراعيها داخل المستشفى .. و.. تجتاحها الأحزان .. تتوغل بشراهة إلى أعماقها تسربلها ولكن .. بحزن نبيل تغلف وتعتق حباً لجميع أطفال المستشفى لا بل لجميع مرضى المستشفى وأبت مغادرة المستشفى .. وبقيت تواسي المريض وتعين الممرض .. أياماً طويلة عاشتها هكذا ..
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
أمي السعد ربما تحمل قلباً كبيراً يتسع لجميع أطفال الأرض وربما هكذا أرادتها السماء أماً لفتيات حرمن أمهاتهن اللاتي ولدنهن .. كان اللقاء مصادفة السيدة ( دورين ) زوجة المعتمد البريطاني " في ذلك الوقت " السيد انقرامس .. تلفت انتباهها هذه المرأة التي تنتقل بخفة بين الأسرة تقدم لهذا كأس ماء ولذاك غيره ..أنها ليست ممرضة فهي لا تلبس زي الممرضات ولا يبدو أنها مرافقة لمريض .. شدت انتباهها .. بدأت أسئلة التعارف .. انتهى التعارف بموافقتها على الأشراف على مدرسة بنات البادية الحديثة الإنشاء
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
وهنا بدأت تجربة العمر .. بدأت عملها كمديرة لهذه المدرسة ومشرفة على هؤلاء الفتيات اللاتي يعيشن في هذه المدرسة " تعليم – سكن " مارست عملها بكل جدية وانضباط يصل أحياناً حد الصرامة كانت تعي حجم المسئولية الملقاة على عاتقها والأعجب أنها جلست على مقاعد الدراسة جنباً إلى جنب مع بناتها طالبة مثلهن تتلقى أساسيات التعليم من حروف وكتابة وأسس الفقه والقرآن الكريم ومع الوقت أدت دور المعلم في التوجيه والإرشاد وتعليم الأعمال اليدوية .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
ربما سمعت بعض الفتيات أمي السعد في بعض الأماسي وهي تغني بصوت رخيم أثناء اعدادها " للشاي البخاري " وربما وهي تنشد بعضاً من قصائد ذلك الزمان الشهيرة كيف لا وهي المتحدثة السلسة اللبقة الحادة اللسان عند اللزوم .. ربما يصدق في هذه البدوية القائدة قول أحد المستشرقين " أن البدوي عادة يبدأ من حيث انتهى الآخرون " .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
هذه هي أمي السعد عوضها الله عن بناتها بنات من كل قبائل حضرموت وأبناً هو ابن أخت لها تربى في كنفها وعاشت معه أواخر سنين العمر .
وهكذا ما بين الميلاد والرحيل الأخير انطوت سنين العمر تألمت فيها أمي السعد وفرحت .. وأختلط أحياناً حزنها بالفرح أو فرحها بالحزن .. ولكنها ربت أجيالاً من بنات البادية ترتعش أهدابهن وتفيض قطرات الدموع عندما يذكر اسمها بناتها اللاتي أضأن قناديل النور والعلم والمعرفة .. لذا فهي رائدة التعليم في حضرموت لا بل هي " الأم تيريزا " حضرموت .
http://center.jeddahbikers.com/uploads/jb13101340651.png
بعد استقلال شطر اليمن الجنوبي والدخول في مرحلة جديدة .. ومع تقدم العمر أثرت أمي السعد الانسحاب وترك القيادة لأحدى بناتها تواصل المسير لتنتهي رحلة العمر في العام 1995م بمدينة المكلا التي شهدت أجمل سنين العمر .. رحم الله أمي السعد رحمة الأبرار ..